ـ73 سنة على النكبة والصمود وللعودة أقرب/ علي هويدي



قبل موجة التصعيد الأخيرة والعدوان الصهيوني على شعبنا الفلسطيني في قطاع غزة وفلسطين المحتلة عام 1948 والضفة الغربية والقدس المحتلة في ساحات المسجد الأقصى المبارك وحي الشيخ جراح وباب العامود وغيرها من المدن والقرى الفلسطينية، رفع الشعب الفلسطيني وبثقة عالية ويقين وأمام حالة الصمود المستمر منذ نكبة فلسطين عام 1948 وما رافقها من حالة اللجوء والتهجير، وتحقيق الهزيمة تلو الهزيمة للمشروع الصهيوني الذي قام على اغتصاب الأرض واقتلاع وترحيل السكان واستجلاب اليهود الصهاينة من مختلف دول العالم ليسكنوا في منازل الفلسطينيين..، بأنه بات للعودة أقرب.


رُفِع الشعار أمام حقائق دامغة معميٌّ سياسياً من لا يراها ويدرك أهميتها وتأثيرها في سياق الصراع مع العدو الصهيوني، والتي ساهمت وإلى حد كبير في تعديل كفة موازين القوى لصالح القضية الفلسطينية عموماً ونضع هنا بعض الشواهد الهامة وغيرها الكثير، فمقولة أن فلسطين كانت أرضاً بلا شعب استحقها "شعب" بلا أرض قد انتهت، وبأن مقولة دولة "اسرائيل" من النيل الى الفرات قد سقطت، وبأن قصة أسطورة "الجيش الإسرائيلي الذي لا يقهر" التي صدعوا رؤوسنا بها لا سيما بعد إحتلال الضفة الغربية وقطاع غزة وسيناء وجزء من الجولان السوري سنة 1967 قد اندثرت، فالجيش الذي لا يقهر بات يحتفظ بالحفاظات الخاصة في مركباته ويختبئ كالفئران أمام ضربات المقاومة، وعبارة أن "الكبار غدا سيموتون وبأن الصغار سينسون" قد محيت، وبأنه لم يكن مسموحا لأي قوى عربية وغير عربية بأن تمتلك سلاحا يمكن أن يهدد مستقبل وأمن الكيان الصهيوني المحتل أيضا قد انتهت، وغزة انتصرت بثلاث حروب 2008-2009 / 2012 / 2014، واندحر الاحتلال عن لبنان سنة 2000 وعن غزة 2005 دون قيد او شرط، ولن يجرؤ على إعادة الكرة وهو يعلم تماماً حجم الخسارة التي ستلحق بجنوده من القتلى والجرحى والأسرى.


واليوم وبعد عملية "سيف القدس" التي أطلقتها المقاومة الفلسطينية والإنتصارات النوعية التي تحققها على العدو الصهيوني، والتي كرست وبشكل عملي وملموس مقولة أن الشعب الفلسطيني وحدة واحدة في الداخل والخارج لا يتجزأ، وكرست الوحدة الوطنية الفلسطينية في مواجهة العدوان، وحققت الندية في التعاطي مع الإحتلال بعد أن قصفت مطار رامون الذي يبعد عن الحدود الاردنية مسافة 200 متر فقط بعد قصف مدينة يافا وقراها (تل أبيب) وقصف مطار اللد (مطار بن غوريون)، ناهيك عن مفاجآت المقاومة التي تدهش فيها العدو قبل الصديق، من صاروخ العياش الذي يصل مداه إلى 250 كلمتر، إلى المسيرات الإنتحارية والقدرة على استهداف منشآت حساسة تشكل قوة للإحتلال وربما المخفي أعظم..


وأمام دور فلسطينيي الخارج الذي بدأ يتعاظم في الساحة العالمية ومعادلة التاثير على صانع القرار الفلسطيني، وتقدم لروسيا والصين والهند واليابان وايران وتركيا في الصناعات المختلفة والتكنولوجيا المتطورة والصواريخ الذكية، وفشل مشروع الأسرلة الذي رفعه الإحتلال من مطلع خمسينيات القرن الماضي، وسقوط قانون القومية اليهودي لسنة 2017 الذي كان يهدف بشكل رئيسي إلى تهجير من تبقى من الفلسطينيين في الداخل المحتل (حوالي مليون و700 ألف فلسطيني من بينهم حوالي 600 ألف لا زالوا مهجرين في الداخل تمنعهم سلطات الاحتلال من العودة الى قراهم واعادة بناء منازلهم وتحصيل ممتلكاتهم) نرى الفلسطينيون في عكا وحيفا ويافا واللد والرملة وطبريا وأم الفحم كيف يتضامنون مع القدس والأقصى ويدافعون عن أنفسهم متمسكين بقراهم ومدنهم التي احتلها الصهاينة منذ العام 1948 ذاقوا فيها الويلات بالتمييز ضدهم، ناهيك عن اهتزاز ثقة المجتمع الصهيوني بقيادته، ومن يتابع كتاب الاعمدة والمقالات في الصحافة العبرية وتعليقاتهم يُدرك تماماً هذا المعنى، فهذا الذي يكتب عن أن "البلد تحترق" وآخر عن أن "إسرائيل تلفظ أنفاسها الأخيرة" وغيرها..


وأمام فشل مشروع التطبيع الذي بدأ مع مصر في العام 1978 مرورا بعدد من الدول والذي بقي محصورا في الأنظمة والحكام.. وأمام حالة الالتفاف الشعبي على المقاومة سواء من الشعب الفلسطيني أو الشعوب العربية والإسلامية وأحرار العالم، وأمام المقاومة وقوتها المتنوعة والمدروسة واليد العليا والطولى التي فرضت إحترام المجتمع الدولي لمطالب الشعب الفلسطيني ووضعت القضية الفلسطينية وبقوة على الأجندة الدولية وأعادت الزخم للقضية الفلسطينية، في حالة من موازين قوى جديدة وهامة ترفع لها القبعات.


أمام هذا مجتمعاً فإن الشعب الفلسطيني ودون أدنى شك فإنه اليوم أكثر يقيناً وأكثر إيماناً وأكثر تفاؤلاً بأنه العودة للأقرب.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق