قالوا/ روميو عويس



ـ1ـ

قالوا: تا انسى موطني وارتاح

وريِّح من الدَمعات عينيّي!!

قلت الوطن روح وقلب وجْناح

ومن دونهُن عالعيش ما فيّي

ـ2ـ

تركني بَعد في دمعتين زغار

حطُّن عا هالورقه

صارت بلادي بالفكر تذكار

وبالقلب حَرقه!!

ـ3ـ

قالوا: لا تبكي موطنك باقي

ال الله معو ما بتهزمو الايام

قلت الدَّمع من فَيض اشواقي

واللي بيبكي شَوق ما بينلام

ـ4ـ

ببكي عا اهلي عا وطن موجوع

وعا حلم عمري ال طار من دَيّي

عا ناس تَعَّـبها المرض والجوع

هَـمُّن حَـرَق قَـلبي.. وعـينيّي

ـ5ـ

ببكي مع العينيه جرن دموع

بنتو مريضه وداب حنيّه

المشفى مْسَكَّر والدوا مقطوع

من جرم ايدين الحراميّه

**


الاساءة الى نبي المسلمين/ جورج الهاشم

 


تعمّ العالم الاسلامي اليوم مظاهرات صاخبة تدين فرنسا وماكرون لما اعتبروه اساءة بحق نبيهم محمد. تترافق مع أعمال وحشية وتصريحات "أوحش" لبعض المسؤولين الزمنيين والروحيين. والسبب المباشر رسوم كاريكاتورية لرسام كان مغموراً وأراد أن يشتهر، كما فعلوا سابقاً مع سلمان رشدي وغيره. فهل ما فعلوه ردَّ الاساءة عن الرسول أم أساء اليه والى دينه أكثر؟ وهل تمثلوا بنبيهم  وتصرّفوا مثل ما تصرّف عندما أساء اليه الكثيرون وقالوا عنه انه ساحر وشاعر ومجنون...؟ وهل يعرفون قصّة محمد مع اليهودي زيد بن سعنة؟   

لا ادافع هنا لا عن فرنسا ولا عن ماكرون ولا عن الغرب، بشكل عام، الذي كان له الفضل الأكبر، ولا زال، في "تفريخ" هذه الحركات الاسلامية المتطرفة التي تدافع عن الاسلام ظاهرياً وكلامياً بينما دورها الفعلي هو الاساءة الى الاسلام واعطاء ذريعة للغرب لمحاربة "الارهاب"، الذي كان له الفضل الأكبر في اطلاقه ورعايته وتوجيهه ابتداء من الوهابية الى القاعدة وداعش وأخواتهما مروراً بالاخوان ونسختهم الجديدة الأردوغانية. وهدف الغرب هو استمرار تجهيل المسلمين والمحافظة على تخلفهم  ليتمكّن من السيطرة عليهم وعلى بلدانهم وثرواتها. ولا اؤيّد وجهة النظر الفرنسية، والغربية عامة، والتي تدّعي  ان تحقير النبي يندرج تحت باب حرية الرأي. فالغرب المسيحي له صولات وجولات في تحقير رموز المسيحية من خلال الكتب والرسوم والافلام والاغاني. والكثير منا يتذكر الفيلم الشهير الذي يصوّر المسيح مثلياً جنسياً ويصور امه مريم مدمنة مخدرات.  وبغض النظر ان كنت تؤمن بالمسيح او بمحمد او بأي رمز ديني آخر، فلا يحق لأحد ان يهين رمزاً يؤمن به ملايين البشر. والملفت في الأمر ان حرية الرأي في الغرب لا تقف عند محرمات الا اذا كانت يهودية أو تتعلّق بالصهيونية واسرائيل وبحق الشعب الفلسطيني بأرضه. وتهمة معاداة السامية جاهزة لالصاقها بكل من ينتقد السياسة الاسرائيلية. وكم من سياسي وكاتب ومؤرخ وفنان غربي عانى ويعاني بسبب محاولته الوقوف مع الحق الفلسطيني أو لأنه أبدى رأياً لا يتطابق مع الرواية الصهيونية.                                                                              

هذا لا يعني ان "الغاضبين" المسلمين كانوا على حق في ردات فعلهم. انهم وبكل بساطة يمثلون دورهم الذي يريده الغرب لهم: أن يتصرفوا بهمجية ليقنع قاعدته انهم الارهاب ويجب الاستمرار بمحاربتهم. لماذا لا يخيبون ظن الغرب بهم ويتصرفون بأخلاقية  ويتمثلون بنبيهم الذي تعرض للكثير من الاهانات والاساءات التي يبقى الرسم الكاريكاتوري "كاريكانوراً" جنبها. من هذه الاساءات ما وقع له مع زيد بن سعنة اليهودي.                                

 ملخص الحادثة كما رواها الطبراني أن محمداً اقترض مالا من زيد على ان يعطيه تمراً بالمقابل في موعد اتفقا عليه. قبل الموعد شاهد زيد الرسول بين أصحابه فتوجه نحوه غاضباً ومسكه من ثوبه قائلاً: "أدِّ  ما عليك من دَين يا محمد. فوالله ما علمتكم يا بني عبد المطلب الا مطلاً في سداد الديون". فانتفض عمر وقال:" يا عدو الله، تقول لرسول الله ما أسمع وتفعل برسول الله ما أرى. والله لولا انني أحذر غضبه لضربت رأسك بسيفي هذا". التفت النبي الى عمر وقال: "لا يا عمر. لقد كان من الواجب عليك ان تأمرني بحسن الاداء وان تأمره بحسن الطلب. خذه واعطهِ حقّه وزده عشرين صاعا من تمر جراء ما روعته." وكانت النتيجة ان دخل زيد "الحبر اليهودي" في دين محمد لما رآه من حلمه وسعة صدره.                     

كل دين "حمّال أوجه". أي يمكن للمصلح أن يرى فيه المواقف المشرقة ويسعى لتطويرها للتعايش مع الآخر. كما يرى فيه المتعصب المواقف التي تدعم اتجاهه وتشجعه على المضي في نبذ الآخر وتكفيره وذبحه وتفجيره. فكيف اذا ابتلي الاسلام بهذا الكم الهائل من الحركات المتطرفة  التي تقف ضد الآخر وضد العلم والتقدم والتطور؟ وكلها من نتاج الغرب نفسه لتأبيد سيطرته على ثروات الشعوب.                                                                    

ما العمل اذن؟ هل نسكت ونحني الرؤوس؟ لا أبداً. لقد سكتّم قرونا عن التزوير الحاصل بحق دينكم  وبحق شعوبكم. وحنيتم رؤوسكم أمام أنظمة عميلة تنهب ثرواتكم لصالح حماتها وتترككم فقراء. انكم تخوضون المعركة الخطأ في المكان الخطأ. عدوكم ليس رسام الكاريكاتور المغرر به مثلكم. ولا الحركات العنصرية المتطرفة  البيضاء المزروعة كحركاتكم. عدوكم هو الجهل والفقر والأميّة والتخلف والاستبداد وفقدان العدالة... وكلها مسؤول عنها نظامكم السياسي. فهل تخرجون مرة عن الخط الذي رسمه لكم الغرب وتوجهون السهام الى العدويين: الأصيل والوكيل؟ فان فعلتم عندها تردون الاساءة عن دينكم ونبيكم.                                                                                             

سدني في 1/11/2020 


عقد مؤتمر للسلام خطوة في الاتجاه الصحيح/ سري القدوة


يشكل الإجماع الدولي لعقد مؤتمر دولي للسلام خطوة مهمة لدعم القرارات الدولية الخاصة بالقضية الفلسطينية وحماية الحقوق الفلسطينية وفقا للقرارات الشرعية الدولية والمساهمة الفاعلة لتفعيل وإحياء عملية السلام وإنهاء حالة الجمود الناتجة عن تعنت سلطات الاحتلال وتمسكها في صفقة القرن كحل وحيد يتم فرض بالمنطقة على جميع الاطراف المعنية بعملية السلام.

ومرة اخرى تثبت تلك تصريحات التي ادلت بها المندوبة الأميركية في الأمم المتحدة كيلي كرافت الرافضة لمبادرة السلام العربية بان الولايات المتحدة الامريكية غير معنية بتحقيق السلام العادل والشامل بالمنطقة، بل تسعى لدعم الطرف الاسرائيلي على حساب الشعب الفلسطيني وحقوقه العادلة والمشروعة والتي يقرها ويعترف بها اغلب دول العالم، وتعد هذه التصريحات غير مقبولة ولا تمت للعدالة الدولية بأي صلة، وتثبت ان إدارة ترامب تدعو إلى الكراهية والعدوان وتمارس العنصرية بحق الشعب العربي الفلسطيني، وأنها تبتز دول العالم بمواقف غير قانونية ومعادية للقانون الدولي وتنشر الكراهية بين شعوب المنطقة ضمن اصرارها على مساندة حكومة الاحتلال، وتوفير التغطية والحماية لها لتنفيذ صفقة القرن ومخططات الضم على حساب المشروع الوطني الفلسطيني وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة ضمن التوجه الدولي والقرارات الدولية التي اقرها المجتمع الدولي ويعترف بها .


وتشكل الجلسة الخاصة التي عقدها مجلس الأمن وما أكده أعضاء المجلس اهمية كبيرة كونها تجاوبت مع رؤية الرئيس محمود عباس وساندت الموقف الفلسطيني في عملية السلام لتبنيها آلية عقد مؤتمر دولي للسلام بداية العام المقبل تحت مظلة الأمم المـتحدة بمشاركة الأطراف الدولية المعنية لإطلاق عملية سلام جادة وحقيقية تستند إلى مبادئ القانون الدولي والمرجعيات الدولية ذات الصلة وتفضي إلى إنهاء الاحتلال الإسرائيلي وإقامة الدولة الفلسطينية المُستقلة ذات السيادة على خطوط الرابع من حزيران/يونيو عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.


ويستمر الدعم الدولي والتوسع في تشكيل الرأي العام الداعم للحقوق الفلسطينية بعيدا عن رغبة الاحتلال والمواقف الامريكية لتشكل مواقف تلك الدول التي عبرت عن إرادة المُجتمع الدولي المتمسكة بقرارات الشرعية الدولية والإصرار على إنهاء الاحتلال اهمية كبيرة لدعم مسيرة الكفاح الفلسطيني والتحرر من الاحتلال وإنهاء اطول احتلال عرفه العالم، ورفض سياساته وانتهاكاته الجسيمة المتواصلة بحق أبناء الشعب الفلسطيني، وأي إجراءات أو محاولات أُخرى من شأنها الانتقاص من أرض وحقوق الشعب الفلسطيني في الحرية والاستقلال، وهذا الامر يثبت ويؤكد على اهمية موقع القضية الفلسطينية على المستوى الدولي ويعزز مكانة الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة والتي لا تزال تحظى بالأولوية وتستحوذ على اهتمام المجتمع الدولي وأجندات العمل الدولية بعيدا عن مخططات الاحتلال وإصرار الادارة الامريكية تطبيق ما يسمى صفقة القرن من طرف واحد .


وتشكل تلك الوقائع التي خرجت بها الجلسة اهمية كبيرة يتطلب المزيد من العمل مع الأطراف الدولية لوضع خطوات عملية لتحديد اليات واقعية لتفعيل عملية السلام وضمان عقد المؤتمر الدولي للسلام تحت مظلة الأمم المتحدة بما في ذلك الإعداد لانعقاد المؤتمر الدولي، وإطلاق عملية سلام ذات مصداقية ومحددة بإطار زمني على أساس قرارات الشرعية الدولية وتحقيق حل الدولتين الذي يفضي إلى إنهاء الاحتلال الإسرائيلي ووضع حد لمواصلة العدوان على الحقوق الفلسطينية وإفشال التدخل الاستعماري على أرض فلسطين وحشد كل الطاقات الدولية لدعم عملية السلام العادلة والشاملة في المنطقة والقائمة على اساس منح الشعب الفلسطيني حقوقه التاريخية .


عُرْسُ الشَّهَادَةِ والفِدَاءِ/ حاتم جوعيه


            

      (  في الذكرى السنويَّة على مجزرة  " كفر قاسم "  )

 

الحقُّ  يُؤخذُ  لا   يَضِيعُ   هَبَاءَ        والفجرُ  يَسطعُ  يطرُدُ  الظلمَاءَ 

هذي    بلادي    فجرُنا   ومآلنا       وَجَنانُ  شعبي  لم  يزلْ  مِعطاءَ 

وترابُ أرضي من نجيعي مُخْصِبٌ        تبقى  الرُّبوعُ    َندِيَّة ً  خضراءَ 

زيتوننا صَانَ العُهودَ  ولم  يزلْ        رمزَ   الإباءِ     تشَبُّثا     وبقاءَ 

ما للمنازلِ والمَلاعبِ  قد غدَتْ        من  أهلنا   قفرًا   هُنا   وخَلاءَ 

واللاجئوُنَ على  المَواجعِ  والطوَى         تخذ ُوا الخيامَ  منازلا وَغِطاءَ 

وَمَضَتْ سُنونٌ  بعدَ عامِ  شَتاتِنا        نُسْقىَ اللَّظى ...أنَّى َنرُومُ عَزَاءَ  

يا  كفرَ قاسم  أنتِ عُنوانُ  الفدَا        ودمُ  البراءةِ  لم   يزلْ   وَضَّاءَ 

أهلوُكِ  صرحٌ  للمكارم ِ والعُلا        وبنُوكِ   كانوا  النخبة َ  النُّجَباءَ 

ما زالَ "شِدْمِي" قرشهُ مُتغطرسٌ        كم مثل " شِدْمِي" لا يباعُ حذاءَ 

يغتالُ وردَ الطُّهرِ دونَ  رَوَادِع ٍ       وَيثيرُ في هذي  الدُّنى البَغضَاءَ  

فالقاتلونَ     شهيَّة ٌ      همجيَّة ٌ        بدم ِ البراءةِ   خَضَّبُوا  الغبرَاءَ 

ومنَ الجَماجم ِ يصنعونَ عُروشَهُمْ          وتوَهَّمُوا  قد  أصبحُوا  عُظماءَ  

يا " كفرَ قاسم" فانظري لصمودِنا          وهتافنا    مَلأ   الدُّنى   أصْدَاءَ 

تيهي على الدُّنيا فخارًا واعلمي        ما ضاعَ هَدْرًا ما  بَذلتِ  سَخَاءَ 

يا روضةً تهبُ الأزاهرَ والنَّدَى        سَيظلُّ   فيضُكِ   ديمة ً مِعطاءَ 

فيك ِالحَجيجُ وأنتِ  قبلة ُ شعبنا         كنتَ المنارةَ ..كم  رفعتِ  لِوَاءَ 

خمسونَ لحنا ًفي ثراكِ  مُضَرَّجٌ         والوردُ أضحَى عَوْسَجًا  ودِماءَ      

خمسونَ بدرًا كم ْ أضاؤُوا أفقنا         خاضُوا الفِدَا.. َنهَلوُا الرَّدَى شرفاءَ       

خمسونَ لحنا ً غُيِّبَتْ  تحت  الثَّرى         فبكىَ  الأحبَّة ُ  أدمعًا   خرساءَ     

كم  من  نساءٍ أو  شُيوخ ٍ عُزَّلٍ         وبراعم   عاشُوا   هنا   سُعدَاءَ 

عادُوا منَ العملِ  الدَّؤوبِ وَكدْحِهِمْ          فاستقبلوا  الطُّغيانَ   والدُّخلاءَ  

قد  أمطرُوهُمْ   نارَ حقدٍ  أرْعَن ٍ      فرَصاصُ جُندِ الغدْرِ جاءَ  خَفاءَ 

حَصَدُوا الأحبَّة َكالسَّنابلِ  في الحقو       ل ِ...نجيعُهُمْ  صَبَغَ الرُّبى  حنَّاءَ 

حَصَدُوا البراءة َ والطفولة  َويحهُمْ        جعلوا    النُّجُودَ    مآتمًا   وبكاءَ 

هذي    دماؤُهُمُ    لمسكٌ   أذفرٌ       وتضوَّعَتْ  مِلْءَ  الزَّمانِ  شَذاءَ 

وقبورُهُمْ  تروى بفيض دموعِنا       قبلَ   الغمَائمِ   أنْ   تبلَّ    ثراءَ 

أضحَتْ مزارًا كالحجيج ِ لأهلِنا       نحنوُ  عليها ...  نُزهِقُ  الحَوْبَاءَ 

يا  "كفرَ قاسم" والكفاحُ طريقنا       خُضتِ  الكرامة َ سُؤدُدًا  وردَاءَ    

كنتِ الطليعة َ... بل ضحيَّة َغدرهِمْ        وصُمودُكِ   العَلنيُّ   كانَ  عَناءَ  

وتوَهَّمَ  المُحتلُّ   سوفَ   يُخيفنا       برَصاصِهِ    ونُهاجرُ    الأحياءَ 

نبقي لهُ  الأرضَ الطَّهُورَ وخصبها        خلفَ  الحُدودِ   سننتهي  غربَاءَ 

لكنَّنا     مُتشبِّثونَ    بأرضِنا ...       من  كفرِ  قاسم  هَدْيُنا   قد  جاءَ 

هذي   البلادُ   بلادُنا    ونعيمُنا        هيهاتَ   نتركُ    جنَّة ً    غنَّاءَ 

وتآمرَ الطغيانُ   ضدَّ  عُروبتي        مِصرُ  الكنانةِ   تكشفُ  الأنباءَ  

ولأجل ِ  تأميمِ   القناةِ    تكالبُوا        مُستعمرونَ   أتوا   هُنا   جبناءَ 

عُدوانهُم  في  مصرَ كانَ  مُبَرْمَجًا          فالغاصِبونَ     تحالفوا      شركاءَ 

في "بور سعيد "هَبَّ شعبٌ صامدٌ          بركانُ    مصر    زلزلَ    الحُلفاءَ 

عادَ  الغزاة ُ بخزيهِم  وبعارهمْ        أطماعُهُمْ  أضحَتْ هناكَ  خوَاءَ 

" وجمالُ " قائِدُنا  يظلُّ   مُخلَّدًا       والغارُ   كلَّلَ    هامَة ً     َشمَّاءَ 

يا  كفرَ قاسم  أنتِ عنوانُ  الِفدَا        منكِ    انتظرنا   غلَّة ً   حَمراءَ 

أخفوا الجريمة َكي تظلَّ دماؤُنا        هَدْرًا  ُترَاقُ ، وننحني  ضعفاءَ  

لكنَّ   شعبي  رغمَ   كلِّ   تآمر ٍ       كسَرَ  القيودَ  وطاولَ   الجوزاءَ 

قد هبَّ من وسط ِالرَّمادِ كماردٍ        بشُموخِهِ    قد   طاولَ    العَنقاءَ   

وأطلَّ  من  ليلِ المنافي  فجرُهُ        ومنَ   الخيامِ   لكم  أطالَ   نِدَاءَ  

تيهي افتخارًا يا فلسطينَ المُنى       وتألَّقي   فوقَ    الوجودِ     سَناءَ  

أنا مُنشدُ الأحرار صوتُ  كفاحِهمْ         وأرى   التَّحرُّرَ  َمطمَعًا   وهَناءَ  

ودمُ العروبة ِ فيَّ  يصرخُ  هادرًا          أنْ  لا  نساوم ...  فانبذ ُوا  العُمَلاءَ   

نحنُ  العروبة ُ   فجرُها  ونشيدُها         خُضنا   التحرُّرَ   وثبة ً   وفداءَ  

وبنا النِّضالُ  يهزُّ كلَّ  مسامع ٍ..      ُفقنا  الشُّعوبَ   بسَالة ً  ومَضاءَ   

وبنا طريقُ الحقِّ  أضحى مشرقا ً        بمسيرنا    لم    نحفلِ    الكأدَاءَ  

شعبي الذي بهرَالدُّنى بصمودِهِ        صَنعَ   المُحَالَ   وبَدَّلَ  الأجواءَ    

شعبي الذي هَزَّ  العوالمَ عزمُهُ        لن  يستكينَ   سيسحقُ   الأعداءَ  

قالوا : السَّلامُ  مآلنا   وملاذ ُنا        وبهِ    نُحَقِّقُ    مُبْتغًى    ورَجَاءَ  

لكنَّ  سِلمًا  جاءَ   دونَ  كرامةٍ        وبهِ   المهانة ُ  لن   يكونَ  غناءَ 

ما زالَ  شعبي  في المنافي لاجئا        يشكو  المذلَّة َ   غربة ً    وشقاءَ 

لا  كانَ سلمًا  فيهِ  يبقى نصفهُ        شطرًا يئنُّ مشرَّدًا مشرَّدًا مُسْتاءَ  

فالشَّطرُ باق ٍ في العذابِ مُخيِّمٌ        والعالمُ    الوسنانُ   زادَ   عُوَاءَ   

وعَدوهُ .. يرجعُ كم كلام ٍكاذبٍ       شابَ  الزَّمانُ  ومزَّقَ  الإصغاءَ 

سيعودُ حتمًا رغمَ كيدِ وعيدِهمْ       ويبدِّدُ      الأهوالَ       والأنواءَ 

وَيُحَقِّقُ  الحلمَ   الجميلَ   بهمَّةٍ        والفجرُ  يبسمُ    ينشرُ  الأضواءَ   

سيعودُ للأرض ِالتي حضنتْ  رُفا        تَ   جُدودِهِ    وسيجمعُ  الأشلاءَ 

سَيعودِ للحقل ِ الوديع ِ... لسهلهِ ،     ولنبعِهِ ...  للسفح ِ    زادَ   عَناءَ   

ويُشَيِّدُ  الصَّرحَ   المُهَدَّمَ  عنوة ً      يختالُ  في أرض ِ الجدودِ  ُروَاءَ 

طالَ البعادُ عنِ الأحبَّةِ  والحِمَى     وعلى  الحلولِ  لكم  نطيلُ   ثوَاءَ  

المجدُ للشَّعبِ  الذي  خاضَ الوغى       لا   يرهبُ   الطغيانَ   والأعداءَ 

لا يصنعُ  التاريخَ  غيرُ  رجالهِ       لم  يحفلوا   الأهوالَ    والأعباءَ 

فهويَّتي الأرضُ  التي هيَ أمُّنا       وهويَّتي   شعبٌ   يموجُ   عطاءَ  

وهويَّتي  تبقى   فلسطين   الفدا       بترابها   كم   تحضنُ   الشُّهداءَ   

يا   أمَّتي  فيكِ   المَآثرُ  والعُلا       خُضتِ الخطوبَ معَاركا  شَعوَاءَ  

وَتُعانقينَ   المجدَ  من  أطرافهِ        وَتُتسَدِّدِينَ    الطعنة َ     النجلاءَ 

نحنُ   السَّلامُ   شعارُهُ  ونشيدُهُ       نحنُ  الحمائمُ ... لا  نرومُ  عداءَ  

ولكمْ   مَدَدْنَا  للسَّلامِ   لهم   يَدًا       قطعوا الأيادي  شَوَّهُوا  الأسماءَ 

ثمَّ استباحوا  كلَّ  ما يحلوا لهم      والأرضُ صارتْ أختها  الخنساءَ 

فانقضَّ في  ليلِ  المنافي  شعبنا     خاضَ الحتوفَ وجلجلَ  الأرجاءَ    

بَهرَ  العوالمَ  عزمهُ   ونضالهُ       فرضَ  الإرادة َ...  حقَّقَ  الأشياءَ  

وأقامَ  دولتهُ   برُغم ِ  مكائدٍ ...      جزءًا    يضمُّ     بعيدهُ   الأجزاءَ  

رفعَ البنودَ" بغزَّة " وبكلِّ شبر ٍ      قد   تحرَّرَ ... أضرمَ   الرَّمضاءَ   

والقدسُ  موعدنا غدًا ، وبنودُنا       فيها    هناكَ     تعانقُ    الأنحَاءَ  

يا  كفرَ قاسم  أنتِ عنوانُ  الفدا      حق ٌّ  علينا   أن   نصوغ َ  رثاءَ 

شهداؤُكِ  الأبرارُ  فجرٌ  ساطعٌ        يبقونَ    في    وجدانِنا    أحيَاءَ 

جُرْحُ  الفلسطينيِّ   يبقى  نازفا       والغربُ  يصمتُ  خسَّة ً  ودَهاءَ   

والعالمُ  العربيُّ    يبقى   ساكنا       أنَّى    يُقاوم    أو   يصدّ    بَلاءَ  

كم   من   مآس ٍ  أرَّقتْ   أيَّامَنا       خُضنا الخُطوبَ عَصِيبةً عشواءَ  

كلُّ  المجازر  لم  تكلّ  نضالنا        نمشي على دربِ اللَّظى عظماءَ 

يا   كفرَ  قاسم  والكفاحُ  هويَّة ٌ       ونرى  الكرامة َ  سُؤدُدًا  وردَاءَ 

كنتِ  الطليعة َ  بعدَ عامِ  تشرُّدٍ      عَلَّمتِ    فينا   الكهلَ    والأبناءَ  

إنَّ   النضالَ   طريقهُ   لقويمة ٌ       ودماءُ  شعبي  لن   تضيعَ  هَبَاءَ 

يا  قلعة َ الأحرارِ  دومي  قبلة ً       للعربِ   تسمُو   روعة ً   وبهاءَ 

يا   قلعة َ  الشُّهداءِ  ألفُ  تحيَّةٍ        أرْسَيْتِ    للجيلِ    الجديدِ   بناءَ 


أيتها الجميلة شبعاد/ محمد مهيم محمد



أيا أنتِ !

       أورقي في دمي كما الأشجار 

                     واذكري يوم كان القلب 

                                  شجرة الغار

                                         تدلت بالثمار والأنغام

أيا أنتِ  ! 

        أيتها الجميلة شبعاد !

                  اعزفيني على أوتار قيثارتك الذهبية 

                                     نغم مسارت لا تباد 

                                           زلزلي صمت العيون السجية 

وارقصي على سمفونية 

           هذا الليل الشجي 

                       الموقظ لذاكرة الظلال 

                                    المخضبة بالصمت الأسطوري

أيتها الجميلة شبعاد !          

                    أعيدي للكون الظامئ للحرية  

                                 أغانيه القدسيىة

                                      لتقام الطقوس المخملية 

                                            الساكنة في صوتك الخرافي

                                                 وأعيدي للأمنيات ألوانها القزحية 

أيا أنتِ !

          أيتها الجميلة شبعاد !

                شُدي على أوتار القيثارة السومرية 

                                 واغزلي الألحان 

                                     من جدائل الشمس الفضية 

                                             ودعيني أشتري من العصافير 

أغانيها الوائمة 

       ومن البحر نوارسه الحالمة 

               دعيني أحلق بلا أجنحة 

                      لأغلق شقوق بحر هادر  

                                         ينذر بالأبئة

أيتها الجميلة شبعاد !

                    أبسطي أناقتك على شعاب الفؤاد

                                  لأروض الرياح 

                                     وأقود سفينتيىى للأمان

                                 أفتح رتاج الفجر

                          ليروي شرفات البحر 

                  ويصهد ضقيعها الراكد

         في أدغال السواد

أيتها الجميلة شبعاد !

       أمسحي بمندلك السحري 

                    عتمات الأرواح

                           لتزهر الغيمات 

                                    على أجساد الثرى

                              بسنابل المنى

                      وتمطر الشمس بالنجوم 

                               نجمة

                    نجمة

           وضياء

ض

ي

ا

ء       

       


قميصكِ الورديّ يجهلُ أبجديةِ الألم/ كريم عبدالله


قميصكِ المخمليَّ جاسوس يحترفُ التلصصَ كلّما ألقاكِ خلسةً منكِ يسرقُ لونَ الشفتين يفضحهُ بالخجلِ  يغزلُ مِنْ تأوهاتكِ  شالاً ( سلطانيّاً)* يدثّرُ عنفوانَ ثماركِ الطازجة  مغتاضاً مِنَ الكحلِ إذا ما ترقرقتْ دمعةٌ  تهمُّ بالأنهمارِ تقبّلُ أرضيَ اليابسة  كمْ تمرّدَ مِنْ شماتةِ الزَغَبِ المتماوج  يتمرّغُ بريشِ أجنحتي فيفكّ أزرارَ التردد  يشاكسُ عطركِ العجولَ يعانقُ تدفقَ دهشةٍ في مخيلتي تحومُ حولَ مدائنكِ اللذيذة يجهلُ أبجديةَ الألمَ المكتومَ في رنينِ صوتكِ الرقراقَ  يحملُ ضجيجهُ يتأبطُ نشوةً ترقدُ على شمّاعةِ الأنتظار لا يميّزُ بينَ إشتعالي وتلويحة اللقاء...!

سلطانيّاً : نسبة الى الورد السلطانيّ صاحب العطر الزكي .


ويل للمطبعين/ بن يونس ماجن


عرب اليوم 

لا يشعرون بالعار

وليس لهم احساس الغضب

عبثا يلعبون بالروليت الروسية

ويتوسدون نشارة الخشب

ويشهدون الزور

على ضريح لا يوجد فيه احد

عملتهم النفط والشيكل والدولار

اعجوبة انهم لا يتذكرون

فظائع اليهود الاجرامية

واعجوبة ان اليهود

لا ينسون ابدا خرافة الهولوكوست  الاسطورية


عرب اليوم

غارقون في الوحل

يتحالفون مع الشيطان

لم تكتمل اضراس العقول لديهم

ويجهلون ان السلام المزيف مع العدو

انه مادة نتنة معبئة في زجاجة

سرعان ما تتعفن

وتنكسر الزجاجة

عرب اليوم

قطيع تائه

بين انياب الذئب

وابتسامة التمساح

ومن اجل ارضاء قتلة الانبياء والمرسلين

يشعلون النار في اجسادهم

ويصنعون بالرماد والفحم

زيا فولكلوريا ليتسلى به اطفال اليهود

واقنعة واكسسوارات وزهور اصطناعية

ويدفعون الزجية للعم سام

يريدون ان يلغوا الذاكرة الفلسطينية

من الارض المسروقة

انهم حقا زبانية أل صهيون

فويل للمطبعين

وويل للمنبطحين

وويل للراكعين 

لعبدة الطاغوت الملعون

الهند تتقرب من بنغلاديش لقطع الطريق على الصين/ د. عبدالله المدني


 منذ قيام بنغلاديش ككيان منفصل عن الدولة الباكستانية في عام 1971 وعلاقاتها مع جارتها الهندية الكبيرة في صعود ونزول بحسب الحزب الحاكم في دكا. فتارة تتميز هذه العلاقات بالحرارة وتارة أخرى بالفتور، علما بأنه لولا الدور الحازم للهند في الحرب البنغلاديشية ــ الباكستانية لما قامت بنغلاديش أصلا كدولة مستقلة من بعد سنوات طويلة كانت فيها مجرد جناح شرقي مهمش لباكستان. وكان الملاحظ دوما في هذا السياق أن دكا كلما ابتعدت عن نيودلهي اقتربت من بكين منافسة الأخيرة على النفوذ في جنوب آسيا والمحيط الهندي في عملية مناكفة وابتزاز واضحة.

اليوم يبدو جليا أن نيودلهي، في محاولة منها لإغلاق الطريق أمام بكين لجهة توسيع نفوذها في بنغلاديش، قد أفاقت على حقيقة أن ترك علاقاتها مع الأخيرة دون إعادة الدفء إليها سوف يؤدي إلى مراهنة الأخيرة كليا على الصين التي لا تخفي طموحاتها في بناء نفوذ استراتيجي لها في الدول المحيطة بالهند من خلال ضخ المساعدات المتنوعة على نحو ما فعله الصينيون بنجاح حتى الآن في باكستان وميانمار وسريلانكا، بمعنى أن حكومة رئيس الوزراء الهندي رانيدرا مودي قررت تجاوز الملفات المعيقة لتقارب البلدين من تلك التي لها علاقة بالحدود والهجرة والعمالة والمياه، كسبا لثقة وصداقة الحكومة البنغلاديشية الحالية برئاسة الشيخة حسينة واجد، التي تحكم منذ عام 2009. هذا علما بأن هذه الملفات كانت تطفو على السطح من وقت إلى آخر مسببة تخريب علاقات البلدين الثنائية، وتحديدا ملف هجرة العمالة البنغلاديشية المسلمة غير الشرعية من بلادهم إلى ولاية آسام، وهو ملف لطالما أثاره الناشطون والسياسيون المتطرفون من أعضاء حزب بهارتيا جاناتا الحاكم في نيودلهي لأغراض إنتخابية. يلي هذا الملف في الأهمية ملف نهر "تيستا" المشترك بين البلدين والذي يبلغ طوله نحو 414 كيلومترا، والذي كان سببا في خلافات عميقة منذ عام 1947 ولاسيما في حالات حدوث فيضانات خلال مواسم الأمطار الغزيرة المعروفة بـ "المونسون"، حيث اشتكت دكا مرارا من قيام الهنود ببناء سدود على النهر لتوليد الطاقة الكهربائية وتجميع المياه لأغراض الري في ولاية البنغال الغربية.

فخلال الأشهر القليلة الماضية لوحظ قيام نيودلهي بسلسلة من المبادرات تجاه جارتها الشرقية تمثلت في تنشيط التجارة البينية والتجارة العابرة بين البلدين. فعلى سبيل المثال بادرت الهند بتسيير قاطرات حاملة بالديزل ومختلف السلع لمواجهة احتياجات بنغلاديش الملحة من الوقود والبضائع المتنوعة التي حال دون وصولها تقادم السكك الحديدية البنغلاديشية وعطبها المتكرر وعدم قدرة حكومة دكا على تجديدها. وفي الوقت نفسه أرسلت الهند إليها نحو 55 قطارا محملا بنحو 125 ألف طن من البصل (المادة الأساسية في وجبات عشرات الملايين من البنغلاديشيين)، حيث تعتبر الهند من أكبري مصدري البصل على مستوى العالم، ومصدرا لنسبة 75 بالمائة من واردات بنغلاديش من هذه السلعة الغذائية، كما أرسلت قطارا خاصا من ولاية غوجرات إلى دكا (تبعدان عن بعضهما البعض مسافة 1370 كيلومترا) محملا بنحو 400 طن من الفلفل الأحمر وهو أيضا سلعة غذائية لا يستغني البنغلاديشيون عنها في طعامهم اليومي. علاوة على ذلك عملت على تنشيط حركة الانتقال ما بين البلدين بزيادة عدد رحلات السكك الحديدية اليومية.

المشهد الآخر للمبادرة الهندية حيال جارتها الشرقية تجسدت في الاتفاق مع حكومة الشيخة حسين واجد في شهر يوليو المنصرم على أن تستخدم الهند ميناء شيتاغونغ البنغلاديشي، الذي كان لزمن طويل محظ أنظار الصينيين، لإيصال البضائع والسلع المختلفة إلى ولايات الهند الشمالية الشرقية مثل ولاية تريبورا، حيث أن التضاريس الجبلية والمسافات البعيدة تحول دون تزويد تلك الولايات بما تحتاجه من خلال المواني الهندية المعروفة. وفي الوقت نفسه فتحت دكا ميناء مونغلا البنغلاديشي القريب من حدودها مع الهند لمساعدة الأخيرة في اختصار عملية نقل البضائع الهندية من ميناء كلكتا في ولاية البنغال الغربية إلى ولاية تريبورا (تبعدان عن بعضهما البعض بمسافة 1650 كيلومترا) وأخواتها بنحو 500 كيلومترا. وهذه البادرة البنغلاديشية، من جهة أخرى، يمكن أن تساعد دولا أخرى مستوردة للمنتج الهندي مثل ميانمار وبوتان ونيبال.

على الرغم من كل هذه المبادرات الهندية، إلا أن مجاميع كبيرة من الطلبة والناشطين في بنغلاديش تنظر بعين الريب والشك تجاه الهند من منطلقات إيديولوجية بحتة، خصوصا وأن هناك من يغذي هذا المنحى ممثلا في تيار الإسلامي السياسي المتطرف ذي الجذور العميقة في البلاد منذ أن كانت جزءا من باكستان محمد علي جناح، خصوصا بعد قيام نيودلهي بإقرار قانون جديد للجنسية في نهاية العام 2019 يتضمن منح الجنسية الهندية للمضطهدين دينيا من غير المسلمين من أولئك النازحين إلى الهند من باكستان وأفغانستان. ولعل أوضح دليل هو المظاهرات التي انطلقت في بنغلاديش بمجرد العلم بقرب زيارة رئيس الحكومة الهندي مودي إلى دكا في مارس المنصرم للمشاركة في احتفالات مئوية أبو الإستقلال الشيخ مجيب الرحمن والد الشيخة حسينة واجد، وهي الزيارة التي تمّ تأجيلها بسبب تداعيات إنتشار جائحة كوفيد 19.

أما الصين فقد استغلت شكوك البنغلاديشيين تجاه الهند لصالحها، دافعة بالمزيد من إستثماراتها باتجاه بنغلاديش لبناء المزيد من الطرق والموانيء والبنى التحتية المتنوعة. وفي الوقت نفسه ألغت الرسوم الجمركية على نحو 97% من وارداتها من السلع البنغلاديشية المنشأ، الأمر الذي ساهم في تضييق فجوة العجز التجاري في المبادلات التجارية التي ظلت طويلا لصالح الصين. المثير في هذا السياق هو أن باكستان، حليفة الصين الاستراتيجية دخلت على الخط، محرضة بنغلاديش على العمل مع الصين بدلا من الهند، ومبدية استعدادها لتسهيل ودعم أي اتفاقات صينية ــ بنغلاديشية.

والحال أن هناك صراع متفاقم في جنوب آسيا للإستفراد ببنغلاديش ومصادرة قرارها السياسي، خصوصا وأن اقتصادها حقق نموا بلغت نسبته في العام 2019 نحو 8% لولا وباء كورونا الذي تسبب في هبوطها إلى النصف تقريبا في العام الجاري.

والحقيقة أنه إذا أرادت نيودلهي استرجاع بعضا مما خسرته في بنغلاديش صاحبة الإقتصاد المقدر قيمته بمبلغ 316 بليون دولار، والمحتاج إلى المزيد من الطاقة في السنوات القادمة، فعليها أن تبادر إلى تقديم استثمارات مغرية لجاراتها، كأن تلبي معظم حاجتها من الطاقة الكهربائية، وأن تسعى لإيجاد حل مرض لتقسيم مياه نهر تيستا المشترك، وأن تواجه بذكاء مخططات الصين لمصادرة قرار دكا من خلال مشروع الطريق والحزام الصيني الخبيث.

د. عبدالله المدني

أستاذ العلاقات الدولية المتخصص في الشأن الآسيوي من البحرين

تاريخ المادة: أكتوبر 2020 

الإيميل: Elmadani@batelco.com.bh

المختلُّ يقولُ أنّه العاقل/ شوقي مسلماني


 (حرسُ القديم)

العقلُ يُسمع ويُرى 

الجوهرةُ علم الهندسة 

الداءُ ليس في علومِ الحروب 

الداءُ في حرسِ القديم البالي  

في حياةٍ عاشت وماتت  

ولا تزال تمتلئ بهم وتتكاثر  

داءُ العنصريّةِ داء 

وكلّ مذاهب الجشعِ 

والقتلِ بالتجويع. 

 

(حرائق في الوجوه) 

الوجوه ذاهلة 

الحرارةُ فوقَ الأربعين 

لا قطرةَ ماء 

المشهدُ يتكرّر 

مهيضو أجنحة 

المسافةُ سنوات ضوئيّة    

شِباكُ صيّادي السمك 

في البحارِ البعيدة 

لا تزال ترفع عظاماً بشريّة 

لا نفعَ بعدُ من رفعِ تقارير  

للجهاتِ الرسميّة  

الحرائقُ في الوجوه 

من أثرِ خليطِ الملحِ والنفط  

من أثرِ نفاقِ العالم 

لا تقل أنّي أسأتُ فهمك 

لا تقل أنّك لا تكره 

أنّ القلوبَ تقسو أحياناً 

لا، لا تقل أنّك 

تطلق الرصاص  

فوق رؤوسهم 

لجماً للإكسودس  

لا 

فقط قلْ 

إنّهم لا يشبهونك. 


(رئيس الطيور)  

أيُّها النسِر 

ملقى مِنْ سمائك 

على ظلّك؟            

مطعونٌ 

في قلبِ قلبِك؟             

هذه المسافة 

وكلُّ مسافة  

جفّتْ  

وليس بعدُ 

إلاّ 

خردة ظلّك؟           

مُلقى 

يا رئيس الطيور 

في الملحِ الواسع؟          

قلْ 

إلاّ إنطفاء جناحيك 

إلاّ تشنّج قبضتيك  

وهذا الذهول 

في صفاء سماوات عينيك.  


(إبرة السخرية)     

المنفتِحُ   

عقلٌ ممسِك   

العويلُ  

رحيلٌ آخر 

وآخر  

القاسي  

لا يلينُ من ذاته  

الأصنامُ  

لا تحطّمُها المطارقُ  

مثل إبرةِ السخرية 

الفجرُ الآخَر 

يرى الفجرَ الآخَر 

والراهنُ 

يحتاجُ إلى شرح 

مثلما يُدرِكُ الطبيبُ الجرّاح. 


(لحظة 1) 

الدرسُ 

لا ينتهي  

وكم سنحتاج للحظّ  

الحظّ السيىء  

ثلثاهُ الإهمال   

والمختلُّ  

يقولُ أنّه العاقل. 

    

(لحظة 2)  

الإصابةُ  

هي من كلّ جهة 

قطارُ الإنتظار 

لا أوّل له ولا آخِر  

الغدُ 

يعبرُ بمقدارِ العقلِ   

وعيونٌ كثيراً 

تغادر.  

     

(الحكاية) 

أقولُ فأصمت  

وأصمت فأقول  

صمتٌ  

في كلام 

وكلامٌ  

في صمت 

ذاته قبل العاصفة 

ذاته بعد العاصفة  

السمُّ يتقيّأ خدودَه 

والسقوطُ أعلى 

مِنْ برجِ الهاوية. 


(زهرةُ الطريق)  

أنتَ حيّ   

سترفض أن تعيشَ في الموت  

أنتَ ميْت  

قلْ لِمَن زهرة الطريق؟. 


من قتل مدرّس التاريخ؟/ فراس حج محمد



كتبت مجموعة من المقالات عام 2015، عندما بلغ السعار الإعلامي أوجه في مناصرة صحيفة "شارلي أبدو" الفرنسية، الصحيفة سيئة السمعة، وقد شارك في هذا السعار الإعلامي كتاب ومثقفون عرب، كانوا قد عبروا عن وقوفهم مع صحيفة شارلي أبدو بعد الهجوم على مقرها وقتل 17 موظفا من موظفيها. وبيّنت في تلك المقالات موقفي مما جرى ويجري بخصوص الإرهاب والعلمانية والمثقفين المزيفين وأشياء أخرى. ومن أراد الاطلاع على تلك المقالات فلن يجد كبير عناء في البحث عنها، فهي منشورة في مواقع إلكترونية متعددة.

تعود المسألة اليوم في 2020 بالسياق نفسه مع اختلاف طفيف في المضمون، والواقفون مع مدرّس التاريخ، هم أنفسهم من وقفوا مع شارلي أبدو، مثقفون، وإعلاميون عرب يشيطنون المسلمين الرافضين لعنجهية فرنسا وإرهابها العلماني الذي بلغ حد السفاهة والبلاهة والوقاحة، في أن يعلن ماكرون أن صموئيل باتي قتل "لأنّه كان يجسّد الجمهورية"، مؤكداً أنّ بلاده لن تتخلى "عن رسوم الكاريكاتور". ماكرون نفسه هو الذي قال قبل هذا الحادث بقليل إن الإسلام يمر بأزمة، وهو الذي لم يرضَ عن إسلام "صوفي بترونين" التي كانت محتجزة عند الجماعات المسلحة في مالي. ماكرون هو نفسه يخالف ما يدعيه من احترام الرأي وحرية التعبير، وقيم الجمهورية الفرنسية، وما إلى ذلك، إلا إذا كان فهمه لهذا كله هو ومن معه مخالف لآراء الفلاسفة والمفكرين.

ما زلت أرى شخصيا أن فرنسا وبريطانيا وإسبانيا وإيطاليا وأمريكا العظمى والصين والهند والفلبين كل هذه الدول لها مأزقها الفكري مع الإسلام وليس مع "الإرهاب الإسلامي"، أو "الإسلام السياسي" لذلك فإنها نفذت وتنفذ في كل وقت حروبها الصامتة والضاجة ضدنا كأمة ولنظل تحت حمايتهم، أمة مسلوبة الإرادة تحكم بمجموعة من الممثلين الأغبياء، عبيد الجنس والمال، يطلق عليهم عندنا ملوكا ورؤساء جمهوريات، وهم كما قال الشاعر: 

ألقاب مملكة في غير موضعها   

                       كالهر يحكي انتفاخاً صولة الأسدِ

هؤلاء الهررة يعاونهم كتّاب وإعلاميون، وأجهزة أمنية عفنة، تسهر على ما يزعج أمن المواطن، ويقلقل راحته، ويسلبه مستقبله، ولذلك تراهم في الإعلام الموالي لفرنسا مثلا يتبجحون بأنهم "الصوت العقلاني والسد المنيع". فقد تحدث بتاريخ (21/10/2020) على سبيل المثال الكاتب الجزائري المحاضر في جامعة السوربون الروائي واسيني الأعرج لقناة "فرنسا 24" عن موقفه تجاه ما حدث لمدرّس التاريخ، وأنه سيشارك في حفلة التأبين أو التكريم، ما دفعني إلى التعليق على هذه المقابلة بالقول:

"ليس الأمر بهذه السهولة وبهذا التبسيط المخلّ تاريخيا، لم يصل المسلمون إلى هذا الوضع لأنهم عشاق دم وإرهاب وإنما هناك من يدفعهم ليكونوا كذلك، سلسلة الاستفزازات اليومية الإعلامية والسياسية لا تريد من المسلم إلا بالع شتائم وإهانات وإنسان مشارك بشتم الحضارة الإسلامية وإلصاق كل الموبقات فيها كما يفعل مثقف كأدونيس مثلاً.

في الوقت الذي يتفهم مثقفون غربيون فرنسيون ظاهرة رد الفعل الإسلامي على التصرفات الفرنسية وهي أكثر بلد قتل من المسلمين بوحشية متناهية ضمن سياق استعماري طويل وغير رحيم. هؤلاء المثقفون أكثر تفهما من ظاهرة المثقف العربي الذي يعيش في الغرب ويطلب ود السلطة السياسية ويتبنى خطابها مع بعض التجميل اللفظي الذي لا يخفى كما يفعل الدكتور واسيني هنا. ومعه آخرون يفعلون الفعل نفسه. عموما هذه ظاهرة وليست صوتا خاصا بالأعرج". 

هذا الرد لم يعجب واسيني الأعرج، فحذفني وحذف التعليق وتعليقه، ولم يتسنَ لي نسخه كما فعلت في التعليق الأول الذي بادرت بجعله منشورا مستقلا على الفيسبوك. لا بأس فهو يعي ويدرك تماما ماذا يفعل؛ فهو يمارس حرية التعبير على أصولها الفرنسية. ولكن يا ترى من "قتل مدرس التاريخ"؟ هل هو الشيشاني عبد الله انزوروف ابن الثمانية عشر ربيعا أم ماكرون نفسه صاحب العنجهية الاستعمارية البالغة السوء أم صحيفة شارلي أبدو نفسها؟ على واسيني الأعرج وأصحابه من المثقفين الإجابة على هذا السؤال.

أخيرا، عليّ الاعتذار من الشاعر نزار قباني؛ إذ استعرت عنوان قصيدته "من قتل مدرّس التاريخ" ليكون عنواناً لمقالتي هذه.

تشرين الأول 2020


هل يوقف السودان الزحف التطبيعي العربي؟/ راسم عبيدات



 ما يميز السودان عن الإمارات والبحرين اللتان وقعتا اتفاقيتين تطبيعيتين مع دولة الإحتلال ،أن السودان دولة لديها ارث وتراث حزبي ومجتمعي ومؤسساتي وقوى نقابية...لديها وزن شعبي وجماهيري وحضور في الشارع السوداني،والسودان من الدول التي وقف شعبها دوما الى جانب شعب فلسطين ونظر الى قضيتها على انها قضية العرب الأولى،والسودان هو الذي احتضن القمة العربية في أغسطس1967،بعد هزيمة حزيران/1967،قمة اللاءات الثلاثة،لا صلح ولا مفاوضات ولا إعتراف،وفيها قال الزعيم الخالد عبد الناصر مقولته المشهورة " ما اخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة".


 والتطبيع مع دولة الإحتلال الصهيوني الذي مهد له رئيس المجلس العسكري الإنتقالي السوداني عبد الفتاح البرهان،تحت ضغوط إماراتية وسعودية،بلقاء مع رئيس وزراء الإحتلال في مدينة عنتيبة الأوغندية في 5/2/2020 ،والذي قال فيه البرهان بأنه لم يصاب بالرهبة عند مصافحة  نتنياهو.


  دولاب التطبيع لم يدر،حيث قوى وأحزاب سودانية ومؤسسات نقابية،قالت بأن مؤسسات الحكم الإنتقالية لا تعطي الحق للمجلس العسكري الإنتقالي في اتخاذ قرارات في القضايا الخلافية،ومنها التطبيع مع دولة الإحتلال .


 من بعد لقاء البرهان نتنياهو ودوران عجلة التطبيع العلني على الجبهتين الإماراتية والبحرانية وتوقيع اتفاقيات ومعاهدات عدم إعتداء وعلاقات دبلوماسية،تصاعدت الضغوط على المجلس العسكري السوداني من قبل حلف التطبيع العربي ومن قبل أمريكا واسرائيل،من اجل توقيع معاهدة تطبيع سودانية – اسرائيلية،والهدف من هذه العملية،ليس فقط تقديم خدمة لترامب في الإنتخابات الرئاسية الأمريكية القادمة التي لم يتبق عليها سوى أسبوع،أو تقديم خدمة لنتنياهو،لكي يخدم مصالحه الشخصية والإنتخابية،فما يجري أبعد من عملية سياسية،فالمطلوب إقامة تحالف امني – عسكري اسرائيلي  مع عربان التطبيع ضد ايران ومحورها في المنطقة. رئيس وزراء السودان  عبد الله حمدوك حاول أن يربط التوقيع على اتفاقية التطبيع ومعاهدة إنهاء ما يسمى بحالة الحرب بربط ذلك بمصادقة البرلمان السوداني عليها،ولكن حجم  الضغوط الممارسة على السودان من قبل حلف التطبيع العربي وأمريكا واسرائيل، كبيرة جداً ودفعت المجلس العسكري للموافقة على إتفاقية التطبيع،تحت حجج وذرائع الأوضاع الصعبة المعيشية والإقتصادية التي يعيشها السودان الذي يبلغ حجم دينه الخارجي 60 مليار دولار،ونسبة تضخم بلغت الشهر الماضي 167%،ولكن توقيع اتفاقية التطبيع،مقابل فتات مالي 81 مليون دولار تقدمها امريكا كمساعدات للسودان،ودفع السعودية تعويضات بقيمة 335 مليون دولار عن السودان كتعويض للعائلات الأمريكية  نتيجة الهجمات على سفارتيها في كينيا وتنزانيا،لا يبرر الإرتماء في احضان دولة الإحتلال والسقوط الأخلاقي والسياسي والإستراتيجي للمجلس العسكري وخيانة مصالح السودان وشعبه القومية،فإسرائيل هي المستفيد الأول من التطبيع مع السودان لجهة إستثمار أراضيه الزراعية وثروته الحيوانية والإستفادة من اجواء السودان في قضية السياحة،استخدام أجواء السودان لإختصار الجهد والوقت وتوفير المال في الطيران الى اثيوبيا وجنوب افريقيا وأمريكا اللاتينية ،والشيء الأهم لإسرائيل موقع السودان على شواطىء البحر الأحمر، وبما يمكنها من التحكم في حركة الرجال والسلاح والتجارات من الشمال الى الجنوب،وهذا مهم لها في ضبط تهريب السلاح الى قطاع غزة عبر خط السودان - مصر – قطاع غزة،وكذلك يمكن ذلك من عقد اتفاقيات أمنية،والقيام بعمليات أمنية مشتركة،ومنع دول  معادية مثل ايران وتركيا من إقامة قواعد بحرية لها.


الجناح العسكري في المجلس الإنتقالي المرتبط بالسعودية والإمارات، الذي فرض التطبيع على السودان،دون موافقة الكثير من المكونات الأخرى قوى واحزاب ونقابات،دفع بالعديد من القوى والأحزاب للقيام بمظاهرات واحتجاجات شعبية،بل هدد الصادق المهدي زعيم حزب " الأمة" بسحب تأييده للمجلس العسكري الإنتقالي، ويبدو بأن هذا الإتفاق التطبيعي سيشكل حجر الرحى في تشكيل جبهة واسعة من القوى والأحزاب والنقابات السودانية الرافضة للتطبيع،والتي ترى بأن هذا التطبيع ليس له علاقة بالسلام،ولا في تحقيق مصالح الشعب السوداني ولا المصالح الوطنية للسودان،بل هو خضوع واستسلام مقابل فتات يعطى لعسكر من اجل استمرار سيطرته على الحكم وقمع الشعب السوداني،الجبهة المتشكلة من القوى والأحزاب والنقابات السودانية حزب الأمة وقوى اعلان الحرية والتغيير والحزب الشيوعي والنقابات وفي مقدمتها نقابة المحامين ...تقول بشكل واضح بان المجلس العسكري الإنتقالي لا يملك أي صلاحية في التقرير بشأن القضايا الخلافية،تطبيع علاقات مع الإحتلال الصهيوني,,,,ولذلك من الهام جداً العمل على مستوى عربي،لكي تتشكل جبهة واسعة من القوى والأحزاب والنقابات،تأخذ على عاتقها قبر التطبيع مع الإحتلال الصهيوني،وإعادة الصراع الى أسسه والبوصلة الى إتجاهها ....ولعل المثال الحاضر في الذهن لتشبيه ما يجري في السودان وما جرى في لبنان بعد الإجتياح الإسرائيلي لبيروت عام 1982،وتشكيل حكومة عميلة في لبنان بقيادة المغدور بشير الجميل،حيث ان قوى المقاومة والقوى الوطنية والمجتمعية الحية في لبنان،قبرت اتفاق 17/ايار بعد عام واحد من توقيعه ...وهنا يستحضرني ما كتبه الروائي والأديب غسان كنفاني الذي اغتاله الموساد الصهيوني قبل 48 عاماً (ما هي معركة فلسطين بالنسبة للعرب في الروايات الصهيونية؟ انها بلا تردد ترف لا ضرورة له).


نعم ترف لا ضرورة له وتعبير عن فهم عميق لطبيعة النظام الرسمي العربي ....نظام يقول الآن ويبرر استسلامه بأننا قدمنا الكثير لفلسطين ولم نستفد شيئاً....هو تبرير للإستسلام،فالتطبيع ما منحه لمصر والأردن والسلطة الفلسطينية سيمنحه للمطبيعين العرب،المزيد من الذل والهوان ونهب خيرات وثروات شعوبهم وافقارها وتجويعها..والتحكم في أمنهم وسيادتهم والسيطرة على أرضهم وموانئهم وشواطئهم وممراتهم المائية.


فهل سيكون السودان حجر الرحى في تشكيل جبهة عربية واسعة توقف الزحف التطبيعي نحو العواصم العربية..؟؟؟هذا ما ستجيب عليه قادم الأيام،وهو يتوقف على القوى والأحزاب والنقابات والقوى الحية في العالم العربي،فهل هناك من يبادر ويعلق الجرس..؟؟

مِزمارٌ في قصب الحبِّ/ د. عدنان الظاهر

  


1 ـ نَزلةُ بردِ المزمارِ الصدري

قَصَبٌ يتنفسُّ إصرارا

ينحو منحى مَنْ سفَّ وأجرى الريحَا عَكْسا

ودعا صوتَ البوقِ المحروقِ

أوقدَ في الكوّةِ قنديلا

الشُفرةُ في السفرةِ بحرٌ مشنوقُ

2 ـ لمْ أقرأْ أو أشرحْ أمراً في صدرِ

أو أفتحْ للصبوةِ في راحِ الريحِ شِراعا

أنَّ الضاربَ في الحائطِ مِسمارُ

أسقَطَهُ جارٌ جبّارُ

والتائقُ معشوقٌ معروقُ 

سدَّ العرشَ طريقا

يعصرُ من حُبٍّ خمرا

يلفظُ من جوفٍ جَمْرا

حُبُّكِ تفسيرُ الرؤيا شَكْلا

أنَّ النجمَ هوى ... يهوي

3 ـ هبّتْ تلقائي

شقّتْ في نارٍ طوقا

يصلاها التائقُ والفاقدُ في عقلٍ نُطْقا

قصّرَ لم يعبرْ شرطَ الشوطِ

هل كانتْ طفّتْ عِرْقاً مُزرقّا

أحيتْ مَنْ تاقَ ورنّقَ شوقا

قلّمَ أظفارَ الأسفارِ نشاطا

جعلَ الحِليةَ في جيدي وِزْرا

ألاّ أبحثَ غرباً شرْقا

عمّنْ باعوني بَخْسا

للثُقبِ الأسودِ والضبّةِ والنملِ

يا للعاشقِ صمْتاً مشنوقا

يبحثُ في مرآةِ الرؤيا عن نورٍ في حبلِ.


الخالدون المائة/ عبدالقادر رالة



    الخالدون المائة في تاريخ الإنسانية كتاب ممتع  وجميل لمؤلفه الأمريكي مايكل هارت ، اختار فيه أهم الشخصيات المؤثرة في العالم منذ القدم ...

   وجعل الرسول محمد صلى الله عليه وسلم الأول في الترتيب ...

 ومن الأنبياء اختار  ثلاثة وهم سيدنا محمد والسيد المسيح والنبي موسى عليهم أفضل الصلاة والسلام ، وهم أنبياء الديانات السماوية الكبرى الإسلام ، المسيحية واليهودية ...

   أما الخلفاء فقد ّذكر خليفة واحد وهو عمر بن الخطاب رضي الله عنه إذ كان له دور كبير وحاسم في الفتوحات الإسلامية في الشام والعراق ومصر وبلاد فارس...

    أما الملوك فكان عددهم عشرة ...

    والفاتحين ذكر ثلاثة وهم جنكيزخان المغولي ، الإسكندر المقدوني ووليام الفاتح ...

    بينما نوه بستة من أكبر القادة العسكريين...

    أما رجال الدّين مؤسسو الديانات (الأرضية) الكبرى فعدد منهم ثمانية بوذا ، كونفوشيوس مؤسس الكنوفوشيوسية في الصين ، والقديس بولس الذّي يعتبر تاريخيا المؤسس الحقيقي للمسيحية ، والحكيم الصيني لاو تسو مؤسس الطاوية ، مارتن لوثر كينغ مؤسس المذهب البروتستانتي ، ماني مؤسس المانوية و زرادشت مؤسس الزرادشتية وهم ديانتان وُجدتا في إيران قبل الفتح الإسلامي ولا يزال لهما بعض الأتباع القليلين اليوم ! وماهافيرا مؤسس الديانة الجينية في الهند ... 

    وفيما يخص النساء فلم يذكر إلا اثنتين ؛ إيزابيلا الأولى التي  طردت العرب من الأندلس ومولت حملة كولومبس الى العالم الجديد ، والملكة إليزابيث الثانية التي عرفت انجلترا في فترة حكمها نهضة اقتصادية وفكرية كبرى  إذ صارت بريطانيا أيضا أكبر قوة بحرية في أوروبا والعالم ...

  أما ألأدباء فكانا الاثنين شكسبير وهوميروس ...

   وكذلك الموسيقيين اثنين يوهانس باخ وبيتهوفن...

   والحال مثله بالنسبة للفنانين ، مايكل أنجلو وبيكاسو .. 

   أما الرؤساء فذكر سبعة منهم ...

   الفلاسفة ذكر احد عشر فيلسوفا ومفكرا ً...

   المكتشفين ذكر اثنين كولومبس وفاسكو دي غاما الذّي أبحر من الهند الى أوروبا عن طريق جنوب إفريقيا ...  

   الباباوات ذكر البابا أوربان الثاني  الّذي أعلن الحروب الصليبية لتحير القدس من العرب !...

   رجال اللاهوت ذكر القديس أو غسطين الذّي عاش في شمال إفريقيا وكان لكتاباته وتأملاته تأثير مميز وخاص في المسيحية ...

   وكما يقولون كان نصيب الأسد للعلماء والمخترعين ؛ تسعة وثلاثون عالما كلهم من الغرب ؛ أوروبا وأمريكا إلا واحد من الصين تساي لون مخترع الورق ، وربما ذلك يعود لأن مؤلف الكتاب فلكي وعالم رياضيات ، غير أن الغير مفهوم هو أن التأثير النسوي اقتصر على امرأتين فقط ، وأن لا يكون ولا شخصية  واحدة مؤثرة واحدة من اليابان ؟

   لكن في المقدمة يقول المؤلف أن له مقاييسه وشروطه التي يجب أن تتوفر في الشخصيات لكي تكون من  ضمن المائة الخالدين ...


صائب، مفارقات غريبة ومسيرة طويلة/ جواد بولس



ما زال أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، صائب عريقات، يرقد في مستشفى "هداسا" الاسرائيلي بوضع صحي حرج لكنه مستقر، وذلك حسب ما أفادت عائلته مؤخرًا .


وقد أصيب الدكتور صائب عريقات بفيروس كورونا وبقي تحت المراقبة الطبية المحلية في بيته، الكائن في مدينة أريحا، الى أن تدهورت حالته الصحية بشكل مقلق مما استوجب نقله الى مركز طبي فيه ما يلزم من طواقم مؤهلة، ومعدّات ملائمة لتأمين الرعاية الطبية المثلى لمن خضع مثله قبل ثلاثة أعوام لعملية زرع رئتين في أحد مستشفيات أمريكا.


لم تمر هذه الحادثة من دون أن يتناولها بعض الفلسطينيين بانتقاداتهم الشديدة أو بالتهكم أحيانًا أو بالتشفي أو بالتعبير عن رفضهم لاختيار عائلة عريقات نقل مريضهم الى مستشفى اسرائيلي، فلقد كان أولى بهم، حسب أولئك المعقبين، أبقاءه تحت اشراف أطباء فلسطينيين أو نقله الى احدى الدول العربية، مثل ألاردن.


قليل من الحب يسعد قلبك يا انسان


في بداية تسعينيات القرن المنصرم اصيب والدي، وهو في منتصف خمسينه، بسرطان الكبد. كنا نحبه كثيرًا، كأب وكمعلم لنا في المدرسة وكصديق صدوق عندما كبرنا. خفنا أن نفقده وهو ما زال في قمة تألقه وعطائه، فحاولنا أن نجترح المعجزات لننقذه، وتعلقنا بكل تميمة ودعاء، وسعينا وراء كل بارقة أمل وفرصة للنجاة.


بعد جهود واستئناس برأي الخبراء الذين يعملون مع أخينا الطبيب، فهمنا ان أهم قسم لعلاج هذا النوع من السرطان موجود في مستشفى مدينة هانوفر الالمانية؛ تواصل أخونا منذر مع زميله الطبيب الجراح المتخصص هناك واتفقا على نقل والدنا ليجري العملية عندهم. لن أحدثكم عما عانيناه قبل اتخاذ القرار ولا كيف تخطينا جميع العثرات؛ فلقد قررنا أن نبذل كل ما نستطيع لتأمين الفرصة، مهما كانت ضئيلة، من اجل انقاذ "بطلنا". كانت عمليته معقدة، لكنها تمت بنجاح؛ فاستؤصل الورم وعدنا لنحيا في ظله بضعة أعوام قليلة قبل أن ينتصر عليه المرض مجددًا ويرحل عنا بسلام. 


قليل من الوفاء يحمي ضميرك يا انسان           


لقد تعرفت الى صائب عريقات في مطلع ثمانينيات القرن المنصرم، وكان يعمل محاضرًا للعلوم السياسية في جامعة النجاح، في مدينة نابلس، ويكتب كلمة تحرير جريدة القدس، التي ما زالت تملكها اليوم عائلة صاحبها الراحل الصحفي العريق  محمود أبو الزلف.


كان الاحتلال يرصد جميع ما ينشر باقلام فلسطينية، خاصة اذا كانت مقالات تخاطب عقول النخب الليبرالية في الجامعات الغربية وفي سائر المحافل والمعاهد الدولية، لا سيما اذا كان يعتمد كتابها على السردية الفلسطينية الناضجة واللغة العلمية الحازمة وتلك التي كانت توثق جرائم الاحتلال وممارساته اليومية بطريقة مهنية .


طلب صائب أن يقابلني ذات مساء، وأوضح أنه يريد مني استشارة قانونية؛  واقترح ان نلتقي في مكاتب جريدة القدس في شارع علي ابن ابي طالب قبل انتقالها الى مقرها الجديد بجانب مطار القدس في منطقة قلنديا. دخلت غرفة أبي مروان، محمود ابو الزلف، حيث كان يستقبل فيها بالامسيات الاصدقاء وبعض أعلام القدس، في جلسات كانت تتناثر فيها الطرائف والنوادر الممتعة، وكان عبق التجارب يتطاير من جنباتها؛ وكنا، أنا وصائب حينها، أصغر الحضور سنًا.


لم انتظر طويلًا لافهم سبب استدعائي، فلقد كان  موضوع حديث لمة ذلك المساء هو لائحة اتهام قدمتها نيابة الاحتلال الاسرائيلي ضد صائب عريقات لدى المحكمة العسكرية في نابلس بتهمة التحريض والاخلال بالنظام العام.


 كانت محكمة نابلس العسكرية واحدة من عدة محاكم نشرها الاحتلال في عدة مدن فلسطينية محتلة ؛ وكانت تعمل من داخل مبنى قديم أقامه البريطانيون واستغله جيش الاحتلال كمقر حكمهم على تلك المنطقة وكسجن وكمحكمة عسكرية. قرأ القاضي التهمة، فأنكرتُها باسم صائب محاولا أن اشرح ان المقال الذي يعتبرونه تحريضًا هو محض موقف سياسي لأكاديمي، يندرج ضمن حرية التعبير عن الرأي، وعليه يجب اغلاق الملف بحق موكلي.


كانت سياسة ترهيب المثقفين في أواسط الثمانينيات في أوجها، وذلك كجزء من مخطط شامل للاحتلال استهدف وجود الحركة الوطنية بشكل عام وبناء بدائل محلية لها.


دخلنا المحكمة ونحن على قناعة أن نجاحنا في المعركة القانونية سيكون شبه مستحيل؛ فدور المحاكم العسكرية كان قد أعد منذ البدايات ليضفي على ممارسات الاحتلال شرعية كاذبة، وليسوّغ، بوسائل "قانونية" شبه عسكرية، سياسات الاحتلال وقمعه ضد جميع الفلسطينيين. 


وكما توقعنا حصل؛ فقد قبل القاضي، بعد سماع الادعاءات ومرافعات الطرفين، طلب ممثل النيابة العسكرية، فأدان صائب بتهمة التحريض وانتقلنا الى مرحلة تحديد العقوبة التي لم تشغل بالنا في البداية لان معظم الادانات المشابهة بقضايا التحريض كانت تنتهي بالحكم بعقوبة السجن لبضعة شهور معدودة مع وقف التنفيذ على المدان، وبفرض غرامة مالية خفيفة عليه !


إلا أن المدعي طلب بشكل مفاجيء تعليق الجلسة لمدة نصف ساعة، وذلك كي يجري اتصالًا ضروريًا، حسب ما أدلى به لمحضر الجلسة.


استؤنفت المداولات بعدها؛ فوقف المدعي وألقى خطبة قصيرة أكد فيها على سياسة العقوبات المعروفة في مثل هذه القضايا، لكنه اضاف انهم قرروا في هذه القضية أن يحيدوا عن تلك السياسة ويطالبوا المحكمة بالقاء عقوبة السجن الفعلي لمدة ستة أشهر بسبب مكانة المتهم وعمله كمحاضر.


لم أصبر حتى نهاية مداخلته، فقاطعته بغضب واضح وحاولت ان اطلب من القاضي تأجيل الجلسة لموعد آخر، وذلك كي نعد مرافعتنا الدفاعية ونفند ما تحاول النيابة ادعاءه؛ فلم يعطني القاضي فرصة للكلام، وكان يسكتني بعناد مقزز وبطريقة مستفزة، وأنا، من جانبي، اصر على تسجيل طلبي في المحضر. صارت أجواء القاعة مشحونة فنظرت صوب صائب الذي بدت على وجهه علامات الدهشة وعدم استيعاب ما يجري حوله. وفجأة أعلن القاضي انني متهم بتحقير المحكمة وقام بنفس الثانية بأدانتي وبفرض غرامة مقدارها ألف وخمسمائة شاقل على ان ادفعها  فورًا . أجبته، دون انتظار، انني أرفض قراره ولن ادفع الغرامة بالمطلق. تدخل المدعي العسكري وطلب تأجيل الجلسة بعد أن شعر ان الامور قد تخطت ما تصوره.


مفارقة دائرية


في أحد الفحوصات الدورية التي اجريت في منتصف العام 2000 لرئيس دولة اسرائيل عيزر فايتسمان في مستشفى رامبام الحيفاوي، تبين انه بحاجة لتركيب جهاز حديث ومعقد يقوم بتنظيم عمل قلبه، وذلك عن طريق اجراء عملية جراحية حساسة ومستعجلة. أُخبر فايتسمان ان من يستطيع اجراء هذه العملية في المستشفى هو طبيب عربي متخصص في هذا المجال؛ لكنه منح، في نفس الوقت، امكانية اختيار طبيب بديل من خارج البلاد لو رغب.


"أحضروا الطبيب العربي"؛ قال فايتسمان لطاقم مستشاريه، ففي هذه الأمور يجب أن يعود الانسان إلى أصله الاول ويتصرف بارادة نقية خالية من كل شائبة زيدت عليها خلال مسيرة حياته طويلة كانت ام قصيرة.


كان ذلك الطبيب هو اخي منذر، الذي اختار مع زملائه من نفس المستشفى، مدينة هانوفر الالمانية كملجأ لنجاة والدنا. نجحت عملية فايتسمان؛ فكتبت الصحف ان طبيبًا عربيًا انقذ قلب رئيس الدولة؛ وذلك في مفارقة قد اغلقت دائرة عبثية وابقت للتاريخ مشهدًا انسانيًا خاليًا من اي زوائد او شوائب.


مفارقة قدرية، الحياة حظ


اعلن قبل عشرة ايام عن وفاة نائب رئيس جهاز المخابرات العامة السابق يتسحاك ايلان عن عمر ناهز الأربعة والستين عامًا، وذلك بعد اصابته بفايروس كورونا. هاجر يتسحاك ايلان الى اسرائيل من جورجيا وتجند في العام 1982 لجهاز "الشابك" وتقدم في صفوفه حتى شغل في منتصف الثمانينات منصبًا رفيعًا ومسؤولًا في منطقة "يهودا والسامرة"؛ وهي ذات الفترة التي اتهم وادين فيها صائب عريقات بالتحريض والاخلال بالنظام العام.


خضع ايلان قبل عام لعملية زراعة رئة، ونقل بعد اصابته بالفايروس الى مستشفى بيلينسون، حيث فشل الاطباء بانقاذ حياته.


اعتاد صائب ان يروي تفاصيل ما جرى معنا في محكمته كشهادة على عبثية القضاء العسكري وكان يعيد الحكاية مرارًا وتكرارا من باب الدعابة والشهادة على تاريخ علاقتنا الشخصية ؛ خاصة بعد ان ترك عالم الاكاديميا ومضى على دروب السياسة الشائكة والمضنية؛ وهي ليست حكايتنا اليوم.


لا اعرف كم ممن تعرضوا لحالته اليوم يعرفون سيرته على حقيقتها؛ لكنني أعرف أن من حقه ان يحيا، وان انقاذه واجب حتى لو حصل بأيادي أطباء  اسرائيليين؛ وأعرف، ايضًا، أن اقحام صائب السياسي من قبل معارضيه في هذه المرحلة هو تجني، فالحياة لمن لا يعرف هي سلسلة مفارقات يهندسها الحظ ويغذيها العطاء ويثبتها الوفاء وتهدمها الشماتة ويحبطها الفشل.


في ذكرى وفاة ميّ زيادة: كم مثلك يا ميّ من تخشى أن تبوح بأسرار قلبها/ فراس حج محمد


{الكلمة التي لا تموت تختبئ في قلوبنا، وكلما حاولنا أن نلفظها تبدلت أصواتنا، كأن الهواء لم يتم استعداده لتلقي نبراتها..!}، هذا ما قلته يوما الأديبة اللبنانية المتميزة ميّ زيادة التي مرّ على وفاتها تسع وسبعون عاما (17/10/1941)، ولعلها نطقت بسر أسرارنا، وجرت الحكمة في جملة تنتصب محاكية آمالنا في البوح، وفي رغبتنا الجامحة في أن تصل أشواقنا إلى من نحب واضحة جلية هادرة تزلزل كونا كاملا، وتنعش موجودات الطبيعة المنتظرة أن نقول ما يختبئ في قلوبنا لا نخشى العادات والتقاليد، ولا نعبأ بالتقوّلات الماجنة والإشاعات المغرضة، فما للناس وما لنا يا ميّ؟

لعلّ ميّ زيادة التي أضناها حب جبران خليل جبران، وأحبته روحا وفكرا ومعنى طيلة عشرين عاما ولم يلتقيا، كانت تعي بكل حرف سطرته هنا أنها تريد أن تبوح بأسرارها، فهل كانت حقا تفتقر إلى الجرأة الكافية لتقول بأعلى صوتها: إني أحبك يا جبران، يا ساكن القلب ويا رفيق الروح؟

كم مثلك يا ميّ من تخشى أن تبوح بأسرار قلبها لمن يعشقها ويحبها أيضا حبا طاهرا نقيا متجردا من أدران الماديات التي لوثت كل المعاني؟ ماذا عليك وأنت تلك القديسة الطاهرة أن تقولي أحبك حبا مثاليا لا وهْمَ فيه ولا درن، لا سوء فيه ولا استغلال ولا مصالح؟ ماذا عليك لو صارحت جبرانك المنتظر أنك تحبينه أيضا كما هو يحبك معنى وفكرا ورؤيا وموقفا إنسانيا كاملا في تجلياته وأمله وآماله، فهل عزيز عليك أن تعيشي معه ضمن فلَك من القداسة المتجددة؟

لقد أهدتنا ميّ عصارة فكرها الحي المتجذر في أعماقنا، فجبنت أرواحنا ولم نخش على ذلك الأثير الذي لم يكن مستعدا لتلقي نبراتها، لقد خشينا على أنفسنا وليس على ذلك الأثير الذي سيطرب لو بحنا بأسرار القلوب، لقد خشينا من أن نحيا في مراجل الحب الجميل العفيف، لا نرجو منه صرفا ولا عدلا إلا أن تتشبع الروح بالروح، وترتوي بخمرة النور المشع في أفكارنا، لماذا جَبُنّا يا ميّ ولم نقل ما نشعر به من حب ووله وشوق؟ لماذا نغيب ونحاول الاختباء والاستتار كلما لامسنا ذلك السر، ونرده إلى قمقمه حسيرا، نهرب من ظهوره بغيابنا، فيفضحه الغياب، ويغدو حضورا كاملا؟ فلا شيء يستر سر الروح يا سيدة الروح، أليس كذلك يا سيدتي؟ أيتها القديسة الطاهرة المجلية المنبثقة من كوة اللهب الإلهي، ليشكلك نغما فيروزيا جميلا يقول بألحانه أنك مالكة للروح والعقل والقلب، حقيقة لن تصدمك، وبوح لن يزعجك، وربما يسعدك.

ليس هناك ما هو أجمل من كلمة حب متحدة مع ذات الله، أليس الله هو الحب وهو المحبة الكاملة، أليس الله هو من خلقنا لنحب بعضنا، ولنحبه ونحن نحب الآخرين، أليس من نعمة الله على البشر أن أوجد فيهم قلوبا متحابّة فيه، يفيض حبها على كل موجودات الله، أليس الله سبحانه هو من قرر أن المحبة كلمة الله التي نعيش فيها، ومن أجلها نستحق الحياة ونستحق عبادته، فحياتنا حجر إن لم يكن فيها مكان لحب طاهر عفيف يظهر في مواقف الشدة، كما يتجلى في مواقف اللين.

لن يتبدل الصوت يا ميّ وإن اختفت كلماتنا ستظل موقفا نعيشه ونحياه، وليكن ما يكون، فالله هو محبتنا الأبدية، عليه وبه وله نلتقي، فعليك من الروح سلام الروح يا سيّدة الكلمة التي لا تموت، أيتها الـ "ميّ" العظيمة، فكلّما مرّ على هذه الأرض عاشقان لا بد من أن تكوني مثالهما الأروع، وجمالهما الأنقى.


سُلّمُ الأمنياتِ الملوّنة ( لغةُ المرايا والنصّ الفسيفسائي )/ كريم عبدالله


خذني بقوةٍ نحوَ الضياءِ البعيد أشطبُ الخيبات وأقفُ على أبوابِ اليقين أواصلُ الغناءَ حولَ ينابيعِ الحكمةِ كيفَ تتجلّى في الروحِ وأفتحُ بكارتها , أستحمُّ باشراقاتها وأعبرُ مدنَ الظلام , أنفضُ مِنْ على أجنحتي غبارَ المعاركِ والرصاص الذي زيّنَتْ صوري منذُ أنْ ترمّدَ الصباح بالفِ طعنةٍ وطعنة ! خذني الى هناكَ أسمعُ تراتيلَ النجوم وأرقصُ في بساتينِ الحكمةِ وأُدمنُ الكلماتَ المتوهّجةَ أنثرها في الطرقِ المؤديةِ الى تقاويمٍ خالدةٍ , الدروب التي خلّفتها مزارات مجهولة يلجُ فيها الخرابَ لطالما حذّرتني وبعثرتْ أوراقي عند عتباتكَ , لمْ تعرف كيفَ ينمو القرنفل في الطرقِ المؤدية اليكَ , وكيفَ يكون الأرتقاء خيرٌ منْ الفِ حكاية هرمة . خذني أُعفّرُّ الجروحَ في أرخبيلاتِ الفيروز أجلو بزرقتها غشاواتٍ تتعاطى الغياب , دعني أتخلى عنْ الألوانِ الباهتةِ وأرسمُ وجهَ النهارِ زاهياً كــ لونِ الذهب وتبعثُ الأطمئنانَ اللانهائي , فحينَ ترتجفُ قدميَ على صراطِ التطرّفِ يلهمني فزع السقوط رشاقةَ تتباهى بها قواميس الفضيلةِ الذي خبّأتها طقوسكَ , كمْ إرتميتُ على أرصفةِ الوهمِ أمارسُ رعونةَ التسكّعِ أمامَ نقاطِ التفتيشِ وأعلنُ الحربَ على ما تبقى مِنْ حقيقيةِ مزيّفةٍ ! وكمْ مارستُ التسلّطَ تحتَ مساقطِ كينونةِ انواركَ أخوضُ في بحيرةِ المستحيل ولا أجيد مهنةَ الأبحار وتصفيرِ الخساراتِ ! وكمْ أجّلتِ الأقدار توهّمي بالأرتقاءِ مِنْ دونِ طراوةِ عطر مواعيدكَ وأنا أُزوّرُ التواقيعَ كي أدخل مملكةِ الحضور ! . هاهي الشمسُ تفتحُ شبابيكها مرةً أخرى وأنتَ تمسكُ بيدي وتخلّصني مِنْ وعثاءِ السفر تملأُ محبرتي برذاذِ أنهارها المتوهّجة , سأعري دفاتري القديمةِ إذاً وأعلّقها على نخبِ الضوءِ اللامتناهي على حدودِ سواحلكَ محرّراً إيّاها مِنْ إرثٍ قديمٍ وأعيدُ قراءتها حتى لا يساورني الشكَّ , وسأتلو صلواتي وشموع الأمنياتِ تتبهرجُ وتتلو ما تيسّرَ لها مِنْ أنشودةٍ حبلى قربَ خارطةِ طريقٍ ترسمها أنتَ .


الإرهاصات الأولى للأغنية السياسية الكردية / شاكر فريد حسن



ازدهرت الأغنية السياسية الكردية مع تصاعد وتنامي النضال والكفاح القومي للشعب الكردي اوائل القرن  العشرين الماضي، والذي تجسد بقيام الثورات والانتفاضات المسلحة في العراق وتركيا وإيران احتجاجًا على سياسة الاضطهاد القومي التي انتهجتها ومارستها الحكومات الرجعية المعادية للحقوق القومية العادلة للأكراد. 


وفي الحقيقة أن النشأة الأولى للأغنية السياسية الكردية تعود إلى عهد أسبق، فمع تسخير الفلاحين والكادحين من قبل الاقطاعيين وملاك القرى ولدت أغنية ذات سمات شعبية واضحة يمكن اعتبارها التأسيس لانطلاقة الأغنية السياسية في المجتمع الكردي. 


وهذه الأغنية من حيث الشكل والبناء الموسيقي ذات ايقاعات بسيطة، وضعت لتناسب الذوق الشعبي والنشاطات التي يقوم بها الفلاحون في الحقول، ومن حيث المضامين تتسم الأغاني الشعبية الكردية المبكرة بأنها صورت معاناة الفلاح الكردي في ظل واقع القهر والاستغلال والظلم، ونزوعه إلى التحرر من الجور الطبقي والاضطهاد القومي. 


ولكن هذه الأغاني غير مدونة، لذلك فهي تختلف في شيوعها عن الأغاني السياسية المدونة التي يجمعها أكثر من وشيجة، وفي مقدمتها المضامين الديمقراطية والروح التقدمية النضالية. 


ومما يروى عن الارهاصات الأولى للأغنية السياسية الكردية أن الفنانة فرحة (أم جمال ) هي أول امرأة كردية أنشدت الأغاني السياسية تمجيدًا للشيخ محمود الحفيد والشيخ سعيد بيران أحد قادة الثورة الكردية في كردستان تركيا العام 1928. وقد تم اتلاف هذه الأغاني السياسية العاطفية التي غنتها وكانت تبث في الإذاعة الكردية، من قبل زوجها الذي اشترط عليها قبل الاقتران بها الامتناع والكف عن الغناء والإنشاد. ومن أبرز أغانيها التي شاعت وانتشرت أغنية " المترنحة". 


وتأثرت الأغنية السياسية الكردية في تلك الفترة بالأحداث الجارية وتجاوبت معها، وترددت على ألسنة الكرد بعد الانتفاضات التي اندلعت في منطقة ديرسم وغيرها من المناطق.  


وللأكراد في سوريا دور بارز في إحياء التراث السياسي للأغنية الكردية قديمًا وحديثًا وفي تطوير أشكالها ومحتواها ومضامينها. 


وبعد الأربعينات حدثت نقلة نوعية في مضامين الأغنية السياسية الكردية، وغدت أكثر وضوحًا وواقعية، بل أكثر تقدمية، وأصبح فيها أسلوب النضال والكفاح الصائب، وصارت الجماهير صاحبة الكلمة الأولى، وتم تجاوز الندب والتفجع، وإثارة أحاسيس الناس بالكلمات الفخمة الطنانة، وبدلًا عن الأسى والنوح والبكاء على ما حدث من مآسٍ واهوال، طغى التفاؤل المفعم بالثقة بالنصر.  


وباختصار يمكننا الاستنتاج أن مضامين الأغنية السياسية الكردية في تلك الحقبة أصبحت أقرب للواقعية، وأكثر وعيًا لمتطلبات الثورة.