الدولة هنا بكل مؤسساتها العسكرية والأمنية والمدنية في جميع المجالات والتخصصات تعمل وتجتهد وتبتكر ليرتاح الشعب وبحقوقه الكاملة يتمتَّع ، عندنا العكس هو الصحيح الشعب بكل فئاته وطبقاته الاجتماعية وأغنيائه وفقرائه ومعدميه عن طواعية أو كره جهرا أو سراً في خدمة الدولة ويا ليتها في يوم أو شهر أو سنة تكون شبعانة ولو الشعب في كل جهات البلد يُعد البعض من أفراده قي تعداد الجِياع ، لهذا تقدموا في اسبانيا وتأخرنا التزموا التطلُّع للأحسن بهدوءٍ ونحن في نقاشات برلماننا بغرفتيه نظل متخبٍّطين فيما يُفَتِّتُ جَمْعَ كل اجتماع ، بل تطوروا وتقهقرنا ولا مجال للمقارنة ونحن نتقاسم ضفتي البوغاز عن بعد يُغري بجدية الاستماع ، لاقتراحات قابلة للتَّطبيق لو أردنا الخروج للدنيا بأتم حقوق ونصيب أوفر ممَّا تتيحه أرضنا من أرزاق ومتاع ، ولكُنَّا أسياد مشاريعنا بدل مستثمرين غرباء يمتصون رحيق مؤهلاتنا ويستغلون سياسة حكومة غير منسجمة أصلا معنا وعرقنا كعمال ناقصي أجر وما يتمتعون به من أرباح عن إنتاج نحن له في جميع المراحل صُنَّاع ، شيء مقلق للغاية لو استمرَّ وما يحجبنا عن النهوض بالكيفية وما عن صمتنا المثالي هنا في الغرب شاع ، الممزوج بالاستغراب أن يكون المغرب بمعادنه الثمينة وخيراته وبخاصة أرضه السخية العطاء وشعبه على هذا المنوال من الضياع .
الدولة هنا في اسبانيا عبارة عن مؤسسات دستورية ليس القضاء وحده مستقلاً بل كلها تمتاز بصلاحيات أخذ القرار حول ملفات من بينها المطالِبة بالاستعجال إذ الوقت عند الاسبان أصبح يساوي قيمة العُملة الصعبة ، لا مجال للثرثرة والرجوع لأعلَى درجات السلَّم والانتظار حتى يستيقظ ذاك الموظف السامي مَن اسْتَحْلَى استرخاء القيلولة ليبث في الأمر بدون الرجوع لمن فوقه وما فوقه لمن فوقه إلى آخر مَنْ فوق يترقَّب الأخذ وليس العطاء ، إن كانت القضية تُراعي السياسة الحالية المضبوطة على إبقاء الحالة على ما هي عليه ، أو خروجها يقتضي التقصِّي المزدوج لإرجاع عقول أصحابها لقناعة القانعين المنتظرين للتطوُّر وفق مراحل تحددِّها الدولة وليس سُنَّة حياة السياسيين الذين يستعجلون ليستفيدوا قبل غيرهم علما أن للاستفادة في المغرب قواعد وأعراف وركوع وسجود وتقبيل أيادي وطاعة عمياء ولو ضد تعاليم السماء .
هنا في اسبانيا المواطن يحكُم بنفسه على نفسه يختار وفق مؤهلاته الفكرية أي اتجاه سياسي يراه الأنسب لذاته وشخصيته مُنَظمَّ بقانون في حزب سياسي أكان مواليا عن دراية وتتبُّع للحقائق المعلنة الصادقة المعطيات الملتصقة بالحياة العامة مهما كان الميدان ، أو معارضاً مبنية أسس انتقاداته على المطالبة بالتقويم أو المحاسبة أو الأخذ بتجربة أيسر وصولاً للأفضل وأزيد توضيحاً للعديد من المسارات التي تصبُّ كلُّها في تحسين مصادر العيس السليم و ضمان الاكتفاء الذاتي والاحتياط الواجب استدراك تحدياته لأيام عصيبة قد تجتاح البلد لسببٍ خارجٍ عن إرادة شعبها كالكوارث الطبيعية . عندنا لا يتمّ التفكير في الانتساب للأحزاب السياسية المُعترف بها إلا ساعة الانتخابات ، ومِن طرف المنتمين الحاصلين على "تزكيات" الترشيح ، بما يبعث عن الضحك إن شبهنا بعضنا بالرسوم المتحركة أو أُطلِق عن بعض أخر وصف باعة مستقبل المجتمع بأبخس ثمن ورقتين من فئة المائة ومِن أغلب هؤلاء كانت تتأسس في السابق أسمى مؤسسات الدولة كالبرلمان بغرفتيه ، فأي مهزلة أكبر من هذه وأي صيت يتردَّد صداه في أوربا عن طريق جارتنا الأقرب ، العليمة حقا بمستوانا السياسي ، المُدركة به ليس الحفاظ على مصالحها الحيوية وما أكثرها وحسب ، وإنما استمرار الضغط لعلنا ننسَى أن أجزاء من أراضينا لا زلت مستعمرة من طرفها . الإسباني غير متابع من طرف الدولة بشكل ينغص حياته يعيش على طبيعته مادام يحترم القوانين التنظيمية المعمول بها مهما كان الاختصاص ، أمامه الإنصاف متى تقدَّم للحصول على ميزة يسعى إليها أكانت رخصة يزاول من جرائها حرفة خدماتية متخصِّص أو متدرب في شؤونها ، أو عملا تساعده الدولة في الحصول عليه يلائم مؤهلاته دون مماطلة و كثير انتظار مادام الأمر مفصل في مكاتب مؤسسة لمثل الغاية مفتوحة حيال الجميع بدون مقابل ، عندنا في المغرب المواطن مراقب من طرف أكثر من مسؤول منهم المُقدّم والشيخ والخليفة والقائد ورئيس الدائرة وعامل الإقليم (محافظ المحافظة) ووالي الجهة ووزير الداخلية والشرطي والدركي ورجل الاستعلامات العامة والمخابرات ذات المهام والفروع والانتساب المتعددة ، كن المواطن مصدر أي نكبة يجب الاستباع لمعرفة كل تفاصيلها قبل أن تقع ، لذا قائد المقاطعة يبدأ نهاره في الادارة باجتماع مع مقدمي الحارات الكائنة ضمن نفوذ مقاطعته ليستمع لأغرب تقارير في أسلوب غير مكرر على طول وعرض الكرة الأرضية ، تقارير عن "فلان" اتَّجه لصلاة الفجر وأخر اشترى علبة دخان وكناش رسائل وثالث دخل السوق وخرج منه متأبطاً كيساً لم يدرك المقدم ما بداخلة أفاكهة من الفواكه أم سلعة أخرى لينهره بشدة وينعته القائد بعدم أداء مهمته على الوجه المطلوب مما قد يعرض المقاطعة لخطر داهم . ترى بهذا تبني الدولة المغربية خلال الألفية الثالثة أيضا مستقبل تطور شعبها ، أم تكرّر ذلك حرصا على إطالة مستقبل من يحكمونها بطرق لم تعد مفهومة أبداً ولا يصدِّقها عاقل مِن الدول التي تحترم نفسها ومواطنيها ومن هذه الدول اسبانيا .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق