الطّرف الآخر وقصص أخرى قصيرة جدّا / حسن سالمي



المُعذّبون

       أظلُّ أتأمّله بعين حاسدة وأقول:

    "ليتني كنت كهذا الهرّ أتسلّق الجدار مثلما يفعل، وأصيب من الأنثى ما يصيب... ليتني مثله أصطاد أيّ شيء ثمّ أنام قرير العين في أيّ مكان..."

    تتعالى طرقات على الباب... من المؤكّد أنّ أحد الجيران يأتيني بصدقة... أهمّ بالنّهوض فأشعر كما لو أنّ جبلا يجثم فوقي... نسيت أنّ ساقيّ ذهب بهما منشار الطّبيب...


الطّرف الآخر

" لستُ ذاهبةً إلى الجحيم ولكنّي خارجة منه "! 

*****

ما زلت أعي نفسي رغم إنّني قطّعتُ شراييني... أنظر فأرى شلّالات من نور تتدفّق من لا مكان وأسمع أصواتا لا أدري من أين تأتيني:

"ها قد رُفع عنكِ الغطاء!"

وتدكّني الخيبة أكثر وألحان عجيبة تهزّني هزًّا وتسري في روحي كما يسري الماء في الغصن الرّطيب...

"إنّه التّسبيح...!"


ما لا يُنسى

       في ذلك الصّباح البعيد استيقظت على زغاريد النّسوة ورائحة البخور والجير... وأحسست بالجميع يشملونني بنظرة اهتمام مبالغٍ فيها... 

    ألبسوني جبّة جديدة وملؤوا حِجري بالحلوى والفُلوس. ومع ذلك توجّست شرّا لاسيما وقد حُمِلت على الأعناق حيث يجلس ذلك البدين الغريب... وحتّى قبل أن يشدّوا وثاقي ويجلسوني قسرا على قصعة العود في صحن الغرفة المترب، كانت صرخاتي الملتاعة تخترق صوت الدّفّ والمزمار...


طواحين الهواء   

    امرأة ثقيلة الزّينة مكشوفة الحدائق والثّمار في يدها سوط، من حولها أصحاب الفخامة ذوي ربطات العنق والوجوه الطّافحة بالنّعمة يسبّحون بحمدها ويقدّسون... أسفل منها رجل رثّ الهيئة، خانع في ركوع. تلهب ظهره جَلدا فيصرخ ملء الأرض والسّماء. لكنّ صراخه يذوب في عاصفة من الهتاف والتّصفيق: 

"كلّنا عاهرات حتّى يسقط مجتمع الذّكورة !"




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق