حكاية عروس اسمها فلسطين لن ننساها 5/ موسى مرعي

الجزء الخامس                    
ان زيادة الهجرات الصهيونية الى فلسطين قد أثارت الخوف والقلق في اوساط الفلسطينيين  . وايضا أثر توافد المهاجرين اليهود على الباقين في الأوروبيتين الغربية والشرقية وخاصة بولندا , وقد أدى الوضع الى تدهور أحوال معيشتهم وتدهور الوضع الاقتصادي لأن المنظمة الصهيونية كانت تدفع لليهود الفقراء وللعاطلين عن العمل مساعدات مالية وكان اليهود ولم يزالوا معفيين من دفع الضرائب في اوروبا وامريكا واستراليا لانهم يدفعون لفقرائهم المنتشرون في العالم , لذلك بدأت المنظمة الصهيونية تضايق العمال اليهود وأصحاب الحرف والمستثمرين الصغار كي تجبرهم على الهجرة الى فلسطين مقابل مبلغ مال  يدفع لكل مهاجر مع تأمين عمل وسكن والملبس والمأكل . وقد نجحت المنظمة الصهيونية بترويج فكرة أرض الميعاد وسوف تجري من تحت أقدامهم أنهار من اللبن والعسل , لذلك نجد السياسة الصهيونية قد أجبرت اليهود في اوروبا على الانصياع للصهيونية . وقد بدأت الهجرة تتزايد ما قبل الحرب العالمية الثانية من بريطانيا والمانيا والدول الاسكندنافية شمال اوروبا الغربية ومن اوروبا الشرقية وبالذات من بولندا ( بولونيا ) وفي عام 1933 قد آلت زعامة الحركة الفلسطينية الى الشيخ أمين الحسيني مفتي القدس . وقد تعرض الحسيني لضغوط متزايدة من جانب الجماهير الفلسطينية ولعجزه عن الوقوف بصلابة الازمة في وجه البريطانيين والهجرة الصهيونية , ولذلك انعكس التوتر السياسي في فلسطين والمنطقة من جوار فلسطين بانشاء خمسة أحزاب فلسطينية سياسية جديدة خلال الفترة ما بين عام 1932 وعام 1935 وفي لبنان تأسس حزب من أقوى الاحزاب في المنطقة كلها هو الحزب السوري القومي الاجتماعي أسسه أنطون سعاده في 16 تشرين الثاني وأعلن عنه في 16 تشرين الثاني عام 1935 وهذا الحزب الوحيد الذي عمل على حماية فلسطين وتحذير المنطقة من مخطط سايكس – بيكو ومحذرا من وعد بلفور وقد وقف الحزب القومي ضد الهجرة اليهودية بحزم . واستطاع مؤسس الحزب أنطون سعاده أن يضج مضاجع القيادات الصهيونية العالمية وقيادات دول الانتداب البريطاني الفرنسي ومن تعامل معهم من قيادات المنطقة العربية , وقد بدأ يتضح بالاجماع العام لهذه الاحزاب بعد الجهود السياسية والدبلوماسية أنها باتت عديمة الفعالية باستثناء الحزب القومي وقد أثبت هذا الحزب عن جدارة وعقيدة أنه قادر على مواجهة الاستعمار ووعد بلفور وبالتحديد عام 1935 و 1936 كان مؤسس الحزب في قبضة حكومة الانتداب الفرنسي حيث انه اعتقل مرتين  في لبنان  , من داخل سجنه وخلف القضبان استطاع انطون سعاده ان يستنفر الهمم النائمة من الاحزاب التي تأسست في فلسطين من أجل مواجهة اليهود والاحتلال البريطاني عبر ندائه الى عناصر حزبه القوميون  في خطاب موجه للحزب وللامة والقيادات  والاحزاب والحركات الثورية في فلسطين والعالم العربي  , وقد استطعنا ان نحصل على جزء من خطابه الذي نادى به أبناء الامة : ان الثورة هي التي تثبت هوية الشعب الفلسطيني وحقيقته . وهم أبناء هذه الامة ان هذا العدو الغازي لا يفهم لغة السياسة ولا الحوار وأي حوار يدعون اليه , هل نتحاور مع أعدائنا من أجل حقنا القومي , أنهم لا يفهمون سوى لغة القوة . يا أبناء امتي ان الدماء التي تجري في عروقنا هي عينها ليست ملكا لنا بل وديعة الامة بنا متى طلبتها وجدتها , وقد وجه كلمة الى اللبنانيين وقال لعلكم ستسمعون أن انقاذ فلسطين أمر لا دخل للبنانيين فيه . لقد عرف من سيكون القائل وأجابه مقدما واكمل خطابه , ان انقاذ فلسطين هو أمر لبناني في الصميم لان الخطر اليهودي على فلسطين هو خطر على الامة كلها هو خطر على جميع الكيانات . وقد علق على وعد بلفور ومخطط سايكس – بيكو وتسليم فلسطين لليهود وتقسيم الامة السورية الى سلطتين استعماريتين بين فرنسا وبريطانيا , استطاع أنطون سعاده أن يوقظ الهمم النائمة بالرغم من ان المنطقة كلها كانت تخضع للاستعمار وقد استنفر أعضاء الحزب السوري القومي الاجتماعي في فلسطين وخارج فلسطين والتحق العديد من مقاتلي الحزب بالفرق الفلسطينية وكانت قد بدأت الثورة الفلسطينية  المسلحة  قي تشرين الثاني عام 1935 , وقد توحدت الاحزاب الفلسطينية والاحزاب ومقاتلي الحزب جبهة واحدة وخاضوا اشرس المعارك مع العدو البريطاني واليهودي وقد شهدت قياداة فلسطينية وغير فلسطينية بقوة وهمة المقاتل القومي والمعنويات التي كان يتمتع بها المقاتل . لقد قاتل القوميون والثوار الفلسطينيون قتالا شرسا الى ان استدعى الامر لدى حكومة الانتداب لاستخدام الطائرات الحربية الى جانب استدعاء جنود احتياط من الهند ومن مصر , في ديسمبر 1936 , اقترحت الادارة البريطانية في فلسطين في محاولة أخيرة منها لتهدئة خواطر الفلسطينيين وانهاء الثورة الباسلة التي أجبرت البريطانيين الاعتراف بقوة وشراسة الثوار اي المقاتلين ومن بينهم الحزب القومي الذي كان يقود الحرب قائد لواء الاسكندرون الشهيد محمد سعيد شهاب الملقب ( العاص ) لانه من منطقة القاع من قرية جانب نهر العاص وقد استشهد في جبل الخضر في بيت لحم مع عدد من جنود لوائه وكانوا معظمهم من الحزب انتسبوا على يده وعدد من الرفقاء الذين التحقوا معه في فلسطين  ومن الشام لبنان والاردن . المهم دعت بريطانيا الى تشكيل مجلس تشريعي يتالف من 38 عضو نصفهم من الفلسطينيين وكانوا الفلسطينيون يشكلون وقتها اكثر من 75 بالمئة من مجموع السكان ,  فقد أعربوا استعدادهم بدافع اليأس لقبول هذا الاقتراح لكن عندما بدأ مجلس العموم البريطاني البحث في الموضوع , واضطرت الحكومة البريطانية الى سحب الاقتراح بسبب الهجمات العنيفة التي وجهها ضدها البرلمان من مناصري الصهاينة بحجة ان مثل هذا الاقتراح كفيل باعاقة تأسيس الوطن القومي اليهودي وكان ذلك بالنسبة الى الفلسطينيين بمثابة الاستحالة اعتمادهم على نزاهة بريطانيا في التعامل معهم . ( يتبع )     
المعلومات موثقة من الارشيف الفلسطيني 
الحزب السوري القومي الاجتماعي : برئاسة الرفيق الدكتور علي حيدر جزيل الاحترام  \ مفوضية سيدني المستقلة : أعدها الرفيق موسى مرعي 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق