جامعة هلسنكي
هذه ترجمتي إلى العربيّة لمقال الصحفيّ چدعون ليڤي بالعبريّة المنشور في جريدة هآرتس في الثامن والعشرين من تمّوز 2024.
عار عليكم يا أعضاءَ مجلسي الشيوخ والنوّاب. لقد عقدتمُ الأسبوعَ الماضي واحدًا من أكثر الاجتماعات المخزية التي عُقدت على الإطلاق في تلّة الكابيتول. لقد هتفتم لرجُل دولة غير مرغوب فيه اليوم في أيّة عاصمة ديموقراطيّة في العالم، ومنحتموه شرف الملوك؛ لقد هتفتم لشخص لشخص قد يصبح قريبًا مطلوبًا لدى محكمة العدل الدوليّة في لاهاي؛ إلى رجل متّهم بارتكاب جرائم حرب خطيرة وبإدارة واحدة من أكثر الهجمات وحشيّة على السكّان المدنيّين العاجزين. لقد أسأتم لبنيامين نتنياهو.
بينما ينكمش/ينقبض الكثير من الإسرائيليّين خجلًا عند رؤية الكنيست خاصّتهم، بأنّ البرلمان الأهمّ في العالم عرض عارًا أعظم: مسرح الدمُى. يقفون ويهتفون مِرارًا وتَكرارًا لكلّ كليشيه كاذبة، كرجل واحد تقريبًا. باستثناء التغيّب عن الاجتماع كما فعل العشرات من المشرّعين الديمقراطيّين، لم تسمعوا عن أساليب الاحتجاج البرلمانيّة؟ تركوا الطقوس الأمريكيّة على ”فيّالها“ بدون تحفّظ؟ فقط الهتاف كمجموعة من الحمقى والجهلة؟ هل أنتم جميعًا حقًّا تؤيّدون القتل في غزة؟ ما هي ربّما الإبادة الجماعيّة وحتمًا تدمير المنازل؟ هل عرفتم أصلًا لماذا تهتفون؟ لماذا قمتم عشراتِ المرّات عن مقاعدكم؟ لماذا احترمتموه؟ بسب القتل الجماعيّ الذي لم يكلف أحد نفسه عناء ذكره ولو بكلمة وكأنه غير موجود؟ لقد هتفتم لقتلة آلاف الأطفال، للذين جعلوهم أيتامًَا ومعوّقين ومبتوري الأطراف ومضروبين وجائعين ومرضى ومفقودين.
لقد هتفتم لخطاب مصقول ولامع - وأجوف بنحو مؤلم - لا يحتوي ولو على كلمة واحدة تمُتّ إلى الواقع بصلة. ولم ترد فيه جملة واحدة يقصدها مُلقي الخطاب - بدءًا من جهوده لتحرير المختطفين إلى الرؤيا التي قدّمها بصدد مستقبل غزّة، والتي ليست سوى رؤيا العِظام الجافة إلى الأبد. لهذا هتفتم أيّها المشرّعون الأمريكيّون. كيف يمكن أصلًا الهتاف في تمّوز/يوليو 2024 لنتنياهو؟ باستثناء الكوفيّة التي اِرتدتها رشيدة طليب والغياب الجليّ لحفنة من أصدقائها، فإنّ مجلسي الشيوخ والنواب وقفا ليقولا لإسرائيل: ما تفعلونه/ترتكبونه بغزّة يتمّ باسمنا. نحن مع القتل والدمار، واصلوا انتهاك القانون الدوليّ، تجاهلوا موقف العالَم وصدمتَه واشمئزازه، فنحن معكم في همجيّتكم.
لقد قبِلتم أيضًا كلّ الحِيل والأحابيل الرخيصة والمُحرجة إلى حدّ التقزّز للدعاية الإسرائيليّة، التي لا ترى سوى السابع من تشرين ثانٍ/أُكتوبر، لا شيءَ حدث لا قبله ولا بعده. مثل المتسوّل الذي يكشف عن عاهته ليحظى بالصدقة. لقد عرض نتنياهو عليكم جنديًّا إسرائيليًّا مبتورَ اليد، وجنديًّا أسمرَ البَشرة، وجنديًّا بعّكّازين، ومخطوفة محرَّرة، وأحد أفراد أّسرة مختطف لم يعُد، وأنتم كِدتم تمسحون دمعة. وماذا عن آلاف الضحايا الفلسطينيّين من قتلى ونازحين/مهجّرين ومعوَّقين وجرحى، وكذلك المختطفين الفلسطينيّين الذين يتحلّلون حرفيًّا في المعتقلات في إسرائيل؟ هل سمعتم أصلًا عنهم؟ هل مصيرهم يهمّكم؟ لماذا هم لا يستحقون عطفكم وتعاطفكم؟
لا أحدَ أنقذَ شرفَ السلطة التشريعيّة في أهمّ قوّة في العالم. لا أحدَ وقف، ولا نطق بمداخلة هشّة واحدة. مجلس الشيوخ ومجلس النوّاب اللذان يسجُدان لرجل دولة متّهم بارتكاب جرائم حرب. كأنّ غمامات/أغطية العين وُضعت على عيونهم. لقدِ اشتريتم افتراء/خدعة إسرائيل بأنّها تقف في ”واجهة/جبهة الحضارة“، دون أن تسألوا أيّ نوع من الحضارة هذه التي تقتل آلاف البشر دون تمييز. عن أيّ نوع من الوحشيّة/البربريّة تحدّث إليكم رئيس وزراء، يقوم جنوده بحضّ (بتَوْريب) كلب على شابّ ذي احتياجات خاصة وتركه ليلفظ أنفاسه الأخيرة، وبالمطارق يدمّرون جهاز التصوير بالرنين المغناطيسيّ (MRI) الوحيد في غزّة. لقدِ اشتريتم الخدعة/الكذبة بأنّ إسرائيل تدافع عنكم ، بل وتطوّر لكم منظوماتِ أسلحة لا تستطيعون إنتاجها. لقدِ اشتريتم/قبلتم بصمتكم حتّى المقارنة بينه وبين تشرشل، وبين تهديد النازيّين للعالَم وتهديد حماس له. لقد اشتريتم/قبِلتم كلَّ شيء.
عار عليكم، أيّها النوّاب غير المحترمين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق