نهاية ظاهرة حزب الله ونصرالله أمست جداً قريبة/ الياس بجاني

التاريخ دائماً يعيد ويكرر نفسه، في حين أن قلة قليلة جداً من البشر الذين انعم الله عليهم بوزنات القيادة والعلم والمعرفة والحكمة والثراء يتعظون ويتعلمون من عبر التاريخ هذا، أو يستفيدون من دروسه ومن تجارب الآخرين المأساوية من أقرانهم، خصوصاً أولئك الذين منهم ملوك وقادة وأصحاب ثروات ورجال دين كبار.

فهؤلاء في أغلب الأحيان وحين يتحكمون بمصير غيرهم من البشر عن طريق السلاح والإرهاب والبطش ومواقع السلطة والنفوذ يعميهم تراب الأرض بثرواته الزائلة والآنية وتتفلت غرائزهم الحيوانية فيصابون بعمى البصر والبصيرة ويتحولون إلى وحوش كاسرة ويقتلون بدواخلهم كل ما هو إنسان وإنسانية.

لو عدنا إلى كتب التاريخ الغابر كما المعاصر نجد أن المئات من هؤلاء الذين ويوم أمسوا أصحاب سلطة وثروات ونفوذ ظلموا وتكبروا وتجبروا ولم يخافوا الله ولم يحسبوا حساباً ليوم الحساب الأخير.

على هؤلاء تحل اللعنة، والله جل جلاله الذي هو أب محب ورحوم وغفور يصل به الأمر إلى حد نبذهم وإبقائهم حيث هم في أوحال الغرائزية وفخاخ تجارب إبليس حتى لا يتوبوا ويغفر لهم.

في هذا السياق الإيماني والإنساني يقول الكتاب المقدس: "لأَنَّهُم وإِنْ كانُوا نَاظِريْنَ فَهُم لا يَنْظُرُون، وإِنْ كَانُوا سَامِعينَ فَهُم لا يَسْمَعُونَ ولا يَفْهَمُون. وفِيْهِم تَتِمُّ نُبُوءَةُ آشَعْيا القَائِل: تَسْمَعُونَ سَمْعًا ولا تَفْهَمُون، وتَنْظُرُونَ نَظَرًا ولا تَرَوْن. قَدْ غَلُظَ قَلْبُ هذَا الشَّعْب: ثَقَّلُوا آذَانَهُم، وأَغْمَضُوا عُيُونَهُم، لِئَلاَّ يَرَوا بِعُيُونِهِم، ويَسْمَعُوا بِآذَانِهِم، ويَفْهَمُوا بِقُلُوبِهِم، ويَتُوبُوا فَأَشْفِيَهُم. أَمَّا أَنْتُم فَطُوبَى لِعُيُونِكُم لأَنَّهَا تَنْظُر، ولآذَانِكُم لأَنَّها تَسْمَع! فَٱلحَقَّ أَقُولُ لَكُم: أَنْبِيَاءُ وأَبْرَارٌ كَثِيْرُونَ ٱشْتَهَوا أَنْ يَرَوا مَا تَنْظُرُونَ فَلَمْ يَرَوا، وأَنْ يَسْمَعُوا مَا تَسْمَعُونَ فَلَمْ يَسْمَعُوا!".(متى/13/من10حتى17).

عبر التاريخ كثيرة وهي تلخص بواحدة تقول: "لو دامت لغيرك ما وصلت إليك".

في هذا الإطار التاريخي إننا نرى علامات كثيرة تشير بموضوعية وعملانية إلى قرب نهاية السيد حسن نصرالله السياسية  والسلطوية المنفوخة بالأوهام والخرافات التاريخية والعدائية، وربما أيضاً قرب استدعاء هذا الرجل من قبل الإيرانيين ليبقوه عندهم، وأيضاً هناك دلائل حسية  تشير إلى قرب عودة حزبه إلى وضعية الأحزاب اللبنانية الأخرى بما يتعلق بالأحجام والأدوار والإمكانيات والتأييد الشعبي.

من أهم هذه العلامات تأتي ظاهرة سقوط الهالة عن السيد نصرالله إلى ما تحت الصفر، وانكشاف وكشف وتعرية وهن حزبه كلياً من خلال عشرات المقالات الجريئة التي تحاكي معاناة الطائفة الشيعية على كافة الصعد المحلية والإقليمية والدولية وكتابها جميعهم هم من أبناء الطائفة الشيعية الكريمة المعارضين علناً وبقوة للهيمنة الإيرانية على الطائفة وعلى الحزب وعلى لبنان.

تتميز كتابات القادة والسياسيين والإعلاميين ورجال الدين الشيعة اللبنانيين المعارضين لكل ما يمثله ويفعله حزب الله الإيراني بجرأة واضحة في تسمية الأشياء بأسمائها، وبواقعية وموضوعية ومعرفة حسية ومعاشة وملموسة في مقاربة معاناة الطائفة خصوصاً في نتائج الحرب السورية البشعة والمكلفة جداً التي ورط الحزب فيها أبنائهم.

كتاباتهم الجريئة والسلمية تعيد أحجام من توهموا بأحجام ليست لهم إلى الواقع دون أوهام وأحلام يقظة وتردهم إلى وضعيتهم الحقيقية.

وفي هذا السياق نحن نرى أن خطابات السيد نصرالله الأخيرة العالية النبرة والمتفلتة من كل الضوابط الإيمانية والأخلاقية والوطنية هي أيضاً دليل ملموس على عمق غضب وخيبة وفشل الرجل وقرب انتهاء دوره ودور حزبه.

باختصار إننا نعيش زمن ما بعد ظاهرة حزب الله ونصرالله وذلك لأن الحزب وقادته المحليين والإيرانيين لم يتعظوا من دروس وعبر وأمثلة التاريخ، فغرقوا في أوحال الأوهام كما من سبقهم وبالتالي غروب ظاهرتم المستبدة والظالمة والمستكبرة لن يكون مستغرباً ولا شواذاً بل أمراً حتمياً ومتوقعاً وقاعدة.وأن غداً لناظره قريب.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق