سوريا مقدمة لتنفيذ وصايا/ مصطفى منيغ



برزَ العزم مُترجِماً حقائق منقوشة  على جبين ما كان بالأمس القريب عَصِيَ المَنال ، بحروفٍ في سرعة البَرقِ لتتجلَّى قوة ثورةٍ اعتمَدَت على نفسها تنظيماً وتخطيطاً وسبيلاً وليست مَدَّة يدَها شرقاً أو غرباً للسؤال ، بهدف الوصول لتطهير سوريا من جرائم عهد "آل الأسد"ّ أو إحراق ما تبَقَّى من إرادة حقِّ بَشرٍ في الحياة الكريمة الحرة النقية ما بقي في الكون مِن طيبٍ أطْيبِ على ترسيخ الطيّبِ مُنَفِّذاً لبَّ ما في الأمل كمآل ، من بواعثِ التريُّث دون إهدار المجهود ردحاً كان من فترة أربعة عشرة حَوْلاً إلى أن الاتفاق حَصَلَ بشبه كمال ، لانطلاق زحفٍ مُبارَكٍ أزاحَت هيبته كل عوائق التقدم كأنَّ الأرضَ منبسطةٌ مُسخَّرةٌ أصبحت ليتم ما تمَّ في هدوءٍ واختصار لسبل بدت قبل الثامن من ديسمبر بالطِّوال ، بل كأن القدرَ يقودُ والجَمْع المكبِّر يقطع المسافات مُحصَّناً بعناية لا يشعر بوجودها إلا المشبَّعة قلوبهم  بأنَّ للمظلومين ما هم فيه الآن من نشوة النصر المبين على الظالمين المنهارين من تلقاء أنفسهم مكدِّرين الحال ، مهما كانت الثورة نابعة من صدور انتسب أصحابها لأسماء تخصُّ حركات أو منظمات ما كانت مقبولة لدى العديد من الأطراف الدولية بالمفهوم السلبي الشامل ، المهم أنها وصلت دمشق لتُستَقبَل بالزغاريد وإقامة الأفراح كأن اليوم استقلال سوريا من احتلال مستبد لم يجد حياله إلا الفرار خوفاً من تقديم الحساب وهو بالخزي والعار بحقيقة وجهه للحشود مفزوعاً يُقابل ، عما اقترفه تنكيلاً وتعذيباً وتقتيلاً للشعب السوري خدمة لرغباته الدنيئة وطاعة لتمسكه بكرسي الحكم وتلبية لخيانة الوطن والأمة إرضاء لجهات حسبها دائمة على حمايته والدفاع عنه ليظل المسيطر يبيح ويشرِّع على هواه بلا حسيب أو رقيب صائِل ، لم يلتفت الشعب السوري لمن وصل لتحرير ألاف المسجونين ويعيد له حريته و حقه في العيش مُصان الجانب مسموع الكلمة بالاحترام والتقدير موصوف وبحسن الشمائل ،  اكتفى بكونهم من أبناء سوريا البررة لا شك في ذلك فبارك صنيعهم وامتزج بما يحاولون تكريسه من امن وأمان واستقرار لأجل سوريا الحاضر والمستقبل بالتطوُّرِ المُتجَدِّدِ رَامِل ، الكل فيها أمام الحق سواء و نصيب في المشاركة من اجل النهوض بسوريا حتى تسترجع مكانتها الطبيعية القائمة كانت على قيم التحضُّر والمعرفة الإنسانية النافعة والطموح المشروع لدنا الشام العزة والمجد والتقدم ما للخير العميم حامل ،            


.. البعض لم يستوعب المفاجأة وبدل أن يطهروا الارتياح سيطر عليهم الانزعاج والشديد ، كأنَّ الأمر تمَّ بعيداً عن معرفتهم مُبعدين أن بتصرف بشار الأسد بمثل ما فعل دون الرجوع إليهم وهم المساعدين له كانوا العاقدين معه كل أنواع الاتصالات أكانت على المستوى الرسمي أو الشخصي ، من هؤلاء حاكم مصر المطلق عبد الفتاح السيسي ، الذي اعتبر الفاعل مجرد ناقوس أفاقه من الاتكال الملحوظ على جهات حسبها قادرة على حمايته ساعة قادمة لا ريب ، ومن هذه الجهات إسرائيل ولحدٍ ما روسيا التي انحاز في المدة الأخيرة لتهيئ نواة إقامته متى اضطر للمغادرة ، إذ الآمر أصبح وارداً ما دام الشعب المصري صبر عليه بما فيه الكفاية ، فرأي ما جري في سوريا مناسبة للتفكير الجدي في أخذ زمام المبادرة والتخلص من نظام لم يحقق منذ انقلابه على الراحل مرسي سوى إغراق مصر دولةً وشعباً في بحر من الديون لا آخر لحدِّها ، من أجل تشييد مظاهر ما كانت مصر في حاجة إليها إذ لها ما يكفي ، وحتى يجسِّم السيسي مدى انزعاجه اصدر تعليماته للتشديد على السوريين المقيمين في مصر ويصل تعدادهم لمليون ونصف المليون ، باتخاذ إجراءات تعجيزية يفكرون معها في المغادرة وهم مجردون من حقوقهم ، مما سيشكل الأثر البليغ السلبية على العلاقة المصرية السورية مستقبلاً . لقد حضر الملك الأردني إلى القاهرة في زيارة خاطفة ليخفف على السيسي وطأة الصدمة وينصحه بالتبات وعدم الإقدام على التعجيل بما يمهد إسرائيل التوسع أكثر بإتباع سياسة ملء الفراغ بعد تكرار تجربة المعارضة السورية أن طالت أقطار أخري عربية مصر في مقدمتها، ذكاء الملك الأردني لازم الزيارة لتُغطَّى بالصمت ما دامت الولايات المتحدة الأمريكية خططت لتبيع إيران وروسيا بشار الأسد لتشتري إسرائيل المزيد من الأراضي السورية بالمجان و دون مقاومة من أحد ولا هم يحزنون . حتى مؤتمر الثمانية سيخرج منه السيسي كما دخل إذ مصيره أصبح بين يدي الشعب المصري وحده ، وكل المؤشرات تؤكد أن هذا الشعب العظيم غاضب عليه وبشدة ، ومن غضب عليه الشعب المصري لن يلحق بشار الأسد في موسكو بل يبقى حيث شاء هذا الشعب ليحاسبه .


... قد يكون السيسي على دراية من بعض الوصايا عن طريق أصدقاء له في إسرائيل ، وإلا ما كان انزعاجه مما حصل في سوريا يغيِّب الكرى من جفنيه ، على العموم هناك سلسلة من التوضيحات تلي هذا المقال قد تسلط الضوء عما يجري في الخفاء وبخاصة في ذاك الموقع المضطرب من الشرق العربي وبامتياز . 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق