السيّد حسن شهيد فلسطين/ حسن غنّام



يقول الكاتب والاديب الفلسطيني غسان كنفاني الذي اغتالته العصابات الصهيونية في بيروت عام ١٩٧٢ في قصّة "المدفع": "كم هو بشع الموت وكم جميل أن يختار الانسان القدر الذي يريد". وانت يا سماحة السيد حسن نصرالله  اخترت قدرك منذ أن قررت أن تكون ثائرا  ومناضلا ومدافعا عن الحق. انتميت الى الشعب ولم تكن نخبويا، انتميت الى الفقراء فعشت الامهم ووجعهم ومعاناتهم، لذلك اخلص الناس لك وهتفوا باسمك وبكوك دما ودموعا رغم وسام الشهادة الذي نلته، لكن غيابك ورحيلك موجع، كنت تعيش في قلوب محبيك ومازلت تعيش في وجدان محبيك، ستبقي حيّاً في روح محبّيك، وكيف ننسى هدوء حديثك؟،  كيف ننسى عنفوان صوتك؟، كيف ننسى شارة اصبعك تهديدا ووعيدا لمغتصب ارضك وأرض فلسطين؟. طلتك هيبة حمت لبنان من بأس المغتصب، شموخك جاوز حدود المدى، ذهبنا معك الى ما بعد بعد حدود الأمل،  اوقفتهم لسنوات على رجل ونصّ، حميت أهلك في الداخل اللبناني مسيحيين قبل مسلمين لانك وطني ثوري انتمى الى المشهد الانساني بعيدا عن التقوقع الطائفي والمذهبي، فاحبّك كلّ أشراف الدنيا يا شهيد غزّة، يا شهيد القدس، يا شهيد فلسطين، يتوهمون أنّه باغتيالك سيغتالون المقاومة أو يقضون عليها وكأنّهم لا يعرفون ان ما زرعت سيكون ثماره انتصاراً  وعزة وكرامة. 

اسنادك للمظلومية التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني ودفاعك عن أرض لبنان وإعطاء الصراع طابعا شموليا رأس حربته المتقدمة الشعب الفلسطيني المظلوم هو شرف ووفاء وانتماء الى انزه مفاهيم الصدق الانساني. لم تغادر ساحة القتال بل كنت في قلب المعركة ثابتا صامدا صابرا ومقاوما فكان استشهادك ألذي لطالما تمنيت شرف وعزة على جبين الكون. لم يتعلم نتنياهو من تجارب من سبقوه من مجرمي الكيان، فما زال يتوهم انه باغتيال القادة يمكنه القضاء على المقاومة، وكأنه لم يقرأ تجارب الشعوب ونضالهم على مدار سنوات طويلة، ألم يجتاح شارون وبيغن لبنان عام ١٩٨٢ بغية القضاء على منظمة التحرير الفلسطينية؟، ما الذي حصل بعد ذلك؟، ألم تبدأ انتفاضة الشعب الفلسطيني عام ١٩٨٧ ونشأت حركة المقاومة الاسلامية في ذات العام دفاعا عن الحق الفلسطيني في الأرض؟، ألم تنشأ مقاومة القسام التي كبدت الكيان الصهيوني خسائر لم تكن تخطر في باله؟، ألم تنشأ بعد ذلك بعامين حركة الجهاد الاسلامي وسرايا القدس؟، ألم تمؤسس الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين نضالها العسكري من خلال كتائب الشهيد ابو علي مصطفى؟. إن اغتيال القادة كان دائما حافزا ودافعا للمقاتلين في الاستشراس في المقاومة والتمسك بالثوابت الوطنية والنضالية، وها هم أبناء نصر الله يسيرون على نفس الطريق الجهادي الذي رسمه الأمين العام والقادة الشهداء. تستطيع طائرات الكيان الصهيوني العنصري والاستيطاني الاجلائي ان تقصف غزة وجنين وطولكرم وجنوب لبنان والبقاع وتستطيع ان تقصف الضاحية وتدمر البيوت فوق رؤوس ساكنيها وتقتل الأطفال والنساء والشيوخ وتغتال المقاومين والقادة وان تغتال اسماعيل هنية وحسن نصر الله لكنها لن تستطيع القضاء على المقاومة المتجذرة في عقولنا  وارواحنا ومبادئنا. 

سماحه الشهيد كانت امنيتك أن تصلي في المسجد الأقصى المبارك لكنك تعجلت الرحيل. إن الشعب الفلسطيني يستبشر بروح الانتماء والاخلاص لسماحتك أن روحك ستعانق أرواح القادة الشهداء فوق قبة الصخرة وفوق المسجد الأقصى حيث تنتظرك هناك روح الشهيد ابو علي مصطفي واسماعيل هنية وابو جهاد الوزير وغسان كنفاني واحمد ياسين وعباس الموسوي وعماد مغنية وفؤاد شكر وابنك هادي نصرالله والاف الشهداء. اعتقد البعض انه باغتيال نصرالله سيتم تمرير الحلول السياسية الانهزامية فارتفعت الأصوات لتسليم السلاح تطبيقا للقرار المسخ ١٥٥٩ ونادى البعض بتطبيق القرار ١٧٠١، ومن الجانب اللبناني وحده، ووقف جبهة الإسناد، ووقف إطلاق النار دون شروط، وزاد الوهم عند البعض بالدعوة الى انعقاد جلسة لمجلس النواب حتى بغياب أعضاء الحزب، إن هذه النداءات هي تكريس للمشروع الانهزامي، الاستسلامي، القائم على ذبح الشهيد مرتين. لكنهم واهمون، فالمقاومة ما زالت بخير، ولذلك القول هو : لا تغالوا بالأوهام  واحفظوا لبنان وعزته وكرامته كما حماها سيد المقاومة الذي شطر الزمن شطرين: زمن ما قبل نصرالله وزمن ما بعد نصرالله. لكننا سنعيش المستقبل بزمن حسن نصرالله. وداعا يا أشرف الناس.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق