أسرار عشق الرّوح/ صالح أحمد



في المدى عبقٌ مَهيب

لا بدءَ حيث تَناهى البدْء

ولا نهاية... حيث يَستَحكِمُ الانطلاق..

أيّ شيءٍ قد يمهِلُ الملهوفَ حينَ تستفزّه المخاطر؟

لن يأتيك نورُ الحياةِ ما لم يَغزُ أبوابَها فكرك..

تذوي الرّوح حين يخبو نورُ عطائِها

تَقدَّم عاشق الرّوحِ..

لن تمنَحَك الحقيقةُ سرَّها إلا ومهرُها العِشقُ..

امحُ الفراغَ بما هو باقٍ من روحِ عَطائِك.

إن كنتَ عاشِقا.. 

كلُّ المَتاعِ يَتَساقَطُ حَولَك ..

هكذا روحُكَ تَرقى

آنَ للزّمانِ أن يُدرِكَ أنّنا صَوتُه..

كَذا آنَ لنا أن نُدرِكَ أنّنا صورَةُ الزّمان.. 

إذا خَلعتَ عنكَ زَمانَك.. 

فلا صوتًا تكونُ ولا صورة..

تلك هي الحقيقةُ الماكِرَة.

مَصعوقون كالمَوتى يَمضي بهِمُ الزّمان.. 

أولئكَ الذين انقَسموا ما بينَ ماكِرٍ وحَذِقٍ مُتربِّصَيْن..

أجملُ ما في العتمَةِ –لو أردْتَ- وُضوحُها

فهل أغبى منك؛ تَعجَبُ مِن كَوني أدرِكُكَ..

حتى وأنت تَتَقَمَّصُ روحَ العَتمَة؟!

لن أخبِّئَ عِشقي حيثُ يَتَطاوَلُ سُرّاقُ العِشق..

فاسِدَةٌ مُفسِدَةٌ ألحانُ الرّيح؛

حينَ تُداعِبُ عابِثَ الرّوح...

كلُّ فرحِ الدّنيا.. لن يجعَلَ نَفسًا قاحِلَةً تُخصِب.

إنّهُ الحَقُّ.. 

تَرقى إليه قلوبُ العُشّاقِ، على جناحِ الأشواق..

فكيفَ لقلوبٍ مَسكنُها قَوالِبُ الحاجَة..

أن لا يروعُها هُبوبُ نَسائِم الشّوق..

ساعِيَةً إلى لَذائِذِ الفِداء..

حيثُ تَرتوي من داني نَداها كلُّ عِطاشِ الأرواح؟

.. حَدَّ التّلاشي.. تَتَقزّمُ الأسرار؛

حينَ تَنطَلِقُ الحرّيّةُ مِن أنوارِ الغَيث.

لستَ حرًا إذا تركتَ التّوافِهَ تَشغَلُكَ عَن طَلَبِ المَعالي..

التّلذُّذُ بالمُيَسّر .. صدٌّ لبابِ المَعالي..

كلُّ جمالِ المادَّةِ صُوَرٌ..

تُرهِقُ عَينَ البَصَرِ..

لتَتَوارى عينُ البَصيرَة

أيُّ جَلالٍ يَبقى للكَلمَة...

حينَ يَتَدلّى جَسَدُ الأفكارِ رَخوًا...

تحتَ قِبابِ الأسرارِ..؟

يتيمةٌ قلوبُنا وحَسيرَة..

ما لَم تَحمِلْها أجنِحَةُ العِشقِ؛ إلى أفقِ العَطاء...

مُردّدةً نَشيدَ الوَلَهِ..

يُخرِجُ الحِكمَةَ المَبثوثَةَ في كُلِّ ذاتٍ.. عن صَمتِها.. 

شاهِرَةً سِلاحَ الهَيبَة..

تَتَزيّا بحُلَّةِ الاقتِدار.

العشقُ والوِصال..

سِرُّ القُدرَةِ على المَنال..

لا يَستطيبُ الأُنسُ ظِلًا...

لم تفرِشْهُ اشجارُ العُقولِ في بَساتينِ القُلوب..

دقيقَةٌ هي المَسالِكُ بين ما كانَ وما سوفَ يَكون..

إنّها عينُ ما أردنا.. وما أصبحنا نُريد أن يَكون..

حين تكون الإرادةُ وَحدَها ..

قادرةً على جَذبِ أرواحِنا بِسحرِ خِطابِها..

وحيثُ يَتَساقَطُ مَن تَسَلَّل إلى قلوبِهم..

ظلامُ الرّغبةِ.. في سَواد الرّكون.

لا تَخضَعُ اعناقُ العاشِقين..

إلا لِسحرِ جَلالِ الحَقّ..

وحدَها روحٌ عَرفَت أنّها يَجِبُ أن تَخلَعَ هيئَةَ الكائِن..

لِيَتَسنّى لَها أن تَتَوَحَّدَ في هالَةِ المَنشود..

تَملِكُ أن تَتَزَيّا بِرِداءِ الهَيبَةِ، مُتَوَّجَةً بِبَريقِ العِشقِ..

في مَراقي روحِ البَذل ..

وحيثُ يَتلاقَحُ العَطاء..

فلا يَعرِفُ سِرَّ العِشقِ مَن أمتَعَهُ النّظَرُ إلى المَحدود..

وأرضى نفسَهُ الأخذَ مما دَنا.

ومَلَكَ جوهَرَ أسرارِ المَحَبّة

مَن هَذّبَ بَصرَهُ بنورِ بَصيرَتِه..

وراحَ يُحلِّقُ في أنوارِ جَمالِ اللامَحدود..

وعظيمِ السّعيِ إلى المَقصود..

::::::: صالح أحمد (كناعنه) :::::::


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق