التطبيع الإماراتي مع اسرائيل جائزة مجانية لدولة الإحتلال/ راسم عبيدات

“الكنيست”  الصهيوني اعتبرت المقاطعة بمثابة تهديد استراتيجي لإسرائيل وليس تهديد سياسي،وواضح بأن حالة كبيرة من القلق والإضطراب والخوف والإرتباك تسود دولة الإحتلال وحكومتها تجاه مكانة اسرائيل الدولية في ضوء النداءات والمطالبات المتكررة بفرض العقوبات والمقاطعة الدولية عليها،نتيجة الإحتلال والإستيطان الإستعماري وجدار العزل  والضم العنصري وسياسة الفصل العنصرية “الأبارتهايد”،وما ترتكبه من جرائم حرب بحق الشعب الفلسطيني،ولم تعد اسرائيل تتعامل مع هذا الملف بإستهتار وبدون إكتراث،بل أصبح خطر المقاطعة الدولية لدولة الإحتلال يوازي خطر القنبلة النووية الإيرانية على دولة الإحتلال.،أي ان المقاطعة أصبحت بمثابة خطر وجودي على دولة الإحتلال.

وفي هذا  الوقت بالذات التي تتنامي فيه المقاطعة لدولة الإحتلال في ظل الهبة الشعبية الفلسطينية المتصاعدة ،وتنكشف  فيه حقيقة هذه الدولة كدولة كونيالية عنصرية تتنكر لوجود شعبنا الفلسطيني وحقه بالعيش بحرية وإستقلال كباقي شعوب العالم،وجدنا بأن مشيخات النفط والكاز هي من تمد لها طوق النجاة،من خلال إنتقال العلاقات والتعاون والتنسيق في الجوانب الأمنية والإستخباراتية والسياسية والتجارية والإقتصادية بين تلك المشيخات النفطية  و"اسرائيل" من السر إلى العلن،وطبعاً مهندس ذلك سواء في التنسيق واللقاءات مع مسؤولين قطريين او سعوديين او إماراتيين أمنيين أو سياسيين،هو "دوري غولد" مدير عام وزارة الخارجية الإسرائيلية ورجل بنيامين نتنياهو الأول لهذه المهام، و"غولد" هذا كان له لقاءات مع انور عشقي احد رجالات الاستخبارات السعودية في واشنطن وكذلك مع تركي الفيصل مسؤول الاستخبارات السعودي السابق في واشنطن أيضاً وكذلك الكثير منها مع المغدور بندر ومع وزير الخارجية الحالي عادل الجبير وغيرهم من مسؤولي عائلة ال سعود والعديد من المسؤولين القطريين،وأتذكر جيداً ما قاله رئيس دولة الإحتلال نتنياهو بعد انتهاء عدوان تموز/2014 على شعبنا ومقاومتنا في غزة ،بأن ما ربحته اسرائيل في هذه الحرب أصدقاء جدد على الصعيد العربي يقفون الى جانب اسرائيل ويشاطرونها الموقف من المقاومة وايران،ويعتبرون بأن اسرائيل ليست دولة معادية لهم،ولم تعد القضية الفلسطينية قضيتهم الأولى.

طبعاً "دوري غولد " هو مهندس إفتتاح هذه الممثلية الإسرائيلية العلنية في أبو ظبي ،فقد قام الثلاثاء الماضي 24/11/2015  المدير العام لوزارة الخارجية، "دوري غولد"، بزيارة سرية إلى أبو ظبي للاتفاق نهائياً على فتح هذه الممثلية. وسبق الإعلان عن فتح هذه الممثلية سماح الإمارات بدخول لاعبين إسرائيليين للمشاركة في دورة مباريات دوليّة في كرة السلة.

 "اسرائيل " هذه أوّل ممثلية رسمية وعلنية لها تمتلك الحصانة الديبلوماسية في أبو ظبي،بوصفها ممثلية معتمدة لدى الوكالة الدولية للطاقة المتجددة (IRENA)  التي  تتخذ من أبو ظبي مقراً عالمياً لها. مديرة إدارة الإتصال بوزارة الخارجية الإماراتية مريم الفلاسي ،قالت في معرض تبريرها لتلك الخطوة،بأن الوكالة الدولية للطاقة المتجددة منظمة دولية مستقلة  تعمل وفق القوانين والأنظمة والأعراف التي تحكم عمل هذه المنظمات ، وان لا تغيير في موقف الإمارات أو علاقاتها بإسرائيل.

 ومهما يكن هذا التبرير الإماراتي،فإن إصرار اسرائيل ان يكون لها ممثلية علنية في الإمارات وبشكل مستقل،يوضح بان هناك اهداف اسرائيلية من وراء ذلك،فالدول المنضمة لوكالة الطاقة الدولية المتجددة،إما أنها ممثلة من خلال سفاراتها او بعثاتها  الدبلوماسية هناك،او من خلال موظفين صغار،فإسرائيل ترى في تلك الممثلية موطىء قدم لها ،ليس لكي تمارس من خلاله انشطه امنية وسياسية وتجارية واستخباراتية في الإمارات فقط،بل تطمح بالتمدد لكامل منطقة الخليج،وخصوصاً بان العلاقات السرية في المجالات الأمنية والعسكرية والإستخباراتية علىى وجه الخصوص بينها وبين أغلب مشيخات النفط والكاز العربي،قائمة منذ عشرات السنين.

حسب ما أوردت صحيفة هارتس الإسرائيلية،فإن زيارة "غولد" السرية لأبو ظبي والمغلفة بحضور إجتماع مجلس (IRENA)،الهدف الرئيس لها،هو التباحث في الإتفاق على فتح الممثلية الإسرائيلية،حيث اجتمع الى عدنان أمين الأمين العام لوكالة (IRENA).

ونقلت "هآرتس" عن مسؤول رفيع المستوى في تل أبيب قوله، إنَّ وزارة الخارجية الإسرائيلية عيّنت الديبلوماسي رامي حتان لرئاسة الممثلية الإسرائيلية الجديدة، ويتوقع أن يصل قريباً إلى أبو ظبي لتسلُّم مهام عمله. وفضلاً عن ذلك، تم اختيار المكان الذي سيشكّل مقراً للممثلية الجديدة التي يجري تجهيزها لافتتاحها رسمياً.

"اسرائيل" رغم كل علاقاتها السرية مع مشيخات النفط والكاز رأت في تلك العلاقة والوجود العلني في عاصمة الإمارات العربية،بمثابة إختراق سياسي في العالم العربي،قد يضعف من عزلتها ومقاطعتها المتنامية على المستوى الدولي،بسبب خرقها للقانون الدولي وما يتصل به من اعراف ومواثيق واتفاقيات دولية بشأن الشعب الفلسطيني وحقوقه المشروعة.

وتنقل صحيفة هآرتس الإسرائيلية عن مسؤول كبير في وزارة الخارجية الإسرائيلية ،أن حكومة الإحتلال وافقت بشكل إستثنائي  في كانون ثاني من عام 2009 عند إنشاء (IRENA)،أن يكون مقرها أبو ظبي،كان عدم تقييد المشاركة في نشاطات مقر المنظمة بأي مواقف سياسية،وان يكون في وسعها إفتتاح ممثلية معتمدة في أبو ظبي.

ثمة تساؤل كبير وكذلك علامة إستفهام كبيرة  حول ما جرى من إغتيال لأحد القادة العسكريين في حركة حماس الشهيد محمود المبحوح في احد فنادق دبي على يد مجموعة كبيرة من جهاز الموساد الإسرائيلي،وبين زيارة وزير البنى التحتية الإسرائيلية "عوزي لانداو" العلنية الى أبو ظبي،والتي كانت في  شهر كانون ثاني 2010 لحضور مؤتمر الوكالة الدولية للطاقة المتجددة،ولتجري عملية إغتيال المبحوح بعد شهر من تلك الزيارة.لم يدم التوتر وسوء العلاقة بين الطرفين طويلاً
،العلاقات السرية بقيت على حالها،فدول الخليج مصابة بمرض اسمه ايران التي ستبتلعها،واسرائيل التي ستوفر لها الحماية من هذا "الغول".

تدريجياً عادت المور الى مجراها الطبيعي،ووزير البنى التحتية  الإسرائيلي "سليفان شالوم" في عام 2014 ،ويلتقي مع عدد من وزارء حكومة الإمارات ويعلن بأن يتعين على إسرائيل فتح ممثلية معتمدة لها في أبو ظبي لدى الوكالة الدولية للطاقة المتجددة (IRENA).

 موقع "واللا " المقرب من المخابرات الإسرائيلية ،لفت إلى أن مقالة نشرت الأسبوع الماضي في موقع "هافنغتون بوست" الإخباري عن السفير الإماراتي في واشنطن، يوسف العتيبة، قوله أنّه يقيم علاقات وثيقة مع السفير الإسرائيلي في العاصمة الأميركية رون دريمر. وقال الموقع الأميركي "إنهما يتّفقان تقريباً في كل المواضيع، ما عدا في الشأن الفلسطيني".

الإمارات العربية وغيرها من مشيخات النفط والكاز،تظهر بمظهر الداعم والمساند لشعبنا الفلسطيني ولأمتنا العربية من خلال مساعدات إنسانية خيرية وإغاثية،ودعم للعديد من المشاريع المتعلقة بالبنى التحتية والخدماتية وبناء المدارس والمساجد والمساكن،نجد انها بالمقابل تستثمر الكثير من الأموال وتضخها الى جماعات إرهابية هدفها تقتيل شبنا العربي وتدمير بلدانه وإدخالها في حروب التدمير الذاتي والفتن المذهبية،ومقابل الفتات من الموال التي تقدمها لشعبنا الفلسطيني،تشارك في تصفية القضية الفلسطينية،عبر مشاريع سياسية مشبوهة أقلها شرعنة الإنقسام الفلسطيني وتفتيت وحدة الشعب الفلسطيني ومحاولة شطب حق العودة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق