في تحية لِ"اليوم العالمي للمنقوشة"، كتبت الإعلامية جودي الأسمر قليلات، على صفحتها( الفايسبوك 2/11/2022):" أشعر أنّني معنيّةٌ بهذا اليوم المجيد، كون المنقوشة أحَبَّ أنواع الترويقة لقلبي، ولكثير من اللبنانيين. وبهذه المناسبة، أستعرضُ تجاربي. فقد أغرتني أنواع مختلفة من المناقيش: الجبنة، الكشك، السبانخ، اللحمة، اللبنة والخضار، الأريش الخ..وفي كلّ مرّة، أندم على المغامرة، وأُكرّس ولاء ذائقتي لمنقوشة الزعتر، التي لا تُضاهى طعمًا! المجد للمناقيش، وخصوصًا منقوشة الزعتر!"
بمعزلٍ عن نَعْتِ الصديقة جودي هذا اليوم بِ"اليوم المجيد!"، إذْ بعض الأيام المجيدة،لدينا، تُنغّص الذاكرة، فهي غير مجيدة، فإنَّنا نُشاركها انحيازها إلى منقوشة الزعتر( الصعتر بالفصحى)، التي تبقى" أُمّ المناقيش". فهي أعظمُها دغدغةً لحاسّة الشمّ، تستدعيك من بعيد، تستثير اللُعاب، وهي خارجةٌ من الفرن، أو "بيت النار"، بحسب التعبير الشعبي الطرابلسي ! ناهيكَ عن الفوائد الغذائية، التي تحويها مكوّناتُها، في حال لم تكن" مغشوشة"، من زيت الزيتون "الخضير"، إلى السمّاق والصعتر البلديّين، والسمسم. ولَكُم أن تراجعوا لائحة الفيتامينات والألياف ومضادات الأكسدة، التي توفّرها هذه المكوّنات، فتأتيكم بالخبر اليقين! وإلى كلّ ذلك، فإن الزعتر داخلٌ في سيكولوجيتنا، منذ الصغر، بل منذ عهد التلمذة، إذْ كان الأهل يزودوننا بِ"كدّوشات" زعتر، نتناولها، وقت "الفرصة"، أو الBreak، بالتعبير الأجنبي! ناهيك عن تناول الزعتر، صبيحة أيام الامتحانات المدرسية والشهادات، تجنّبًا لِ"لَعَيَان" النفس، الناجم عن رُهاب هذه الامتحانات!
على هامش المسألة، وفي ظلّ الوضع الكارثي، معيشيًّا وماليًّا، الذي تُكابده الكثرة الساحقة من اللبنانيين، هل نقول وداعًا للمنقوشة، بكل أنواعها؟
لقد غدت المنقوشة، منقوشةُ الزعتر، الأرخصُ ثمنًا، مُشتهاةً، أو "شهوة"، في حين كانت تُشكّل فطور معظم الناس، لا سيما الفئات الشعبية! فالمنقوشة بالزعتر بات سعرها الوسطي عشرين ألف ليرة لبنانية، والمنقوشة بالجبنة باتت في حدود أربعين ألفًا، وحدِّثْ ولا حَرَج، صعودًا، عن سائر الأنواع!
تصوّر أنّ أُسرةً، من خمسة أشخاص، "اشتهت" أن تتناول، عند الفطور، مناقيش بالزعتر، فهي ستتكبّد مائة ألف ليرة، ومائتي ألفًا، إذا "توحّمت"، على تناول مناقيش بالجبنة!
لعنَ الله هذه المنظومة الحاكمة، الفاسدة والمفسِدة، التي أفقرتنا، وجوّعتنا، وجعلتنا "نشتهي العضّة" بالمنقوشة، جرّاء ارتكابها أكبر منهبة، في تاريخ البشرية!
إلى أين من هنا؟! كيف لشعبنا المسكين، المغلوب على أمره، المكموم الأفواه: كلامًا وطعامًا، ،لعوامل يعرفها الجميع، أن يستمر على قيد الحياة؟ ..هل نصل، في مـقبل الأيام، إلى اشتهاء الملح، وهو أرخص الأشياء؟ وهل نُعْرِض عن أكل الفجل، الذي يُضرب به المثل" أرخص من الفجل!"، وقد وصل ثمن الضمّة، منذ أسابيع، ولاسيما في رمضان المبارك، إلى عشرة آلاف ليرة، وكذا الأمر، مع ضمّة النعناع والبقدونس والكزبرة! متى ينتقل شعبي، من اليوم "المجيد" للمنقوشة، فيصنع مستقبله الواعد، ويُطيح منظومةَ الفساد والافساد"؟
(من بيادر الفسابكة/ قراءة نقديّة في قضيّة)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق