So Will Get He Who Offends the Honour of the High Priest
بقلم الكاهن الأكبر عبد المعين صدقة (1927-2010)
جامعة هلسنكي
בנימים צדקה (כתב וערך), אוצר הסיפורים העממיים של הישראלים השומרונים. מכון א. ב. ללימודי השומרונות, הרגרזים–חולון, 2021, כרך א’ עמ’ 262- 265.
معرِض الشبّان السامريّين في نابلس سنة 1986
ترى يا سيّدي الحاكم، إنّك ترى هذه المعروضاتِ الكثيرة. هل ترى الكتُب والرسومات والصورَ؟ هذا كلّ ما قام به شبابُنا في نابلس لعرض ثقافتنا وتقليدنا وكلّ ما أنجزنا طوالَ حياتنا، للمهتمّين.
تعالَ لأُريكَ شيئًا يُبهجك. أترى هذا الصّفّ من المخطوطات؟ هنا في الغرفة، تحتَ صوَر الكهنة الكبار، منذ شيخي الكاهن الأكبر عِمران سلامة ولغاية الكاهن الأكبر ثقي توفيق؟ قسمٌ كبير من هذه المخطوطات هو من تأليفي. إن أردتَ فأمامَك في المعرِض كلُّ ما فعلتُ في حياتي من أجل ثقافة الطائفة وأدبها، في أيّامي ولياليّ، في ساعات المساء المتأخّرة وفي ساعات الليل المبكّرة [هكذا في الأصل، בשעות הערב המאוחרות ובשעות הלילה המוקדמות].
اُنظر، ها هو كتابٌ جمعتُ فيه كلّ الأسماء الواردة في التوراة، أسماء أماكن، أسماء أعلام، أسماء آباء الأُمّة [المقصود مثلا: المخطوط: الدرر الفريدة في شرح وتفسير الأسماء المجيدة الواردة في التوراة المجيدة/الشريفة العتيدة، نابلس 1981، 256 ص. من القطع الكبير]، وكتبت أصلَ كلّ واحد منها وما كُتِب عنه في التقليد السامريّ. أدرجت أسماءً كثيرة في هذا الكتاب. هل ثمّة اسم توراتيّ غير مذكور في هذا الكتاب؟ نعم، الأمين لفت اِنتباهي إلى غياب ”الأرض المختارة“ [تكوين 22: 2، המוראה في التوراة السامريّة و המריה في التوراة اليهودية] وعندها لم أتوانَ وتسنّى لي إضافتها. أو مثلًا اُنظر إلى هذا الكتاب ”سيرة هارون“ [بحوزتي أيضًا نسخة من هذا المخطوط من المؤلِّف، 93 ص.، نابلس 1979] أو الكتاب الذي بجانبه ”الشرح الموسّع على ضربات مصر“. [نسِي ذكر كتابه المخطوط: سبيل اللهفان لمعرفة الإيمان، 255 ص. 1980. عن الكاهن الأكبر عبد المعين صدقة اُنظر: حسيب شحادة، https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=206356 ]. وها هو كتاب آخرُ لي جمعت فيه كلّ ما نظمتُ من أشعار [المقصود بحسب علمي: ديوان شعري وسقط قلمي] منذ أن أمسكت بالقلم.
لكن، إن أردتَ أن ترى حقًّا زاويتي الخاصّة في المعرِض فهي زاوية حساب التقويم. هناك وضعت مخطوطة قديمة توضّح طريقة حساب التقويم السامريّ لقرون، وكذلك حسابات أعددتُها بنفسي. أنت تسمع ما يقول الأمين عنّي: أنا خبير الطائفة بموضوع حساب التقويم، إنّه يعرف ما يقوله. نحن جميعًا نبذُل قُصارى جهدنا ولا يتوقّع أحدٌ منّا الشكر من أحد.
إنّك ترى يا أمين مئاتٍ من جيراننا يأتون لمشاهدة افتتاح المعرِض. هذا يبيّن أنّ هناك تغيّرًا في العلاقات بين السامريّين وجيرانهم، مقارنة بتلك الأيّام الصعبة التي شهدتها هذه العلاقات في الماضي. تعالَ إلى بيتي وأقصّ عليك قصّةً عن تلك الأيّام العصيبة في الماضي القريب.
خمس ليرات ذهب وخروف مشويّ من القربان
شفيقة، أم وضّاح، حضّري لضيفِنا فنجانَ قهوة. القصّة التي أريد سردَها عليك معروفةٌ لدى الطائفة منذ أجبال، وتُروى دائمًا في أيّام الفِسْح. لذلك، لا وقتَ أكثرَ ملائمةً لسردها من هذه الأيّام التي نستعدّ فيها للصعود إلى بيتنا على الجبل. إنّي أعرف هذه القصّةَ بحذافيرها، لأنّ بطلَها هو الكاهن الأكبر عمران سلامة الذي أنجب إسحق وسلامة، وإسحق أولد عمران وصدقة، وأنا ابن صدقة، رحمهمُ الله جميعًا. [عمران سلامة غزال 1809- 1874، لقّب بعُمران الزمان، زوجته الثانية لائقة ومنها أنجب الاثنين المذكورين ووردة؛ سلّم الكهنوت لابن أخيه يعقوب؛ باع مخطوطات لفيركوفيتش].
جرتِ الواقعةُ في القرن التاسع عشر. قبل الولوج لجوهر القصّة عليك أن تفهم خلفيّتَها. تلك الفترة كانت عصيبةً جدًّا للسامريّين. ونتيجةً لتدخّل القنصل البريطانيّ في القدس، جيمس فين، تمكّن السامريّون بعد عقود من السنين، مزاولة أداء قربان الفسح مجدّدًا في قطعة الأرض التي اشتراها إبراهيم يعقوب الدنفيّ العية في منتصف القرن الثامن عشر.
بعد ذلك التجديد، الاحتفال بعيد القُربان، ببضع سنوات، وجد السامريّون راعيًا جديدًا أو شريكًا جديدًا لاحتفالهم. أتى إليهم رجال القرية القريبة بورين، واقترحوا عليهم مقترحًا، فقبلوه لضعفهم الشديد وقلّة عددهم.
أصرّ مخاتيرُ القرية طَوالَ سنوات كثيرة، أن يدفعَ لهمُ السامريّون، رسومَ حِراسة على خيامهم في غضون مكوثهم على الجبل. كانت الرسوم بقيَم مختلفة: خمس ليرات ذهب وخروف من قربان الفسح مشويّ. قام السمرة بذلك خوفًا من منعهم من الوصول إلى جبل جريزيم. كان رجال بورين يقفون بجانب السمرة عند إخراج الخِراف من الأفران ويأخذون حصّتَهم من القربان. كلّ طائفتنا كانت يا ويلها، بحالة يُرثى لها من العار والمسكنة.
هذا ما كان طيلةَ كهانة الكاهن الأكبر سلامة غزال، وفي عهد ابنه الكاهن الأكبر عمران، والد جدّي. وفّرتِ الطائفة كلَّ عامٍ من أفواه فقرائها مبلغَ الخمس ليرات من الذهب، وهذا مبلغ ضخم جدًّا في تلك الأيّام، إذ كان يكفي لإعالة عائلة لسنة كاملة. وغرامة الحراسة دُفِعت لمختار بورين، ناهيك عن تكاليف شراء ثمانية خِراف للقربان، سبعة للطائفة وواحد لمختار بورين.
مختار بورين يضرِبُ الكاهنَ الأكبرَ
ذات سنة، في يوم ”سبت الكاهن الأكبر“، بعدَ صلاة ظُهر اليوم السابق ليوم القُربان، وصل فجأةً مختار بورين، واحترامًا لأحفاده وأبنائهم الأحياء معنا اليومَ، لن أُفْصحَ عن اسمه، وصل خيمةَ الكاهن الأكبر عِمران سلامة. جلس آنذاك في مدخل خيمته، وجهاءُ الطائفة وابنا أخيه الشابّان يعقوب هارون وفنحاس إسحق. طالبَ المختار بصرامةٍ تسلّم فدية/رسوم الحراسة، خمس ليرات ذهب حالًا/ ”علْ مَحَلّ“، وليس كالمعتاد في يوم عيد القُربان.
حاول الكاهن الأكبر عمران جاهدًا تأجيل طلبه لانتهاء يوم السبت، إذ أنّ المال محفوظ عنده، إلّا أنّ المختارَ أصرَّ على تسلّم المال رأسًا. ولمّا لم يستجبِ الكاهن الأكبر صفعه المختارُ على وجهه، ثمّ دفعه وطرحه أرضا. يا له من عار.
لم يبق للكاهن الأكبر أيُّ خِيار. لقد عرف أنّ خطوةَ المختار ومعه رجالُه الجدعان التالية َ، ستكون إيذاءً بالنفس.
أعطى الكاهنُ الفديةَ للمختار. وهذا تسلّم خمس ليرات الذهب وهو يطلق أصوات إذلال من الشخير. من المفروغ منه صعوبة وصف حُزن الكاهن الأكبر والطائفة الصغيرة في تلك السنة.
ربطتِ الكاهنَ الأكبر عمران سلامة علاقةُ صداقة طيّبة مع حاكم قضاء نابلس. عندما نزل الكاهن لزيارة الحاكم بعد انقضاء الفسح، لاحظ الأخير أنّ وجهَ الأوّل لم يكُن كالمعتاد. كان وجهه مكفهرًّا أسودَ. ألحّ الحاكمُ على الكاهن الأكبر لمعرفة سبب مِزاجه العكِر هذا. بعد وقت طويل استجاب الكاهن الأكبر وتحدّث عمّا حدث له على الجبل.
ذُهل الحاكمُ ممّا فعل مختار بورين الوقحُ، أرسل بدون تأخير كتيبةً من الجنود لجلب المختار إليه للمحاكمة. حكم على المختار رأسًا بمائة جلدة بالسوط على ظهره في ساحة المدينة، معنى ذلك التسبّب الفوريّ بموت بطيء.
شفِق الكاهن الأكبر عمران سلامة عليه وطلب من الحاكم إلغاءَ الحُكم. لم يستجبِ الحاكمُ للكاهن بل أنذره بأنّه سيُجلد إنِ استمرّ بالإلحاح.
تقدّم أحد جنود الحاكم بإمرة الأخير لتنفيذ الحُكم. رُبط مختارُ بورين بعامود العار، نصف جسمه الأعلى عارٍ وهو يرتجف وينتظر جَلْدة السوط الأولى من المائة. صُراخه الرهيب إثرَ الجلدة الأولى، بيّن لآلاف المتفرّجين أنّه قبلَ بلوغ الجلّاد جلدته الخمسين لن يبقى مختارُ بورين بين الأحياء.
أخذ المختار بالزعيق وطلب الرحمة من الحاكم، بعد كلّ جلدة سوْط.
بجاه محمّد نبيّنا ارحمني، صرخ المختار. أمر الحاكمُ بتسريع وتيرة الجلدات.
بجاه الحاكم جلّ شأنُه، اِشفق على عبدك الأمين! غيّر المختار نغمة وأسلوب صراخه، إلّا أنّ الصيحاتِ الآنَ كانت أضعفَ. لم يستجبِ الحاكم وأمر بمواصلة الجلد.
حاول المختارُ مجدّدًا: بجاه شرف الكاهن الأكبر عِمران! تأوّه المختارُ بوَهن في الجلدة الواحدة والخمسين. أشار الحاكمُ بيده للجلّاد بالتوقّف عن الجلد وتسريح المختار المغْمى عليه.
عندما عاد وعي المختار، بعد أن صُبّ على رأسه دَلوان من الماء، تذكّر بأنّه حُرّر بفضل الكاهن الأكبر عِمران. التفت المختار وانقضّ على رجْلي الكاهن الأكبر وبدأ بتقبيلهما: أنا عبدُك الأمين، شكرًا لك لإنقاذك حياتي، لن أُسيءَ لشرفك أبدًا - صاح ودموعه تروي قدمَي الكاهن الأكبر.
من تلك السنة، أُوقف دفعُ رسوم الحراسة ومنحُ الخروف لمختار قرية بورين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق