أستراليا: التوبيخ التاريخي/ عباس علي مراد

 


التاريخ 30/11/2022 كان يوم غيرعادي في تاريخ البرلمان الأسترالي، لانها المرة الأولى في تاريخ أستراليا الحديث بعد الاستيطان الأبيض يتبنى البرلمان قراراً بيتوبيخ رئيس وزراء سابق وان كان القرار رمزيأ وليس له أية مفاعيل قانونية، علماً ان هناك سوابق فقد تم توبيخ كل من بول كيتنغ (عمال) وجان هاورد (أحرار) ولكن أثناء ممارسة دورهما في رئاسة الوزراء.

لماذا التوبيخ؟

رئيس الوزراء السابق سكوت موريسن (أحرار) وأثناء جائحة كورونا كان قد عين نفسه سراً وزيراً رديفاً في 5 وزارت ودون علم زملائه او الشعب الأسترالي بحجة حماية البلاد خلال الازمة في حال مرض أي من الوزراء مع العلم ان الأمر لا يحتاج لأكثر من دقيقة لإداء القسم امام الحاكم العام في حالة الطورائ . 

حكومة العمال برئاسة انطوني البانيزي التي جاءت الى الحكم في انتخابات أيار الماضي على انقاض حكومة موريسن لا تزال ماضية في إستغلال رأس مالها السياسي والانتخابي لا بل تعزيزه من خلال إقرار المشاريع التي وعدت الناخبين بها أثناء الحملة الانتخابية، والتي كان آخرها إقرار قوانين العلاقات الصناعية الجديدة بعد عقد صفقة مع السينتور المستقل ديفيد بيكوك وتشكيل المفوضية الوطنية لمكافحة الفساد عبى المستوى الفيدرالي.

بعد أن تسربت أخبار تعيين موريسن نفسه الى الإعلام والرأي العام اعتبرت الحكومة أن تصرفات موريسن "إساءة استخدام للسلطة وتدمير لديمقراطيتنا" كما قال رئيس الوزراء أنتوني البانيزي ألذي قرر تشكيل لجنة تحقيق مستقلة بالموضوع وكلف القاضية السابقة في المحكمة العليا فيرجينيا بيل والتي أصدرت تقريرها الأسبوع الماضي ووجدت إن إجراء موريسن "غير ضروري" و "مكلف" و "غريب" وان موريسن بفعلته تلك خالف وهدد النطام المعمول به، وأن تصرفات رئيس الوزراء السابق قوضت بشكل أساسي مبادئ الحكومة المسؤولة، وقدمت للحكومة 6 توصيات لعدم تكرار الأمر في المستقبل  من خلال الكشف علنًا عن التعيينات والتفويضات للوزراء بالوكالة والاعلان عنها في الجريدة الرسمية. 

الحكومة من جهتها تبنت التوصيات جميعها وقررت التقدم بمشروع قرار في البرلمان لتوبيخ مورسن والذي قدمته في 30/11/2022 وتبناه البرلمان بأكثرية 86 صوتاً مقابل 50، وقد صوت الى جانب الحكومة كل النواب المستقلين ونواب حزب الخضر وقد صوتت النائبة بريدجت آرشر من حزب الأحرار الى جانب الحكومة مخالفة قرار الحزب التصويت ضد المشروع لانها لم تقتنع بكلام موريسن وتبريراته، وقد امتنعت النائبة ووزيرة الداخلية السابقة في حكومة موريسن والتي عين موريسن نفسه وزيراً سرياً في وزارتها  كارن أندروز عن التصويت، والجدير ذكره ان أندروز دعت موريسن للإستقالة من البرلمان بعد معرفتها بفعلة موريسن. 

موريسن وفي دفاع ناري عن تصرفاته وبنبرة التحدي أمام البرلمان أقر بأن عدم الإفصاح عن الترتيبات قد تسبب في إساءات غير مقصودة وقدم اعتذاراً لمن تعرض للإهانة،  واضاف بأنه ذهب بعيدًا جدًا عندما استحوذ على حقيبتي الخزانة والشؤون الداخلية ، لكنه اتهم الحكومة العمالية بـ "التخويف" و "الانتقام" من خلال تقديم مشروع قرار التوبيخ ضده، وأشار موريسون إلى "أن القرارات اتخذت خلال فترة صعبة للغاية، حيث كانت هناك حاجة إلى قدر كبير من الاستعجال" وقد أيد سكوت موريسن تنفيذ توصيات لجنة بيل!

المضحك والمستغرب في كلام موريسن قوله انه لم يسأل عن الموضوع من الصحافة فلو سئل لكان أجاب عن ما قام به بكل صدق فمن أين ستعلم الصحافة وكل ما قام به موريسن كان سراً وكما يقول المثل:(عش في رجب ترى العجب).

رئيس الوزراء أنطوني ألبانيزي قال إنه كان يتوقع من موريسون الإعتذاروالاعراب عن شعوره بالندم ولكننا فوجئنا بهذه الغطرسة والتكبر والانكار.

زعيم جزب الخضر آدم باندت انتقد موريسن بشدة وقال ان موريسن حمل المسؤولية للجميع الا نفسه، وأضاف إن حزب الخضر ينوي إحالة سكوت موريسون إلى لجنة الامتيازات القوية بالبرلمان، ففي حال تم قبول هذه الإحالة من قبل البرلمان وتبنت اي قرار ضد موريسن فسيكون لها تداعيات كبيرة على موريسن وقد يمنع من دخول البرلمان.

المعارضة الفيدرالية والتي صوتت ضد مشروع قرار التوبيخ اعتبرت ان للمشروع ابعاد سياسية، رغم ان زملاء مقربين جداً  لموريسن كانوا قد قالوا كلام خطير بحق موريسن حسب ما قالت الصحافية في الهيرلد نيكي سافا والتي نشرت كتابها الجديد بعنوان سقوط موريسن وفوز البانيزي) في 1/12/2022.  Bulldozed(

النائب ووزير الهجرة السابق في حكومة موريسن اليكس هوك والمقرب جداً من رئيس الوزراء السابق والذي يعتبر يده اليمنى داخل الحزب شن هجوماً عنيفاً على موريسن وقال: ان موريسن أصبح مدمناً على السلطة التنفيذية وأضاف ان موريسن لم يكن يأخذ بنصائح أحد او السماع لأحد كما جاء في الكتاب.

يقول هوك أن موريسون عامل الناس معاملة سيئة بعد فوزه في عام 2019  ويعتقد أن "موريسون كان يجب أن يترك البرلمان مباشرة بعد خسارة الانتخابات في أيار الماضي، بدلاً من البقاء والمخاطرة بأن يصبح مادة للسخرية".


الأسبوع الماضي وفي أول تعليق علني له على ما قام به موريسن قال وزير الخزينة السابق ونائب رئيس حزب الأحرار والذي خسر مقعده النيابي جوش فريدنبرغ بأنه لا يعتقد أن هناك "أي سبب" لتولي موريسون حقيبة وزارة الخزانة وقال: "حقيقة أنه عين نفسه بالوزارة، ولم يخبرني ولم يخبر الآخرين، كانت خطأً ومخيبة للآمال بشدة لقد كان تجاوزًا مفرطًا" والجدير ذكره ان فرايدنبرغ كان رفض تحدي زعامة موريسن قبل الانتخابات.

 وكما تقول نيكي سافا ان موريسن دخل البرلمان بأصدقاء قلائل لكن يبدوأنه سييخرج بدون أي صديق وتقول انها عندما سالت الوزير السابق ستيورت روبرت إذا ما كان يعتبر موريسن صديقاً قالت أنه آجابها بالقول المأثور "إذا كنت تريد صديقاً في السياسة فاتخذ كلباً صديقا"ً


ويبقى السؤال الاساسي هل سيقدم موريسن إستقالته من البرلمان ويضع حد للضرر الذي يسببه للمعارضة وزعيمها بيتر داتون الذي يحاول ان يشق بصعوبة طريقه السياسي كزعيم للمعارضة حسب ما تظهر أستطلاعات الرأي من تدني لشعبيته؟


من خلال قراءة خطابه في البرلمان لا أعتقد انه ينوي الأستقالة، ولكن متى سيطفح كيل داتون من تصرفات موريسن ويعمل على الإطاحة به بقرار حزبي؟ لننتظر ونرى.

كَأَيِّ حَبيبة/ سماح خلفية




كَأَيِّ حَبيبةٍ تُخفي 

هَواها

هواجِسَها 

بَريقَ الْعَينِ

إنْ حقّتْ رُؤاها

تُميلُ الرّأسَ نَحوَ البابِ

 تَحنو

بِقَدٍّ ذائبٍ فيهِ شَذاها

تَشُدُّ طريقَ مَنْ رَحَلوا 

إلَيْها

وتَنثُرُ في لِقائِهِمُ

 هَواها

وإنْ خَفقَ الفُؤادُ بِلا حِسابٍ

وإنْ عاثَ اشْتِياقًا

 في جَواها

وإنْ رفّتْ على الشّفَتَيْنِ ذِكرى

لِوَجهِ البَدْرِ

 تُشرِقُ في سَماها

تبوءُ بِحُبّها

 خَجْلى

 كَوَردٍ

تَفتّقَ خدُّهُ 

لونًا دِماها

في الحروب الكروية،ننسى كأننا لم نكن/ جواد بولس



تطغى اخبار ألعاب كأس العالم لكرة القدم المقامة في إمارة قطر على سائر الاخبار المحلية والدولية؛ ونعيش، نحن الناس، كما في كل دورة مشابهة، تداعيات مشهدية غريبة تعيدنا إلى حيرة الفيلسوف  وسؤاله الأول حيال ذاك السحر المكنون في لعبة تكتنز كرتها جميع المجازات المتناقضة، وتتيح للمتابعين عوالم من التأويلات البسيطة والمركبة. ليست اللعبة ما يعنيني في هذه العجالة، بل هو النسيان الذي نسكنه بفرح عظيم ونحن في حضرتها، ونحلّق على أهدابه نحو البعيد البعيد، فنصير أبطالًا غاضبين نلهث وراء هدف لا وراء سراب وطين ، ونقاتل ببسالة أعداءنا ونسحقهم من دون أن نصير ارهابيين.


النسيان دائما نعمة إلا في فلسطين، فهو إما أمنية مستحيلة أو لعنة. هكذا فكرت صباح يوم الأربعاء الفائت عندما غادرت بيتي، الكائن في حي بيت حنينا شمالي مدينة  القدس، قاصدًا مدينة رام الله. كانت صافرات السيارات في الشارع عالية ومتواصلة وكأنها عزيف الجان. زحفت بين سيارتين ولم نتحرك. فتحت الراديو فكانت مذيعة إحدى القنوات الاسرائيلية تنقل بلهجة حربية أخبارًا عن تنفيذ عمليتين  تفجيرتين في محطتين للباصات في القدس الغربية، وتفيد كذلك عن سقوط قتلى وجرحى. 


كان طابورنا يتقدم ببطيء سلحفاة، بينما ابتلعت زرقة الافق وراءنا آخره. أجريت بضعة اتصالات مع  زملاء كنت أعلم انهم في الطريق الى اعمالهم ففهمت انهم عالقون مثلي، وأن الجيش والشرطة قد أغلقوا معظم الطرقات الرئيسية في القدس ويقومون بتفتيش جميع المركبات في الحواجز العسكرية المؤدية الى رام الله وغيرها.


لم امتلك خيارًا سوى الانتظار . كنت أطفيء الراديو من حين الى آخر كيلا اسمع تعليقات المذيعين الاسرائيليين وضيوفهم وتحريضهم على جميع الفلسطينيين؛ فكل من تحدث منهم وعندهم هدد وتوعد، وبعضهم أكدوا ان الحكومة الجديدة ستستعيد سياسة الاغتيالات الفردية، والاجتياحات العسكرية وملاحقة "المخربين" وفرض منع التجوال وسياسة الاغلاقات وغيرها من الوسائل العقابية المجربة والمستحدثة بحق المواطنين الفلسطينين.


طال وقوفنا ولم يكن أمامنا مخرج بديل. اتصل بي صديق واخبرني أنه عالق منذ الساعة السابعة والنصف صباحًا في منطقة "بسجات زئيف" القريبة من المحكمة العسكرية في "عوفر"، ثم استطرد قائلًا : "دعنا من هذا القرف ولنتكلم عن انتصار السعودية"، واضاف مازحًا انه سمع مسؤولًا سعوديًا يعلن بعد هزيمة الارجنتين ان فتح الاندلس أصبح مسألة وقت وحسب، ثم تلى عليّ مجموعة من النكات والنهفات التي تفتقت عنها قريحة الناس في اعقاب تلك اللعبة ومنها خطبة لشيخ يجزم ان اللعبة وحدت جميع مسلمي العالم وانتصار الفريق السعودي ما هو الا انتصار المؤمنين في مشارق الارض ومغارابها على جميع الكفار. قالها وحاولنا ان نستحضر مشاعر مدرب منتخب الفريق السعودي الكافر هيرفي رينار الفرنسي الجنسية والمنبت.  


لست من مدمني مشاهدة لعبة كرة القدم؛ وللحقيقة تعمدت أن أفطم من عشقي لها وتعلقي المرضي بتشجيع فريق معين، وبدأت اتبع سياسة الانحياز للفريق الذي يؤدي عرضًا أفضل. . لم يكن ذلك سهلًا، لكنني صممت على أن أتخلص من ذلك الدنف بعد أن أحسست ان مستويات التعصب داخل مجتمعاتنا العربية وصلت حدودًا خطيرة، وانقسامات نووية كان أشدها الصراع بين قبيلتي "البارشا والريال". حاولت أن أكون قدوة أمام ابنائي وأقاربي، ولكني اكتشفت أنني لم أشفَ من ذلك السحر الكروي بشكل تام ؛ فمباريات المنتخبات الدولية احتفظت بعناصر تشويقها المنيعة أمام محاولات الفطام أو الابتعاد عن مشاهدتها، لا سيما خلال مباريات كأس العالم ، وكأنها استبدال ممسرح لحرب عالمية متخيلة.  


كنت وحدي عندما شاهدت لعبة المنتخب السعودي. لم أعرف من قبل أية تفاصيل ذات قيمة عن لاعبيه أو تاريخه وانجازاتهم؛ بينما كانت الأسماء الأرجنتينية نجومًا تحيط بقمرها الواحد والوحيد ليو ميسي. هيئت نفسي لتشجيع الارجنتين من دون أن أبحث عن اسباب عقلانية أو موضوعية لذلك، فعلى ما يبدو كان شيء ما بداخلي مقتنعًا باختياري من باب الانصاف والاستحقاق. بدأت اللعبة وكانت سجالًا بين قوتين متكافئتين والسعوديون يحاربون كابطال الملاحم والمعلقات. لم انتبه متى ولماذا خلال مجريات اللعبة بدأت انحاز لصالح المنتخب السعودي ولم أجد لغاية اليوم سببًا واضحًا جعلني مع نهاية المبارة أداري الدمع المتدحرج من عيني ككرات من فرح حذر. 


كل الأجوبة على هذه الأحجية ممكنة، وكلها، في ذات الوقت، غير كافية أو ملتبسة. كانت للأرجنتين مكانة وردية باسمة في مخيلتي فلم أفتش على ثأري في الملعب منها؛ والانتصار عليها لن يعد، في قاموس الحماسات الوطنية الشعبوية، هزيمة لرمز امبريالي تقليدي أو رأسمالي خنازيري، كما لو هزم منتخب فلسطين منتخب بريطانيا مثلًا. 


فلماذا اذا فرحت لهذا الانتصار، وأنا، مثل عرب وفقراء كثيرين، برازيلي الهوى؟    


كانت اخبار التفجيرين تتوالى تباعًا بتقارير مكرورة ومستفزة، ومصحوبة بخبر عن قيام شبان من مدينة جنين باختطاف جثمان شاب عربي من سكان مدينة دالية الكرمل، كان قد أصيب بحادث سير بالقرب من مدينة جنين، فنقل على اثره للمستشفى حيث فارق الحياة هناك، فاختطفه الشبان، حسب ما جاء في الاخبار، بحجة أن اسرائيل تتحفظ على جثامين عشرات الشهداء الفلسطينيين بينهم حوالي العشرين جثمانًا من منطقة جنين.


بدأت السيارات تتقدم ببطء والاخبار تنقل نداءات قيادات الاحزاب والحركات العربية في اسرائيل الموجهة للجهة التي تتحفظ على جثمان الشاب باعادة الجثمان كي يتمكن اهله من دفنه حسب الأصول.


بعد أكثر من ساعتين وصلت الى اجتماعي في رام الله. لاحظت على ان أحاديث الحضور، ومعظمهم كانوا من الاسرى المحررين، كانت تتناول اخبار الطرقات وجلطاتها المرورية من باب التفاكه الروتيني على المشهد. ثم كان لحادث التفجيرين قسط في حديثهم، ففهمت منهم أن الأمر كان متوقعًا بعد التمادي الذي مارسته قطعان المستوطنين في الاعتداءات الدموية اليومية على المواطنين في القدس وجميع الاراضي المحتلة وعلى ممتلكاتهم، وبدعم من جيش الاحتلال المباشر، وكان متوقعًا كذلك بعد انسداد جميع أفاق  السياسة وطاقات الأمل، وأن القادم سيكون أخطر، هكذا توقع وأجمع معظم المتحدثين. وأجمعوا كذلك على ان عملية اختطاف جثمان الشاب العربي تيران فرو، وإن لفتت أنظار العالم الى جريمة احتجاز اسرائيل لجثامين الفلسطينيين، كانت عملية خاطئة منذ البداية وارتجالية بشكل مسيء وغير محسوبة بشكل سليم. كاد النقاش في هذه القضية يتشعب حتى تدخل أحدهم وقال حاسمًا :"انسونا يا شباب من وجع الراس، بكفينا اللي جاي ، خلونا نحكي شوي عن انتصار المنتخب السعودي" .


فجأة تغيّرت أجواء القعدة واكتسى الكلام بألوان زاهية، مثل لون الفرح والرضا واحترام الذات. بعضهم اعترف انهم من مشجعي الارجنتين التاريخيين ويعتبرون ميسي بطلهم الفريد، لكنهم شعروا بطمأنينة بعد انتهاء اللعبة من دون ان يتخلوا عن رغبتهم في انتصار المنتخب الارجنتيني في اللعب القادمة.


تحدثوا وكأنهم خاضوا حربًا حقيقية أعادت لهم بعضًا من كرامة سليبة، وتحدثوا كأنهم كانوا مسافرين في دهاليز الزمن حيث صارت أحلامهم  نقوشًا على وطن. جميعهم يعرفون انها مجرد لعبة بين فريقين، لكنهم أكدوا أيضًا انها تثبت ما آمن به المناضلون بان الهزائم ليست قدرك اذا امتلكت فريقًا مستعدًا للنزال. كنت أسمعهم فرحين بعد هزيمة الأرجنتينيين، وأدرك لماذا تدحرج دمعي بعد انتهاء المباراة.  


فلساعتين فضيّتين في هذا الزمن الرديء، صار الملعب مسرحًا واقعيًا تقفز فيه لهفة المحاصرين فتصير سحابات هائمة؛ ولساعتين، من وقت الوجع، لم نكن مجرد متفرجين على صراع الاقدام وانسكاب العرق من الاجساد، بل كنا كأبناء الهزائم جوعى لقطعة شمس خريفية وحلم خفيف كنرجسة نركض وراءه  فنركله ونضحك، ونركض وراءه، مرة أخرى فنركله مرة وأخرى ونستريح. لساعتين من عمر الرمل عشنا في عالم النسيان الكروي، فلم نكن واهمين ولا واقعيين، ولا لاعبين ولا متفرجين، ولم نكن منتصرين ولا مهزومين؛ لقد كنا مجرد منسيين وناسين.


لقد بكيت، اسألوا دمعي، وأنا في عالم النسيان، ربما من فرح على نصر لم يكن أو ربما من وجع على هزيمة لم تكن؛  فمن قال أن النسيان في فلسطين لا يكون أحيانًا نعمة؟          

مُحَامي الشَّعب/ الدكتور حاتم جوعيه


       

 [ في رثاء  الصديق والأخ  والمحامي الكبير الأستاذ سليمان الياس  سليمان ( ابو عصام ) في  الذكرى  السنوية على  وفاتة - أصله من قرية "الرامة " الجليلية..قرية الشاعر الكبير المرحوم  سميح القاسم وقد سكن في مدينة حيفا فترة طويلة ... وكان رئيسا  فخريا لرابطة الكاراتيه شوطوكان -  والتي كان  يرأسها  ويديرها  بطل الكاراتيه الدكتور جعفر ناصر الدين ، وكنت أنا عضوا فيها  [    


يا رفيقي نحو السُّهَى والمَعالي     خُضْتَ طولَ السنينَ دربَ النّضالِ 

وَلِدَمْعِ الضّعافِ مِنْ أجلِ  حَقِّ       كم  طويتَ الدُّنَى  بحربٍ  سجالِ

مَعْلَمًا  كنتَ  في  طريقِ  كفاحِ...    يا  أبِيَّا  قد  ضَمَّ  اسْمَى الخصالِ  

قُدوةٌ   أنتَ    للمحامينَ    تبقى      للطريقِ   القويمِ    خيرَ    مثالِ..

أنت  أستاذي مُرشدي  وَمناري      في  خِضَمِّ  الحياةِ   نحوَ  الكمالِ 

ويَراع   كرَّسْتهُ   للهدى   وال      النورِ .. دوما  يشعُ   مثلَ  اللالي

بكتاباتٍ  جسًّدْتَ  وضعنا ...عا       لجتَ  فيها  ما  كان  من  إهمالِ 

وحديثٍ    ينسابُ   شدوَ   كنارٍ      هو  زادُ   النفوسِ   دونَ    ملالِ 

كم    قضايا    كسبتها    بكفاحٍ       وحقوقٍ  أرجعتَ  رغم  المحالِ

خضتَ دربَ الحياةِ في كلِّ عزمٍ      لا     تبالي     لنائِباتِ    الليالي

وقطعتَ   السنينَ   كدّا   وجهدًا      أنت لم   تحفل  بالضنى والكلالِ

كم    فقير ٍ   وبائس ٍ   وحزينٍ       فيهِ  أنعشتَ  الروحَ  بعدَ  الذّبالِ

كلُّ   مظلومٍ   أنتَ  ساندتَهُ ، لا       تتوانى عن  حقِّ   ذات  الحجالِ

أنتَ ركنُ الضعافِ ثم المساكي     ن..  وعنهم    بدَّدْتَ  من  أهوالِ

وقضايا  التأمين أنت  لقد   كن        تَ   لها  خيرَ  ذائِدٍ  في  النزالِ

إن   معنى الإباءِ   فيكَ   تجلَّى        قيمٌ    قد   فاقتْ   حدودَ  الخيالِ

وكلامٍ   كالدر   عذبٍ    جميلٍ        قولُكَ  الفصلُ  فاقَ   كلَّ   مقالِ 

أنت   للعلم   شعلةٌ   من   ضياءٍ      فيك تعلو الصروحُ دون اختلال

كنت  شيخَ  المحامين   من   دو      نِ  مِراءٍ  اُلبِسْتَ  ثوبَ   الجلالِ

ومنارَ   الاجيال   نهجًا   وفكرًا       فيك   ما  قد  نرجوهُ  من  آمالِ 

وخبرتَ الحياةَ  طولا  وعرضا       ووزنتَ  الأمورَ   أحسنَ   حالِ

كنتَ تمحُو عن فكرنا كلَّ حزنٍ       وتُلَبِّي   في  الحقِّ   كلَّ    سؤالِ

للمدى  أستاذُ   المحامينَ   تبقى      لا تجارَى  في القولِ   ثم  الفعالِ

ولأجل  المبادىءِ  الذُدْتَ  عنها       قد بذلتَ  النفيسَ  من  كل  غالِ

قيمٌ قد حاربتَ من اجلها دوما        طوالَ    السنين    دونَ   اختزالِ

وأنرتَ  الطريقَ  في كل خطبٍ      أنتَ   حطمتَ    سائرَ    الاقفالِ

وزرعتَ البذارَ في أرضِ شوكٍ    كان خصبًا  قد   فاقَ   كلَّ  غلالِ

كنت في صالاتِ المحاكم رِئبا      لًا  جسورًا... بُوركتَ  من  رئبالِ 

انت لم تغرِكَ الوظائفُ حتى         منصبَ القاضي عُفتَ  بعد  نوالِ 

وتعلمنا   منك    كلَّ    إباءٍ..        كيف نبغي الصعودَ  نحو الأعالي

إنها  الدنيا   في   ثيابِ   رياءٍ        زيفها     يغرينا     بكلِّ      مَآلِ

أنت عاركتها  صغيرًا وكهلًا         وعجمتَ   الايامَ   في   استبسالِ

كنت لحنًا مدى الحياة  جميلا         يتهادى        باليُمنِ      والإقبالِ

طلعةَ  الفجرِ  في  محيَّاك  نلقى      ونشيدَ   الخلودِ    في   استرسالِ

أنت صوتُ الضميرِ في زمنٍ قد   عزَّ  فيهِ  صوتُ  الضميرِ المثالي

أيٌّ  مجدٍ   ومن  سناكَ   تجلّى          لم  يُعانق ثغرَ الظبى والعوالي

أنت روح التجديدِ في الفكر والإبْ  داعِ...والغيرُ  ظلَّ   في  الأسمالِ

قد عشقتَ الفنونَ من كلِّ لونٍ        وتذوَّقتَ    الشعر   دونَ   ابتذالِ

إن   شعري   أحببتَهُ     بهيامٍ          وهو  يختالُ  في  ثيابِ  الجمالِ

فسلكتُ  الجديدَ   فحوًى   وفنٌّا         وتركتُ  الرديئَ... بلْ  كلَّ  بالِ

وأخذتُ  العروضَ  ثوباً  مُوَشًّى       ليضمَّ    الجمالُ    كلَّ    مجالِ

نحنُ عصرُ التصنيعِ والتيكنلوجيا   ليسُ  يجدي  الوقوفُ   بالأطلالِ

أنت أستاذي في انطلاقٍ وفكر ٍ      عنكَ  فكري  هيهاتَ  يوماً  بسالِ

إنه   الموتُ    غادرٌ   وغشومٌ      هزَّنا  الموتُ   بعدَ   راحةِ    بالِ

ما  لمخلوقٍ   أن  يردَّ   المنايا        فمصيرُ  الأحياءِ   نحوَ   الزوالِ

لو    بإمكاننا...   بذلنا   جميعا        كلَّ   ما   يُقتني   مِنَ    الأموالِ

قطفَ الموتُ كلَّ زهرةَ روضٍ        لم    يُفَرِّقْ    بين   عمٍّ    وخالِ

إنَّ  أيدي  المَنونِ   لا   تتوانى       أخذتْ  نبعَ  الفكرِ  خيرَ  الرجالِ

يا  صديقي  أبا عصامٍ   وداعا        بدموعٍ   جرَتْ    كنبعٍ     زلالِ

قد  فقدناكَ  في  شموخِ  عطاءٍ      فانطوَى  سفرُ العمرِ  قبلَ  اكتمالِ

قد  فقدنا  بفقدِكَ  النورَ  والإشْ     راقَ والعيشَ  الحلوَ.. بعد  انذهالِ

وتركتَ الأصحابَ في ثوبِ حزنٍ       ومُحِبُّوكَ      فوجِئوا     بارتحالِ

كلَّ   حزنٍ  يبيدُ   يوما  وذِكرا      كَ  ستبقى  مدى  الدهورِ الطوالِ

أنتَ  حيٌّ  في كلِّ  خفقةِ  نبض ٍ     أنتَ  فينا  رغمَ  الخطوبِ  الثقالِ

لم تمت لا... ذكراك دومًا ستبقى     خالدٌ   أنتَ   في   جميلِ  الفعالِ 

كنتَ  نهرًا وفي العطاء غزيرًا        كم   سقينا   من  مائِهِ  السَّلْسَالِ

وكنوزٍ   تركتَ  من  كلِّ  لونٍ         للمدى ... بالإبداعِ    والاعمالِ

فإلى    جنَّةِ    الخلودِ    انتقالاً        مع  جميعِ  الأبرارِ في الأحمالِ

أيها   الراحلُ   المقيمُ    سلامٌ         قد  تركتَ  الأحبابَ   في  بلبالِ

أنت في فردوسِ الجنانِ خلودا       والدُّنَى   ما  زالتْ   بقيلٍ   وقالِ

لن أقولَ  الوداعَ...بل أنتَ حيٌّ        مع   جميعِ   الأحرارِ  والأقيالِ

خالدٌ  أنت   في  أريج   دياري        خالد    للمدى   خلود    الجبالِ

وستبقى    طولَ  الزمانِ  منارًا        في   بلادي    وقبلةَ    الأجيالِ


الى شاعر عجوز/ بن يونس ماجن



قبالة تلك المرآة

ذات الابعاد الثلاثية

التي تشبه شريحتك

لا تركز على خريطة تجاعيدك

ولا تراهن على مراهيم التجميل

فسوف تتيه بك 

ذكريات الصبا والشباب

وكأنك تمشي 

في طريق العمر

متأبطا شريط الايام

ما جدوى توديع العمر

وانت تهرول وراء الزمن المفقود

لا تحزم حقائبك

فقطار الشعر

لم يغادر محطتك بعد

حتما سترحل الى هناك

فيبكيك الشعراء والغاوون

اضف بعض الدقائق والثواني

الى ساعة جيبك

وتجنب المغازلة مع الساعة الرملية

الى ان يصل ذلك الوقت

فهذا زمن الحروب

وليس زمن الحب

لا تربك نفسك 

باهوال القافية وتفعيلات العهد القديم

ولا ترهق نفسك بالخربشات التافهة

ولا تكلف نفسك بنشرها

على مواقع الكترونية

مرشحة للانقراض

أعد نظارتك السميكة

الى غمدها

وتنفس الصعداء بارتياح

وتحاشى الاحتكاك

بأي قصيدة نثرية

لم تكتبها بعد

لا تتذمر من تجاعيدك

فهي كبحور قصائدك الرديئة

ولا تبالغ في الخيال المفرط

لست منفردا

في ارض مزدحمة بالشعراء

يا ليتني كنت شاعرا مثلك

كثيرون هم الشعراء

الذين لم يفقهوا قولك

كنت تغني لهم

وهم يعزفون

لا تحاول ان تكون مهرجا

في حلبة سيرك الآخرين

فتنقظ عليك الخيول المذعورة

ولا تحاول العصيان على الشعر

هل فكرت يوما

في استمطار سحابة عاقرة؟

لا تراود نفسك

عن متاهات 

كن انت وكفى

كفاك غرورا

كل ما قلته وما لم تقله

في منامك ويقضتك

سوى هرطقات خرساء

كم من مرة

كنت بصحبة قصيدة لا تعرفها

فعد الى صفوف الجماهير

واكتب وصيتك

على شاهدة قبرك:

هنا يرقد شاعر

كان يتحرش على الشعر

رفض الغاوون

ان يتبعونه

الى زراديب العبث

والهذيان...


إشكالية المبادئ الأخلاقية في الفلسفة/ د زهير الخويلدي



مقدمة


لطالما كانت الأخلاق (من الروح اليونانية - العرف) بمعنى أنظمة القيمة ومدونات السلوك جزءًا من المجتمعات البشرية. بهذا المعنى، هناك العديد من التقاليد الأخلاقية المتميزة التي تتوافق مع الانقسامات الثقافية والدينية الرئيسية ، مثل الأخلاق الهندية والبوذية والصينية واليهودية والمسيحية والإسلامية. هذه هي التقاليد الأخلاقية التي يتطلع إليها معظم الناس في العالم للحصول على إرشادات حول كيفية العيش. في التقليد الفكري الغربي، تبدأ الأخلاق الفلسفية مع السفسطائيين اليونانيين في القرن الخامس قبل الميلاد، الذين بدأوا في التفكير في قوانينهم وقيمهم الأخلاقية، وطرح أسئلة نقدية حول الأخلاق، مثل كيفية ظهورها، ولماذا يجب على المرء اتباع إرشاداتها. العديد من الأسئلة نفسها التي شغلت المفكرين الأخلاقيين القدماء لا تزال موضع نقاش حتى يومنا هذا. في الواقع تنقسم الأخلاق الفلسفية (وتسمى أيضًا الفلسفة الإيتيقية) إلى ثلاث مجالات رئيسية للبحث: (1) ماوراء الأخلاق، (2) الأخلاق المعيارية، و (3) الأخلاق التطبيقية. ما وراء الأخلاق هي دراسة لطبيعة الأخلاق. تهتم الدراسة الفوقية الأخلاقية، من بين أمور أخرى، بمعنى وموضوعية الأحكام الأخلاقية، وكيف يمكن للبشر معرفة ما هو صواب. على النقيض من ذلك ، تهدف الأخلاق المعيارية إلى توفير مبادئ توجيهية محددة للعمل من خلال بناء نظريات حول ما يجعل الأفعال صحيحة وخاطئة. تتضمن الأخلاق التطبيقية تطبيق النظريات الأخلاقية المعيارية على قضايا معينة ذات أهمية عملية مثل الإجهاض، والقتل الرحيم، والعقاب الجنائي، ومعاملة الحيوانات. فما المقصود بالمبادئ الأخلاقية؟ وماهو تاريخ ظهور الاخلاق وظروف تشكل الإيتيقا؟


ما وراء الأخلاق


ما وراء الأخلاق هو تحقيق في طبيعة الأخلاق. تشير البادئة "ميتا" إلى " حول  وماوراء وبعد وفوق" ، كما هو الحال على سبيل المثال في كلمة " مابعد علم النفس " ، وهي دراسة علم النفس - ما هو تخصص - وليس دراسة في علم النفس. التبسيط إلى حد ما ، يمكننا القول أن الاستقصاء التلوي هو دراسة دراسة. ومن ثم فإن الأخلاق الفوقية هي دراسة الأخلاق: فهي تهتم بتحديد طبيعة الأحكام الأخلاقية الصواب أو الخطأ ، الخير والشر. لا يهتم بمعرفة أي الأفعال أو الأشياء صحيحة أو خاطئة ، أو أي الدول جيدة وسيئة ، ولكن معني بفهم معنى مفاهيم الصواب والخطأ ، الخير والشر. لا تتساءل الميتا الأخلاق عما إذا كان الكذب خطأ دائمًا. بدلاً من ذلك ، يحاول التأكد مما إذا كان هناك بالفعل فرق بين الصواب والخطأ ، أو يحاول توضيح ما يعنيه القول بأن الفعل صحيح أو خاطئ. قد يسأل التحقيق الفوقي الأخلاقي: ما الذي يصدر حكمًا بأن الكذب دائمًا خطأ ، صحيح (أو خاطئ) ، إن وجد؟ إحدى الإجابات المحتملة التي بحثتها الأخلاق الفوقية هي أن القواعد الأخلاقية ليست سوى الأعراف الاجتماعية لمجموعات ثقافية معينة. يستلزم هذا أن الحكم على أن الكذب خطأ دائمًا هو ببساطة تعبير عن معتقدات مجموعة من الناس ، ومعتقداتهم حول الأمر هي التي تجعله صحيحًا. يُطلق على هذا الرأي اسم النسبية الأخلاقية. في العالم الناطق بالإنجليزية ، ركز فلاسفة القرن العشرين بشكل كبير على الأخلاق الفوقية بدلاً من الأخلاق المعيارية. كانت هذه الأجندة الفوقية الأخلاقية ترجع ، أولاً ، إلى التأثير الهائل لـجورج مور المبادئ الأخلاقية ، وثانيًا ، ظهور الوضعية المنطقية. تبنى الوضعيون المنطقيون نظرية المعنى اللغوي تسمى مبدأ التحقق. يقول هذا المبدأ أن الجملة ذات مغزى صارم فقط إذا كانت تعبر عن شيء يمكن تأكيده أو عدم تأكيده من خلال الملاحظة التجريبية. على سبيل المثال ، تعتبر الجملة "هناك لاما في الهند" ذات مغزى لأنه يمكن التحقق منها أو تزويرها عن طريق التحقق فعليًا مما إذا كانت هناك حيوانات لاما في الهند. أحد الآثار المهمة لمبدأ التحقق هو أن الأحكام الأخلاقية لا معنى لها تمامًا. الجملة "القتل خطأ" لا يمكن تأكيدها أو نفيها من خلال التجربة التجريبية. قد نجد أن الناس يعتقدون أن القتل خطأ ، أو لا يوافقون على القتل ، ولكن لا يوجد شيء في العالم يقابل "الخطأ" يمكن التحقيق فيه من خلال العلم التجريبي. لذلك ، وفقًا للوضعيين المنطقيين ، فإن جميع الأحكام التقييمية لا معنى لها (انظر الحقيقة والقيمة). قاد هذا الاستنتاج المقلق العديد من الفلاسفة إلى تنحية أسئلة الأخلاق المعيارية جانبًا والتركيز على المزيد من الأسئلة الأساسية حول جدوى وموضوعية الأحكام الأخلاقية. إن الانفعالات والتعليمات هي نظريات ميتا أخلاقية مؤثرة يمكن فهمها على أنها محاولات لفهم اللغة الأخلاقية مع الالتزام بمبدأ التحقق. إذا كانت جميع الأحكام التقييمية بلا معنى ، فماذا يفعل الناس عندما يقولون إن اللطف أمر جيد ، أو أن القسوة سيئة؟ الانفعالات مثل آير وسي. ستيفنسون ، اعتبر أن التقييمات تعبر عن مشاعر المتحدث ومواقفه: إن القول بأن اللطف أمر جيد هو وسيلة للتعبير عن موافقة المرء على اللطف. وبالمثل ، يجادل هير بأن التقييمات (الأحكام الأخلاقية) هي وصفات (أوامر): القول بأن اللطف أمر جيد هو وسيلة لإخبار الناس بأنهم يجب أن يكونوا طيبين. ثم تُفهم الأحكام التقييمية على أنها عاطفية أو توجيهية ، وتتناقض مع الأحكام الوصفية. يمكن تقييم الأحكام الوصفية على أنها صحيحة أو خاطئة ؛ الأحكام التقييمية ليست كذلك.


الأخلاق المعيارية ونظرية الفعل السديد


تهتم الأخلاق المعيارية بالمعايير الأخلاقية بمعنى المعايير التي يجب على الفاعلين الأخلاقيين الامتثال لها. "لا تقتل" مثال على القاعدة الأخلاقية. تهدف الأخلاقيات المعيارية إلى تحديد مبادئ العمل الصحيح التي يمكن استخدامها لتوجيه البشر في حياتهم. ستكون هذه المبادئ (عادةً) من النوع الذي يمكن استخدامه لتقرير ما إذا كانت مسارات عمل معينة ، أو أنواع معينة من الإجراءات ، صحيحة أم خاطئة. هذا الجانب من الأخلاق المعيارية ، نظرية الفعل الصحيح ، هو تحقيق ومحاولة للإجابة على السؤال: "ماذا علي أن أفعل؟" أو "ما هو الشيء الصحيح الذي ينبغي عمله؟" يحاول الإجابة على هذا السؤال من خلال تحديد مجموعة من المبادئ التي يمكن استخدامها لتحديد الإجراءات الصحيحة ، أو بدلاً من ذلك ، كما هو الحال مع أرسطو ، لإظهار عدم توفر مثل هذه المبادئ وأنه يجب إدراك هذا الصواب في سياق ظرفية. إلى جانب المصطلحات التي سبق ذكرها ، "صحيح" و "خطأ" و "يجب" ، هناك مفاهيم معيارية مهمة أخرى تتعلق بالعمل تشمل "إلزامي" و "ممنوع" و "مسموح به" و "مطلوب". تهيمن أربع نظريات معيارية حاليًا على التضاريس الفلسفية. هذه هي النفعية ، والكانطية ، والحدس ، وأخلاقيات الفضيلة. (راجع أيضًا المقالات حول الأخلاق الغائية ؛ الأخلاق الأخلاقية ؛ أخلاقيات القانون الطبيعي.) وفقًا للنفعية الكلاسيكية ، يكون الفعل صحيحًا إذا وفقط إذا كان ينتج أكبر توازن للسعادة الشاملة. تميل الإصدارات الحديثة من النفعية إلى استبدال السعادة بمفاهيم أكثر احتراما من الناحية الاقتصادية مثل الرغبة أو التفضيل الرضا. تعترف المناقشات المعاصرة أيضًا بالتمييز بين النفعية والعواقبية. العواقبية هي نظرية عامة تجعل الصواب (أو التبرير) يعتمد على قيمة العواقب التي تحدث ، لكنها مستقلة عن أي تفسير لما قد تكون عليه هذه العواقب. على النقيض من ذلك ، فإن النفعية تدعم تفسيرًا ذاتيًا معينًا للقيمة - العواقب التي يجب تعظيمها - والتي تؤكد على رفاهية الإنسان. تستمد الأخلاق الكانطية من عمل إيمانويل كانط. المبدأ الأساسي لأخلاقيات كانط هو الحتمية الفئوية ، والتي يقال إنها تكمن وراء جميع المبادئ الأخلاقية المعترف بها عمومًا. الحتمية الفئوية هي مبدأ الاتساق ، يطالبنا بالتصرف وفقًا للأسباب التي يمكن أن يؤيدها جميع الفاعلين العقلانيين ، أي الأسباب المقبولة عالميًا. تؤكد الأخلاق الكانطية على احترام الأشخاص ، وترى أن هناك (على عكس النفعية) بعض الإجراءات التي لا ينبغي القيام بها أبدًا. كان لأخلاقيات كانط أيضًا تأثير مهم على الفلاسفة السياسيين مثل جون راولز. ان الحدس هو اسم آخر للتعددية. من المحتمل أن يكون الشكل الأكثر شهرة من الحدس هو ذلك الذي قدمه دبليو دي روس في الحق والخير. يجادل روس بأننا قادرون على الحدس عددًا من الواجبات الواضحة غير القابلة للاختزال (للوفاء بوعودنا ، والامتناع عن إيذاء الأبرياء ، وما إلى ذلك) ، والتي لا يسبق أي منها أي واجبات أخرى. في هذا الصدد ، يقبل روس شكلاً من أشكال التعددية الأخلاقية ، لأنه لا يعتقد أن الفعل الصحيح يمكن اختزاله في معيار واحد. هنا يضع نفسه ضد النفعية والكانطية ، وكلاهما نسخ من الوحدانية لأنهما يعترفان بمبدأ أخلاقي أساسي واحد. يعتقد روس أن الإجراء الصحيح (واجب الفرد المناسب) في موقف معين يتم تحديده من خلال الموازنة الدقيقة للمبادئ الأخلاقية المختلفة التي تنطبق في السياق. تتفق. وفقًا لأخلاقيات الفضيلة ، فإن الأخلاق لا تتعلق أساسًا باتباع القواعد ، بل تتعلق بتنمية التصرفات الفاضلة في الشخصية. التصرف هو ميل إلى الحصول على استجابات معينة في مواقف معينة: استجابات مثل العواطف ، والتصورات ، والأفعال. الشخص الفاضل هو الشخص الذي يتصرف بشكل صحيح استجابة للمتطلبات التي تنفرد بها الحالة. هو أو هي شخص قادر على إدراك ما يتطلبه الموقف والتصرف وفقًا لذلك. الأشخاص الذين يتمتعون بفضيلة الشجاعة ، على سبيل المثال ، هم أولئك الذين لديهم ميل إلى "الصمود" تحت المحاكمة ، حيث يتضمن ذلك مجموعة معقدة من المواقف والعواطف والسلوك والتصورات.


نظرية القيمة


المفهومان الأساسيان للأخلاق المعيارية هما "الحق" و "الصالح". إن مفهوم "الحق" ، الذي تمت مناقشته في القسم السابق ، هو مفهوم الواجب ، والأفعال التي يجب علينا القيام بها ، والتي سيكون من الخطأ عدم القيام بها. يهدف مفهوم الخير ، هدف نظرية القيمة ، أو علم الأكسيولوجيا (من المحاور اليونانية = القيمة ؛ اللوغوس = العلم) ، إلى شرح نوع خيرات الملكية ، وتحديد الأشياء الجيدة. الخير لا يعادل الخير الأخلاقي. الأعمال الفنية لها قيمة ، لكن ليس لها قيمة أخلاقية. أو مرة أخرى ، قد يكون الاسترخاء مفيدًا للشخص ، لكن لا يوجد شيء جيد أخلاقيًا في المشي. تهتم نظرية القيمة بطبيعة الخير بشكل عام ، والتي يعتبر الخير الأخلاقي نوعًا واحدًا منها. ما العلاقة بين نظرية الفعل الصحيح ونظرية القيمة؟ تعتمد الإجابة على النظرية المعيارية المعنية. كما هو موضح أعلاه ، تهدف النفعية الكلاسيكية إلى تفسير العمل الصحيح من حيث تعزيز الخير البشري. في هذا الصدد ، تتطلب النفعية اعتبارًا للخير البشري من أجل تحديد نوع النتائج الجيدة التي يجب تعظيمها. على النقيض من ذلك ، فإن النظريات الأخلاقية ، التي تعتبر أخلاقيات كانط أفضل مثال معروف عليها ، لا تفسر الإجراء الصحيح من حيث تعزيز الخير. قد يجادل العديد من علماء الأخلاق بأنه من الخطأ قتل شخص بريء بغض النظر عن قيمة العواقب. لذلك ، في حين أن المنفعي يحدد الإجراء الصحيح من حيث تعزيز الخير ، يرى عالم الأخلاق ، على سبيل المثال ، أن احترام حقوق الناس هو أكثر أهمية من زيادة مقدار القيمة في العالم. يتم التعبير عن هذا أحيانًا بالقول أن علم الأخلاق يجعل الصواب قبل الصالح. غالبًا ما يتم تصنيف نظريات القيمة من حيث التمييز الذاتي الموضوعي. ترى النظريات الذاتية أن القيمة تعتمد على إنتاج المتعة ، أو الرغبة ، أو التفضيل ، أو بشكل أكثر تجريدًا ، على ما يمكن تفضيله في ظروف مثالية معينة. نظريات النفعية للقيمة ، مثل مذهب المتعة ونسلها ، ونظريات إشباع الرغبة والتفضيل ، هي حسابات ذاتية نموذجية للقيمة. على النقيض من ذلك ، تقول النظريات الموضوعية للقيمة أن بعض الأشياء والحالات تكون ذات قيمة بشكل مستقل سواء كانت تنتج متعة أو مرغوبة أو مفضلة. الكمالية هي نظرية موضوعية للقيمة يعتمد بموجبها الخير على تحقيق أو كمال الطبيعة البشرية. وفقًا لأرسطو ، على سبيل المثال ، فإن أداء وظيفة (ergon) للإنسان ينطوي على ممارسة وكمال قدراته العقلية. يترتب على ذلك أن الحياة الصالحة للإنسان تنطوي على بلوغ الفضيلة أو الامتياز (arête) في العقل.


الأخلاق التطبيقية


تعد الأخلاقيات الفوقية والأخلاقيات المعيارية مجالات بحث مجردة. الفرع الرئيسي الثالث للأخلاق الفلسفية - الأخلاق التطبيقية - عملي للغاية ، ويهدف إلى تطبيق نتائج الأخلاق المعيارية في الحياة اليومية. اهتم العديد من المفكرين الأخلاقيين بمثل هذه الأسئلة. على سبيل المثال ، ادعى أرسطو أن دراسة الأخلاق مفيدة فقط بقدر ما تحدث فرقًا عمليًا في كيفية حياة المرء ؛ يقدم عمل توماس أكويناس الرائع ، الخلاصة اللاهوتية قدرًا كبيرًا من النصائح العملية حول الزواج والأسرة (من بين أمور أخرى) ؛ وكتب كانط وهيوم مباشرة عما إذا كان الانتحار مبررًا أخلاقيًا. اليوم ، بعد فترة من الإهمال النسبي في النصف الأول من القرن العشرين ، يتمتع الاهتمام بالأخلاقيات التطبيقية بنمو هائل. لا تزال القضايا العملية مثل الإجهاض ، والقتل الرحيم ، والعقاب الجنائي ، ومعاملة الحيوانات موضع نقاش حاد. تقدم المناقشة الفلسفية الحديثة لمعاملة الحيوانات مثالًا واضحًا على القيمة العملية للأخلاق التطبيقية. في العالم الغربي (وعلى عكس بعض التقاليد الشرقية) لطالما تم استبعاد الحيوانات من مجال الاهتمام الأخلاقي. لقد تم تربيتهم وقتلهم من أجل الطعام والملابس ، وتم أسرهم وتشريحهم باسم العلم ، وفي بعض الأحيان يتم اصطيادهم من أجل المتعة الخالصة. تم تبرير هذا العلاج بعدة طرق. في السياق الديني اليهودي والمسيحي ، على سبيل المثال ، يُعلَّم أن الله خلق الحيوانات للاستخدام البشري ، ولذا يحق لنا أن نفعل بها ما يحلو لنا ، وقد تم تحدي هذا التقليد الراسخ في القرن الثامن عشر من قبل أحد المؤسسين. النفعية ، جيريمي بنثام. وفقًا للنفعية ، فإن الأخلاق هي في الأساس مسألة تعزيز السعادة (اللذة) ومنع المعاناة (الألم). هذا يعني أن الاهتمام الأخلاقي لا يقتصر على المخلوقات ذات العقل - كما كان يعتقد أرسطو - بل ينطبق على جميع المخلوقات الواعية. يكتب بنثام: قد يأتي اليوم الذي قد يكتسب فيه باقي المخلوقات الحيوانية حقوقًا لم يكن من الممكن منعها عنهم إلا بيد الاستبداد. لقد اكتشف الفرنسيون بالفعل أن سواد الجلد ليس سببًا للتخلي عن الإنسان دون إنصاف لنزوة المعذب. قد ندرك يومًا ما أن عدد الأرجل ، أو زغابة الجلد ، أو انتهاء عظم العجز هي أسباب غير كافية أيضًا للتخلي عن كائن حساس لنفس المصير .... السؤال ليس ، هل يمكنهم التفكير؟ ولا يمكنهم الكلام؟ ولكن ، هل يمكنهم "المعاناة"؟ (1789 ، 311) بقدر ما يتفق المرء على أن الإحساس (وليس العقلانية) هو معيار الأهمية الأخلاقية ، ويوافق على أنه من الخطأ التسبب في معاناة دون داع ، فإن العديد من الممارسات المقبولة (على سبيل المثال) إنتاج اللحوم غير أخلاقية بشكل واضح. توضح هذه الحجة السهلة كيف يمكن للتفكير الفلسفي أن يولد استنتاجات أخلاقية مهمة. وبالمثل ، تم الحصول على نتائج مثيرة للجدل في مجالات أخرى ، ومن خلال تطبيق نظريات أخلاقية مختلفة مثل الكانطية وأخلاقيات الفضيلة. في الواقع، كان تطوير الأخلاق التطبيقية كبيرًا جدًا في العقود الثلاثة الماضية لدرجة أن نظرة عامة منهجية مستحيلة. يتم إحالة القارئ إلى مدخلات المقالات حول الموضوعات المهمة للأخلاقيات التطبيقية. وتشمل هذه على سبيل المثال لا الحصر أخلاقيات مهنة الطب، والإجهاض، والقتل الرحيم، وأخلاقيات علم الأحياء، والانتحار؛ أخلاقيات الإنجاب؛ الأخلاقيات البيئية]، وحقوق الحيوان، والنباتية، والفلسفة البيئية ؛ الأخلاق المهنية وأخلاقيات العمل ؛ المواد الإباحية والجنس والأبوة ؛ نظرية الحرب العادلة والعقاب والإعدام ؛ المجاعة والفقر.


الحتمية والإرادة الحرة


الأخلاق ليست مستقلة عن فروع التحقيق الأخرى. إحدى نقاط الاتصال المهمة بين الأخلاق والميتافيزيقا هي مشكلة الإرادة الحرة. غالبًا ما يُقال أن الأخلاق تفترض أن الفاعلين البشريين لديهم إرادة حرة ، لأنه إذا كان من الصحيح القول إن شخصًا ما كان يجب ألا يتصرف بطريقة تنتهك التزامًا أخلاقيًا ، فلا بد أنه كان قادرًا على فعل شيء آخر بدلاً من ذلك. لذا يبدو أن الأخلاق، خاصة فيما يتعلق بالالتزام الأخلاقي، تفترض مسبقًا أن لدى البشر إرادة حرة. ومع ذلك، فإن العديد من الفلاسفة قلقون من أن الإرادة الحرة هي وهم بسبب الحتمية العالمية. الحتمية هي الأطروحة القائلة بأن جميع الأحداث في العالم الطبيعي تسير وفقًا لقوانين (حتمية تقريبًا) تحددها قوانين الفيزياء. هل من الممكن، إذا كانت الحتمية صحيحة ، أن يفعل البشر أي شيء بخلاف ما يفعلونه في الواقع؟ على سبيل المثال، كيف يمكننا أن نفهم خيانة يهوذا الإسخريوطي ليسوع المسيح بحرية إذا كانت أفعال يهوذا جزءًا من النظام السببي الطبيعي وتحكمها قوانين لا سيطرة له عليها؟ يعتقد بعض الفلاسفة - غير المتوافقين - أن الإرادة الحرة والمسؤولية الأخلاقية تفترضان مسبقًا زيف الحتمية، بينما حاول البعض الآخر - التوافقيون - إظهار أن الإرادة الحرة والحتمية يمكن أن يتعايشا.


خاتمة


لقد حلت العدمية القيمية محل المبادئ الأخلاقية وانتصرت النسبوية على اطلاقية القيم ويعيش الانسان المعاصر فراغا اكسيولوجيا رهيبا حيث ظهر انه بلا مرجعية معيارية بعد تراجع التقاليد والعزوف عن اتخاذ التراث احداثية توجيهية للسلوك الفردي والجمعي وباتت البشرية غير محتاجة حسب البعض لقيم الضمير والواجب والحق والكرامة مادامت تتحرك وفق منطق المنفعة والقانون والقوة والحياة البيولوجية. فمن يمنح الإيتيقا حق الإقامة الكونية في العالم الإنساني والطبيعي ؟ وباي معنى تمثل الإيتيقا البديل الممكن عن الاخلاق التقليدية؟ والا تلعب دورا بارزا في التغلب على الازمة الايكولوجية زمن التغيرات المناخية والانتشار السريع للأمراض والاوبئة ؟ وهل تحتاج الايتيقا نفسها الى المزيد من العقلنة والتنظير في الحياة الاكاديمية ام الحرص على الممارسة و التطبيق في الحياة العادية؟

المصادر والمراجع

Aristote, (1094a) Nicomachean Ethics (or Ethica Nicomachean, or The Ethics)

Aristotle , (1181a) Magna Moralia (or Great Ethics)

Aristotle , (1214a) Eudemian Ethics (or Ethica Eudemia)

Aristotle , (1249a) On Virtues and Vices

Kant, Immanuel,Critique of Practical Reason (1788), trans. L. W. Beck (New York: Macmillan Publishing Company, 3rd ed. 1993).

Kant, Immanuel,Foundations of the Metaphysics of Morals (1785), trans. L. W. Beck (New York: Macmillan Publishing Company, 2nd rev. ed. 1990).

Kant, Immanuel,The Metaphysics of Morals (1797), trans. M. J. Gregor (Cambridge: Cambridge University Press, 1991).

Mill, John Stuart. Utilitarianism. IndyPublish.com 2005.

Rachels, J. (ed.) Moral Problems: A Collection of Philosophical Essays. New York, NY: Harper & Row, 1979.

Rachels, J. The End of Life: Euthanasia and Morality. New York, NY: Oxford University Press, 1986.

Rachels, J. The Elements of Moral Philosophy. Philadelphia, PA: Temple University Press, 1986.

Singer, P. Applied Ethics. New York, NY: Oxford University Press, 1986.

Singer, P. A Companion to Ethics. Cambridge, MA: Blackwell Reference, 1991.

Singer, P. Animal Liberation. New York, NY: New York Review of Books: Distributed by Random House, 1990.

Singer, P. Practical Ethics. New York, NY: Cambridge University Press, 1979.

Walzer, M. Just and Unjust Wars. New York, NY: Basic Books, 1977.

Warnock, M. A Question of Life: The Warnock Report on Fertilisation and Embryology. New York, NY: Blackwell, 1985. 

إنتماء/ عباس علي مراد



بلا انتماء

نحن المشردون في مشارق الأرض ومغاربها

لا تحبل بنا النساء

قوم من اللقطاء

تزني بنا دول الشرق والغرب

وتلد عندنا الجهالة والغباء

نحن لا يعرف لنا هوية ولا انتماء

نفاخر بعصبية

تعصف بنا رياح الشقاء

نحن على قارعة الموت نزلاء

نصبح ونمسي على نفس البلاء

"نبكي على رسم درس"

ونختلف على هلال القمر

وكيف ندخل الحمام

فلا للعلم عندنا مقام

ودروس التاريخ تمر مرور الكرام

تفشى الجهل واصبحنا أمة من الجهلاء

حتى سبحانه وتعالى لا يسمع لنا دعاء

نسرج خيلنا ونسافر في التيه

لا ندرك وجهة

لا أمل لنا ولا رجاء

تقيم في مضاربنا العدواة والبغضاء

نلعن من لا يوالينا

ولا نتوانى حتى عليه القضاء

نرفع بيننا اعمدة العداء

عباداتنا اصبحت عادة

نمارسها رئاء الناس

العباد تتقمص دور الله

تدخل الجنة وتخرج منها من تشاء

نقيم الحد على الضعيف

ونمجد جحود وفساد الأقوياء

ونغمض أعيننا عن المفاسد

ونتهم اهل التقوى بكل داء

بالله عليكم

كيف لنا من خلاص!

ونحن نمعن في الهروب

نتجاهل الحقائق

ونتفاخر بالخرافات

لا نرتضي بحكم العقل

وللنص هاجرون

ننصت خاشعين لفتواى الاوصياء  والتفهاء

الذين كفروا بقيم الوفاء

قل لي يا صاح من أين يأتي الرجاء

فنحن أمة تسكن خارج التاريخ

ولا تدرك طريق المستقبل

الا عن طريق قارئة الكف والفنجان

وهل هناك اكثر من هذا الهوان

نسير نحو الهاوية

ونعتز بخيلاء

اننا خير أمة

ونحن نسير نحو الفناء

لأننا اكتفينا بالقشور

وتركنا جوهر الاشياء

الى الدكتور مروان كساب والدكتورة بهية ابو حمد/ ميلاد ساسين



بعد شروقية الدكتور مروان كساب الرائعة، انهالت قصائد المديح على الدكتورة بهية ابو حمد رئيسة جمعية انماء الشعر والتراث، وقد نشرنا في "الغربة" العديد منها، وها نحن ننشر قصيدة الشاعر ميلاد ساسين التي أهداها للدكتور والدكتورة:

مرق بين التجافي والتصافي

عمر ما حددو  حدود ومسافي

طلع من كركة الكرم المخمر

كتافو جبال وتيابو عوافي

وحمل من شمخة الارز  المعمر

ذات العز وحقوق الخلافي

أبن كساب ما بعمرو تقهقر

ولا سكر باب قلبو عا المضافي

بجزيري منزلو و بظروف أعسر

حافظ عا التراث من السخافي

وعا كفو علمو زنبق وزعتر

تا صار الزعتر ب ايدو كنافي

وحدو في بهية بليل أشقر

مرقت عا زجلنا الكان غافي

وشالت من عروقا دم أحمر

وشكت فيه قصدان وقوافي

ولانو بعضهن بعدو بيسكر

على جرعة انانية وتجافي

فتحت بابها وبابن تسكر

حقيقة صامدا بوجه الخرافي

وانا بوجودهن بلشت أفخر

وأشبع ذوق مجبول بلطافي

وقلن عن زجلنا بكل محضر

جبل باقي وحدو ما بيوصل

البيكون بخلقتو من الأصل حافي



قصيدة الشاعر مروان بو مجاهد المهداة للدكتورة بهية ابو حمد


إهدي هذه القصيده للدكتوره بهيه أبو حمد رئيسة إنماء الشعر و التراث في (سيدني-أستراليا) تقديرا لجهودها المبذوله ليبقى الشعر رمزا من رموز الوطن و بعد نشرها لمقالتي التي كتبتها على صفحة الإنترنت مقدمه للشروقيه التي نظمها (والدي الروحي) الدكتور مروان كساب في (سيدني-أستراليا).


يا دكتوره يا آيي باللطافي

يا منبع للأصالي و التصافي

لحتى صار يتكرم زجلنا

عطيتي للشعر مجهود كافي


إذا تكريم لجهودك عملنا

على مدحك ما بيكفو القوافي

و عنك لو شي مره انسألنا

بيقول المجد يعطيها العوافي


فيكي صار يتجسد أملنا

بتراث بلادنا ل عالكون لافي

و عا ذكرك بالوطن فيكي انشغلنا

و إسمك صار عنوان الصحافي


و إذا بشردة وحي ردي ارتجلنا

بيصير الحرف ينزل دمع صافي

و عنك كل ما شي بيت قلنا

بيفيق المجد لولا كان غافي


و أنا رح قول كلمي من جملنا

و عا كلمي صادقه معود شفافي

فينا عايشي و فيكي انجبلنا

و بقلبي في إلك أرفع مضافي


بتقديرك يا دكتوره انشملنا

و بحكي بظل كرسة إعترافي

إلكي ديون بالكلمي حملنا

و ما في شاعر إلك هالدين وافي


و تا نحكي بحق شو علينا و إلنا

حملتي الشعر عا أبعد مسافي

تا يبقى الشعر رايي عن أزلنا

لو ما تسهري بعين العنايي

افتقدنا للحضاره و الثقافي


تعليق


الشاعر علي داود ترجيني:

يا مروان كساب الوجاها

أنت بالمهجر بتطلع لواها

ويامروان بومجاهدياغالي

فيك الشعر و المنبر تباها

وبهية بوحمد رمزالأصالي

عطت لبنان أكتر ماعطاها

منها غار معصور الدوالي

ووطناشاف حالوفي حلاها

وبهية للوطن صارت رسالي

فيها تفاخر الأرز الشمالي

وجمال. الروح. للعالم تلاها

**

الشاعر مروان بو مجاهد:

و أنا رح قول كلمي بمتدايي

بحقيقه ساطعه متل المرايي

و حروفي بصيغها جوهر عا جوهر

و ما عندي بكلمتي مقصد و غايي

كان المجد ببلادي تدمر

و زجلنا صار عا دروب النهايي

لو ما بو حمد عا الشعر تسهر

و ترعا شعرنا بعين العنايي

و إذا بحكي عن السميي الموقر

عليه المجد و التاريخ شهدو

عا منبرنا البدايي و النهايي


عبودية – قصتان قصيرتان/ ماهر طلبه



عبودية

قيل فى الأثر.. أن رجلا أعمى سُئل يوما.. أين الطريق؟.. فأشار إلى قلبه، وصمت.

ويحكى.. أن فارسا عربيا قديما، خطفت محبوبته من قبل جيش من العبيد –فى زمن غَلَبَ فيه العبيد- فتخفى فى صورة عبد "أبق"، وسار فى البلدان والأمصار يسأل ويتلصص، حتى علم أنها فى حصة قائدهم، فسأل عن بيته أو خيمته واهتدى إليه، وطلب أن يبارزه رجل لرجل – فى زمن قَلّت فيه الرجولة والرجال-، لكنه – خدعة التاريخ- هزم ووقع فى الأسر، ومازال حتى الآن يخدم فى بيت محبوبته أو خيمتها.. حيث عليه أن يملأ لها الحمام بالماء الساخن كل صباح لتتخلص من أثر اشتباك كل ليلٍ.


 


سيرة قبيلة

قيل فى الأثر.. أن الندل إذا شبع أكل – حتى- قلب حبيبته.

ويحكى .. أن أبناء يعقوب، كان منهم النبى، والمخادع، والقاتل، والكاذب، والندل، ..... إلى إحدى عشرة من الصفات.. حتى أن إسرائيل كان حين يريد الخداع، يرسل المخادع.. وحين يريد القتل، يرسل القاتل.. وحين يريد أن تستمر حياة القبيلة أو يشتريها، يرسل الكاذب.. لكنه لم يستعمل أبدا النبى –لذلك سافر إلى مصر فوجد هناك رغد العيش وفرصة العمل- ولم يستغن أبدا عن الندل.


 



أسرار عشق الرّوح/ صالح أحمد



في المدى عبقٌ مَهيب

لا بدءَ حيث تَناهى البدْء

ولا نهاية... حيث يَستَحكِمُ الانطلاق..

أيّ شيءٍ قد يمهِلُ الملهوفَ حينَ تستفزّه المخاطر؟

لن يأتيك نورُ الحياةِ ما لم يَغزُ أبوابَها فكرك..

تذوي الرّوح حين يخبو نورُ عطائِها

تَقدَّم عاشق الرّوحِ..

لن تمنَحَك الحقيقةُ سرَّها إلا ومهرُها العِشقُ..

امحُ الفراغَ بما هو باقٍ من روحِ عَطائِك.

إن كنتَ عاشِقا.. 

كلُّ المَتاعِ يَتَساقَطُ حَولَك ..

هكذا روحُكَ تَرقى

آنَ للزّمانِ أن يُدرِكَ أنّنا صَوتُه..

كَذا آنَ لنا أن نُدرِكَ أنّنا صورَةُ الزّمان.. 

إذا خَلعتَ عنكَ زَمانَك.. 

فلا صوتًا تكونُ ولا صورة..

تلك هي الحقيقةُ الماكِرَة.

مَصعوقون كالمَوتى يَمضي بهِمُ الزّمان.. 

أولئكَ الذين انقَسموا ما بينَ ماكِرٍ وحَذِقٍ مُتربِّصَيْن..

أجملُ ما في العتمَةِ –لو أردْتَ- وُضوحُها

فهل أغبى منك؛ تَعجَبُ مِن كَوني أدرِكُكَ..

حتى وأنت تَتَقَمَّصُ روحَ العَتمَة؟!

لن أخبِّئَ عِشقي حيثُ يَتَطاوَلُ سُرّاقُ العِشق..

فاسِدَةٌ مُفسِدَةٌ ألحانُ الرّيح؛

حينَ تُداعِبُ عابِثَ الرّوح...

كلُّ فرحِ الدّنيا.. لن يجعَلَ نَفسًا قاحِلَةً تُخصِب.

إنّهُ الحَقُّ.. 

تَرقى إليه قلوبُ العُشّاقِ، على جناحِ الأشواق..

فكيفَ لقلوبٍ مَسكنُها قَوالِبُ الحاجَة..

أن لا يروعُها هُبوبُ نَسائِم الشّوق..

ساعِيَةً إلى لَذائِذِ الفِداء..

حيثُ تَرتوي من داني نَداها كلُّ عِطاشِ الأرواح؟

.. حَدَّ التّلاشي.. تَتَقزّمُ الأسرار؛

حينَ تَنطَلِقُ الحرّيّةُ مِن أنوارِ الغَيث.

لستَ حرًا إذا تركتَ التّوافِهَ تَشغَلُكَ عَن طَلَبِ المَعالي..

التّلذُّذُ بالمُيَسّر .. صدٌّ لبابِ المَعالي..

كلُّ جمالِ المادَّةِ صُوَرٌ..

تُرهِقُ عَينَ البَصَرِ..

لتَتَوارى عينُ البَصيرَة

أيُّ جَلالٍ يَبقى للكَلمَة...

حينَ يَتَدلّى جَسَدُ الأفكارِ رَخوًا...

تحتَ قِبابِ الأسرارِ..؟

يتيمةٌ قلوبُنا وحَسيرَة..

ما لَم تَحمِلْها أجنِحَةُ العِشقِ؛ إلى أفقِ العَطاء...

مُردّدةً نَشيدَ الوَلَهِ..

يُخرِجُ الحِكمَةَ المَبثوثَةَ في كُلِّ ذاتٍ.. عن صَمتِها.. 

شاهِرَةً سِلاحَ الهَيبَة..

تَتَزيّا بحُلَّةِ الاقتِدار.

العشقُ والوِصال..

سِرُّ القُدرَةِ على المَنال..

لا يَستطيبُ الأُنسُ ظِلًا...

لم تفرِشْهُ اشجارُ العُقولِ في بَساتينِ القُلوب..

دقيقَةٌ هي المَسالِكُ بين ما كانَ وما سوفَ يَكون..

إنّها عينُ ما أردنا.. وما أصبحنا نُريد أن يَكون..

حين تكون الإرادةُ وَحدَها ..

قادرةً على جَذبِ أرواحِنا بِسحرِ خِطابِها..

وحيثُ يَتَساقَطُ مَن تَسَلَّل إلى قلوبِهم..

ظلامُ الرّغبةِ.. في سَواد الرّكون.

لا تَخضَعُ اعناقُ العاشِقين..

إلا لِسحرِ جَلالِ الحَقّ..

وحدَها روحٌ عَرفَت أنّها يَجِبُ أن تَخلَعَ هيئَةَ الكائِن..

لِيَتَسنّى لَها أن تَتَوَحَّدَ في هالَةِ المَنشود..

تَملِكُ أن تَتَزَيّا بِرِداءِ الهَيبَةِ، مُتَوَّجَةً بِبَريقِ العِشقِ..

في مَراقي روحِ البَذل ..

وحيثُ يَتلاقَحُ العَطاء..

فلا يَعرِفُ سِرَّ العِشقِ مَن أمتَعَهُ النّظَرُ إلى المَحدود..

وأرضى نفسَهُ الأخذَ مما دَنا.

ومَلَكَ جوهَرَ أسرارِ المَحَبّة

مَن هَذّبَ بَصرَهُ بنورِ بَصيرَتِه..

وراحَ يُحلِّقُ في أنوارِ جَمالِ اللامَحدود..

وعظيمِ السّعيِ إلى المَقصود..

::::::: صالح أحمد (كناعنه) :::::::


الشاعر جورج منصور يهدي رباعية شعرية الى الدكتورة بهية ابو حمد


اهدى الشاعر جورج منصور مقطوعة شعرية جميلة الى الدكتورة المحامية بهية ابو حمد بحيث ان هذه المقطوعة بالرغم من اختصارها لكنها تحمل في طياتها نفحات من المودة والحنين واللهفة لاسترجاع زهوة ماضي الشعر الزجلي الجميل

لكن مصدر هذه الرباعية الشعرية هي من تجربة الكورونا التي داهمت الشاعر الموهوب والمحبوب جورج منصور بظروف باتت معروفة من الجميع .

                         ******

الى الست بهية صديقة العمر والملاك الحارس لكل شاعر:

يا بهية للمحبة وللغوى

عطفك لأيام الجميله عادني

وقت اللي كان الحب عالي المستوى

والله تا اشهد للمحبه رادني

ولما الكورونا صوتها بادني دوى

وع دنية الأوجاع شد وقادني

ما فادني رأي الطبيب ولا الدوا

هاتفك لم رنّ وحدو  الفادني

                             الشاعرجورج منصور

                               *****

واشاد الشاعر الدكتور مروان كساب بهذه الابيات رداً على رباعية المنصور:

‎الشاعر المتلك يا جورج شهم وأبي

‎خصوصي بحما متريت احساسو ربي

‎وعا منبرو فارس اصيل بينحسب

‎ولولا كبي برفض انا شوفو كبي

وبدورها شكرت ابو حمد الشاعرين المنصور وكساب على مبادرتهما الكريمة وتمنت لهما العمر المديد.

ّكِتاب عن لغة الجيْش الإسرائيلي في طبعة ثانية/ ب. حسيب شحادة



جامعة هلسنكي

صدرت في العام 2019 طبعة ثانية لكتاب الدكتور روبيك (رئوڤين) روزنطال ( تل أبيب، ١٩٤٥ - )، لغويّ وكاتب وصحفيّ، تحمل العُنوان: التحدّث بلغة الجيش الإسرائيليّ، موساد بيالك، القدس ٢٠١٩، ٤٨٤ ص. (רוביק רוזנטל, מדברים צהלית: דיוקן שפת הצבא הישראלי, הדפסה שנייה, מוסד ביאליק, ירושלים 2019, 484 עמ’). 

من مؤلّفات روزنطال الكثيرة نذكر:  صرخة هادئة، سِفْرِيات پوعَليم/مكتبة العُمّال، ١٩٨٧؛ عائلة البوفور، سِفْرِيات پوعَليم، ١٩٨٩؛ حدود الروح، أحاديث مع سامي ميخائيل، الكيبوتس الموّحد، ١٩٩٩؛ كفر قاسم، أحداث وميثوس/أُسطورة - عن مجزرة كفر قاسم، الكيبوتس الموّحد، ٢٠٠٠؛ الميدان اللغويّ، عام عوڤيد/شعب يعمل، ٢٠٠١؛ هل توفي الثَكَل؟، كيتر/تاج، ٢٠٠١؛  شارع الزهور ٢٢، كيتر، ٢٠٠٣ (سيرة حياة أُسرته ألمانيّة الأصل)؛ بهجة اللغة- أحاديث عن العبريّة الإسرائيليّة، عام عوڤيد، ٢٠٠٤؛ قاموس العامّيّة/السلانچ الشامل، كيتر، ٢٠٠٥؛ مُعجم الحياة، كيتر ٢٠٠٧؛ النور والسِّحْر: تل أبيب ذات يوم، ١٠١ قصة، يِديعوت سِفَريم/ معارف الكتب، ٢٠٠٨؛ مُعْجم العبارات، ثمانية عشر ألفا في العبريّة الحديثة…، كيتر، ٢٠٠٩؛ الرحلة المدهشة لبلاد الكلمات، كيتر، ٢٠١٢؛ المعجم العسكريّ غير الرسميّ، كيتر ٢٠١٥؛ حرب الحروف، أو: اليوم الذي ٱنقلبت فيه الشين على ظهرها، كيتر، ٢٠١٧؛  التحدّث بلغة التناخ/أسفار العهد القديم، كيتر ٢٠١٨. ولروزنطال موقع إلكترونيّ أسبوعيّ - ”زيراه لِشونيت/ميدان اللغة“ يُعنى باللغة العبريّة بخاصّة وباللسانيّات (linguistics) بعامّة وعُنوانه هو: http://www.ruvik.co.il/.

 نذكر أن روزنطال، كان قد بدأ بالكتابة الصحفيّة منذ شبابه في صحف عبريّة كثيرة مثل عَلْ هَمِشْمار، مَعريڤ، هآرتس، يِديعوت أَحَرونوت، شِدِموت، پوليطِقه، حَدَشوت وفي صحف ألمانية. وقد حصل عام ٢٠٠٤ على جائزة سوكولوڤ للصحافة تقديرًا لنشاطه اللغويّ، كما حصل في العام ٢٠١٢ على جائزة رَمات غان لأدب الأطفال والشبيبة. ويرى روزنطال أنّه بدون التناخ - أسفار العهد القديم - ٢٤ سِفْرا، وبدون اللغة العبريّة لما كان الشعب اليهودي. 

من اللافت للنظر، أنّ لغة الجيش الإسرائيليّ الخاصّة منذ العام ١٩٤٨، لم تحظَ بما يليق بها من عناية وبحث، ومن الصعوبة بمكان معرفة ما وراء ذلك من أسباب وظروف، فهذا الوضع عامّ في كلّ بلدان العالَم. لا نحيد عن جادّة الصواب إذا قلنا إنّ الجيش في البلاد، يُعتبر أهمّ مؤسّسة ذات أكبر تأثير على مجتمع البلاد وثقافته اليهوديّة. أضِف إلى ذلك أن البحث الاجتماعيّ اللغويّ (sociolinguistics) حديث العهد بصورة عامّة، وفي البلاد بنحو خاصّ. وهنالك من يبحث في لغة اليهود المتزمّتين؛ اللغة العبريّة لدى عرب البلاد الأصلانيّين؛ عبريّة اليهود الشرقيّين؛ عبريّة صيّادي السمك؛ عبريّة الأطفال؛ عبريّة الجُناة والمنحرفين وهلمّ جرّا. ويصرّح روزنطال بأسف وبقلق، بأنّ عالَم الجيش عنيف وهو يحظى بتقدير وتبجيل من قِبَل مؤسّسات التربية والاتّصالات. ومع هذا اختار المؤلِّف هذا الموضوع وكأنّه أراد سبْر أعماق العدوّ وفهم ما يدور هناك في الواقع. والمؤلِّف خدم في الجيش، ولا شكّ أنّ الخدمة تلك قد ساهمت بشكل ما  في بحث لغة الجنود. ويقول روزنطال إنّ لغة الجيش، اللغة الصهلية (مشتقّة من الاختصار صهـ”ل  بالعبريّة أي جيش الدفاع الإسرائيليّ وهنالك من أطلق عليه الاسم צק’’ל أي: جيش القتل الإسرائيليّ، في أعقاب تصريح قائد أركان الجيش الثاني والعشرين، أڤيڤ كوخاڤي ١٩٤٥- ، نسعى لجيش قَطْلَني/قاتِل )، ثريّة، جذّابة وتُشغل البال. 

نواة هذا الكتاب الجديد لروزنطال، هي أُطروحة دكتوراة كان قد أعدّها في جامعة بار إيلان في تل أبيب بإشراف البروفيسورة أوره شڤارْتسڤالد. وقدِ ٱعتمد المؤلّف على عيّنة من الألفاظ والعبارات، وصل تعدادها ستّة آلاف استقاها من مصادرَ متنوّعة: كُتب، وثائق، أفلام. من تلك الألفاظ ما ذكرناه آنفًا ”مُسَمَّم“ أي مقاتِل مُفعم بالتحمّس و”جوبنيك“ أي مدنيّ بزيّ عسكريّ. ومن الطبيعيّ جدًّا استعمال الاختصارات وهو من ميزات العبريّة الحديثة التي أخذت بالظهور كلغة محكيّة في أواخر القرن التاسع عشر في عملية أُطلق عليها اسم ”إحياء اللغة العبريّة“، بعد أن كانت لغة مكتوبة فقط حِقبةً طويلة من الزمان، حوالي سبعة عشر قرنا. ويظهر أن موشه شاريت (شِرْتوك، ١٨٩٤- ١٩٦٥) رئيس حكومة إسرائيل الثاني ١٩٥٤-١٩٥٥، كان قدِ اقترح على وزير الأمن استبدال اللفظة الأجنبيّة ”مورال“ أي ”معنويةّ“ بعبارة ”رواح هَلِحيمَه“ أي ”روح القِتال“، واختصر بالحروف الثلاثة ”رَهـ”ل“ وبمرور الزمن قُلبت الهاء عينا فغدا الاختصار ”راعَل“. والجيش يتّسم بالهرميّة الواضحة، سلاح الجوّ، الاستخبارات، سلاح اليابسة وفيه تقسيمات، ما الأفضل، أهُمُ المظليّون أم چولاني؛ وفي ذيل القائمة يأتي سلاح الهندسة القتاليّ. كما أنّ الجنس اللطيف في الجيش يُستقبل بازدراء، بل وبغضب ويطلق على المجنّدة اسم  ”بحوريله“، فهي ليست امرأة بل غوريلا ويسمّى الجندي غير المقاتل ”أُنثى“. 

ومن الجليّ، أن لغة الجيش هذه متعدّدة الجوانب والأشكال، وبخاصّة  ذات نمطين: لغة الجيش وهي لغته الرسميّة وتعمل من الأعلى إلى الأسفل، ولغة الجنود وهي بمثابة السلانچ عندهم. ورطانة الجنود هذه تمكنّهم من تخفيف مشاعر التوتّر والإحباط، وتجعل منهم جنودًا جيّدين متحمّسين وبلغتهم ”مُسمَّمين“. ويظهر من بحث روزنطال هذا أنّ ثمة نمطًا لغويًّا ثالثًا وهو ما يمكن تسميته الجَرْچون العسكريّ، كيفية إصدار الأوامر، وأطلق عليه المؤلف اسم ”لغة العمل/النشاط“. وهذان النمطان قريبان من بعضهما البعض، والحدود بينهما غير واضحة المعالم، فالجرچون يقبع في كنف أو ظلّ اللغة الرسميّة ويجعلها سهلة المنال، إنّه يخدِم لغة النشاط/العمل ولغة القادة الصغار. في حين أنّ السلانچ يظلّ اللغة المتداولة بين الجنود. وقد تبيّن من بحث المؤلِّف أن لا وجود لتعليمات أو إرشادات رسميّة بصدد كيفية إعطاء الأوامر، فلكلّ قائد أسلوبه الخاصّ، اللهمّ باستثناء أوامر الوقوف والاستعداد المنتظم. وممّا يجدُر ذكرُه أنّ الأوامر ليست مصاغة بصيغة الأمر كما يُتوقّع، بل بصيغ المضارع والمستقبل والماضي: ننتظم بثلاثة ثلاثة؛ ستحرّكون أنفسكم ؛ ثلاثون ثانية وكنتم هنا. قد يكون لهذا الأمر بصيغة الزمن الماضي تأثير من اللغة الروسية. ويلاحظ أنّ الأوامر التي يُراد تلبيتُها بسرعة وحالًا تصاغ بصيغة الماضي. ومن المعروف أن هذا الاستخدام شائع في الاستعمال اليوميّ العادي، فمثلًا نقول ”مشينا/تحركنا“ والمبتغى ”نمشي حالًا“ ولا يخفى على القارىء أنّ هذه الظاهرة موجودة في لهجتنا الفلسطينيّة. 

في الجَرْچون العسكريّ/الصهليّ، على سبيل المثال، يُطلق على إجازة نهاية الأسبوع أو السبت ”حَمْشوش“ وهي لفظة تتموضع بين الجرچون والسلانچ. وفي السلانچ العسكريّ التهكميّ يقال ”شو”ش كيدوش“ أي خروج الجندي لإجازة في ساعة متأخّرة من يوم الجمعة واصلًا بيته رأسًا لكيدوش السبت (شيشي وشبت/ الجمعة والسبت).

يُعنى القسم الأوّل من الكتاب بالسِّمات المركزيّة للعبريّة الصهليّة من حيث علمُ الأصوات؛ الصرف؛ النحو؛ المعجم أو علم الدلالة؛ التداوليّة (الپراچماطيقا) - بحث الاستعمالات والسياقات. والقسم الثاني من الكتاب يتناول موضوع العلاقة بين هذا النمط اللغويّ العسكريّ، وهرميّة الجيش؛ تحديد الرتَب العسكريّة؛ قواعد إصدار الأوامر العسكريّة؛ الصلة بين هذا النمط اللغويّ والتذكير والتأنيث ونواح إثنيّة؛ تأثير لغة الجيش على لغة المدنيّين والعامّيّة، السلانچ. 

وفي العام ٢٠٢١ صدر كتاب للأطفال لروزنطال بعنوان معناه ”عائلة بلِباس تنكريّ“ بإصدار كيتر وهو مُهدًى لحفيده يوئيل بمناسبة عيد ميلاده الرابع. ويأمل المؤلّف بأنّ حفيده هذا، بعد أن يكبُر، لن يعرف لغة الجيش، وبأنّ كتابه قيد العرض السريع سيصبح بمثابة تاريخ عن لغة منسيّة لتحتلّ مكانها لغات مدنيّة. اللغة الصهليّة تتغيّر ولكن ليس بإيقاع سريع وهي ذات خلفيّة ثابتة. 


اعتمدت أيضًا على:


 HYPERLINK "http://mikrarevivim.blogspot.com/2020/05/blog-


البوصلة السياسية والفكر المضياف بحسب بول ريكور/ د زهير الخويلدي


تمهيد

عدنا الى بول ريكور بعد فقدان البوصلة من طرف الفاعلين السياسيين لدينا والوقوع في سوء الحوكمة وبعد تراجع القيمة المضافة للنقاش العمومي وضياع قيمة الحرية وتشقق التوافق وتصدع الفضاء العمومي وانتصار منطق الانفراد بالرأي وممارسة السياسة الفوقية وتقنين المعاملات العادية وإعادة انتاج المعالجة القووية وتكريس السياسة الليبرالية في نسختها المحافظة الجديدة ومضاعفة المديونية بواسطة الاقتراض.

نقوم بترجمة نصين لإيلودي موريت عن بول ريكور ، الأول هو البوصلة السياسية والنص الثاني هو فكر مضياف من اجل الاطلاع والاعتبار والاستئناس والتفكير في النحن من منظور الحداثة السياسية المغايرة.


الترجمة:

"بول ريكور(1913-2005) فيلسوف فرنسي معاصر اجرى حوارات معمقة مع التراث. تذكّر مجموعة من المقالات والمحاضرات باهتمام الفيلسوف بالسياسة، الذي كان دائمًا عالقًا بين العقل والعنف. لم يكن لم يكن بول ريكور فيلسوفًا محبوسًا في برجه العاجي. ملتزمًا بتيار المسيحية الاجتماعية، ثم لمجلة فكر، فقد أبدى دائمًا اهتمامًا كبيرًا بالمسألة السياسية، معبراً عن تلك المتعلقة بالتعايش والديمقراطية والعدالة. على الرغم من أن الفيلسوف البارز لم يخصص كتابًا كاملًا لهذا السؤال، إلا أنه يتخلل جميع كتاباته: دراساته حول الموضوع والأخلاق (عين الذات آخرا، 1990)، تأمله في العدالة (العادل، 1995)، العمل على الأيديولوجيا واليوتوبيا (الأيديولوجيا واليوتوبيا 1997) أو الذاكرة (الذاكرة، التاريخ، النسيان، 2000).

حول هذا الموضوع أكثر من غيره، كان ريكور حذرًا من مخاطر التفكير الشامل والمجرّد. لذلك فضل شكل المقال، أكثر ظرفية، أكثر تواضعًا. لكن كتاباته لها قيمة تتجاوز لحظة نشرها. المجموعة الأولى، قراءة أولى. حول السياسة ، التي نُشرت في عام 1991 ، أظهرت بالفعل رؤية ريكور النبيلة والبراعة في دراسته للسياسة. يتيح نشر السياسة والاقتصاد والمجتمع الآن مواصلة الرحلة مع الفيلسوف، من خلال إتاحة النصوص المنشورة بين الخمسينيات والتسعينيات، والتي أصبحت غير قابلة للتعقب.


مسيحي وإنساني يواجه السياسة الشمولية

تؤكد هذه المجموعة أنه إذا كان الفكر السياسي للفيلسوف قد تم تأليفه خطوة بخطوة، من خلال التقدم الدقيق والواعي، فإنه مع ذلك يشكل فسيفساء رائعة، حيث تجلب كل قطعة صغيرة فارقها الدقيق. يتشكل السياسي هناك على شكل مفارقة، توتر، بين العقل والعنف، بين الاقتناع والمسؤولية، بين حقيقة التعددية والعيش المشترك المحتوم. يبدأ الكتاب بالسؤال اللاهوتي السياسي، الذي لا يمكن أن يترك المسيحي بول ريكور غير مبالٍ. نتذكر أنه في شذرات (عمل بعد وفاته، نُشر عام 2007)، أوضح الفيلسوف علاقته بإيمانه المسيحي. رفض تعبير "الفيلسوف البروتستانتي"، وفضل تعبير "مسيحي التعبير الفلسفي"، "تمامًا كما أن رامبرانت مجرد رسام ومسيحي في التعبير التصويري وباخ مجرد موسيقي ومسيحي في التعبير الموسيقي".


قاعدة السلوك

هذا الاحترام لفصل الأنساق، طبقه ريكور أيضًا على السياسة، كما يتضح من مقال "مغامرات الدولة ومهمة المسيحيين". بالنسبة له، لا يمكن للمسيحيين أن يكون لديهم سوى علاقة متناقضة - ضرورية وحكيمة - مع الدولة، لأنهم ورثوا من العهد الجديد قراءتين للواقع السياسي: "واحدة، وهي قراءة القديس بولس، والتي تميل إلى التبرير الصعب، الآخر، وهو القديس يوحنا ، إلى انعدام ثقة عنيد. من ناحية، الدولة هي صورة "القاضي"، بالنسبة للآخر، هي صورة "الوحش". يستمد ريكور قاعدة سلوك من هذا: رفض أي سياسة مسيحية. إنه يرى أنه "ليس من المشروع (ولا حتى الممكن)" استنتاج سياسة من اللاهوت "لأن أي التزام سياسي يكون في نقطة التقاء قناعة دينية أو أخلاقية بمعلومات عن شخص دنس أساسًا، أو حالة يحدد مجالًا محدودًا من الإمكانيات والوسائل المتاحة، لخيار أكثر أو أقل خطورة ". إذا كنت تأخذ الوقت الكافي للتأمل على الأقدام الأربعة لهذه القضية، فكل شيء موجود ...


بوصلة ثمينة

المقالات في الكتاب، التي تتناول مواضيع مختلفة - الماركسية والاشتراكية، المسؤولية، السلطة، المال، التسامح، مكانة الأجانب، أوروبا ... - تعبر أكثر عن التزام الفيلسوف المسيحي والإنساني. "الاشتراكية اليوم" (1961) ... إذا تغير السياق التاريخي، يستمر ريكور في تقديم بوصلة ثمينة، ويرفض بالفعل رؤية السياسة يتم الاستيلاء عليها من قبل السوق و"الأوليغارشية التقنية" بقلم إيلودي موروت ، 04/04/2019


بول ريكور ، فكر مضياف

أربعة كتب تم نشرها للتو، مؤتمرات تم تنظيمها في اليابان والولايات المتحدة وإسبانيا وألمانيا وتشيلي والسويد والأرجنتين وبالطبع في فرنسا: مائة عام بعد ولادة بول ريكور ، فكر الفيلسوف بخير. أفضل، لقد أصبح الآن عملًا كلاسيكيًا وأساسيًا. يقول أوليفييه أبيل، الفيلسوف ورئيس المجلس العلمي لأعماق ريكور في باريس: "عدد المؤتمرات المنظمة مثير للإعجاب للغاية: سيكون هناك مؤتمر واحد على الأقل في الأسبوع على مدار العام". اليوم، يلتقي به جميع الباحثين على مستوى جديته ، حتى أولئك الأقل "ريكوريين" الذين تربطهم علاقة مثمرة جدًا بفكره." بعد مرور سنوات من وفاته، لم يُعترف بعد بريكور في مكانه الصحيح كفيلسوف "عظيم". "إنه ليس عملاً بملف تعريف مميز للغاية، لأنه لم يتوقف أبدًا عن الحركة ، والاهتمام بمجموعة متنوعة من الموضوعات. هذا بلا شك يطمس قراءتها، "يعترف أوليفييه أبيل. يجب أن يقال أن الفيلسوف استثمر في أراضٍ مختلفة: الهيرمينوطيقا - تيار الفلسفة الذي يهتم بفن التفسير - ، الفينومينولوجيا - التي تسعى للوصول إلى الأشياء كما تُعطى في التجربة - واللغة والكلام والوقت والتاريخ والأخلاق والأخلاق والعدالة والسياسة والشر والدين ...


افتتاح ساحة "بول ريكور" في باريس

يجب أن تكون الذكرى المئوية التي تم تنظيمها هذا العام مناسبة لاستحضار هذه الحياة المثيرة للدهشة مرة أخرى. ولإعادة ريكور إلى الساحة العامة. في بادرة رمزية للغاية، في نوفمبر المقبل، سيتم افتتاح ساحة "بول ريكور" في باريس، أمام جامعة ديدرو ، في الدائرة الثالثة عشر. ما الذي يمكن أن يكون أفضل من مكان، حيث يمكننا أن نلتقي ونلتقي ونتحاور، لتكريم فكر فيلسوف جعل المحادثة فنًا فلسفيًا؟

لم يكن ريكور قانعًا بكونه فيلسوفًا ومعلمًا. كان جزءًا من حياة المدينة وكان حاضرًا جدًا في العالم غير الجامعي "، يتذكر أوليفييه مونجين، مدير مجلة فكر، التي كان ريكور قريبًا منها. "لم يكن خائفًا من التدخل في الجدل العام، لقد كان جزءًا من قرنه، حساسًا للأحداث، لهشاشة التاريخ. من النزعة السلمية في السنوات الأولى إلى التفكير في الديمقراطية، كان ريكور منتبهًا لنوعية الفضاء العام والمحادثات والمداولات التي جعلت من الممكن حياة جماعية مثمرة. يلخص أوليفييه مونجين: "كان لديه الكثير من المناقشات مع الأطباء والمحامين والقضاة والمعلمين ... في الأساس، كان مكانًا عامًا صغيرًا بمفرده".


التفكير في الآخر

هذا الاستماع، هذا الذوق للحوار، جعله بول ريكور بوتقة فلسفته. جميع كتبه العظيمة هي أولاً وقبل كل شيء مقابلات طويلة مع فلاسفة الماضي. فقط بعد الاطلاع على كتاباتهم، غامر ريكور بتقديم مساهمته. لم يقتصر هذا الجهد على الشخصيات العظيمة. جمع الفيلسوف أيضًا القدماء والحديثين، والفلسفة والتاريخ، والتحليل النفسي، والعلوم الإنسانية أو الدقيقة، والفلسفة الأوروبية والأمريكية، والمؤمنون واللاأدريون ، وكل ذلك مع توافر ما يميز معاصريه. "صدمتني قدرته الاستثنائية على الاستماع: لقد تقدم نحو أفكار الغير، أكثر بكثير مما ذهب الآخرون نحو أفكاره"، يشهد الفيلسوف آلان فينكيلكراوت ، في ريفورمي. إذا كانت العديد من نقاط الدخول ممكنة في هذا العمل، فيمكن ربط الموضوعات التي عمل ريكور بخيط التفكير في "الانسان القادر". "كل أفكاره كانت فلسفة ترحيبية لإمكانيات الإنسان"، يشرح الفيلسوف جان غروندين في الصغير "ماذا أعرف؟ الذي كرسه للتو للفيلسوف. يمكنه أن يتصرف ويتحدث ويخبر بتجربته والوفاء بالوعود ويغفر ويتأثر بالله. كان هذا التأمل لا ينفصل عن فكر الآخر، في الغيرية. "أقصر طريق من الذات إلى الذات يمر بالغير"، كما أحب ريكور أن يردد.


إيمان لوثر وكالفن كإرث

بالنسبة للمؤمنين، يترك بول ريكور إرثًا مثمرًا، بعيدًا عن سحب الهوية بقدر ما هو بعيد عن إضعاف القناعات. أراد هذا المسيحي، الذي ورث إيمان لوثر وكالفان، تحويل هذه الفرصة "إلى قدر، عن طريق الاختيار المستمر". يظل مفكرًا ثمينًا من خلال فنه في الجمع بين الروح النقدية للحداثة والإيمان المسيحي. يتذكر أوليفييه أبيل: "استوعب ريكور مبكرًا الصراع بين الروح النقدية للفلاسفة المعاصرين والإيمان المقنع ببيئته. لكن بعيدًا عن رغبته في تقليل هذه المعارضة، فإنه يبقي وجهتي النظر في حالة توتر. هذا هو الموقف التأسيسي." فما احوجنا الى بوصلة سياسية تعيدنا الى الجادة وفكر مضياف يوقظنا من عنادنا؟ بقلم إيلودي موريت ، 02/28/2013


المصدر


Paul Ricœur, Politique, économie et société. Écrits et conférences (vol. 4), édition, Seuil, 340 p.


J. Grondin, Paul Ricœur, coll. « Que sais-je ? », PUF, 128 p., 9 € ; F. Dosse et C. Goldenstein (dir.), Paul Ricœur : Penser la mémoire, Seuil, 298 p., 25 € ; J. Michel, Ricœur et ses contemporains, PUF, 180 p., 19 € ; C. Marin et N. Zaccaï-Reyners (dir.), Souffrance et douleur. Autour de Paul Ricœur, PUF, 98 p


 Alain Finkielkraut ,« Paul Ricœur, un homme de bien », Réforme numéro spécial, n° 3502, 28 février 2013.