غيوم/ الدكتور عدنان الظاهر

        


حينما تشحبُ الغيومُ أمامي

أُعلِّقُ نفسي على حائطٍ من دماءِ

صورةً شوّهتها الحروبُ مِراراً 

وشجاراً على قامةٍ من نخيلِ

وقميصاً ترتديهِ الدروبُ

على جَسدٍ في الفراتِ قتيلِ

أُعلّقها رايةً من سوادِ

وسيفاً تكسَّرَ في فورةِ المُستحيلِ

الغيومُ التي أمطرتني مِراراً 

والغيومُ التي مزّقتني مِراراً

ليس فيها شميمُ بُقيا تُرابي

وليس الكلامُ الذي بلّغتني كلامي 

فلا الطريقُ طريقُ

ولا مرامُ الجواري مرامي

ولا الدروبُ التي صيّرتني تُراباً دروبي

غيرَ أنَّ الغيومَ تبقى غيومي

والنجومَ التي أُطفِئتْ في الظلامِ تبقى نجومي...

كحِّليني يا رموشَ المنافي بهابطِ ظلّي

وأطِلّي على شُرفةٍ في مضاربِ عزلي

فإنَّ الغيومَ التي بارَحَتْ أَسقُفاً في الديارِ

مُثقَلاتٍ بمحّنةٍ من حَصارِ 

والوجوهَ التي تركتنا على أَسطُحِ الذكرياتِ عرايا

أصبحتْ جُثّةً من رمادِ

والزمانَ الذي لم يُطِقْ وِقفةً في طريقي

تقلّبَ قبلَ الرحيلِ مِراراً …

خانني في العشاءِ الأخيرِ

فلا المساءُ مساءٌ ببابي

ولا الطبيبُ طبيبي.    


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق