وَجدٌ ووِصالٌ للشَّامِ مِرسالٌ/ جورج عازار



دمشقُ

فيك نصفَ العُمرِ

وما تبقَّى في رُبا قاسيون

انتظارُ

في الغُوطة تهيمُ الرُّوحُ

في معارجِها

ولوعةُ الهُيام للمُشتاقِ

إيثارُ

***

عَفوكِ يا شامُ

إن خانَكِ اغتِرابي

فإنَّ الفؤادَ

ما يوماً أخلفَ

ميثاقَ الهوى بيننا

أو أغشى الجَوَى 

غدرٌ وإنكارُ

كُلّ الحِسانِ وإن كانت

دانيةٌ قطوفها

لكنَّه ما حنَّ يوماً لغيركِ 

أو رقَّ واشتَهى

أو أعرضَ عن دُروبِ الوَجدِ خِسَةً

أواعتَرى الصَّبوةَ إضمارُ

كُلّ السَّماواتِ 

بمطرٍ وثلجٍ تجودُ

وسماءُ الشَّامِ

بالزَّنبَقِ والنَّارنجِ تَزدانُ

***

بَوحُ الحَبقِ

 في فضاءاتِ جُلَّقَ

يغازلُ شِغافَ الجَنَانِ

بحُلوِ الأريجِ

وفي حناياهُ 

ينسكبُ ويُسالُ

***

دمشقُ ودَدتُ لو ألقيتُ

على حُسنكِ الفتَّانِ خِماراً

فغيرتي وَجَعٌ

وبُعدي أنينٌ

ودولابُ الزمانِ

خَوَّانٌ وغَدارُ

***

رِفقاً بِنا يا ريحُ

إن تعصُفي فلا تَقسَي

ولا تَمحَي أطلالَنا

ودعي ما تبقى لَنا 

فوق تلكَ الدروبِ

من خطواتنا نقوشاً

تدلُّ عَلينا

وتَحكي عَن ولُوعِنا أثارُ 

***

في الزَّبداني وبلودان

نسائمُ تعرِفُنا

وتقرأُ بوحَ الحنينِ

في الأحداقِ وفي المُقَلِ

تختبئُ بينَ القَصَائِدِ 

وقَوافيَ الأشعارِ

في صَمتِ السُّكونِ

وفي الصَّباحاتِ 

تُغازلُ بحُنوِّها حَبَّاتَ الكَرَزِ

وتُراقصُ براعمَ الجُلنارِ

ومياسم َالورد ِالجُّوري

عِناقٌ واشتياقُ

*** 

على صُّخورِ صيدنايا

وفي حَنايا المَزارِ

تَركْنا بِضعةَ قُلوبٍ تَخفقُ

وفي فَجِّ مَعلولا

حَفرنا بين الجنباتِ

رسوماً وأسماءَ 

لا يغشاها نِسيانٌ ولا إغفالُ

*** 

في الحميدية يتعالى صَخبٌ وضَوضاءُ 

 ومسَاومَاتُ تُجارٍ

والأحاديثُ تَلهيةٌ وطَرَبُ 

ووشوشاتُ يَمامٍ عِندَ المَغيبِ

ومن كُتُبِ التَّاريخ عبقٌ

ما نطقت شفاهٌ بمثلِهِ

 ولا باحتْ بسِحرهِ الأسرارُ


يا سائراً بين البابِ الشَّرقي

وبابِ تُوما

تَمهَّلْ وانصُتْ خاشِعاً 

صَدى الترانيم تنتظمُ

وعبقُ البَخُّورِ

 تَضَوَّعٌ في حناياها

وأنوارٌ كأمواجِ الشَّمسِ تندفِعُ


في دُّروبِ القَصَّاعِ أُغنيةٌ

وألحانٌ تنبعثُ

 أمتعَ من صَّوتِ نايٍ وقيثارِ

على وَقعِها تَنهَلُ الرُّوحُ

من موائدِ الذِّكرَى

صُنوفاً من الطيِّباتِ وتلتهمُ


سندريللا المَدائنِ شآمُ

يحرِسُها في الدَّياجيرِ

ضياءُ النجومِ 

وجوقةٌ من الأقمارِ

بشُعاعٍ من لُجينً

في كُلِّ أُمسيةٍ

تَغسلُ وجنتيها وتَلثُمُ

فتَتِمُ المَلاحَةُ في حَناياها

والحسنُ النضيرُ فيها يَكتملُ


- ستوكهولم


هناك 4 تعليقات:

  1. بوح عميق معطر بشذا الحنين والشوق لربوع الوطن الحبيب..
    بوح نقي كالماء الزلال ..كنور القمر في سماء الفيحاء
    ما أروع ان تكون بين بساتينها وجمال رياضها وكل التراب الندي ..

    ردحذف
    الردود
    1. كل الشكر والتقدير للمرور الراقي

      حذف
  2. قصيدة جميلة لعاشق دمشق المستحقة بديع حروفه وصادق مشاعره .

    ردحذف
    الردود
    1. جزيل الشكر للمرور الراقي كل الود والتحايا

      حذف