الرميم/ الدكتور عدنان الظاهر



( وإني جبانٌ في فِراقِ أحبّتي / وإنْ كنتُ في غيرِ الفِراقِ شُجاعا / الرُصافي )

مَنْ تَرَكتْ بيروتَ وخلّتْ أشباحاً أشباها ؟

لا تعرفُ أيَّ فضاءِ يؤويها

تتشبّثُ في حبلِ الصبرِّ المُنبتِّ فتيلا

ــ لا أملٌ في لُقيا أخرى .. قالتْ ــ

سنَّ الأسنانَ وغالى في حرقِ الأنفاسِ

فحذارِ حذارِ

المُدلِجُ ليلاً يقفو آثاري فجّاً فجّا ...

الركبُ الضاربُ في بيدٍ نارا

لا غيثٌ ينزلُ ماءً في ماءِ

ويخبُّ لبلوغِ سماواتِ عراقٍ أُخرى

ضوضاءٌ فيها وغيومٌ سودٌ دكناءُ

حَجَرٌ ناحَ وخاطَ جِراحا

صاحَ وفجّرَ عيناً في الرملِ

الدربُ طويلٌ صيفا

القلبُ يدُقُّ ويُحصي ساعاتِ العُمرِ

سُرُفاتُ السيّارةِ في الرملةِ شقّتْ أُخدودا

وحلازينَ حفيرٍ في الصخرِ

وملابسَ تبلى دودا

تحفرُ أحجارَ الجدرانِ الصمّاءِ

وجهٌ يتكلّمُ لا يوحي

غابَ وآبَ فسبحانَ الطارقِ أحداقي لألاءَ

يفتحُ للهاربِ من بطشٍ نَعْشا

ويغضُّ الطَرْفَ لئلاّ يردى أو يكبو

اللوحةُ فُوضى

مُتكأُ الجالسِ فيها هبُّ أراجيحِ الريحِ

والعَبْرةُ نارٌ في وحشٍ عينا

بَرْقٌ يتملّقُ مُرتابا

جلاّبُ سَرابِ الماءِ الوسنانِ

شأنَ الراكبِ مِسماراً جَمْرا

لا أَوبةَ للغائبِ إذْ ينأى

سأغيبُ وأُعلي أسراري أسوارا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق