رواية الفتيان "أنا من الدّيار المقدّسة" للرّوائي جميل السّلحوت. صدرت الطّبعة الأولى عن مكتبة كلّ شيء في حيفا عام 2020، وتقع الرواية التي يحمل غلافها الأوّل لوحة للفنّان التشكيليّ طالب الدويك، ومنتجها وأخرجها شربل الياس في 62 صفحة من الحجم المتوسّط.
هذه الرواية الموجهة للأطفال واليافعين تبين مدى قدرة الأطفال على تغير الأفكار والرؤى وتصويب الخطأ، وأدراك الحقيقة، ممكن للطفل أن يكون على صواب ومعلمه مخطئ، إذا كان واثقا من نفسه ولا يخاف، فيعلّم معلمه ويثير في نفسه الدافعية للمعرفة، بناء تلك الشخصية تجبر معلمه على الاعتذار عندما يستدعي الأمر، تربية واعية ورسالة سامية، تقدم الرواية ومضات تكسر منظومة التعليم التقليدية، فالتطور الذي طرأ على شخصية الطالب توجب التغيير.
لم تتمسك مديرة المدرسة بعنادها حول المعلومات التي بحوزتها عن الديار المقدسة، ولم تتقيد بالمنهاج الدراسي الأمريكي، بل بحثت، هنا يبرز دور العلم والثقافة في تغيير المعتقدات الزائفة، استطاع المفكر العالمي إدوارد سعيد من خلال كتابين قرأتهم المديرة تغيير ما ورد في المنهاج المدرسي من تزييف، الكاتب الفلسطيني والعالم والطبيب وكلّ في مجاله له دور نضالي لا يقل عن السلاح، العلم سلاح آخر يشهر في وجه الجهل، ويحارب المفاهيم التي يسوقها العدو، ويكشف زيفها.
الطفلة لينا وزميلتها ميلسّا طفلتان في الصف السادس الابتدائي، استطاعتا تغيير نظرة المعلمة سوزان ومديرة المدرسة جاكلين عن الديار المقدسة، إلى درجة أنهما قامتا بزيارة الديار المقدسة لمعرفة الحقيقة على أرض لواقع.
من خلال تلك الزيارة يقدم الكاتب جميل السلحوت معنى الديار المقدسة، ويعّرف القارئ بمدينة القدس وبيت لحم والناصرة والبحر الميت، يذكر الكثير من الأماكن الهامة، ويذكر تاريخها مثل الأقصى وكنيسة القيامة وكنيسة العذراء وكنيسة الجثمانية وأسواق القدس، ويبين جرائم الاحتلال واثرها التي ساعدت جاكلين وسوزان في رؤية الصورة على حقيقتها، ويُظهر تعاطفهما مع القضية الفلسطينية في حين أنهما أنكرتا وجود فلسطين في بداية الرواية، كان الانطباع عن جنود الاحتلال في فكرها أنهم يحملون أسلحتهم للدفاع عن أنفسهم، وبعدما رأت الحقيقة على أرض الواقع، أغلقت باب غرفتها في الفندق على نفسها حزنا على الطفل الذي استشهد أمامها، وعلى الأمّ الفلسطينية الثكلى، وقد عرفت التناقض والتزييف في الأخبار المعلنة.
بيّنت الرواية كيف أن المناهج الدراسية الأمريكية تخدم سياسة الدولة المنحازة للرواية الإسرائيلية، وهنا يأتي دور الطالب والمعلم لعدم قبول تلك المناهج والتمسك بالحقائق والدفاع عنها.
في النهاية اعترفت جاكلين" نحن مخّدرون بافتراءات إعلام كاذب عن الصّراع في الشرق الأوسط"، وتساءلت من يحمي الطفولة في هذا البلاد المقدسة؟ الجواب على تساؤلها لا داعي للقلق على أطفالنا ولينا وميلسّا خير دليل على هذا الجيل الذي يحمل سمات قيادية لا يخشى عليه.
الرواية قيمة ويجب ترجمتها؛ لتحارب التزييف في الحقائق، ولتشحذ همم الأطفال؛ ليكونوا بناة غد مشرق حقيقي جميل
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق