كلمة الاستاذ ممدوح سكرية في حفل توزيع جائزة شربل بعيني 2022

 


   مساء الخير أيها الحضور الكريم، الشكر الكبير لصاحب هذه الدعوة الصديق الشاعر شربل بعيني الذي عودنا على مثل هذه اللقاءات الأدبية الشيقة وشكرا لاستضافته لنا في داره الكريمة.. تنتابني الغبطة عندما أدخل الى بيت شربل بعيني فأشعر أن حجار الدار ترحب بنا  شعرا وعتبة البيت ترشح أدبا وضحكة شربل تزغرد محبة وصوته المدوزن ينضح كرما وأخلاقا ونبلا.

   اليوم يحلو اللقاء بوجود نخبة من  الاصدقاء منهم الفنانين والشعراء والمثقفين والأدباء عشقو الكلمة وصفو الارتقاء، اليوم نلتقي لنحتفل بمزامير شربل وشعر شربل وأدب شربل وجائزة شرب الشاعر والأديب والمربي والانسان الذي يصلي في محراب الانسانية المسبحة وفي محراب العطاء والابداع  الأبانا أصدقائي اسعد الله مساؤكم.

   لا بد في البداية أن أقدم أجمل التهاني للاديبة مي طباع لنيلها جائزة شربل بعيني لهذا العام تقديرا لانجازاتها الأدبية والاعلامية والاجتماعية لما فيه خدمة الكلمة والابداع في أستراليا ومتمنيا لها المزيد من العطاء.  

   للتذكير فقط تعتبر جائزة شربل بعيني من الجوائز الأدبية القيمة، والتي أطلقها الدكتور عصام حداد تكريما لعطاءات الشاعر بعيني وابداعه وتقديرا للشعر والادب المهجري. تمنح الجائزة كل عام لعدد من المبدعين من أدباء وشعراء وفنانين الذين أعطوا من عصارة قلبهم نورا وضاء يمحو من طريق الانسانية ظلمات الجهل والتخلف.

   كما أهنيئ الكاتبة طباع على انجاز واصدار كتابها شربل بعيني قصيدة غنتها القصائد الذي يتمحور حول معاناة وابداع ومساهمات شربل بعيني الشاعر والانسان. 

   للعلم فقط أن المسبحة تدور واليوم أتكلم عن كتاب مي طباع التي هي تكلمت عن كتابي بالمرصاد منذ حوالي خمسة عشر عاما أثناء حفل تكريمي من قبل رابطة احياء التراث العربي.

البداية

   في المقدمة تعرف الكاتبة مي طباع الشاعر بعيني بصفته الأدبية والانسانية حيث استرسلت قائلة:

   عرفناه هزاراً غريداً، نفحة عربية متوقدة جريئة، ونغمة شعرية صافية فريدة.

   عرفناه نورساً أليفاً، وقلباً كبيراً محباً لأصدقائه، وفياً لهم، يعانقهم بالكلمة الطيّبة، ويحثّهم على الخير والعطاء.

   بهذه الكلمات الجميلة والعذبة تلخص الكاتبة مي طباع مسيرة الشاعر شربل بعيني انسانيا وأدبيا ومن خلال قراءتي لسطور هذا الكتاب يتضح لي أن الكاتبة طباع تملك مفاتيح النقد الأدبي الذي يمنحها الحرفية في تحليل القصيدة  والغوص في اكتشاف دلالاتها ورموزها وهذا ما رايناه في أجزاء مختلفة من الكتاب.

   وعلى الرغم من الصداقة بين الكاتبة طباع والشاعر بعيني الا أن الحيادية تبدو معالمها واضحة في نصوص  الكتاب، رغم أن شعر شربل يجبرك على أن لا تكون حياديا ويجبرك أن تنحاز اليه فهو شعر مميز بالصورالجميلة والأفكار المعبرة والسلاسة في الصياغة والقيمة في اختيار الكلمات وبحورها.

   وللتأكيد على الحيادية استشهدت الكاتبة طباع بكثير من الكتابات لادباء وفنانين وشعراء لتقول للقارئي أنا لست  الوحيدة المعجبة بشعر شربل وأدب شربل. فاليكم ما قاله:

الشاعر فؤاد نعمان الخوري ـ سيدني

ـ1ـ

زنبق مجدليّا، السنه، حملان

صارت جنينه تخبّر جنينه

شاعر مجدليّا صبي جهلان

غنّو، تا يكبر شربل بعيني:

....

..  وبالعيد شو بهديك يا شربل؟

يا ريت بعدي بهاك الحفافي،

بجبلك معي غربال، تا تغربل

وما يضلّ إلاّ قمحك الصافي

الشيخ أسد عاصي ـ لبنان

ـ2ـ

شعرك من وحي الديّان

دفقة نور "ونفحة صُور"..

من لحنو رقّ الصوّان

وشنّف آذانو المعمور

نبرة شربل.. هالإنسان

ما فيها كذب ولا زور

الاعلامي ممدوح سكريّه ـ سيدني

3

بيوت القصيده أجمل مرايات

عم تعكس الأنوار من ضو القمر

وللمجد ترسم بالدني حكايات

بالشوق عم تشحن غيومو بالمطر

وتزيّن الرمشين بالوردات

وع التاج في نجمات قلقها السهر

الشعر الجميل بيرفع الرايات

عليها إسم "شربلنا" انحفر

اليوم القصايد ع "الفايسبوكات"

كترت، ومجد الشعر، يا حسره، اندثر

شو رأيك يا شربل "بالإنترنات"

رفعت قصيدتنا أم الشعر انقهر؟

   تعرج الكاتبة على تعلق الشاعر بعيني بالوطن وبالاخص قريته مجد ليا التي أثرت ايجابيا على شخصيته الأدبية والانسانية وبالتالي كان لها أثرا مهما على مناجاته الشعرية وعلى شعوره بألم الغربة وتدفق وهج الشوق الى حنايا قصائده حيث استشهدت الكاتبة طباع بهذه الأبيات:

يا غربة الإيام الطويله

حكيلُن ع اللي صار

مع دمعات العينين الخجوله

اللي تجمّدت ع خدود الطفوله

  حاولت الكاتبة أن توضح ما للبنان من أثر عميق على شعر شربل بعيني حيث لم تستطع المسافات البعيدة أن تخمد جذوة الحب الكبير الذي يكنّه الشاعر لوطنه "لبنان"، ولأبنائه، وللأرزة. وكان لهم نصيب كبير في شعره. وها هو يتغنّى بأمجاد "لبنان" بهذه الأبيات الجميلة المتفرقة:

"لبنان نجمه ضاويه بالشرق"

"لبنان لوحه ملوّنه بمِية لون"

"سكّروا بوجّو بْواب الكون"

"ومن خشب أرزاتنا الحلوين

مشّى مراكب نور للتكوين"

   عرجت الكاتبة طباع على نموذج شعر شربل بعيني الحواري حيث قالت: 

   في قصيدته "خطايا" يناجي ربه بأسلوب حواري شيّق ممتع، صوره تتدفّق بحيوية، يعتمد فيها على الايقاع السريع الموجز.

   طريقته الغنائية المبتكرة هذه، وتلقائية التعبير، وخصوبة المعاني، تركت تأثيراً قوياً في نفوسنا.. 

إشيا كتيره مخبّى بقلبي

بطردها وبترجع ليّي

جاوبني.. دخلك يا ربي

هالهفوات اللي نسيناها

وبطيبة قلب عملناها

هيدي رح تحسبها خْطيّه؟".

   ولم تنس الكاتبة في اعطاء مساحة جيدة من الكتاب للغزل الشعري الذي جال وصال شربل بعيني فيه. 

   ففي ديوان "مراهقة" كانت رؤيته للجمال حسيّة مادية، وما يعذره في ذلك النمو الفيزيولوجي الطبيعي للإنسان في مرحلة المراهقة، أضف الى ذلك براءة نفسه، وصفاء قلبه، وعفويّة حبّه الريفي الصريح:

"شو مزعّلك إنتي القمر

إنتي السحر فيكي انسحر

ليلى إذا بكيتي بعد

عم هدّدك.. قيس انتحر!"

وفي مكان أخر يقول:

صدرك جبل عالي

وأنا التلجات

عم دوب بليالي

هنا وآهات

   في قصائده تصريح الى تطور المرأة وانفلاتها، شيئاً فشيئاً، من عرف التقاليد العربية المحافظة:

"إيدك بإيدو.. عيب، شو صابك؟

متل الشهور بيمرقوا حبابك

انكنتي السنه.. روزنامتك أوهام

انكنتي الزهر.. عمر الزهر ايام

وناطر خريف وبرد ع بوابك"

في الختام

   ليس للشعر صورة معروفة وليس له أصل ولا فصل، ولد من رحم الابداع من خلال التزاوج بين الاحساس واللغة وكل شئء يخاطب الاحساس هو نوع من أنواع الشعر فلا داعي للشاعر أن يعمل على تنميق القوافي والكلمات ويعمل على تشذيبها فتفقد بريقها وتسافر بعيدا عن القلوب المتيمة والمولعة بحب الشعر. وشعرك يا شربل بعيني لم يفقد بريقه أبدا.  وزل ساطعا في سماء الأدب دمت بخير لتتحفنا بمزيد من العطاء.

حفل توزيع جائزة شربل بعيني 2022

**


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق