الخميس، 10 ديسمبر 2015

الوالي وبعـيـره المشاغـب الخالي/ مايكـل سـيـﭘـي

 طلب مني صديق ، إستـراحة لـلـظهـيرة ، فـقـلتُ سمعاً وطاعة وتـدلـل .....
من تراث جـريـدة عـمّـا كـلدايا / سـدني ـ 2001 

حـدثـني زميل عـن مسرحـية ( بعـير الوالي ) التي شاهـد عَـرضَها عـلى خـشبة مسرح بغـداد في أيام السبعـينات ، نكـتبها بلون قـلمنا لـيـطلع عـليها قـرّاؤنا ونعـرف مـدى صدقـنا عـند ثرثرتـنا وقـوة إيماننا بأي عـمل جـماعي يخـصنا  .
يُحكى عـن بعـير مُـدلـل للوالي كان يجـول ويصول كـيفـما يشاء في حـقـول الأهالي ، يأكـل ما يشتهي من زرعهم ولا يـبالي ، فـيتمرغـل أينما تستهـويه مروجهم حـتى تطاولَ فـصار يـداعـب ناقاتهم ويغـمز غـزلانهم ، ناسياً أنه بعـير كـبـير لا يليق به مغازلة الريم الرشيقة ولا مداعـبة الجـميلة في الحـديقة من إناث الحـيوانات الأنيقة . 
ضاق الناس به وتـذمروا منه حـتى أجـمعـوا أمرهم يـوما ليرفعـوا دعـواهم إلى الوالي ، يشكـون إليه سوء تـصرّف بعـيره في الحـقـولِ . ولكـن مَن ذا الذي يتـقـدمهم بإسمهم ليكـلم الوالي ؟ في الـبـدء تـشجَّع كلهم وعـددهم يفـوق المائـتين فـتـقـدم أحـدهم وقاد مسيرتهم إلى حـيث يُـقـيم الوالي . وقـبـيل منـتـصف الطريق نظر قائـدهم حـوله فـرأى قـسما منهم يعـود أدراجه بصمت إلى حـيث قـدِمـوا .   
هـزَّ رأسه وإستمر مع الباقـين مسيرته إلى المـدينة حـتى برز برج القـلعة من بعـيد ، عـندئـذ تباطأ عـدد آخـر من المتـظاهـرين وبقـوا في مكانهم والآخـرون يواصلون سَيرهم . ولما وصلوا مشارف الـبلـدة نظر الزعـيم الشجاع حـوله فإنـدهـش ! حـين لاحـظ الـذين إشتـد غـضبهم وأجـمعـوا أمرهم ورفعـوا دعـواهم ، تركـوه ولم يـبقَ إلا بضعة منهم ، وما أن وصل باب الـقـصر حـتى إستـوقـفه الحـراس برماحهم قائلين : ماذا تريد يا رجل ؟  
قال لهم : أنا وجـماعـتي نريد مواجهة الوالي في شأن خـطـير عالٍ ! قالوا: إنك أنت أمامنا ولكـن جماعـتك أين ؟ إلـتـفـتَ الرجل كي يشير إلى جماعـته ، فـلم يـرَ إلا نفسه ! لـقـد خـذله جـميع أصحابه ، فـقال للحـراس : خـوَّلـني أصحابي أن أكـلم الوالي باسمهم وبإسمي ، وهم الآن ينـتـظرونني عـند مشارف المـدينة وعـلى جانبَي الطريق . سأله الحـراس : ولماذا لم يصطحـبوك إلى باب القـلعة ؟ قال : كي لا يُساء فهمهم ويُـفـَسَّر موكـبهم بقافـلة تـثير حـول القـصرغـبارهم ... وعـنـدها أذِن له . 
ولما صار في حـضرة الوالي ، سأله : ما الذي جاء بك إليَّ يا هـذا ؟ قال الرجل المقـدام : يا حـضرة الوالي ، إن بعـيركم صار يرعى في حـقـولنا و.......!!! 
فـقاطعه الوالي فـورا قائلا : وهل من مانع يُـصادر حـرية ( البعـير ) عـزيز الوالي ؟ 
قال الشجاع : كلا يا مولاي إنما نحـن نـراه وحـده لا رفـيقة عـنـده فـنحـزن لأجـله ! جـئـناك لـنرجـوك أنْ تسمح ونخـطب ناقة له ، تـزيل عـنه هـمومه وتـعـوِّضه وحـدته وتـوفـيه حاجـته ، فـما رأي فخامتكم في طلبنا لـلـتـرفـيه عـنه ؟ قال الوالي : بارك الله فـيكم جـميعاً .... خـذ هـذه ناقة لـلـبعـير ، ومائة أخـرى مكـرمة لك فأنت الجـديـر . 
 ولما رجع الرجـل ومعه 101 ناقة ، لاقاه أصحابه الـذين تركـوه ... فـسألـوه عـما جـرى بـين الوالي وبـينه ، أخـبرهم بالحـقـيقة فـقالوا له : ألا تـشاركـنا فـيما وهـبك ؟ قال لهم : أما كان الأعـدل لـو شاركـتموني في حـضوري أمام الوالي ؟ قالوا له : ولكـنك قـلتَ له أن الـبعـير يريد ناقة ! ولم تـقـل دمَّـر حـقـولنا جـميعـنا ! قال : خـذلـتموني وتركـتموني وحـيداً أمام الباب العالي وتريدون مشاركـتي في مكـرمة الوالي ؟ أتريدونـني أكـلمه عـن شكـواكم وتـذمُّركم كي يعاقـبني عـوضا عـنكم ؟ أما كان الأصح أنْ تـرافـقـوني لـتـشاركـوني ؟ فـمنذ الآن لن أتكئ عـلى جـداركم لـينهار بي وأموت تحـت أنقاضكم !! دام الوالي عـزيزا وأنا مُكـرَّما .... وليخـذل المتخاذلون . 
ملاحـظة : سنأتيكم مستـقـبلاً بقـصة قـصيرة ( الجـحـش وبعـران الوالي ) للـتـرفـيه عـنـكم .. إنـتـظروها 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق