وداع/ جورج عازار



يَعِزُّعليَّ الوداعَ

أنا الَّذي كُنتُ لِعينيكِ 

بحراً ومركباً

 وشراييني سِياجٌ

يَعِزُّ عَليَّ الفُراقُ

أنا الَّذي كُنتُ في سِفرِ أيامكِ

ضِحكةَ الفَجرِ

وحَكايا الأَمسِ

ودفءَ الشَّمسِ 

وفضاءاتٌ لا يحجِبُها خِمارٌ

أنا صَرخةٌ مكتومةٌ في أنفاسكِ

أنا الكَلمةُ الَّتي ما باحت

بِها لغيري أبداً شَفتاكِ

أنا لَونُ الحَقيقةِ

 وبقايا الظِلِّ في الأَحدَاقِ

أنا الباقي من بَقيتُكِ

 والجزءُ المُسافرُ من رُوحكِ

وهمساتُ الأسرارِ في عُزلَتكِ

أنا أنتِ الَّتي عَنها

 كُنتِ منذ عهودٍ غابرةٍ

 تَبحثين

أنا وجهُكِ الآَخرَ

وأنا الدَّمعُ وأنا ابتساماتُكِ

 في عُبُوسِ الزَّمانِ

وأنا طَعمُ الجُرحِ

ونَكهةُ الشَّوقِ

وزَغاريدُ الأحزانِ

أنا الطَّيف الَّذي في الحُلمِ

يُقبِّلُ جَبينَ غَدِكِ

ويدغدغُ زُهورَكِ البَريَّةِ

ويلثمُ وَهَجَ احتراقاتِكِ

ويَمحو الكوابيسَ من حَناياكِ

 ويترُكُ فوق وِسادَتِكِ

 غَيمةَ عِطرٍ

وبضعةَ ألحانٍ

ويكتبُ رسائلَ العُشقِ في حناياكِ

عزيزٌ عليَّ أن أُبارحَ 

لياليَ البنفسِجِ 

وأهيمُ في بَوادي الجِردِ

وفي شتاءاتِ العُتمةِ أَمورُ

وأَدعُ ذَاتي في ذَاتكِ تتوهُ

كيفَ أحيا وهي فيكِ

وكيفَ تَحْيَيْ وأنتِ فِيَّ

وكيفَ يصيرُ المرءُ شَطرين

بعدَ أن كانَ قَد اتَّحَدَ

عسيٌر عليَّ 

أن أُهيلَ التُرابَ فَوقَ رَمْسِ

الغَدِ الوَليدِ

الَّذي أصابَتهُ قُبلةُ الصَّبِ فَشَرِقَ

وغَصَّتْ بهِ عُتمةُ الأيامِ

فاعْتَلَّ واخْتَنقَ

هناك تعليق واحد:

  1. ككل قصائدك المتميزة بالشعور المتدفق والشحن ...تطربنا ونفرح معها بعيدا ونحط على حقول وفراشات وصداع يدمي القلب ..

    ردحذف