يوم فلسطيني دام بإمتياز/ راسم عبيدات


واضح بان حكومة الإحتلال التي باتت تدرك بأن نهايتها قريبة جداً،حيث المعارضة اليمينية بقيادة نتنياهو والأحزاب الدينية اليهودية "ديغل هتوراة" و" شاس" وغيرها من قوى اليمين المتطرف،بما فيها من داخل حزب"يمينا" نفسه الذي يقوده بينت تستعد للتصويت على حل الكنيست الإسرائيلي،والذهاب الى  انتخابات مبكرة خامسة خلال ثلاث سنوات،ويبدو ان بينت المسكون بحالة من القلق والخوف والإرباك،يريد الهروب  من هذه النتيجة،والعمل على إيجاد مخرج يبقيه رئيساً للوزراء لأطول فترة ممكنة،ولذلك هو يختار الهروب للأمام والتصعيد، بشن عمليات اقتحام واسعة في جنين ومخيمها،مبتعداً عن تنفيذ تهديداته بإغتيال قادة الفصائل الفلسطينية وأذرعها العسكرية في قطاع غزة في هذه المرحلة، لأن ذلك قد يدفع بالوضع نحو انفجار واسع يقود الى معركة" سيف القدس 2" على نحو اوسع وأشمل وثمن يدفع أكبر بشرياً ومادياً وإقتصادياً ونزفاُ حاداُ في الجبهة الداخلية لدولة الإحتلال،ومن هنا جاء هذا التصعيد فجر يوم أمس الأربعاء بشن عملية اقتحام عسكرية واسعة بعشرات الأليات والمركبات العسكرية لمخيم جنين،ومحاصرة بيت عدد ممن تسميهم بالمطلوبين من عائلة الحصري،وليعتلي جنود الإحتلال اسطح المنازل في المخيم ،وقبل حدوث حالة اشتباك مع ا ل م ق ا  و م ي ن الفلسطينيين،جرى اطلاق الرصاص مباشرة على الصحفي علي السمودي ومن ثم الصحفية شيرين ابو عاقلة،وليصاب السمودي برصاصة في كتفه ولتخترق رصاصة دمدم متفجرة أسفل عنق الشهيدة ابو عاقلة،وعملية اغتيال ابو عاقلة،أتت في إطار سياسة  اسرائيلية متجذرة ومستمرة بإرتكاب الجرائم بحق شعبنا الفلسطيني وابنائه وم ق ا و م ي ه،مذكرة بعمليات اغتيال الشاب عبد الفتاح الشريف في الخليل  من قبل الجندي الإسرائيلي ليؤر ازاريا، في تموز/2018 بدم بارد وأمام عدسات الكاميرات،وكذلك جريمة قتل  الفتى اياد الحلاق،من ذوي الإحتياجات الخاصة في منطقة باب الساهرة في القدس 20/أيار/2020 .

عملية اغتيال الشهيدة ابو عاقلة،لم ولن تكون الأخيرة في إستهداف الصحفيين والإعلاميين الفلسطينيين الذين يتعرضون يومياً للقمع والتنكيل والضرب بوحشية بالأيدي والهروات والرش بالغاز المدمع وإطلاق قنابل الصوت والرصاص المطاطي والحي وتكسير اجهزتهم ومعداتهم وكاميراتهم وعمليات الإعتقال والمحاكمات بحقهم.

ولعل الشاهد الحي على جرائم الإحتلال بحق الصحفيين بادية للعيان بشكل واضح في ساحات الأقصى وساحة باب العامود،وهي تأتي في إطار اغتيال الحقيقة والكلمة الحرة،ومنع كشف جرائم الإحتلال وكل ما يتصل بمسلسل القمع والتنكيل بحق شعبنا الفلسطيني،ولذلك لم تكن جريمة اغتيال الصحفية ابو عاقلة وحيدة في هذا اليوم،بل إمتدت تلك الجرائم لتطال الفتى ثائر اليازوري في منطقة جبل الطويل بالبيرة،أثناء مواجهات مع قوات الإحتلال،جرت احتجاجا على اغتيال الصحفية ابو عاقلة...ومن ثم كانت جريمة إطلاق النار على الشاب رامي سرور في سوق القطانين من البلدة القديمة في القدس،مصيبة إياه بجراح خطرة،تحت نفس الذريعة والحجة محاولة طعن جنود وشرطة الإحتلال بواسطة سلاح ابيض او آلة حادة،تلك الذريعة والرواية التي كذبها الإعلام الإسرائيلي نفسه،بالقول بأن الشاب سرور لم يكن يحمل لا سكيناً ولا أداة حادة،بل كان ترداده لعبارة " الله وأكبر" كافية لإطلاق جنود الإحتلال وابلاً من الرصاص عليه.

عمليات القتل بدم بارد خارج القانون،والخروج السافر عن القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني،والإستهداف المباشر للصحفيين هي "قرار إسرائيلي متعمّد لترهيب الصحافيين ومنع الخبر والصورة وكل ما يكشف إرهاب الاحتلال".

هذا اليوم الدامي الفلسطيني بإمتياز،وما سقط فيه من شهداء ضحايا اغتيالات بدم بارد وما نتج عنها من جرحى،ترافق مع حملة مسعورة على الحجر الفلسطيني، فبعد انتهاء شهر رمضان المبارك،إستأنف المحتل وبلدية احتلاله ووزارة داخليته، إرتكاب " المجازر" بحق الحجر الفلسطيني،حيث يوم أول أمس الثلاثاء هدم بناية سكنية لعائلة الرجبي في منطقة وادي حلوة من طابقين يسكنها خمس عائلات جرى تشريد 35 فرد ساكنيها،وأمس الأربعاء استأنف بلدوزرات وجرافات الإحتلال،عمليات الهدم في بلدات جبل المكبر وسلوان والعيساوية وبيت جنينا والولجة،وقيام الجماعات الإستيطانية بالإستيلاء على شقة سكنية في جبل الطور.  

وبالعودة لجريمة اغتيال الصحفية شيرين ابو عاقلة،والتي أجمع طيف عالمي ودولي واسعين على إدانتها ووصفها بالجريمة البشعة والنكراء والقتل خارج القانون،والخروج السافر على القانون الدولي والإنساني،والهادفة الى اغتيال الحقيقة ومنع كشف جرائم الإحتلال وفضحه وتعريته،وإزالة الستارعن زيف ما يشيعه عن الحريات الصحفية واحترام حقوق الصحفيين،جاءت تلك الجريمة لكي تجعلنا نوجه رسالة لقناة " الجزيرة" التي تعمل فيها ابو عاقلة، وغيرها من القنوات الفضائية العربية التي تروج لمشاريع التطبيع الإعلامي مع الإحتلال تحت يافطة " الرأي والرأي الأخر، وإفرادها منصات اعلامية ومساحات واسعة من التغطية والإستضافة  على شاشاتها لشخصيات صحفية واعلامية وحتى  قيادات امنية وسياسية اسرائيلية ،لكي تروج لمواقف وروايات كاذبة  فيما يتعلق بالقضايا  والحقوق الفلسطينية والموقف من القضايا العربية  والدولية، بأنه آن الأوان للتوقف عن ذلك، لأن ذلك يسهم في "تزييف" و"كي" الوعي العربي والفلسطيني،وترويج لرواية اسرائيلية تفتقر الى الدقة والموضوعية والمصداقية،فيها الكثير من الكذب ودس السم في العسل،وبما يلقي بظلاله  على دقة وصحة الرواية الفلسطينية وتزوير الواقع والتاريخ.

الشهيدة شيرين لم توفر لها لا جنسيتها الأمريكية ولا  دور الفضائية العربية التي تعمل فيها " الجزيرة" المساهمة في ترويج مشاريع التطبيع الإعلامي  تحت شعار "الرأي والرأي الاخر" الحصانة من القتل،فهل تشكل عملية اغتيال الشهيدة ابو عاقلة،نقطة تحول في  مراجعة محطة " الجزيرة"  وغيرها من محطات التطبيع الإعلامي العربي لسياساتها،بوقف إستضافة  اسرائيليين على شاشاتها..؟؟.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق