حواري مع القلم،يجرّني لـ(بحر رمله)،وخيط فرقه عن(المتوفر) المهمل/ كريم مرزة الأسدي

قلمي يحاورني،و(رملٌ) بحرُهُ * (متوفّرٌ) كالرملِ ، فتحٌ ضرّهُ

 1 - قصيدتي : أظلمُ الناس ِ لفكرٍقد ظلمْ
من بحر الرمل


ليسَ في ليلي سميرٌ كالقلمْ* يسكبُ الآهات من نبع الألمْ

صحبَ العقل ولما استأنسا ** سهرَ الفكرُ وعيني لم تنـمْ

قلتُ: ياهذا أما منك الحيا؟ * دعني للمضجعِ مالي والهممْ

إنـّما الإلنسانُ مجبولٌ عـلى* عشقهِ للنوم ِ في جوفِ الظـُّلمْ

أنتَ ما أنــتَ سوى ساع ٍ إذا ** نامتْ الدنيا لشيطـانٍ يُـذم

لم ترَ الاعصـرَ الا معــركاً ** كـلُّ ما سطرتـهُ: سيــفٌ ودمْ

آهِ كمْ أججتَ جـذواتِ الورى* وسحبتَ العزَّ من فـوقِ القمـمْ

ذا لذا خصـمٌ لــدودٌ إرثــُـهُ** منكَ فــي تأجيج تاريخ ِ الامـمْ

لعــــنَ اللهُ مــــداداً ذعفـــــهُ  ** يلهمُ الموتَ على بيع ِ الذممْ

قدْ زرعتَ الفتنة َ الكبرى لما ** تحصدُ الاجيالُ زفراتِ الندمْ

تدّعي الحقَّ لصُلبٍ زاهيـــاً ****كـمْ تقلبـتَ لعجز ٍ كـمْ وكــمْ

قال: صبراً قد تطاولتَ على****عـــزّتــــي واللهِ انــي للنـعـــمْ

لا تراني مثلَ أصــــلال ِ الفلا****  نـّـما نسغــي حيــاةٌ تـُغتنــمْ

قد رضعتُ العلمَ من أفذاذكمْ**** وجعلتُ الصفحة َ البيضاءَ فمْ!

إنَّ مَـــنْ رامَ بفقـــدي لـــذة ً***هــــــلْ سيبقى بعدُ ذوقٌ أو طــعمْ

إنني طوعُ بنـــان ٍ لحظـــة ً**** ورّثَ المجـــدَ لكمْ بعــ--د العـــدمْ

صـــاح ِ لــــمْ تذكرْ لنا حقَّ الوفا ***    أقســمَ اللهُ بنـــون ٍ والقلـمْ

واذا تبتغي عدلاً في الدٌّنى**** قـل : أمن لـُسن ِ الورى فردٌ سلمْ؟!

انـــا عنــــوانٌ لفكـــر ٍ نيّـــر ٍ*** أظلــمُ النــــاس ِ لفكــر ٍ قد ظلـــمْ



2 - بحر الرمل :

وحدته التفعيلية : فاعلاتن  
   فاعلاتن فاعلاتن فاعلاتن*** فاعلاتن فاعلاتن فاعلاتن
  ضابطه الإيقاعي :  رملُ الأبحارِ ترويه الثقات *** فاعلاتن فاعلاتن فاعلاتن 
والرمل أضحى نوعاً من الغناء ، لشعر تدخل أوتاده بين الأسباب ، كما هو الحال في رمل الحصير،أصله ( فاعلاتن) ست مرات ، له عروضتان وستة أضرب ،الأولى محذوفة (فاعلن ) ، وأضربها  محذوف مثلها ( فاعلن ) ، وصحيح ( فاعلاتن ) ،  ومقصور (فاعلان ) ، والعروضة الثانية مجزوءة صحيحة (فاعلاتن) ، وأضربها صحيح مثلها ( فاعلاتن ) ، ومُسبّغ (فاعلاتان ) ، ومحذوف (فاعلن ) ، جوازاته فاعلاتن تصبح : فعلاتن ،  فاعلن ، فاعلان ، فاعلات ،  فعلات ، يقول علماء العروض يندر أن تجيء عروض هذا البحر صحيحة مع ضربها الصحيح في الشعر العربي القديم ، وساقوا لنا عدة أبيات ،  منها هذا البيت لأبي الفتح البستي :
يا خليلي اعذراني إنني منْ  ***حبّ سلمى في انتحابٍ واكتئاب ِ
ومن الشعر الحديث جاء على هذا النحو ، قول علي محمود طه في قصيدته ( لحن من فيننا ) :
يا فينْنـا سلسلي الأنغامَ  سحرا *** في حنايا النفس ِلا جوّ المكان ِ
يا فينْنـأ    سلسللأنْ    غامسحرا ***** في حناينْ   نفسلاجو  ولمكاني
/ه//ه/ه  /ه//ه/ه        /ه//ه/ه  ****  /ه//ه/ه       /ه//ه/ه  /ه//ه/ه
فاعلاتن    فاعلاتن   فاعلاتن  **** فاعلاتن   فاعلاتن   فاعلاتن (5) 
ولكاتب هذه السطور قصيدة موسومة (حوار مع القلم ) , من هذا البحر (الرمل ) , عروضتها محذوفة ( فاعلن ) ،وضربها محذوف مثلها : 
ليس في ليلي   سميرٌ    كالقلمْ      ***   يسكبُ الآهاتِ منْ نبع ِ الألمْ
ليْ سفي ليْ/ لي سمي رنْ/كلْ قلمْ  **** يسْ كبلْ أا/ ها تمنْ نبْ/علْ ألم
/ه//ه/ه        /ه//ه/ه      /ه//ه   ***  /ه//ه/ه         /ه//ه/ه    /ه//ه
فاعلاتن      فاعلاتن   فاعلن  **** فاعلاتن       فاعلاتن   فاعلن
صحبَ العقلَ ولمّا استأنسا   **** سهرَ الفكرُ وعيني لمْ تنمْ
صحبلْ عقْ / لوَلمْ مَسْ / تأنسا  **** سهرلْ فكْ / روَعيْ ني / لمْ تنمْ
///ه/ه        ///ه/ه       /ه//ه ****   ///ه/ه       ///ه/ه       /ه//ه
فعلاتن       فعلاتن   فاعلن  ****فعلاتن     فعلاتن        فاعلن 
وقد ذكرنا سالفا أنَ ( فعلاتن ) من جوزات (فاعلاتن ) لهذا البحر .
الرمل في شعر التفعيلة ( الشعر الحر)
نتأمل قصيدة سميح القاسم 
تعبر الريح جبيني
تعْ برر ريْ  حجبي ني
فاعلاتن     فعلاتن   
/ه//ه/ه     ///ه/ه
والقطارْ 
فاعلاتْ
/ه//ه ه

يعبر الدار فينهار جدار
فاعلاتن  فعلاتن  فعلات
/ه//ه/ه  ///ه/ه    ///ه ه  
بعده يهوى جدار 
فاعلاتن   فاعلات
/ه//ه/ه   /ه//ه ه  
وجدار بعده يهوى 
فعلاتن   فاعلاتن  فا
///ه/ه   /ه//ه/ه    /ه
 وينهار جدار 
علاتن - فعلات
//ه/ه  ///ه ه
الأبيات من بحر الرمل 
يمكن أن نتوصل من خلال تقطيع أشطر بحر الرمل أن التفعيلات جاءت على شكل فاعلاتن وجوازاتها مثل فعلاتن فاعلات فعلات ، أن العلة لم تلزم آخر الأشطر كما هو الحال في الشعر العمودي  
وتكملة البحور الصافية في الحلقة الآتية،بقى الوافر والكامل ،والمتوفر غير المتوفر ، فالى لقاء مرتقب بإذن الله .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)راجع ، د.علي يونس : مصدر سابق. ص 8 . ، يذكر من الدارسين المعاصرين الداعين للتجديد , د. ابراهيم أنيس و د . رجاء عيد ، ود .عبد الهادي الفضلي ، وجلال الحنفي ، ود.صفاء خلوصي وغيرهم ،  ويستثني خلوصي من حيث أنه يتمسك بالدوائر .
(2)  يمكننا عند تطبيق نظام ( المقاطع ) ،  وضع رموز خاصة للمقطع الأقصر، والمقطع شبه الطويل ، عند إشباع الحركات الى حروف المد، والمقاطع الطويلة  المفتوحة والمغلقة ، والمقاطع زائدة الطول المغلقة بصامت أو صامتين ، كما مرّ علينا في الحلقة السابقة ،  ولكننا لم نفعل ، منعا للإطالة .    
(3) لم نزن هذا الشطر عروضيا ومقطعيا ورقميا ،  وانما  ذكرناه لإكمال المعنى .
(4)الهاشمي :ميزان الذهب ص 63 الهامش
(5)  راجع  عبد الحكيم عبدان :الموسيقى الشافية للبحور الصافية ص 105 ،  الناشر  العربي - القاهرة - 2001.

3 -  المتوفر المهمل  ، و دائرته الثالثة - المؤتلف :
 ( 6 ) التفعيلة  (فاعلاتنَ ) ،  وسببها الأخيرة ثقيل ( تنَ // )، ويمكن كتابتها ( فاعلاتكَ) ، وهذه غير ( فاعلاتنْ) ذات النون الساكنة التي من تكرارها يتشكل بحر الرمل وسببها الاخير خفيف (تنْ /ه ) .
وإليك نبذة عن البحر المتوفر  المهمل: 
تشتمل هذه الدائرة على بحر مهمل، وزنُه:
 (فَاعِلاتُنَ فَاعِلاتُنَ فَاعِلاتُنَ*** فَاعِلاتُنَ فَاعِلاتُنَ فَاعِلاتُنَ) ست مرات، 
ويقال له: المتوفر أو (المعتمد)، مع ملاحظة أن نون فَاعِلاتُنَ متحركة ، حتى لا يلتبس ببحر الرمل كقول بعض المولدين :
مَا رَأَيْتُ مِنَ الجَآذِرِ بِالجَزِيرَةِ إِذْ رَمَيْنَ بِأَسْهُمٍ جَرَحَتْ فُؤَادِي
سبب التسمية: وسُمِّيَت هذه الدائرة بهذا الاسم؛ لائتلاف أجزائها السباعية، أي أنها تتألف من تفعيلات سباعية مؤتلفة متكررة هي: (مُفَاعَلَتُنْ)، (مُتَفَاعِلُنْ)، (فَاعِلاتُنَ.( 

دائرة المؤتلف :  
سميت بذلك ،  لأنها تتكون من ثلاث تفعيلات سباعية مؤتلفة  متكررة ،  وهي: ( مفاعلتنْ ) ( متفاعلن )( فاعلاتنَ ) (6) ،  إذ تنقسم الدائرة إلى واحد وعشرين جزءاً مابين متحرك وساكن ،والبحر يتحدد وفق بدايتك لإختيار التفعيلة المتكررة  ،  فتتشكل ثلاثة بحور- حسب ترتيب السببين الخفيف والتقيل وتدهما  المجموع- : اثنان مستعملان ،  هما ( الكامل)  و(الوافر) ،  والثالث مهمل هو( المتوفر) غير المتوفر ،  وتفعيلته المكررة (فاعلاتنَ) ،  وهو الذي قال عنه ابن عبد ربه الأندلسي " وثالث قد حار فيه الجاهل " (7) .
(7 )ابن جني : كتاب العروض  صنعة ..., تحقيق وتقديم د أحمد فوزي الهيب - المقدمة ص 39- ط
 2 الكويت دار القلم- 1989م.

أما بحر الرمل ، فمن  الدائرة الثانية - المجتلب : 
سميت بالمجتلب لأنّ جميع أجزائها أجتلبت من دائرة المختلف , (مفاعيلن)( ب - - - ) (3 2 2 ) أخذت من الطويل  ، و(مستفعلن) ( - - ب - )( 2 2 3 ) أجتلبت من البسيط ,و(فاعلاتنْ) ( - ب - - ) ( 2 3 2 ) من المديد ، تتشابه هذه التفعيلات من حيث أنها تتألف من سببين خفيفين ووتد مجموع , ولكن الوتد يختلف موضعه من تفعيلة الى أخرى كما ترى، وتتكون هذه الدائرة من ثلاثة أبحر :
الهزج - الرجز - الرمل.  

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق