أنينُ ناي حنينهِ لترابِ الوطنِ لم يُسقِطْ شربل بعيني في فخِّ الجُّحود ونكران الجّميل لأستراليا، الوطن الذي استضافه.
في قصيدة "مجنون عَم يسأل" ، إحدى قصائده المَنسُوجَة بخيطان من روحه في ديوانهِ "الغربة الطويلة" يتلوّى، على لسان الوطن المضيف، شعراً يضج بِعتَبِ المُحِب:
"كَحْشُوكْ: ضِبَّـيتَـكْ
بَغضُوكْ: حِبّـيتَـكْ
جِـمّعِتْ مالي : سْـخِـيتْ عَ بْلادَكْ
تْزوَّجِت مِـنِّي : حْرِمِـتني وْلادَكْ
لَـيـشْ مُشْ قِـنعَانْ؟!
عَايِـشْ بِـقـلبي .... وقَـلْـبَـكْ بْـلـبْـنـان" !!
مُوجعةٌ جداً تلك الانفصامية الوطنية الإنتمائية التي التاثَ بها الكثير من المغترين، يتأرجحون بين عطشهم لنسائم الحرية واللقمة الكريمة، وبين شوقهم لوطنهم "كيفما كان" ، على الأخصّ أولئك الذين ابْـتَـلعت الغربة مُعظمَ سِني عُمرهم كما يقول أحدهم في شعره:
"يَــا طَـيْـرْ صَـرْلـِـي مْـغْـتِـرِبْ مِـدِّهْ
الفْـراقْ مـزْمِـن ..
والألَـمْ جَـدِّي
يَـا مَـا إلِـي مْـحِـبّـيِـنْ بِـيْـقُـولُـو
خَـتْـيَـرْت !! حَـلَّـكْ تـجِـي
هَـالْـقَـدّْ بِـيْـقَـدِّي
وكُـلْ مَـا ابْـتَـعَـدْ فِـيِّـي الـزَّمَـنْ
وتْـرَاكَـمُـو اثْـمَـانْ الـثَّـمَـنْ
والِّـلي خَـلَـقْـنْـي وخَـالْـقَـكْ يَـا طَـيْـر
كِـيْـفْـمَـا بْـطِـيْـرْ بْـضَـيْـعْـتِـي بْـهَـدِّي"
نادِرون هُم الذين حَباهُم الله بموهبةِ صياغةِ الشِّعر المُوَشَّحِ بالنّـثر، أو النّثر المُوشّح بالشعر، بالقدر الذي ناله شربل وريشته، سِيما في آخر قصيدة "مجنون عَم يسأل":
"جِيتِكْ أنا وِزغير
وِنسيت تا إجهَلْ
تْعِبت فِيكي كتيرْ
والعُمر عَمْ يِطوَلْ ..
... ووَينْ بَدَي صير؟!
مَجنون عَم يِسأل!!"
وإلى اللقاء في قراءةٍ قادمة عن قصيدة "غَريبة" في ديوان "الغربة الطويلة".
محمود شباط
عيحا في 24/02/2023
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق