هناك العديد من الشخصيات والرجال في بلدي الحبيب ( مصمص) الذين كان لهم الدور الفعال والمؤثر في المجتمع وفي مساعي الاصلاح ، يستوجب الحديث عنهم وعن مآثرهم والتذكير بهم ، ولنبدأ اولاً بالعم المرحوم ابراهيم محمود شرقاوي ( ابو شوقي ) الذي كان امام وخطيب جامع القرية القديم .
وهو شخصية اجتماعية تركت اثراً طيباً في النفوس ، وكان صاحب حضور قوي ولافت . فكان خطيباً مفوهاً ومتحدثاً لبقاً وحكائياً ماهراً .
ولد في مصمص العام ١٩١٤ ووافته المنية في شهر تموز العام ١٩٨٦ .
كان يتمتع بصوت عذب رخيم وخصوصاً في الموالد النبوية والتواشيح الدينية . وكان يحفظ الكثير من الأشعار عن ظهر قلب ، وعارف بالفقه وعلوم القرآن وأسرار اللغة ، وكان يقرض الشعر ، وأجاد في الوصف والغزل ، وشعره رقيق ، حسن السبك ، جميل العبارة، ومن السهل الممتنع ، وومما قاله :
حطيت الحب بقلبي وضاع المفتاح
قلبي ع مفرق بيتك دشرني وراح
وعندما استشهد الشاعر الوطني الكبير ابن مصمص راشد حسين وقف ليرثيه ويؤبنه بصوت الجهوري الصداح قائلاً :
" اي انسان هذا ، اي ذكاء كان يتوقد في ذهنه !
ان ذكاء المرء محسوب عليه ، واصحاب المواهب الخارقة كثيراً ما يدفعون الثمن ، واحد هؤلاء هو هذا الانسان !
واذا كانت النفوس عظاماً
عجزت عن مرامها الاجساد
فلقد كان راشد ذا موهبة خارقة ، في سعة الذاكرة وقوتها . كان رحمه الله يجيد فن الكلام ويجيد فن الاصغاء فلا يكاد ينسى مما وعى كلمة ولا حرفاً مهما تعاقبت الأيام ، من اجل هذا هيأته موهبته ليكون شاعراً وكاتباً وخطيباً وحامل رسالة . وقد جعل الله في قلوب اصحابه على اختلاف اديانهم واجناسهم . وكان قرة اعينهم ومهوى افئدتهم ، كان قوي الشخصية رفيع الخصال عظيم الشمائل .
ويضيف : " ايه يا راشد ! انك عريس هذه القرية الصغيرة بحجمها وعدد سكانها ولكنها اصبحت بك كبيرة كبر نفسك وعظمتها . انك عريس فذ انطلق ركب زفافك في اضخم مدينة في العالم ، نيويورك ، الى اصغر قرية في الشرق الاوسط ، الشرق العربي ، هي قرية مصمص . فما اروع هذا الزفاف الذي اشتركت فيه الارض والسماء .
ولقد اصبحت قريتك مدينة لاصدقائك واصحابك واخوانك الذين ساهمواًفي تشييع جنازتك وفي احياء يوم الاربعين . خاطبوك باشعارهم وبعقولهم وبقلوبهم وكأنهم كانوا يخاطبونك وجهاً لوجه ولكنهم يا راشد سامحونا بهذا الدين ، وقالوا انهم يقومون ببعض ما لك عليهم من حقوق فلهم منا الف شكر وسلام .
وينهي كلمته بالتساؤل : اصحيح انك مت يا راشد !
ويجيب :"كلا انك لم تمت ولكنك انتقلت من بيننا في رحلة الى عالم آخر انت فيه حي ترزق " .
ابراهيم محمود شرقاوي عرف بمواقفه الاجتماعية والدينية والانسانية ، كان له حظوة بين الناس مثلما كانت منزلته ومكانته الرفيعة عند ذوي الشأن . فله الرحمة وعاشت ذكراه الطيبة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق