رغم ان نتنياهو اعطى أوامر لجيشه ، لكي يكونوا على إستعداد من أجل إقتحام مدينة رفح التي يتكدس فيها أكثر من مليون ونصف فلسطيني،جزء منهم نزح من شمال قطاع غزة ووسطها وجنوبها،وهناك مخاطر عالية، بأنه اذا ما نفذت هذه العملية العسكرية،التي يبرر نتنياهو المسكون بهاجس الغطرسة والعنجهية والحقد وعقلية الثأر والإنتقام، بأنها تأتي من أجل تحقيق الأهداف الإستراتيجية التي خرج هو وجيشه من اجل تحقيقها، القضاء على المقاومة الفلسطينية وفي قلبها حماس وإستعادة الأسرى عسكريين ومدنيين لدى المقاومة ،وكذلك ان لا ينشأ وضع كما حصل في السابع من أكتوبر الماضي، ان تشكل حماس والمقاومة ،مجدداً خطراً على مستوطنات غلاف غزة .
رغم أن وكالة الغوث واللاجئين " الأونروا" التي تستهدفها أمريكا و" إسرائيل" وتوابعهما من قوى الغرب الإستعماري بالتصفية "والشيطنة"،حذرت بشكل واضح بان هذه العملية العسكرية الواسعة من شأنها،إيقاع خسائر بشرية كبيرة ومجازر في صفوف المدنيين، الذين لا تتوفر لهم أدنى متطلبات الحياة الأساسية والخدمات الطبية والصحية والحماية،وكذلك ستؤدي الى تهجير قسري لعشرات الألاف منهم خارج حدود قطاع غزة نحو سيناء ومصر.
الإدارة الأمريكية كالعادة ممثلة برئيسها بايدن ووزير خارجيتها بلينكن، أبدت قلقها تجاه هذه العملية،والتي من شأنها ان توقع الكثير من الضحايا في صفوف المدنيين،ودون أن تمارس ضغوط جدية وحقيقية على " إسرائيل"،من اجل وقف هذه العملية ...فالأمور تنذر بأوضاع كارثية ،وربما عملية برية واسعة في رفح،تدفع نحو إنفجار إقليمي شامل.
هذه العملية التي تأتي في ظل رد المقاومة الفلسطينية على ورقة الرباعية الأمنية التي انعقدت في باريس، من أجل الوصول الى اتفاق يوقف إطلاق النار وينهي العدوان" الإسرائيلي" على قطاع غزة،ويسحب قواتها بشكل شامل من القطاع،وما يتصل بهذين العنوانين من عناوين فرعية متعلقة بالإغاثة والإيواء وإعادة الإعمار ورفع الحصار وفتح المعابر وتبادل الأسرى،مع تحديد آليات تنفيذية وعملية لتحقيقها بجدول زمنية محددة.
هذه الرد رفضته " إسرائيل" وقالت بأن التفاوض يجب ان يجري وفق ورقة باريس الرباعية،ورفضت أغلب التعديلات التي أدخلتها حماس والمقاومة الفلسطينية ،رفض وقف إطلاق نار شامل،وقف الانسحاب الشامل،ورفض إطلاق عدد كبير من الأسرى الفلسطينيين...الخ.
الرد " الإسرائيلي" سلم الى مصر وقطر ،ولكن هذا لا يعني بأن الباب أمام عقد صفقة لتبادل الأسرى قد أغلق،فبلينكن،والذي أعتقد انه ينطق باسم " إسرائيل" ،والذي عبر عن يهوديته مع بداية معركة 7 أكتوبر،وشكل لوبي صهيوني قوي في الإدارة الأمريكية مع جاك سلفيان مستشار الأمن القومي الأمريكي ووزير الحرب الأمريكي لويد اوستن،من أجل التبني والتماهي مع الموقف " الإسرائيلي" فيما يتعلق بحربها على قطاع غزة،وتوفير كل الدعم والإسناد العسكري والمالي والسياسي والإعلامي والإقتصادي لها،وعمل شخصيا على تخطي الكونغرس الأمريكي مرتين في 6 و 19 كانون أول/2023، من اجل تمرير صفقات أسلحة بقيمة 248.5 مليون دولار، تشمل قذائف دبابات ومدفعية وبنادق قنص وغيرها.
بلينكن قال بأن رد حماس على ورقة باريس الرباعية، رغم المبالغة فيه،ولكنه يوفر فرصة للإتفاق ،وأعتقد بأن ما قاله الرئيس الأمريكي بايدن،وبما يشكل تغير في الموقف الأمريكي ، لجهة الضغط على الحكومة " الإسرائيلية" بأن الرد "الإسرائيلي" على معركة 7 أكتوبر تجاوز الحدود ،وبأن حماس لم تعمل على تخريب التطبيع السعودي الأمريكي ،والإشارات بأن أمريكا قد تعترف بدولة فلسطينية،وإن كان هذا من باب " الببروغندا" الأمريكية المعهودة،وأن هذه الدولة ستكون على الورق،ولكن هذه رسائل مزعجة لحكومة " إسرائيل"، والقول لها بأن هذه الحرب قد استنفذت أهدافها وأصبحت تكلفتها اعلى بكثير من العائد المتحقق منها.
من بعد تسليم الرد " الإسرائيلي" لمصر وقطر وسفر وفد " من المقاومة الفلسطينية الى مصر،ووفد أخر " إسرائيلي" وإحتمال قدوم مدير المخابرات المركزية الأمريكية وليم بيرنز الى القاهرة، لدفع مفاوضات صفقة التبادل الى الأمام، يعني بأن إمكانيات الوصول الى نقطة إلتقاء توقف الحرب على قطاع غزة وإنسحاب " إسرائيلي من قطاع غزة،وصفقة تبادل للأسرى تقترب من شروط المقاومة لن تطول .
ولربما الأمور تحتمل أسابيع من 2 – 6 أسابيع وقبل شهر رمضان ويجري تنفيذ الإتفاق ...وستكون تلك الأسابيع، تفاوض تحت النار، حيث سنرى تصعيدا عسكرياً وأمنياً على جبهة قطاع غزة،ومناورة برية محدودة على مدينة رفح،لم تصل حد الإجتياح البري الشامل ، والتفاوض تحت النار يشمل كل الجبهات المساندة اليمن والعراق وسوريا ولبنان...وهذا التصعيد لن يصل الى حد التوسع نحو حرب واسعة او شاملة ، سيكون من أجل تحسين شروط التفاوض وتخفيض سقف المطالب، التي طرحتها حماس في تعديلاتها على ورقة باريس الأمنية التي كانت صياغتها امريكية- اسرائيلية ،لخدمة هدف وحيد،هو السعي لإطلاق سراح الأسرى العسكرين والمدنيين عند حماس والمقاومة الفلسطينية.
لا يوجد موقف إسرائيلي موحد حول إستمرار الحرب،وبأنها الطريق الأمثل للضغط على حماس والمقاوم الفلسطينية،من أجل إطلاق سراح الأسرى " الإسرائيلين، بل هناك اعتقاد عند أهالي الأسرى ومعهم عدد من اعضاء مجلس الحرب غانتس وايزنكوت، بأنها ستقضي على من بقي منهم أحياء وسيعودن بتوابيت وليس أحياء،وأن نتنياهو معني بأستمرار هذه الحرب خدمة لأهدافه الشخصية وإطالة امد تحالفه السياسي ،بما يعني عدم وجود موقف موحد من الحرب واسترمارها،وهذا يعني المزيد من التصدع في المستوى السلطوي،وربما يتفكك مجلس الحرب ،وهناك من يقول بأن هذه الحرب لا طائلة منها وأضحت حرب عبثية، فرئيس الوزراء الأسبق يهودا اولمرت قال، في 7 أكتوبر لأول مرة في تاريخها،تلحق بها هزيمة عسكرية واستراتيجية،وتبجح وتفاخر نتنياهو وتعهدات غير قابلة للتحقيق ،لن تغير في المشهد ولن تعيد اسرى بدون تفاوض ولن تقضي على حركة حماس، بل سيجري التفاوض معها ...ولذلك التهديدات بإجتياح رفح ،هي حرب في الجانب النفسي ولتحسين شروط التفاوض على ضفتي الحرب،وعلى صعيد الجبهات المساندة،وتخفيض سقف المطالب...الحرب تدخل نهاياتها والتفاوض سيستمر بالنار على السقوف والشروط ..واجتماع الرياض السداسي التشاوري الذي دعت له السعودية،وحضرته الى جانبها مصر والأردن وقطر والإمارات والسلطة الفلسطينية،عدا عن رفض هذه الدول لقضية التهجير بحق الشعب الفلسطيني،وضرورة وقف العدوان " الإسرائيلي" على قطاع غزة،والإنسحاب العسكري "الإسرائيلي منها،ووقف كل الإجراءات والإستهدافات بحق وكالة " الغوث" وضرورة إدخال المساعدات الإنسانية غذائية وطبية بشكل كاف والإعتراف بالدولة الفلسطينية كاملة السيادة وعاصمتها القدس" الشرقية ، ولكن تشكيل لجان تشمل محاور اغاثية وسياسية وامنية وتوزيع أدوار بين تلك الدول، لم يكن ليتم لولا ضوء أحمر امريكي بأن الحرب تقترب من نهايتها .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق