كلامٌ يجبُ قولُه، بمناسبة الفصح المجيد، هو لسانُ حال مدينتنا طرابلس/ د. مصطفى الحلوة



عشيّةَ الفصح المجيد، وفي زمن السُعار الطوائفي البغيض، الذي تستفيق خلاياه النائمة، عند كلّ مفترق من مفترقات الصراع بين أفرقاء منظومة الفساد والإفساد، وإذْ نتوجّه إلى إخواننا في الطوائف المسيحية الغربية - ولاحقًا- الطوائف الشرقية، مُباركين، فقد أحببنا أن نتشارك وإيّاهم بعض كلمات مُقتطفة من دراسة لنا، قدّمناها، في "المؤتمر الفلسفي الدولي"، الذي نظّمه "المركز الدولي لعلوم الإنسان"، التابع للأونسكو، في العام 2014. وقد جاءت هذه الدراسة بعنوان:"تأمّلات في البُعد العلائقي للدين". وقد تمّ نشرُها في كتاب، عنوانه:"أين الفكر العربي من فلسفة الدين؟"، كما نُشرت في كتابنا الموسوعي:"مُطارحات في أروقة المعرفة"  (2021).ومما جاء فيها:" ...فأنا الطرابلسي المسلم، يُقلقني أن يكون الآخر المسيحي، في مدينتي وفي أيّ بقعة من لبنان، على ضعف. فحال الضعف ستدفع به، عاجلًا أم آجلًا، إلى ترك الساحة لي وحيدًا، حارمًا إيّاي جدلَ العيش المشترك ونِعمه، وبذا يفقد إسلامي الشيء الجميل ،الذي تُضفيه المسيحيّة عليَّ، ويروح منّي ما لا يُعوَّض من بُعد حداثيّ وحضاريّ، أغتني به من هذه المسيحيّة! وكان لي أن أُدرك أن لا معنى لإسلامي من دون مسيحيّة تُعمّدني، ولا معنى لمسيحيّة مواطني الآخر من دون إسلام يحضنُه ويُعمّق تجذّره، في هذه المنطقة، وقد سبقني إلى الإقامة فيها، عدّة قرون! وأدركتُ أيضًا أنّ العيش المشترك -بما هو عقدٌ إجتماعي- لا يصحُّ إلّا بين متكافئين، وأن يكونوا بكامل قدرتهم على التقرير ومتحرّري الإرادة، وإلّا شاب العقد عيبٌ، يؤدّي إلى بُطلانه. وأدركتُ كذلك، وهو الأهم، أنّ العيش المشترك في لبنان، وفي سائر الأقطار العربية، يُوجّه طعنةً نجلاء إلى الكيان الصهيوني، الذي يسعى جاهدًا إلى إعلان يهوديّة إسرائيل! وبذا يحقُّ للإرشاد الرسولي أن يذهب إلى القول :"لبنان أكثر من بلد، إنّه رسالة حرّية ونموذج في التعدّدية، للشرق كما للغرب"(الإرشاد الرسولي الذي أطلقه البابا يوحنا بولس الثاني، في 7 أيلول 1989)"..من هنا يجب علينا، كمسلمين، أن نسعى جاهدين إلى إبراز عناصر القوة، لدى شركائنا في الوطن، من موقع الندّية، لا عن تفضّل، ولا عن إحسان أو تسامح، بل عن اقتناع راسخ بأنّ مصلحتنا المشتركة تقتضي ذلك.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق