ماهية الفكر الحضوري/ يونس عاشور



الفكر الحضوري هو الفكر المحايث للذات المفكرة أو ما يُصطلح عليه بالكوجيتو الذي يلازم الذات في سيرورة إعمال العقل البشري في مجالات الحياة الفكرية المختلفة و الاتجاهات المعرفية المتعددة والمسارات الفلسفية المتجددة.

وبمعنى آخر فإن الفكر الحضوري هو ما نقوم به من نشاط عقلي دينامي وإنتاج فكري براغماتي تحصيلي ومعرفي سواءً كان في الجانب النظري أو في المنهاج العملي أيضا، وهذا ما يُمكن لنا أن ندعوه بسيرورة التشغيل والاستنباط والتوجيه الفكري القائم على جمياليات الإبداع والتأمل والنظر من أجل توليد الفكر وتجديد المعنى وتحديد المفهوم في إطاره التحصيلي من خلال عمليات القياس وتوظيف آليات الخطاب المراد مناقشته وبحثه أو مسائلته وفحصه على أكثر من صعيد. من هنا فإن الفكر الحضوري يمتاز بأنه فكرُ دائم المداولة والمزاولة الذي لا ينقطع ولا يخضع للجمود على شاكلة النسخ والتكرار أو المحاكاة باستمرار وفي ذلك إعادة الأفكار إلى الوراء.

"إن ما نستدركه من الفكر الحضوري، هو ديمومة الحضور في الحضور الفكري الدائم، وفي هذا الحضور نجد الفكر قياس كينونته الخاصّة به، أي قياس (إدراك)ـــــــه. فالفكر إذن هو هذا المثول للحاضر، هذا المثول الذي يمدّنا بالشيء الحاضر في حضوره، فيموضعه بذلك أمامنا كي نبقى ماثلين أمامه، وكي نتمكّن ونحن بداخله، من الإبقاء على هذا المثول. فالفكر من حيث هو هذا المثول، يحمل إلينا الشيء الحاضر ويقحمه في العلاقة التي لنا به. إنه يعيد الشيء الحاضر إلينا. فالمثول إذن تمثل. لقد ظل التمثل هو السمة الأساسية والميزة الامتيازية للفكر إلى حد الآن، وتبعاً للمذهب القديم للفكر فإن هذا التمثل يتم داخل اللوغوس الذي هو محطة لديمومة الفكر الحضوري". (*). انظر كتاب" التقنية – الحقيقة – الوجود". للأستاذ محمد سبيلا.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق