جاء الشِّتاءُ مُبكراً
هذه المَرَّة
ترتجفين شوقاً
أشْعلي بَعضاً
من الذِّكرياتِ كي تُدفِّئَنا
أوقدي سِراجَنا القديم
وتعالي نتصفَّحُ صور دفاتِرَنا
كلَّما دبَّ النُعاسُ في عينيكِ
قَلِّبي على نارِ الأوجاعِ
حُرقَةَ الرَّحيلِ
"لاَ تَهْتَمِّي لِلْغَدِ
لأَنَّ الْغَدَ يَهْتَمُّ بِمَا لِنَفْسِهِ
يَكْفِي الْيَوْمَ شَرُّهُ"
لا تَجزعي هي ذئابٌ عابرةٌ
لا تُتقِنُ غيرَ العُواءِ
في أمانٍ أنتِ
بين أوراقي
وبَعضٍ من الأشجانِ
في أمانٍ أنتِ
لا تَفزعي؛ أسواري شاهقةٌ
لا دَخيلٌ يتسلَّلُ
ولا ريحٌ تَعبُرُ
أحرقي المزيدَ من أنفاسي
ونامي في دَعَةٍ حتى الصَّباحِ
تعالي في كُلِّ الشِّتاءاتِ
كي تُصبحَ دافئةً كُلُّ الشَّهقاتِ
أنا نبيذُ الأيامِ المُعتَّقِ
فاشربيني
حتَّى الثُّمالةِ
أنا بوحُ القصيدةِ
فالتهمي حُروفي ومنها أبداً
لا تَشبَعي
يُخجِلُني أنَّ ما تبقى منِّي
لا يروي
ظمأَ السِنينِ العُجافِ
يُخجِلُني أنَّ ما تبقَّى مِنِّي
قليلٌ من الفَرحِ
وهضابٌ من الأحزانِ
أوقدي من جَذوةِ التَّوقِ
سيجارتَكِ الأخيرةَ
وانفثي دُخانَ غيابِكِ
فوق رُوحي المُنهَكةِ
أنا حَطبُ الأيَّامِ الغابرةِ
أنا رَمادُ النِّسيانِ
الَّذي تَبقَّى
بعد مُوسمِ حَصَادِ الغيابِ
في عينيك اشتياقُ النَّحلِ
لتقبيلِ وردةٍ
وبوحُ العنادلِ
لشجرةِ التُّوتِ العتيقةِ
لماذا عندما تأتينَ لستِ أنتِ؟
تأتينَ مثلَ العنقاءِ
تأتينَ كما انبثاقُ الرَّبيعِ
واِنبلاجِ الصُّبحِ
مثلَ عناقيدِ الَّلهفةِ
مثلَ طَعمِ الفَرحَةِ
في عيونٍ دامِعةٍ
تتلألأُ بالنُّجومِ
وتسبحُ في حبَّاتِ المَطرِ
عندما تأتينَ لَستِ أنتِ
الَّتي كُنتِ في آخرِ مَرَّةٍ
في كُلِّ مساءٍ تُصبحينَ أجملَ
تصيرينَ أنقى
مِن غيرِ أقنعةٍ
مِن غيرِ وجوهٍ
غيرِ وجهِكِ الأوَّلِ
ستوكهولم السويد.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق