البروباغندا الصهيونية " السوداء"/ صبحة بغورة



اختلفت الآراء حول طبيعة ماهيتها ودقة تعريفها،وحول حقيقة أهدافها وتحديد وسائلها، إنها آخذة في الانتشار والتوسع لتحدث تأثيرها وتترك أثرها المشبوه في الدول والحكومات والشعوب، والأصابع حائرة في توجيه الاتهام.  


أصل مصطلح Propaganda  إنجليزي مأخوذ عن اللاتينية " كونغريجاتيو دي بروباجاندا فيدي " وتعني " مجمع نشر الإيمان " قام بتأسيسه البابا غريغوري الخامس عشر عام 1622 لنشر الكاثوليكية ، وبهذا يتلخص الأمر في احتكار المجمع عملية نشر المعلومات، ولكن منذ الحرب العالمية الأولى عام 1914حمل المصطلح دلالات مضللة عندما أصبح مرتبطا بالسياسة. 

لقد أصبح البحث عن المعلومات بصفة عامة في عصرنا الحديث سهلا ،وصار الحصول على الكم الهائل منها يسيراوسريعا ، ولكن الحصول على معلومات صحيحة وموثوقة هو ما قد أصبح حرجا وشاقا وصعبا فهناك كم كبير جدا من المعلومات يتم تداولها عبر الاستخدام المكثف للفضاء الافتراضي حيث تكثر الأصوات المنفردة التي يمكنها أن تعزف على وتر اهتمام المتابعين بعدة أساليب معدة مسبقا  كي تحدث تأثيرا مقصودا للتلاعب بالعقول وتغيير اعتقادات وعادات المتابعين من خلال منشورات نصية ، صور ، فيديوهات ، خطابات ، هاشتاغ .. وإعلانات مدفوعة لنشر معلومات بطريقة موجهة وأحادية المنظور تتضمن مجموعة مركزة من الرسائل التي يتم توجيهها بهدف التأثيرعلى آراء وسلوك الناس أو اقناعهم بأفكار معينة، أي التأثير على الرأي العام وتشكيله،وهذه يمكن اعتبارها " بروباغندا بيضاء" لأن تمثل حملة ترويج واسعة أهدافها عادة واضحة ومعلنة تسعى إلى الحث على التغيير الاجتماعي السلمي والإيجابي، اما " البروباغندا السوداء "!  تكون أهدافها في أغلب الأحوال غير معلنة ومهمتها تغيير السياسات الفاعلة  وتزييف الحقائق وتزوير التاريخ وتسويق سياسات معينة أقرب إلى المؤامرات والدعاية لها ، فلذلك تقدم معلومات ناقصة جزئيا أو كاذبة كليا سواء بالنفي أو بالإنكار أو بالحذف ، هي دعاية إخبارية تهدف إلى نشر ثقافة الشك والخوف وعدم اليقين، والشائع أنها دعاية سياسية سيئة السمعة لذلك فهي تعتبر من أشكال الترويج بكثافة لشيء ما مريب للتأثير على الرأي العام والسيطرة على التوجهات السياسية أو الاقتصادية أو الثقافية والدينية بالتلاعب بالحقائق وتسويف القيم والمبادئ، وهي تعتبر لدى البعض فن يبيع الأكاذيب لإجهاض الحق في الحصول على المعلومات الصحيحة ، بينما يراها البعض الآخر فن اختلاق الفزاعات لضرب حرية التعبير والاستقرار الاجتماعي، وأساليبها الحديثة مختلفة تماما عن أسلوب الخطاب القديم حيث يعد رضا وتقبّل الجمهور أمر ضروري لأي مشروع كبير في المنظومة الاجتماعية ، وكذلك الحروب الحديثة مبنية على القناعات ويجب أن تأخذ منحى الإقناع الناعم لضمان الموافقة . 

 لقد صار لمصطلح البروباغندا معنى قدحي مضاد للموضوعية ومناقض صريح للمصداقية، وهو بهذا المعنى  يسئ لأبواقه المتمثلة في وسائل الإعلام التي تنشره، أي أن الإعلامي يصبح جزء منها، وهي لذلك تعتبر تهمة وسبة طبيعية لأي إعلام مضاد ، ومن أبرز مجالاتها تغذية التشدد الديني من خلال تهويل عمليات مكافحة التطرف ، وخدمة أجندات سياسية داخلية وخارجية، إحداث تأثير اجتماعي تجاه قضايا وطنية ،دعم نفوذ اللوبيات المالية ـ السياسية ، دعم الدعاية الذاتية والحملات السياسية والانتخابية ..   

البروباغندا الصهيونية سوداء بطابع شديد العداء ، تحريضية وذات دعاية فجة ، تعمد إلى التلاعب النفسي بمزاعم غير مؤكدة من خلال تزييف الحقائق للتأثير على أفكار الناس وأفعالهم ، وتهدف إلى  اختلاق الذرائع بتبرير قيامها بعمليات الإبادة الجماعية في إطار مقاومة من يعادون السامية ، فتنشر أخبارا تضليلية حول طبيعة عمليات المقاومة وربطها بالإرهاب لكسب التعاطف الدولي من خلال نشاط  جهاز الدعاية المعروف بالعبرية باسم "الهسبراه" الذي يُترجم بالعربية إلى " شرح" ويعمل على تصوير النضال الفلسطيني على أنه "إرهاب نازي لا سامي يهدف إلى القضاء على اليهود" وأنه ليس نضالا وإنما يقوم على الاعتداءات الجنسية ،كما يعمل على ترسيخ الإسلاموفوبيا في الدول الأوروبي لتغذية مشاعر العداء الغربي تجاه كل ما هو عربي مسلم .                        

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق