tag:blogger.com,1999:blog-29392649490053027722024-03-17T20:03:23.267-07:00كتابناAl-ghorbahttp://www.blogger.com/profile/00781969873172894524noreply@blogger.comBlogger8601125tag:blogger.com,1999:blog-2939264949005302772.post-16609604043596939512024-03-17T17:31:00.000-07:002024-03-17T17:31:28.534-07:00 حلم طفلة/ ماهر طلبه<div class="separator" style="clear: both; text-align: center;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhs9szOU0Rw-wNwoZ1WlH5S4DCVC1-Luh838uMv-beqk6xCH_xp3mpA6CWSaV1gza0NpV5GXTSZMQk3IwZ73knMSR1g0bdkGQKVViBwHm3mMiJfKafWo_hg39jf4agsmc5Qi1rzpSnZXEP8FQHdaByo8SwLxb-nSjnG4deSjlPoPsC1uvEO0gfLikXJTsI/s113/%D9%85%D8%A7%D9%87%D8%B1%20%D8%B7%D9%84%D8%A8%D9%87.jpg" imageanchor="1" style="clear: left; float: left; margin-bottom: 1em; margin-right: 1em;"><img border="0" data-original-height="113" data-original-width="84" height="320" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhs9szOU0Rw-wNwoZ1WlH5S4DCVC1-Luh838uMv-beqk6xCH_xp3mpA6CWSaV1gza0NpV5GXTSZMQk3IwZ73knMSR1g0bdkGQKVViBwHm3mMiJfKafWo_hg39jf4agsmc5Qi1rzpSnZXEP8FQHdaByo8SwLxb-nSjnG4deSjlPoPsC1uvEO0gfLikXJTsI/w238-h320/%D9%85%D8%A7%D9%87%D8%B1%20%D8%B7%D9%84%D8%A8%D9%87.jpg" width="238" /></a></div><br /><p dir="rtl" style="text-align: justify;"><br /></p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">قصة قصيرة</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">مر على هذا الحادث سنوات كثيرة.. كنت لم أفك ضفيرتى القصيرة بعد، حين قال أبوه لأبى سوف نزوج هند لعاكف.. لم يتوقف أبى طويلا أمام الطلب ولم تنتبه أمى لتناقشه فيما بعد.. واستمرت سهرة من الضحك وتبادل الذكريات إلى اللحظة التي قادتهم إلى هذه الصداقة والتي استمرت حتى بعد نهاية قصتى.. لكنى تعلقت بالكلمة وامتنعت عن مصاحبة الآخرين وراقبته عن بعد...</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;"><br /></p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">اليوم حضرت زفافه، شاهدته في الكوشة، ببدلة سوداء، بجانبه هي بفستان أبيض كنت أرى نفسى فيه دائما في حلمى الذى يتكرر.. هنّأ أبى وباركت أمى.. لكنى التصقت بحائط الحزن وسألت نفسى لما خان العهد رغم وفائى.</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;"><br /></p><p dir="rtl" style="text-align: justify;"><br /></p>Al-ghorbahttp://www.blogger.com/profile/00781969873172894524noreply@blogger.com0tag:blogger.com,1999:blog-2939264949005302772.post-51024148095182777932024-03-17T02:44:00.000-07:002024-03-17T02:44:29.557-07:00 باب الحديد (محطة مصر) (بين القصّ والنقد)/ إبراهيم أمين مؤمن<p dir="rtl" style="text-align: justify;"> </p><div class="separator" style="clear: both; text-align: center;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEj2BoNJ_3hr1B3K9R1dMvdC4QNBZW3gJQ5_GQyGX8K6lQQNRHtAUnbRS_f3LGtiMBxmBFF2VDrzjXdhVJnCgt3lmF0tQllvL1-0a9UrlFAnyBnr7Z17memrPvdS2dl-I6dLpn6ET6HlsVsBO0U3T3gxDo23_52vSFDtGhemWPjQWPAbfp9feGCjCOZ1WhY/s284/thumbnail_%D8%A8%D8%A7%D8%A8%20%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%AF%D9%8A%D8%AF).jpg" imageanchor="1" style="margin-left: 1em; margin-right: 1em;"><img border="0" data-original-height="178" data-original-width="284" height="401" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEj2BoNJ_3hr1B3K9R1dMvdC4QNBZW3gJQ5_GQyGX8K6lQQNRHtAUnbRS_f3LGtiMBxmBFF2VDrzjXdhVJnCgt3lmF0tQllvL1-0a9UrlFAnyBnr7Z17memrPvdS2dl-I6dLpn6ET6HlsVsBO0U3T3gxDo23_52vSFDtGhemWPjQWPAbfp9feGCjCOZ1WhY/w640-h401/thumbnail_%D8%A8%D8%A7%D8%A8%20%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%AF%D9%8A%D8%AF).jpg" width="640" /></a></div><br /><br /><p></p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">ملحوظات:</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">-النقد في أسفل القصة.</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">-المشاهد الثلاثة قمت فيه بدمج أحداث الرواية كلها، وأظهرتُ طبائع الشخصيات المحورية فيها: قناوي وعم مدبولي وهنومة وأبو سريع. </p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">وراعيت أن تكون قصة قصيرة متكاملة في أركانها وسماتها.</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;"> ***</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;"> المشهد الأول</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">وظلت هنومة تتمايل على حرف باب القطار السائر وهي في قمة السرور، وتغني: «واحنا بكرة هنتجوز.»</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">بينما قناوي يتكئ على صفحة القطار وينظر إليها بكل سرور، ولقد خُيل إليه أنها دعته إلى القطار من أجل مصارحته بالزواج منه.</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">تلك الفتاة التي عشقها، فدائما يراها أشبه بتلك الصور العارية التي ملأت جدران حجرته التي يبيت فيها.</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">فقد اعتادت هنومة دائما أن تلبس فستانا يظهر نصف ثديها العلوي، وكذلك يظهر نصف ساقيها السفليين.</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">وتأكد من ظنه بعد أن تذكر اليوم الذي أحضر لها فيه عقدا ذهبيا يملكه رغبة بالزواج بها، ولقد تعمد ذلك لأنه يعلم عنها من خلال عملها في المحطة أنها تحب المال أكثر من أي فتاة أخرى وأنها قد تتنازل عن ثوابتها من أجل حصد المال، ولقد تجسد ذلك أمامه عندما كانت تبيع زجاجات الكوكاكولا للركاب بأي وسيلة رغم أن ذلك يعرضها للمساءلة أمام رجال الأمن.</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">وقد بدا طبيعيا عندما سمع منها ذلك، وقال: «أحسن ونبعد عن الزيطة دية خالص.»</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">فإحدى جوانب شخصيته المريضة أن الكلام الذي يستحسنه ويحقق أحلامه يعتقد فيه الواقعية ولو كان بعيدا عن ذلك ملايين السنين الضوئية.</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">ويرجع السبب في ذلك بسبب جعل نفسه تنفلت لتسبح في الخيال دائما، مما تسبب أن كل مداركه تجسد رغباته أمامه وإن لم توجد في الأساس.</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">وقال في نفسه: لقد نجحت خطتي بعد أن قتلتُ البت حلاوتهم وألصقتُ التهمة بأبو سريع.</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">لذلك قال وهو يبتسم ومنبسط الأسارير: «فرحانة يا هنومة؟»</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">أجابت في صرامة: «أيوه، وعقبالك أنت كمان لما تلاقي بنت الحلال اللي تريح قلبك.»</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">هنا تأكد أن هنومة لم تقصده هو عندما قالت قولها: «واحنا بكرة هنتجوز.»</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">ضربته كلمة هنومة في أوعية قلبه وظهر ذلك على ملامح وجهه التي تقلصت بعد أن كانت منبسطة، وهُيئ له أن هنومة لم تعلم بجريمة قتل أبو سريع لحلاوتهم، أو على الأقل خطته فشلت في إلحاق التهمة بأبو سريع الذي يعمل شيالا في رصيف القطار. لذلك قال في اندفاع وإصرار: «أبو سريع قتل حلاوتهم وعاوز يتجوزك عشان يلهف القرشين اللي حوشتيهم.»</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">استنكرت حلاوتهم كلامه وصرحت بحب أبو سريع لها وزواجه بها، فأغضبه تصريح هنومة له وشعر بأن حلمه ضاع وذهب مع الريح، لذلك أخرج السكين على الفور وهددها بقتلها وقتله إن تزوجت بأبو سريع.</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">في تلك اللحظة آثرت هنومة أن تقاومه بالقوة لا بالحيلة، ونسيت كلام أبو سريع لها عن قناوي يوم أن قال لها أبو سريع بالنص: الكلمة الطيبة تطويه وتخليه زي العيل الصغير، والكلمة الرضية تقلب كيانه وتخلي مخه يشت ويعمل جناية.</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">وآثرت المقاومة بدل أن تقول له كلمة طيبة تطويه وتخليه زي العيل الصغير، فغافلته وهو شاهر السكين في وجهها وأمسكته من يده التي بها السكين وشدتها بأقصى ما لديها من قوة فطرحته أرضا ثم لاذت بالفرار بالركض عبر عربات القطار. نهض وركض خلفها للإمساك بها.</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;"> ***</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;"> المشهد الثاني</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">صوت مذيع القطار يجلجل في القطار: على كل الركاب الابتعاد عن منطقة المناورة، مجرم يحمل سكينا، على رجال الأمن التوجه إلى منطقة المناورة.</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">في ظل المطاردة ظل يردد مذيع القطار تلك العبارات بعد أن أوقفوه.</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">لقد حضر رجال الأمن منذ بضع دقائق بناء على مكالمة من قناوي نفسه لاستكمال مخططه الشيطاني، فبعد أن قتل حلاوتهم ووضعها في صندوق ذهب إلى أبو سريع ليخبره بأن هذا الصندوق يحمل متاع حلاوتهم ويجب عليه إحضاره بناء على طلبها.</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">فلما رأى أبو سريع يحمل الصندوق سارع بالاتصال برجال الأمن ليخبرهم بقتل أبو سريع لعاملة القطار في المحطة وتدعى حلاوتهم. </p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">ولكن فور أن جاء رجال الأمن علموا الحقيقة، علموا أن الذي قتل حلاوتهم هو قناوي، وأنه مجنون، وعلى ذلك طلبوا له مستشفى المجانين.</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">استمرت المطاردة بضع دقائق، وأخيرا تمكنت هنومة من فتح باب كابينة القطار والاختباء فيها بينما هو يركض بحثا عنها في لهفة.</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">نظر قناوي فوجد أبو سريع ورجال الأمن يتوجهون ناحية القطار، فتوارى، بينما دخل أبو سريع وسط الجميع وهو ينادي في لهفة: «هنومة هنومة.»</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">سمعت هنومة صوت أبو سريع ففتحت باب الكابينة وهي تنادي عليه نداء المستغيثين، فوجدت قناوي أمامها.</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">وضع يده على فمها حتى يكتم صوتها وهو يشهر سكينه في وجهها، واشتبكا معا، هو يحاول كتم أنفاسها وشل حركتها وهي تحاول اللواذ منه بالهرب، وفي النهاية تمكنت من عضه عضة قوية، على أثرها استطاعت الفرار لتقفز من مؤخرة القطار.</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;"> ***</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;"> المشهد الثالث</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">وقفزت هنومة من مؤخرة القطار، وقفز خلفها ليمسك بها ولا تزال السكين في يده. ويتدحرجان على القضيب عدة مرات حتى استقرا على مكان تحويلة (1) القطار، أصيب قناوي بشج كبير في أعلى رأسه (2) نتيجة ارتطام رأسه بقوة في الطوب المسنن الملقى على الأرض، وأغلق قضيب القطار استعدادا للانطلاق من أجل التحويل من الرصيف الذي كان فيه على الرصيف المراد السير فيه لاحقا، وأطلق سائق القطار صفارة الانطلاق وهو يخفض عصا القيادة لأسفل.</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">في تلك اللحظة انتبهت هنومة لصوت إغلاق التحويلة، فنظرت فإذا بالقطار يبدأ بالتحرك، كانت تحاول أن ترفع يد قناوي اليمنى الملتفة حول رقبتها لتتمكن من الفرار، بينما السكين مرشوقة في الأرض (3) ، وتدافعت عربات القطار لتدفع بعضها بعضا بإحداث صوت تصادم الحديد، وسُمع لعجلاتها طقطقة بعد أن بدأ بالتقدم الذي زاد مع تقدم بضعة أمتار.</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">وتقدم القطار أكثر؛ بينما لا زالت هنومة تقاومه، هنا رفع قناوي يده من على رقبتها وضغط بها على ظهرها، كما رفع سن السكين من الأرض شاهرا إياها على ظهرها بينما لا زالت هنومة تحاول الإفلات (4) ، والملاحظ يصرخ بأعلى صوته وهو في قمة الذعر وممسك بكشاف صغير للإضاءة حيث كان الوقت مساء إلى سائق القطار بأن بتوقف حتى لا يفرمهم (5).</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">لما أدركت هنومة باستحالة الفرار استسلمت للموت، فثبتت لا حراك فيها في انتظار الموت دهسا تحت عجلات القطار، أما قناوي فلم يكترث لتقدم القطار نحوه وظل ثابتا لا يتحرك (6) .</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">حدث نفسه عندئذ: كده كده أنا ميت بعد أن عرفوا الحقيقة بأني أنا الذي قتلت حلاوتهم، فلتمت معايا هنومة كمان.</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">واستقر القطار وأضيئت كشافات رجال الأمن وسُلطت على موقع هنومة وقناوي، بينما وضع قناوي يده في مقدمة عينيه تحاشيا للضوء المنبعث من الكشافات العملاقة، ونظر حوله، فوجد الشيالين في المحطة ينظرون إليهما، وكذلك صاحبات هنومة البائعات المتجولات في المحطة، ورجال الأمن، وأبو سريع الذي يركض من خلفهم، وعم مدبولي الذي يملك كشك سجائر في المحطة والذي آواه وعامله كأحد أبنائه.</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">وحضر ممرضو مستشفى المجانين بناء على قول عم مدبولي لرجال الأمن بأن قناوي قد ذهب عقله. </p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">في تلك اللحظة أدرك قناوي أنه لا مفر من الهروب، فقرر أن يتخذ هنومة رهينة من أجل الفرار، ولذلك قال بكل حسم وإصرار: «لو حد قرب لنا هقتلها، ما تسيبونا لوحدنا بقى.»</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">رغم أنه أدرك الحقيقة إلا أن أحلامه وأوهامه عاودته مجددا وظهر ذلك جليا في قوله: «ما تسيبونا لوحدنا بقى.»</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">هنا أدرك عم مدبولي أن الموقف تأزم وازداد خطورة فقرر أن يجنبه ارتكاب جريمة قتل بالحيلة والدهاء.</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">وتقدم عم مدبولي تقدما حذرا وهو في قمة الحزن وقال له متوددا: «قناوي يا ابني، رد عليّ ده أنا أبوك مدبولي.»</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">كان يحمل عم مدبولي آنذاك القميص الذي يرتديه مرضى مستشفى الأمراض العقلية في يده اليسرى (7) . وبهذه الجملة أراد عم مدبولي تهدئة نفسه الثائرة، بهذه الجملة أراد من خلالها أن ينتبه له قناوي ويعطيه أذنيه بكل أمن وطمأنينة، فعم مدبولي يعرف نقطة ضعفه معرفة جازمة.</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">ثم قذفه بجملة وهو يسير نحوه، وعلى وجهه علامات الفرح المصطنعة، جملة يفكر فيها اللبيب قبل أن يقدم على أمر مهما كان إصراره عليه: «أنت زعلان ليه؟ ده أنا هجوزك هنومة.»</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">هنا بالفعل تعايش قناوي مع كلمات عم مدبولي التي اخترقت قلبه على الفور، إذ إنها تتواءم مع أوهامه المرتكزة في أعماق نفسه والذي يعتقد بواقعيتها في الوقت الحالي.</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">وإمعانا في تأييد حجته كي يصدقه قناوي مد يده نحو جيبه وهو يقول: «والمهر جايبهولك معايا أهوه (8) .» </p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">وأخرجها فارغة من جيبه.</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">أدرك أبو سريع الذي يراقب المشهد مراقبة الواعي اللبيب، ونظر في وجه قناوي فتأكد أنه يصدق كلام عم مدبولي فانتهزها فرصة وتقدم بحذر وهو يزحف على القضبان باتجاههما، ولم يكن غريبا على أبو سريع أن يدرك ذلك فهو أعلم بشخصية قناوي الحقيقية بعد عم مدبولي على الفور. فقد حلل شخصية قناوي بجملة قالها سابقا لهنومة: الكلمة الطيبة تطويه وتخليه زي العيل الصغير، والكلمة الرضية تقلب كيانه وتخلي مخه يشت ويعمل جناية.</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">وتقدم عم مدبولي أكثر وهو يجتاز القضبان.</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">قال: «قناوي يا ابني، الليلة دخلتك على هنومة، وأنا بنفسي هكون من الشهود، هاعملك فرح كبير أوي، فرحك يا قناوي.»</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">هنا توقف عم مدبولي لحظة وهو ينظر إلى أبو سريع من طرف خفيّ، واقترب أبو سريع أكثر منهما بزحفه على القضبان (9) بينما بدأ قناوي تفتك به أحلامه التي غيبته عن المشهد الحقيقي الذي هو فيه الآن، وبدأ يهيم في مضاجعة هنومة بعد أن يختليا ببعضهما في مبيته الذي يحتوي على عشرات الصور العارية لنجمات السينما العالمية. </p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">أردف عم مدبولي قائلا: «سيبها مستريحة وقوم انت معايا البس جلابيتك، جلابية الفرح، فرحك يا قناوي.» </p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">وهنا أدرك عم مدبولي أن قناوي صدقه، وانتبه له فحسب دون بقية الموجودين.</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">واستأنف: «فرحك يا قناوي، ده أنا هعملهولك أحسن فرح، بمزيكا والنور والزفة، قوم يا عريس. قوم طاوعني ده أنا ما بجبش لك إلا الخير.»</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">ونظر عم مدبولي مرة أخرى إلى أبو سريع من طرف خفي (10).</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">بينما قناوي لا يزال يعيش لحظات السعادة الغامرة، فقد كان يجول بخاطره أيضا أن عذاب السنين الذي عاشه بين الناس آن له الآن أن ينجلي، وآن لنفسه المكبوتة بين النظر إلى نجمات الإغراء العالمية التي تزين حجرته أن تتحرر، وأن سخرية الناس له التي لازمته على مدار حياته كلها آن لها أن تزول، وأن عرجته لم تكن تعيبه في شيء مطلقا.</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">قد سلبتْ كلمات عم مدبولي الذي يثق فيه لبه وأذهبت عقله وعيشته في تلك الأوهام.</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">حتى إن أبو سريع سحب من يده السكين بعد عملية تسلل ناجحة دون أن يشعر قناوي بذلك.</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">وظل يعيش في تلك اللحظات مسلوب الفكر والإدراك والإرادة حتى عندما أقبل الممرضون نحوه وألبسوه القميص لم يرد إليه عقله.</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">وخرج، خرج من البوتقة التي انصهرت فيها السعادة، انصهرت بكلمات عم مدبولي الذي يحبه دائما ويثق فيه.</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">وتبين له عكس ذلك تماما عندما نظر إلى الممرضين والقميص الخاص بنزلاء مستشفى المجانين، رغم أن عم قناوي لا يزال يتقن دوره بعد أن تمكنوا من إمساكه تماما (11).</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">تأكد أن كل أحلامه ذهبت مع مهب الريح وخلفت ورائها جحيما لا يحتمل.</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">استرد عقله المسلوب، لذلك صرخ، صرخ بأعلى صوته: «لا، لا، عم مدبولي متسبنيش. »</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">وأخذ يكررها والممرضون يسحبونه إلى الخارج استعدادا لمواجهة مصيره المجهول.</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">صرخ لما خرج من الوهم الذي كان يحيط به إحاطة السوار بالمعصم، ولقد كان حجم صرخته بقدر حجم الوهم الذي كان يعيشه.</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">صرخ بقدر إدراكه أنه المسكين الذي لطالما عاش لتحقيق أمل واحد في حياته، هو الزواج بهنومة لإشباع رغبته الجنسية والخروج من النقص الذي يعيشه منذ أن أدرك الحياة.</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;"> ***</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">(1) التحويلة: هي مجموعة من القضبان الحديدية تسمح للقطار بالإنتقال المرن من سكة إلى أخرى أي أن يغير طريق سيره. أهم أجزاء التحويلة هي اللسان القابل للحركة والذي يتحكم به محرك فيغير مكانه النهائي قبل قدوم القطار.</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;"> (2)ربما كان على المخرج أن يظهر قطرات الدم وهي تنسكب من على وجهه قطرات على كتفه الأيمن ، حيث كانت الدماء تغطي نصف وجهه الأيمن وقد بدت متجلطة، مما يعني أن حرارة الشمس قد تمكنت من تجلط الدم.</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;"> (3) ربما كان من الأفضل أن تكون السكينة على رقبة هنومة.</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;"> (4) وربما كان على المخرج أن يظهر محاولتها للتحرك يمين القضبان أو يساره مع مناشدة قناوي بالصراخ للانحراف عن سكة القطار حتى لا يفرمهما معا</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;"> (5) الملاحظ كان يتابع المشهد من أوله، فربما كان يجب عليه أن ينادي على سائق القطار من بداية صفارة الانطلاق.</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;"> (6) ربما كان على قناوي الابتعاد عن سكة القطار، فهو كان في كامل وعيه والدليل أنه عندما حاول رجال الأمن التقدم نحوهما قال: لو حد قرب لي هاقتلها.</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;"> (7) ربما وجود الثياب يمثل خطأ ولاسيما أن قناوي يبيع الصحف التي تحمل الكثير من صور تلك الثياب كثيرا.</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;"> (8) ربما خروج يد عم مدبولي من جيبه فارغة يمثل خطأ، فلو خرج بالحافظة ولو كانت فارغة لمثل حبكة جيدة</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;"> (9) ربما تكون هذه النظرة تلفت انتباه قناوي وقد سبقها من قبل خروج أبو سريع من من وسط الصف الذي تقدم منه عم مدبولي.</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;"> (10) ربما كرر نفس الخطأ بنظره لأبو سريع الذي بات على مقربة من قناوي ولا تزال السكينة في يده</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;"> (11) ربما كان يجب على عم مدبولي أن تذهب ابتسامته ويتقلص ملامح وجهه ويدمع دموع العبرة والتأثر فور أن استمكنوا منه، لكنه ظهر يبتسم.</p><div dir="rtl" style="text-align: justify;"><br /></div>Al-ghorbahttp://www.blogger.com/profile/00781969873172894524noreply@blogger.com0tag:blogger.com,1999:blog-2939264949005302772.post-24566599407946443812024-03-17T02:38:00.000-07:002024-03-17T02:41:41.681-07:00مرورُ 31 عامًا على وفاة ِ الموسيقارِ المصري الكبير أحمد فؤاد حسن/ الدكتور حاتم جوعيه <div class="separator" style="clear: both; text-align: center;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEiJuXL-JVdnsmrQLHl8tZQWmIlxbBt33ORFOITkOaTaS2ZkTbZPd277wklFPhbgPr-YxKVnU2q3enTsifpfRIfuySJTTAcdZJo4GKG5w6suqD9taffjD_9PJbdcOTjb8Gz0TqLTs2Oq1fWZLpxfDMdEAeReXDZLlQdJ2L4cciwlI3mNpZROvkzJnwJP8ko/s249/download.jpg" imageanchor="1" style="margin-left: 1em; margin-right: 1em;"><img border="0" data-original-height="249" data-original-width="202" height="640" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEiJuXL-JVdnsmrQLHl8tZQWmIlxbBt33ORFOITkOaTaS2ZkTbZPd277wklFPhbgPr-YxKVnU2q3enTsifpfRIfuySJTTAcdZJo4GKG5w6suqD9taffjD_9PJbdcOTjb8Gz0TqLTs2Oq1fWZLpxfDMdEAeReXDZLlQdJ2L4cciwlI3mNpZROvkzJnwJP8ko/w519-h640/download.jpg" width="519" /></a></div><br /><div class="separator" style="clear: both; text-align: center;"><br /></div><div dir="rtl" style="text-align: right;"><span style="text-align: justify;"> لقد مرَّ 31 عامًا على رحيل الموسيقار الكبير " أحمد فؤاد حسن " صاحب وقائد الفرقة الماسيَّة التي صاحبتْ وواكبت كبارَ النجوم ِ وعمالقة الطربِ في العالمِ العربي ... ونقيب المهنِ الموسيقيَّة ورئيس جمعيَّة المؤلفين والملحنين وعضو المجلس الأعلى للثقافةِ والأستاذ بكليَّة ِ التربية ِ الموسيقيَّة سابقا ًالذي أعطى وقدَّمَ للحياةِ الفنيَّةِ الكثيرَ من الأعمالِ الموسيقيَّة ِ والغنائيَّةِ رفيعةِ المستوى ذات الإحساس العميق الرائع . </span></div><p dir="rtl" style="text-align: justify;"> وُلدَ الموسيقار " أحمد فؤاد حسن " في مدينةِ القاهرةِ عام 1928 وكانَ لهُ عشق ٌ وشغفٌ للموسيقى والغناءِ منذ صغرهِ ... ثمَّ التحقَ بمعهدِ فؤاد الأوَّل للموسيقى وقدَّمَ في حفلِ ِ تخرُّجهِ بعدَ أن أنهى دراستهُ الموسيقيَّة في هذا المعهد ، قطعة ً موسيقيَّة ً بعنوان : " البوهيميَّة " نالت إعجابَ الجميع ِ . وكانَ من زملائهِ في المعهدِ عبد الحليم حافظ وفايدة كامل وكمال الطويل . وعندما لمعَ نجمُ عبد الحليم حافظ في الغناءِ ظلَّ مُتمَسِّكا ً بصداقتِهِ وزمالتهِ لأحمد فؤاد حسن . </p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">وفي أوائل ِ الخمسينيَّات كوَّنَ فرقتهُ الموسقيَّة التي سمَّاها " الفرقة الماسيَّة " التي شاركت في إحياءِ العديدِ من الحفلات والمهرجانات الفنيَّة ، وقد أخذَتْ مكانتهَا الحقيقيَّة الواسعة في مصر والعالم العربي ، وشاركت أيضًا في جميع المناسبات العربيَّة والسياسيَّة وحقَّقت نجاحًا باهرًا منقطعَ النضير . وسافرت في جولاتٍ عديدة في كل من دول أوروبا وأمريكا واستراليا . وقد توطدت علاقة ُ أحمد فؤاد حسن بالموسيقار الراحل محمد عبد الوهاب فطلبَ منهُ الأخير العملَ معهُ ، بفرقتهِ ، رغم وجودِ فرقة الفنان " أنور منسي " التي كانت تلازمهُ دائمًا وترافقهُ في أعمالهِ وحفلاتهِ . وقامَ بتنفيذِ الحان ٍ تركها محمد عبد الوهاب ، مثل : " يا هَجرني " لأحمد شوقي ، ولبَّيكَ اللهمَّ لبَّيك " لاحمد شفيق كامل ، " ويا حياتي " لحسني السيد ، وإعادة توزيع أغنية " الكرنك " المشهورة لمحمد عبد الوهاب . </p><div class="separator" style="clear: both; text-align: center;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgXE-1w7E-OQ2_9944c3By_8C0QxTudk5HqYhc2fo2F9sNkG1aaShN2QRcE3Csth4uBaAVxX8dceI4M4bKfVsKvudBIXTV6Zi5vJXyShiFw3VmkrzFKcO6qT11oU3I_wRI30RlOOa-RtGJw0HprcTPnNira_pKQ97ZYkVqWFx-YWxNk5QQU5rqtD6iUafw/s640/sddefault.jpg" imageanchor="1" style="margin-left: 1em; margin-right: 1em;"><img border="0" data-original-height="480" data-original-width="640" height="480" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgXE-1w7E-OQ2_9944c3By_8C0QxTudk5HqYhc2fo2F9sNkG1aaShN2QRcE3Csth4uBaAVxX8dceI4M4bKfVsKvudBIXTV6Zi5vJXyShiFw3VmkrzFKcO6qT11oU3I_wRI30RlOOa-RtGJw0HprcTPnNira_pKQ97ZYkVqWFx-YWxNk5QQU5rqtD6iUafw/w640-h480/sddefault.jpg" width="640" /></a></div><br /><p dir="rtl" style="text-align: justify;">ومن مؤلفات أحمد فؤاد حسن الموسيقيَّة " المولد " والتي أصبحت اكثرَ الأسطواناتِ الموسيقيَّةِ توزيعا ً على مدى ربع قرن ، وكما قدَّمَ أكثرَ من 150 لحنا موسيقيًّا ، من أشهرها : " حكاية حب " و " المولد " و " أيوب " و " دموع البلبل " و " الدراويش " و " المحروسه " و " الأمل " " مصر 2000 " و " بطل الحرب والسلام " وهي الأعمال التي انتشرت في كلِّ أنحاءِ العالم ِوذلك حسب إحصائيَّاتِ " جمعيَّة ِ المؤلفين والملحِّنين " . </p><p dir="rtl" style="text-align: justify;"> ولحَّنَ للعديدِ من المطربين الكبار ، مثل : وردة الجزائريَّة .. لحَّن َلها إغنية : " جيت في وقتك يا حبيبي ".... وغيرها من الأغاني . كما قدَّمَ للموسيقى الكثيرَ من نجوم العزف مثل : عمر خورشيد ومجدي الحسيني وهاني مهنا وعمار الشريعي ، وقد صاحبَت فرقتهُ الموسيقيَّة كبار المطربين أمثال فريد الأطرش وعبد الحليم حافظ ونجاة الصغيرة وشادية وفايزه أحمد وورده ... إلخ ... وكما عزفَ ألحانَ محمد عبد الوهاب وبليغ حمدي ومحمد الموجي . </p><p dir="rtl" style="text-align: justify;"> وأشرفَ على رسائل الماجستير ( m . a ) ونشرَ العديدَ من الابحاثِ الموسيقيَّةِ القيِّمةِ في المجلاتِ المتخصِّصة . وكان يريدُ كتابة مذكراتهُ التي يروي فيها قصَّةَ 50 سنة مع الموسيقى والعطاءِ وكيفَ أنهُ في بدايةِ حياته إتَّجَهَ إلى حفظ القرآن الكريم للإلتحاق ِ بالأزهرالشريف ثمَّ غيَّرَ طريقهُ على عالم ِالموسيقى والالحان ِ . وقد كان َ يمتلكُ مكتبة ً موسيقيَّة ً نادرة ً وزاخرة بكلِّ كتبِ التراثِ والآدابِ والفنون ووثائق لعدَّةِ أفلام ٍ سياسيَّة ٍ تروي فترات الحروب ولقطات سينمائيَّة نادرة للملك فاروق وعبد الناصر وشحصيَّات سياسيَّة تاريخيَّة . وأهداهُ الرئيسُ الخالدُ جمال عبد الناصر في سنة 1968 وسامَ العلوم ِ والفنون ِ من الطبقة الأولى . </p><div class="separator" style="clear: both; text-align: center;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhHK3lkOdcDNu8FRXsl6wgFZEquNt6YShz0KlSCc45ujaVcZwK9Uc_l8IhRleBEDFuK5AjQ3GVmFgX5m7tPBwFDsLKNLzCrQMeL1AZ2l9dLhTKbdEl69tLXvemG2QWBjwCbFj9MnrlaLQ6fAUEoU-So90nZcUH5zlA_63mKh3DE94Zh80iIN3I_z5mq_z0/s199/%D8%B3%D9%8A.jpg" imageanchor="1" style="margin-left: 1em; margin-right: 1em;"><img border="0" data-original-height="199" data-original-width="142" height="640" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhHK3lkOdcDNu8FRXsl6wgFZEquNt6YShz0KlSCc45ujaVcZwK9Uc_l8IhRleBEDFuK5AjQ3GVmFgX5m7tPBwFDsLKNLzCrQMeL1AZ2l9dLhTKbdEl69tLXvemG2QWBjwCbFj9MnrlaLQ6fAUEoU-So90nZcUH5zlA_63mKh3DE94Zh80iIN3I_z5mq_z0/w457-h640/%D8%B3%D9%8A.jpg" width="457" /></a></div><br /><p dir="rtl" style="text-align: justify;">وفي سنة 1978 سلمهُ الرئيسُ أنور السادات الشهادة َ التقديريَّة َالتي منحَتهُ إيَّاها اكاديميَّة ُ الفنون . وحصلَ أيضًا على ثلاثة ِ أوسمةٍ من الأردن منها : وسام الإستقلال من الدرجة ِ الأولى بدرجةِ وزير ، كما أهداهُ الملك حسن الثاني ( ملك المغرب سابقا ) وسامًا وذلك تقديرًا لجهودِهِ وإبداعاتهِ الموسيقيَّة . وقد تقلدَ أحمد فؤاد حسن منصبَ نقيبِ الموسيقيِّين المصريِّين لمدَّةِ 14 عاما متواصلة قدَّمَ خلالها العديدَ من الخدمات العامَّة الهامَّة ، كما تولى رئاسة ِ جمعيَّة المؤلفين والملحنين خلفا ً للموسيقار ِ والفنان ِالكبير محمد عبد الوهاب . </p><p dir="rtl" style="text-align: justify;"> والجديرُ بالذكر ِ إنَّهُ خلال مشوارهِ الفني الطويل ونجاحه الباهر الذي فاقَ الوصفَ واجتازَ الحدودَ الإبداعيَّة َ ارتبط َ بالسَّيِّدة ِ " سهام توفيق " التي كانت تلميذتهُ وإحدى مُعجباتهِ اللواتي كان َ يجذبنهُنَّ فنُّهُ وموسيقاهُ وطريقة ُ أدائهِ . ولهُ من الأبناءِ السيَّدة عبير والمهندس خالد .... وفي أواخر ِ حياتهِ عملَ الموسيقارُ أحمد فؤاد حسن أستاذا مُتفرِّغا ً بأكاديميَّةِ الفنونِ إلى أن وافتهُ المنيَّة ُ في شهر آذار 1993 . </p><div dir="rtl" style="text-align: justify;"><br /></div>Al-ghorbahttp://www.blogger.com/profile/00781969873172894524noreply@blogger.com0tag:blogger.com,1999:blog-2939264949005302772.post-9832723215090462962024-03-17T02:35:00.000-07:002024-03-17T02:35:08.711-07:00 استشراف على الروح (نافذة الروح) الأحلام البهية/ الدكتورة بهية الطشم<div class="separator" style="clear: both; text-align: center;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhgZzzJvH7ArxmlF-L9sflRSxCiV7nXgfR2_FItpGwa8XvVRo7NTu3JfB6MIKqA9DBB8odf31cdPcc4rSFmjNKusb7NZ0DzU_xMWhJzaq-SMbgnoE3aaYqcPKCFRNdUS2Wn5b2C7cVUr0ZGggq-GnLlJ8clEEo4N5PXjEnP4s_Sg5a0l5AH27dOLdWxyVU/s841/1.jpg" imageanchor="1" style="margin-left: 1em; margin-right: 1em;"><img border="0" data-original-height="841" data-original-width="659" height="640" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhgZzzJvH7ArxmlF-L9sflRSxCiV7nXgfR2_FItpGwa8XvVRo7NTu3JfB6MIKqA9DBB8odf31cdPcc4rSFmjNKusb7NZ0DzU_xMWhJzaq-SMbgnoE3aaYqcPKCFRNdUS2Wn5b2C7cVUr0ZGggq-GnLlJ8clEEo4N5PXjEnP4s_Sg5a0l5AH27dOLdWxyVU/w502-h640/1.jpg" width="502" /></a></div><br /><p dir="rtl" style="text-align: justify;">.... حتماً لن تُثني جَهَامة الاشواك ارادة المحاجر في العيون </p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">عن النظر ملياً الى أملها المُشرِق...</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;"> حيث تشعّ ذبذبات أقوى الحواس في منطق أرسطو وأورغانون العقل (حاسة النظر)</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">لتطال أفق البصيرة الساطع,</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">ولتلتمس رحيق الأحلام البهية وتخترق حجب المآزق في سيرورة الزّمان,</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">فنُنصت بفائق الامعان الى ما تقوله ملكة الحواس على مسمع أرواحنا ازاء كنه الحياة وارهاصات العمر المتقلّبة....</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">.......................................................</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">ترقص العين الشاخصة – ابداً في حلمها- على جراحها رقصات فراشة تستميت للضوء ,</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">وترمق عشقها السّرمدي بثباتٍ صارخ من بين القضبان ,فتستحيل الى اليد الطّولى</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;"> المنغمسة في حصاد رؤى حدسها,بعدما كانت تحصي كل دمعة يقطرُها الحزن من مآقيها لتندثر المآسي تحت أقدام الدهر وتغدو في لدُن العدم............</p><div dir="rtl" style="text-align: justify;"><br /></div>Al-ghorbahttp://www.blogger.com/profile/00781969873172894524noreply@blogger.com0tag:blogger.com,1999:blog-2939264949005302772.post-67666434065965135682024-03-16T14:13:00.000-07:002024-03-16T14:13:01.431-07:00لُبْنَانُ يَانُورَ الْحَيَاةِ/ محمد محمد علي جنيدي<p dir="rtl" style="text-align: center;"> </p><div class="separator" style="clear: both; text-align: center;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEi2ATHev0FG1UQfH7qnwiqVp9IblMV-rEI6jBSJElChDB1evhKd_BgAqz4M59v3aXoL86i7xHrl9wxAKiSCQdFwK9-aszAGtoW92ZuU8UmNcDLpUWfqdi_RI4RgqqxWOxpNlgBJOp5apkdui6fIpaKOu4G2tpg4pynQmkz3y6GiN1M1X_Ubi06HcrFKzPI/s238/%D9%85%D8%AD%D9%85%D8%AF%20%D8%AC%D9%86%D9%8A%D8%AF%D9%8A.jpg" imageanchor="1" style="margin-left: 1em; margin-right: 1em;"><img border="0" data-original-height="173" data-original-width="238" height="173" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEi2ATHev0FG1UQfH7qnwiqVp9IblMV-rEI6jBSJElChDB1evhKd_BgAqz4M59v3aXoL86i7xHrl9wxAKiSCQdFwK9-aszAGtoW92ZuU8UmNcDLpUWfqdi_RI4RgqqxWOxpNlgBJOp5apkdui6fIpaKOu4G2tpg4pynQmkz3y6GiN1M1X_Ubi06HcrFKzPI/s1600/%D9%85%D8%AD%D9%85%D8%AF%20%D8%AC%D9%86%D9%8A%D8%AF%D9%8A.jpg" width="238" /></a></div><br /><p></p><p dir="rtl" style="text-align: center;">لُبْنَـانُ يَـالُبْنَـانُ يَاعَلَـمَ الْقُـرَى</p><p dir="rtl" style="text-align: center;">يَا خَيْرَ بُلْدَانِ الْإلَهِ عَلَى الثَّــرَى</p><p dir="rtl" style="text-align: center;">طَابَتْ أنَاشِـيـدُ الحمى وَتَعَطَّرَتْ</p><p dir="rtl" style="text-align: center;">بِدِمِ الزُّهُورِ دِيَـارُنَـا لَمَّا جَـرَى</p><p dir="rtl" style="text-align: center;">أبْـنَاءُكَ الْأبْـرَارُ أُسْـدُ عُرُوبَتـِى</p><p dir="rtl" style="text-align: center;">فَـرِحُوا بِنَصْـرِ اللهِ فَرْحاً مُبْهِرا</p><p dir="rtl" style="text-align: center;">لَمَّا اعْتَـدَى الْغَازِي عَلَـى لُبْنَـانِنا</p><p dir="rtl" style="text-align: center;">هَبَّتْ عَلَيْه الْأُسْدُ رِيحـاً صَرْصَرا</p><p dir="rtl" style="text-align: center;">بَيْرُوتُ ، بِنْتُ جُبَيْلِ ، قَانَا ، أرْضُنا</p><p dir="rtl" style="text-align: center;">نَفْدِيكَ يَالُبْنَانُ عُمْـراً طَاهِــرا</p><p dir="rtl" style="text-align: center;">حِينَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ وَاشْتَـدَّ الْوَغَى</p><p dir="rtl" style="text-align: center;">بِالنَّصْرِ رَبُّ الْكُوْنِ جَـاءَ مُبَشِّـرا</p><p dir="rtl" style="text-align: center;">نَحْنُ الصُّقُورُ الْحُمْرُ لا نخشى الرَّدَى</p><p dir="rtl" style="text-align: center;">وَحَمَائِمٌ فِى السِّلْمِ تَعْـلُو الْأنْهُـرا</p><p dir="rtl" style="text-align: center;">نَصْـفُـو لِمَنْ يَصْفُو بِكُـلِّ مَحَبَةٍ</p><p dir="rtl" style="text-align: center;">وَكَـذَا نُـذِلُّ الظَّـالِمَ الْمُسْتَكْبِـرا</p><p dir="rtl" style="text-align: center;">النَّصْرُ وَعْـدُ اللـهِ لَـيْسَ لِمُعْـتَدٍ</p><p dir="rtl" style="text-align: center;">يمضي الْحَيَـاةَ مُخَـرِّباً وَمُدَمِّـرا</p><p dir="rtl" style="text-align: center;">إنْ تَبْـقَ يَا لُـبْـنَانُ قَلْـباً وَاحِـداً</p><p dir="rtl" style="text-align: center;">فَسَوْفَ يبقى نَصْـرُ ربِّـكَ مُزْهِرا</p><p dir="rtl" style="text-align: center;">يَا أهْـلَ لُـبْـنَـانِ الْكِرَامِ وَأهْلَـنا</p><p dir="rtl" style="text-align: center;">قُمْتُـمْ بِدِينِ اللـهِ صَفّـاً قَاهِـرا</p><p dir="rtl" style="text-align: center;">هاذي السُّهُولُ الْخُضْرُ تِلْكَ بِقَاعُـنا</p><p dir="rtl" style="text-align: center;">دَوْماً سيجري الْمَـاءُ فِيهَا كَوْثَرا</p><p dir="rtl" style="text-align: center;">لا والذي خَـلَقَ الْحَمَائِـمَ وَالْحَـيَا</p><p dir="rtl" style="text-align: center;">لَمْ يَبْـقَ أنْفُ الْحَـقِّ إلَّا فِى الذُّرَا</p><p dir="rtl" style="text-align: center;">وَسَـيَـشْـهَـدُ التَّـارِيخُ أنَّا لِحُبِّهِ</p><p dir="rtl" style="text-align: center;">كُـنَّـا وَدَوْمـاً فِدْيَـةً مَهْمَا جَرَى</p><p dir="rtl" style="text-align: center;">لُـبْـنَـانُ يَانُـورَ الْحَيَاةِ وَرَوْضَها</p><p dir="rtl" style="text-align: center;">يحمي ثَرَاكَ رَبُّنـا حامي الْقُرى</p><p dir="rtl" style="text-align: center;"><br /></p>Al-ghorbahttp://www.blogger.com/profile/00781969873172894524noreply@blogger.com0tag:blogger.com,1999:blog-2939264949005302772.post-56932869662579138642024-03-15T02:26:00.000-07:002024-03-15T02:26:11.418-07:00 لو أردنا وعملنا لنجونا/ جواد بولس<div class="separator" style="clear: both; text-align: center;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgngsCZYs6AKz7rNca_Y1B1Gzub2RCEEd06LQlTMjd0onIShrUO7I-jsPoUxUAuoS1EFxXux9p7wTNkQUuTviz8nhWiFJ2DFd3We2_SFX1jTHP0KIWlLNNK9ISmitfIruLAR0j9Mzugre_NJPyq4Ec1l7OUBvBAiVaqxuPIDFiIk2SFnLpNu8NMRzgDhHw/s443/%D8%AC%D9%88%D8%A7%D8%AF%20%D8%A8%D9%88%D9%84%D8%B3.jpg" imageanchor="1" style="clear: left; float: left; margin-bottom: 1em; margin-right: 1em;"><img border="0" data-original-height="443" data-original-width="442" height="320" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgngsCZYs6AKz7rNca_Y1B1Gzub2RCEEd06LQlTMjd0onIShrUO7I-jsPoUxUAuoS1EFxXux9p7wTNkQUuTviz8nhWiFJ2DFd3We2_SFX1jTHP0KIWlLNNK9ISmitfIruLAR0j9Mzugre_NJPyq4Ec1l7OUBvBAiVaqxuPIDFiIk2SFnLpNu8NMRzgDhHw/s320/%D8%AC%D9%88%D8%A7%D8%AF%20%D8%A8%D9%88%D9%84%D8%B3.jpg" width="319" /></a></div><br /><p dir="rtl" style="text-align: justify;"><br /></p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">قررت ادارة "الجامعة العبرية" في القدس تعليق عمل بروفيسور نادرة شلهوب كيفوركيان في فرعيّ علوم الجريمة والعمل الاجتماعي في الجامعة بسبب تصريحات كانت قد اطلقتها مؤخرا، شكّكت فيها بالادعاءات الاسرائيلية حول قتل الاطفال واغتصاب النساء خلال الهجمة التي نفذتها عناصر حماس في السابع من أكتوبر المنصرم، وكذلك بسبب تصريحات اخرى قالت فيها ان "الصهيونية حركة اجرامية ويجب محوها والغاءها". </p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">لقد وقع في شهر تشرين الاول/ اكتوبر المنصرم صدام سابق بين ادارة الجامعة العبرية والمحاضرة شلهوب، في أعقاب توقيعها مع آخرين على عريضة أدانت العدوان الاسرائيلي على غزة واتهمت إسرائيل بتنفيذ جرائم حرب وابادة جماعية ضد الفلسطينيين. </p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">لم تُقدم ادارة الجامعة في اكتوبر المنصرم على تعليق عمل المحاضرة شلهوب بل اكتفى رئيس الجامعة وعميدها بتوجيه رسالة تحذير شديدة اللهجة اليها، تضمنت نصيحتهما لها بأن تترك عملها في الجامعة. كانت الرسالة قاسية وهجومية وباسلوب لا يليق بعلاقة محاضرة وادارة جامعة تعمّدت ان تكتب: "نحن نأسف ونخجل بأن تحتضن الجامعة العبرية داخلها عضوة هيئة تدريسية مثلك. على ضوء مشاعرك، نحن نعتقد انه من الملائم ان تفكري بترك وظيفتك في الجامعة العبرية في القدس". لقد اثار موقف ادارة الجامعة العبرية في حينه موجة من الاستنكارات المحلية والدولية، لكنه ووجه ايضا بانتقادات شديدة من قبل جهات يمينية اتهمت الادارة بالضعف وبالهزيمة. </p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">لم يكن قرار ادارة الجامعة العبرية بتعليق عمل المحاضرة نادرة شلهوب هو الاول من نوعه على مستوى الدولة؛ فمنذ سنوات تنشط في اسرائيل عدة جمعيات يمينية متخصصة بملاحقة المواطنين والجمعيات والمنظمات، العربية بالاساس واليهودية المعارضة لسياسات تلك الجمعيات اليمينية المتطرفة ولاهداف الاحزاب الفاشية والعنصرية التي ترعاها وتحتضنها. تقوم تلك الجمعيات العنصرية وميليشيات العسس التابعة لها بتنسيق أنشطتها وتوزيعها وفقًا لميادين عمل متخصصة مختلفة؛ فبعضها يتخصص بملاحقة مواقف وتصريحات المحاضرين، العرب واليهود، في الجامعات، وبعضها يعمل بمراقبة انشطة الطلاب الجامعيين، واخرى تلاحق الصحافيين ومواقع التواصل الاجتماعي ومؤسسات المجتمع المدني خاصة تلك الناشطة في الدفاع عن حريات المواطنين وضد سياسات التفرقة العنصرية. لقد بدأت بعض تلك الجمعيات العسسية انشطتها منذ اكثر من عقد وقد نوهنا في حينه الى خطورتها وما قد تحققه فيما اذا غض النظر عن نشاطاتها. تعد جمعية "إم ترتسو"، ومعناها إذا أردتم، من أقدم هذه الجمعيات إذ بدأت نشاطها منذ أكثر من خمسة عشر عامًا وعملت خلالها بشكل حثيث وممنهج ضد المحاضرين والطلاب والمؤسسات التي كانت تتهمهم بمعاداة الصهيونية وبدعم مقاطعة اسرائيل وتنشر بحقهم تقاريرها وتطالب مؤسسات الدولة باتخاذ الاجراءات بحقهم ومعاقبتهم؛ وقد سجلت "انجازات" كبيرة في هذا المضمار. وعلى الرغم من وضوح أهداف تلك الجمعيات ومن كونها شاهدًا على أخطر افرازات جنوح المجتمع اليهودي نحو الفاشية والبرهان على نمو قوة محركاتها وتزويدها بوسائل محكمة وقادرة على ملاحقة كل من يعارض مخططاتها، لم يتخذ المجتمع العربي في اسرائيل اجراءاته الكفيلة بمواجهتها والتصدي لها. مرت السنون فاصبحت تلك الجمعيات والاجسام شبكة خانقة تملك قدرات مالية ضخمة واجهزة ادارية قوية ومهنية ومؤثرة على معظم مؤسسات الدولة ومراكز القوة الرسمية والخاصة: مثل الوزارات والشركات والمدارس والمستشفيات والجامعات والنيابات العامة والمحاكم، وصارت تقاريرها بمثابة لوائح اتهام قاطعة وملزمة للجهة المعنية المطالبة باتخاذ الاجراءات العقابية بحق من ورد اسمه في احدها.</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">لقد اشتدت معالم هذه الظاهرة بعد السابع من اكتوبر المنصرم؛ فنتيجة لهول الصدمة داخل المجتمع اليهودي، ولتفشي الاجواء الفاشية باشكال واحجام غير مسبوقة، وتحول ظاهرة استعداء جميع المواطنين العرب داخل اسرائيل الى موقف صهيوني شرعي ومبرر وشائع، اصبحت جميع اجهزة الرقابة والعسس، اكبر قوة و اكثر تأثيرا وفعالية؛ فبدأنا نلمس في الاشهر الماضية تنامياً في اعداد ضحاياها مثل المحاضرة نادرة شلهوب وقبلها ما جرى مع الدكتورة وردة سعدة التي طردت في أواخر شهر أكتوبر المنصرم من عملها كمحاضرة في "كلية كي" لتأهيل المعلمين في مدينة بئر السبع بسبب نشرها بعض البوستات ضد الحرب على غزة. هنالك المئات ممن فقدوا عملهم او طردوا من جامعاتهم أو سجنوا وحكموا ولم نسمع عنهم وعن مأساتهم. ومن المتوقع ان تزداد وتيرة وحدّة هذه الملاحقات خاصة اذا لم تجد تلك القوى الفاشية والعنصرية من يواجهها؛ فسوى بيانات الشجب التي تحررها قيادات الاحزاب والحركات السياسية، ونداءات الغضب وتأثيم بعضنا البعض، وبعض بيانات التضامن مع الضحايا، لا سيما اذا كانت الضحية شخصية عامة مشهورة وذات مكانة مهنية معروفة، سوى هذه الردود لا توجد أية محاولة جادة لدراسة وتقييم الظاهرة ووضع أية مخرجات وبرامج عمل مؤثرة تضمن حماية مجتمعاتنا وتوفر للافراد حواضن واقية ومشاعر الأمان وتخرجهم من حالة الخوف التي يعيشونها يوميا. </p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">يدور في هذه الايام نقاش على نطاق محدود، بين بعض الاكاديميين والمثقفين العرب، حول صور التضامن الممكن اتخاذها مع المحاضرة نادرة شلهوب. يأتي هذا النقاش ومعظم فئات المجتمع العربي في اسرائيل تعيش في حالة عزوف تام ولا تتفاعل مع تداعيات الحدث ؛ فالصمت سيّد في الشارع وبين النخب الاكاديمية والمثقفة والتكنوقراطية التي سكتت عما حصل مع ضحايا الاشهر الماضية وتسكت في حالة المحاضرة نادرة شلهوب كيفوركيان، وستسكت ايضا طالما بقيت النار بعيدة عن احراجهم. </p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">في الواقع يدفع ضحايا سياسة الملاحقات الفاشية والعنصرية ثمن حالتين عبثيتين منتشرتين داخل مجتمعنا العربي في إسرائيل: الحالة الاولى هي عجز مؤسسات وقيادات مجتمعنا عن تشخيص خطورة الظاهرة منذ نشأتها، وعجزههم بالتالي عى مواجهتها او العمل على حصر اضرارها. والحالة الثانية هي تبسيط الكثيرين لهذه المسألة واكتفاؤهم في معظم الحالات بتأثيم الافراد التابعين لشريحة الضحية وتلويمهم أو توبيخهم او اتهامهم بالعجز والتواطؤ ومطالبتهم بالتعبير الفعلي عن تضامنهم مع زميلهم /زميلتهم وحثهم على التنحي من وظائفهم او اتخاذهم لخطوات احتجاجية فعلية. وكي لا اكون مجرد منتقد لاي مجتهد اسدى نصيحة او قدم اقتراحًا او عبّر عن رأيه، اقر بانني لا املك حلا سحريا لهذه القضية الحارقة التي سيشتد وزرها علينا جميعا. لكنني لا اعتقد بان مطالبة العاملين في الجامعة العبرية، في الحالة الراهنة مثلا وفي غيرها طبعا بالتنحي من وظائفهم الادراية هو الفعل النضالي المؤثر والصحيح؛ فالبطولات الفردية أو الفئوية، على اهميتها كأبداء موقف تضامني مع الضحية واحتجاجي على معاقبتها ظلمًا، لن تنقذ ضحايا المستقبل، وارتجالية ردود الفعل ليست سياسة صائبة، وتحميل عبء هذه المأساة على اكتاف من يتوجهون لوظائفهم ليجدوا خبزهم كفافهم قد تكون عملية سهلة لكنها، غير منصفة في واقعنا الراهن الذي تستنكف فيه جميع مركبات المجتمع وقياداته عن تحمل مسؤولياتها النضالية ولا تتقدم الصفوف وتدفع الثمن اولا.</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">نحن ازاء قضية مركبة ومعقدة وخطيرة؛ وعلينا، أولا، ان نعي ونقر بحجمها وبمخاطرها علينا جميعا، ثم علينا ان نسعى مجتهدين لمواجهتها، كل من موقعه ومعا من خلال مؤسساتنا. والى ان ننجح بذلك لا يجوز ان نكتفي، وتشديدي على ان نكتفي، بتلويم تلك الفئات التي تعلمت واجتهدت وترقّت وحظيت بوظيفة تستحقها، سواء في مستشفى او مصنع او جامعة او مدرسة، فهؤلاء جميعا هم "أهل معارف" هذا الزمن.</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">وقصة " أهل المعارف" تعلمتها من الراحلة أمي المعلمة سعاد (وضبط تفاصيلها لاحقًا مشكورا الاستاذ عصام عراف)، فعندما كنت طالبا في الجامعه العبرية وكنت أتناقش مع والديّ المعلمين في الشؤون السياسية، كانت امي تروي لنا حكاية المعلم الشاعر ناصر العيسى، ابن قرية الرامة الجليلية. في ثلاثينيات/ أربعينيات القرن الماضي أطلق المعلم ناصر عيسى لحيته مثل سائر المعلمين في فلسطين، احتجاجا على سياسات الانتداب البريطاني ضد فلسطين. وفي احد الايام دخل صفه بعد ان حلق ذقنه، فبدت على وجوه الطلاب الاسئلة وعلامات الاسف. فهم المعلم موقف طلابه فاجابهم بقصيدة قال فيها : "وقفت أمام مرآتي اناجي / بها وجها كثيف الشعر كاسف ، وقلت أيا مليحتي أخبريني / أأحلق شعر ذقني أم أجازف". بدأت مرآته تستغرب تردده وتتساءل عن دواعي جبنه وهو الشاعر المقدام صاحب القصائد "الثائرات كالعواصف" فأجابها، وكان ذلك بيت القصيد : " فقلت بلى ولكنني جبان / وإن الجبن في أهل المعارف" .</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;"> "أهل المعارف" كانوا المدرسين في المدارس الحكوميه أيام الانتداب البريطاني؛ لكنها كانت وبقيت كنية لكل موظف او عامل او طالب رزقه من أي "حكومة انتداب" ، اذا لم يجد قيادة ومجتمعا يحمونه ويؤمنون له الى جانب كرامته الامن ومعدة مرتاحة ومأوى آمن . </p>Al-ghorbahttp://www.blogger.com/profile/00781969873172894524noreply@blogger.com0tag:blogger.com,1999:blog-2939264949005302772.post-70146469507838036002024-03-14T19:47:00.000-07:002024-03-14T19:47:39.173-07:00 يا دنيا غابة/ محمد محمد علي جنيدي<div class="separator" style="clear: both; text-align: center;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgSwBaEbpM1JfyuDq26Ke4-HWO8fLlCC4KP4gp1q6I6c6lQnA8T8iHg3lHcPpB73LGFvjB-c0L9rx6nnVbVrrt9TvpX2Yzir-zY4O6BvyALmO-frKVbF34Flg_oY_OOTNkIURt0Y0pXf9ZdcA934sjAzMLxPpuYXSBw3px_M_R0rIFRbHmqGG42rQvMC0s/s238/%D9%85%D8%AD%D9%85%D8%AF%20%D8%AC%D9%86%D9%8A%D8%AF%D9%8A.jpg" imageanchor="1" style="margin-left: 1em; margin-right: 1em;"><img border="0" data-original-height="173" data-original-width="238" height="173" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgSwBaEbpM1JfyuDq26Ke4-HWO8fLlCC4KP4gp1q6I6c6lQnA8T8iHg3lHcPpB73LGFvjB-c0L9rx6nnVbVrrt9TvpX2Yzir-zY4O6BvyALmO-frKVbF34Flg_oY_OOTNkIURt0Y0pXf9ZdcA934sjAzMLxPpuYXSBw3px_M_R0rIFRbHmqGG42rQvMC0s/s1600/%D9%85%D8%AD%D9%85%D8%AF%20%D8%AC%D9%86%D9%8A%D8%AF%D9%8A.jpg" width="238" /></a></div><br /><p dir="rtl" style="text-align: center;"><br /></p><p dir="rtl" style="text-align: center;">يا دنيا غابه وغاب زمان الرحمة فيكي</p><p dir="rtl" style="text-align: center;">المجرمين اللي افتروا جوّه ف. عنيكي</p><p dir="rtl" style="text-align: center;">ملهمش كاسر واللي زاد كاسرين إيديكي</p><p dir="rtl" style="text-align: center;">أمّا الضعيف المبتلي والراضي بيكي</p><p dir="rtl" style="text-align: center;">مهما يهاتي ف. شكوتُه هاين عليكي</p><p dir="rtl" style="text-align: center;">ولا يوم هتدري بصرخته مهما يناديكي</p><p dir="rtl" style="text-align: center;">مستني يوم ما تقوم قيامتك يشتكيكي</p><p dir="rtl" style="text-align: center;">خليكي فاكره أن الجبان رابط عنيكي</p><p dir="rtl" style="text-align: center;">وأن اللي دمّر وافترى مش هيراعيكي</p><p dir="rtl" style="text-align: center;">وان اللي باعك عمره يوم ما يشتريكي</p><p dir="rtl" style="text-align: center;"><br /></p><p dir="rtl" style="text-align: center;"> - مصر/ بني سويف</p><p dir="rtl" style="text-align: center;">m_mohamed_genedy@yahoo.com</p>Al-ghorbahttp://www.blogger.com/profile/00781969873172894524noreply@blogger.com0tag:blogger.com,1999:blog-2939264949005302772.post-65487258917357528862024-03-14T19:45:00.000-07:002024-03-14T19:45:15.450-07:00 ما تقدّمَ وما تأخّرْ/ غسان م مُنجِّدْ<div class="separator" style="clear: both; text-align: center;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEi1NufKwBgdus5rISMEQ1j3Mgak6EJcuGrUVBgAKXkjMrpZ5UG2eL2opNE-dIcnyLtuggKQIhqg9Jqv-qS_lC9N7u9PlrLIHmOsX2mFDVIpR6Ugo17UifkIe2C3mLMt2FdYQqb_0_I4TCD5ux1XVEfZlk8BE9L_pC1pH2m_wacCtYpSNru-t37FK81DCGs/s393/%D8%BA%D8%B3%D8%A7%D9%86%20%D9%85%D9%86%D8%AC%D8%AF.jpeg" imageanchor="1" style="clear: left; float: left; margin-bottom: 1em; margin-right: 1em;"><img border="0" data-original-height="349" data-original-width="393" height="284" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEi1NufKwBgdus5rISMEQ1j3Mgak6EJcuGrUVBgAKXkjMrpZ5UG2eL2opNE-dIcnyLtuggKQIhqg9Jqv-qS_lC9N7u9PlrLIHmOsX2mFDVIpR6Ugo17UifkIe2C3mLMt2FdYQqb_0_I4TCD5ux1XVEfZlk8BE9L_pC1pH2m_wacCtYpSNru-t37FK81DCGs/s320/%D8%BA%D8%B3%D8%A7%D9%86%20%D9%85%D9%86%D8%AC%D8%AF.jpeg" width="320" /></a></div><br /><p dir="rtl" style="text-align: right;"><br /></p><p dir="rtl" style="text-align: right;">هلْ يتحرّكُ الخوف فينا جزئياً</p><p dir="rtl" style="text-align: right;">من هدير غيهبي </p><p dir="rtl" style="text-align: right;">أمْ تجيشه عراك أدمغة وتزجيه من فراغ</p><p dir="rtl" style="text-align: right;">هلْ تأخذنا رياح المعصية مع جموحها </p><p dir="rtl" style="text-align: right;">أمْ تقول لظلماتنا أنْ تنتمي لها </p><p dir="rtl" style="text-align: right;">وتكون سرّها </p><p dir="rtl" style="text-align: right;">أيُها الغافر ُ</p><p dir="rtl" style="text-align: right;">إغْفر ما تقدّمَ وما تأخرْمن حبر ضلالنا </p><p dir="rtl" style="text-align: right;">وأكتبناعلى أفلاك عاصفةٍ</p><p dir="rtl" style="text-align: right;">إلا من تراب أجسادنا </p><p dir="rtl" style="text-align: right;">نواح ـ عواصف</p><p dir="rtl" style="text-align: right;">هباء </p><p dir="rtl" style="text-align: right;">ومقابر تفتّشُ عن أجساد تحت جلدها </p><p dir="rtl" style="text-align: right;">هلْ يفتّشُ ألمرءً عن جلده تحت جلده</p><p dir="rtl" style="text-align: right;">أساطير ـأوثان</p><p dir="rtl" style="text-align: right;">والمبارزه شقِّيه تنافس الوحي العقلاني </p><p dir="rtl" style="text-align: right;">دولاب ـ نسيان</p><p dir="rtl" style="text-align: right;">وذاكره على أجنحة شهقات تهجّتْ زفيرها </p><p dir="rtl" style="text-align: right;">شك ـ يقين </p><p dir="rtl" style="text-align: right;">وعقولٍ لمْ تقرأ آيات ضياء</p><p dir="rtl" style="text-align: right;">إسفلت في عقول خُيّل َ لها أنها أغصان </p><p dir="rtl" style="text-align: right;">أشعّة ولمْ تختبر حرارة براكين </p><p dir="rtl" style="text-align: right;">يجترُّ جسد طبيعته من عقل مخطئ</p><p dir="rtl" style="text-align: right;">وينحني له </p><p dir="rtl" style="text-align: right;">الوحي ليس شهوة </p><p dir="rtl" style="text-align: right;">الخيال في روؤس وجوه مُعذبه </p><p dir="rtl" style="text-align: right;">أجساد في أمعاء تراب لفظها </p><p dir="rtl" style="text-align: right;">ساخراً منها </p><div dir="rtl" style="text-align: right;"><br /></div>Al-ghorbahttp://www.blogger.com/profile/00781969873172894524noreply@blogger.com0tag:blogger.com,1999:blog-2939264949005302772.post-72322129999900749482024-03-11T22:09:00.000-07:002024-03-11T22:09:11.976-07:00هي نظائر من تدابير الجزائر/ مصطفى منيغ<p dir="rtl" style="text-align: justify;"> </p><div class="separator" style="clear: both; text-align: center;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgnPd7OWVky1Th9jE4s0s8XIxNsNxYoUaEpO8vqIJEqTO-9eyd7RXYP0RffumPxUnCFt82gL2Xudysey69oJlJRPF4uKHCNjHBhZarj4ffpATq21CkAUVANLOrLMckjHpcA7bKM4ER8cfDCvp2hoUYZqfYNMDPYg6C4KpRPr3ApbI7ddnlGfTeQQK7S4zA/s310/%D9%85%D8%B5%D8%B7%D9%81%D9%89%20%D9%85%D9%86%D9%8A%D8%BA.jpg" imageanchor="1" style="clear: left; float: left; margin-bottom: 1em; margin-right: 1em;"><img border="0" data-original-height="310" data-original-width="269" height="310" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgnPd7OWVky1Th9jE4s0s8XIxNsNxYoUaEpO8vqIJEqTO-9eyd7RXYP0RffumPxUnCFt82gL2Xudysey69oJlJRPF4uKHCNjHBhZarj4ffpATq21CkAUVANLOrLMckjHpcA7bKM4ER8cfDCvp2hoUYZqfYNMDPYg6C4KpRPr3ApbI7ddnlGfTeQQK7S4zA/s1600/%D9%85%D8%B5%D8%B7%D9%81%D9%89%20%D9%85%D9%86%D9%8A%D8%BA.jpg" width="269" /></a></div><br /><p></p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">الكتابة عن الجزائر تقتضي المعرفة المعمَّقة بجل ما يخصها كدولة وشعب ، في هذه المرحلة التي تعيد ميلادها من جديد على إيقاع بها أَنْسَب ، وتطوُّر يلازم كل إقلاع لإصلاحٍ جذري أَحَب ، فاصل )ما أمْكَن( الذي مَضَى من تعَتُّرٍ مقصود عن المستقبل المعرَّض كل مقصّر فيه لأشد حساب ، كما أراد مَن للجزائر الحالية الازدهار على المدى الأقرب ، ليستمر في التصاعد المحمود حتى تعود مفخرة الشرق والغرب ، محكمة دستورية وبرلمان بغرفتين وسلط مستقلة الواحدة عن الأخرى الملتحمة كلها لخدمة الوطن الأب ، بما يُرضي وصايا الشهداء ويزكي ضمائر الحرائر والأحرار ويفتح حيال الأجيال كل الأبواب ، في تناغم بين القول والفعل لضمان العمل المتكامل قياما كما وَجَب ، بعد التَمكُّن وبالقانون من حَقٍ مُكتَسَب ، إذ لا فضل ساعتئذ لأحد على آخر مهما بلغ الدرجات الكِبار أو جعله البدء منتَظِراً رفقة الصِّغار إذ الكل سائر كنهرٍ نحو مَصَب ، قد يكون بحراً للسباحة فالاستجمام أو مستنقع مقذوف داخله صحبة الأسى والندم وبعدها كل المحن على رأسه تَنكَب ، كل موهوب بالعلم المُحَصَّل للجزائر الجديدة أفضل ما عنده وهب ، وكل حالم لغسلها بماء الورد من عرق جبينه في اليقظة على ثراها الشريف صب .</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">... إختصاراً الجزائر حالياً قائمة على التغيير بالمُتاح عندها ، دون الالتجاء إلى القروض ممَّا جعلها من الدول الجد قليلة في العالم لا ديون عليها ، بما يعني التمتُّع باستقلالية القرار وحرية التوجُّه و العيش كما يحلو لها ، لذا عمدت للاهتمام مهما كان المجال لما يتفاعل داخلها ، من استحسان جماهيري كما أرادت للإقلاع التنموي خطتها ، وإن كان التنفيذ لمضامينها يتم ببطء لا يناسبها ، النتائج الأولية تبشّْر بحصول إصلاحٍ جوهري يطال جل الميادين ذات الارتباط الأساسي بحياة الجزائريين اليومية بما لها وما عليها ، منها إنتاج البعض من المواد التي عرفت الأسواق شحاً ملحوظاً لوجودها ، فانتقل الاعتماد الكلي على واردات المحرقات إلى مداخل مستخلصة من تصدير منتجات مصنعة كليا أو جزئيا داخل الجزائر وبأيادي جزائية برهنت عن كفاءاتها ، حينما وجدت في المسؤولين على تدبير الشأن العمومي يحملون نفس الهدف أعمالا على أرض الواقع مترجمة وليس شعارات دعائية متجاوزة مقاصدها ، فحدث ذاك التحوُّل الفارض أسلوبه الجديد ذات الخاصية الجزائرية الراغبة الآن في تطوير معالمها كعلاماتها ، الممتازة بدءا من كونها الدولة الوحيدة ربما في العالم أجمع المانحة دور السكن لمواطنيها المحتاجين بالمجان سعيا للتخفيف من حدة فوارق مجتمعها ، الذي عمدت الأنظمة البائدة على تكريسها ، خدمة لخلق جزائر مكتظة بالفقراء المعوزين النُّكساء وهي من الأغنياء القادرة (إن كانت الأمور تسير على أحسن ما يرام) لتصبح من أكثر البلاد الإفريقية ثراء وعيشاً يساير متطلبات الحياة السعيدة لها و شعبها ، كما رفعت أجور موظفيها بنسبة 47 في المائة وذاك شأن غير معهود وتصرُّف يُظهر نجاعة سياسة توزيع الثروة الوطنية بما يناسب تغطية حاجيات المواطنين دعماً لمضاعفة مجهودهم المبذول للارتقاء بدولتهم صوب التقدم المنشود ضمن مستحقاتها . كما تتهيأ قوانين تنظيمية تخصّ مختلف المكونات الأساسية أكان الأمر متعلقاً برجال ونساء التعليم الشامل مختلف تصنيفاته أو بهيأة الأطباء أو حرف متعددة أخرى لتسهيل الارتباط الواجب تمكين التعامل به لفائدة أطراف مخوّلة لخدمة المجتمع بما يضمن تصريف العدالة بين الجميع ومحاسبة المقصرين مهما كانت العلل والأسباب بما يناسب الانضباط الرامي للاستقرار الاجتماعي الحقيقي .</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">الارتقاء يسمُو إن كان مسبوقاً بمراحل تأخُّرٍ وتقهقرٍ وانتكاس ، يسَعى مَن حقَّقَهُ تعويضَ ما ولَّى (مِن عهدٍ تربَّعَ وسطه الممكن جعله المُضيِّع عن هدف مُشيد على منافع ذاتية ضيِّقة بتسَخَّيرَه كأعلَى نفوذٍ سلطَوِيٍّ الفسادٍ الممنهجٍ المُتدرُّجٍ وفق نية غير سليمة في هندسة عمليات مُخرٍّبة للدعامات التي لا بقاء لأي دولة بدونها كأساس،) للحفاظ على مداخل سبل مكتشَفَة من لدن حملة مسؤولية انتسابهم لوطن استشهدت الملايين من النساء والرجال لغاية تحريره من أسوَأَ احتلال فرنسي ألِفَ الاستحواذ على جل أوطان الإفريقيين بكل وسائل القوَّة وما يسبقها من مؤامرات وتحركات مشبوهة واختلاس . الجزائر لؤلؤة تتوسَّط عقد شمال إفريقيا ستُصبح دون مهرجانات دعائية غوغائية ولا طموحات تبَقَى حبيسةَ تخميناتٍ الواثبين بغير دراية لمسافة تفصل الفراغ عن ضفة الملء المفيد المُنتظِر كل ذي عقل عاقل المعتمِد على مقوماته المادية بعد الروحية الفارضة التزود بالحلال المُحرِّم سخاء الضلال ، إذ لها برنامج تدخل بمقتضاه القارة السمراء بأساليب وإرادات جديدتين شكلاً ومضموناً لمساعدتها الحقيقية على النهوض ما دامت عذراء لا زالت مستعصية على طالب الزواج ممَّن يدفع مهرها ليستعيده أرباحاً مُضاعفة ، وهي أدرى ممّن يتوهمون أنها لا تدري لينشرون عنها ذاك الترابط المسخَّر سياسياً كمظهر القابل للتراجع في أي وقت جوهرياً ، عملاً بواقعية تصرُّف المُحتاج ريثما يستولي على ما يحتاج ، الجزائر خصَّصت مليار دولار لإنشاء ما ترغب إفريقيا نفسها انجازه وفق تنمية مصالحها غالباً في ميداني الصحة والتعليم ، وحتى تكون الجزائر فريبة من نقط جد حيوية فتحت خطوطاً بحرية لتصريف موادها الحاملة شارة "صُنع في الجزائر" واستقبال ما يرفع من المبادلات التجارية بينها ودول تختار التعامل بما يؤكد التضامن الحقيقي والمساندة الموجهة لنصر الحق المؤدي لمعايشة الأمن والاطمئنان والسلام ، كما عمدت لإنشاء خطوط جوية تتيح سرعة الوصول لمحطات افريقية مستعدة لعقد مشاركات تنموية ضامنة الولوج في متطلبات الألفية الثالثة وبخاصة ما تحتمه تحديات المنافسة الشريفة من شروط وأسباب أولها أهمية الاستثمارات الضخمة لتحقيق الضخم من المشاريع الحضارية المتحضرة حاضراً كتوطئة حميدة محمودة لمستقبل مُشرق ، وليس الترقيع مهما كان المجال بالإبقاء المتكرِّر المحافظ على القشور دون التفكير في سلامة النواة ، وعبر روسيا والصين تحركت لمباشرة ما يلزم حتى تُعقَد في شأنه اتفاقات تفتح المجال لتنوع مثمر تجاري اقتصادي لا يعرقله بعد مسافة ولا يسمح لمعاودة انغلاق خدمة كان للانسياق خلف سياسة فرنسية كان لها في الجزائر على مستوى سامي من العملاء المتخصصين في مصِّ رحيق الاقتصاد الوطني بكيفية لا زالت تاركة علامات الاستفهام حول أناس مهما شبعوا بتجويع الشعب أعادوا الكرة لإبقاء الجزائر مجرد هيكل لبقرة حليبها يتقاسمونه مع حبيبتهم وحاميتهم فرنسا ، وإذا كانت السلطات الجزائرية الحالية قد استرجعت داخلياً ما يُقارب الثلاثين مليار دولار المنهوبة كانت من طرف هؤلاء ، فهي ماضية في حوارها القانوني مع دول خارجية لاسترداد كل المبالغ المحولة لمصارفها المهربة من طرف من حسبوا أنفسهم أنهم أقوى بتركهم الوطن الجزائري ضعيفا ، متجاهلين أن الجرائر دولة وشعب لها من الصَّبر الذكي ما يجعلها منتصرة في الأخير ، قادرة على بناء ما هُدّم ، وترميم كل أصيل مُهم ، و وفتح كل طريق مستقيم ، واستعادة ما ضاع منها أثناء ظرف عقيم ، وما هي إلا مرحلة قصيرة والجزائر منارة عرفان ، ومنبع خير على امتداد الآتي من الزمان . </p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">ثقافة شَحنِ العُقولِ بحقائق معكوسة صَحَّحَ الزمان مضامينها لتبدو متذبذبة لا تَقْوَى على الوقوف متصدِّية تلك المبنية على حقائق حقيقية ، تجعل منها ثقافة المرحلة الآنية ، والجزائر وسطها عازمة على بناء تكتُّل إعلامي متمكِّن من حرفة التبليغ المُؤثِّرِ عن حقٍ في الرأي العام الدولي بعد الوطني ، قد يكون على شكل "نقابة" تخاطب الدولة لتحقيق توازن بين المطلوب المادي والتكيُّف مع الإبداع الفكري لتحريك الايجابي المُوجَّه لكسب ثقة المُتَلَقِي الأجنبي ثانياً والوطني أولاً ، نقابة بمفهومٍ جزائري ذي القاعدة التحَرُّرية الرافعة شعار "المهم في الفهم لتتأتَى مصداقية الأحكام " ، ثم الابتعاد ما أمكن عن تكرار أن "كل شيء على أحسن ما يرام" ، ما دامت العاطفة خصم لإعلام نزيه ، والسباحة فيه عكس التيار ، لمُجرَّدِ إرضاء الآخَر ، يجعل منه غير مناسبٍ لجزائر جديدة رفعت مشعال الصراحة في الأقوال ، والوضوح في الأعمال ، استدراكاً لحُسْنِ مآل .</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">... هناك اتفاق معنون بما يحتاج لوقفة تأمل في دولة جزائرية استطاعت أن تنال ثقة روسيا الاتحادية وتبرم معها الشراكة الإستراتيجية المعمَّقة ، تفاصيلها مستعصية على العاديين ، مقلقة تكون لمن أجهزتها المخابراتية تستعد بكيفية استثنائية لملاحقة التفاصيل المجزأة ظهورها على ظروف متقاربة أو متباعدة التوقيت لتمنح الدليل أن عصر التقارب الند للند إتباعاً لمواقع جغرافية معيَّنة ، ذات أهمية بالنسبة لمن ستسود مستقبلاً كأداة للتواصل الأسرع من سرعة التخلص من الغلاف الجوِّ الأرضي إلى رحابة الفضاء ، بما يعني أن سلاحاً غير مسبوق سيكون من حق الجزائر امتلاكه لمقارنة تنفيذ برامجها الإصلاحية الكبرى بقوة حريصة على استعدادها المطلق للدفاع عن نفسها مادام الغرب وأمريكا في المقدمة ، لن يغفر للجزائر كسر الحصار التجاري الموجَّه ضد روسيا عقاباً لاجتياحها أوكرانيا ، ولو كان الغرب ومعه الولايات المتحدة الأمريكية (في عهد جو بيدن) يفهم العقلية الجزائرية لابتعد عمَّا تراه اختياراً تتحدى به العالم لتمسُّكها عن قناعة وليس إتباعا لسياسات ظرفية ، أنها دولة حرة لا تُقاس حريتها بالتنقُّل من موقع إلى آخر ، وذاك سر استمرارها مُهابة الجانب .</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">... أعمال في مستوى قطع المراحل بسرعة تتخلَّلها ما يفيد تغيير العقلية ليتم التكيف مع المُدْرَك انجازه بسلاسة تؤدي لمسك المواطن الجزائري خيوط مستقبله وهو أحسن بكثير ممَّا كان عليه خلال عقد مرّ والمآسي تتعاظم حياله ولا يستطيع سوى المثول مهما كان المطلوب حتى لا يُحرَق بنار انتقام مسببيها أو يحيا في منأى عن الهوية الجزائرية فاقد الكرامة ومعها كل حقوق المواطنة في بلد من أغنى بلاد الكرة الأرضية . أعمالُ تُصنِّع ما لم يكن مُصنَّعاً ، وتُشيِّد ما يكون به المحتاج قانعا ، وما يرخِّص للمورد الحلال وللحرام منه مانعاً ، وما يجعل مُعوِزَ الأمس لرأسه بما امتلكه اليوم رافعاً . هناك منحة مالية تخص العاطلين ريثما تفسح الدولة المجال لاستيعابهم مادامت مقبلة على إنصاف طبقة محرومة ظلت عن تدبير مشكوك تتقاذفها إجراءات لا يخشى روادها عقاب الدنيا قبل الآخرة .</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">الخاسرة الكبرى في استرجاع الجزائر قيمة تحررها من التبعية بالكامل فرنسا وخدامها الأوفياء ، فأرادت التقرُّب من المغرب لتعويض مكانة بأخرى تابعة مَنْ حسبوا أنفسهم من الأذكياء ، يقفزون على حبال الظروف المواتية لينسجموا مع الرابحين دخرَّتهم الخارجة مِن سيطرتها على الجزائر ردحاً لا يُستهان به لتقذف بصنارتها عساها تصطاد في "الرباط" ثقة النظام العالمة كما تدعي بخباياه ومنها حاجته لتأمين ما يملكه فوق أرضها على تنوُّع قيمته بطول أصفار يجرها الرقم الصحيح من ورائه جرا لا يقدر على عرقلته أحد لحصانة لا يُمسُّ ثقل نفوذها حتى رئيس الجمهورية الفرنسية نفسه ، إذ تمة اتفاقات سيادية متبادلة من الصعب التفكير في طرح مضامينها على الملأ تتجاوز السياسة الرسمية المطبقة في كلتا البلدين ، الظاهر منها تسوس الضعفاء أما الأقوياء فلهم سياسة الظل يمرحون بها كما شاءت مصالحهم الخالية من تأثيرات العواطف البشرية ، فلا ديمقراطية يصغون لشعاراتها ، ولا قوانين يلتزمون بتطبيقها ، ولا إخلاص لقيم نبيلة يأخذون بصفاء أحقِّيتها ، فقط هذا لكَ وذاكَ لِي وتِيكَ لتوزيعها على المقرَّبين وإذا بقي من المجموع بقيةَّ يتنافس على أخذها المتنافسون المنضوون تحت لواء الحكومات المنتخَبة ممَّن خاب ظنهم ومِن زمان ، في مثل الأحوال الدائرة مع دوامة لا تكف عن الدوران ووسطها اليائس والحالم والصبور و الجائع والمظلوم و المضحوك عليه والمحروم والمحبوس في الهواء الطلق والمُصفِّق عسى منظره للآخرين يليق .</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">... الجزائر اكتسبت على امتداد تجربتها مع الفساد والمفسدين ما يجعلها كفيلة بوضع اليد على بؤر متخصصة في زرع فيروس التشكيك بخلق عرقلة تبدأ طفيفة لتتضخَّم مع حِيَلِ التَّطبيق ، الغرض منها الإبقاء على الفساد والمفسدين ، الجزائر اليوم كفيلة بطمس تلك البؤر بما وضعته من برنامج لا يترك فراغاً إلا وملأه مشاريع تستوعب العاطلين عن العمل ، ثم تفك به العزلة عن مناطق شهدت ما شهدته من حيف و إقصاء بسبب قلة المواصلات ، مِن هذه المشاريع والكبرى ترميم أو إصلاح أو فتح خطوط جديدة لشبكة السكك الحديدية ، مثال ذلك ربط "تندوف" بالعاصمة "الجزائر"، فالشروع بالاهتمام المُؤكَّد لقطاع السياحة بكل ما تتطلب مرافقها من تجهيزات وطرق سيارة وتكوين ينهي الحاجة الماسة لمرشدين سياحيين على دراية تامة بتاريخ وجغرافية بلدهم الجزائر ، يتحدثون بكل اللغات الحية ، ولهم الموهبة لنقل ما ترمز إليه بعض المعالم التراثية لعقلية الوافدين من أقطار شتى ، وفي هذا الصدد للجزائر أرضية مهيأة للنجاح في هذا التخصص المطل على التواصل الحضاري مع محبي الجزائر عبر العالم .</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">لاَ ولَنْ نمدح أو نُحاكم أحداً على الإطلاق ، فقط نُعبِّر عن ارتياحنا والجزائر تستبدل جلبابها المرقَّع كان بآخر جديد لبسته قبل الانطلاق ، قماشه منسوج بعزة ومفصَّل قياسه بكرامة يرمز للثراء وليس الإملاق ، فريد من نوعه لا وجود لشبيهه مهما كانت الدول - الأسواق ، عارضة للمنجزات وأصناف عالمية من الأرزاق ، جلباب تلائمه عمامة مطرَّزة بماضي كفاح يجلب لذِكْراه الراغبين قي تحرير بلدانهم بما تركه للأمجاد خَلاق ، ماضي لم يستطع الاحتلال الفرنسي لمدة قرن أن يُلوّثَ أصالته إذ بقي على عهده وقهر المحتل حيث ساقه الانزلاق ، في جرم صنيعه مجرور من قفاه لحجرة الاستنطاق ، في ضيافة التاريخ الإنساني المتحدث بالكلمات المقروءة بكل لعات العالم عن ملحمة الجزائر الخالدة التي أودت بحياة المليون ونصف المليون من الشهداء الأبرار مُحقِّقة معجزة الاستقلال ، بعدما كانت فرنسا قد ضمتها ولاية تابعة لباريس كإجراء دائم يدخل في إطار سيادة ترابية ليس لأحد القدرة على تغييرها .</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">... تمنينا أن تكون الجزائر دولة جاعلة من إفريقيا عالماَ مستقلاً فارضاً قيمه القيِّمة كقوة اقتصادية ، كل دولة داخله لها ما يربو عن حاجاتها لضمان حرية أخذ قرارها ونبذها بلا هوادة أي شكل من أشكال التبعيّةَ غير المتكافئة ، تلك المتورطة تكون دوماً لخدمة ظالم يسعى لتوسيع ظلمه فيتوسط للهيمنة والاستغلال وحصاد المزرؤع من طرف سواه بلا تعب أو عناء . مهيَّأة الآن لملء مكانتها بالحُسنَى والسياسة المدروسة المانحة كل ذي حق حقه بغير ميل لعصبية أو تزكية خطأ مُرتكب ممَّن كلفوا الجزائر ما لا يُطاق ، سياسة واضعة صوب مواقفها طموحات الأطراف الأخرى المشروعة للتقدم والازدهار ، إذ الإنسان هو الإنسان ، فوق الضروريات إن استطاع شرعاً وقانوناً إدراكه على الصعيد الدولي وجد من يسانده ولو بالكلمة الطيبة كأضعف الإيمان ، مُبعداً الحسد من قاموس اندفاعه ليتفرَّد ، ودون أن يشعر يجد نفسه صرف ما كان الأجدر صرفه على مصالح من يشاركوه الوطن وهم بالملايين .</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">... المؤشر واضح أمامنا ينبِّه بحصول تغيير جذري والرئيس الجزائري يخاطب رئيس روسيا الاتحادية وجهاً لوجه وحرفياً بقوله : "علينا بِعَدَمِ مزج التجارة بالسياسة " قد تكون في المواد الضرورية لاستمرار الحياة في وقت قد تصل فيه السياسة لنزع سبل ومقومات نفس الحياة ، طبعاً لبّ الكلام موجه للولايات المتحدة الأمريكية الفارضة حصاراً على روسيا بما يطال بيع الحبوب ، لكن عمومية الفهم ولجت عقول سكان المعمور ، لتُستقبل مثل القناعة برَصْدٍ جديٍّ واسع الاهتمام لتصرُّف الدولة الجزائرية في هذا الصدد ، الرئيس بوتين لم يفوِّت الفرصة دون إعلان موافقة روسيا الاتحادية على تحمل الجزائر وساطة إنهاء الحرب الروسية الأوكرانية ، وفي العملية تلميح لَطِيف لتحالف له أبعاده ، يربط الجزائر بروسيا الاتحادية بدرجة تقلق حكام البيت الأبيض وتصعِّد من وتيرة البحث السريّ عن مشاكل تسلطها على هذه الدولة الإفريقية التي لا يهمها الضغط الأمريكي حينما يتعلق الأمر بسيادة أي دولة تحترم نفسها وتشق طريقها بكيفية سليمة .</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">الشجاعة تقتضي التفكير في الأقصى قبل إقحام ما تتضمنه من جرأة البدء مهما كان التحدي غير مشبع بالكافي من المعلومات المفروض الحصول عليها كأنجع سلاح ، وهذا ما ذهبت إليه الجزائر الجديدة بمقتضى تخطيطات مجزأة على مراحل أولها إعادة ثقة الشعب بمن يتدبرون أمره ، ثانيها توزيع مستحقات مالية لضمان توفير القدرة الشرائية بصفة عامة وثالثتها الوقوف على إمكانيات المسؤولين السامين في التأثير المباشر لضبط مناصري الجزائر خارج الحدود ليكون التعاون فيما بينها نابع عن تقارب في التوجهات التي تصب في جعل الشعوب الحاكمة الفعلية للأوطان وليس "قلة" من المحظوظين يستغلون مناصبهم المتقدمة لإحكام وجودهم ككلمة أخيرة تمنع أو ترخص ، للأسف تُرِكَت الدولة الجزائرية لفراغ من أي قيادة في مستوى تدبير الشأن العام وتوفير ما من شأنه الحفاظ ولو في الأدنى على ما يُقدِّم ويُطوِّر ويتناسب مع تغيُّر الأحوال الدولية وفق متطلبات مفروضة على كل ناشد الاستمرارية بدل التوقف فالجمود ، بدايته انتهاء عهد الراحل الهواري بومدين الذي كان بمثابة الميلاد الأول لجزائر حرة مستقلة وكان لي الشرف في إطار تخصصي المشاركة في دعم جانب من جوانبها كما استرجع الآونة ما تضمنه المسلسل الذي الفته لفائدة الإذاعة والتلفزة الجزائرية بحكم عملي فيها كمنتج ، تحت عنوان "السنبلة الحمراء " ، وأنا أقرا ما جاءت به حلقاته أتذكر هؤلاء العظماء وقد جمعنا حب الجزائر والتفاني في إبراز محاسنها ، ومنهم عبد الرحمان شريط وكاتب ياسين والشيخ الدحاوي وأحمد بلعواد والتونسي الكيتاري والسوري تيسير عقله والقائمة طويلة ، ونهاية ذاك الفراغ ما تحياه الجزائر حاليا من ميلاد ثاني يُرجى منه تحقيق ما يطمح اليه الشعب الجزائري العظيم من مكانة مشرفة أولها في إفريقيا وبعدها في العالم .</p>Al-ghorbahttp://www.blogger.com/profile/00781969873172894524noreply@blogger.com0tag:blogger.com,1999:blog-2939264949005302772.post-67883298873949999382024-03-11T14:13:00.000-07:002024-03-11T14:13:57.591-07:00طراز الطاغية.. الدليل الميداني للاستبداد/ د. حسن العاصي<div class="separator" style="clear: both; text-align: center;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEiM0vjOR5JGikoUZQmVAxLgYjhyphenhyphenAcxd8qF_TQjNRpfgUZPcetjlMpSQWmxF921zfE37LnuZIEFUP8VoueuYOJ8tfx0qXC0Fb2EQ0JzasTy38veCGuMB6pEn6JBDaPFc5p_euWCuHTp0O9tNN31l4_Hlp3yHKxlxcPd7YiX4KKjig4FaPwRsxfggdTwhvVk/s156/%D8%AD%D8%B3%D9%86%20%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D8%B5%D9%8A.jpg" imageanchor="1" style="clear: left; float: left; margin-bottom: 1em; margin-right: 1em;"><img border="0" data-original-height="156" data-original-width="141" height="156" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEiM0vjOR5JGikoUZQmVAxLgYjhyphenhyphenAcxd8qF_TQjNRpfgUZPcetjlMpSQWmxF921zfE37LnuZIEFUP8VoueuYOJ8tfx0qXC0Fb2EQ0JzasTy38veCGuMB6pEn6JBDaPFc5p_euWCuHTp0O9tNN31l4_Hlp3yHKxlxcPd7YiX4KKjig4FaPwRsxfggdTwhvVk/s1600/%D8%AD%D8%B3%D9%86%20%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D8%B5%D9%8A.jpg" width="141" /></a></div><br /><p dir="rtl" style="text-align: justify;"><br /></p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">في العصور القديمة، لم تكن كلمة طاغية بالضرورة تحقيراً وتدل على صاحب السلطة السياسية المطلقة. فالطغيان في العالم اليوناني الروماني، هو شكل من أشكال الحكم الاستبدادي يمارس فيه فرد واحد السلطة دون أي قيود قانونية. في استخدامها الحديث، عادة ما تكون كلمة الطغيان تحقيراً وتشير ضمناً إلى الحيازة أو الاستخدام غير الشرعي للسلطة. يتشارك جميع الطغاة بنفس الطريقة القبيحة، لأن الجميع يسعون إلى نفس التأثير: الترهيب وليس السحر. عادة ما تجتمع عناصر السيرة الذاتية للطغاة، من الصعود إلى السقوط، في كل حالة تقريباً لتكوين رواية موحدة.</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">الديكتاتور هو زعيم سياسي يحكم دولة بسلطة مطلقة وغير محدودة. تسمى الدول التي يحكمها ديكتاتوريون بالديكتاتوريات. تم تطبيقه لأول مرة على قضاة الجمهورية الرومانية القديمة الذين تم منحهم صلاحيات استثنائية مؤقتاً للتعامل مع حالات الطوارئ، ويعتبر الحكام المستبدون المعاصرون، من أكثر الحكام قسوة وخطورة في التاريخ.</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">اليوم، يرتبط مصطلح "الدكتاتور" بالحكام القساة والقمعيين الذين ينتهكون حقوق الإنسان ويحافظون على سلطتهم من خلال سجن وإعدام معارضيهم. عادة ما يصل الديكتاتوريون إلى السلطة من خلال استخدام القوة العسكرية أو الخداع السياسي ويحدون أو يحرمون الحريات المدنية الأساسية بشكل منهجي.</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">وعلى غرار "الطاغية" و"المستبد"، أصبح مصطلح "الدكتاتور" يشير إلى الحكام الذين يمارسون سلطة قمعية وقاسية وحتى مسيئة على الناس. وبهذا المعنى، لا ينبغي الخلط بين الدكتاتوريين والملوك الدستوريين مثل الملوك والملكات الذين يصلون إلى السلطة من خلال خط وراثي للخلافة.</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">من خلال قبضهم على السلطة الكاملة على القوات المسلحة، وعلى الأجهزة الأمنية، وعلى وسائل الإعلام، يقضي الطغاة على كل معارضة لحكمهم. يستخدم الدكتاتوريون عادةً القوة العسكرية أو الخداع السياسي للحصول على السلطة، والتي يحافظون عليها من خلال الإرهاب والإكراه والقضاء على الحريات المدنية الأساسية. غالباً ما يكون الطغاة يتمتعون بشخصية كاريزمية بطبيعتهم، ويميلون إلى استخدام تقنيات مثل الدعاية الجماهيرية المنمقة لإثارة مشاعر الدعم والقومية بين الناس.</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">في حين أن الطغاة قد يحملون وجهات نظر سياسية قوية ويمكن دعمهم من قبل الحركات السياسية المنظمة، مثل الشيوعية، إلا أنهم قد يكونون أيضاً غير سياسيين، ولا يحركهم سوى الطموح الشخصي أو الجشع.</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">كما تم استخدامه لأول مرة في مدينة روما القديمة، لم يكن مصطلح "الديكتاتور" مهينًا كما هو الحال الآن. كان الدكتاتوريون الرومان الأوائل قضاة موقرين مُنحوا السلطة المطلقة لفترة محدودة للتعامل مع حالات الطوارئ الاجتماعية أو السياسية. تتم مقارنة الدكتاتوريين المعاصرين بالعديد من الطغاة الذين حكموا "اليونان القديمة" Ancient Greece</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;"><br /></p><p dir="rtl" style="text-align: justify;"> و"إسبرطة" Sparta خلال القرنين الثاني عشر والتاسع قبل الميلاد.</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">مع تراجع انتشار الأنظمة الملكية خلال القرنين التاسع عشر والعشرين، أصبحت الديكتاتوريات والديمقراطيات الدستورية هي الأشكال السائدة للحكم في جميع أنحاء العالم. وبالمثل، تغير دور وأساليب الدكتاتوريين مع مرور الوقت. خلال القرن التاسع عشر، وصل العديد من الطغاة إلى السلطة في دول أمريكا اللاتينية عندما أصبحت مستقلة عن إسبانيا. هؤلاء الدكتاتوريون، مثل "أنطونيو لوبيز دي سانتا آنا" Antonio López de Santa Anna في المكسيك، و"خوان مانويل دي روزاس" Juan Manuel de Rosas في الأرجنتين، قاموا عادة بتشكيل جيوش خاصة للاستيلاء على السلطة من الحكومات الوطنية الجديدة الضعيفة.</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;"><br /></p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">الدكتاتوريون عبر التاريخ</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">لقد كانت الدكتاتورية، من ناحية ما، هي الحالة الافتراضية للإنسانية. يمكن تلخيص النظام الحكومي الأساسي منذ فجر الحضارة، ببساطة، في تلقي الأوامر من الرئيس. يخبر الزعماء الكبار، وهم من الذكور دائماً، أتباعهم بما يجب عليهم فعله، ويفعلون ذلك، أو يُقتلون. في بعض الأحيان يتم ارتداء هذا في عملية صنع القرار المجتمعي، من قبل مجموعة من الرؤساء المحليين أو الحكماء، ولكن حتى الإدارة الأكثر جماعية يجب أن يكون لها رئيس: "كابو دي توتي كابي" Capo dei capi يحترم الرأس الآخرـ مصطلح يستخدم للإشارة إلى زعيم الجريمة القوي للغاية في المافيا الصقلية أو الأمريكية الذي يتمتع بنفوذ كبير على المنظمة بأكملها ـ كما كان الملوك في إنجلترا يحترمون اللوردات. لكن الكابو لا يزال هو الكابو والملك لا يزال هو الملك. على الرغم من أن الترتيب يمكن أن يتم التلاعب به إلا أن الحقائق الأساسية لا تتغير.</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">مع اجتياح ردود الفعل المضادة لليبرالية التنويرية خلال العقود الأولى من القرن العشرين، كان على الحكام المستبدين، أن يتبنوا طقوساً مختلفة عن طقوس الملوك والأباطرة الذين سبقوهم. أدى غياب الأسطورة الموروثة المعقولة والحاجة إلى إنشاء نصب تذكارية واحتفالات تحظى بشعبية وترهيب في نفس الوقت إلى ظهور أنماط عامة جديدة من القيادة. كل هؤلاء اجتمعوا في أسلوب عبادة الطغاة.</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">ارتكب الطغاة جرائم ضد الحضارة إلى جانب الجرائم ضد الإنسانية. لقد اتُهم "ستالين" Joseph Stalin باستجواب وتعذيب وإعدام أكثر من 1.5 مليون شخص. وفي ذروة حملته في عامي 1937 و1938، كان معدل الإعدام حوالي ألف شخص يومياً. لكن ستالين يتحمل أيضاً مسؤولية التدهور الثقافي الكابوسي الذي حدث في نفس الوقت، وهو الإصرار على استبدال الفن بالسياسة.</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">مع عبادة القائد الذي تم ختم اسمه على كل سطح ممكن. مثل بيت الثقافة الستاليني، التابع لمصنع ستالين، في ساحة ستالين، في مدينة ستالينسك.</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;"> يمكن العثور على مثل هذه الكوميديا السوداء للأنانية حتى بين الطغاة الستالينيين الجدد. في عام 1985، أمر "نيكولاي تشاوشيسكو" Nicolae Ceaușescu الزعيم الشيوعي الروماني، بإعداد برامج تلفزيونية مثل "عصر نيكولاي تشاوشيسكو" و"العلم في عصر نيكولاي تشاوشيسكو". وبموجب القانون، كانت صورته تظهر في بداية كل كتاب مدرسي.</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">امتد هذا الأسلوب إلى أركان العالم عبر نماذج للطغاة في بلدان عديدة. على سبيل المثال ـ الحكام المستبدين مثل "دوفالييه" François Duvalier في هايتي، و"منجيستو" mənɡɨstu haylə Maryam في إثيوبيا الذين دمروا بلدانهم الفقيرة، ويتوافق مع هذا النوع الرهيب عدد من الطغاة في العالم العربي. السبب الذي يجعل الطغاة يُظهرون أسلوباً واحداً هو جزئياً ـ التأثير المتبادل والتهجين (صنع الفنانون الكوريون الشماليون لـ "منجيستو" نصباً تذكارياً يبلغ ارتفاعه مائة وستين قدماً في إثيوبيا)، وجزئياً هو الحاجة المشتركة. الكل يشترك في قبح واحد، لأن الكل يتجه نحو نتيجة واحدة: ليس السحر، بل الترهيب، وليس الإقناع، بل الخوف.</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;"><br /></p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">طراز موحد</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">تتجمع العناصر معاً في كل حالة تقريباً لتكوين سيرة ذاتية موحدة للديكتاتور. هناك الصعود، الذي عادة ما يساعد فيه الانتهازيون من الحاشية الذين يخدعون أنفسهم، والذين يعتقدون أنهم قادرون على كبح جماح الشخصية الاستبدادية الصاعدة. لعب البلاشفة القدامى، مثل "غريغوري زينوفييف" Grigory Zinovyev دوراً مهماً في مواجهة "تروتسكي" Leon Trotsky وفي صعود ستالين إلى حد كبير.</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">كما فعل السياسي الألماني المحافظ "فرانز فون بابن" Franz von Papen في عهد "هتلر" Adolf Hitler. حين كان يردد "يمكننا السيطرة عليه" وهو شعار أظهر قصر نظر باين. ثم هناك الوصول إلى السلطة، والتطهير المحموم على نحو متزايد، تليها عبادة الشخصية التي تُصبح أكثر سخافة مع مرور الزمن، لأنها شيء قابل للتضخم فقط، وليس للتغير. إلى جانب ذلك تأتي بعض إعادة التماهي مع شخصيات من الماضي الوطني. حيث أصبح استغلال التاريخ الآري الخيالي، الذي رسمته الأسطورة الاسكندنافية آلهة "فالهالان" Valhalla محورياً في عبادة هتلر. وبنفس الطريقة تبنى دوفالييه روحانية مذهب "الفودو" Vaudou الهاييتي، وقدم نفسه على أنه الصورة الرمزية لروح المقبرة البارون "صاميدي" Samedi.</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">ثم تأتي عزلة الدكتاتور داخل قصره - حيث لا أصدقاء له، ويصاب بجنون العظمة - ويشذب دائرته لتقتصر على عدد قليل من المتملقين. وبدلاً من أن يبتهج الدكتاتور بانتصاره، ينسحب إلى عزلة مخيفة. وأخيرا، بعد كل الموت والوحشية المفروضة، تنتهي سلطة الدكتاتور، وغالباً تنتهي حياته أيضاً بمفاجأة ملحوظة.</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">يمكن مشاهدة لقطات فيديو لـ "تشاوشيسكو" في بوخارست عام 1989، وهو يخاطب بثقة الجمهور المجتمع ويدرك في لحظة واحدة أن الجمهور قد تحول وتغير. "أيها الرفاق! اخفضوا أصواتكم!" ويصرخ الدكتاتور، بينما تصرخ زوجته بأعلى صوت: «اصمتوا!» وبعد أيام قليلة فقط كانت فرقة الإعدام تُنهي حياة الاثنين.</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">تم طرد الفاشي "موسوليني" Benito Mussolini فجأة، وكان هتلر ليفعل ذلك أيضاً لو لم يقتل نفسه أولاً. وبدا أن ستالين قد وصل إلى نهايته الطبيعية، ولكن كما يُظهِر فيلم "موت ستالين"، فإنه ربما مات في وقت أقرب مما كان ليموت لولا ذلك، لأن رفاقه كانوا مرعوبين للغاية لدرجة أنهم لم يتمكنوا من القيام بأي شيء عندما وجدوه فاقداً للوعي في غرفة مظلمة.</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">ومع ذلك، فإن هؤلاء الحكام المستبدين: وبغرابة فظيعة في معظم المجالات، يميلون إلى أن يكونوا جيدين في شيء واحد، ومهاراتهم في شيء واحد تجعل أتباعهم الخائفين يبالغون في تقدير مهارتهم في كل شيء. مثل أطفال الأب المخمور الذين يعتبرون عملاً صغيراً من الأعمال الخيرية في عيد الميلاد دليلاً على الكرم الغريزي الهائل.</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">يمكن مقارنة صعود "هتلر" برواية اليساري المجري "جون لوكاش" György Lukács وسوف يتذكر المرء كيف أدرك لوكاش، دون تخفيف الصورة، أن "هتلر" قام ببعض الأشياء بشكل جيد للغاية. إن لحظات الدهاء وحتى الحنكة السياسية التي كان يتمتع بها "هتلر" من حين لآخر ــ على سبيل المثال ـ عندما رأى أن "ستالين" سيثق به في عدم غزو روسيا، أو أن فرنسا لم تكن مستعدة للقتال ــ جعلت أتباعه أكثر اقتناعاً بعبقريته من أي وقت مضى.</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;"><br /></p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">عبادة الشخصية</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">إن الفرق بين القيادة الكاريزمية وعبادة الشخصية – نقاط مختلفة في مسار الدكتاتور – هو أن القائد الكاريزمي يجب أن يُظهر نفسه، ولكن في موضوع عبادة الشخصية لا يستطيع الديكتاتور أن يُظهر نفسه بشكل كبير. تصبح المسافة بين الحقيقة والصورة أكبر من أن تستمر.</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">الزعيم الصيني "ماو تسي تونغ" Mao Zedong لا يستطيع أن يكون عالماً بكل شيء على نحو جدير بالثقة إلا من خلال رؤيته على نحو لا يمكن التنبؤ به. إن فرض عنصر الغموض أمر ضروري للديكتاتور. ولذلك فإن معظم الطغاة نادراً ما يظهرون علناً في ذروة طغيانهم. على سبيل المثال ظل "ستالين" و"هتلر" مختبئين طوال فترة طويلة أثناء الحرب العالمية الثانية.</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">أثناء الثورة الثقافية، كانت صورة "ماو" موجودة في كل مكان، ولكن عندما كان يستعد لاستقبال الرئيس الأمريكي "ريتشارد نيكسون" Richard Nixon عام 1972 أخفى كثيراً من الصور. تمت إزالة جميع العلامات التي تشير إلى الرئيس من الشوارع والميادين. لقد تم تفكيك آلاف التماثيل، وإرسالها سراً لإعادة تدويرها.</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">يتجه الملك أو الإمبراطور إلى الدين أو الطقوس الوطنية طلباً للمجد. فالديكتاتور الذي نهض مع ثورة ضد النظام القديم، هو إلى حد ما متمرد للأيقونات، ويجب أن يكون أكثر غموضاً.</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">أما "موسيليني" فقد مرت أشهر لم يره فيها أحد. طما رفض "ستالين" المشاركة في موكب النصر الخاص به بعد الحرب العالمية الثانية، تاركاً المهمة لجنراله الكبير "جورجي جوكوف" Georgy Zhukov. كما تحصن "دوفالييه" في قصره، ثم ظهر فجأة وهو يتسوق في متاجر صغيرة في العاصمة الهاييتية "بورت أو برنس" Port-au-Prince. وأحياناً يكون هناك، وأحياناً لا، فهو كان بطل بألف وجه بقدر ما هو مراقب بمليون عين.</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">والسؤال التاريخي المهم حقاً هو كيف تختلف عبادة شخصية الاستبدادي الحديث عن عبادة الملك أو الإمبراطور. تم تأليه الأباطرة الرومان. من المهم أن عبادة الشخصية السياسية في القرن العشرين نشأت في سياق عبادة المشاهير الأوسع، فكان من الممكن إضفاء الطابع الأسطوري على الملوك الذين وصلوا إلى السلطة في القرون التي سبقت وسائل الإعلام، وإضفاء طابع شعري عليهم، لأن الأساطير والقصائد كانت المادة الثقافية الرئيسية الموجودة. لقد تنافس الطغاة مع الأفلام ومع النجوم. قال "تشارلي شابلن" Charlie Chaplin ذات مرة: "عندما رأيت هتلر لأول مرة، بهذا الشارب الصغير، اعتقدت أنه يقلدني". على الرغم من أن "تشابلن" كان حزيناً بأثر رجعي، إلا أنها لم تكن فكرة مجنونة - وكان يستخدمها لإحداث تأثير كوميدي رائع في أعماله.</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;"><br /></p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">الطغاة واللغة</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">لقد ظهر التعصب والطغاة تاريخياً جنباً إلى جنب. حتى يومنا هذا، لا يزال الرئيس الأمريكي السابق "دونالد ترامب" Donald Trump يحب الطغاة، ليس فقط لأنه يحب المستبدين، ولكن أيضاً لأنهم يقدمون أنفسهم، بطرق يفهمها، كمشاهير مع حاشية و"مظاهر" معدة مسبقاً. وإذا كان هناك أسلوب دكتاتوري ينتشر في جميع أنحاء الكوكب، فهل هناك أيضاً صوت دكتاتوري - طريقة محددة يستخدمون بها اللغة؟ كتب الشاعر البريطاني الأمريكي "ويستان اودن" Wystan Auden في عام 1968، بعد دخول الدبابات السوفييتية إلى براغ: "يفعل الغول ما يستطيع الغيلان فعله، وهي أفعال مستحيلة تماماً على الإنسان. لكن هناك أمراً واحداً لا يستطيع الغول فعله، هو إتقان الكلام." فكرة أن اللغة كانت الحصن الأخير ضد الجنون كانت فكرة مركزية في منتصف القرن الماضي، بالنسبة لعقول مثل الكاتب الفرنسي "ألبير كامو" Albert Camus والروائي البريطاني "جورج أورويل" George Orwell فالوضوح هو اختبار للنزاهة، كما ذكر أورويل في كتابه "السياسة واللغة الإنجليزية" إن الطغاة لا يستطيعون التحدث بشكل منطقي.</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">ولكن ماذا لو كانت الفكرة المروعة أن العكس هو الصحيح - ماذا لو كانت اللغة هي بالضبط ما تتقنه الغيلان. يميل الأشخاص السيئون إلى إتقان اللغة بشكل أفضل من الأشخاص الطيبين، الذين غالباً ما يكونون معقودي اللسان في مواجهة قوى العالم وتعقيدات الطغيان. ماذا لو كانت مآسي الطغيان في المقام الأول، مآسي البلاغة التي أُسيء تطبيقها - لغة تستخدم لأغراض شريرة، ولكنها استخدمت بشكل جيد. لعدة قرون تعلم الطلاب اللاتينية عن طريق حفظ كتابات الطاغية الروماني العظيم والغول الذي أنهى الجمهورية "يوليوس قيصر" Julius Caesar لقد فعلوا ذلك بالضبط لأن أسلوب قيصر كان واضحاً جداً. حيث كان يفرز بكفاءة طبقة "الدرويد" Druid ـ أي الكهنة ـ والصور، ويركز دائماً على النقطة الرئيسية.</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">يميل أسوأ الطغاة إلى أن يكونوا القراء والكتاب الأكثر حماسة. مات "هتلر" وفي مكتباته الخاصة ما يزيد على ستة عشر ألف كتاب. كتب الزعيم البلشفي "ستالين" كتاباً طُبع بعشرات الملايين، وعلى الرغم من أن القيام بذلك يكون عادة سهلاً عندما تدير الناشر، وتمتلك جميع المكتبات، وتحرر جميع مراجعات الكتب، إلا أن "ستالين" قام بالكتابة بنفسه. كما شارك "موسوليني" في تأليف ثلاث مسرحيات أثناء حكمه لإيطاليا. وكان الرئيس الفخري لجمعية "مارك توين الدولية" Mark Twain International Society حيث كتب تحية لقراء مؤلفه المفضل أثناء تنصيبه في منصب بلقب "دوتشي" Duce.</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;"><br /></p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">السلطة من فوهة البندقية</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">بعكس الطغاة، أياً كان ما فعلوه، هناك من كتب بشكل أكثر وضوحاً وإسهاباً مما فعلوا، على سبيل المثال، رئيس الوزراء البريطاني السابق "كليمنت أتلي" Clement Attlee أو السياسي الأسكتلندي "تومي دوغلاس" Tomy Douglas - السياسيون الاشتراكيون الديمقراطيون الذين فعلوا خيراً كبيراً في العالم ولم يتركوا وراءهم سوى القليل من الشعارات الجذابة. مثل تلك التي كان يرددها الزعيم "ماو تسي تونغ" مثل "السلطة السياسية تنبثق من فوهة البندقية" و"الثورة ليست حفل عشاء". إن اعتذارات ماو عن القتل الجماعي، قد لا تكون مشاعر مثيرة للإعجاب، لكنها أقوال مأثورة لا تُنسى - أكثر تذكراً بكثير من الحقيقة المتناقضة التي يقولها بعض الناس. تنمو القوة السياسية من فوهات بعض الأسلحة في بعض الأحيان، اعتمادًا على ما تعنيه بـ "السلطة" و"السياسة"، ومن تصوب البندقية نحوه.</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">تم وضع هذه الفرضية المتناقضة بشكل جيد في كتاب الكاتب الاسكتلندي "دانييل كالدر" Daniel Kalder "المكتبة الجهنمية: عن الطغاة، والكتب التي كتبوها، وغيرها من كوارث محو الأمية" The Infernal Library: On Dictators, the Books They Wrote, and Other Catastrophes of Literacy. الصادر عام 2018، وهو عمل باحث غير أكاديمي يتمتع بشهية مذهلة للقراءة. ويعتبر كتاب من أدبيات الدكتاتورية. وفي كتاب "الديكتاتوريون: عبادة الفرد في القرن العشرين" الطريق إلى الديكتاتورية" “Dictators: The Cult of the Individual in the Twentieth Century” The Road to Dictatorship. للمؤرخ الهولندي "فرانك ديكوتير" Frank Dikötter، وصدر في عام 2020.</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">كلا الكتابين يتضمنان نفس الطغاة، لكن تركيز "كالدر" ينصب على كلماتهم أكثر من أفعالهم. لقد عمل على قائمة قراءة من شأنها أن تجعل معظم الناس يتجهون يائسين نحو الخروج. يمكن لأي شخص أن يقرأ كتاب "كفاحي" إذا كان لديه الجرأة لتحمل هراء رسام الألوان المائية النمساوي الفاشل الذي يشفق على نفسه. لكن "كالدر" شق طريقه بالفعل من خلال فلسفة "أنطونيو دي أوليفيرا سالازار" António de Oliveira Salazar الذي كان رئيس وزراء البرتغال في منتصف القرن الماضي، وكان استبدادياً، وظل لعقود من الزمن شبه دكتاتور وشبه فاشي، ويقدم كتابه الصادر عام 1939 بعنوان "العقيدة والعمل" مراجعة عادلة لفترة حكمه.</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">ربما سمعتم أن كتاب "ستالين" بعنوان "أسس اللينينية" طُبع بالملايين، لكن كالدر قرأه وقال عنه بنوع من الاحترام "إنه واضح ومقتضب، وجيد في تلخيص الأفكار المعقدة لشخص متوسط المستوى".</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">ما أقصده هو النقطة المثيرة للقلق، وهي أن أسوأ الطغاة في القرن الماضي لم يكونوا هم الأقل وحشية من المتعلمين في خيالنا. (هتلر البالغ من العمر عشرين عاماً والفقير في فيينا، ذكر كلمة "كاتب" في وثيقة رسمية باعتبارها مهنته. لم يكن كذلك، لكنه كان ما كان يحلم بأن يصبحه). ولم تنبع قوتهم من فوهة البندقية. لقد نشأت من قدرتهم على تكوين جمل تقول إن القوة تنبع من فوهة البندقية، في حين أنها في الواقع تنبثق من صفحات الكتاب. وكان "ماو" أكثر فعالية كمدافع منه كجنرال. المشكلة في لغة هؤلاء الطغاة هي ما استخدموه من أجله.</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">في هذا السياق أطن أن "لينين" هو منشئ الأسلوب الشمولي الحديث في النثر، متبنى لهجة ماركس الجدلية لأغراض الثورة الشيوعية. والنسخة أكثر اعتدالا من" لينين" التي لا تزال تظهر من وقت لآخر - ولا بد من القول إن ذلك يرجع جزئيا إلى كتاب الناقد الأمريكي "إدموند ويلسون" Edmund Wilson الذي صدر عام 1940 بعنوان: "إلى محطة فنلندا: دراسة في كتابة التاريخ وتمثيله" To the Finland Station: A Study in the Writing and Acting of History. يعتبر هذا الكتاب أحد أعظم الأعمال في الكتابة التاريخية الحديثة، وهو وصف كلاسيكي للأفكار والأشخاص والسياسة التي أدت إلى الثورة البلشفية.</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">ربما لم يكن "لينين" حساسًا بالقدر الكافي للحريات المدنية في كتاب "ويلسون" لكنه كان إنسانياً وفلسفياً في الأساس، ومفكراً من الدرجة الأولى، وقع في أزمة من الدرجة الأولى. وكان عيبه هو افتقاره إلى الصبر على إنسانيته العميقة، وفرض رقابة ذاتية حتى على حبه لـ "بيتهوفن" سعياً لتحقيق الصالح العام. بعد "ويلسون" أظهر الكاتب البريطاني التشيكي "توم ستوبارد" Tom Stoppard في فيلمه الكوميدي الرائع "محاكاة ساخرة" Travesties عام 1974، أظهر لينين وهو يستمع بلهفة إلى سوناتا Appassionata لـ "بيتهوفنن".</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;"> حاول الأديب الروسي "فلاديمير نابوكوف" Vladimir Nabokov الذي كان يعرف "لينين" بصورة أفضل، تحرير "ويلسون" من وهم هذا الاعتقاد. وكتب إلىه في عام 1948: "ما تراه الآن على أنه تغيير نحو الأسوأ ('الستالينية') في النظام، هو في الواقع تغيير نحو الأفضل في المعرفة من جانبك". لقد حدثت الآن تغييرات في الديكور تحجب بشكل أو بآخر هاوية سوداء من القمع والإرهاب لا تتغير.</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">يوافق الاسكتلندي "دانييل كالدر" على هذا الرأي. فبعد قراءته كتاب لينين "الدولة والثورة" كتب: "من المستحيل أن نتفاجأ بأن مصير الاتحاد السوفييتي كان بهذا السوء". في عام 1905 كان لينين يرفض فكرة "الحرية" في مجتمع استغلالي حيث كتب: "إن حرية الكاتب أو الفنان أو الممثلة البرجوازية هي ببساطة اعتماد مقنع (أو مقنع بشكل نفاق) على كيس المال، والفساد، والدعارة". ومن المهم أن تأتي "الممثلة" في موقف لا يوافق عليه لينين.</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;"> اعتبر المفكر الإنجليزي اللبرالي "جون ستيوارت ميل" John Stuart Mill وشريكته "هارييت تايلور" Harriet Taylor Mill) في كتابهما "إخضاع المرأة" The Subjection of Women الصادر عام 1869، الممثلات على أنهن أحد رعايا الحركة النسوية الليبرالية، حيث إنهن كن النوع الوحيد من الفنانات الذي كانت مساواتهن أو تفوقهن على الرجال معروضة أمام الملأ. (كانت هيلين ابنة تايلور ممثلة). وبالتالي فإن إضعاف معنويات الممثلات واعتبارهن مجرد عاهرات هو جزء أساسي من الهجوم الماركسي على النسوية البرجوازية.</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;"><br /></p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">الرومانسي القاتل</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">إن "ستالين" ـ في رأي كالدر ـ لا يخلف "لينين" كمؤلف فحسب، بل يتفوق عليه. هذا يشكل وجهة نظر مضادة لموقف التروتسكية من "ستالين" باعتباره رئيس قطاع طرق جورجي. ويرى "كالدر" أن "ستالين" كان في الواقع مفكراً كبيراً، وكاتباً جيداً، قادراً على الترويج لماركس بطرق لم يستطع لينين القيام بها. لقد كان أيضاً حرفياً نثرياً مخلصاً، كما تشهد بذلك مخطوطاته المميزة.</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">نظراً لأن وسيلة ستالين الأساسية للتفاعل مع العالم المادي كانت من خلال الورق، فليس من المستغرب أنه استمر في إظهار الرهبة الخرافية لقوة الكلمة المكتوبة. كان "ستالين" مفتوناً بالكتب والروايات والمسرحيات والفنون بشكل عام. حتى أن بعض الكتاب لجأوا إلى ستالين للحصول على المشورة الأدبية. والأمر المذهل هو أنهم فهموا ذلك: فقد بدأ أحد الكتاب المسرحيين البارزين هو "ألكسندر أفينوجينوف" Alexander Afinogenov في إرسال مسرحياته مباشرة إلى ستالين لقراءتها لأول مرة، وعلى الرغم من الأعباء المترتبة على حكم إمبراطورية شمولية، كان ستالين يعود إليه بملاحظات. فكانت تلك الدولة التي على رأسها محرر.</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">يخلص "كالدر" في كتابه إلى أن "ستالين" كان رومانسياً ساذجاً، على الأقل بقدر ما كان يؤمن بقوة الأدب التحويلية. لقد أدرك أن الكلمات تشكل الأفكار، والأفكار تشكل النفوس. في عام 1932 استدعى أربعين من كبار كتاب الاتحاد السوفييتي للحضور لتناول العشاء، وحثهم بلغة يمكن للمرء أن يتوقعها من عميد كلية يدافع عن العلوم الإنسانية قائلاً: "إن دباباتنا لا قيمة لها إذا كانت الأرواح التي يجب أن تقودها مصنوعة من الطين. ولهذا أرفع كأسي إليكم أيها الكتاب، إلى مهندسي النفس البشرية" من بين الكتاب الذين كانوا في تلك الغرفة، قتل ستالين أحد عشر كاتباً منهم قبل نهاية الثلاثينيات.</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">بعد إلقاء بعض الضوء على "ستالين"، نجد أن "هتلر" و"موسوليني"، باعتبارهما مؤلفين، يكاد يكونا في حالة من عدم الاستقرار. ومع ذلك يمكننا ملاحظة شيئاً يصعب التعبير عنه، ولكنه يستحق التفكير فيه. عندما خاطب "ستالين" العمال الذين يصنعون الجرارات، كان مهتماً في الواقع بالجرارات: فهي وسيلة نحو روسيا أكثر إنتاجية. وكانت الحياة الأفضل - القائمة على المزارع الفعالة والمكهربة والحديثة - واضحة للعيان، مهما كان عدد الأرواح التي كان عليك أن تحصدها للوصول إلى تلك الحياة.</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">وعلى النقيض من ذلك، كان "هتلر" و"موسوليني" متشائمين. يبذل عملهم طاقة أكبر بكثير على ميلودراما الانحدار والانحطاط، وعلى رؤى اليهود وهم ينقلون مرض الزهري إلى العذارى والنساء الآريات، وعلى الآثار الرومانية، أكثر من التركيز على المستقبل الإيجابي. وقد قرأ عدداً من المؤرخين مذكرات "موسوليني" التي كتبها بعد إقالته، وأذهلتهم قناعة الدكتاتور الإيطالي المثيرة للشفقة على نفسه بأن ثمن السلطة هو الانغلاق التام على الذات، حيث كتب: إذا كان لدي أي أصدقاء، فهذا هو الوقت المناسب ليتعاطفوا معي، حرفياً ليعانوا معي. ولكن بما أنني لا أملك أي شيء، فإن مصائبي تظل ضمن الدائرة المغلقة لحياتي الخاصة.</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">كان هذا الذوق لليأس جزءاً من رومانسية الرجلين. في حالة "هتلر" كان مسؤولاً بشكل مباشر عن الأشهر الأخيرة المروعة من الحرب التي خسرها بالفعل. لقد أراد أن يحترق العالم، لأن ألمانيا لم تكن تستحقه.</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">نشير إلى وجود اختلاف آخر بين ""ستالين" و"هتلر". إن الاتحاد السوفييتي وشموليته اليسارية بشكل عام كانت تعتمد على ثقافة الكلمة المكتوبة. أما الرايخ الثالث، والاستبداد اليميني بشكل عام اعتمد ثقافة الكلمة المنطوقة. حذراً من هيبة التأليف، ولكن مع اكتشاف "هتلر" أن الكتابة عمل شاق، أملى معظم كتاب "كفاحي" على كاهل كاتبه "رودولف هيس" Rudolf Hess المتحمس. كان "هتلر" دائماً غير راضٍ عن بطء القراءة والكتابة، مقارنة بالقوة المفعمة بالحيوية في مسيراته.</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">في حين أن التراث الماركسي كونه ذو عقلية نظرية وملتزماً بالمبادئ، ينطوي على أولوية النص، فإن الاستبداد اليميني، كونه رومانسياً وجذاباً مدعوماً بالسحر المشترك بين الخطيب وحشده. يعتمد أحدهما على مجموعة من القواعد المجردة، وعلى سلسلة من السحر المتبادل.</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;"><br /></p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">خداع الذات</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">رغم أن لمنظور التاريخي يشير إلى أن الدكتاتورية اليوم في تراجع. لكننا نرى علامات مشؤومة في صعود واستمرار عدد من الطغاة في الدول الشمولية، وتلك النامية.</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">الرئيس الصيني الحالي "شي جين بينغ" Xi Jinping أصبح محبوبا بفضل "آلة الدعاية" الرهيبة. وفي عام 2017، منحته جريدة الحزب سبعة ألقاب، من القائد المبدع، جوهر الحزب، والخادم الذي يسعى لتحقيق السعادة للشعب، إلى زعيم بلد عظيم، ومهندس التحديث في العصر الجديد. نلاحظ في الوقت نفسه أنه بينما يبذل النظام جهوداً متضافرة لطمس المجتمع المدني الناشئ، يتم حبس ونفي وسجن الآلاف من المحامين ونشطاء حقوق الإنسان والصحفيين والزعماء الدينيين في الصين.</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">إن صورة "أودن" Uden النبيلة ـ كبير الآلهة في الميثولوجيا النورديةـ التي يحارب فيها الشعراء الغول الأبكم، لا يمكنها أن تنجو من صدمة التاريخ. اتضح أن الغيلان جزء من الثقافة الأدبية وكانوا كذلك دائماً - يتحدثون ويكتبون الكتب ويقرأون كتب الآخرين. إذا كنا نعني بحماية سلامة اللغة دعم الاعتقاد بأن الثقافة الأدبية، أو حتى مجرد قول الحقيقة، هي في حد ذاتها حصن، فإن الحقائق لا تدعم الفرضية. فالثقافة الأدبية ليست علاجاً للشمولية. إن الخطابة سائلة ومفيدة للأسوأ كما هي مفيدة للأفضل. إن العلوم الإنسانية يا للأسف، تنتمي إلى الإنسانية.</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">ربما تكون الفكرة الأكثر إحباطاً الذي أثارها كلا الكتابين، هو الطبيعة الضعيفة للمراقبين في مواجهة الأعمال الوحشية الخشنة للديكتاتوريات. لاحظوا تودد "ماو تسي تونغ" الناجح للكتاب والزعماء الغربيين، الذين أبقوا الأسطورة الماوية حية، بينما انحدرت سياساته إلى العبثية.</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">قرأت مرة أنه عثر في بلدة أسكتلندية صغيرة على ترجمة إنجليزية معاصرة لخطاب "ستالين" في مؤتمر مشغلي الحصادات والجمعيات، والذي ألقاه في ديسمبر من عام 1935، بما في ذلك ترجمة رد فعل الجمهور: هتافات وتصفيق بصوت عالٍ ومطول. صرخات "يعيش ستالين الحبيب!". والعجيب هو أن الكُتيب قد تُرجم إلى اللغة الإنجليزية في غضون أيام بعد إلقاء الخطاب. بعد ذلك قام اليساريون الهائجون بنقله عبر الأمواج، وقراءته، ووجدوا فيه قيمة، في مجتمع لم يكن فيه أحد يتضور جوعاً حتى الموت، أو يُطلق عليه الرصاص في الرأس، أو يُحتجز في معسكرات العمل بالسخرة. إن القدرة على خداع الذات من جانب الطوباويين المدللين بشأن واقع المدينة الفاضلة تظل العنصر الأكثر غموضاً في قصة القرن العشرين.</p>Al-ghorbahttp://www.blogger.com/profile/00781969873172894524noreply@blogger.com0tag:blogger.com,1999:blog-2939264949005302772.post-80987456391882837392024-03-09T13:11:00.000-08:002024-03-09T13:11:41.723-08:00 الواجبات تجاه الآخرين من وجهة نظر اتيقية/ د زهير الخويلدي<div class="separator" style="clear: both; text-align: center;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEj50u0577DJB6feI7KEPkGj7_SukI6uGHWfY8B61bh73Ht0u0SdafR2Q3jfTbsROOMBijPxkxUqfRIfXF6mfWJcIKJSff2Cp_gxB_9yg2_Wo37thbqV0kFCvMebi6CWUw4BzOI4e6-X8MoEvJtPQeAJnqB9kyTxPWu2BUpBniiY8oFaGy8r57I4YvrIvT8/s400/%D8%B2%D9%87%D9%8A%D8%B1%20%D8%A7%D9%84%D8%AE%D9%88%D9%8A%D9%84%D8%AF%D9%8A.jpg" imageanchor="1" style="clear: left; float: left; margin-bottom: 1em; margin-right: 1em;"><img border="0" data-original-height="300" data-original-width="400" height="240" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEj50u0577DJB6feI7KEPkGj7_SukI6uGHWfY8B61bh73Ht0u0SdafR2Q3jfTbsROOMBijPxkxUqfRIfXF6mfWJcIKJSff2Cp_gxB_9yg2_Wo37thbqV0kFCvMebi6CWUw4BzOI4e6-X8MoEvJtPQeAJnqB9kyTxPWu2BUpBniiY8oFaGy8r57I4YvrIvT8/s320/%D8%B2%D9%87%D9%8A%D8%B1%20%D8%A7%D9%84%D8%AE%D9%88%D9%8A%D9%84%D8%AF%D9%8A.jpg" width="320" /></a></div><br /><p dir="rtl" style="text-align: justify;"><br /></p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">هل يجب أن نحترم الآخرين؟ من يجب أن نحترم؟ - ما الذي يجب احترامه؟ هل يجب أن نحترم الأشياء كما يجب أن نحترم الآخرين؟ وهل يجب أن نحترم الطبيعة؟ هل يجب أن نذهب إلى حد احترام ما لم يوجد بعد، أي الأجيال القادمة؟ ولكن ما هو الاحترام؟ إنه شعور يُختبر أمام القانون الأخلاقي، وبالتالي أمام الشخص الذي يحمل في داخله القانون الأخلاقي الآخر، يا أخي الإنسان. من الواضح أن الطبيعة ليست شخصًا. لماذا يكون من واجب احترام الطبيعة. يتعلق الواجب بالالتزام الأخلاقي. تقليديًا، يفرض الواجب بشكل قاطع الاحترام بين الأشخاص الأحرار والمتساويين: فهم يتمتعون، بطريقة ما، بالمساواة في الحقوق والواجبات. بهذا المعنى لا يمكننا إلا أن نتحمل واجبات تجاه الآخرين. لكن السؤال يطرح ضمنا مسألة ما إذا كان من الممكن أن تكون هناك واجبات تجاه ما ليس شخصا، تجاه ما ليس موضوعا للحقوق والواجبات. على سبيل المثال، هل لدينا واجبات تجاه الأشياء، أو الطبيعة، أو تجاه هذه الكائنات المحتملة التي لا وجود لها والتي ستكون من نسلنا أو حتى تجاه الموتى الذين لم يعد لهم حقوق. تتمثل الصعوبات في أنه لا تستسلم لإغراء القول بأن لدينا واجبات تجاه أنفسنا، لأنه باحترامنا الإنسانية في أنفسنا، فإننا نحترمها في الوقت نفسه في الآخرين، لدرجة أنه، وفقًا لعمانويل كانط، من واجبنا أن نجعل السعادة كما هي. فمن الواجب احترام الذات. كما يتعلق الأمر بمعاملة الإنسانية في النفس وفي الآخرين ليس فقط كوسيلة، بل دائمًا كغاية. يبدو أننا لا نستطيع أن نتحمل واجبات تجاه ما ليس له حقوق في الوقت الحاضر. ماذا لو وضعنا أنفسنا من منظور المسؤولية تجاه ما ليس بالآخرين، وما ليس حاملاً للقانون الأخلاقي. مع العلم أن ما لم يوجد بعد لا يمكنه الدفاع عن نفسه أو المطالبة بالحقوق. وبهذا المعنى، فهم معرضون للخطر، وميلادهم هو مسألة حماية الطبيعة. فهل من واجب حماية الطبيعة من الحيوانات المفترسة التكنولوجية، للحفاظ على النظام البيئي للأجيال القادمة؟ هل هو واجب أم أنها مسؤولية؟</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;"><br /></p><p dir="rtl" style="text-align: justify;"> بالمعنى الدقيق للكلمة، الاحترام يتطلب الآخرين، حاملي القانون الأخلاقي: أنا لا أنحني للآخرين وإذا نبذت العنف فذلك لأنني أحترم القانون الأخلاقي فيهم. لا يمكننا أن نمد الواجبات تجاه الآخرين إلى ما هو غير موجود. لكن المسؤولية تأتي لترحيل الواجب بالمعنى الدقيق للكلمة. وبالتالي، بالنسبة للحتمية الكانطية المطلقة، ربما ينبغي لنا أن نفضل الأمر الناتج عن الوعي، من المسؤولية المعترف بها. ومن ثم نحصل، بحسب هانز جوناس: "تصرف بطريقة تجعل آثار أفعالك متوافقة مع ديمومة حياة إنسانية أصيلة على الأرض". على سبيل المثال، اتخاذ إجراءات بشأن التلوث حتى يتمكن الأطفال ، على الأقل، من الذهاب واللعب. "تصرف بطريقة لا تكون فيها آثار أفعالك مدمرة للاحتمال المستقبلي لمثل هذه الحياة الإنسانية الأصيلة." كما يرى هانز جوناس. ولكن سيتم الاعتراض على أن احترام الطبيعة هو سلوك وثني. ومن تشويه الواجب أن يمتد إلى الطبيعة. ومع ذلك، لم يعد الأمر يتعلق بتوسيع نطاق الواجب، علينا فقط أن ننظر إلى الآخرين، ولكن تفعيل مفهوم المسؤولية وحماية مصالح أولئك الذين هم عرضة للخطر تمامًا، في ضوء أفعالنا. يمكننا أن نقول أيضًا أنه إذا كان لدينا، بالمعنى الدقيق للكلمة، واجبات تجاه الآخرين فقط، فليس من التناقض، على العكس من ذلك، الاهتمام بالبيئة التي هي شرط لبقاء الآخرين: فالاهتمام بالولادات المستقبلية هو أمر ضروري. طريقة لرعاية حقوق الآخرين في الحصول عند الولادة على نظام بيئي محمي وأن يولدوا على شواطئ النور. لقد رأى ديكارت منذ البواكير الاولى للحداثة ان "هناك حقيقة تبدو معرفتها مفيدة جدًا بالنسبة لي: وهي أنه على الرغم من أن كل واحد منا شخص منفصل عن الآخرين، وبالتالي فإن مصالحه تختلف بطريقة ما عن مصالح بقية العالم، إلا أننا ومع ذلك، يجب علينا أن نعتقد أننا لا نستطيع أن نعيش بمفردنا، وأننا في الواقع جزء من أجزاء الكون، وبشكل أكثر تحديدًا أحد أجزاء هذه الأرض، أحد أجزاء هذه الدولة، هذا المجتمع، هذه "الأسرة، التي ينضم إليها الفرد بإقامته، بالقسم، بمولده. ويجب علينا دائمًا أن نفضل مصالح الكل، الذي نحن جزء منه، على مصالح الشخص المعين، ولكن مع التدبير والتقدير، لأنه سيكون من الخطأ تعريض المرء نفسه لشر عظيم من أجل الحصول على منفعة صغيرة فقط لوالديه أو لبلده؛ وإذا كان الانسان بمفرده يستحق أكثر من بقية مدينته، فلن يكون من الصواب أن يريد ذلك نخسره من أجل إنقاذه، ولكن إذا أعدنا كل شيء إلى أنفسنا، فلن نخشى إلحاق الكثير من الأذى بأشخاص آخرين، عندما نعتقد أننا سنكسب بعض الراحة الصغيرة منه، ولن تكون لدينا صداقة حقيقية، ولا أي ولاء ولا أي فضيلة بشكل عام؛ بينما عندما يعتبر المرء نفسه جزءًا من الجمهور، فإنه يستمتع بعمل الخير للجميع، ولا يخشى حتى تعريض حياته لخدمة الآخرين، عندما تسنح الفرصة. ونود أيضًا أن نفقد أرواحنا، إن أمكن، من أجل إنقاذ الآخرين. بحيث يكون هذا الاعتبار هو المصدر والأصل لجميع الأعمال البطولية التي يقوم بها البشر؛ لأنه بالنسبة لأولئك الذين يعرضون أنفسهم للموت بدافع الغرور، لأنهم يأملون في الثناء، أو بسبب الغباء، لأنهم لا يدركون الخطر، أعتقد أنهم يستحقون الشفقة أكثر من المدح. ولكن عندما يعرض أحد نفسه لذلك، لأنه يعتقد أن ذلك واجب عليه، أو عندما يعاني من شر آخر، حتى ينفع الآخرين، مع أنه ربما لا يعتبر بالتفكير أنه يفعل ذلك لأنه مدين أكثر للجمهور الذي هو جزء منه، أكثر من نفسه بشكل خاص، ومع ذلك فهو يفعل ذلك بموجب هذا الاعتبار الذي يربك أفكاره. "[1]1 أما آدم سميث في سياق اقتصادي فهو قد صرح: "إن الاهتمام بسعادتنا يوصينا بفضيلة الحذر، والاهتمام بسعادة الآخرين يوصينا بفضائل العدالة والإحسان، أحدهما يمنعنا من إيذاءهم والآخر يشجعنا على المساهمة فيهم. هذه الفضائل الثلاث أوصت بها لنا في الأصل عواطفنا الأنانية، والفضائل الأخرى من خلال عواطفنا الخيرة، بغض النظر عن أي اهتمام بماهية مشاعر الآخرين، أو ما ينبغي أن تكون عليه، أو يمكن أن تكون في ظل ظروف معينة. ويضاف آخرون بعد ذلك إلى هذه العواطف، ويأتي لتعزيز وتوجيه ممارسة هذه الفضائل الثلاث. لم يتمكن أي إنسان قط، خلال حياته كلها أو حتى خلال جزء كبير من حياته، من السفر بزي ثابت وموحد. يسلك طريق الحكمة أو العدالة أو الإحسان، إذا لم يكن سلوكه مدفوعًا بالاهتمام بمشاعر المشاهد المحايد المفترض، الذي يسكن داخل القلب، القاضي العظيم وحكم السلوك. إذا انحرفنا، خلال النهار، بأي شكل من الأشكال عن القواعد التي يفرضها علينا، إذا كنا مقتصدين للغاية أو غير كافيين، مجتهدين للغاية أو غير كافيين، إذا أضرنا بأي مقياس بمصلحة أو سعادة حياتنا. الجار عن طريق العاطفة أو السهو، إذا أهملنا فرصة واضحة ومناسبة للعمل من أجل هذه المصلحة أو السعادة؛ ثم يسألنا الساكن فينا مساءًا أن نحاسب على كل هذه التقصيرات والتجاوزات، وكثيرًا ما تجعلنا عتابه نحمر خجلًا داخليًا على حماقتنا وعدم اهتمامنا بسعادتنا، بل وسعادتنا الأكبر. اللامبالاة وعدم الاهتمام بسعادة الآخرين."[2]2 في حين ذهب ليفيناس الى ضرورة المقاومة الاتيقية للعنف ورفض القتل بقوله: " "القتل لا يعني الهيمنة بل الإبادة، التخلي التام عن الفهم. القتل يمارس السلطة على ما يفلت من السلطة. لا تزال السلطة، لأن الوجه يعبر عن نفسه في الاحساس، ولكنه بالفعل عجز لأن الوجه يمزق الاحساس، والآخر الذي يتم التعبير عنه "في الوجه يوفر "المادة" الوحيدة الممكنة للنفي التام. لا يسعني إلا أن أرغب في قتل كائن مستقل تمامًا، كائن يتجاوز قدراتي إلى ما لا نهاية، وبالتالي لا يعارض قوة السلطة ذاتها، بل يشلها. الآخرون هم الكائنات الوحيدة التي أستطيع أن أرغب في قتلها. ولكن كيف يختلف هذا التفاوت بين اللامتناهي وقدراتي عن ذلك الذي يفصل عائقًا كبيرًا جدًا عن القوة التي تنطبق عليه؟ سيكون من غير المجدي الإصرار على تفاهة القتل الذي يكشف عن مقاومة العائق التي تكاد تكون معدومة. هذه الحادثة الأكثر تفاهة في تاريخ البشرية تتوافق مع احتمال استثنائي لأنها تدعي النفي التام للكائن. لا يتعلق الأمر بالقوة التي يمكن أن يمتلكها هذا الكائن كجزء من العالم. الآخرون الذين يمكنهم أن يقولوا لي لا بشكل سيادي، يعرضون أنفسهم لحد السيف أو لرصاصة المسدس وكل صلابة "لأنفسهم" التي لا تتزعزع مع هذه الرفض المتعنتة التي يعارضونها، تم محوها من خلال حقيقة أن أصاب سيف أو رصاصة الأذينين أو البطينين في قلبه. في سياق العالم، يكاد يكون لا شيء. لكنه يستطيع أن يقاومني، أي أن يعارض القوة التي تصيبه، ليس قوة المقاومة، بل عدم القدرة على التنبؤ برد فعله. ومن ثم فهو لا يعارض في نظري قوة أعظم – طاقة يمكن تقييمها وبالتالي تظهر نفسها كما لو كانت جزءًا من كل – بل يعارض سمو كيانه ذاته فيما يتعلق بهذا الكل، وليس صيغ التفضيل للقوة على وجه التحديد اللانهاية من تجاوزها. هذه اللانهاية، الأقوى من القتل، تقاومنا في وجهها بالفعل، هي وجهها، هي التعبير الأصلي، هي الكلمة الأولى: "لا تقتل". إن اللانهائي يشل القوة بمقاومتها اللامتناهية للقتل، الذي يتألق، الدائم وغير القابل للتغلب، في وجه الآخرين، في العري التام لعيونهم العزل، في العري للانفتاح المطلق للمتعالي. هناك علاقة ليست مع مقاومة كبيرة جدًا، ولكن مع شيء مختلف تمامًا: المقاومة التي لا مقاومة لها – المقاومة الأخلاقية."[3] 3فهل تضع الفلسفة الاتيقية كشكل من اشكال المقاومة المدنية الممكنة حدا نهائيا للانتهاكات للكوني وتوقف التمييز العنصري بين المواطنين والشعوب والثقافات؟</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;"><br /></p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">المراجع</p><p style="text-align: justify;"><br /></p><p style="text-align: justify;">1.René Descartes, Lettre à Elisabeth du 15 septembre 1645.</p><p style="text-align: justify;">2.Adam Smith, Théorie des sentiments moraux, 1759, tr. Fr. M. Biziou, C. Gautier, J.-F. Pradeau, PUF, Quadrige, 1999, p. 358-359.</p><p style="text-align: justify;">3.Emmanuel Lévinas, Totalité et infini, 1961, Le Livre de Poche, 1998, p. 216-217.</p>Al-ghorbahttp://www.blogger.com/profile/00781969873172894524noreply@blogger.com0tag:blogger.com,1999:blog-2939264949005302772.post-22772617822343040742024-03-08T23:20:00.000-08:002024-03-08T23:20:40.959-08:00الأمُّ مدرسَة/ الدكتور حاتم جوعيه<p dir="rtl" style="text-align: right;"> </p><div class="separator" style="clear: both; text-align: center;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEis4Sg4M0C1Dqwjvw3X3BJiFd18ZOWGP-9eyI9UOmJMeHOcRtwsnWiRA-t5jSwhPltZ7B1nhSR5nTG7qxrwNEiePq-ThXyMM_FaNcxQoJFen8zmiio0N6q0Sc-m05DmNK3TC5AZosjlFAqoZXr7JpgFvrH1dAt9RA7mephyphenhyphenTLM1IlwuexZn3jFXX5pdTIQ/s456/%D8%AD%D8%A7%D8%AA%D9%85%20%D8%AC%D9%88%D8%B9%D9%8A%D9%87.jpg" imageanchor="1" style="clear: left; float: left; margin-bottom: 1em; margin-right: 1em;"><img border="0" data-original-height="443" data-original-width="456" height="311" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEis4Sg4M0C1Dqwjvw3X3BJiFd18ZOWGP-9eyI9UOmJMeHOcRtwsnWiRA-t5jSwhPltZ7B1nhSR5nTG7qxrwNEiePq-ThXyMM_FaNcxQoJFen8zmiio0N6q0Sc-m05DmNK3TC5AZosjlFAqoZXr7JpgFvrH1dAt9RA7mephyphenhyphenTLM1IlwuexZn3jFXX5pdTIQ/s320/%D8%AD%D8%A7%D8%AA%D9%85%20%D8%AC%D9%88%D8%B9%D9%8A%D9%87.jpg" width="320" /></a></div><br /><p></p><p dir="rtl" style="text-align: right;">( كلمةٌ بمناسبة عيد المرأة العالمي )</p><p dir="rtl" style="text-align: right;"> </p><p dir="rtl" style="text-align: justify;"> الأمُّ هي عنوانٌ ورمزٌ للتضحيةِ والعطاءِ والفداء...تسهرُ الليالي وتكرِّسُ كلَّ وقتها لأجل بيتها وأسرتها وللعنايةِ بأطفالها وتربيتهم حتى يكبروا ويستطيعوا أن يتكلوا على أنفسهم ويتابعوا مشوارَ الحياة لوحدهم . </p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">ولكن الأم تبقى بفكرها وقلبها وروحها ووجدانها وكل طاقاتها مع أولادها كلَّ الوقت..حتى بعد أن يكبرَ أولادُها ويتزوَّجُوا ويصبحَ لديهم أولادٌ وأحفادٌ أيضا . </p><p dir="rtl" style="text-align: justify;"> ومهما تحدَّثنا عن مناقب الأم وميزاتها ودورها العظيم ( أسريًّا واجتماعيًّا وإنسانيًّا ) فلا نستطيع أن نعطيها حقها...إنها المدرسةُ الأولى بكلِّ معنى الكلمة . </p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">فكلُّ نجاح وإنجاز وإبداع يحققهُ شخصٌ ما في حياتهِ يرجعُ الفضلُ إلى الأم لأنها هي التي تنيرُ السُّبل لأبنائها وترشدُهم وتوجِّهُهم للطريق الصحيح وتوصلهم لشط الأمان وتعلمهم كيف سيخوضون معتركَ الحياة بعزيمةٍ وإصرار وينتهجون المسارَ والمسلكَ المُكللَ والمترع بالمحبَّة والأمل والتفاؤل والسلام والمُضَمَّخ بأريج الفرح والسعادة والهناء . </p><p dir="rtl" style="text-align: justify;"> ولم يخطىء نابليون بونبارت عندما قال : ( " الأم التي تهزُّ السرير بيدها اليمنى ستهزّ العالمَ بيدها اليسرى " ). وهنالك الكثير من الأمثلةِ والنماذج الرائعة لرجال عظام أفذاذ وعلماء جهابذة في شتى المجالات : العلمية والثقافيَّة والسياسيَّة والأدبيَّة والفنيَّة هزُّوا العالمَ بالفعل وقدَّموا الإنجازات الرائدة والمذهلة للإنسانيّة والبشريَّة جمعاء . </p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">ويرجعُ الفضلُ كله في هذا المضمار إلى أمهاتِهم الماجدات الفاضلات اللواتي مَهَّدنَ السُّبلَ والمجالات أمامهم وفرشن الدروبَ والطرقات بالورود وبالدعاء والصلوات ليصلوا إلى ما وصلوا إليهِ من مراتب سامية . </p><p dir="rtl" style="text-align: justify;"> فكانت الأم التي هزَّت السرير لابنها وهو صغير هي التي جعلت منه رجلا بكلِّ معنى الكلمة فربَّتهُ منذ الصغر وعلمتهُ وثقفتهُ وقد هزَّ العالمَ عندما كبرَ بما قدَّمهُ من إنجازات عظيمة وأعمال خالدة .ومن هذه الأمثلة : هنالك عالم كبير ومخترع مشهور وعندما كان هذا العالِمُ طفلا في المدرسة الإبتدائيَّة كان يتمتعُ ويتحلَّى بذكاء خارق يفوقُ الطبيعة البشريَّة ممَّا أذهلَ المعلمين والإدارة في المدرسة الذين لم يستطيعوا استيعاب وإدراك قدراته العقليَّة والذهنية الخارقة فقرَّرُوا فصله من المدرسة. </p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">وتوجَّهت معلمتهُ إلى أمِّهِ في البيت وقالت لها : إنَّ ابنكَ غير ملائم أن يبقى في المدرسة لأنه لا يستطيعُ أن يتجاوبَ ويتكيَّفَ ويتأقلمَ مع أسلوب وجوِّ التعليم فيها ويجب أن تهتمِّي به أنتِ فقط لأنكِ أمه وستقومين على تعليمه وتدريبه بنفسك . </p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">وقد أدخلت هذه المعلمةُ وطاقمُ المعلمين والإدارة في المدرسة،منذ البداية،إلى عقل وفكرهذا الطفل أنهُ غيرُ ملائم للتعليم وأنه طالبٌ فاشل ولا يصلحُ لشيىء. ولكنَّ هذه الأم احتضنت طفلها وكرسَّت كلَّ طاقاتِها وجهدها ووقتها لهُ وعملت على تعليمه وتثقيفه بنفسِها،فأنهى دراسته للمرحلةِ الأبتدائيَّة والثانويَّة والجامعيَّة بعد ذلك بامتياز بفضل ذكائهِ المُميَّز وقدراته العقليَّة والذهنيَّة الخارقة واستيعابه الذي لا يتخيلهُ العقلُ البشري ..هذه الموهبةُ والميزةُ التي وهبهَا لهُ الخالق . </p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">وأصبحَ عالما كبيرا ومخترعا فيما بعد وقام بانجازاتٍ رائعة وخالدة في مجال العلوم والإكتشافات . ويرجعُ الفضلُ إلى كلِّ ما وصلَ إليهِ هذا العالم إلى هذه الأم العصاميَّة العظيمة والرائعة التي عملت على تربيتهِ وتعليمه وتثقيفة وسهرت الليالي من أجله حتى وصلَ إلى ما وصلَ إليه من مكانة ومنزلة عالية وسامية .</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;"> ولقد صدق شاعرُ النيل ( حافظ ابراهيم ) الذي قال في الأم :</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">( " الأمُّ مدرسةٌ إذا أعددتهَا أعددتَ شعبا طيِّبَ الأعراق ِ </p><p dir="rtl" style="text-align: justify;"> الأمُّ روضٌ إن تعهدهُ الحيا بالرَّيِّ أورقَ أيُّمَا إيراقِ </p><p dir="rtl" style="text-align: justify;"> الأمُّ أستاذ ُ الأساتذةِ الألى شغلت مآثرهم مدى الآفاقِ " ) .</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;"><br /></p>Al-ghorbahttp://www.blogger.com/profile/00781969873172894524noreply@blogger.com0tag:blogger.com,1999:blog-2939264949005302772.post-8880384071272297202024-03-07T21:04:00.000-08:002024-03-07T21:04:47.316-08:00 حوَّاءُ/ جورج عازار<div class="separator" style="clear: both; text-align: center;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEipTKXntubxDieqwgyukUvfPcoQ6AtF-Qaf-ESNmOnnta0qWkDiLeaW97KvVcM6fhk0im8ydgxvGqxXJS9rsoIxJNTWiGjgZYY3u1aSxRJbGxSBUz40aflYcuyQDJ-GL8Kvr-caYD3a2bLyK1ckH02fDts2GTZX4L_mVQZM06i62CIp18lIkVpaBFiNTdE/s303/%D8%AC%D9%88%D8%B1%D8%AC%20%D8%B9%D8%A7%D8%B2%D8%A7%D8%B1.png" imageanchor="1" style="margin-left: 1em; margin-right: 1em;"><img border="0" data-original-height="303" data-original-width="223" height="303" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEipTKXntubxDieqwgyukUvfPcoQ6AtF-Qaf-ESNmOnnta0qWkDiLeaW97KvVcM6fhk0im8ydgxvGqxXJS9rsoIxJNTWiGjgZYY3u1aSxRJbGxSBUz40aflYcuyQDJ-GL8Kvr-caYD3a2bLyK1ckH02fDts2GTZX4L_mVQZM06i62CIp18lIkVpaBFiNTdE/s1600/%D8%AC%D9%88%D8%B1%D8%AC%20%D8%B9%D8%A7%D8%B2%D8%A7%D8%B1.png" width="223" /></a></div><br /><p dir="rtl" style="text-align: center;"><br /></p><p dir="rtl" style="text-align: center;">حوَّاءُ، مَهلاً</p><p dir="rtl" style="text-align: center;">لا، ما كانَ ذاكَ ضِلعاً</p><p dir="rtl" style="text-align: center;">فحسبُ</p><p dir="rtl" style="text-align: center;">بل روحاً وشَغفاً وجَناناً</p><p dir="rtl" style="text-align: center;">✬✬✬</p><p dir="rtl" style="text-align: center;">حواءُ ما كانَ</p><p dir="rtl" style="text-align: center;">جُزءاً من جَسدٍ</p><p dir="rtl" style="text-align: center;">بل كان في الكُلِّ</p><p dir="rtl" style="text-align: center;">هو الكُلُّ</p><p dir="rtl" style="text-align: center;">كيف يكونُ قِسماً</p><p dir="rtl" style="text-align: center;">وأنتِ مَن يُعطي للحياةِ</p><p dir="rtl" style="text-align: center;">كُلَّ هذا الزَّخَمِ؟</p><p dir="rtl" style="text-align: center;">✬✬✬</p><p dir="rtl" style="text-align: center;">لِمَن غَيْرِكِ</p><p dir="rtl" style="text-align: center;">سيُزرعُ الوردُ؟</p><p dir="rtl" style="text-align: center;">ولمَن ستنحنِي بإجلالٍ</p><p dir="rtl" style="text-align: center;">رايةُ الغَزلِ؟</p><p dir="rtl" style="text-align: center;">✭✭✭</p><p dir="rtl" style="text-align: center;">إذا نونُ النُّسوةِ يوماً</p><p dir="rtl" style="text-align: center;">عن الوَرى توارتْ</p><p dir="rtl" style="text-align: center;">لِمَن سيُمنحُ</p><p dir="rtl" style="text-align: center;">تاجُ الدَّماثةِ والُّلطفِ؟</p><p dir="rtl" style="text-align: center;">وكيف ستَعرِفُ الكلماتُ</p><p dir="rtl" style="text-align: center;">مَعنى العُذوبةِ؟</p><p dir="rtl" style="text-align: center;">ولمَن سيُكتبُ الشِّعرُ؟</p><p dir="rtl" style="text-align: center;">✭✭✭</p><p dir="rtl" style="text-align: center;">مِن دُونِكِ، سيِّدتي</p><p dir="rtl" style="text-align: center;">سَتَنسى الفراشاتُ التَّحليقَ</p><p dir="rtl" style="text-align: center;">وستَعزِفُ كُلُّ البلابلِ</p><p dir="rtl" style="text-align: center;">عن التَّغريدِ</p><p dir="rtl" style="text-align: center;">وسيكفَهرُّ وَجهُ الفَجرِ</p><p dir="rtl" style="text-align: center;">ويَختفي القَمرُ</p><p dir="rtl" style="text-align: center;">✭✭✭</p><p dir="rtl" style="text-align: center;">مِن غَيرِ لَمسةِ الأُنثى</p><p dir="rtl" style="text-align: center;">يُصبحُ البردُ أقسى</p><p dir="rtl" style="text-align: center;">وتُبتلى الأشجارُ</p><p dir="rtl" style="text-align: center;">بآفَةِ العُقمِ</p><p dir="rtl" style="text-align: center;">ويصيرُ الكونُ</p><p dir="rtl" style="text-align: center;">مِن غيرِ مَعنى</p><p dir="rtl" style="text-align: center;">✭✭✭</p><p dir="rtl" style="text-align: center;">حوَّاءُ مِن غَيْرِها</p><p dir="rtl" style="text-align: center;">لا يَجودُ البحرُ</p><p dir="rtl" style="text-align: center;">ولا تَحبَلُ السُّحُبُ</p><p dir="rtl" style="text-align: center;">ويَسهو مُرغَماً</p><p dir="rtl" style="text-align: center;">عن الهَطلِ</p><p dir="rtl" style="text-align: center;">المَطرُ</p><p dir="rtl" style="text-align: center;">✭✭✭</p><p dir="rtl" style="text-align: center;">حوَّاءُ، سلامأ</p><p dir="rtl" style="text-align: center;">وكُلُّ التَّوقيرِ والإجلالِ</p><p dir="rtl" style="text-align: center;">إلى الخَالقِ البارئ</p><p dir="rtl" style="text-align: center;">لنِعمةِ العَطاءِ</p><p dir="rtl" style="text-align: center;">وكلُّ الحُبِّ إلى ذَلك الضِلعِ</p><p dir="rtl" style="text-align: center;">الَّذي صار أنتِ</p><p dir="rtl" style="text-align: center;">وصِرتِ فَوْعَةَ البَريّة</p><p dir="rtl" style="text-align: center;">✭✭✭</p><p dir="rtl" style="text-align: center;"><br /></p><p dir="rtl" style="text-align: center;">ستوكهولم السويد</p><p dir="rtl" style="text-align: center;"><br /></p><div dir="rtl" style="text-align: center;"><br /></div>Al-ghorbahttp://www.blogger.com/profile/00781969873172894524noreply@blogger.com0tag:blogger.com,1999:blog-2939264949005302772.post-45300593560229981162024-03-07T04:07:00.000-08:002024-03-07T04:07:49.693-08:00على هامش تحكيم مسابقة تحدي القراءة/ فراس حج محمد<p dir="rtl" style="text-align: justify;"> </p><div class="separator" style="clear: both; text-align: center;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjTZJGC-qqhlpXYYFcu8DzrJXus0MCqxGZqtidJSxjNptW0CRZNpbxqRT4gVP_RztNMV4tvgIKQ3wdY_zCsoWJC8xKNf2Hp3BNN8VMDATER5bWLAMLfc3XxXATY9D_YPEapFnDvWXxJ6I1-gHLf7A4STsKcQRHCM27Z4zKWwYEjf-_sDKS6pxaaK9BY-HI/s851/thumbnail_%D8%AA%D8%AD%D8%AF%D9%8A%20%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B1%D8%A7%D8%A1%D8%A9%208.jpg" imageanchor="1" style="margin-left: 1em; margin-right: 1em;"><img border="0" data-original-height="315" data-original-width="851" height="236" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjTZJGC-qqhlpXYYFcu8DzrJXus0MCqxGZqtidJSxjNptW0CRZNpbxqRT4gVP_RztNMV4tvgIKQ3wdY_zCsoWJC8xKNf2Hp3BNN8VMDATER5bWLAMLfc3XxXATY9D_YPEapFnDvWXxJ6I1-gHLf7A4STsKcQRHCM27Z4zKWwYEjf-_sDKS6pxaaK9BY-HI/w640-h236/thumbnail_%D8%AA%D8%AD%D8%AF%D9%8A%20%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B1%D8%A7%D8%A1%D8%A9%208.jpg" width="640" /></a></div><br /><p></p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">تنطلق مسابقة تحدي القراءة من فكرة أن القراءة فعل حضاري متقدم، يساهم في خلق جيل واعٍ، وله أثر ليس في النواحي المعرفية الشخصية وحسب، وإنما تأثير في النواحي الاجتماعية والاقتصادية للمجتمع بشكل عام. فـ "المجتمع القارئ هو مجتمع متحضر... ومن يدعم القراءة يدعم صناعة حضارة... ويدعم اقتصاد معرفة... ويدعم بناء أجيال تبني مستقبل الوطن العربي". تصدر هذا المقتبس دليل المشاركين للمسابقة- متاح على الموقع الإلكتروني- مع أنه يعطي القراءة حجما أكبر مما هي عليه في الحقيقة، إلا أنه لا خلاف على أن القراءة الواعية، بمفهومها الشامل، أداة من أدوات فهم الذات؛ الذات الفردية والذات الجماعية، وفهم الآخر، ذاتا أو جماعة أيضاً. </p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">كما أن القراءة، على مستوى القارئ الفرد، هي مؤشر فعال على بناء عقلية ناقدة مفكرة وحيوية، تعيد تنظيم أدوات التفكير وضبطها، وتوجيهها نحو أغراض محددة، وتؤسس في العقل بناء مرايا من الأفكار متعاكسة ومتضاربة، تشعل التفكير وتدفعه إلى بناء منظومة جديدة من الوعي المؤسس على الفكر "المغربل" الصالح للعيش في البيئة التي ولد فيها. فالقارئ المرجو هو قارئ باحث، وليس قارئا نهما يغوص في الكتب من أجل المتعة المحضة.</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">في هذه الوقفة لا أريد أن أحول الكتابة إلى "مدحة" ممجوجة للقراءة، وإنما فقط أردت أن أؤسس لما أريد قوله في أهمية فعل القراءة على المستوى الفردي، للقارئ نفسه وللكاتب أيضاً.</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">أعتقد أنه لا كتابة جيدة دون قارئ جيد، ولا يوجد القارئ الجيد دون وجود كتاب جيد، والتأثر والتأثير جدلي، متشابك، يعمل في الاتجاهين، فالقارئ الجيد يدفع الكاتب لينتج كتابا جيدا صالحا للقراءة، والكاتب الجيد يدفع القارئ لقراءته، فيغريه بالفعل ليجره نحو كتابه. وأي كتاب يصدر لا يقرأ، فإنه لم يحقق هدفه، فالكاتب لا يكتب لمجرد أن يكتب، ويمارس هواياته، فالكتابة ليست لعبة للتسلية، كما أن القراءة ليست لعبة. القراءة لا تقل خطرا عن الكتابة، القراءة فعل وجودي ضروري لوجود الكتابة، إذا غاب أحدهما غاب الآخر.</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">هذه الحقيقة ألتفت إليها خلال الاستماع إلى الطالبات والطلاب المشاركين في تحدي القراءة، وأغلب هؤلاء الطلاب "حافظ" من أجل المسابقة وليس "فاهماً" ما تعنيه المسابقة، وكأن ما هو مسطور في التنظير للمسابقة مثالي جدا، مُسخ عند التطبيق، وبدا هذا المسخ في عدة جوانب:</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">•<span style="white-space: pre;"> </span>لم تبد الجدية بالمسابقة على أغلب المشاركين هذا العام، فأغلبهم اعتمد على قراءاته السابقة، المرصودة في "الجوازات" من العام السابق أو الذي قبله، فقد أتوا لتمثيل مدارسهم وهم غير مستعدين الاستعداد الكافي، فقد نسوا كثيراً من الأفكار المتعلقة بالكتب. ولعل الظروف العامة التي نعيشها في فلسطين كان لها الأثر السلبي جدا على أداء الطلاب وقراءاتهم، فالحرب المدمرة التي نعيشها يوميا والاقتحامات، وسقوط الضحايا، والاعتقالات التي وصلت إلى كل التجمعات السكانية حتى أكثر التجمعات هامشية وبعدا عن المركز، أضف إلى ما يشهده التعليم في فلسطين من تذبذب وتأرجحه بين التعليم الوجاهي والتعليم عن بعد، جعل المسابقة تبدو هامشية في الفعل المدرسي، مع أن هناك إشراقات مهمة، لكنها قليلة. وأقل بكثير من الأعوام السابقة.</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">•<span style="white-space: pre;"> </span>لم يتلق الطلاب المشاركين في تحدي القراءة اهتماما في مدارسهم، بما يساعدهم على أن يكونوا طلابا منافسين، فانعدم التوجيه الصحيح نحو الكتب، وكيفية التلخيص، والتدرب على اللغة الفصيحة، والحديث والتعبير عن وجهة النظر، ولم يكن هناك إشراف مباشر على هذه العملية، ولم تقم المدارس بفرز أفضل ما لديها. بل اكتفت بتسجيل الطلاب في البرنامج، ثم حملوهم إلى مركز التحكيم، وكثير منهم لا يستحق أن يمثل بين يدي لجنة التحكيم التي تريد فرز أفضل الأفضل، فصار عمل اللجنة فرز الأفضل من بين الجميع، وهذه مهمة أرهقت اللجنة، وحملتها أكثر مما ينبغي لها أن تحمل وتتحمّل.</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">•<span style="white-space: pre;"> </span>تدني مشاركات الطلاب الذكور في المسابقة، فعلى مدار خمسة أيام من التحكيم لم يكن هناك سوى مدرستين مثلهما طلاب من الصفين الخامس والسادس.</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">•<span style="white-space: pre;"> </span>افتقدت المشاركات الطلابية من إستراتيجية محددة لفعل القراءة، عدا حالات قليلة، فالمشاركون أتوا إلى المسابقة وهم يحملون واجباً عليهم أن يؤدوه، لا مهمة مدروسة ذات أبعاد ثقافية وإنسانية، ولذلك لم أصل إلى قناعة أن الكتب المقروءة كانت ذات أثر في الوعي المؤسس للطلاب، لأنهم قرأوا ما تيسر، ولم يقرؤوا ما يلبي الرغبة، ويمتع النفس ويغذي العقل، فكثير من الكتب ليست ذات قيمة للقارئ الطالب نفسه، لأنها أقل من مستواه العقلي، وبالتالي يصبح النشاط الفكري المرتجى من فعل القراءة، فارغا من المضمون، ومحصلة القراءة صفراً.</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">•<span style="white-space: pre;"> </span>لم يتم توطين المسابقة لتعميم الكتاب الفلسطيني، فكانت نسبة حضور الكاتب الفلسطيني في هذه الكتب المقروءة لا يشكل أية نسبة معقولة، لغياب الاستراتيجية الأكبر من ضرورة توظيف المسابقة لخدمة الكاتب الفلسطيني وتعميم التجارب الكتابية التي أثبتت حضورها على المستوى العالمي والعربي، وهذا الأمر لا يخص الكاتب الفلسطيني بل ربما انسحب على الكاتب الأردني والمصري والجزائري في بلدانهم المشاركة في هذه المسابقة، فلا بد من أن يكون للكاتب الوطني (فلسطيني، أردني، سوري، لبناني،....) حضور في إستراتيجية القراءة الوطنية، لأنه لا بد من تحقيق شرط المعرفة والتعرف على الكاتب المحلي، وعلى الأفكار المطروحة ومناقشتها ومقارنتها بالكاتب العربي الآخر، والكاتب العالمي، لإحداث فعل الوعي الشامل الذي بنيت عليه المسابقة أصلا، وأشارت إليه في أدبياتها المنشورة. </p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">وبهذه المناسبة أودّ أن ألفت النظر إلى هذه المسألة؛ حضور الكاتب المحلي، والعمل ضمن خطوات واضحة لزيادة نسبة حضوره في المسابقة، إذ يمكن أن تتعاون وزارات التربية والتعليم مع اتحادات الكتاب ووزارات الثقافة ودور النشر والكتّاب أنفسهم في كل بلد على تعميم الكتاب الوطني على المدارس؛ إما بتبرعات، أو بأسعار مناسبة، ورفد المكتبات المدرسية بكل جديد كل عام، ليكون الطلاب على دراية بما ينشر في بلدهم من كتب، وأن يتعرفوا على كتّابهم أيضاً. مع وجود برنامج مدرسي موازٍ يعمل على تعميم الفكرة في الإذاعة المدرسية يومياً، وعمل الندوات الدورية، وما شابه؛ ليظل الفكر لطلابي في تطور، وفي توهج، من أجل المعرفة أولا وأخيراً.</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">•<span style="white-space: pre;"> </span>اتجهت أنظار القراء نحو الكتب المترجمة، وكتب الروايات والقصص، وغاب الشعر تماما عن القراءات، وغابت الكتب النقدية، وكتب علم الاجتماع، وكتب الفلسفة، وتدنى مستوى الكتب المقروءة لتكون متوازية مع ما هو سائد، ويتماهى مع الواقع، ما يجعل البرنامج عديم الفائدة في إحداث وعي اجتماعي يقوده الطلاب أو يؤسسون له، بوصفهم قادة المستقبل ومفكريه.</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">•<span style="white-space: pre;"> </span>كشف البرنامج عن ضعف المكتبات المدرسية، وعدم فاعليتها، وأن ما تكسبه المدرسة من مركز التطوير الخاص بالمكتبات المدرسية هو مجرد عبء على الوزارة والهيأة التعليمية، كما أن الضعف كان واضحا فيما تحتويه تلك المكتبات من كتب، يجعلها مكتبات فقيرة فعلا، وأن المدرسة تفتقر لبرنامج تفعيل للمكتبة المدرسية، وهذا ما كنت ناقشته في مقالة سابقة بعنوان "المكتبة المدرسية ضرورة". (مجلة عود الند الثقافية، العدد 81: 2013/3).</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">•<span style="white-space: pre;"> </span>مارس بعض الطلاب حيلا مكشوفة في تعبئة الجوازات المخصصة للمسابقة، في أنهم لم يقرؤوا جميع الكتب التي كتبوا عنها في تلك الجوازات، وإنما اتجهوا إلى ملخصات الإنترنت، ما انعكس سلبيا على أدائهم، ورؤاهم، كما أن هناك حالات لتعبئة جوازات الطلاب بنسخ زملاء المدرسة الواحدة، بعضهم عن بعض، ما أسس لنزعة "الغش" لدى الطلاب، وهذا ما يتنافى مع أهداف المسابقة وحيويتها. كما أنهم أيضا اتجهوا إلى بعض العناوين الداخلية وجعلوها كتبا مستقلة في عناوينهم، كأن يعد أحدهم قصة في مجموعة قصصية عملا أدبيا مستقلا، ليمارس نوعا من الخداع للجنة التحكيم. وبذلك نقضي على الهدف الإجرائي الأساسي للمسابقة المتمركز حول (قراءة(50 مليون كتاب سنوياً).</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">•<span style="white-space: pre;"> </span>غالب الظن أن المدارس لم تُطلع الطلاب جيدا على المسابقة، وشروطها، وآليات التحكيم، ولم تعقد لذلك اجتماعات، ولم يكن الطلاب على علم ببنود التحكيم في الـ (Rubric) المعد لذلك، وهو متاح للمدارس، وموجود على الموقع الإلكتروني للمسابقة.</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">لا شك في أن هذه الملحوظات السلبية لم تفقد البرنامج أهميته، ويعوّض كثيرا عن غياب حصة المكتبة المدرسية، وإن جعلت القراءة قرارا فرديا، مدعوما بأساس التنافس على الجائزة، وكأن الطلاب لن يقرؤوا إذا لم يكن هناك جوائز، ونسوا- كما نسي معلموهم- أن أهم جائزة يحصل عليها القارئ هي المعرفة المتحصّلة من القراءة، وبناء فكر منتظم قادر على الحوار والمناقشة وسعة الأفق. فكل الكتّاب الكبار كانوا قراء نهمين، بل المفكرون والسياسيون هم كذلك أيضا، فالقراءة أداة مهمة من أدوات الحوار بين البشر، لأن القراءة بمقدورها التأسيس لفكرة تقبل الأفكار المتضاربة والمتصارعة، وإمكانية محاورتها، وفهمها على وجهها، وإن لم نتفق مع تلك الأفكار ونتبناها، إلا أنه يجب علينا- نحن القراء- أن نحترم تلك الأفكار، ونعطيها شرعية الحياة، ففكرة "المكارثية" الفكرية والثقافية يجب أن تحارب من هذا المدخل، فشرعية الحياة للفكرة مهما كانت هي شرعية الحياة لأصحابها، ولا يعني بالضرورة أنه يشكل خطرا وجوديا على الآخر، فللناس أفكارهم، ولنا أفكارنا، وهذا لا يعني أي فكر تصالحي ألبتة لفكرة التدجين الثقافي والانصياع لأفكار الآخرين، إنما هو إعادة تذكير بطبيعة الحياة في أنها مختلفة، وحيويتها في اختلافها، فكرا وتنظيما وأسلوب حياة، "وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً، وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ"، وبغض النظر عن التفسير العقدي للآية الكريمة إلا أن مبناها يحتمل شرعية الاختلاف البشري في كل شيء، فهذه هي طبيعة الحياة التي لا يشك بهذه الطبيعة أي عاقل.</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">إن ما أشرت إليه من "سلبيات" ليست خاصة بفلسطين وحدها، بل ربما لاحظها محكمون آخرون في بلدان أخرى، وربما في بلد المنشأ أيضاً، ومع ذلك يمكن تجاوز تلك "السلبيات" بالعمل المدروس، والمتابعة المستمرة، ونقل فكر الطلاب من فكرة التحوصل نحو "ميكافيلية" القراءة إلى فكرة "الفاعلية الحضارية" للقراءة من خلال كادر مؤهل يتابع ذلك في المدارس عن كثب، وأن يكون بموازاة هذا البرنامج برنامج كتابي أو إعلامي على المستوى المدرسي، يجعل المدرسة بنخبها الطلابية وحدة مجتمعية فاعلة ومؤثرة. بهذا- ربما- سنكون عرفنا الفلسفة التي يستند عليها برنامج تحدي القراءة العربي.</p><div dir="rtl" style="text-align: justify;"><br /></div>Al-ghorbahttp://www.blogger.com/profile/00781969873172894524noreply@blogger.com0tag:blogger.com,1999:blog-2939264949005302772.post-65937524883231232302024-03-06T13:33:00.000-08:002024-03-06T13:33:49.938-08:00جِناياتُ المفسرّين/ د. عدنان الظاهر <p dir="rtl" style="text-align: justify;"> </p><div class="separator" style="clear: both; text-align: center;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEihB9kH8989O55ieAzaVGiO72v08TWqEhb38KOSJtyqYVARZjioomq5tPfn4N5Yi3kVIeuEPLstAYeeh0skagW8coKxHd1tjxdbHu_uR24YIO_q5eqvuRfZ2UaerJ5zTGffZ58bu2F3VRbgerxEXZvJXPnsQpqDPbwm2Kk65XSU3icS8NQVPkhcps4WyfU/s300/%D8%B9%D8%AF%D9%86%D8%A7%D9%86%20%D8%A7%D9%84%D8%B8%D8%A7%D9%87%D8%B1.jpg" imageanchor="1" style="clear: left; float: left; margin-bottom: 1em; margin-right: 1em;"><img border="0" data-original-height="300" data-original-width="295" height="300" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEihB9kH8989O55ieAzaVGiO72v08TWqEhb38KOSJtyqYVARZjioomq5tPfn4N5Yi3kVIeuEPLstAYeeh0skagW8coKxHd1tjxdbHu_uR24YIO_q5eqvuRfZ2UaerJ5zTGffZ58bu2F3VRbgerxEXZvJXPnsQpqDPbwm2Kk65XSU3icS8NQVPkhcps4WyfU/s1600/%D8%B9%D8%AF%D9%86%D8%A7%D9%86%20%D8%A7%D9%84%D8%B8%D8%A7%D9%87%D8%B1.jpg" width="295" /></a></div><br /><p></p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">لا أدري كيف أُسمّي عماء وإسراف مّن يُعرفون بِ ( أئمّة المفسرين ) وتعسّفهم في تفسير آيات القرآن أو بعض ما ورد فيه من كلمات وليّهم للحقائق لكي يؤكّدوا أنَّ القرآن كتاب مقدّس نزل من السماء على محمد وحياً بواسطة المَلَك جبريل لذا لا يأتيه الباطل من أية جهة كانت ولا مكان فيه لأي خطأ أو إنحراف عن اللغة العربية القياسية نحواً وإعراباً واشتقاقاً ومعانياً. لذا صاروا يُبررون ويتفيقهون ويشتطون ويشرّقون ويُغرّبون ولا يملّون مما اقترفوا من هلوسات ودجل ومخالفات لوقائع الأمور. أضرب أمثلة ومصدري هو :</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">( نظرية اللغة في النقد العربي / عبد الحكيم راضي. المجلس الأعلى للثقافة الطبعة الأولى 2003 م ).</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">1ـ ورد في الصفحة 229 ما يلي :</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">(( ... وبالرغم من هذه المكانة التي نُسبت إلى ظاهرة الإعراب لم تسلمْ علاماته ـ هي الأخرى ـ من عمليات كثيرة من الإنتهاك، أمّا النُحاة فقد راحوا يُعللونها غالباً بإغناء القرائن عن العلامات في توضيح المعنى. وأما البلاغيون فكان لهم مسلكٌ آخر في تخريج هذه الإنتهاكات، وأشهرها نصب الكلمة في سياق يستدعي خلاف النصب أو بالعكس برفعها في سياق يستدعي خلاف الرفع. وذهب الزجّاج ( ت 311 ) إلى إمكان النصب والرفع على المدح في قوله تعالى ـ الفاتحة ـ 1 [ الحمدُ للهِ ربِّ العالمين ] بنصب ربّ ورفعها ـ فقال : إنَّ مَن نصبه " فإنما ينصبه لأنه ثناءٌ على الله جلَّ وعزَّ، فقولهُ [ ربَّ العالمين ] كأنه قال : [ أُذكرْ ربَّ العالمين ] وإذا قال [ ربُّ العالمين ] بالرفع فهو على قولك : [ هو ربُّ العالمين ]. يا ناس ! لماذا ينصبون أو يرفعون المجرور ولأيّما غاية ومن كلّفهم بإتيان ذلك ؟ يبررون حالة النصب بأنه ثناء على الله! هل طلب الله ذلك منهم ثمَّ أما في حمد الله كفاية { الحمدُ للهِ } ))؟ إخجلوا يا ناس. إستحِ يا الزجّاج أنت وأمثالك. الآية واضحة وبسيطة وكافية وافية بشكلها الذي وردت فيه مُتسقة مع قواعد اللغة العربية ولا عِوَج فيها : الحمدُ للهِ ربِّ العالمين ... ربِّ بدل من الله والله مجرور بالإضافة.</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">2ـ مثال آخر على الصفحة 230 : (( .. وذهب إبن جنّي إلى نحوٍ من هذا في البسملة حيث يجوز [ بسمُ وبسمِ الله الرحمنُ الرحيمُ ] برفع الصفتين جميعاً على المدح. ويجوز [ الرحمنَ الرحيمَ ] بنصبها جميعاً عليه ، ويجوز [ الرحمنَ الرحيمُ ] بنصب الأول ورفع الثاني كل ذلك على وجه المدح )). لك الخزي يا ابن جنّي ! أما يكفيك ما فيك وفي أصلك من جنون حتى تعتوَ وتُسئَ إلى القرآن والدين واللغة العربية وإلى قراء القرآن ؟</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">3ـ وإلى مثل ما قال إبن جني في الفقرة السالفة نقرأ في الصفحة 231 ما يلي : (( وهذا هو المعنى الذي دار حوله الشريف المرتضى في أماليه في سياق حديثه عن بعض مواضع النصب ومواضع الرفع ـ حيثُ يقتضي الإعرابُ خلافهما ـ في آية البقرة 177 ... إذْ يُصرِّح بأنَّ النعتَ إذا طال رُفِع بعضه ونُصبَ بعضه على المدح)). مصيبة يا ناس ! يخالف المدح والذم إذا طالا قواعد اللغة العربية فأية قوة سحرية يمتلكان ولماذا هما مُستثنيان ومتميزان ولأية ضرورة وكيف تكون علامة النصب دليلاً على التعظيم ؟ أرى العكس إذْ أنَّ علامة الرفع أنسب لتعظيم الممدوح مثلاً لأنَّ فيه مغزى الإرتفاع وعلوّ المكانة والشموخ. في الصفحة 232 نقرأ كلاماً منسوباً لإن جنّي يقول (( إنَّ العربَ قد تحمل على ألفاظها لمعانيها حتى تُفسِدَ الإعراب لصحّة المعنى )) ! لا يذكر هؤلاء المفسرون مصادرهم لما يدّعون إنما ديدنهم الإحتماء وراء إدعاءات غامضة من قبيل { قالت العرب أو قيل كذا وكذا أو معروف عن العرب وهكذا }. كيف يُعظَّمُ رجلٌ بكسر قواعد اللغة التي يُخاطب بها وكيف يرضى بذلك ؟ ألا بئسَ هذا النوع من التعظيم وبئسَ مَنْ قد عظّموا. نواصل ..</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">4ـ نقرأ في الصفحة 470 ما يلي : (( والواقع أنَّ القول ببلاغة مثل هذه المواضع يندرج تحت مبدأ عام أكثر شمولاً هو بلاغة كل ما جاء في القرآن من ظواهر الإستخدام اللغوي وأساليبه، حتى ما بدا منها مُخالِفاً للمألوف في النظام النمطي للغة. وليس أدل على ذلك من هذا التخريج الذي حَظيتْ به المواضع التي خولِفَ فيها الشكل الإعرابي المعهود. ففي آية النساء [ لكنْ الراسخونَ في العلمِ والمؤمنونَ يؤمنون بما أُنزِلَ إليكَ وما أُنزِلَ من قبلكَ والمقيمين الصلاةَ والمؤتون الزكاةَ ]، وفي آية البقرة [ والموفون بعهدهم إذا عاهدوا والصابرين في البأساء والضرّاء ] نجد إلى جانب الأقوال الكثيرة، مّما سبقت الإشارة إليه، والتي حاولت إيجاد وجه مشروع في إطار الشكل الإعرابي لتخريج النصب في كلمتي { المقيمين } في الآية الأولى و { الصابرين } في الآية الأخرى نجد محاولة لتخريج النصب على محمل فنّي. وسجّل سيبويه أُولى المحاولات المدوّنة في هذا الصدد فتحدث فيما أطلق عليه { باب ما يُنتصب في التعظيم والمدح } وجعل من ذلك قولهم { الحمدُ لله أهلَ الحمد } و { الحمدُ للهِ الحميدَ هو } ثم قال " ومثل ذلك قول الله عزَّ وجلَّ { لكنْ الراسخون في العلم ... والمقيمين الصلاةَ .. }. وجاء في شرح السيرافي بهامش الكتاب أنه { في إعراب المقيمين وجهان أحدهما أنْ يكون منصوباً على المدح. وذكر ابن قُتيبة قوله تعالى { لكنْ الراسخون ... والمقيمين } وكذلك آية البقرة { والموفون بعهدهم ... والصابرين } ثم قال " وقالوا في نصب المقيمين بأقاويل ... قال بعضهم هو نصب على المدح. واعتلَّ أصحابُ النحو للحرف فقال بعضهم : هو نصبٌ على المدح والعربُ تنصب على المدح والذم كأنهم ينوون إفراد الممدوح بمدح مُجدِد غير متّبعٍ لأول الكلام، كذلك قال الفرّاء " )).لو أمعنا النظر في كل هذه الأقوال وما أتت به من تخريجات وتفسيرات وتبريرات لرأينا أنَّ الذين برروا الأخطاء اللغوية يُنسبون أقوالهم إلى جهات مجهولة لا يذكرونها لأنهم لا يعرفونها من قبيل [ قال بعضهم ] و [ وقالوا في نصب المقيمين أقاويل ] و [ وجعل من ذلك قولهم الحمدُ لله أهلَ الحمد ]. تُرى من هم هؤلاء الذين قالوا أو قوِّلوا ؟ أجيبوا يا عُتاة ويا علماء لغة وأئمّة تفسير أجيبوا لأنكم قد أسئتم للغة العربية والدين وقرّائكم. </p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">ما منعهم من أنْ يقولوا إنَّ ما ورد في القرآن من إنحرافات عن الأنماط الإعرابية الثابتة هي أخطاء إقترفها ( كتّاب الوحي ) مثلاً من باب السهو أو أنَّ دور نشر القرآن هي التي أخطأت في كتابة بعض آيات القرآن. منعهم إيمانهم الأعمى أنَّ القرآن كتاب مقدّس أُنزلَ على محمد من السماء وأنه كلام الله والله لا يُخطئ ! </p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">لا نجد مثل هذه الإشكاليات في كتب اليهود والمسيحيين وأصحابها كذلك يدّعون أنها كتب مقدّسة أُنزلت أو أوحيت لأنبيائهم موسى وعيسى.</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">5ـ وثَمّةَ مسألة أخرى تُثير العجب والسخرية حيث صال المفسرون وجالوا وشرّقوا وغرّبوا والأمر لا يتطلب كل هذا التشريق والتغريب. أقصد آية صغيرة بسيطة واضحة لا لبس فيها ولا تعقيد ولا إعضال فما الذي حدا بهؤلاء ( الأئمة والفطاحل ) إلى حيثُ أسرفوا وأوّلوا وزادوا وحذفوا وأنقصوا بعض الحروف وبعض الكلمات وأضافوا تفسيرات لا علاقة لها بظاهر ولا بجوهر ولا الهدف الرئيس من هذه الآية. الآية هي الزُخُرف ـ81ـ [ قُلْ إنْ كانَ للرحمنِ ولدٌ فأنا أوّلُ العابدين ]. هل في هذه الآية غموض أو تعقيد أو شئ غريب يستوجب وضع تفسيرات لا علاقة لها بموضوع وهدف هذه الآية ؟ النبي محمد طبعاً كان يعرف إعتقاد المسيحيين أتباع عيسى بن مريم بأنَّ عيسى هو ابنُ الله وقد ورد ذكر ذلك أكثَر من مرّةٍ في القرآن ونفاه القرآن بآيات وصيغ شتّى منها في سورة البقرة الآية 163 [ وإلهكم إلهٌ واحدٌ لا إلهَ إلاّ هوَ الرحمنُ الرحيمُ ] وفي سورة المائدة الآية 17 [ لقد كفرَ الذينَ قالوا إنَّ اللهَ هو المسيحُ ابنُ مريمَ قُلْ فمن يملكُ من اللهِ شيئاً إنْ أرادَ أنْ يُهلكَ المسيحَ ابنَ مريمَ وأُمَّهُ ومن في الأرضِ جميعاً وللهِ مُلْكُ السماواتِ والأرضِ وما بينهما يخلُقُ ما يشاءُ واللهُ على كلِّ شئٍ قديرٌ ]. وفي سورة المائدة الآية 72 [ لقد كفرَ الذين قالوا إنَّ اللهَ هو المسيحُ ابنُ مريمَ وقال المسيحُ ... ]. وفي سورة التوبة الآية 30 [ وقالت اليهودُ عُزيرُ ابنُ اللهِ وقالت النصارى المسيحُ ابنُ اللهِ ذلكَ قولُهُم بأفواههم .... ]. في آية ساءلت المسيح بما يشبه المحاكمة بوضعه موضع المتهم إذْ نُسب إليه قوله إنه ابن الله أو إنه ثالث ثلاثة فينفي ذلك بصريح القول ، سورة المائدة، الآية 116 [ وإذْ قال اللهُ يا عيسى ابنَ مريمَ ءأنتَ قُلتَ للناسِ اتخذوني وأُمّي إلهينِ من دون اللهِ قال سُبحانكَ ما يكونُ لي أنْ أقولَ ما ليسَ لي بحقٍّ إنْ كنتُ قُلته فقد عَلِمتُهُ تعلمُ ما في نفسي ولا أعلمُ ما في نفسكَ إنكَ أنتَ علاّمُ الغيوب ]. أخيراً ... هل أُذكّر بسورة الإخلاص التي حفظناها صغاراً عن ظهر قلب [ قُلْ هو اللهُ أَحَد. الله الصمد. لم يلدْ ولم يولدْ. ولم يكنْ له كفواً أحد ] ؟ لم يلدْ ولم يولدْ. </p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">هل تكفي هذه البضاعة لأقناع كبار علماء اللغة والتفسير أنْ مواقفهم من آية الزخرف [ قُلْ إنْ كان للرحمنِ ولدٌ فأنا أولُ العابدين ] هي مواقف سطحية وغبيّة ومُسرفة غاية الإسراف فلنرَ ما قالوا وكيف فسّروا. نقرأ في الصفحتين من المصدر 429 و 430 ما يلي :</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">(( .. ويكشف حديثهم عن قوله تعالى ـ الزخرف ـ 81 ـ [ قُلْ إنْ كان للرحمنِ ولدٌ فأنا أوّلُ العابدين ] عن إستماتة في التخريج لظاهر النص القرآني بعيداً عن كل ما يبعثُ على الحَرَج ، وذلك بالتصرّف في دلالة اللفظ أو تركيبه وفقاً لما هو ممكن. فقال أبو عبيدة : ( إنْ ) في موضع ( ما ) في قول بعضهم ( ما كان للرحمن ولدٌ ) والفاء مجازها مجاز الواو ( ما كان للرحمن ولدٌ، وأنا أول العابدين ) .. وقال آخرون : مجازها ( إنْ كان في قولكم للرحمن ولد فأنا أول العابدين، أي الكافرين بذلك والجاحدين لما قلتم ) وهي من ( عَبدَ يَعْبَدُ عَبَداً ) { 85 / مجاز القرآن 2/ 206 , 207 }. وذهبَ أبو بكر السجستاني في كلمة ( العابدين ) إلى أنَّ معناها عند المفسرين ( الموحّدين ) وعند اللغويين ( الخاضعين الأذلاّء ) { 86، غريب القرآن المسمى نزهة القلوب 123 }. وقال النحاس .. " إنْ جعَلتَ ( إنْ ) للشرط ف ( كان ) في موضع جزم، وإنْ جعلتها بمعنى ( ما ) فلا موضع لكان، وقد روى عليٌّ إبن طلحة عن ابن عبّاس في قوله تعالى ( قُلْ إنْ كان للرحمن ولدٌ ) قال : يقولُ ( لم يكنْ للرحمن ولدٌ )، قال أبو جعفر جعل ( إنْ ) بمعنى ( ما ) كما قال جلَّ وعزَّ ( إنْ الكافرون إلاّ في غرور ) أي ( ما الكافرون إلاّ في غرور ) { 87، إعراب القرآن المنسوب للزجّاج 1069 }، وذهب مكي إلى أنَّ ( إنْ ) بمعنى ( ما ) ـ والكلامُ على ظاهره ـ و ( العابدين ) من العبادة. وقيلَ ( إنْ ) للشرط، ويكونُ معنى ( العابدين ) الجاحدين لقولكم ( إنَّ له ولداً ). وقيل ( إنْ ) للشرط و ( العابدين ) على بابه، والمعنى : فأنا أول من عبده موحِّداً على أنه لا ولد له { 88، مُشكل إعراب القرآن 560 } .. )) إنتهت الإقتباسات وقد قلتُ رأيي في هذا الموضوع وسأقول رأيي في تفسير هذه الآية:</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">إبتداءً لا أرى أي إشكال في هذه الآية لا من حيث لغتها ولا من حيث معانيها ومضمونها مباشر وبسيط : يأمرُ اللهُ محمداً أنْ يقول لغير المسلمين من الطوائف الأخرى ولا سيّما طائفة المسيحيين أتباع عيسى والمشاغبين والمتصيدين في المياه العَكِرة أنْ ( لا إله إلاّ الله وأنَّ الله واحدٌ أحدٌ لا شريكَ له وأنه لم يلدْ ولم يولدْ ) وورد هذا الكلام وأمثاله كثيراً في القرآن. في القول ( قلْ إنْ كان للرحمنِ ولدٌ ) إنكار قوي مؤداه إستحالة أنْ يكون للرحمن ولد ( قلْ إنْ كان ) ... أما إذا كان بالفعل له ولد فإني، محمد ، سأعبده كما أعبد الرحمن أباه ( فإني أولُ العابدين ). مَن يعبد الأب يعبد الإبن ولكن هيهات هيهات فمحال أنْ يكون للرحمن ولد وإنه صَمَدٌ وإنه لم يلدْ ولم يولدْ ولم يكنْ له كفواً أحد. لو كان لله ولدٌ لعبدتُ هذا الولد. قد تكون هذه مسألة خلافية دينياً غير مسبوقة بالنسبة للمسلمين ولكن شرطَ أنْ تُناقش هذه الآية كما هي بحروفها وكلماتها دون زيادة أو نقصان. أعني هل النبي محمد يعبد أبناءَ الله ؟ الجواب كلاّ. في القرآن نفي واستهجان شديد لمن يدعي ألوهية المسيح ومن أنه ثالث ثلاثة هم الله ومريم والروح القدس وإنه ابنُ الله ولقد ذكرتُ في الفقرات السابقة في أعلاه ما يكفي من آيات لمواقف محمد والقرآن الذي هو كلامُ الله المُنزل من هذه القضية. </p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">الخُلاصة والعِبرة : علينا أنْ نُعيد النظر في الكثير مما قال الأولون من مفسرين وعلماء لغة ومجتهدين في العديد من المسائل التي تصدوا لها بالتفسير والشرح والإجتهاد فأساءوا للنصوص التي عالجوا كما أساءوا معاً للقرآن وللدين نفسه ولقرّائهم. </p><p dir="rtl" style="text-align: justify;"><br /></p>Al-ghorbahttp://www.blogger.com/profile/00781969873172894524noreply@blogger.com0tag:blogger.com,1999:blog-2939264949005302772.post-70579514976966096992024-03-06T05:26:00.000-08:002024-03-06T05:26:18.726-08:00رثاء للوطن/ فؤاد الحاج<p dir="rtl" style="text-align: justify;"> </p><div class="separator" style="clear: both; text-align: center;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEimjXqma9eIIQSD1LlYfVowhsYoMaLfZwlimFQKDDLKHzQM2Ji5TuZ3DJVyKYP6xl7zf-R2K79-uWrqVpBCpXLzBCo5ylHBKTbZGriWpfp33WrEQ60X0ht6kDYOCZG9Bmd_vVwQzL4K1Gwe7B-SjkQ1DtcAaRxkBMPbczTP9pE34zgJaDxdNqJQCMd0PDU/s263/%D9%81%D8%A4%D8%A7%D8%AF%20%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%A7%D8%AC.jpg" imageanchor="1" style="clear: left; float: left; margin-bottom: 1em; margin-right: 1em;"><img border="0" data-original-height="208" data-original-width="263" height="208" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEimjXqma9eIIQSD1LlYfVowhsYoMaLfZwlimFQKDDLKHzQM2Ji5TuZ3DJVyKYP6xl7zf-R2K79-uWrqVpBCpXLzBCo5ylHBKTbZGriWpfp33WrEQ60X0ht6kDYOCZG9Bmd_vVwQzL4K1Gwe7B-SjkQ1DtcAaRxkBMPbczTP9pE34zgJaDxdNqJQCMd0PDU/s1600/%D9%81%D8%A4%D8%A7%D8%AF%20%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%A7%D8%AC.jpg" width="263" /></a></div><br /><p></p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">إن واقع الحال يقول أن لبنان لم يعد للبنانيين، فما العمل من أجل استعادة لبنان وإنقاذه من جلاديه؟ وما هو دور المغتربين في هذا المجال؟ كي لا أطيل أقول أن ذلك ممكن عن طريق إقامة تجمع للمغتربين اللبنانيين في أنحاء العالم دون أن يكون للسياسة دور في هذه التجمع مع علمي بصعوبة ذلك لأن إرادة اللبنانيين المقيمين مسلوبة ومنقسمين طائفياً ومذهبياً وكذلك هم في المغتربات، ولكن ليس من المستحيل أن يقوم بعض الحياديين المخلصين بالدعوة والعمل على تحقيق قيام تجمع للبنانيين في أماكن تواجدهم كما أعتقد، بدلاً من البكاء على الأطلال ونتغنى بعشق بلد الجمال ومناظره الطبيعية الخلابة، وبالميجانا والعتابا، وهيهات يا الزلف، وبحبك يا لبنان، وزينا لبنان، وإلى ما هنالك من منوعات ودبكات فولكلورية تحتل أفق عقل اللبناني المغترب. وإلى أن يتم تشكيل تجمع للبنانيين في المغتربات وأكرر رغم صعوبة ذلك لإنقاذ لبنان من براثن جلاديه المتحكمين براب البلاد والعباد، فأنني أرثي وطن الآباء والأجداد، ولكن قبل ذلك يجب أن نعرف أي وطن نرثي؟ لبنان الجريح الذي ضاعت جثث شهدائه عبر تاريخه وآخرها جثث انفجار مرفأ بيروت، حيث جعلوه عارياً وهجموا عليه هجوم الضواري وسلخوا عن جلده الرداء الذي استتر به منذ إعلانه جمهورية، وأضاعوا عزيمة أبنائه الذين انتفضوا مطالبين بوطن لكل أبنائه دون تمييز منذ تشرين الأول/أكتوبر 2019، ثم شردوا أهله الذين تاه بعضهم على أرصفة الاغتراب، وبعضهم ابتلعته بحار الظلمات هرباً من حكم الطغاة. </p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">أم نرثي عروبة لم تنحن لطاغية عبر الزمن إلى أن جاء الطغاة وتسلطوا على حكم البلاد وهم يلبسون مسوح النظام الدولي الجديد وإن اختلفت ألقابهم، فهذا أمير وذلك ملك وذاك رئيس، وآخر حامي المقدسات، وما إلى هنالك من ألقاب يقودون شعبنا والبلاد إلى مهاوي الخراب من أجل المحافظة على عروشهم التي باعها لهم بعض نماذج المثقفين وتجار الكلام الذين يندى لهم الجبين. </p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">إننا نرثي لبنان كما نرثي العراق وسوريا وفلسطين واليمن والسودان وبلدان عربية أخرى، لأننا والحمد لله لا نملك سوى نعمة الثاء التي تجود بها قريحتنا، فسبحان من أكرم العبد وجعل موطن الآباء والأجداد مهبط الوحي ومرتع الرسل والأنبياء، ولعنة الله على كل كاتب جعل من هؤلاء الزعماء والحكام والقيادات آلهة تُعبد. </p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">إننا نرثيك يا وطن الآباء والأجداد ونحن غارقون في مآسيك، نحمل على كواهلنا عبء فجيعتك في حكامك وقادتك ونوابك ووزرائك. </p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">إننا نرثيك يا وطن بعد أن مزقوك وشردوا أبنائك وجعلوا من أرضك التي اجتاحوها كما التتار وهولاكو وجنكيزخان وتيمورلنك والفرس اجتاحوا عراق التاريخ والحضارات وفتكوا بأجساد أطفالك ورجالك واغتصبوا نساءك واستباحوا حرماتك، كما الصهاينة فعلوا في فلسطين. </p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">ولا يسعني هنا إلا أن أردد قول الشاعر نزار قباني: </p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">يحاول الطغاة أن لا يشربوا الخمر </p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">وأن ولا يأكلوا الميتتة والخنزير </p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">إلا أنهم.. </p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">لا يخجلون مطلقاً أن يأكلوا الإنسان! </p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">إنك تستحق يا وطن الآباء والأجداد أبلغ الرثاء ونحن نشهد اليوم أنهار الدماء في غزة وقتل الأطفال والغضب يعترينا دون أن يحرك ذلك ساكن أي من الحكام والزعماء والقادة والرؤساء. </p>Al-ghorbahttp://www.blogger.com/profile/00781969873172894524noreply@blogger.com0tag:blogger.com,1999:blog-2939264949005302772.post-20071962479552879942024-03-06T05:24:00.000-08:002024-03-06T05:24:35.269-08:00عندما تحدث الصور الفارق/ مدين غالم<div class="separator" style="clear: both; text-align: center;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhD8-w9YXTdmuyPO8pK0XwAMphXd6p7Iy0oSPP_dUcRSBrmhH7FNmksH0LlFYelgaXrmM3UlZvQb1kkTI3if2oqLAgf_FiG5l4fhmw0OpDBwt4yc93gZz1MkGPbJqzFzC50xJVa-6iju_pQtrxCSSO3n7uRwCLbHs8Bx1QlINuDf3A8R96tzlHF6pjrhkU/s295/%D9%85%D8%AF%D9%8A%D9%86%20%D8%BA%D8%A7%D9%84%D9%85.jpg" imageanchor="1" style="clear: left; float: left; margin-bottom: 1em; margin-right: 1em;"><img border="0" data-original-height="258" data-original-width="295" height="258" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhD8-w9YXTdmuyPO8pK0XwAMphXd6p7Iy0oSPP_dUcRSBrmhH7FNmksH0LlFYelgaXrmM3UlZvQb1kkTI3if2oqLAgf_FiG5l4fhmw0OpDBwt4yc93gZz1MkGPbJqzFzC50xJVa-6iju_pQtrxCSSO3n7uRwCLbHs8Bx1QlINuDf3A8R96tzlHF6pjrhkU/s1600/%D9%85%D8%AF%D9%8A%D9%86%20%D8%BA%D8%A7%D9%84%D9%85.jpg" width="295" /></a></div><br /><p dir="rtl" style="text-align: justify;"><br /></p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">المقاومة الفلسطينية تطيح بالعدو</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">الصهيوني اعلاميا ،وادارة النزال مع المحتل ولم تكن له الغلبة في هذا النزال</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">الاعلام الحربي اخرج القضية الفلسطينية و التي كانت قضية العرب المركزية قبل أن تتدحرج الى أسفل القضايا ذات الاهتمام المشترك لدى الانظمة العربية ، وأضحت في آخر سلم الاولويات .</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">المقاومة اخرجت القضية من طي النسيان الى ان اصبحت حدث الرأي العام الدولي على مدار الساعة في هذه الأونة الأخيرة ، وكشفت زيف مزاعم المحتل ،لقد أبلت المقاومة البلاء الحسن في اعادة الزخم الى القضية الفلسطينية ،وإضمحلال الصورة النمطية عن فلسطين و قضيتها والتي كانت ممزوجة بأسليب الخداع و التلاعب في اخراج محتوى الصورة.ونقل الرواية الصهيونية على مدار عقود من خلال التحكم في وسائل الاعلام الى الرأي العام العالمي</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;"> انقلبت الصورة وأضحت قضية فلسطين لسان حال العديد من الفاعلين على المستوى الدولي ،واضحت قضية احرار العالم .وتدعى الشراء واحرار العالم الى نصرة غزة</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">إنهزم الكيان الصهيوني في حربه على غزة</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">اعلاميا ولم تفلح تلك الهالة الاعلامية التي كانت ترافقه لطمس الصور الحقيقية وحجب الصورة الساطعة للواقع ، من خلال نسج الصور التي يريد ايصالها الى الرأي العام العالمي حسب رؤيته المنفردة</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">لقد استطعت المقاومة كيف تدير حرب الاعلام ،وكانت الصور الناصعة پإتقان و احترافية من خلال المعركة الاعلامية و التي لا تقل اهمية عن النزال الحربي بالذخيرة الحية ،وجهت رسائل الى العالم نسفت من خلالها ادعاءات المحتل في تشويه صورة المقاومة لدى الرأي العام العالمي وأصبحت المقاومة من منبوذ موسوم بنعت الارهاب الى متفاهم للقضية والانحياز لها وكسر احتكار سلاح الصورة ومن يقف ورائها</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">وكان سلاح الصورة للمقاومة السلاح الذي يصيب الهدف بدون اعتراض ،رسالة طوفان الأقصى اعلاميا وصلت صورة ناصعة بدون شك تصيب المحتل في مقتل وتصحح الصورة النمطية عن المقاومة التي هي حق مشروع بموجب القانون الدولي،و المساهمة في تقليص محابات اسرائيل وانقلاب السحر على الساحر وتأليب الرأي العام ضد الكيان الصهيوني تذكر بالايام الاخيرة لنظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا.</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">وكانت الصورة الناصعة التي يجب التوقف عندها والمتمثلة في انجاز المقاومة في تقديم صورتها للراي العام من خلال فيديوهات حفاوة اطلاقا سراح المحتجزيين لدى المقادمة خلال فترة الهدنة ،المقاومة تنتصر اعلاميا في حرب الصورة وكانت الصورة الناصعة پإتقان صور الأفراج عن الرهائن ،وكيف وثقت مراحل الأفراج ،وانقلب الموقف من غير مبالي بما يحدث في غزة ،الى متعاطف مع قضية المقاومة وحرب الإبادة التي يعترض لها الطفل و المرأة و الشيخ في غزة ،وعرت مزاعم الكيان الصهيوني وانقلب السحر على الساحر ،ولم يعد الكيان الصهيوني ذلك الشعب الذي يصرخ ليلا نهارا أنه مظلوم ومحاط بالأعداء،والمفرج عنهم يدلون بتصريحات تتحدث عن اخلاق المقاومة ،وانهم تلقوا معاملة حسنة من قبل رجال المقاومة أثناء فترة الحجز، شتان بين المشهدين</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">طريقة التعامل الانسانية والأخلاقية ،المشاهد هذه قالبت الرأي العام العالمي رأسا على عقب، صورة المفرج عنهم وهم يلوحون بأيديهم لعناصر المقاومة ،خلال تسليمهم الى الصليب الاحمر ،نسفت ادعاءات المحتل لتشويه صورة المقاومة</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;"> </p>Al-ghorbahttp://www.blogger.com/profile/00781969873172894524noreply@blogger.com0tag:blogger.com,1999:blog-2939264949005302772.post-29923400749332398052024-03-05T13:07:00.000-08:002024-03-05T13:07:10.954-08:00 كُنْ كالشّمسِ/ الدكتور حاتم جوعيه<div class="separator" style="clear: both; text-align: center;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhryUVl8fU1Ap2WUu6TKz1XAkqzQona37WbvcjdzP9KErttG75eXR5JTJjkiawE51YKAZ5wUxBd0wdjDZ-A8MT-T_kDOGC-6QtkqcGu1dtQdmccsii0_2FNjPMmNaEASQRWTXffeY2u4Qf1k5hG-LxTxqPpYosbOa_Q0CBeOeoU4siu0PbSM40Ru1cuRrQ/s456/%D8%AD%D8%A7%D8%AA%D9%85%20%D8%AC%D9%88%D8%B9%D9%8A%D9%87.jpg" imageanchor="1" style="margin-left: 1em; margin-right: 1em;"><img border="0" data-original-height="443" data-original-width="456" height="311" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhryUVl8fU1Ap2WUu6TKz1XAkqzQona37WbvcjdzP9KErttG75eXR5JTJjkiawE51YKAZ5wUxBd0wdjDZ-A8MT-T_kDOGC-6QtkqcGu1dtQdmccsii0_2FNjPMmNaEASQRWTXffeY2u4Qf1k5hG-LxTxqPpYosbOa_Q0CBeOeoU4siu0PbSM40Ru1cuRrQ/s320/%D8%AD%D8%A7%D8%AA%D9%85%20%D8%AC%D9%88%D8%B9%D9%8A%D9%87.jpg" width="320" /></a></div><br /><p dir="rtl" style="text-align: center;"><br /></p><p dir="rtl" style="text-align: center;"> لقد أعجبتني هذه الجملة الشعرية المنشورة على صفحة أحد الأصدقاء بالفيسبوك :</p><p dir="rtl" style="text-align: center;">(( كُن كالشمسِ شروقُها قوّة وغروبُها جمال ))</p><p dir="rtl" style="text-align: center;"><br /></p><p dir="rtl" style="text-align: center;"> فنظمتُ هذه الأبيات الشعرية ارتجالا ومستوحاة من تلك الجملة :</p><p dir="rtl" style="text-align: center;"><br /></p><p dir="rtl" style="text-align: center;">كالشَّمسِ كُنْ بشروقِهَا تختالُ = بغروبها سحرٌ لها وجمالُ</p><p dir="rtl" style="text-align: center;">إنَّ الجمالَ متى يُواكبُ قوَّةً = تتحقَّقُ الأحلامُ والآمالُ</p><p dir="rtl" style="text-align: center;">والشاعرُ الولهانُ يفتنُهُ جما = لُ حبيبةٍ فيها النّهى ودلالُ</p><p dir="rtl" style="text-align: center;">فيها جمالُ الروح يبقى خالدًا = أمَّا جمالُ الجسم فهْوَ زوالُ</p><p dir="rtl" style="text-align: center;">وأنا الذي بهرَ الوجودَ بشعرهِ = وحبيبتي الإيحاءُ والإقبالُ</p><p dir="rtl" style="text-align: center;">وحبيبتي شقراءُ أجملُ غادةٍ = منِّي لها التبجيلُ والإجلالُ</p><p dir="rtl" style="text-align: center;">يتسابقُ العشاقُ في دنيا الهوى = فاجتزتُهُمْ إنَّ الدروبَ طوالُ</p><p dir="rtl" style="text-align: center;">الحُبُّ إكسيرُ القلوبِ ونورُهَا = وأنا المُتيَّمُ والهوى قتَّالُ</p><p dir="rtl" style="text-align: center;">وقطعتُ دربَ العمرِ وحدي للسُّهى = والعيشُ سعيٌ والكفاحُ سجالُ</p><p dir="rtl" style="text-align: center;">شعري هو الإبداعُ والتجديدُ وَا = كبَهُ .. وغيري شعرُهُ الأطلالُ</p><p dir="rtl" style="text-align: center;">والغيرُ في مستنقع التطبيعِ يَهْ = وِي سَعْيُهُ وَمآلُهُ لوَبالُ </p><p dir="rtl" style="text-align: center;">وأنا الذي فاقَ الجميعَ بخلقِهِ = صدقت بهِ أقوالهُ وفعالُ</p><p dir="rtl" style="text-align: center;">ورسالتي نشرُ السلامِ وعطرِهِ = والكونُ يسعدُ والصراعُ يُزالُ</p><p dir="rtl" style="text-align: center;">وهويَّتي أممٌ تُوَدِّعُ حُزنهَا = والفجرُ يسطعُ تختفي الأغلالُ</p><p dir="rtl" style="text-align: center;">وهويَّتي أطفالُ هذا الكونِ تن = عَمُ بالطفولةِ ... لا يكونُ قتالُ</p><p dir="rtl" style="text-align: center;">والخيرُ يدفقُ والأماني تزدهي = والخصبُ يرتعُ والسنينُ غلالُ</p><p dir="rtl" style="text-align: center;">والأرضُ تغدُو جنةً فتّانةً = كلُّ الوجودِ بحُسنِهِ يختالُ</p><div dir="rtl" style="text-align: center;"><br /></div>Al-ghorbahttp://www.blogger.com/profile/00781969873172894524noreply@blogger.com0tag:blogger.com,1999:blog-2939264949005302772.post-18963866598612033472024-03-04T04:14:00.000-08:002024-03-04T04:14:24.094-08:00 في زحمة الاشواك/ بن يونس ماجن<p dir="rtl" style="text-align: right;"> </p><div class="separator" style="clear: both; text-align: center;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEiOD9l1sPef53YU7vXfvkA_vIIi7eLobGV9ANzuQKam2tDIoGiJowFHIvld5y8TL8nXED_l-tVleq0x_8CkGkHEULv4iIhXzkR-vcLXrFBmD9Pm3z0qlOtGTQ0qjEeCmMFLg_pES3ENPbyGnwBeKFYmxZC0VER3kqu3qpOosGUb8IzZcMkx7Aoh07gowq4/s242/%D8%A8%D9%86%20%D9%8A%D9%88%D9%86%D8%B3%20%D9%85%D8%A7%D8%AC%D9%86.jpg" imageanchor="1" style="clear: left; float: left; margin-bottom: 1em; margin-right: 1em;"><img border="0" data-original-height="242" data-original-width="209" height="242" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEiOD9l1sPef53YU7vXfvkA_vIIi7eLobGV9ANzuQKam2tDIoGiJowFHIvld5y8TL8nXED_l-tVleq0x_8CkGkHEULv4iIhXzkR-vcLXrFBmD9Pm3z0qlOtGTQ0qjEeCmMFLg_pES3ENPbyGnwBeKFYmxZC0VER3kqu3qpOosGUb8IzZcMkx7Aoh07gowq4/s1600/%D8%A8%D9%86%20%D9%8A%D9%88%D9%86%D8%B3%20%D9%85%D8%A7%D8%AC%D9%86.jpg" width="209" /></a></div><br /><p></p><p dir="rtl" style="text-align: right;">في زحمة الاشواك </p><p dir="rtl" style="text-align: right;">انحت وشم الصمود</p><p dir="rtl" style="text-align: right;">وبقلم الحبر الدائم</p><p dir="rtl" style="text-align: right;">اكتب مرثية لاطفال غزة</p><p dir="rtl" style="text-align: right;">لعل الجرح الغائر</p><p dir="rtl" style="text-align: right;">يندمل ويفقأ عين الظالم المستبد</p><p dir="rtl" style="text-align: right;"><br /></p><p dir="rtl" style="text-align: right;">حتى أنا عندي الحق </p><p dir="rtl" style="text-align: right;">لأدافع عن نفسي</p><p dir="rtl" style="text-align: right;">و لدي أيضا حق الفيتو</p><p dir="rtl" style="text-align: right;">لا أعول على الجبناء</p><p dir="rtl" style="text-align: right;">ولا صانعي القرار</p><p dir="rtl" style="text-align: right;">اما الحاكم العربي</p><p dir="rtl" style="text-align: right;">فهوضعيف ومستكين</p><p dir="rtl" style="text-align: right;">مغلوب على أمره</p><p dir="rtl" style="text-align: right;"><br /></p><p dir="rtl" style="text-align: right;">سمعت عن زعيم عربي</p><p dir="rtl" style="text-align: right;">كان قد قدم استقالته</p><p dir="rtl" style="text-align: right;">وهو يحتضرعلى فراش الموت</p><p dir="rtl" style="text-align: right;">يحلم بحور العين</p><p dir="rtl" style="text-align: right;">وزعيم آخر</p><p dir="rtl" style="text-align: right;">سقط عن سرج حصانه</p><p dir="rtl" style="text-align: right;">خرج من غرفة التخدير</p><p dir="rtl" style="text-align: right;">وهو يردد:</p><p dir="rtl" style="text-align: right;">ما دمت جالسا على كرسي متحرك</p><p dir="rtl" style="text-align: right;">لن أتخلى عن فلسطين </p><p dir="rtl" style="text-align: right;"><br /></p><p dir="rtl" style="text-align: right;">في مغسلة الاموات</p><p dir="rtl" style="text-align: right;">رأيت الليل يكفن النجوم</p><p dir="rtl" style="text-align: right;">تحت ضوء القمر</p><p dir="rtl" style="text-align: right;">ثم رأيت ثلاث حمامات سوداء</p><p dir="rtl" style="text-align: right;">تستحم في بركة الدم</p><p dir="rtl" style="text-align: right;">فتيقنت انني هنا باق مع العدم</p><p dir="rtl" style="text-align: right;">وتذكرت ان غدا يوم آخر</p><p dir="rtl" style="text-align: right;"><br /></p><p dir="rtl" style="text-align: right;">سأظل بجوار ظلي</p><p dir="rtl" style="text-align: right;">اراقب العمائم السود</p><p dir="rtl" style="text-align: right;">وشتول النخل اليتيمة</p><p dir="rtl" style="text-align: right;">وغربان عربية لا لون لها</p><p dir="rtl" style="text-align: right;"><br /></p><p dir="rtl" style="text-align: right;">رغم الدمار والخراب والابادة</p><p dir="rtl" style="text-align: right;">غزة صامدة على الارض</p><p dir="rtl" style="text-align: right;">متشبثة بجذور الزيتونة الشامخة</p><p dir="rtl" style="text-align: right;">ونبع الغديرالذي يتدفق دما طاهرا </p><p dir="rtl" style="text-align: right;">وابطالها الأشاوس الميامين</p><p dir="rtl" style="text-align: right;"> رافعين راية: من النهر الى البحر</p><p dir="rtl" style="text-align: right;">ذلك هو الوطن المنشود</p><p dir="rtl" style="text-align: right;">ولن نرضى بديلا عنه</p><p dir="rtl" style="text-align: right;"><br /></p><p dir="rtl" style="text-align: right;">كما لو ان شيئا لم يحدث<span style="white-space: pre;"> </span></p><p dir="rtl" style="text-align: right;">صمت العالم المتصهين</p><p dir="rtl" style="text-align: right;">يدوي في أذن رضيع فلسطيني</p><p dir="rtl" style="text-align: right;">أما صمت العرب الرهيب</p><p dir="rtl" style="text-align: right;">فهو معلب في قوارير مكدسة</p><p dir="rtl" style="text-align: right;">على رفوف جامعة شبه الدول العربية</p><p dir="rtl" style="text-align: right;"><br /></p><p dir="rtl" style="text-align: right;">ثمة غريق ينقد غريقا</p><p dir="rtl" style="text-align: right;">وسراب يبلل عطش الظمآن</p><p dir="rtl" style="text-align: right;">هل اتاك حديث المجازر والابادة الجماعية</p><p dir="rtl" style="text-align: right;">التي ارتكبتها الوحوش الصهيونية النازية الفاشية</p><p dir="rtl" style="text-align: right;">في حق الاطفال والشيوخ والنساء الحوامل</p><p dir="rtl" style="text-align: right;">والمرضى بالمستشفيات</p><p dir="rtl" style="text-align: right;">والرضع بالحضانات </p><p dir="rtl" style="text-align: right;"><br /></p><p dir="rtl" style="text-align: right;">وهل اتاك حديث جنود الانظمة الخائنة</p><p dir="rtl" style="text-align: right;">التي انهزمت قواتها الواهنة</p><p dir="rtl" style="text-align: right;">في ستتة ايام متوالية</p><p dir="rtl" style="text-align: right;">وتسببت في النكسة والنكبة </p><p dir="rtl" style="text-align: right;">وفشلت في تحرير</p><p dir="rtl" style="text-align: right;">المسجد الأقصى والقدس وغزة<span style="white-space: pre;"> </span></p><p dir="rtl" style="text-align: right;"><br /></p><p dir="rtl" style="text-align: right;"><br /></p>Al-ghorbahttp://www.blogger.com/profile/00781969873172894524noreply@blogger.com0tag:blogger.com,1999:blog-2939264949005302772.post-83559400881276767362024-03-04T04:10:00.000-08:002024-03-04T04:12:00.449-08:00 في مقهى/ جورج عازار<div class="separator" style="clear: both; text-align: center;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjRVE8SZsdJBJD6_QBdgNjvyLSHJT5W6iXl2ZkMu7VJEcz0kV-tpQKQp7TYTaMa-ZkWITBp8xU7j90_cxShXKtqcnX5uS9pVjiPInj5d5BdC1RH6p7tZxnw8-uk4ijaFHbT5ASJo2_g0HHPc_q2OYB8QVl3HfAOA-FuVVa5eIMx__OXIfVXFhyphenhyphenxQ8szkKY/s303/%D8%AC%D9%88%D8%B1%D8%AC%20%D8%B9%D8%A7%D8%B2%D8%A7%D8%B1.png" imageanchor="1" style="margin-left: 1em; margin-right: 1em;"><img border="0" data-original-height="303" data-original-width="223" height="303" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjRVE8SZsdJBJD6_QBdgNjvyLSHJT5W6iXl2ZkMu7VJEcz0kV-tpQKQp7TYTaMa-ZkWITBp8xU7j90_cxShXKtqcnX5uS9pVjiPInj5d5BdC1RH6p7tZxnw8-uk4ijaFHbT5ASJo2_g0HHPc_q2OYB8QVl3HfAOA-FuVVa5eIMx__OXIfVXFhyphenhyphenxQ8szkKY/s1600/%D8%AC%D9%88%D8%B1%D8%AC%20%D8%B9%D8%A7%D8%B2%D8%A7%D8%B1.png" width="223" /></a></div><br /><p dir="rtl" style="text-align: center;"><br /></p><p dir="rtl" style="text-align: center;">في مَقهىً</p><p dir="rtl" style="text-align: center;">وعلى ناصيةِ الطَّريقِ</p><p dir="rtl" style="text-align: center;">باحَتْ بمكنوناتِ الفُؤادِ</p><p dir="rtl" style="text-align: center;">وسكبتْ من سِلالِ الصَّبابةِ</p><p dir="rtl" style="text-align: center;">فوق طاولتي</p><p dir="rtl" style="text-align: center;">كؤوساً مُترَعَةً</p><p dir="rtl" style="text-align: center;">وما تبقَّى بين شُقوقِ الرَّصيفِ</p><p dir="rtl" style="text-align: center;">تَبعثَرَ وانسَكَبَ</p><p dir="rtl" style="text-align: center;">غَمرتْني بِدفءِ الهُيامِ</p><p dir="rtl" style="text-align: center;">فما عُدتُ أدري</p><p dir="rtl" style="text-align: center;">إن كنَّا في تشرين حينها</p><p dir="rtl" style="text-align: center;">أو أنَّ الصَّيفَ</p><p dir="rtl" style="text-align: center;">قد جاء مُبكراً </p><p dir="rtl" style="text-align: center;">قبل الأوانِ</p><p dir="rtl" style="text-align: center;">قالت: ليتني جاريةً </p><p dir="rtl" style="text-align: center;">في مِحرابِكَ أكونُ</p><p dir="rtl" style="text-align: center;">قلتُ لَها: أما عَلِمتِ</p><p dir="rtl" style="text-align: center;">أنَّ تَّاريخَ الجَواري</p><p dir="rtl" style="text-align: center;"> قد اندثرَ وانمَحى</p><p dir="rtl" style="text-align: center;">فلا قِيانٌ هُنا ولا سَراري</p><p dir="rtl" style="text-align: center;">كوني لي عبلةَ أو ليلى</p><p dir="rtl" style="text-align: center;"> أو إن أردتِ بثينةَ</p><p dir="rtl" style="text-align: center;">ولكن أبداً لا تكوني لي</p><p dir="rtl" style="text-align: center;"> سَريةً</p><p dir="rtl" style="text-align: center;">قبل أن تمضي بعيداً</p><p dir="rtl" style="text-align: center;">جادت عليَّ بِعناقٍ</p><p dir="rtl" style="text-align: center;">حتى صِرتُ إِخالُ</p><p dir="rtl" style="text-align: center;">أنَّ الرّوحَ في جسدين</p><p dir="rtl" style="text-align: center;">قد انقسَمَ</p><p dir="rtl" style="text-align: center;">وما مرَّ من الزَّمانِ</p><p dir="rtl" style="text-align: center;"> سِوى بُرهةٌ</p><p dir="rtl" style="text-align: center;">حين لمحتُها مُنهَمِكَةً</p><p dir="rtl" style="text-align: center;"> تَجمعُ بقايا نِثاراتِ العِشقِ</p><p dir="rtl" style="text-align: center;">الَّذي كان قد اندَفَقَ</p><p dir="rtl" style="text-align: center;">ومَضت مُسرعَةً تُهديه</p><p dir="rtl" style="text-align: center;">إلى الرَّفيقِ الجَديدِ</p><p dir="rtl" style="text-align: center;">الَّذي على حينِ غِرةٍ</p><p dir="rtl" style="text-align: center;">كان قد ظَهرَ</p><p dir="rtl" style="text-align: center;">فعلمتُ أنَّ الزَّمانَ</p><p dir="rtl" style="text-align: center;">حين حرَّر كُلَ الرَّقيقِ</p><p dir="rtl" style="text-align: center;"> والإِماءِ</p><p dir="rtl" style="text-align: center;">قد ضَلَ عنها</p><p dir="rtl" style="text-align: center;">فبقيتْ في قصرِ السُلطانِ</p><p dir="rtl" style="text-align: center;"> جاريةً مَحظيةً</p><p dir="rtl" style="text-align: center;">تائِهةً</p><p dir="rtl" style="text-align: center;"><br /></p><p dir="rtl" style="text-align: center;"> ستوكهولم السويد</p><p dir="rtl" style="text-align: center;"><br /></p>Al-ghorbahttp://www.blogger.com/profile/00781969873172894524noreply@blogger.com0tag:blogger.com,1999:blog-2939264949005302772.post-56890184689991738982024-03-04T04:07:00.000-08:002024-03-04T04:07:14.294-08:00من واقع أمة النكبات/ فؤاد الحاج <p dir="rtl" style="text-align: justify;"> </p><div class="separator" style="clear: both; text-align: center;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhQTmWxHMWtRrcxirUuTGQBDx1Rl-jj840bvcVVhJlPqSuKca4u9chLgfxix_9y0ox5OOLfS6L_1rVnwQZX5OTmEVRalEiOEsFVnDGNfzB7MFqTRLS-4lBsAS2zx0Il253bd0ylU_CLInhHzt-m0uw2VTrzRr2qKDFQJVg8ts5R6mNSij1o4KU8KNc67gk/s263/%D9%81%D8%A4%D8%A7%D8%AF%20%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%A7%D8%AC.jpg" imageanchor="1" style="clear: left; float: left; margin-bottom: 1em; margin-right: 1em;"><img border="0" data-original-height="208" data-original-width="263" height="208" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhQTmWxHMWtRrcxirUuTGQBDx1Rl-jj840bvcVVhJlPqSuKca4u9chLgfxix_9y0ox5OOLfS6L_1rVnwQZX5OTmEVRalEiOEsFVnDGNfzB7MFqTRLS-4lBsAS2zx0Il253bd0ylU_CLInhHzt-m0uw2VTrzRr2qKDFQJVg8ts5R6mNSij1o4KU8KNc67gk/s1600/%D9%81%D8%A4%D8%A7%D8%AF%20%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%A7%D8%AC.jpg" width="263" /></a></div><br /><p></p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">من خلال متابعتي لبعض قضايا أمة النكبات قرأت أن حكومة من حكومات الأنظمة العربية قررت ذات يوم الاستعانة بخبراء من أوروبا للمساعدة في وقف الهدر في استهلاك الطاقة الكهربائية في المؤسسات الرسمية. </p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">وقد جاءت خبيرة من هولندا آنذاك وبعد جولة في شوارع المدينة توقفت ظهيرة ذلك اليوم أمام إحدى الوزارات حيث وجدت أن كل النوافذ في تلك الوزارة قد أسدلت الستائر الداخلية فسألت بتعجب لماذا تسدل الستائر في النهار وكان الجواب اتقاء لحرارة الشمس! </p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">فقالت الخبيرة المستوردة: الأمر بسيط افتحوا الستائر ثم اطفأوا اللمبات في غرف الموظفين وارفعوا الستائر لأن إغلاق الستائر في النهار يعني حصول عتمة تستوجب إضاءة اللمبات وهذا يخفف الهدر في الطاقة الكهربائية! </p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">المضحك المبكي والمؤلم معا في هذه الواقعة ان الحكومات العربية وجيوشها من الموظفين البيروقراطيين في الدوائر الرسمية لا تستدعي جلب خبراء من الخارج للمساعدة في وقف الهدر العام في كل مؤسسات الدولة التي تدفع ثمن قيمة الطاقة الكهربائية بالعملة الصعبة كما يسمونها أي بالدولار الأمريكي في الوقت الذي ترفع تلك الحكومات أسعار كل شيء ومنها الكهرباء التي يتحمل المواطن المغلوب على أمره تسديد قيمة المال المهدور على الطاقة الكهربائية في كل البلدان العربية وهذا يحصل ليس في فصل الصيف حيث تكون حرارة الشمس مرتفعة بل في كل فصول السنة! </p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">وبالمقابل تتوسل أو بالأحرى تتسول هذه الحكومات الاقتراض من صندوق النقد والبنك الدوليين لتسديد نفقات الحكومات التي يذهب معظمها هدرا بينما الشعب جائع لا يجد ثمن الطعام والدواء له ولعائلته إلا بشق النفس في الوقت الذي يسدد فيه قيمة الكهرباء مرتين مرة لأصحاب المولدات ومرة لشركة الكهرباء الحكومية وبالمقابل تنقطع عنه الكهرباء الحكومية التي لا يعرفها إلا لساعات معدودات في اليوم الواحد! </p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">والطريف في الأمر ان بعض الأصدقاء من بلدان عربية يرسلون لي مقاطع فيديوهات فيها مشاهد لبعض الوزراء أو النواب وهم يفتتحون بعض المشاريع التي يقال أنها إنمائية حيث يضم موكب كل منهم عشرات السيارات الفارهة الحديثة وحشد من قوى الأمن باللباس المدني ومجموعة من الأزلام الهتيفة دون أن يعتبر ذلك الوزير أو النائب أن هذه المواكب من السيارات المرافقة له هي جزء هام من الهدر العام على حساب المواطن والوطن! </p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">وبالطبع ان الأمر هنا لا يتعلق بهدر الطاقة الكهربائية فقط فهناك ما هو أمر من ذلك وهو أن الوزير أو النائب يرسل سيارة حكومية مع مرافق ليشتري بذنجان أو بندورة وخبز ليوصلها إلى منزل الوزير أو النائب ليريح المدام من التعتير والذهاب إلى الأسواق عدا ان إرسال سيارة حكومية إلى المدام كي تذهب لزيارة مدام وزير أو نائب آخر أو إلى الحلاق! </p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">وبالمقابل هناك آلاف الموظفين الذين يقبضون رواتبهم من الحكومات حيث بعضهم لا يداوم في وظيفته والبعض منهم يذهب إلى مكان وظيفته لساعات معدودة دون أن يقوم بأي عمل! والمشكلة هنا ان هؤلاء الموظفين يقبضون قيمة ثمن البنزين لسياراتهم من الدائرة الحكومية التي هو موظف فيها! </p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">والأنكى أن الحكومات المختلفة في كل البلدان العربية يعلنون بين فترة وأخرى عن خطط للتقشف الاقتصادي دون أن ينفذوا ذلك على أنفسهم! </p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">الشكوى لغير الله مذلة </p>Al-ghorbahttp://www.blogger.com/profile/00781969873172894524noreply@blogger.com0tag:blogger.com,1999:blog-2939264949005302772.post-46255460488405714472024-03-03T13:41:00.000-08:002024-03-03T13:41:46.517-08:00 مناهضة العولمة والتفكير بشكل جذري عند سلافوي جيجيك/ د. زهير الخوبلدي<div class="separator" style="clear: both; text-align: center;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEh3zUywtlwFeZ5YiCFq2dbxnjhrRHrp2ASbBZ4saLiu_BBSi7Po9hY2e3Qo0jW0Ljnmyvw6d6-yltSK-aUwcPNvUGW8gLEOBq5vxaLozfXxzWU2s6kj5yCAFO7B1lOgaIAvFH7q1zxQDaTwmpO40QFI0xNE0zzl9vVORVma1UecPPFmyTcgjsmzMxx9CvI/s400/%D8%B2%D9%87%D9%8A%D8%B1%20%D8%A7%D9%84%D8%AE%D9%88%D9%8A%D9%84%D8%AF%D9%8A.jpg" imageanchor="1" style="clear: left; float: left; margin-bottom: 1em; margin-right: 1em;"><img border="0" data-original-height="300" data-original-width="400" height="240" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEh3zUywtlwFeZ5YiCFq2dbxnjhrRHrp2ASbBZ4saLiu_BBSi7Po9hY2e3Qo0jW0Ljnmyvw6d6-yltSK-aUwcPNvUGW8gLEOBq5vxaLozfXxzWU2s6kj5yCAFO7B1lOgaIAvFH7q1zxQDaTwmpO40QFI0xNE0zzl9vVORVma1UecPPFmyTcgjsmzMxx9CvI/s320/%D8%B2%D9%87%D9%8A%D8%B1%20%D8%A7%D9%84%D8%AE%D9%88%D9%8A%D9%84%D8%AF%D9%8A.jpg" width="320" /></a></div><br /><p dir="rtl" style="text-align: justify;"><br /></p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">مقدمة</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">سلافوي جيجيك هو محلل نفسي وفيلسوف. لقد كان الجهل شبه الكامل للفرنسيين لفترة طويلة هو أن سلوفينيا كانت موطنًا لأحد أكثر المثقفين شعبية في العالم، وكان بالفعل يحظى باحترام كبير في أوروبا الشرقية والولايات المتحدة. ثم، منذ عام 2005، أصبح سلافوي جيجيك صوتًا متزايد الأهمية في المشهد الفكري لدينا. منذ كتابه الأول "الذاتية القادمة"، الذي نشرته مجلة "مناخات"، عرفنا سلافوي جيجيك بتفكيره الابتكاري، ونظرته النقدية والساخرة التي يلقيها على الغرب، وعلى وجه التحديد على اقتصاد السوق، الذي يميل مؤخرًا إلى غزو الفكر والثقافة. فيما يلي نظرة عامة، بفضل مراجعات بعض الكتب، والتي أكررها هنا بالكامل ليفتح.</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;"><br /></p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">أولا: اللاتسامح الذي لا تسامح معه</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">سلافوي جيجك من خلال أعماله المستنيرة دائمًا، وعلى هامش "التفكير الصحيح"، يعلمنا سلافوي جيجك أن الفيلسوف ليس بالضرورة محبوسًا في برجه العاجي، أو ليس بالضرورة رابضًا آمنًا في مكتبه، مدفونًا تحته. محيط من الكتب. وهو أمر مشجع للغاية. مؤلف بالفعل في مناخات الذاتية في المستقبل (2004) وفي إصدارات أمستردام من يقول لك الشمولية؟ (2004) من بين أمور أخرى، يعتمد المحور المركزي لعمل هذا المفكر الثوري على تعريف مصطلحات سياسة التحرر الحقيقية. سوف نفهم بعد ذلك سبب كون سلافوي جيجيك عزيزًا جدًا علي. ولهذا السبب، هذا ما أجده شخصيًا قويًا جدًا، إنها الفكرة التي طرحها، أي أن جرعة قوية من التعصب ضرورية لتطوير نقد مناسب للنظام الحالي للأشياء. أتصور أن مصطلح "التعصب" سيزعج البعض! هذه فكرة أكثر إشكالية لأن العصر الحالي يميل إلى شيطنة أي فكر يميل إلى الارتفاع إلى ما هو أبعد من معيار "التفكير الصحيح" المحدد جيدًا والذي طوره رقباء الأخلاق، وحراس "التسامح" و"الصواب السياسي". ". وأشعر أنني بالتأكيد سأوصف بـ "رد الفعل" في نهاية هذا المقال!</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">ومع ذلك، دعونا نجرؤ على السؤال: ما الذي يختبئ حقًا وراء لغة التسامح المعاصرة الصامتة؟ يجيب سلافوي جيجيك بالإشارة إلى ما هو مخفي وراء مبدأ التساهل هذا: أي عملية عدم التسييس المعممة. التعددية الثقافية غير المسيسة هي الأيديولوجية الجديدة للرأسمالية العالمية. لذلك، يدين سلافوي جيجيك أولاً الخداع المنافق العميق الموجود في الفكرة التي يتم قصفها في كل مكان اليوم، والتي مفادها أن الخطر الأكبر يكمن في مختلف أشكال التعصب، ذات الطبيعة العرقية أو الدينية أو الجنسية. ثم يندد بالاختلالات التي تعاني منها مجتمعاتنا الحديثة. وعلى حدود الفلسفة والتحليل النفسي، يتناول موضوعات واسعة النطاق مثل: لينين، والأوبرا، وشيلنغ، وديفيد لينش، وماركس، وكيسلوسكي، وهيجل، وماتريكس، وأوعية المراحيض، وحتى 11 سبتمبر. كتاب لا يمكن أن يؤجل أي شخص بفضل سهولة الوصول إليه. من المؤكد أن نثر سلافوي جيجيك جذري، لكنه يعيدنا بقوة إلى مساءلة عصر خصب بالتناقضات. لقد ولّى المطلب الحديث المطلق بـ"الصواب السياسي" و"التسامح". يخاطر سلافوي جيجيك دون خوف بإعادة صياغة التعريفات الدقيقة للمصطلحات التي تتطفل عليها المفردات الفكرية التي تجعل استخدام مفاهيم مثل كلمة "الشمولية" أو "الفاشية البدائية" غير لائق، وهي مصطلحات تستخدم كثيرًا اليوم لشيطنة أطروحة غير مقبولة بشكل جيد. وبالتالي فإن الأمر يتعلق بإعادة التأكيد على استخدام المشاعر السياسية القائمة على الخلاف، واستخدام التعصب للتشكيك في عصرنا الغريب. "بحسب المعايير السياسية التقليدية، لا شك أننا نعيش في زمن غريب. دعونا ننظر إلى الشخصية النموذجية لليمين المتطرف اليوم، الميليشيات الأصولية الألفية في الولايات المتحدة. ألا تظهر في كثير من الأحيان كنسخة كاريكاتورية للجماعات الانفصالية الصغيرة التابعة لليسار المتطرف في الستينيات؟ في كلتا الحالتين، نحن نتعامل مع منطق جذري مناهض للمؤسسات: العدو النهائي هو جهاز الدولة القمعي (مكتب التحقيقات الفيدرالي، الجيش، النظام القضائي) الذي يهدد بقاء المجموعة نفسها، المنظمة كهيئة منضبطة للغاية من أجل أن تكون قادرة على البقاء. لتحمل هذا الضغط. والعكس تمامًا لذلك كان يساريًا مثل بيير بورديو الذي دافع عن فكرة أوروبا الموحدة باعتبارها "دولة اجتماعية" قوية، "تضمن الحد الأدنى من الحقوق الاجتماعية والضمان الاجتماعي ضد هجوم العولمة": من الصعب الامتناع عن السخرية في مواجهة الفكر اليساري المتطرف الذي يرفع الأسوار ضد القوة العالمية المسببة للتآكل لرأس المال التي أشاد بها ماركس." ومن ثم نفهم أن النموذج السائد للتسامح المتعدد الثقافات الذي نتعامل معه اليوم ليس بريئًا كما نريد أن نجعله يعتقد، وأن عالم ما بعد السياسة الذي نعيش فيه يقوم على ميثاق اجتماعي أساسي لا تنطلق منه القرارات الاجتماعية. لم يعد موضوع النقاشات والصراعات السياسية، الأمر الذي دفع سلافوي جيجك إلى استخدام العديد من الأدوات الفلسفية من أجل تفكيك الأفكار المسبقة وتسليط الضوء على المستنقع الأيديولوجي الذي نحن منغمسون فيه: أدواته الرئيسية هي الديناميت، والمفارقة، والتوفيق بين الأضداد، وليس الديناميت. لنذكر الفكاهة، الفكاهة التي كان يمتلكها سقراط بالفعل في عصره. في الواقع، ضد الفكر الواحد، والتسمم الطوعي للجماهير من قبل المجتمع المذهل، لا ينبغي أن يكون هناك بيت للتسامح.</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;"><br /></p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">ثانيا. مرآة الواقع</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">سلافوي جيجك عندما استقبل زعيم المتمردين مورفيوس نيو، بطل فيلم ماتريكس (على الرغم منه)، ينطق هذه الجملة غير المفهومة: "مرحبًا بكم في صحراء الواقع". هذه هي الطريقة التي يمكننا بها على الأرجح وصف العالم الحقيقي، الذي ظل يعتقد أنه حقيقي حتى ابتكر محاكاة، تم إنشاؤها بواسطة جهاز كمبيوتر عملاق، لكون دمرته حرب ذرية منذ فترة طويلة. «صحراء الواقع»: منذ ذلك الحين، ظلت هذه الصيغة تطاردنا، إلى حد أن جيجك يستخدمها كصيغة خاصة به، لوصف عصر «ما بعد الحداثة»، والنظام العالمي الجديد، وتفكك الديمقراطية التي شهدت تفككًا ديمقراطيًا. إن المأزق العدمي، وأيديولوجيته المتعددة الثقافات وتسامحه الذي يطرح كشعار يجب انتقاده، بل ومحاربته. هذه هي الطريقة التي يمكننا بها بالتأكيد تقديم هذه السلسلة من المقالات المتنوعة حول إخفاقات عصرنا، وخاصة الخيال الغربي فيما يتعلق بتمثيلاته الأيديولوجية الدائمة مثل هوليوود، والبنتاغون، أو حتى اليسار الأوروبي والأمريكي.</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">في خمسة فصول، يكتسح سلافوي جيجيك بانوراما حقبة ما بعد السياسة التي رأى فيها إضعاف السياسة والإدارة الاقتصادية ومشروع التنوير. ما الذي ينبغي لنا أن نخفيه عن السياسة الأميركية في أعقاب الهجمات الإرهابية في الحادي عشر من سبتمبر/أيلول 2001؟ خاصة وأن «كل ما عرفناه جاء من الإعلام الرسمي». هل يمكننا القول إنه مع الهجمات والسياسة التي تم اتباعها في أعقاب الهجمات، دخلنا في شيء أكثر روعة من هذه الأبراج المتساقطة: "شبح حرب "غير مادية"، حيث يكون الهجوم غير مرئي والحرب غير مرئية". الفيروس والسموم في كل مكان وفي اللامكان؟</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">يتساءل جيجيك عن طبيعة الحرب الخفية الجديدة التي دخلها الغرب: «لا شيء يحدث على مستوى الواقع المادي المرئي، لا انفجار هائل؛ ومع ذلك، يبدأ الكون المعروف في الانهيار، وتتفكك الحياة. »</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">ما هو البديل الجديد الذي يقترح علينا منذ هذا الدخول إلى واقع أصبحت حدوده مع الخيال واللاواقع والفانتازيا أكثر هشاشة؟ في مجتمع أمريكي يدعي الدفاع عن حرية الفكر، والذي تتمثل روح العصر الجديدة في التسامح العالمي، ماذا يمكننا أن نقول عن أكاذيب إدارة بوش العديدة، وقوة وسائل الإعلام، وواقع هذه الهجمات، وتأثيرها على المجتمع الأمريكي؟ أنماط حياتنا؟ فهل وصلنا كما تنبأ صامويل هنتنغتون إلى صراع حقيقي بين الحضارات، أو بالأحرى صراع داخل الحضارات؟</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">"إن الصدام الحقيقي بين الحضارات لا يمكن أن يكون إلا صدمة داخل كل حضارة. إن البديل الأيديولوجي الذي يعارض العالم الليبرالي والديمقراطي والرقمي للتطرف "الإسلامي" المفترض لن يكون في نهاية المطاف سوى معارضة، تخفي عجزنا عن إدراك القضايا السياسية المعاصرة الحقيقية. إن الطريقة الوحيدة لانتشال أنفسنا من المأزق العدمي الذي يقودنا إليه هذا البديل الزائف هو الخروج من الديمقراطية الليبرالية، من أيديولوجيتها المتعددة الثقافات والمتسامحة وما بعد السياسية. » وهذا ما يبينه لنا هذا الكتاب: إن القضايا السياسية الحقيقية المعاصرة تميل إلى إخفاء المدى الذي وصلت إليه مجتمعاتنا، التي تفتخر بالدفاع عن حرية الفكر، وحقوق الأفراد، وحرية التصرف، والدفاع عن الديمقراطية، نظام صارم بشكل متزايد من الضوابط الاجتماعية. وبغض النظر عن درجة التعبير التي قدمتها لنا هذه المجتمعات "الديمقراطية" المزعومة، فإننا نفتقر إلى الكلمات لنقولها عند المنبع، وجميعنا سجناء نظام مغلق يحبسنا في إطار محدد مسبقًا. على الرغم من البدائل الكاذبة التي تدعي أنها تقدمها. "وإذا لم تكن المشكلة الحقيقية تكمن في هشاشة وضع المستبعدين، بل في أننا جميعًا، على المستوى الأساسي، "مستبعدون"، بمعنى أن هذا الموقف الصفري، أي موقف الاستبعاد المعمم، أصبح موضوعًا للاستبعاد". السياسة الحيوية، وأن الإمكانية السياسية وحقوق المواطن لا تمنح لنا إلا في لفتة ثانية، وفق الاهتمامات الاستراتيجية للسلطة الحيوية؟ » هذه اللهجات الفوكوية تحت قلم جيجيك، تأخذنا من الإنسان المغفل، الذي يعتقد أنه يلعب بالنظام عندما يكون مجرد لعبة في النظام، إلى الإنسان الكاهن، الشخصية المثالية لسياسة العدو الممنوعة في الفضاء السياسي. أفراد دون أي حقوق. وها نحن نعود إلى همجية الديمقراطية التي تقوم على الإقصاء. من المهاجرين غير الشرعيين في فرنسا إلى الأحياء اليهودية الأمريكية الأفريقية في الولايات المتحدة. "الإنسان المقدس، الذي، حيًا أو ميتًا، كبشر، لا يشكل جزءًا من المجتمع السياسي.</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">"الملاحظة مريرة: قبولنا الحقيقي للآخر لا ينتج في النهاية سوى "الفراغ" لأننا لا نقبل الآخر إلا إذا كان هذا الآخر يشبهنا، لكن هذا القبول الزائف في الواقع يخفي غياب الأيديولوجيات التي كانت في السابق كراسينا المتحركة. تأتي قوة زيجيك من حقيقة أنه فيلسوف ومحلل نفسي أيضًا.</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">وفي الواقع، فقد تمكن من تقديم تحليلات مقنعة للاندفاعات والاستثمارات الأيديولوجية التي شكلت نظامنا العالمي الجديد. إن دراسة النتائج المخيبة للآمال في أعقاب أحداث 11 سبتمبر 2001 هي فرصة لجيجك للتأكيد على كيفية ارتباط علاقاتنا مع الإسلام بأداء معين لمجتمعاتنا الرأسمالية والديمقراطية: منذ سقوط جدار برلين، وانهيار النظام السياسي. إن أسوأ عدو للرأسمالية والذي كان الشيوعية ذات يوم، فإن الغرب، وخاصة أمريكا الفخورة، لا يترك لمواطنيه سوى هذا البديل: الرأسمالية أو الإسلاموية. صراع الحضارات أم صراع الأيديولوجيات؟ صدمة الثقافات أم بالأحرى صدمة الأصوليات والدكتاتوريات والشموليات؟ كيف سنخرج من المأزق؟</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">مرة أخرى، كمراقب حريص لعصر ما بعد الحداثة، يفكك زيجيك كل الأوهام التي يدعمها أصحاب التفكير الصحيح في الوقت الحالي، ويفجر كل الأصنام بالديناميت مثل الكثير من الفزاعات التي تبقينا في جهل شديد. عودة لطيفة إلى محاكاة الواقع، الواقع الذي يعدنا لانتصار رأسمالية "العولمة" أو ربما لكارثة كاملة...</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;"><br /></p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">ثالثا. التفكير في أوروبا</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">سلافوي جيجك, جيجكمع كتابه ماذا تريد أوروبا؟ لا ينكر جيجيك السمعة الكبريتية التي يتمتع بها فيلسوف أوروبا الشرقية. ويحل كتابه اللغز الحقيقي الذي تمثله أوروبا، ويطرح سؤالاً رئيسياً: ماذا تريد؟ هل لديها كائن؟ غرض خاص به؟</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">يشكك سلافوي جيجيك في أوروبا هذه، وعلى وجه التحديد أوروبا في الاتحاد الأوروبي، الذي تتعرض هويته الثقافية لتهديد عميق بسبب "الأمركة" الثقافية كثمن لانغماسهم في الرأسمالية العالمية." إلا أن أطروحته هي كما يلي: العالم الجديد الآتي، والذي ندخل إليه، هو عالمي، وليس عالمي. ولا ينبغي لنا أن ننكر هذا النظام الجديد، لأننا لن نخسر شيئاً في هذا العالم الجديد القادم، وهو العالم الذي يجد فيه كل فرد مكاناً محدداً جيداً. إن العولمة لا تهدد الخصوصيات، بل تهدد العالمية فحسب. في الواقع، "إن التعارض الحقيقي اليوم ليس ذلك الموجود بين العالم الأول والعالم الثالث، بل هو القائم بين مجمل العالم الأول من جهة، العالم الثالث (الإمبراطورية الأمريكية العالمية ومستعمراتها) وما تبقى من العالم الثاني". العالم (أوروبا) من جهة أخرى." وبالتالي فإن الأمر يتعلق بالتفكير في أوروبا. هذا ما يحاول سلافوي جيجيك أن يفعله في حوالي مائتي صفحة مثل العديد من المسارات التي يجب اتباعها، مسارات شديدة الانحدار لا يمكن تعديل رؤيتنا للأشياء من خلالها إلا بفضل القدرة الخفية للمفكر على طرح المشكلات الصحيحة. وإذا حذرنا، فهو يريدنا أن نكون صارمين في ما يتعلق برؤية أوروبا كما تتصورها النخب السياسية لدينا. ماذا تريد أوروبا؟ فكيف يمكننا أن نضمن أن هذا لا يؤدي إلى الغطرسة على الطريقة الأميركية؟ من الضروري إجراء حوار نقدي للغاية مع هذا المشروع. لأنه كيف يمكننا أن نسمح لأنفسنا بانتقاد الولايات المتحدة دون انتقاد أوروبا أولاً؟</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;"><br /></p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">خاتمة</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">هذا الامر يتطلب "التفكير بشكل جذري". وهو ما يبدو مستحيلا بحسب سلافوي جيجيك في ظل الوضع الديمقراطي الحالي."في اللحظة التي نقدم فيها أصغر علامة على الالتزام السياسي بمشروع سياسي يهدف إلى التشكيك بشكل جدي في النظام القائم، ينفجر الرد على الفور: "على الرغم من النوايا الطيبة، فإن كل هذا سينتهي بالضرورة في نهاية المطاف". معسكرات العمل الجديدة!" في سياق عمله "نداء من أجل التعصب"، الذي طرح فيه سلافوي جيجيك فكرة أن ما نحتاجه اليوم هو جرعة قوية من التعصب، خاصة إذا كنا نرغب في تطوير نقد ذي صلة للنظام الحالي للأشياء، من خلال هذا العمل الجديد إنه يطرح عددًا معينًا من الأسئلة الجيدة: هل نحن في حالة حرب، وهل لدينا عدو؟ لماذا نحب جميعا أن نكره يورج حيدر؟ كيف ولماذا استسلم فاتسلاف هافيل في مواجهة منطق الرأسمالية؟ كيف يمكننا أن نجعل التاريخ الأوروبي تاريخنا بطريقة جديدة جذريا؟ اليس موقفه من الاسلام فيه الكثير من التعميم والتحامل؟ كيف يريد أن يكون أوروبيا وأمميا في ذات الوقت؟ ألا يقتضي مناهضة العولمة التخلص من المقاربة الضسقة؟</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;"><br /></p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">المصادر:</p><p style="text-align: justify;">Slavoj Žižek, Bienvenue dans le désert du réel, Flammarion, 224 pages, 2005,</p><p style="text-align: justify;">Slavoj Žižek, Plaidoyer en faveur de l’intolérance, Climats, 2004, 167 pages,</p><p style="text-align: justify;">Slavoj Žižek, Que veut l’Europe ? Réflexion sur une nécessaire réappropriation, Climats, Paris, mai 2005, 208 pages.)</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;"><br /></p><p dir="rtl" style="text-align: justify;"> </p>Al-ghorbahttp://www.blogger.com/profile/00781969873172894524noreply@blogger.com0tag:blogger.com,1999:blog-2939264949005302772.post-19496395545121398182024-03-02T23:11:00.000-08:002024-03-02T23:11:16.424-08:00 المغرَب وَتَقَرُّبُ فرنسا الغَرَيب/ مصطفى منيغ<div class="separator" style="clear: both; text-align: center;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjCuyIWzNSdo6jhNguY3TLbek9LqX8VdjDXBwgSkbgwjEK_3iKT4SzQ8ft1SrMTUO35nNSLgwkwkMnqOBl5MDjkkWKQVEtcH7j3QnsETaWxNm_XVra_V8-HoAOxIGyzwkxH3zMIu1rYXWtr6Q6bxfSddvrzuD2oOiQbWeFBc6a9qhcGxFnQyOhOXwFRewk/s310/%D9%85%D8%B5%D8%B7%D9%81%D9%89%20%D9%85%D9%86%D9%8A%D8%BA.jpg" imageanchor="1" style="clear: left; float: left; margin-bottom: 1em; margin-right: 1em;"><img border="0" data-original-height="310" data-original-width="269" height="310" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjCuyIWzNSdo6jhNguY3TLbek9LqX8VdjDXBwgSkbgwjEK_3iKT4SzQ8ft1SrMTUO35nNSLgwkwkMnqOBl5MDjkkWKQVEtcH7j3QnsETaWxNm_XVra_V8-HoAOxIGyzwkxH3zMIu1rYXWtr6Q6bxfSddvrzuD2oOiQbWeFBc6a9qhcGxFnQyOhOXwFRewk/s1600/%D9%85%D8%B5%D8%B7%D9%81%D9%89%20%D9%85%D9%86%D9%8A%D8%BA.jpg" width="269" /></a></div><br /><p dir="rtl" style="text-align: justify;"><br /></p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">... الانتظار ، لتطبيق نفس التِّكرار ، سياسة فاقدة لضبط أنجع قرار ، كأنَّ الواقِعَ توقَّفَ عند نفس المستوى لم يتغيَّر ، ربما لنقصٍ في الإطِّلاع أو الاكتفاء بتصغير أهميَّة الآخر ، لذا الرجوع لما كان مع الابتعاد عنه ردحاً من الوقت لأسباب استرجعها ذات الاختيار ، الميسور بالضِّغط على نقطة من نقاط الضعف كي تُفتَح الأبواب وتتم الاستقبالات بالأحضان وكل ما يليق بأدبيات الدبلوماسية قطعاً للاختصار . فرنسا دولة كبرى بكل المقاييس لها حضورها العالمي واشعاعها الفكري وتاريخها الحضاري القوي الاعتبار ، والمغرب لو تُرِكَ بماضيه المشرِّف وتطلعه المستقبلي لما هو أكبر وأكثر انجازاً للثراء وتحسين تصريف المُدَّخَّر ، لما تحت الأرض مِن نِعمٍ وما فوقها من طاقات قادرة على الابتكار ، دولة مبرمجة على هدفين لا ثالث لهما أصلاً استمرار نفس النظام وضمان الاستقرار ، الأول له فروعه الثلاث الثابتة و مؤسساته وتقاليده وأعرافه والثاني له قوانينه ونقاباته وأحزابه ومبرراته المتأرجحة بين الصاعدة والنازلة حسب المَتبادلة (وفق ظروف) من الأدوار ، وكِلا الهدفين يؤخِّران تارة عن حكمة وروية وتجربة غنية بألف حدث وحادث وأخرى يقدِّمان ليظلَّا معاً على السطح والجوهر . ربما تكون فرنسا غير مُلمّة بشأن الالتحام بين الشعب والنظام فأرادت التقرُّب للأول بالابتعاد نوعاً ما عن الثاني متوقعة أن الديمقراطية الغربية تمكنت في هذا البلد الأمازيغي المسلم العربي الإفريقي بشكل يدعو للافتخار والانبهار ، لكنها اصطدمت بالعقلية المغربية الخاصة المميزة لها بما لا يفهمها إلا المغاربة أنفسهم صغارهم كالكبار ، لذا يبقَى الأجنبي مهما كان موضوعاً في إطار الترحيب والمعاملة الطيبة والشعور بالأمان كلما تركَ الشَّأن المحلي السياسي مهما كان المجال لأصحابه المدركين لكل تجاذب أو تنافر حصل يخصُّ فرعي شجرةِ الدَّولةِ المغربيةِ العالية المِقْدار .</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">... فرنسا وقفت مؤخراً على تقليص نفوذها داخل القارة السمراء ممَّا جعلها تعتمد الاستنفار ، بكل الوسائل المتاحة ومنها مراجعة البعض من سياساتها الخارجية المرتبطة بالشَّأن الإفريقي عساها تحظى ولو بنصف ما كانت عليه بعد مرحلة الاستعمار ، فاصطدمت بالوجود المغربي الذي استطاع اكتساب ثقة معظم دول تلك القارة بما سخَّره داخلها من ضخامة استثمار ، كانجاز مشاريع اجتماعية كُبرى ساهمت في جعل المغرب متقدماً على فرنسا بمراحل لأمور يجب أخذها بعين الاعتبار ، كتوجهه البيّن نحو الولايات المتحدة الأمريكية التي وصل لتقارب مثالي معها ليصبح بالنسبة إليها حليفاً مفيدا للغاية له أهمته الإستراتيجية لضربها عصفورين بحجر واحد لا أزيد ولا أكثر ، الولوج إلى إفريقيا أولاً المؤدي ثانيا للتَّقليل من الوجود الفرنسي وإضعاف تحركه مهما كان الهدف أو المسار ، وتلك تقنية تختصّ في تدبير تسارع الدول لفتح أو إغلاق ما يجعلها رابحة دون أن تخسر ، بطرق وأساليب وليدة أزمنة معينة يدركها في حينها كل جهاز استخباراتي متمكِّن من حرفة مهنته راكباً أمواج المخاطر للحصول على أدق المعلومات المساهمة في امتلاك ما تريد دولته أكانت متوسطة كالمغرب أو دونها من حجم الكبار . طبعاً المغرب للحفاظ على وحدته الترابية ابتكر ما يؤدي لذلك ولو كلفه الشيء الكثير دَرْءاً لكل ضَرَرٍ من خفيف أو شديد الأضرار ، ليبدأ بإفريقيا قادة ومؤسسات ومنظمات وشعوب ليحقق بنجاح ملحوظ ما خطط لسياسته من انتشار ، في مواجهة تنافسية سلمية مع دولة الجزائر المستغلَّة كانت للعياب المغربي عن إفريقيا لتصول بإمكاناتها النفطية وتجول مروِّجة أطروحة أطالت في عمر جماعة البوليساريو الكائنة تحت رعايتها انطلاقا من تندوف ، لتنتهي إحدى مراحل هذه المواجهة التنافسية السلمية بتقدُّم المغرب وإحرازه تغيير بعض الدول مواقفها من القضية إلى مآزرة المغرب واعترافها بمغربية الصحراء حقيقة وليست لجبر الخواطر ، إلا فرنسا التي راوح موقفها بين التصريحات المحتشمة من وراء الكواليس وخشيتها من غضب الجزائر ، متيقنة أن المغرب سيظل متعاملاً مع موقفها السلبي لاحتياجه المطلق لها واعتماده لتوفير بعض المواد الأساسية عليها وانسياقاً لاتفاقات مبرمة من زمان لا يمكن التنصل منها جملة وتفصيلا ً تجعل من البلدين في صداقتهما من أخير الأخيار ، وكم كانت فرنسا مبالغة في تخمينات ظنت أنها غير قابلة للتغيير أو التبدُّد إذ المغر ب كالمغاربة يتقن الصبر الايجابي النافع المفعم بالاستعدادات الموازية لتحدي الإكراهات مهما كان حجم ما تتضمنه من تعنت وإرادة باطل مؤجَّج بأفتك أسلحة الدمار، ليقف وقفته المعززة باجتهادات قانونية وإمكانات مادية وطاقات بشرية مستمراً حتى ينال حقه وفي أحسن الظروف بلا ضجيج مؤكِّداً لما بتمتَّع به من سمات التحضُّرِ والوفاء لقيمة أصله الأصيل وانتسابه للنبَّع الجليل وتمسُّكه القويّ القويم بالراسخ غير المتمايِل إذ الحق ثابت مهما تحرَّك عادَ لمقامه سالماً غانماً مُنتصراً مُهاباً عن كفاءةٍ واقتدار.</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">... فرنسا أتت للمغرب من تلقاء نفسها بواسطة وزير خارجيتها الجديد بعدما اقتنعت بالرَّقم المغربي وقد أصبح محور المعادلة القائم عليها مسك الخيط الرفيع من رأس بدايته عساها بمتابعة طوله أو قِصَرِه تُلامس موقع الوثبة المستعدَّة للقيام بها على أمل استرجاع تلك المكانة الضائعة على مراحل سابقة من محيطها الأفريقي الذي طالما أخذت من أرزاقه دون أن تعوٍّض أهله الشرعيين بما يستحقونه عن جدارة الأحرار ، أتت معلنة تأييدها الحكم الذاتي للصحراء في أطار السيادة المغربية الكاملة كمقدمة للتقرب وبوجه يتخلله الجديد من المغرب ومع ذلك على الأخير أخذاً للحيطة والحذر تخصيص بعض الوقت للانتظار .</p>Al-ghorbahttp://www.blogger.com/profile/00781969873172894524noreply@blogger.com0tag:blogger.com,1999:blog-2939264949005302772.post-37220765260345373822024-03-02T23:09:00.000-08:002024-03-02T23:09:20.187-08:00 إنّي أتوسّل: لا تدخلوا رفح/ أ. د. حسيب شحادة<div class="separator" style="clear: both; text-align: center;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgPC9dgnRBMVxxa5B9KG7rwn4g0YWywKiYO_1HIDB7j0hNhPKg4EmxvHHDbS3IyKR6qEPzpsxYgwXY102pp71Uy9ME24Mh0ZXmAp4qMfxr4-6g27lpdBrFGKcJ-B9dqAEn9sHyU1ewnAOhtiVHKuDJpamNaAnSM9YkTIgN2dUOXhOq_cZzU-K0V687FCAU/s259/%D8%AD%D8%B3%D9%8A%D8%A8%20%D8%B4%D8%AD%D8%A7%D8%AF%D8%A9.JPG" imageanchor="1" style="clear: left; float: left; margin-bottom: 1em; margin-right: 1em;"><img border="0" data-original-height="246" data-original-width="259" height="246" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgPC9dgnRBMVxxa5B9KG7rwn4g0YWywKiYO_1HIDB7j0hNhPKg4EmxvHHDbS3IyKR6qEPzpsxYgwXY102pp71Uy9ME24Mh0ZXmAp4qMfxr4-6g27lpdBrFGKcJ-B9dqAEn9sHyU1ewnAOhtiVHKuDJpamNaAnSM9YkTIgN2dUOXhOq_cZzU-K0V687FCAU/s1600/%D8%AD%D8%B3%D9%8A%D8%A8%20%D8%B4%D8%AD%D8%A7%D8%AF%D8%A9.JPG" width="259" /></a></div><br /><p dir="rtl" style="text-align: justify;"><br /></p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">جامعة هلسنكي</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;"><br /></p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">في ما يلي ترجمة عربيّة لمقال الصحفيّ، چِدْعون ليڤي، المنشور في الجريدة الإسرائيلية العبريّة اليوميّة هآرتس في الحادي عشر من شباط 2024.</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">لم يبقَ إلّا أن نطلب، أن نتوسّل، أن نصرُخ: لا تدخلوا رفح. إن اجتياح إسرائيل لرفح سيكون بمثابة هجوم على أكبر مخيّم للمهجّرين/للمقتلعين/للنازحين في العالم. هذا سيجرّ الجيش الإسرائيليّ إلى ارتكاب جرائم حرب خطيرة لم يرتكبها هو بعد. من المستحيل اجتياح رفح الآن دون ارتكاب جرائم حرب. وإذا اجتاح الجيش الإسرائيليّ مدينة رفح فستتحوّل إلى مسلخ.</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">يوجد في رفح الآن حوالي مليون وربع نازح، يختبئون تحت أكياس بلاستيكيّة أصبحت خِياما. الإدارة الأمريكيّة في واشنطن، التي يُفترض أن تكون حارسةَ القانون والضمير الإسرائيليّ، تشترط أن تكون لاجتياح رفح خُطّة إجلاء/إخلاء. لا توجد خُطّة كهذه ولن تكون، حتّى ولوِ اخترعت إسرائيل شيئًا ما. من المستحيل نقل مليون من بني البشر لا شيء لديهم ـ كان الكثيرون قد نزح/هُجِّر مرّتين أو ثلاثًا ـ من مكان ”آمن“ إلى مكان آخرَ سُرعان ما يتحوّل دائماً إلى ميادين قتل. ومن المستحيل نقل ملايين من البشر، كما لو كانوا عُجولاً حيّة مخصّصة للشحن. حتّى العُجول لا يمكن نقلُها بهذه القسوة. كما أنّه ليس هناك مكان آخر لإجلاء الملايين من االآدميّين. في غزّة المدمّرة، لا مكانَ للفِرار إليه ولا مكان للإخلاء. إذا تمّ إجلاء لاجئي رفح إلى مواسي، كما يقترح الجيش الإسرائيليّ في خُطّته الإنسانيّة، فإن مواسي سيتحوّل إلى موقع كارثة إنسانيّة، لم نشهد مثله بعد في غزّة.</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">أفاد يَردين ميخائيلي وآفي شرف أنّ في كلَّ قِطاع غزّة مليونان وثلاثمائة ألف نسمة، ويجب تجميعهم في ستّةَ عشرَ كيلومترًا مربّعًا، كمِساحة مطار بن غوريون (لا مكانَ للعودة، هآرتس، الثاني من شُباط 2024). تخيّلوا كلَّ غزّة في مطار بن غوريون. لقد حسبت أميره هِس أنّه إذا تمّ إجلاء مليون شخص ”فقط“ إلى مواسي، فإن الكثافة هناك ستكون 62,500 شخص في الكيلومتر المربّع (هآرتس، التاسع من شُباط 2024). دعونا نذكِّر أن في مواسي لا يوجد شيء. لا بُنية تحتيّة، لا ماء، لا كهرباء، لا بيوت، فقط الرمل ثمّ الرمل الذي سمتصّ الدماء والأوبئة والمجاري. إنّ مجرّدَ التفكير في ذلك ليس أمرًا مروّعًا للدم/مُجمِّدًا للدم فحسب، بل يدلّ إلى أيّة درجة من التجريد من الإنسانيّة وصلت إليها إسرائيل في خُططها.</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">ستُراق الدماء في مواسي كما هُرقت في الأيّام الأخيرة في رفح، التي كانت حتّى الآن آخرَ ملجأ اقترحته إسرائيل. سيعثر الشاباك (خدمة الأمن العام) بالفعل على شرطيّ في دوريّة تابع لحماس، وسيكون لِزامًا القضاء عليه بإلفاء قنبلة تزِن طنًّا على معسكر النايلون الجديد. وسيكون هناك عشرون من عابري السبيل/المارّة، معظمهم من الأطفال وسيُقتلون، قتل.حماس. وسيقصّ علينا المراسلون العسكريّون بعيون بارقة أيّ عمل ممتاز يقوم به جيش الدفاع الإسرائيليّ بتصفية العمود الفقريّ لقيادة حماس من الصفّ الأوّل. إنّ النصر المطلقَ قادمٌ، في الطريق، وسوف ”تُقَلْعَط“ إسرائيل مرّة أخرى.</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">ولكن حتّى من خلال هذا ”التقَلْعُط“، يجب أن يستيقظ الرأي العامّ ومعه الإدارة في الولايات المتّحدة. هذه حالة طوارئ لم يكن لها نظير من قبل في هذه الحرب. على الأميركيّين أن يمنعوا اجتياح رفح بالأفعال، وليس بالأقوال. همُ الوحيدون القادرون على إيقاف إسرائيل. على الجناح/الجانب الضميريّ للرأي العامّ الإسرائيليّ أن يجد لنفسه مصادرَ أخرى للمعلومات غير قنوات الكعك الخاصة بالجنود المسمّاة عندنا قنوات الأخبار. اُنظروا صُور رفح على أيّة شبكة في العالم - في إسرائيل لن تروْا شيئًا - وستفهمون سببَ استحالةِ إجلائها، تخيّلوا مواسي بمليوني نازح، وافهموا/وذوِّتوا نحو أيّة جرائم حرب يهرولون هنا.</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">عُثر البارحةَ على جُثّة الطفلة، هند حمادة، ابنة الستّة أعوام، التي اشتهرت في جميع أرجاء العالم، بعد لحظات الرعب التي عاشتها مع عائلتها قُبالةَ دبّابة إسرائيلية يوم التاسع والعشرين من شهر كانون ثانٍ الفائت. قد تمَّ تسجيلُ ذلك في مكالمة هاتفيّة مع الهلال الأحمر، حتى هدأت صرخات الرعب التي أطلقتها عمّتها/خالتها. قُتل سبعة أفراد من العائلة، ولم يتمّ إنقاذ سوى هند الصغيرة، ومنذ ذلك الحين والغموض يكتنف مصيرَها.</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">أمسِ عُثِر على هند ميّتة في سيّارة عمّتها/خالتها المحروقة في محطّة بنزين بخانيونس. كانت جريحةً، ملتفّة بجثث أفراد أُسرتها السبع، ولم تتمكّن من الخروج من السيّارة. لقد نزفت حتّى الموت. اِستجابت هند وعائلتُها لنداء إسرائيل ”الإنساني“ بالإخلاء. من يريد بعد الآلاف من أمثال هند فليجتح مدينة رفح ويُجلي إلى مواسي!</p><div dir="rtl" style="text-align: justify;"><br /></div>Al-ghorbahttp://www.blogger.com/profile/00781969873172894524noreply@blogger.com0tag:blogger.com,1999:blog-2939264949005302772.post-41287701914897760092024-03-01T20:05:00.000-08:002024-03-01T20:05:29.718-08:00 قراءة في قصيدة المواكب للشاعرالفلسطيني الدكتور حاتم جوعيه/ سونيا عبد اللطيف <p dir="rtl" style="text-align: justify;"> </p><div class="separator" style="clear: both; text-align: center;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjcgye42Is8WVswrsPqWn2rSvgBG1AMc-Bg6Krpp2oW9ms8BiTfarHgv92QL1_pFqYv4XRG-kkh4PRJNdmW6x3lLdSodNPxtlCjFSzLe44oKNIcbR0qhZA55PlULD41LLsqH6YdPZU9rqZJnwoCFs2C7gGJtySbXTdMdzZhVmAdW8x23Gk81-wwi5TGolU/s456/%D8%AD%D8%A7%D8%AA%D9%85%20%D8%AC%D9%88%D8%B9%D9%8A%D9%87.jpg" imageanchor="1" style="margin-left: 1em; margin-right: 1em;"><img border="0" data-original-height="443" data-original-width="456" height="622" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjcgye42Is8WVswrsPqWn2rSvgBG1AMc-Bg6Krpp2oW9ms8BiTfarHgv92QL1_pFqYv4XRG-kkh4PRJNdmW6x3lLdSodNPxtlCjFSzLe44oKNIcbR0qhZA55PlULD41LLsqH6YdPZU9rqZJnwoCFs2C7gGJtySbXTdMdzZhVmAdW8x23Gk81-wwi5TGolU/w640-h622/%D8%AD%D8%A7%D8%AA%D9%85%20%D8%AC%D9%88%D8%B9%D9%8A%D9%87.jpg" width="640" /></a></div><br /><p></p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">تقدمها الأستاذة سونيا عبد اللطيف تونس تحت عنوان "جانب من الهوية الثقافة" في قصيدة المواكب للشاعر الفلسطيني حاتم جوعيه.</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;"> التعريف بالشاعر:</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;"> حاتم جوعيه أديب فلسطيني من المغار. الجليل. فلسطين. حاصل على الدكتوراة في الطب الصيني المكمل البديل وطب الأعشاب حاصل على البكالوريا والماجستير في عدة مواضيع. وعلى عدة شهادات في الموسيقى، الفلسفة، علم النفس، الصحافة والإعلام، رياضة الكارتيه... شعر... أدب. وحاصل على عدة شهادات تكريمية وجوائز وشهادات دكتوراة فخرية من عدة منظمات ومؤسسات وأكاديميات عالمية ودولية.. يفضل ممارسة هوايته وموهبته كل ما يخص الأدب والشعر والإعلام.. يفضل كتابة الشعر العمودي على كتابة النثر . له العديد من المشاركات في المهرجانات واللقاءات الأدبية الشعرية والثقافية والوطنية... له عدة إصدارات منها: 1- ديوان ترانيم الحب والفداء .كتب مقدمته الشاعرالفلسطيني الكبير المرحوم سميح القاسم.</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">2- ديوان:عاشق من الجليل .</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">3 - دراسات في الفلسفة واللاهوت وعلم النفس.</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">4- كتاب دراسات في أدب الأطفال - الجزء الأول..وسيصدر الجزء الثاني قريبا.</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">وله الكثيرمن الانتاج الشعري والأدبي والدراسات والأبحاث التي لم تطبع وتصدر بعد.</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">وكُتبت عن أعماله عدة قراءات وداراسات نقدية... وصدرقبل أكثر من سنتين كتاب ضخم يتناول عددا كبيرا من قصائد وأشعار الدكتور حاتم جوعيه من خلال الدراسة والتحليل – بقلم : الناقدة والشاعرة الفلسطينية القديرة "إيمان مصاروة " .</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">له عدة كتابات ومخطوطات بعضها على قيد الطباعة من بينها قصيدة المواكب التي ستكون محور حديثي، إذ وجدتُ فيها أحاسيس جياشة.. سامية تفيض حبّا، صدقا، رومانسية، تعالج قضايا كونية عديدة، مواضيع قومية، ذاتية وإنسانية مهمة.. تناول فيها الوطن والخيانة، التطبيع والحب والكراهية، الخير والشر، الدين والنفاق، فساد الأخلاق وانحطاط القيم... قصيدة ذات أبعاد كثيرة، تناولت الهوية الثقافية والوطنية والقومية بامتياز... </p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">1 - عتبة العنوان: </p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">"المواكب" اختار الشاعر حاتم جوعيه هذا العنوان متعمّدا، فهي معارضة لقصيدة "المواكب" للشاعر اللبناني جبران خليل جبران، ويقول: إنّهُ كتب اغلب أبياتها ارتجالا، ردّا ومسايرة لها إثر قراءته لبيتين منها، وجدهماعلى جدارالفايس بوك لأحد أصدقائه. هما: . (فجمالُ الجسم يفنى = مثلما تفنى الزهور وجمالُ النفس يبقى = زهرا مرَّ الدّهور</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">يقابله المثل الشعبي لدينا يقول: ما يعجبك في الدهر زينو ولا يغرّك فيه طولو الإنسان تذكرو أفعالو محال تذكرو بأقوالو. ومواكب هي جمع لموكب ويقال: موكب أو استعراض أو مسيرة.. يتكون الموكب من أناس يسيرون استعراضيا أمام جمهور للتعبير عن شيء ويكون ذلك غالبا في مكان عمومي: شارع، ملعب، وبزي خاص، موحّد.. وقد يكون الموكب قافلة لركّاب إبل... لنرى من يقصد الشاعر جبران خليل جبران في قصيدته "المواكب" ؟ </p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">ومن يقصد الشاعر حاتم جوعيه هو الآخر في هذه القصيدة المعارضة "المواكب".؟ </p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">يقول الشاعرالدكتور حاتم جوعيه إنه نظم قصيدته هذه على نفس وزن ونمط قصيدة جبران وبنفس الأسلوب والأفكار والمواضيع... </p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">وحين اطّلاعنا على قصيدة المواكب لجبران وجدناها تتألف من 203 بيتا وتضمَّنت ستة مقاطع من بينها خمسة على وزن الرمل مجزوء والسادس على وزن البسيط. </p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">في قصيدة جبران المواكب هم الأمات والبهائم الذين يسيرون خلف الآخرين دون وعي وقد تكون العادات والمعتقدات التافهة الزائفة... اما قصيدة حاتم جوعيه فإنها تؤكّد وجهة نظر جبران وتدعمها بأكثر توسع وشرح واستغراب وحزن وألم.. وتضمّنت قضايا اجتماعية ودينية ووطنية وثقافية وقومية وسياسية وتألفت من 540 بيتا. </p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">القصيدتان ملحمتان في الهوية الثقافية، العربية والوطنية والسياسية والاجتماعية... كلاهما ارتبطت باللغة والأمكنة والازمنة والدين والسلوكيات والأشخاص... كلاهما تحفر في الهوية، تنبش في التاريخ والجذور، تتشبّث بالأخلاق والقيم... كلاهما تناولت موضوع الخير والشرّ، العدل والظلم، الدين والمعتقدات، المعرفة والجهل، الطبيعة والجمال والأرض والجذور فجمال البيئة والجغرافيا في الوطن والحنين والاشتياق له لما فيه من ذكريات الماضي الجميل وعبث الطفولة... </p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">وقبل تناول قصيدة "المواكب" لدى الشاعر الفلسطيني حاتم جوعيه نسأل ما هي الهوية؟ فكرة الهوية كما وقع شرحها هي منتج وتصوّر بشريّ مرتبط بوعي وأفكار الإنسان والهويّة حسب رأي الفلاسفة لا يمكن أن تكون ثابتة أو جامدة فهي متحرّكة مع التقدم في التاريخ والحضارات وهي تراكمات لأعمال المجموعات وتجاربهم الحياتية وبحسب تفاعلهم مع الواقع وتطوره فالانغلاق على الذات لا يؤسس هويّة... يقول نلسن مانديلا عن الهوية: "من خلال التعرف على التراث الثقافي للآخرين نتعرف أيضآ على أنفسنا.. فالتّراث الثّقافي هو جزء لا يتجزّأ من منهجنا التّعليميّ والتّشكيليّ وهو يشكّل جسرا للتّفاهم والتّعاون بين الثقافات" </p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">وللحفاظ على الهويّة لابدّ من تعزيز التبادل الثقافي وهذا يتمّ بالتّعرف على تراث وعادات ولباس وأكلات وثقافات الشعوب الأخرى.. ولابد من تعميق الإنتماء والهوية الثقافية بالحفاظ على التراث ونقله للأجيال اللاحقة.. ولابدّ أيضا من تكوين رؤيا أوسع للعالم ومسايرة العصر والتطور خاصة التكنولوجي الذي يعتبر أداة قوية للتواصل والتفاعل شرط أن يكون الاستعمال واعيا ومحكما ومسؤولا لأن التكنولوجيا تبقى وسيلة ولا غاية... والتحويلات الاجتماعية في العصر الراهن تجعل من الهوية تلبس ثوبا جديدا يجدر أن يكون منسجما مع الأصل بوعي وفهم وتأقلم وتأطير... وأكثر الأشياء المساهمة في تعزيز التفاهم الثقافي إلى جانب التكنولوجيا هو الأدب بفنونه وأجناسه فهو مرآة عاكسة لثقافات المجتمعات.. ومن خلال الاطلاع والتفاعل والتواصل تحصل الفائدة وتبنى هوية ثقافية حية وديناميكية...</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;"> قصيدة المواكب للشاعر حاتم جوعيه ذات طابع ملحمي تتكوّن من 540 بيتا، فهي جمعت قصائد عديدة، كُتبت في نفس الغرض، تعالج نفس المواضيع، تناول فيها صاحبها قضايا ذاتية، وجدانية، وجودية، اجتماعية، سياسية، وطنية، فلسفية،... وكان حضور الدين والإيمان بالله قويّا، ذلك يبدو من خلال تنقّل الشاعر من حالة الغضب والإنفعال الشديد كل مرة إلى الهدوء والسّكينة، وبتتفويض أمره لله واتّخاذ الصبر سبيلا. قصيدة المواكب لجبران كما أشرنا شملت عدة مواضيع: الخير والشرّ، العدل والظّلم، السّعادة والشّقاء، الدين والتّدجيل، العلم والجهل بأسلوب حواريّ فيه أبعاد فلسفيّة ورومانسيّة من خلال طرح مشاعره المتوهّجة، ومناجاته للطبيعة فهي بالنسبة له العالم المثاليّ، النّزيه، والفضاء المقدّس النّقيّ، فيه السعادة المطلقة والعدالة الحقّ، إلاّ أنّ الواقع يعيده لرحاه، فيعود به الشوق والحنين لبلده لبنان بجغرافيته الفاتنة ومناخه الجميل فإذا القصيدة صدى لأصوات عديدة: صوت صدى الواقع، صوت الغاب، صوت الناي، أصوات متقاطعة، متضادة، متشابهة، ثنائية وجماعية،.. يعتبر صوت الواقع، صدى للصّخب والضّوضاء، الكذب، النّفاق، الشّقاء، إضافة إلى الغطرسة والهيمنة والاستغلال والعنف المعنويّ والماديّ بين البشر، يقابله صوت الغاب، صوت النّقاء والحبّ والجمال والرّاحة والاستجمام،.. يتبعهما صوت النّاي بنشيجه وحزنه، بوجعه وأنينه ، هذا اللّحن هو نبض الشّاعر نلمس فيه اشتياقه لبلده لجمال طبيعته الخلاّبة وبساطة العيش فيه، غير أنّ الصّوت يتراجع، ليستسلم للواقع، مقتنعا بتغيّر الحياة والنّاس وفق تطوّر العصر، الذي يفرض مسيرته والتّأقلم مع جديده وقبوله كما هو.. يقول جبران خليل جبران في مطلع قصيدته الكواكب: ( الخير في الناس مصنوع إذا جُبروا = والشرّ في الناس لا يفنى وإن قُبِروا ) بحيث، لا مناص ولا مهرب من كدمات الدّهر فالتأقلم والانسجام معه أحسن الأمور، بهكذا موقف اقتنع الشّاعر الفلسطينيّ حاتم جوعيه، فكان تأثّره بجبران وبكلّ من شابهه وسبقه واضحا، جليّا، أدرك أنّ طريق الخير والعدل شائك وأحوال الناس لن تتغيّر، لذلك كتب ملحمته تكملة وربّما شرحا وتأييدا لمواكب جبران، ... فخطا بتؤدة متوخّيا نفس الأسلوب ونفس البناء ونفس الأفكار مستعرضا نفس المشاكل والقضايا بأكثر توسّع وشرح وتفصيل وبأكثر حدّة وغضب وانفعال، من الواقع، والمجتمع، والأقرباء، والمثقفين، والمسؤولين، والحكام، ومن كل شيء من حوله... </p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">افتتح الشاعر حاتم جوعيه ملحمته بالبيت التالي: </p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">(هذي الحياة كحلمٍ كلّها عِبَرٌ= إنّ اللّبيب بها من كان يعتبر ) .</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">إذا كان جبران قد استخلص أنّ الخير في العباد مفقود، لا أمل في إصلاحهم لأن الشرّ متجذّر فيهم ومن طباعهم.. فإنّ حاتم جوعيه آمن بذلك وخبِر الحياة واتّعظ واعتبر من همومها وأرزائها التي لا تنتهي.. ويتقاطع مع جبران كون الإنسان العالِم، المتعلّم منبوذ منذ الأزل في حين الجاهل الأحمق مرحّب به وعامّة الناس ينقادون لمثل هؤلاء دون وعي، يتّبعون خطاهم.. يلبسون تصرفاتهم، ينفّذون أوامرهم.. إذ يعتبرونهم قدوة، لذلك وقع تشبيههم بالقطيع والبقر وما شابهها من قبل الشعراء... ويعتبر حاتم جوعيه أنّ اللّبيب عليه التّرفّع عن كل إثم وعهر ويتّخذ الربّ مثالا ونبراسا فيتحلّى بثوب الفضيلة والتّقوى ليكون ثوابه عند الله الأجر الجليل.. وشبّه الدّنيا بالعيَر والدّولاب والرّحى لأنّها غيرُ مستقرّة على حال فكلّ شيء فيها إلى زوال، الناس ضيوف عابرون لا تدوم لهم قصور، لا يطول لهم عمر، لا ينفعهم مال، لا بنون، في النهاية هم زائلون كالقشور زائفون.. وإذا أقرّ جبران خليل جبران أن جمال الجسم فانٍ مثل فناء الزّهور... وجمال النّفس كالزّهور يطول.. فإن جوعيه يؤيّده أنّ جمال النّفس باق وشذاه كالعطور، ويقرّ بخلود الرّوح... يقول جبران: فجمال الجسم يفنى... مثلما تفنى الزّهور </p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">وجمال النّفس يبقى... زهرا مرّ الدّهور </p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">يقابله قول حاتم جوعيه : </p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">وجمالُ النّفسِ يبقى... وشذاه كالعطورْ </p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">جوهرُ الرّوح خلود... ليس تفنيه الدّهور </p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">يرى جوعيه أن الردّ على المظالم يكون بالتجلّد والعودة إلى الإيمان والتشبّع بالذّكر والدّعاء والإكثار من الصلاة فقوّة الإيمان حصن وتحصين لذلك يدعو للصّبر ويفتخر بذاته، يمتدح صموده وثباته في تشبّثه بهويّته الدّينيّة وتقبّله لحكم القدر فهو راض بما أتاه ويستدل بصبر أيوب فيقول: </p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">مثل أيُّوبٍ سنغدو.... سوف نرضى بالقضاء والسّعادة عند جوعيه لا تكمنُ في جاهٍ وقصور بل في ارتداء ثوب الطّهارة والإيمان والتحلّي بالأخلاق الحميدة والتّمسك بالقيم والمبادئ السّليمة والعمل بما جاء في آيات القرآن حفاظا على الدّين القويم والتّربية السّليمة التي ورثناها عن أجدادنا وينصح بعدم الركض خلف متاهات الدّنيا الزّائفة وبيع الهمّة والضّمير فنجده يكثر من التّمجيد والافتخار بذاته لأنه ما شابه المتملّقين وما وكب موكبهم، يكفيه اعتزازا أنّه يختلف عنهم في عزفه وعطره... بفضل عزمه وتحدّيه للمظالم والمآسي والفضل يعود لقوّة إيمانه بالله الذي خفّف من وطأة همومه وأعبائه وجعلها مثل سراب... والنّزيه في عصره يدفع الثّمن باهضا، يلقى العذاب والشّقاء فيوكل أمره للرّب... ويكفي العالِم الصّبور فخرا بمكاسبه المعرفيّة، ووعيه بمحيطه وجهل الآخرين، الذين هم على صراط الظّالين.. إذ الإنسان العالِم شبيها بالنبيّ في قومه، يعيش غربة وعزلة، فهو يختلف عنهم دينا وفكرا ومواقف وسلوكا، لذلك تنبذه العباد وتنفره، فيضطرّ للانزواء والاختلاء بذاته ويكثر من مناجاة الله ويصمّ أذنيه عن القيل ولا يكترث إن لاموا أو عذروا.. لأنّه يستلهم الطاقة والقوة من إيمانه وهو محصّن بملائكة الربّ... يقول: </p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">وكلّ من كان صراط الربِّ ديدنهُ </p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">فإنهُ رابحٌ في السّعي منتصرُ </p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">يواصل جوعيه وصفه لعصره فيقول أنه عصرُ انحطاط ودجل وعهر لذلك هو كئيب وحزين جدا لأجل بلده الذي فقد هويّته، تخلّى فيه النّاس عن قيمهم، تنكّروا لتراثهم، لدينهم، وما صانوا عرض أراضيهم لا أهاليهم، في حين هو يشمخ بقوة شخصيته إذْ لم ينكّس رأسه لأحد فما عرف ضعفا، لا هوانا وما قبل أن يكون عبدا، لا قوادا، وما خاف حزبا أو ساسة، وما رضخ لسيطرة أوغاد وأوباش،وما هزته مغريات أو هدايا، فما تاجر بقضية ولا دنّس أخلاقا ولا ركع أو سجد لوحوش وما قبل أن يكون طعما في بطون القرش الكبير وما سقط في مجازات العولمة وما رضخ لها ولا للمنافقين المهيمنين كما تبعهم الآخرون الذين شبههم بالبهائم فيقول: في مجتمع الرّجس والأوغاد قد رتعت كلّ الزّعانف... كم أرغوا وكم نخروا </p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">ويقول: ( ومعظمُ الناس كالقطعان سائرة = وراءَ وغدٍ وزنديق كما البقرُ )</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">ويسخر من المسؤولين الساهرين على الوطن قال عنهم أسود نيام... غطّوا في نومهم العميق تاركين الكلاب تصول، تجول... فمات فيهم صوت الضمير وصوت الحق... وجعل هؤلاء التافهين من المعتوهين، ضعفاء الهمّة حرّاسا لهم، عبيدا عندهم، فأوكلوا لهم الأعمال، واستغلّوهم لحسابهم ومآربهم الخاصّة لكيّ يقضوا حوائجهم الفاحشة، وهكذا صار الجهلاء في قومهم أسيادا وعظماء وفتاوى وزعماء.. يكرر الشاعر جوعيه استثناء نفسه كونه لا يشبه أحدا، ويستشهد بطوقان الشاعر الذي هجر وطنه حزينا جرّاء ما لقي فيه من اغتراب وتشرّد... كذلك فعل جبران.. وغيره... فكان حاتم جوعيه يفخر بهويٍته الثّقافيّة وجذوره كونه عربيّا، قوميّا، فارسا، مغوارا، مقداما، يرفض التّطبيع فما خان بلده، ولا سرق أو نهب، ما كان وضيعا لا حقيرا، لذلك نجده يهزأ ممّن باعوا ذممهم فيقول: ( كلُّ من يُعطى من التّطبيع تكريما أقولْ :</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">إنّهُ ساءَ صنيعا... إنّه ضلّ السّبيل ) .</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">الشاعرحاتم جوعيه شديدُ التعصّب لانتسابه لما ورثه من ثقافات وعادات وقيم، إذ الإنسان دون هويّة، دون نسب، دون أرض، دون وطن، ذليل، حقير، صغير.. يقول: </p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">( لم اخنْ ميراثَ أجدادي = لم أبعْ اهلي وصحبي شاعرُ الأحرار أبقى = بين قومي كنبي </p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">وبشعري يتغنّى = كلّ شهم وأبيّ </p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">إنّ دربي من لهيب = منذ أن كنتُ صبي </p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">اتغنّى باعتزاز = أنا دوما عربيّ ).</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">اعتزاز جوعيه بهويّته العربيّة القبائليّة، الصّحراوية، جعلت منه شهما، أصيلا، إذْ الصّحراء صفاء، وفجر ونور، وانطلاق في حياة تخلو من النّزاعات، والصّراعات، الفوائل مشحونة بالدّفء والحبّ، والأمن والأمان وهي ملاذ يرتع فيها الأصائل، تشدو فيها البلابل يقول: </p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">إنّ صحرائي انبثاق = تهتدي فيها القبائلْ </p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">هي فجر وانطلاق. ... ومسار للقوافلْ </p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">وبها النّخلاتُ تسمو وكم ارتاحت رواحلْ </p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">وبها النّسمات تصفو = والعصافير تغازلْ </p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">وسهيل ضاء دوما = في لياليها الطوائل </p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">لم تكدرها صراعا تٌ وأشباحٌ غوائلْ </p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">هي حبٌّ وسلامٌ = هي شدو للبلابل </p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">الوضيع التّافه في رأي جوعيه هو من يستسلم لاغراءات الحياة ويضعف أمامها أمّا الإنسان القويّ. الثابت يتجاوز الصّعاب كفهد ينطلق في الحياة تاركا خلفه كل ما فات ناسيا ما يعكر صفوه..... لكن كما يعود اليأس جبران ما يجعله يستسلم للواقع نجد جوعيه أيضا يعيش كل هذه التّناقضات، إذ يعود به اليأس هو الآخر من حين إلى حين، بسبب الوجع الذي ينتابه من جرّاء موجة الفساد التي تردح في وطنه فيشتدّ سخطه وتتضاعف نقمته على العملاء فيشتمهم وينعتهم بأسوإ النّعوت لا يستثني أحدا، لا سياسيّين، لا إعلاميين، لا صحفيّين.. هولاء يتكالبون ويركضون خلف الشّهرة فيسيرون في طريق العار والعهر والخزي، في جهالتهم ينعمون بجهالتهم، ويهزأ من كلّ موظّف عميل يقبل الإهانة فشبّهه بجرو ينتظر عظما... يرضى بفتات من سيّده، وتراه ينفش ريشه كطاووس... ويسير مبتهجا غير مبال بنجاسته.. فيقول جوعيه عنهم: </p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">بيد الأوغاد طفلٌ = مثل كلب للحراسهْ </p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">كم سياسي وضيع = عندنا باع الضّميرْ </p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">محور الأكوان أضحى = قالها النّذلُ الحقيرْ </p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">خلفه الأوباشُ تجري = مع حثالاتِ الحميْر والعضاريدُ صنُوجٌ = بهتافٍ ... وصفيرْ </p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">عصر لكع وابن لكع = فيه قد ساء المصيرْ عصرُنا عصرُ انحطاطٍ = ليس فيه من نصيرْ </p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">كم هبيل صحفي = صيته صار شهيرْ </p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">إنّهُ نذلٌ عميل = ومع الخزي يسيرْ </p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">ويواصلُ فيقول: </p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">امّعات العصر سادت = أمرُنا أضحى عسيرْ </p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">كلُّ رعديد جبان = صار مقداما جسور </p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">ينفث الرّيش كطاوو س.. كما الثّور يمُورْ والصّناديدُ نيامٌ = كلّ رئبال هصُورْ </p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">وضعنا قد يضحك الثّكلى ومن هم في القبورْ عصرنا عصرُ انتكاس= عصرُ خزي وفجور عصرُ لكع وابن لكع = قد دنا يوم النّشورْ </p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">ليس في الغابات عدل = قال جبرانُ الحكيم </p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">إنَّ عدلَ الناس زيفٌ = ليس يرضاهُ الفهيم</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;"> 4_ هكذا يتقاطع الشّاعرالدكتورحاتم جوعيه مع الشاعر جبران في العديد من النّقاط، يتماهى معه فيما ذهب إليه وفيما استخلصه عن الحياة فيزداد غضبا لعدم وجود العدل بين النّاس لكثرة المظالم، فسارق الخبز من أجل العيش، ذلك اللّصّ الصّغير يُشهَّر به، يُحاكم، يُعاقب، يُفضح، يُودع السجن.. في حين لصوص البلد الكبار يَهابونهم، ويصيّرونهم أبطالا، فيصيرون أثرياء وعظماء... تنبهر بهم النّاس ويسيرون على نمطهم، يقول حاتم: </p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">إنّ صوتَ الظلم يعلو = واختفى ذاك الضّياءْ // وحشودُ الشرّ تعدو = هي تمشي الخيلاءْ </p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">لم يحجمها نظامٌ = لا ولا حكم السّماءْ </p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">ويبقى الرّجاء أن العدل يوجد عند الله وحده لأنّ الدّنيا فقدت جمالها وعفّتها وعذريّتها منذ الأزل وايادي الأوغاد الدّجالين قد طالت كلّ النّعم فباتت الأرض مهدا للشّقاء ووطن العذاب.. ويقول: إنّ نهاية النّاس القبر والتّراب فلا ينفعهم أصل، لا فصل، لا جاه، ولا شأن.. فسلالة آدم خلقت للعداء والشرّ والتّكالب والتآلب، الخطيئة طبيعتهم، موروثة فيهم، وتفّاحتهم تفوح إغراء، هي شهيّة، بهيّة، وبرغم إنذارات الرّسل والأنبياء والكتب السّماوية للرّدع والتّحذير والتّنبيه ما ثابوا وما تابوا... إنْ الأرض منذ البدء، مكمن للحقد يسكنها أبالسة وأشرار ولو يدرون، عمر الإنسان قصير كالدّخان والسّراب فلا ندم يُجدي، لا بُكاء يُحيي... المساند الوحيد هو الله أحد، لا يشبهه أحد، لذلك يتشبّث الشّاعر جوعيه بالإيمان، مُتحلّيا بالصّبر، مواظبا على الصّلاة فهي تُخفّف من الأرزاء والأَوزار، مُعينة على النّكبات، والله وحده النّصير لمن اتّبعه نورا واتّخذه رفيقا، يجعل له ملائكة تحرسه، والمؤمن القوي لا تُرهبه أهوال. إن جعل الله سندا... يكون جزاؤه عظيما... يقول: </p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">( من يجعل الله نبراسا له سندا =مآله سيكون النّصر والظّفر) . ظلّ حاتم جوعيه يعود إلى نايه وعزفه وحزنه وأنينه فهو أداته في الخلود وهو مزيل همومه وهو ماحي ذنوبه وسرّ هنائه ومصدر سعادته تماما كما فعل جبران إذ اتّخذ النّاي أداة للنّسيان، بل النّاي صوته ومرآته وذاته وطموحه... النّاي أداة نفخ.. ينفخ فيه الإنسان، يعطيه من نفسه وروحه فيصير مغرّدا، يصير متحرّكا، يصير كائنا يصدر أصواتا بعد أن كان جمادا، تماما كما نفخ الله في صورته وأعطاه من نفسه ووهبه الحياة فبات آدميّا وصار إنسانا، دبّت فيه المشاعر، فتحوّل من جماد وطين إلى لحم ونبض ودم.. وإذا اتّخذ كل من الشّاعريْن النّاي وسيلة للمضي في الحياة إذ هو رمز الحياة ونبضها وهو الكون والفضاء وهو الطّبيعة والصّفاء... النّاي رفيق الرّاعي في الفيافي، يؤنسه في وحدته، يلهمه، يطربه، يشجّعه، ينشّط الكائنات، فتغرّد طيور وتركض خرفان، وتضحك فراشات، وتفيق من سبات وتخفق شمس وتهفو نسمات.. وحده النّاي عازف الحياة، رفيق الذّات ، معيد لها الذّات، إلاّ أننا نتفاجأ بالشّاعر جوعيه يستدرج آلة موسيقية أخرى هي العود، والعود قديم قِدم الأجداد، عُثر عليه في قبور أور التّراثيّة والحضارات السّومريّة كذلك العربية إذ ازدهر في العصر العباسي الطّرب وزها الغناء.. فنجده يراوح بينهما، تارة يطلب هذا وطورا يدعو الآخر، أخرى يستدعيهما الاثنان معا، ليس حيرة واضطرابا إنّما فخرا واعتزازا بنسبه وهويّته، هروبا من واقع لا فائدة من اصلاحه، يقول : أعطني العود ومنّي. استمعْ لحن الخلود </p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">إنّ صوتي علويٌ .... ساحر كلّ الوجود ْ</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">أعطني العودَ فإني = بغنائي سأجودْ </p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">فيه أطيافُ التّمنّي = كلّ أنغام السّعودْ </p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">إنّ صوت العود يبقى = بعد أن يغفو الوجودْ </p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">كلُّ مجهول سيأتي = ما مضى ليس يعودْ </p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">بقي الشّاعر جوعيه متنقّلا ببن ناي، وعود...، فهل أراد التميّز عن جبران كي لا يختصر على التّقليد في الأسلوب، والموضوع بتكرار نفس القاموس اللّغوي في قصيدة المواكب الملحميّة الشّهيرة فأراد تخليد اسمه مبدعا مجدّدا له بصمة تميّزه، ويقول عن العود مادحا برغم ما كتبه من ميزات عن النّاي الذي هو صوته وصداه : ( أعطني العود وغنّ = أيها الشّادي الأمين //</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">إنّ صوت العود أحلى = من صدى النّاي الحزينْ فيه تهذيبٌ وفنّ = وسموٌّ للفطينْ </p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">السّؤال هنا، ما الدّاعي من إقحام صوت العود في هذه المعارضة؟ هل فعل حاتم جوعيه ذلك، حتى لا يقتصر على التّقليد كما ذكرنا، أم ليبرز أنّ النّاي كونيّ وعالميّ، عرفه الإنسان منذ بدء التّاريخ، رفيقه في حزنه وفي عزلته، في شدوه وفرحه... بيننا آلة العود، لها أصولها وتاريخها يعود صنعها لتاريخ عظيم، زمن ازدهار الحضارات وتقدّم المجتماعات ودليل الرّفاهة، لذلك أراد الفخر بهويّته وانتمائه الثّقافي الذي يعود لآلاف السّنين ، وأراد الترفّع كونه عازفا جيّدا يتقن العزف على العود إضافة للنّاي... ففي ألحان العود رقّة وجمال، هو فنّ راق مهذّب للنفوس.... ويقصي من هذا الفنّ غير الفطنين... ولا يفهم صوت العود إلاّ المتعلّم والمثقّف والعالِم والباحث الفهيم... </p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">كرّر الشاعر جوعية مفردة العود في ملحمته سبع مرّات... كالآتي.. </p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">أعطني العودَ ومنّي تسمع اللّحن الطّروبْ </p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">إنّ صوت العود يحلو بعد أن تبدو الدّروب </p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">إنّ صوت العود يبقى بعد أن ينضو الشّحوب أعطني العود وغنّ أيّها الشّادي الأمين </p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">إنّ صوت العود أحلى من صدى النّاي الحزين أعطني العود وغنِّ أطلق الصّوتَ الأصيلْ أعطني العود وغنّ فالغنا نور ونار </p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">بينما استدعى النّاي طالبا إيّاه للغناء ما يقارب 75مرة، ضمن أبيات شعريّة أقحمها كلازمة للحفاظ على إيقاع وزن القصيدة، بالرغم أنّها عموديّة وللرّبط بين المقاطع الشعرية حين انتقاله من فكرة لأخرى... وهذا ما فعله من قبله الشّاعر جبران خليل جبران، الذي جعل نفس اللاّزمة َفي مواكبه " أعطني النّاي وغنّ... و." في إثر كل مقطع من مقاطعها السّتّة، فذكر الناي 35 مرّة...</p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">5 ـ وقبل أن أنهي قراءتي هذه، وعلى ضوء اطّلاعي على القصيدتين... ألاحظ أن مواكب جبران كانت دقيقة، ثابتة، واضحة، مكثّفة ومختصرة، مدروسة بعناية فائقة، دراسة واعية وجيّدة، إذ تناول فيها صاحبها ثنائيّات من الأفكار في كلّ مقطع من مقاطعها الخمسة الأولى، متجنّبا التْكرار والعودة لفكرة تناولها، وجاء المقطع السّادس مختلفا عن البقيّة إعلانا عن نهاية القصيدة، وانتهاء القول، والعزف والغناء، فكان التّعبير عن الحنين والاشتياق لمسقط الرّأس لبنان، وعدم التنكّر لهويّته، فهو مقتنع بالمصير مُتقبّل الواقع... ، ناسيا ما قيل وقال، فيقول: </p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">أعطني النّاي وغنّ وانس ما قلتُ وقلتا </p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">إنّما النّطق هباء فأفدني ما فعلنا </p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">هل اتّخذت الغاب مثلي منزلا دون القصور </p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">إلى أن ينتهي في هذه اللاّزمة بقول: </p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">ليت شعري أيّ نفع في اجتماع وزحام وجدال وضجيج واحتجاج وخصام فالذي يحيا بعجز فهو في بطء يموت </p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">وفي مقطعه السّادس والأخير يختم، فيقول : </p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">لكن هو الدّهر في نفسي له م... آرب فكلما رمت غابا قام يعتذر // وللتّقادير سبل لا تغيّرها والنّاس في عجزهم عن قصدهم قصروا </p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">في حين العزف في مواكب الشّاعرحاتم جوعية، كان إيقاعا، متقلّبا، مضطربا، صاعدا، منحدرا، قويّا، ضعيفا، مرتفعا، خافتا، غاضبا، هادئا، منتشيا، حزينا، متفائلا، متشائما، ... فالإيقاع ما ثبت وما استقرّ وما هدأ ، كان في كلّ مرّة يتغيّر، بحسب المقطع الذي سبقه والفكرة والموضوع الذي سبح فيه برغم الثّنائيّات والتّناقضات المتناولة وبحسب تأثيرها في شخصه وانعكاسها على نفسيته، فهو كلّما افتقد شيئا في وطنه، من هوية، وثقافة، وحضارة، يتألم فيكون عزفه صراخا، ويكون صدى الإيقاع عاليا، هائجا، كموج البحر، كصوت الضجيج، غير أنه ينزل وئيدا وتهفت حدّة انفعالاته، ويعود للهدوء، والسّكينة، بالتجائه للخالق، والإكثار من الدّعوات والصّلاة، وايكال الأمور له، فهو عالم الغيب وهو المدبّر، فقوّة الإيمان، تشحن النّفس بطاقة إيجابية، تجعلها، تتمسك بالأمل وتجعل صاحبها صابرا في قومه كنبيّ لا يعرف التراجع، أو التّخاذل أو الاستسلام... والتمسّكَ بالأصول والقيم والفخرَ بالانتماء والانتساب، هو اكتساب للهويّة وحفاظ من التشتّت والاندثار.. </p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">فهل يمكن القول أنّ صدى النّاي وما يطلقه من زفرات في صورة أنغام هو نداء وحفاظ على هويّة الإنسان الآدمية.. </p><p dir="rtl" style="text-align: justify;">وصدى العود وألحانه هو نداء وتشبّث بجذور الأجداد وفخر بالانتماء لأصول عربيّة توحّدهم لغة الضّاد لغة كتاب القرآن الكريم، وترسيخ للهوية العربيّة القوميّة، وها هنا تبرز شخصيّة الشاعر الفلسطيني الدكتور حاتم جوعيه، ويبرز ابداعه شاعرا يعبّر عن هموم النّاس قاطبة من خلال صيحة الفزع هذه بتناول جميع القضايا الإنسانية، هي صيحة خاصة تعبّر عن شخص المواطن الفلسطيني الذي برغم طرده وتهجيره ومحاولة سحقه، هو متواجد في قلب العالم وهو بوصلته ووجهته، فمهما تشرّد وشُرِّد يظلّ انتماؤه لأرضه ووطنه، راسخا، متجذّرا... ويبقى وشما على الجبين، نقشا على جدار القلب، فالهويّة هي الإنسانية وهي الكيان ودونها، الإنسان والحيوان سواء... </p><p dir="rtl" style="text-align: justify;"><br /></p>Al-ghorbahttp://www.blogger.com/profile/00781969873172894524noreply@blogger.com0