منذ 11 شهر، قام الاحتلال بتدمير شامل للبنية التحتية في قطاع غزة، من العطاطرة شمالاً حتى أقصى جنوب غرب القطاع في رفح. خاض ما سماها بالعمليات العسكرية لتدمير البنية التحتية للمقاومة في كل المناطق طيلة العشر أشهر الماضية.
أما المنطقة الوسطى، فلم يتمكن من اقتحامها والتوغل بها برياً منذ التوغل البري الأول. وكانت آخر محاولة بعد أشهر، حين حاولت قوة تفخيخ المنازل القريبة من السياج الفاصل بالبريج، وانتهى الأمر بكارثة للعدو. حيث وقعت وحدة الهندسة التي كُلّفت بالمهمة، والوحدة المكلفة بحمايتها، بل وفرقة الإنقاذ في كمين مركب أُجهز فيه على جميع الوحدات المشاركة.
منذ ذلك الوقت، اكتفى العدو بعمليات تكتيكية بالمحافظة الوسطى عموماً، وتجنب التوغل الكامل، علماً منه بأن التوغل ستكون فاتورته باهظة. كان التوغل الثاني المحدود في محاولة تحرير الأسرى بالنصيرات، وكانت الفاتورة باهظة مجدداً، حيث راح ضحيتها أربعة أسرى والضابط المسؤول عن الوحدة المتسللة. رغم أن العدو صدر العملية على أنها نجاح استراتيجي، إلا أن هذه الفرضية ما لبثت أن تآكلت بعد معرفة عدد الأسرى الذين قتلهم جنود العدو من أجل تحرير غيرهم.
هذه العملية جعلت الجبهة الداخلية، بما فيها من تيار متشدد، تطالب بعملية أوسع في الوسطى، حيث زعموا أن قدرات المقاومة لا تزال قوية هناك، وأنها تعد خزاناً مليئاً بالأسرى الممكن تحريرهم حسب ما روج الإعلام.
نتج عن هذا الضغط عملية محدودة أطلقها العدو في دير البلح لمدة تقارب العشر أيام. كانت عملية بروباغاندية تكتيكية أكثر من كونها توغل حقيقي، فكانت الكواد كابتر هي السلاح الأكثر استخداماً، ودُمّرَت أجزاء من عدة مربعات سكنية، خصوصاً المتاخمة لشارع صلاح الدين.
بعد عدة أيام من التمهيد المدفعي والقصف بالطيران الحربي والمسير، توغلت قوة محدودة من شارع صلاح الدين، الذي يفصل شرق غزة عن غربها، باتجاه شارع الحكر في دير البلح. ما أن بلغوا مشارف الشارع حتى باغتتهم قوة من المقاومة، ودمرت الآليات وأوقعت القوة بين قتيل وجريح.
عاد للجيش المنهك أصلاً من القتال المتواصل مشهد البريج مجدداً. كان هذا التوغل الجريء، نوعاً ما، مقارنة بما حدث في الأيام الأولى، الأخير من نوعه كون الخطورة في الشمال ما زالت قائمة، والعدو بدأ عملية في الضفة الغربية، فاقتصرت الأيام الأخيرة على القصف والتوغلات المحدودة المدروسة.
أنهى العدو هذه العملية بإعلان رسمي من قادة جيشه. ما زال العدو يترنح مكانه دون أدنى نجاح يذكر، ولكن كعادة العدو، يخدع جمهوره بالفيديوهات المضللة وصور المسيرات التي تستهدف بيوت المواطنين العزل وتصورها على أنها مواقع عسكرية. الأمر لا يخلو من صور البسطاء الذين يصدرون على أنهم قادة عسكريين، وفي النهاية يتضح أنهم مدنيون لا علاقة لهم بالمقاومة.
بعد الهزيمة في غزة، يحاول العدو لعب ورقة الضفة الغربية لتحقيق أي إنجاز هناك، ينهي به الحرب بماء الوجه، كون العدو والولايات المتحدة متفقين على ضرورة الخروج بأي نجاح شكلي من هذه الحرب الطاحنة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق