من عناقيد الكلم، و,خزات اللغة، التقطنا نخبة قليلة من شعراء العرب البارزين في إبداعاتهم وأعمالهم الانتلجنسيا، المتجسدة في بلاغة التعبير.. وما تتطلب شروط النهضة الأدبية في نتاجهم الأدبي المكمل لمسيرة أشهر شعراء الغرب الذين ما زلنا نستشعر وجودهم حتى يومنا هذا من أمثال : الأديب والشاعر التونسي يوسف رزوقة/ والشاعرين العراقيين عبد القادر الجنابي، أسعد الجبوري/ والشاعر البحراني قاسم حداد/ والشاعر العماني سيف الرحبي/ والشاعر الفلسطيني منير مزيد / والشاعرين اللبنانيين شربل بعيني، روبير غانم/ والشاعر الجزائري ميلود حميدة .
قال سقراط، "إن الشعراء لا يختلفون عن الأنبياء والكهنة الذين ينطقون الكلام الحسن.." ويقول الشاعر الاسترالي اليوت مور" إن القسم الأكبر من عناء الشعر، حيث تكتب القصيدة من عناء نقدي يرتكز على الوصول إلى الغربلة والتنقيح، كما الوصول إلى تراكيب وبرهان وكل ما تقوم عليه معرفتنا وعلومنا .." .
ومن هذه الفلسفة نتجه إلى الأديب الشاعر والناقد والمترجم الجزائري ميلود حميدة، لنفتح نوافذ أفكار تجربته، وحيثيات أعماله الأدبية والشعرية، والكتابات النقدية، وقدرته على تذوق الأدب في تفرده الغني بموضوعات رسائله البيداغوجية، وتياراته الفكرية، والوجدانية الإنسانية، وما يؤثر على رؤيته الإيديولوجية الجامعة بين الغرب وعبقرية الشاعر، وانشغالاته السيسيولوجية، الموظفة في تجلياته التأملية وأطروحات نظرياته الشعرية والعلمية الهادفة لإدراك ماهيات الشعور الخاص، ووضع أسس الأدب عامة، وجميع المعارف والعلوم الممكنة في حياة المتلقي والمبدع ..إنه أشبه بعقل الفرد الذي يتلقى الوحي من شعور كهنة الأدب ومؤثراتهم قديما وحديثا، لينسج موال مفرداته الفاضحة لكثير من التفاصيل التي ساهمت في تشكيل الأدب الشامل، وخاصة ما كان فيما مضى يمثل لغزاً .
من خلال خطه الشعري –كما قرأنا في بعض الصحف العربية والأجنبية- وقدرات رؤيته السرمدية، في قراءة الواقع الموقد في موضوعات الشاعر ميلود حميدة، المتنقل بين الوطن والمواطن وبين الشرق والغرب، في خصائص ما يمكن إدراك منهجه وتقنيات ما بين التصور المنهجي والتحليل التطبيقي بشكل بيداغوجي، متجدد في آليات إدراكه، وإنتاجه، وكيفية توصيل نتائج تطلعاته المتنقلة من مستوى إلى آخر، خاصة ما كتبة عن الشعر اللاتيني المعاصر في كتابه "أوراق لاتينية".
يتمتع الأديب ميلود حميدة، بقدر كبير من الخيال، وتراكيب الكلمات، وحسن الصياغة، وجزالة الجمل في كتاباته القائمة على التعامل الجوالي، في بحثه عن جوهر الحكمة في علوم الغرب والشرق، واستحضار علومهم الشاملة، والمترصدة لجميع اتجاهات الحركة الأدبية، المنسوجة المؤثرة على إنتاج عناصره المتميزة بالعمق الفلسفي والجوهري.. لتطوير تجربته التي مكنته ذوق العالمين، في صيغته الخطابية المتحكمة بإثارة المعنى، وكشف الزوايا العميقة، بطريقة منطقية ودلالية، ومن خلال حمولات أدواته المقارنة بالوصف والتحليل والتفسير والاستشهاد، وإبراز التناقضات والايجابيات، "فمثل هذه العلوم لم نعد نجدها إلا عند القليل من المبدعين في هذا الزمن"، يقول في نص له بعنوان "دخان":
المقطع الأول: مدخل/
أدخن الوقتَ
أشمّ استعاراته في ثماثيل من ورق
أستنبطُ علاقاتٍ كثيفةٍ
تتغلغل داخلي..
أدخن وجهي
على حافةِ صمتٍ باهت..
أتربّص النعاس..
المقطع السابع: نص/
بين أصابعي
رجفة دم متشكك
متحررٍ من قيود الأجسام
والعزوم، والأشعة، والتدفقات
والحقول المغناطيسية.
إنه أشبه بعقل الفرد الذي يتلقى الوحي من شعور كهنة الأدب ومؤثراتهم قديما وحديثا، لينسج موال مفرداته الفاضحة لكثير من التفاصيل التي ساهمت في تشكيل الأدب الشامل، وخاصة ما كان فيما مضى يمثل لغزاً.
كما في حمولة الشاعر وفطرة موسيقاه البارعة في اختيار الموضوعات وانتقاء قريحته، وجليل إسهام إبداعاته، فهو يستحق بجدارة أن ينتمي لشعراء العالم العربي والعالمي، لإبحاره في بوتقة موهبته الساكنة في رؤيته، ورسائله ذات الطابع الميتافيزيقي الشمولي ، وما يمهد لمستقبل أنسنة الوعي الإبداعي عند القارئ والمبدع الذي يمثل ارتباطه بالفرد والمجتمع الأدبي، من خلال تلاقح ثقافته المحملة بقيمة نوعية فعالة، يقول في النص السابق:
المقطع السابع عشر: مدينة/
تملؤك الرغبات
يسكنك الرّصيف
يستفزّكَ اللصوص
ترقّمكَ الطوابيرُ
تعلّقك الحيرة.. كلُّ السّؤالِ..
تهيمُ بك "الجلفة"..
رسائلها لا تصل..
لنقرب أكثر من فنون وإبداعات الأدب عند الأديب والشاعر ميلود حميدة وأعماله الإبداعية، كونه يستقطب رؤيته من الواقع، كإطار حضاري يصب في رؤاه المعبرة عن موقفه من الإبداع في العالم الذي يتغير بطريقة ديالكتيكية .
لذا لا يتوانى شاعرنا حميدة من تحذير العالم مما قد يسيء للإبداع، بوصف تجربة تعني بمضمون الشعر وأدب العالمين الذين يعكسا مظهرا حضاريا مستحدثا لشتى أنواع الخطابات الشعرية، والترجمات الأدبية المعاصرة، وما يحدث في التوجه الثقافي بشكل احترافي.
تعتمد تجربة حميدة، وكتاباته على الطرح الفلسفي الذي يحرك العقل والإحساس بمفاهيم حديثة وأفكار راقية من أجل أن يعبر إبداع العالم العربي والغربي إلى الأجيال القادمة، من خلال سعيه لتقديم إبداع يفوق الأجيال السابقة، لدعم القطاع الثقافي المستقل في العالم العربي، ولتنشيط الحوار بين المثقفين والأدباء وعلاقتهم بالمحيط الأدبي الإنساني والاجتماعي والسياسي ومواكبة الأحداث، كما يفعل من خلال مقالاته في هذا المضمون.
من هنا تكمن ثراء تجربة حميدة، الذي يسجل رؤيته وتطلعاته العميقة على أنواع الأدب الشرقي والغربي معا، ومقارنتهم بما يتناسب مع المنهج الأدب المصقول باحتراف، ممزوج بالوعي وغيابه، لارتقاء ما يبهر طواف المعبد الكهنوتي، المنخرط في أدق تفاصيل الأدب، والخوض فيه بسلاسة، لتفكيك التفاصيل العادية التي وظفها في نصوصه المتنقلة داخل عقول فلاسفة العصر قديما وحديثا، لنكشف عما يدور داخل أعالمه الشعرية والنقدية وترجماته، من رؤيا وحدس و أسئلة قد لا نجد لها إجابة إلا في واقع تداخلت فيه أزمنة ثقافية مبنية على الفكر العام، والمعالجة للأمور الإبداعية والقضايا الوطنية والقومية والعالمية، وما سبقه من عصور، للإلمام بثقافة وطنه وأمته واستقلالها الذي يوحد جدل الإنسان في مجمل الأدب القائم على النزعة الواقعية مع الحفاظ على علاقاته بالحركة الأدبية العربية والعالمية.
هذا ما تمكنا من رصده في عالم رسائله المتقاربة من أعمال وكتابات وأفكار الشاعر الاسباني بيكر "الباحث عن عالم أكثر بعداً من العالم الحقيقي..."
وبما أننا أردنا التأكيد على أن عامل مجهود اللغة البسيطة هي التي تدعم دراسة ذلك التواصل الأدبي المستخدم في الشعر المتنوع المذاهب والاتجاهات في مختلف الخطابات، من كلم ولغة وتعابير موجهة إلى المتلقي، والتركيز على الاستقراء الذي يحمل عدة نماذج أدبية منتشرة في صفحات كتابات الشاعر حميدة في بحثه عن الأدب المعاصر قديما وحديثاً وربطهما بنقاط الفوارق التي لا يجب الابتعاد عنها.
فهو يستدعي المتلقي ومن يوازي رسائله، وصوته الذي لم يقف عند قيود تحدّ تواصل نظرياته، ومشاركة القارئ في صور الأدب ومتغيراته، وإمكانية التواصل في كتاباته النوعية التي تعني بمثابة إنذارا للبشرية على العودة إلى الفكر والقراءة والتطلع إلى المعرفة، والعلم، والخيال، والإلهام المجتمعين بأقلام خرائط الأدب على مدى مساره الحافل بتفاصيل المكان والزمان، الذي صنع من تأملاته شريطا يستند إلى رؤية المبدع المستقبلية الحديثة، ويمكن للمتلقي قراءتهاً بجميع إشكالياته الذهنية المتشابكة بين هويته وهوية الإنسان عامة من داخل الأدب وخارجه للنهوض والالتحام بكل معرفة .
ليبقى الشاعر ميلود حميدة، مرتبطا بمبدأ تأمل ولادة وتطور مفهوم الأدب والثقافة والأهداف المواكبة لأحوال العصر الذي يستحق الوقوف والتفرد، وكشاعر وباحث وقارئ ومترجم، يعج بآلاف الأفكار والصور والخواطر المخاطبة لعقل الفرد، والمساهمة في معالجة كثير من المنغصات بإدراك منفتح، وروح مرحة.
هكذا استطاع الشاعر الجزائري ميلود حميدة أن يعمل على توعية المتلقي في أطياف كتاباته وتجربته وأفكاره التي تدلنا على مكانته المحورية، للبرهنة على أن مثل هذا النموذج الأدبي الذي يحمل قدرة هائلة على توليد أكثر من لغة في أعماله النوعية، وتوغله في فهم فلسفة العالم المحيط به، وهو يبحث عن عالم أدبي يسكنه ...
من هذه النقاط تم رصد تجربته التي فتحت لنا مجالاً خصباً للقراءة والاطلاع على أصالة ثوب الحداثة في ظل التحولات الأدبية العالمية ونزوعاته التجديدية قياساً للسياقات الزمنية والفنية التي تحمل عمق الفواصل، بين الذات العربية المقيدة، ولغة الحياة وأصالتها ...، ولنتعرف أكثر على ثقافات الغرب وحضاراتهم المسافرة في كتابات الشاعر، ونصوصه إلى أبعد من فهم عالم ضيق الأفق.
يقول:
البلاغة
أن تجتاز البلاغة
وهي تزحف إلى الداخل
...
تستسقيك
لغة المكان
فلا يقطر منك سوى الريح
وهو ينثر بذورك
خارج المعنى
...
هذا ما تمكنا من رصده في عالم رسائله المتقاربة من أعمال وكتابات وأفكار الشاعر الاسباني بيكر "الباحث عن عالم أكثر بعداً من العالم الحقيقي..." كما في تجربة الأديب والشاعر ميلود حميدة، وما تسنى لنا معرفة بحور عقله، وتأثره بملامح الحركة الحداثية عن بعد، وتعرفنا على ثقافاته الجامعة لدروب الأجناس الأدبية، وما يترتب عليها من آثار في البنية التعبيرية الهيموغلافية، المتمثلة بتجربة الشاعر في نتاجه، وأحكام منهجه الواضح في كتاباته الإرشادية...، لتزويد المتلقي والمبدع بإمكانيات البحث عن مرايا الذات السكونية المستوطنة في أجواء الشاعر وتجربته اللافتة للنظر في مجل إبداعاته، أو بجمال نصوصه المجردة من الفذلكة .
ليجد المتلقي نفسه في قبضة علومه الإبداعية، ونظرياته، وأطروحاته...، لذا فما كان منا إلا أن نبحر بحرية تامة بين مئات المواضيع الثقافية المتوفرة التي تعود على القارئ بالمتعة والفائدة، وإعطائه مساحة واسعة للإبحار في الفكر العربي التقدمي من جديد.
قال سقراط، "إن الشعراء لا يختلفون عن الأنبياء والكهنة الذين ينطقون الكلام الحسن.." ويقول الشاعر الاسترالي اليوت مور" إن القسم الأكبر من عناء الشعر، حيث تكتب القصيدة من عناء نقدي يرتكز على الوصول إلى الغربلة والتنقيح، كما الوصول إلى تراكيب وبرهان وكل ما تقوم عليه معرفتنا وعلومنا .." .
ومن هذه الفلسفة نتجه إلى الأديب الشاعر والناقد والمترجم الجزائري ميلود حميدة، لنفتح نوافذ أفكار تجربته، وحيثيات أعماله الأدبية والشعرية، والكتابات النقدية، وقدرته على تذوق الأدب في تفرده الغني بموضوعات رسائله البيداغوجية، وتياراته الفكرية، والوجدانية الإنسانية، وما يؤثر على رؤيته الإيديولوجية الجامعة بين الغرب وعبقرية الشاعر، وانشغالاته السيسيولوجية، الموظفة في تجلياته التأملية وأطروحات نظرياته الشعرية والعلمية الهادفة لإدراك ماهيات الشعور الخاص، ووضع أسس الأدب عامة، وجميع المعارف والعلوم الممكنة في حياة المتلقي والمبدع ..إنه أشبه بعقل الفرد الذي يتلقى الوحي من شعور كهنة الأدب ومؤثراتهم قديما وحديثا، لينسج موال مفرداته الفاضحة لكثير من التفاصيل التي ساهمت في تشكيل الأدب الشامل، وخاصة ما كان فيما مضى يمثل لغزاً .
من خلال خطه الشعري –كما قرأنا في بعض الصحف العربية والأجنبية- وقدرات رؤيته السرمدية، في قراءة الواقع الموقد في موضوعات الشاعر ميلود حميدة، المتنقل بين الوطن والمواطن وبين الشرق والغرب، في خصائص ما يمكن إدراك منهجه وتقنيات ما بين التصور المنهجي والتحليل التطبيقي بشكل بيداغوجي، متجدد في آليات إدراكه، وإنتاجه، وكيفية توصيل نتائج تطلعاته المتنقلة من مستوى إلى آخر، خاصة ما كتبة عن الشعر اللاتيني المعاصر في كتابه "أوراق لاتينية".
يتمتع الأديب ميلود حميدة، بقدر كبير من الخيال، وتراكيب الكلمات، وحسن الصياغة، وجزالة الجمل في كتاباته القائمة على التعامل الجوالي، في بحثه عن جوهر الحكمة في علوم الغرب والشرق، واستحضار علومهم الشاملة، والمترصدة لجميع اتجاهات الحركة الأدبية، المنسوجة المؤثرة على إنتاج عناصره المتميزة بالعمق الفلسفي والجوهري.. لتطوير تجربته التي مكنته ذوق العالمين، في صيغته الخطابية المتحكمة بإثارة المعنى، وكشف الزوايا العميقة، بطريقة منطقية ودلالية، ومن خلال حمولات أدواته المقارنة بالوصف والتحليل والتفسير والاستشهاد، وإبراز التناقضات والايجابيات، "فمثل هذه العلوم لم نعد نجدها إلا عند القليل من المبدعين في هذا الزمن"، يقول في نص له بعنوان "دخان":
المقطع الأول: مدخل/
أدخن الوقتَ
أشمّ استعاراته في ثماثيل من ورق
أستنبطُ علاقاتٍ كثيفةٍ
تتغلغل داخلي..
أدخن وجهي
على حافةِ صمتٍ باهت..
أتربّص النعاس..
المقطع السابع: نص/
بين أصابعي
رجفة دم متشكك
متحررٍ من قيود الأجسام
والعزوم، والأشعة، والتدفقات
والحقول المغناطيسية.
إنه أشبه بعقل الفرد الذي يتلقى الوحي من شعور كهنة الأدب ومؤثراتهم قديما وحديثا، لينسج موال مفرداته الفاضحة لكثير من التفاصيل التي ساهمت في تشكيل الأدب الشامل، وخاصة ما كان فيما مضى يمثل لغزاً.
كما في حمولة الشاعر وفطرة موسيقاه البارعة في اختيار الموضوعات وانتقاء قريحته، وجليل إسهام إبداعاته، فهو يستحق بجدارة أن ينتمي لشعراء العالم العربي والعالمي، لإبحاره في بوتقة موهبته الساكنة في رؤيته، ورسائله ذات الطابع الميتافيزيقي الشمولي ، وما يمهد لمستقبل أنسنة الوعي الإبداعي عند القارئ والمبدع الذي يمثل ارتباطه بالفرد والمجتمع الأدبي، من خلال تلاقح ثقافته المحملة بقيمة نوعية فعالة، يقول في النص السابق:
المقطع السابع عشر: مدينة/
تملؤك الرغبات
يسكنك الرّصيف
يستفزّكَ اللصوص
ترقّمكَ الطوابيرُ
تعلّقك الحيرة.. كلُّ السّؤالِ..
تهيمُ بك "الجلفة"..
رسائلها لا تصل..
لنقرب أكثر من فنون وإبداعات الأدب عند الأديب والشاعر ميلود حميدة وأعماله الإبداعية، كونه يستقطب رؤيته من الواقع، كإطار حضاري يصب في رؤاه المعبرة عن موقفه من الإبداع في العالم الذي يتغير بطريقة ديالكتيكية .
لذا لا يتوانى شاعرنا حميدة من تحذير العالم مما قد يسيء للإبداع، بوصف تجربة تعني بمضمون الشعر وأدب العالمين الذين يعكسا مظهرا حضاريا مستحدثا لشتى أنواع الخطابات الشعرية، والترجمات الأدبية المعاصرة، وما يحدث في التوجه الثقافي بشكل احترافي.
تعتمد تجربة حميدة، وكتاباته على الطرح الفلسفي الذي يحرك العقل والإحساس بمفاهيم حديثة وأفكار راقية من أجل أن يعبر إبداع العالم العربي والغربي إلى الأجيال القادمة، من خلال سعيه لتقديم إبداع يفوق الأجيال السابقة، لدعم القطاع الثقافي المستقل في العالم العربي، ولتنشيط الحوار بين المثقفين والأدباء وعلاقتهم بالمحيط الأدبي الإنساني والاجتماعي والسياسي ومواكبة الأحداث، كما يفعل من خلال مقالاته في هذا المضمون.
من هنا تكمن ثراء تجربة حميدة، الذي يسجل رؤيته وتطلعاته العميقة على أنواع الأدب الشرقي والغربي معا، ومقارنتهم بما يتناسب مع المنهج الأدب المصقول باحتراف، ممزوج بالوعي وغيابه، لارتقاء ما يبهر طواف المعبد الكهنوتي، المنخرط في أدق تفاصيل الأدب، والخوض فيه بسلاسة، لتفكيك التفاصيل العادية التي وظفها في نصوصه المتنقلة داخل عقول فلاسفة العصر قديما وحديثا، لنكشف عما يدور داخل أعالمه الشعرية والنقدية وترجماته، من رؤيا وحدس و أسئلة قد لا نجد لها إجابة إلا في واقع تداخلت فيه أزمنة ثقافية مبنية على الفكر العام، والمعالجة للأمور الإبداعية والقضايا الوطنية والقومية والعالمية، وما سبقه من عصور، للإلمام بثقافة وطنه وأمته واستقلالها الذي يوحد جدل الإنسان في مجمل الأدب القائم على النزعة الواقعية مع الحفاظ على علاقاته بالحركة الأدبية العربية والعالمية.
هذا ما تمكنا من رصده في عالم رسائله المتقاربة من أعمال وكتابات وأفكار الشاعر الاسباني بيكر "الباحث عن عالم أكثر بعداً من العالم الحقيقي..."
وبما أننا أردنا التأكيد على أن عامل مجهود اللغة البسيطة هي التي تدعم دراسة ذلك التواصل الأدبي المستخدم في الشعر المتنوع المذاهب والاتجاهات في مختلف الخطابات، من كلم ولغة وتعابير موجهة إلى المتلقي، والتركيز على الاستقراء الذي يحمل عدة نماذج أدبية منتشرة في صفحات كتابات الشاعر حميدة في بحثه عن الأدب المعاصر قديما وحديثاً وربطهما بنقاط الفوارق التي لا يجب الابتعاد عنها.
فهو يستدعي المتلقي ومن يوازي رسائله، وصوته الذي لم يقف عند قيود تحدّ تواصل نظرياته، ومشاركة القارئ في صور الأدب ومتغيراته، وإمكانية التواصل في كتاباته النوعية التي تعني بمثابة إنذارا للبشرية على العودة إلى الفكر والقراءة والتطلع إلى المعرفة، والعلم، والخيال، والإلهام المجتمعين بأقلام خرائط الأدب على مدى مساره الحافل بتفاصيل المكان والزمان، الذي صنع من تأملاته شريطا يستند إلى رؤية المبدع المستقبلية الحديثة، ويمكن للمتلقي قراءتهاً بجميع إشكالياته الذهنية المتشابكة بين هويته وهوية الإنسان عامة من داخل الأدب وخارجه للنهوض والالتحام بكل معرفة .
ليبقى الشاعر ميلود حميدة، مرتبطا بمبدأ تأمل ولادة وتطور مفهوم الأدب والثقافة والأهداف المواكبة لأحوال العصر الذي يستحق الوقوف والتفرد، وكشاعر وباحث وقارئ ومترجم، يعج بآلاف الأفكار والصور والخواطر المخاطبة لعقل الفرد، والمساهمة في معالجة كثير من المنغصات بإدراك منفتح، وروح مرحة.
هكذا استطاع الشاعر الجزائري ميلود حميدة أن يعمل على توعية المتلقي في أطياف كتاباته وتجربته وأفكاره التي تدلنا على مكانته المحورية، للبرهنة على أن مثل هذا النموذج الأدبي الذي يحمل قدرة هائلة على توليد أكثر من لغة في أعماله النوعية، وتوغله في فهم فلسفة العالم المحيط به، وهو يبحث عن عالم أدبي يسكنه ...
من هذه النقاط تم رصد تجربته التي فتحت لنا مجالاً خصباً للقراءة والاطلاع على أصالة ثوب الحداثة في ظل التحولات الأدبية العالمية ونزوعاته التجديدية قياساً للسياقات الزمنية والفنية التي تحمل عمق الفواصل، بين الذات العربية المقيدة، ولغة الحياة وأصالتها ...، ولنتعرف أكثر على ثقافات الغرب وحضاراتهم المسافرة في كتابات الشاعر، ونصوصه إلى أبعد من فهم عالم ضيق الأفق.
يقول:
البلاغة
أن تجتاز البلاغة
وهي تزحف إلى الداخل
...
تستسقيك
لغة المكان
فلا يقطر منك سوى الريح
وهو ينثر بذورك
خارج المعنى
...
هذا ما تمكنا من رصده في عالم رسائله المتقاربة من أعمال وكتابات وأفكار الشاعر الاسباني بيكر "الباحث عن عالم أكثر بعداً من العالم الحقيقي..." كما في تجربة الأديب والشاعر ميلود حميدة، وما تسنى لنا معرفة بحور عقله، وتأثره بملامح الحركة الحداثية عن بعد، وتعرفنا على ثقافاته الجامعة لدروب الأجناس الأدبية، وما يترتب عليها من آثار في البنية التعبيرية الهيموغلافية، المتمثلة بتجربة الشاعر في نتاجه، وأحكام منهجه الواضح في كتاباته الإرشادية...، لتزويد المتلقي والمبدع بإمكانيات البحث عن مرايا الذات السكونية المستوطنة في أجواء الشاعر وتجربته اللافتة للنظر في مجل إبداعاته، أو بجمال نصوصه المجردة من الفذلكة .
ليجد المتلقي نفسه في قبضة علومه الإبداعية، ونظرياته، وأطروحاته...، لذا فما كان منا إلا أن نبحر بحرية تامة بين مئات المواضيع الثقافية المتوفرة التي تعود على القارئ بالمتعة والفائدة، وإعطائه مساحة واسعة للإبحار في الفكر العربي التقدمي من جديد.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق