هل تنفجر الأوضاع من بوابة الأقصى وشهر رمضان/ راسم عبيدات



مع بداية شهر رمضان الفضيل،تشتد التضيقات على سكان مدينة القدس،ويرفع الكيان من درجة قمعه وبطشه وتنكيله بحق المقدسيين،وتزداد التصريحات المشيطنة للشهر الفضيل،والرابطة له بالعنف وكذلك تتواصل الدعوات من قبل الحاخامات وجماعات الهيكل من أمثال الحاخام "الياهو وينبر" رئيس مدرسة "المعبد اليهودي" في الأقصى،والحاخام يتسحاق براند،رئيس مدرسة "جبل صهيون" في الأقصى،حيث وجهوا رسائل لأتباعهم من اجل القيام بأوسع عمليات اقتحام للأقصى،والإستعداد من اجل ادخال قرابين الفصح الحيوانية الى ساحاته فيما يعرف بعيد الفصح اليهودي الذي يتقاطع مع الشهر الفضيل في اسبوعه الثالث من 6/4/2023 الى 12/4/2023،وهذه الدعوات زادت من اعداد المقتحمين للأقصى قبل بدء الشهر الفضيل،وكذلك علقت ما يعرف بجماعة " عائدون الى جبل الهيكل" يافطات في البلدة القديمة تعلن عن حاجتها لغرفة او حظيرة يُخفون فيها الأغنام التي يريدون إدخالها للأقصى لقاء مبالغ مالية كبيرة ...وفي إطار السعي لتهويد المدينة وتغيير هويتها وطابعها العروبي الإسلامي ، تعمل بلدية الكيان بالتعاون مع ما يعرف ب" ارث صندوق المبكى على إقامة مشروع تهويدي،يجري افتتاحه اواخر شهر رمضان الحالي ،من خلال اقامة مطلة ومقهى فوق حائط البراق والمدرسة التنكيزية،من أشهر المدارس في العهد المملوكي،وهذا المشروع التهويدي سيقام على مساحة 300م2 ، وبوجود هذا المقهى والمطلة،يعني إستمرار تواجد المستوطنين في تلك المنطقة ليل نهار،وزيادة اعداد المستوطنين القادمين للصلاة في حائط البراق وكذلك زيادة اعداد الزوار الأجانب،وستكون تلك المطلة المكان الأقرب لمراقبة كل ما يجري في الأقصى، ودولة الكيان أيضاً تهدف الى تغيير هوية المدينة وطابعها العربي- الإسلامي،ومشهدها الكلي،وبما يضمن تغيير ملامحها،ودولة الكيان لن تكتفي بهذه "الهدايا" التي تقدم لمن حضروا القمم الأمنية في العقبة بتاريخ 26شباط الماضي وقمة شرم الشيخ،"العقبة 2" في 19 من آذار الحالي،بل منظر زينة شهر رمضان في البلدة القديمة وبالتحديد في منطقة باب حطة إستفزت دولة الكيان،والتي لا تريد ان ترى أي مظهر عربي – اسلامي- مسيحي في المدينة، وهي تعمل على تهويدها وتغير هويتها،فهي تريد ان تترك بصماتها التهويدية على المدينة،التي ياتي شهر رمضان الفضيل بزينته وروحانياته والتواجد الكثيف لشعبنا في البلدة القديمة،والسير والتجول والتسوق في ومن اسواقها،والصلاة في رحاب اقصاها،لكي يزيل البصمات التهويدية التي تحاول دولة الكيان ان تطبع بها المدينة،فشهر رمضان الفضيل يعيد للمدينة هويتها وطابعها ورموزها العربية الإسلامية،التي تسعى دولة الكيان لطمسها،وإستبدالها برموز وطقوس تلمودية توراتية.

دولة الكيان لكي تحد من الوجود الكثيف والحشود البشرية في مدينة القدس وتحديداً في البلدة القديمة منها، عمدت بلدية كيانها " المقدسية" لمنع سكان البلدة القديمة من إدخال سياراتهم ونقل بضائعهم بواسطة التركتورات و"التوك توك"،من باب الإسباط الى داخل البلدة القديمة،تلك البضائع التي تشكل القوة الشرائية للتجار والبضائع للمشترين،وهذا القرار الذي رفضه اهل وتجار البلدة القديمة،وقاموا بالإحتجاج عليه عبر وقفة احتجاجية،يشكل ضربة اقتصادية للتجار في شهر رمضان الفضيل،هذا الشهر الذي يستفيدون منه، وبما يعوضهم عن خسائرهم في فترة جائحة "كورونا" التي استمرت أكثر من عامين او ضعف الحركة التجارية والإقتصادية وضعف القوة الشرائية أيضاً في بقية اشهر السنة ،نتيجة تشديدات وتقيدات الإحتلال الأمنية وتحويل المدينة الى ثكنة عسكرية بالتواجد الشرطي والعسكري والأمني وكاميرات المراقبة والحواجز الثابتة والمتحركة والغرف الأمنية وغيرها.

جماعات أمناء الهيكل والحاخامات ودعوتهم لأنصارهم واعضائهم ومواطني دولة الكيان ،من أجل ادخال قرابين الفصح الحيوانية الى ساحات المسجد الأقصى فيما يعرف بعيد الفصح اليهودي،ليست بالجديدة،فهذا الإستهداف قائم منذ عشر سنوات،فقد عملت على تنفيذ هذا الطقس التلمودي التوراتي،والذي يحمل ابعاداً سياسية لها علاقة بالسيادة والسيطرة على المدينة،في عام 2015 أقاموا طقوسهم في بلدة لفتا المهجرة،وفي عام 2016 في بلدة الطور،وعام 2017 في البلدة القديمة،وعام 2018 في منطقة السور الجنوبي للمسجد الأقصى،وعام 2019 في بناية مطلة على الأقصى.

جماعات أمناء الهيكل وفي مقدمتهم المتطرف بن غفير ،يعتقدون بان الظروف باتت مؤاتية من أجل تنفيذ مخططاتهم،فهم يعتبرون بأن ذبح قرابين الفصح في ساحات الأقصى ونثر دمها على مسجد قبه الصخرة،المكان الذي يقولون عنه بأنه مكان هيكلهم المزعوم،هو آخر الطقوس التلمودية من أجل استحضار ما يعرف بالهيكل المعنوي،فهم قد تمكنوا من القيام بأداء ما يعرف بالسجود الملحمي في ساحات الأقصى،انبطاح المستوطنين على وجوههم كاعلى شكل من اشكال الطقوس التلمودية والتوراتية،وكذلك أدوا صلوات جماعية وقرؤوا مقاطع من التوراة وفقرات من سفر ايستر،وفي عيد عرشهم أدخلوا قربين الفصح النباتية من سعف نخيل وورق صفصاف وحمضيات مجففة الى ساحات الأقصى،ونفخوا في البوق في أكثر من مكان محيط بالأقصى،وكذلك أدخلوا أدوات ومقتنيات الطقوس من لفائف سوداء وشال للصلاة ولباس الكهنة الأبيض وغيرها الى الأٌقصى.

لا أعتقد بأن إدخال قربين الفصح الحيوانية من اغنام وغيرها الى ساحة الأقصى،سيمر مرور الكرام،فهذا يعني فرض وقائع جديدة في الأقصى،تتجاوز التقسيمين الزماني والمكاني،نحو إيجاد قدسية وحياة يهودية في الأقصى،كشراكة في المكان،وبالتالي،يفقد الأقصى قدسيته الخاصة ،كمسجد إسلامي خالص، لا حق فيه لأتباع الأديان الأخرى وبالذات اليهودية،وعندما يجري إقامة مقهى ومطلة فوق حائط البراق والمدرسة التنكيزية، فهذا سيشكل مقدمة لنزع القدسية عن ساحات المسجد الأقصى،وتحويلها مكان عام كمزارات سياحية ودينية ..الخ.

إدخال قربين الفصح الحيوانية، يعني تفجير للوضع من بوابة الأقصى،فالأمور قد تتدحرج الى انفجار شامل يطال كل الساحات الفلسطينية،وقد نجد انفسنا أمام معركة "سيف القدس 2"،ليس على غرار معركة "سيف القدس1"،أيار/2021 ،بل على نحو أوسع واشمل،وبما يشمل أكثر من ساحة ،وربما تندفع الأمور نحو حرب إقليمية شاملة،في ظل كيان يعيش حالة من التفكك الداخلي غير المسبوقة،وأزمة بنية تتعلق في تركيبة دولة الكيان،والإختلافات العميقة قومية وطبقية بين مستوطني دولة الكيان.

إحتلال حتى لا تنهار دولته من داخلها،سيعمد الى تصدر أزمته نحو حرب ربما تكون جبهاتها الساحات الفلسطينية واللبنانية والإيرانية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق