.... عرفات إنه المؤتمر الأكبر , والأوحد الذى يجمع الملايين تحت راية واحدة هى راية الإسلام . وانصياع لأمر واحد هو أمر الله ( وأذن فى الناس بالحج) ,ووراء هدف واحد (لبيك اللهم لبيك) ومهما تعددت اللغات او الجنسيات لا فرق بين أبيض و أسود ولا بين عربى وأعجمي , الكل سواسية وهم يلبّون النداء ( لبيك اللهم لبيك ...لبيك لاشريك لك لبيك) إنها بروفة مصغرة ليوم القيامة وقيام الساعة والأشهاد بالأكفان , اليوم لاغير اللباس الأبيض زى واحد موحد للجميع , والكل يمتثل لأمر الله ويتناسى أمر الدنيا وبريقها , الكل يأتى من كل فجٍ عميق تاركاً المال والولد ويترفع عن الشهوات الدنيوية حتى ولو كانت حلال مثل جماع الزوجات , يتباهى بهم الله سبحانه وتعالى بين ملائكته ويقول لهم إنظروا كيف يأتونى شُعثاً غُبرأ يرجون رحمتى ومغفرتى , و لم يروا عذابى بعد , فكيف لا أغفر لهم , إشهدوا أنى قد غفرت لهم , إنه لموقف مهيب إنه لأكبر مؤتمر عالمى يعرفه التاريخ القديم والحديث , تتجلى الوحدة فيه فى المظهر والجوهر والهدف , فالكتاب واحد مهما إختلفت اللغات والإله واحد مهما إختلفت الأعراق , الكل يدعو الله القائل ( ادعونى أستجب لكم ) الكل يلبى لبيك اللهم لبيك فاح الكون من نفحاتها ,لبيك اللهم لبيك تعطرت منها ربوع الوادى كلها, لبيك اللهم لبيك إن الحمد والنعمة لك والملك لاشريك لك .
فى رحاب عرفات يقف الحجيج تحفّهم رعاية المولى عز وجل , سبقت مشاعرهم أجسادهم , وحيث وقف من قبلهم نبينا الكريم والخلفاء الراشدين والصحابة الكرام , وكلهم أمل أن يكلل سعيهم من بلادهم البعيدة إلى مكة وعرفات أرض المشاعر المقدسة بالمغفرة ورضوان الله , يقفون حيث وقف نبيهم محمد عليه الصلاة والسلام ليضع لهم دستور حياتهم إلى أن يرث الأرض ومن عليها , وفى خطبة الوداع أعلن إكتمال الدين ( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتى ورضيت لكم الإسلام ديناً ) إنه يوم عظيم تغفر فيه الذنوب لمن لبى النداء وأدى المناسك واجتهد فى رضى الله , ورجع وقد غيره الحج إلى بيت الله وغيّر سلوكه إلى الأفضل , كما يغفر أيضاً ذنوب عام مضت وعام قادم لمن صام يوم عرفة من غير الحجيج , فأى رحمة تلك ياألله تبارك الله أرحم الراحمين أما من ذهب للتباهى أو للمظاهر أو لمن لم يتغير بحجه , فإنه لا يأخذ من حجه غير المشقة وأما الذين غُفر لهم يرجعوا كمن ولدتهم أمهاتهم أنقياء من الذنوب .
وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيق
صدق الله العظيم
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق