يتثاءب الصّبحُ المسافِرُ نحوَ بسمَتِهِ ويَرضى
تستبشِرُ الأبوابُ: هذي الأمنياتُ بنا تعود
تمضي الحياةُ كأنما غُزِلَت على منوالِنا
صمتُ القِبابِ يرينُ فوقَ صدى الكلام
وتُمارِسُ الآثارُ مُتعَتَها الأثيرة :
تُذكي المَواجِعَ ..
تَحبِسُ الأنفاسَ في صَدرٍ تَعَشَّقَها ليغدُوَ مُلكَها
والقلبُ يَحتَضِنُ الرّؤى..
وكأنَّما عاديّةً تبدو الصُّوَر
والشّمسُ تُرسِلُ بسمَةً لمآذنٍ في القُدسِ كم صَبَرَت حَزينَة
الرّيحُ ترسمُ دَربَها نحوَ التِواءات الخُطوطْ..
الرّيحُ تعرِفُ مُشتَهى هَبّاتها...
الرّيحُ تعرِفُ مَن تَعرّي مِن بَراءاتِ الكَلام...
أبدًا... سَتَعتَصِرُ الزّحامَ من الزّحام
تبدو الخُطى عاديّةً في القدسِ لكن خلفَها تُخفي حُطام
طاحونَةُ الأوجاعِ في قدسي يدورُ بها العِتاب
لم أستَطِع بعدُ التّخلُّصَ من جنوني والطّريقُ يغيبُ بي...
ومِنَ الطّريق يُطِلُّ وجهٌ لم يَعُد لي...
والدّربُ ليسَ سوى وجوهٍ لم تعُد لرؤوسها..
تَتَشابَهُ الأصواتُ حينَ تَغيبُ في نَفسَ الطّريق
الرّيحُ تعرفُ أين يمكِنُ أن يكونَ لها صدى.
تتكاثَرُ الأسماءُ،
أرصُفُها على عتباتِ ماضٍ لم يعد مني،
وأمضي للفيافي صارخًا...
كيما يعودُ الصوتُ أبلَغَ من حروفِ رسالَةٍ...
لن يستطيعَ الهُدهُدُ المنفيُّ أن يمضي بها،
لعيونِ نافذَةٍ تطلُّ على طريقٍ أقفَلَتها الرّيحُ ...
فانشَغَلَتْ، تحاوِلُ أن ترتّبَ ما يفيضُ عن الفَراغ.
ستظَلُّ تُقلِقُني كثيرًا...
تِلكُمُ الرّيحُ التي تختارُ نافِذَتي لتَقتَحِمَ المدينَة.
في القدس قومٌ يَصنَعون الحلمَ من وهَجِ الكَلام
أُلجِئتُ للصوتِ المعتّقِ في تعاريجِ الصّدى..
قالَ اعتَرف!
فمَحَضتُهُ جُرحًا يؤرّقُني، وأحلامًا كثيرة..
وصَدَقتُهُ خَبَرَ انتِظاراتي هُبوبَ الرّيحِ مِن صَحراءَ لم تفزَع أقاصيها...
ولم تَدمَغ بغيرِ سرابِها فَرَحَ الشّقِي..
قال اعترف!
ما من خلافٍ! أنّني في القدسِ أعرف مَن أنا..
ما من خلافٍ... قلتُ...
وانتَصَبَ الطّريق..
الكلُّ مختلفًا بدا...
الكلُّ مختلفٌ... وأعرِفُ مَن أنا:
زَمَنٌ تغرَّبَ عن حوادِثهِ..
رَماني شِلوَ رَحمٍ لم يكن يومًا لأمي...
فاعتَراني ما اعتراني...
أعشقُ الشّفَقَ الفَتِيَّ ...
أظنُّ أنّا مُدرِكونَ لرحلةِ الزّمن المسافِرِ عبرَنا...
وكمِ اعتَقَدنا أنّنا يومًا سنَخرُجُ من حدودِ الصّمتِ...
كي نَفدي الحكايَةَ بالحكايةِ!
وكتبتُ في سِفرِ الغروب:
يا أيها الليلُ احتضِنّي!
كي أكتّمَ ما تُريدُ القدسُ منّي !
لا لشيءٍ...
حيثُ أنّي بتُّ أدري أنّني والحلمُ قد كُنّا رَهائِن...
::::::: صالح أحمد (كناعنه) :::::::
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق