المثل الالماني القديم يقول: اعمل خير وتحدث عنه.
هذا لا يعني ان تتكتم على السلبيات، ولا ان تتملق بالتفائل والايجابيه… بل المثل يُذَكِر الافراد والمجتمعات بان الانسان، وهو اساس المجتمع، بانه كائن مزدوج… به الخير وبه الشر… به التشائم والتفائل، به روح البناء ورغبة الهدم.
هذه الازدواجية تجعلنا بشراً وتجعل المجتمعات حيويه، كما وتخلق هذه الازدواجية ديناميكيه اوتوماتيكية يحتاجها الافراد كما تحتاجها المجتمعات لتتطور وتتقدم … من فَرَّقَ بين الايجابيه والسلبيه، بين العمل الهدام والعمل البناء استطاع ان يُغَيِر … ومن اراد البقاء عليه ان يتغير ويتطور.
مجتمعنا العربي الفلسطيني بالداخل يستيقظ صباحا ويذهب للنوم ليلاً على اخبار سلبيه، هدامة، سوداويه… قتل وحوادث طرق، سطو واحتيال، حوادث عمل، كذب ودجل وسياسيون ينزلقون نحو ألأسرلة وخيانة العهد. يومنا يبدأ بسلبية وينتهي بسوداويه… التفائل والايجابيه اصبحت للاسف كلمات غريبه، بعيده عن ثقافتنا وواقعنا. هذه هي الصورة التي تخيم على حياتنا اليوميه وعلى واقعنا … هذه هي الغيمة التي تحيط بسمائكم ولا تنقشع منذ زمن طويل.
ولكن، تذكروا؛ هذه ليست الصورة الوحيده لمجتمعنا وافراده… كما وانها لا تعبر عن واقع الاكثريه الساحقة من بنات وابناء مجتمعنا … في مجتمعنا روح ايجابية بناءة … في مجتمعنا اخبار سارة وانجازات يحق لنا ان نفتخر بها … في مجتمعنا خير، وخير كثير.
وللانصاف والابتعاد عن جلد الذات فقط والغرق في السوداويه، التي اصبحت الحاله "الطبيعية" لواقعنا، علينا ان نتكلم عن هذه الروح الايجابية الموجوده عندنا ايضا … لتكملة الصورة الحقيقية علينا ان نتحدث عن انجازات مجتمعنا القيمة … علينا ان نرى وجهي العمله حتى نستطيع ان نغير. نحن نحتاج الى تمحيص الخطأ وتحديد الانحرافات… لكنا نحتاج ايضا الى ذكر الايجابيات والانجازات لنشحن انفسنا بطاقة ايجابيه لتجاوز السلبيات.
الانكفاء على السوداويه والانغماس كاملا بالسلبيات يخلق اكتئاب اجتماعي ويضيع الطاقة الانجازين الايجابيه للتغير.
الاكتئاب يعفي حامله من المسؤليه والتفائل يحمل مروجه مسؤلية.
قبل ربع قرن كان اقتصاد مجتمعنا باكثريته الساحقة مبني على ما يسمى باقتصاد "الاجر اليومي"… ما عدا موظفي الدوله، من معلمي مدارس واصحاب وظائف متوسطه في الجهاز الاداري، كانت الاغلبية من العمال تعمل في البناء والفنادق والزراعه … كانت الاكثريه الساحقة تعمل عند رب العمل اليهودي. وكان ارباب العمل من الفلسطينيين اقله جداً… الشقحه، والعفيفي وشركة البناء بولس… وما عداها كانت مصالح تجاريه صغيره، عائليه يعمل بها افراد العائلة الواحده بالاغلب.
هذا الواقع الاقتصادي كان سبباً اساسيا في التَحَكُم بنا وسبب اساسي ايضا في عدم تقدم مجتمعنا وبنيته التحتيه … الكل يعرف ان المجتمع، اي مجتمع، دون اقتصاد مختلط، ارباب عمل وعمال، واقتصاد حر ، لا يمكن ان يتقدم من قدراته الذاتيه… ويبقى هذا الجتمع، مجتمع يحط مكانه ويغرق بهمومه وسلبياته واكتئابه.
اليوم يستطيع المراقب للمجتمع الفلسطيني بالداخل ان يسجل انجازات هائلة عظيمة في مجال ارباب العمل وانشاء الشركات في مجالات مختلفة وبداية اقتصاد فلسطيني مستقل.
للاسف لا توجد احصائيات كاملة جديدة عن عدد العمال التي يستوعبهم سوق العمل الفلسطيني بالداخل… لكن الوضع يبشر خير وهو امر يستحق ان نفتخر به. اصبح الان عدد كبير من القوى العامله الفلسطينيه تعمل بورشات عمل، ومصانع ومؤسسات فلسطينيه بحته، في قرى ومدن فلسطينيه بالداخل. هذا التطور حصل رغم كل التضييق الصهيوني العنصري علينا ورغم كل الصعوبات القانونيه والاداريه لتطور اقتصاد فلسطيني حر… اليوم اصبح هذا واقع لا يمكن تجاهله.
هذا الواقع الذي فتح الباب ايضا لعدد كبير من الفتيات والنساء في مجتمعنا للانخراط في سوق العمل والنهوض في وضع مجتمعنا الاقتصادي والاجتماعي. لولا هذه الفرص، ولولا هذه الامكانيه لتحسين الوضع الاقتصادي للعائلة الفلسطينيه، ولولا هذا الانجاز، رغم الصعوبات، لكان مجتمعنا الفلسطيني بالداخل طامس اكثر بمشاكله وباكتئابه.
دعونا نرى وجهي العمله … ونشحن انفسنا بطاقة ايجابية، نحن امس الحاجه اليها في هذا الحقبه الزمنية العصيبه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق