طيف ٌ في زمن الطوفان ِ / الدكتور عدنان الظاهر

 


يتمددُ ظلي 

يتراءى  ممتدا ً ظلينِ

يتبارى  سمتُ الأول  والثاني

يتقاتل ممتشقاَ سيف َ الذلِّ 

يتخانقُ حتى يسقطَ منجدلا ً في الساحةِ قرب َ التمثال ِ .

أتمددُ بعد السقطةِ ميؤوساً مني

أتذكرُ جولات ٍخانتني

أتذكرُ ضربات ِ سيوف ٍ  حُمر ٍ في نِحري 

أتذكرُ طعنات ِ رماح ٍ في صدري    

أتحسس ُ حرَّ الصيف ِ ونارَ الرمل وهجر َ الأهل ِ

أتمنى أن ْ لا ينهض َ مني ظلٌّ أو بعض ٌ من ظلي    

بعد الرجعة ِ من وحشات ِ القبر ِ وكسر ِ القفل ِ .

يئسوا مني ... 

أهلي وبقايا أصحابي

تركوني جسداً يتآكل ُ  يبحث ُ عن بقيا عظم ٍ في الرأس ِ .

مرَّ الألفُ الأولُ يتبعهُ ألف ٌ ثان ٍ 

فتوسطنا دربَ المأساةِ وما زلنا

نلتحفُ الرمل َ وخيمة َ  صفوان ِ 

نتذكر ُ أحباباً سقطوا ... غابوا ...

مرّوا لكأنا كنا غربان َ خرائب ِ شؤم ِ . 

...

أتلفتُ لا أحسبُ أني

أتقاسمُ تاريخَ المحنة في ظني

لا أقرأُ  خطاً معطوباً 

كتبته ُ المحنة ُ  في سفر ِ الكابوس ِ المُضني

ماذا ؟ ماذا يبقى مني

في دار ٍ دكتهُ الرجفة ُ في صرعة مجنون ٍ  دكّا

فتعاوت ذؤبانُ البيد ِ  

وتنادت ْ ضبعانُ الأنفال ِ وقطعان النملِ

ماذا ؟ 

كارثة ٌ تتمدد ُ من حد ٍّ للموت ِ إلى حد ِّ

الصورة ُ مقلوب ٌ أعلاها

يتملاها مصلوب ٌ يتعلق ُ في جذعة ِ نخل ِ

والوحش ُ المجلوب ُ هناك يقلّب ُ أسفارا 

فيها أسماءُ القتلى 

والجرحى والثكلى 

وقوائم ُ أخرى ما عادت تُحصى . 

الآنَ يدق ُّ المفصل ُ بالمفصل ِ أسمعُ إنذارا

فأُصيخ ُ السمعَ : نفيرُ الجلبة ِ يفضح ُ أسرارا

ويُصفّي الوضع َ بخردلة ٍ يتوازنُ فيها القسطاس ُ

ضيزى ... ضيزى

ضيزى هذا المقسومُ وأكثرُ من ضيزى 

أشتمه ُ قَدرا ً مفروضا ً مقسوما .

يا ليتَ القادر َ يُصغي لي

يُصغي يوما ً لأعدّد َ آهاتي

لأريه ِ العلة َ في جذر ِ الأسنان ِ  

لأناقش َ أزمات ِ شهور الصيف ِ وأعوام ِ الهجران ِ

لأدير َ شريط َ مسجلة ِ الصوت ِ 

كي يسمع َ صرخات ِ الربّة عشتار ِ .

في بابلَ ناحت عشتارُ

غلّقت الأبوابَ وناحتْ

لطمتْ ... 

ضربت بالقامة ِ أعلاها

تشكو للقادر ِ فقدان َ بنيها

[ بالأمس ِ كانوا هنا واليومَ قد رحلوا ]

من يسمعُ شكواها عَلنا ً أو سرّا  

مَن يخطب ُ ود َّ امرأة ٍ نائحة ٍ ببنيها ثكلى

مَن يرحمها ؟

دعها تبكي ...

فلعل َّ الرحمة َ تأتيها

في ساعة ِ سُكر الجاثم ِ في مثواها

دعها تبكي وتوّلول ُ فالصوت ُ الباكي 

يتضاعف ُ أصداء ً أصداءَ

فيزلزل ُ أرضا ً ما عادت ْ بكرا !!

(( هل من أمل ٍ في العودة ِ والهامة ُ للأعلى تمتد ُّ 

أم أبقى

أحلم ُ في إحدى دورات ِ وردّات العصر ِ المقلوب ِ 

أجتر ُّ الذكرى

وأقاوم ُ باقي علّاتي

أتمنى ...

معجزة ً تختصر البلوى )) .

هل قامت ْ  في بابلَ عشتار ُ ؟

ما بابل ُ إن ْ غابت ْ عشتار ُ ؟

أم ُّ بنيها عشتارُ ...

 لو يدري الجزّار ُ ـ المُختارُ  !!

لو يدري أنّا ما زلنا

في الموقف ِ نعبُدُها عشتارا

 نذبح ُ أنفسَنا قربانا

نضرع ُ أنْ تتكاثر َ فينا عشتار ُ

 أن ْ تنسينا

زلزالَ مدينتا 

أن ْ تبقى عنوان َ رجولتنا ...

أمّا ً لبنيها عشتار ُ .

سقف ٌ زمني ٌّ أعياني

أسقط َ أسناني

أركبني جحشا ً مقلوبا

سيّرني كالنائم ِ في حُلُم ٍ يقظانا

أرتاد ُ الساح َ الغضبان َ ولا أخشى

قنبلة ً تتفجر ُّ في الشارع ِ والمقهى

حتفا ً يترصّدُني أنّى شاءت أقداري

فالدرب ُ طويل ٌ جدا  

والدرب ُ عسير ُ .

 زمجرة ٌ في السُرفة ِ ترفضها أحجار ُ الشارع ِ والقارُ

ترشقها الصبية ُ بالرمل ِ وبالعيدان ِ

تشتمها النسوة ُ أصواتا ً تتعالى من بين الأستار ِ

 تتفلق ُ فيها النيران ُ الغضبى .

رُحماك َ أبي

علّمت َ الأجيال َأهازيج َ الأبطال ِ :

 [[ الطوب ْ أحسن ْ لو مكياري ]] ؟

مَن علمني حرفا 

مَلكني عبدا !

جرحتني الحرب ُ وغاب َ صحابي

غابوا ...

ما بين قتيل ٍ سهوا ً 

وقتيل ٍ  يتعبّد ُ في حُرمة ِ محراب ِ 

قتلونا ...

صلبونا 

قتلتنا فوضاهم.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق