الذين يقولون أن اردوغان أفشل الأنقلاب، هم واهمون/ الدكتور حمدى حمودة

لو حكمنا العقل قليلا لوجدنا أن المنطق يفرض علينا المعادلة باضلاعها الثلاثة لتكون النتيجة هى عدم قدرة حاكم أنقرة وقوات الأمن كما يزعم هو والآخرين من مؤيديه أنه استطاع افشال الأنقلاب وذلك للأسباب الآتية :                                                                                    
  1- الذين قاموا بالأنقلاب هم قادة الجيوش الأربعة لأن الجيش التركى الذى يعد رابع جيوش العالم يتكون من أربعة جيوش                                                                                  
 2- أن هذا الأنقلاب أعد وخطط له جيدا بدليل أنه سيطر على كل مدن تركيا وقام باعتقال رئيس الأركان وطلب منه اصدار أوامر بسحب الجيش من الموصل وأوامر أخرى ، منها ضرب مقر البرلمان بواسطة طيارتين مروحيتين                                                                    
 3- هروب أردوغان واتصاله باحدى القنوات من مخبأه بمحادثة هاتفية من محموله يطالب فيها الشعب بالنزول الى الشوارع ، واذ بنا نشاهد بعض فئات من الشعب يهتفون للجيش ويساندونه على شاشة الميادين وروسيا اليوم اللتان كانتا تنقلا الأحداث أولا بأول منذ الدقيقة الأولى للأنقلاب علاوة على صدور الأوامر بحظر التجوال وامتثال الشعب لذلك والبحث عن الحاكم واعتقاله               
  4- حتى الساعات المتأخرة من الليل كان النقلاب أبيض دون دماء خاصة بعد أن انتشرت الدبابات فى الأماكن التى خطط لها وحراسة المنشئات ومؤسسات الدولة ، وبرغم تعاطف بعض الأحزاب مع الحكومة لعلمهم بفشل الأنقلاب الذى يعد الرابع على هذا الحاكم ، الا أن البعض التزم الصمت لحين ايضاح الرؤية كما فعلت بعض الدول                                                                   
 5- ادعى اردوغان أنه أفشل الأنقلاب بواسطة القادة التابعين له فى الجيش وبقوات الأمن ، ونحن نسأل هلى لقوات الأمن القدرة على هزيمة جيش يعد من جيوش العالم المعدودة ؟ هل بعد أن أعتقل اردوغان ستة آلاف ضابط وكبار القادة من كل الأسلحة ( طيران وبحرية ومدفعية ...الخ ) وأقال أربعة آلاف قاض انشقوا عليه يمكن التصديق بأنه أفشل الأنقلاب لأنه يمثل الديمقراطية وحب الشعب له هو الذى أعاده ؟؟                                                                              
 6- ان المتأمل فى الموضوع برمته جيدا يعرف أن تركيا عضوة فى حلف الناتو ومن حقه اللجوء اليه لمساعدته ، لذلك لم يفوت على قادة الأنقلاب غلق مطار أتتاتورك وبعض المطارات حتى يفوتوا الفرصة على أى من يريد مساعدته من الدول الصديقة أو الناتو ، لكنهم لم يحسبوا حساب للقاعدة الأمريكية الماثلة على الأراضى التركية والتى تدخلت فى الوقت المناسب لأنقاذه وحتى تحمله واشنطن عدم التمرد عليها بعدما نما لعلمها بواسطة جهاز المخابرات التابع لها وكذلك أجهزة مخابرات دول أوروبا بعمل انقلاب قريبا الا انهم لم يعلموا ساعة  الصفر .                   7-   7- بعد التدخل الأمريكى بالقوات التى ترابض على أرض تركيا وخروج اردوغان لمواجهة الشعب ليعلن لهم فشل الأنقلاب واعتقال المتمردين عليه وأنه يمارس الديمقراطية واتهامه لفتح الله جول الذى يعيش فى واشنطون أنه هو من وراء هذا الأنقلاب ومطالبة الولايات المتحدة بتسليمه للسلطات التركية ورفض واشنطن للمرة الثانية بعدم تسليمه ، كل ذلك لكى يقنع الشعب بأن موت المئات من الشعب واصابة الآلاف واعتقال هذا العدد الهائل من الجيش الذى لم يسبق له نظير فى العالم واقالة الكم الهائل من القضاة من أجل أن يلتمسوا له الأعذار ، الا أن الشعوب ماعادت فاقدة للوعى كما كانت فى الأزمنة السابقة ، فالشعب التركى يعلم مدى توحش هذا الديكتاتورالذى يدعى الديمقراطية ، والا ما كانت موسكو ودول أوروبا تحزره من الوحشية التى يقوم بها واعلانه على الملأ بأنه سيصدر أوامره بقتل كل المتآمرين عليه فى خطابين متتاليين بعد اعادته واشنطن للسلطة ، وهذا ماجعل الأحزاب عدم التسرع فى الحكم على الأنقلاب والتزام الصمت لأنهم يعلمون مسبقا ماسيحدث فهى ليست السابقة الأولى . 
اليوم تستطيع واشنطن أن تطالبه بالأستمرار فيما بدأوه منذ 2011 فى الحرب الكونية على سوريا بواسطة التكفيرين بكل فصائلهم من دواعش ونصرة وقاعدة وفصائل أخرى منها من هو تابع للقاعدة ومنها من هو تابع للنصرة والتى تعتبرهم واشنطن جماعات مسلحة معتدلة تدربهم وتجهزهم وتمدهم بالسلاح والعتاد المتطور تحت رعاية أنقرة التى تسهل لهم الدخول الى الأراضى السورية وكان الأردن كذلك حتى قبل عام مضى وكذلك الرياض والدوحة اللتان يدفقون الأموال لشراء السلاح ودفع الرواتب للتكفيرين والأنفاق غير المعقول على المعارضة السورية فى كل من انقرة والرياض والدوحة ومصر، أرادت واشنطن أن تشد أذنه بعدما قام اردوغان بالأعتذار لبوتن عن اسقاط الطائرة الحربية فى أجواء سوريا والتى كانت سببا فى قطع العلاقة بين كل من موسكو وأنقرة ، أعيدت العلاقات وتم تحديد قمة بين الطرفين فى موسكو للتشاور فيما بينهم بخصوص موقف أنقرة من سوريا والعراق ، هذا من جهة ، ومن جهة ثانية خطاب رئيس الوزراء التركى الجديد الذى أعلن فيه رغبة تركيا فى عمل تسوية واعادة العلاقات مع دول الجوار( سوريا والعراق) ولم يكتفى بذلك ولكن بعثت وزارة الخارجية رسميا الى الخارجية السورية لنقل رغبة انقرة فى التسوية ، كل هذا يغضب الولايات المتحدة وكذلك كل حلفائها الذين يريدون اطالة الحرب على كل من سوريا والعراق واليمن وليبيا لتمزيق الشرق الأوسط وارغامهم على خارطة الشرق الأوسط الجديد التى أعلنت عنها "رايس" وزيرة خارجية الولايات المتحدة فى 2006 عند حكم " بوش الأبن " الا أن لبنان أفشل هذا المخطط عندما تم هزيمة تل ابيب فكان البديل اشعال الحرب على سوريا والعراق بعد سقوط ليبيا وتدمير اليمن بحجج واهية ليس هناك من المساحة لأستعراضها .
                                                                       
Dr_hamdy@hotmail.com
                                           

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق