حكايات ليال ملاح: وهج الليلة التاسعة (هكذا كان)/ رحال لحسيني



"شهرزاد" تنهض من خياله، تستعيد عافيتها وبهاءها بعد متاعب فارقت فيها بهجتها وضحكاتها الخافتة اللذيذة، واستوطن الشجن الشقي دواخلها على من رحلوا أو تألموا أو قضوا ليال قاتمة في العراء.

"شهريار" يستعيد بعض وهجه، ينتشي من نضارتها ووميضها، يحزن لحزنها ويفرح لفرحها، قلبه معلق في صوتها وملامحها، في بسماتها وعبوسها وسكونها.

مرت أيام قاسية، حلت أيام لا تشبهها. كلما أومأت له أو خاطبته "هكذا كان"، دنياه منتشية، مقبلة عليه وهو سيدها، تدب حيوية الطفولة في عروقه حين تبتسم، وتزهى الحياة في عينيه.

وحين تعلو محياها زعانف موجة صاخبة كسمكة تقفز فوف بساط ماء اليَم الفسيح لتنفث توتر جسمها الطري ثم تغوص، تنفر روحه منه تبتل مسامه بضغط خانق لا يحتمل، وإن اشتكى مما حل به زادته غما وهما.

أيامه نبضاتها، وذكرياته تضاهيها، وآمالها تحمله إلى حيث تريد. "أن تلازم صحبة طيبة يزهر صداها في طيب روحك، وإن تفتحت في خاطر يومك غيمة حبلى بالردى أو الأسى هزمتك الأماني، وتجلت في وجهك مطبات الحياة".

هذا الليل جميل لا يريده "أن ينجلي" في صفوه وقيد هواه الذي لا يشتهي "أن ينكسر" يمتد في الحكاية إلى ليلة أخرى*.


وادي زم، 3 أكتوبر 2023

--------------------------------- 

* تحوير رمزي لسياق المقطع الشهير لقصيدة "لحن الحياة" لأبي القاسم الشابي، تكريما لهذا الشاعر العظيم وتحية لأصدقائنا والمناضلين التونسيين.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق