الجزائِر وَسَطَ الرَّقْمِ الدَّائِر/ مصطفى منيغ



للتكبُّر أو الاستعلاء أو الترفُّع موعد حتمي لرجوع المَعْنِي المُصاب بعِلَلِه إلى أقلِّ مِن حجمه الطبيعي المُعتاد متى صدمته سُنُن الطبيعة المُسَّخِّرَة فيما تُسَخِّرُهُم الزمان ، أنَّ العقلَ مهما زاغ لعوامل خارجة عن مهمَّته كمُوَجِّهٍ لصاحبه نحو جِدِّية التصرُّف ومنطق الوقائع المُرَتَّبَة لمُسايرة الحياة على أحسنِ تقويمٍ وأطيب نعيمٍ بأدقِّ تنظيم يعود لمن خُلِق كإنسان ، محدودة صلاحية بقائه مفروشة سبل تعميره في الدنيا بما لا يزيد عن حاجياته فوق المسموح له كما نُبٍّهَ من قبل عن ذلك إن آمن بعقيدة تعلّمه أسرار فتح مزلاج النجاة حيث لا جاه ولا مال ينفعه سوى ما طبَّق من تعاليم منَّ عليه بها الرحيم الرحمان ،  الدول لا تنأى عن مثل القياس إن ساسها مَن أراد لنفسه ولها حسن ختام إذ دوام البقاء محسوم لا رجعة فيه كان ما كان ، فالأصوَب من الصواب أن تتصرّف كل منها على حدة بما يُمَكِّن التنافس  المشروع بينها القائم على الاجتهاد غير الممنوع الضامن نتائج تعود بالمفيد على الجمع العمومي المجموع بالخير والأمن والاستقرار والإحسان .

... ذهبت الجزائر بإيعاز ممَّن يرأسها لتعبِّر دبلوماسيا ما لم تقم به بوسائل أخرى وهي قادرة على ذلك بما تملك من ثروات ومنها إنتاج النفط كأضعف الإيمان ، ذهبت للدفع بتبادل الكلمات المعاد مضمونها من طرف مندوبي الجهات الرسمية العربية المعتمدة في هيأة الأمم المتحدة الموزعين على المؤسسات التمثيلية المُخصصة حسب تنظيم ذاك المَحْفِل الكبير المُفْرَغ صراحة من تأدية واجب الحفاظ على العدل والسلام الدوليين بسب طرفٍ مُهيمِن بحصانة الفيتو ذي الموقف الصارم المَنْعِ المتين الأركان ، ذهبت وهي مدركة كمندوبها أن النتيجة ستكون واحدة دون تغيير ما دام العرب في كفة وتصرفاتهم فيما بينهم في أخرى لميزان مُرَنِّح لثَباته ريح عدم الآتفاق الهَبُوب بين الخليج والمحيط مهما كان الميدان ، سياسياً عسكرياً اقتصاديا حتى عاد الحديث في موضوعهم يُبعد المتحدثين به عن أي جَدْوَى أو اطمئنان ، ولم يكن للمجهود الجزائري الرسمي أي أثر يُذكر باستثناء تغطية حاجيات إعلام محلي لنشر نشاط لا يخرج عن البساطة ولا يغني عن وقائع معاشة يحياها  العالم العربي المكدَّسة جوانبه الرَّسمية بالخيبة والتخاذل والفشل حيال جزء لا يتجزأ منه يتعرض للإبادة على مرأى ومسمع 21 دولة من دوله ذات السيادة بمفهوم اليقين دون التوضيح بالإكثار من البيان.

...الولايات المتحدة الأمريكية ركَّزت في عرقلتها إصدار أي قرار يوقف مجلس الأمن عدوان إسرائيل على قطاع غزة بسبب أمرين اثنين كلاهما يغطيان عجز أي بديل مُعزَّز بالبرهان ،  عدم إدانة حماس عمَّا قامت به يوم السابع من أكتوبر الماضي أولاً والثاني التوقيت لم يكن أساساً مناسباً مادام هناك تفاوض يجري بالقاهرة حول موضوع إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين لدى منظمة حماس وما أَتْلَى الأمرين معا يرمز للموقف الكئيب الحزين المُمَرَّغ في البُهتان ، لأكبر دولة  المتكبِّر المُتعالَى المترفِّع تصرفها الرسمي غير المنصف اتجاه فلسطين المُستضعَف حالها لرضوخها تحت مذلة احتلال منزوع الرحمة لتكون الوحيدة في  العالم وهي تساند الظلم وأشد بل أفظع أنواع العدوان .

.. الجزائر بقدر ما وضعت نفسها وسط الرقم المستدير المُدار بقدر ما أرادت تقليد دولة جنوب إفريقيا حِرصاً منها على تبيين اهتمامها الكبير بالقضية الفلسطينية وما يحدث داخل قطاع غزة على وجه الخصوص من غليان ، بطريقة أيسر منها فعلاً و تدبيراً وانجازاً ما كان ، اعتماداً على حشد مؤيدين مهما حمَّستهم العاطفة عن مقاسمة نفس اللغة إلا أن تصويتهم لن يؤدي لنتيجة توقف ما ترتكبه إسرائيل ما يعجز عن ارتكابه الشيطان ، غير منزعجة لأنها لا تقيم وزناً لما يظهرونه مادام المكنون سره عند جل رؤسائهم مضبوط بتنسيق مباشرٍ مع إدارة البيت الأبيض الأمريكي بالمرموز فالواضح المصبوغة علاماته بكل الألوان . هذا لا يقلِّل من أهمية الدولة الجزائرية وإنما يفسح المجال أمامها لاتخاذ ما يمكن اتخاذه (إن رغيت طبعا) إنقاذا للكرامة العربية وحفاظاً على صمود المقاومة الفلسطينية حتى تحقيق النصر المبين في أقرب الأوان ،  وذلك بإقناع الأردن على تحمُّل مسؤولية تزويد غزة شعباً ومقاومة بكل الحاجيات الضرورية للبقاء حيث يجب عليهما البقاء ما دامت إسرائيل بما تسعى من وراء أعمال إجرامية جد خطيرة  هدفها امتلاك تلك الأرض فارغة من أهلها وذاك لا يحتاج لمزيد شرح وتعميق إعلان ، الجزائر بما لها من إمكانات مادية ضخمة والأردن بقربه لمواقع تسهيل الاتصال المباشر في عين المكان ، وللجزائر من العقول النابغة ما تدرك به أي تخطيط قوامه إنجاح مثل العملية في أمن وأمان .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق