السبت: 17/4/2021
أسعدت صباحاً وحبّاً، وكل عام وأنت بخير. شهر صيام مبارك.
اليوم هو يوم الأسير الفلسطيني، وعليّ الذهاب مبكرا للمشاركة في الفعاليات الرسمية وغير الرسمية التي ستقام في الخليل. كان من المفترض أن ترافقني في الرحلة زميلة من نابلس، يبدو أنها لم تكن جاهزة. هاتفتها صباحا في حدود الساعة الثامنة، لم يطل وقت رنين الهاتف ما يعني أنها لم تكن نائمة، صوتها على الجانب الآخر يؤكد أنها كانت صاحية، وصوتها بكامل رنينه المشعّ. هذا يعني أنني سأذهب بمفردي. اتفقنا أن تأتي لتحضر الفعالية الرسمية المقامة بعد صلاة المغرب والإفطار الجماعي، سأنام في الخليل، وكذلك زميلتي إن حضرت ستنام هي أيضا. في رحلة القفول صباح الأحد سنكون سوية، سأعود بسيارتها، آمل أن تحضر. غالباً، النساء لا يعوّل على وعودهنّ. ليس النساء فقط، كذلك الرجال. أعرف أنك ستعترضين وبشدة.
الليلة الماضية لم أنم مطلقاً، كنت قلقا جداً، لا أدري، هل هو القلق المعتاد الذي يصاحبني عشية كل لقاء أدبي. في العادة أتوتر، أظل على أعصابي، عقلي لا يكف عن التفكير بما سأقوله، حينما يأتي دوري للحديث.
على العموم، كم أتمنى لو كنت معي، لكنت رأيتك. أتدرين أن لنا شهرين ويومين لم نتحدث. تذكرت للتو فيروز وهي تغني. اليوم سيكون متعباً وشاقاً وطويلاً. سأرافق صديقي القادم من حيفا المحامي حسن عبادي في هذه الفعاليات، أولا في لقاء تلفزيوني خاص بالأسرى تبثه قناة تلفزيونية محلية في مدينة الخليل، سيكون اللقاء ما بين الواحدة ظهرا وحتى الثالثة، سأكون في مقر التلفزيون إن شاء الله في هذا الموعد. ثم جولة في مدينة الخليل القديمة. لا أدري من سيصحبنا في هذه الجولةـ فأنا لا أعرف الخليل جيداً، شوارعَ وأماكن.
أنجزت مادتين مكتوبتين باليد على أجندة 2021، ملخصا حول كتب أربعة لكتّاب أسرى سأتحدث عنها في الفعالية المسائية، وتتضمن الحديث عن ثمانية كتب لأسرى يكتبون، أنا سأتحدث عن كتاب "جدلية الزمان والمكان في الشعر العربي" لكميل أبو حنيش، وعن سردية "الخرزة" لمنذر مفلح، وكتاب "للسجن مذاق آخر" لأسامة الأشقر، وأخيرا كتاب "أنانهم" الصادر حديثا للأسير أحمد العارضة.
المادة الثانية التي أعددتها هي حول الأسر والأسرى والفلسفة التي تقوم عليها فكرة الأسر وأهدافها، وملخصها هو أن من يقوم بعملية الأسر يريد أن يحقق مكاسب سياسية، فلا يوجد هناك أسر مجاني؛ خالٍ من الأهداف.
الآن الساعة تقترب من التاسعة صباحاً، دائما أخشى من مداهمة الوقت لي في مثل هذه الظروف، أرى أن الوقت قصير مهما طال، لأن مفاجآت الحالة المعيشية في فلسطين ليست مضمونة، أن أصل إلى الخليل باكرا كثيرا خير من أن أتأخر ولو خمس دقائق.
أتمنى أن تتحسن الأحوال بيننا، فشهران من الخصام كافيان. أليس كذلك؟ هل أخدش قدسية يوم الأسير لو أخبرتك أنني على مدار الأيام السابقة حلمت بك، وحلمت بنساء أخريات؟ أصحو من مناماتي مهجوساً بك. ضاجعتك وضاجعتهنّ في تلك المنامات، كانت لمحات خاطفة وسريعة، إلا تلك الليلة التي حلمت بك فيها. كان حلما طويلا شهيا، رأيتك فيه كاملة الضوء، أنجزنا معا مهمة اللذة لآخر نفس مستطاع.
المحبّ لك دائماً والمشتاق لحضنك الرؤوم وساعديك الأبيضين الطريين. أفكر أنني لن أعود إليك إلا إذا كان لقاء المصالحة بيننا على مائدة شهوة طويلة نتناول فيها معا أجسادنا بكل عنفوان. هل يحدث ذلك؟ أتمنى
وأخيراً، لا أدري هل ما زلت تصرين على قراءتي ومتابعتي أم أنك أوقفت ذلك. فأنا ما زلت نشيطاً على الفيسبوك، وعلى تويتير، أتمنى أن تقرئي هذه الرسالة. قصيدتك الأخيرة التي نشرتها لك، نشرت في مواقع كثيرة ومتعددة، في مجلات وصحف أيضا خارج فلسطين، وصلت ليبيا والمكسيك، فقد نشرت القصيدة كل من مجلة الليبي ومجلة الحركة الشعرية ومجلة أبجديات الثقافية وصحف أخرى كثيرة. لذيذة أنت كقصائدك اللذيذة. الصحف والمجلات بحوزتي سأرسلها لك إن حصل وتصالحنا. قرأت مقالتك الأخيرة. بارعة في الالتقاط مع تحفظي على المدح الزائد فيها، إن هذا المدح يجرح اللغة النقدية، كتبت جراء ذلك مقالة حول النقد ستنشر قريباً، لأن مقالتك استفزتني بلغتها الموغلة في التبجيل.
والآن فلتسمحي لي بالمغادرة وإنهاء الرسالة، الساعة تقترب بجنون نحو التاسعة، عليّ أن أجهز نفسي. ألم أخبرك أنني اليوم سأرتدي بنطالاً وقميصاً جديدين، اشتريتهما لهذه المناسبة. طيفك معي يحرسني من الخراب.
أشتاقك أيتها اللذيذة كفكرة طازجة.
فراس حج محمد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق