كان يا ما كان في قديم الزمان نساء من طرابلس ومن جبل محسن تحديدا يقصدن بلدتي بلباسهن المميز سراويل مزركشة وبالوان مختلفة تحت فساتين ملونة هي ايضا كذلك اغطية رؤوسهن وكان يعجبني شكلهن الفولكلوري فتتبعتهن الى الحقول لاستكشاف لماذا ياتين وما الغاية من جمع "الخبيزة" في عدل كبيرة، وبحشرية ابن العشر سنوات سألت احداهن فاجابت ان هذه النبتة تباع في سوق الخضار كغيرها من المحاصيل الزراعية، تركتها وسارعت الى أخي بربر الذي كان يكبرني بسنتين لاخبره واشجعه على العمل والربح والخرجية ، فأحضر بعض العِدَل من دكان جدنا بربر وبسكاكين المطبخ بدأنا العمل فملأنا الاكياس وكالمزارعين دوَّنا اسم صاحب البضاعة واحتراما لاخي الذي يكبرني كان اسمه أي بربر عويس على عِدل الخبيزة وتوليت انا ارسالها الى السوق مع شاحنة " شفيق نضيرة " الذي كان ينقل المحاصيل الزراعية من بلدتي الى سماسرة سوق الخضار في مدينة طرابلس.
كالمزارعين الذين ينتظرون شفيق لاستلام ايصالات بضائعهم كنت انا في اليوم التالي اوّل المنتظرين في اول محطة له سائلا اياه ان كانت قد بيعت بضاعتي ففتش الى ان وجد ايصالها وكان الثمن على ما اذكر ليرتين وستون قرشا استلمتها بفرح لا يوصف على امل ان نرسل اكثر غداً، اما غلطتي المميتة كانت عندما لم استلم الإيصال فبقي بين إيصالات المزارعين وبوصوله الى بيتنا كان جدي بانتظاره وبينما يفتش شفيق وقعت عين جدي على وصل باسمه فقال لشفيق هذا هو فرد شفيق لا هذا لاحفادك فاخذه جدي وجن جنونه وهو العصامي صاحب الجاه والمعروف من كل سماسرة سوق الخضار اذ اعتبر ان المتاجرة بالخبيزة تحقيرا له ، تواريت انا تاركا اياه يفتش عن اخي بربر، اكل بربر "القتله" والتأنيب واكلت انا حق الخبيزة وتوقفت تجارتنا الرابحة الى الابد.
بعد عشر سنوات سافرت انا الى استراليا وكان جدي قد انتقل الى الاخدار السماوية اما اخي بربر فبقي الوحيد مع اهله في لبنان فاخوتي كانوا قد سبقوني في الهجره الى ان وافته المنية عن عمر48 عاما بعد معاناة مع المرض، قصدت لبنان قبيل رحيله باسابيع قليلة كذلك فعل اخوتي ويوم وفاته حزنت حزنا عميقا لم احسه من قبل فبكيت كالاطفال على فقده ولم ابك احدا كما بكيته لا قبلاً ولا بعدأ رحم الله جدي واخي واطلب السماح منهما.
سطل وابريق
كنا في ايام الصيف نقصد حنفية "نظيمة"لملء مياه الشرب لان بيتها يقع الى جانب جدول المياه حيث يمر القسطل العام فتبقى المياه باردة منعشة
قلت انني لم اكن بريئاً في طفولتي، خرج والدي عصرية نهار وناداني وانا ملهواً بلعب الكلة مع رفاقي لاملئ ابريق الماء من حنفية "نظيمة" وكان بيت نظيمة يبعد عن بيتنا قرابة مئة من الامتار وكي لا اتوقف عن اللعب ناديت اخي بربر سائلا اياه ان كان يرغب ان يملأ السطل او الابريق من حنفية نظيمة فاختار الابريق لانه اخف وزنا رجوته ان ياخذ السطل فرفض وحمل الابريق مسرعا وبعد قليل لاحظ والدي انني ما زلت العب ولم استجب لطلبه فاخبرته بان شقيقي بربر قد ذهب بدلا مني فتعجب لاستجابة بربر لطلبي وهو الذي كان في صغره اي بربر لا يستجيب لطلبات والده ولكن بربرحينما عاد قال لوالدي هاك الابريق ولكن روميو لم يملئ السطل كما طلبت، علم والدي انني قد خدعت شقيقي، فرمقني بنظرة فيها ملامة واعجاب وهز رأسه ودخل المنزل اما اخي فاتى بالسطل ليجبرني ان اذهب واملأه وعندما اشتد الشجار خرج والدي وانهى المشكل بشمطة اذن لكل منا.
رحم الله نظيمة و والدي واخي واطال الله بعمر القراء الاكارم.
قصصي مع اخي ورفيقي بربر كثيرة ومتنوعة، ولكل منا ذكرياته مع اخوة له ورفاق طفولة
اكتفي بهاتين الحادثتين واوجه لاخي حبيبي بربر الذي غادر هذه الدنيا باكرا القصيدة التالية:
بكَّرت يا خيي بـمشوارك!!
الحبيت الله واهلك وجارك
وكنت خي وكنت اغلا رفيق
نتزاعل، ونرضى، ونتعارك
عشنا سوى ايّام فيها ضيق
لقمة البالصحن نـتشارك!!
ياما زعَجتَك من قَبل ما تفيق
من صبح الله عَكِّر نهارك
يا بربر الهادي وقلبو رقيق
الحبّوك اصحابك وزوّارك
محب كنت وآدمي وصدّيق
بكّير الله للسما اختارك!!!
ببالي انت باقي.. ليوم الديـن
وصارت وراق العمر مصْفَرَّه
فيني عن يمرجح هوا تشرين
من سنين عمري قربت اتعَرّى
ولو مَر عا ذكرى الطفوله سنين
بيبقى عليها البال يتـمَـرى
كنت انت الطيِّب المسكين
ومنّي انا الشيطان يتبرّا !!
ذكرى غيابك بالقلب سكّين
كاس قاسي.. طعمـتـو مرّه
**
رمان ملغوم -
بلبنان.. مين اللَغَّم الرمان؟
وشَغَّل الدوله عليه تتحَرّى
وفلان يتهم بالجريمه فلان
وفلان؟ من هالـتهَـم يتبرّا
وما دام مش متسَوَّق بلبنان
مَبعـوت حتى ينصرف بَرّا
شو خصّهُن؟؟
ويكون مين ما كان
ليش تا عيونن هيك محمَرّه
ورمان حَبّو بيدوِخ الانسان
ان داقو بيصير يعَدِّد الكَرّه
وللتعاطي مدمن.. وهيمان
وبتصير روحو ليه منجَرّه
يا ملغّمي رمانك من زْمـان
دابت عيوني عليه تـتمـرّى
صار عندي لسكرتو ادمان
دَخلو مخَبّا بالقـفـص دفيان
وأكتَر بحبو ان كان متعَرّى
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق