وانت اخي ولو كنت على الوثنية/ فؤاد الورهاني

بلكنة هندية قال: اخي نحن عند البوابة الأمامية لمنزلك، زميلي وانا نود التحدث اليك، قال اياب: قادم حالاً ثم اقفل خط هاتفه الجوال واخذ مظلته ومصباحه الكهربائي وتوجه نحو البوابة
-تبعد البوابة حوالي مئة متر عن مكان ايواء الحيوانات خلف البيت.
 -المطر تحت الوسط في غزارته، والظلام دامس حيث الشمس تغطس بالبحر في فصل الشتاء أبكر من ايام الصيف، التقى بالزائرين، فهذا (ساكيرو) "أي شاكرو " موزّع البريد سابقاً في شارعه وهو يعرف ذهاب من إلقائه للتحية عليه انه من الجالية العربية الإسلامية ومن شرائه الخراف منه في موسم الأعياد كالأضحى بالتحديد وتكليفه لإياب بأن يقوم بعملية الذبح الحلال، وهذه بالتأكيد ثقة طبيعية من مسلم أعجمي بمن يتكلم العربية وهي لغة القرآن الكريم، ضناً منه ان كل من يتكلم العربية مسلم ويتبع الشروط الشرعية او مُلم بنصوصها، 
-ثم عرّف عن زميله الشيخ فلان، فبادره الشيخ بالسؤال فقال: اما زلت تعمل إلى هذه الساعة؟ فرد اياب نعم، لدي دواجن وحيوانات أهتم بأن يكونون بخير وأمن وراحة من المطر الذي نزل فجأة
-  دعاهما الى الداخل، فاعتذرا وقال (ساكيرو) والمظلة تقية من المطر الخفيف: نحن في جولة على كل معارفنا في المنطقة هذه من ضواحي المدينة، والموضوع أننا استأجرنا مكان وسنجعله بيت للعبادة والصلاة.
 -أكمل زميله الشيخ بالنصائح والمواعظ، ثم زاد انت هنا على الأرض تجاهد حتى تملك بيت قد يكلفك الملايين وان تعمل طيلة حياتك، لكن بالجنة بيتك مجاناً ولا يُقدر بثمن بالمثابرة على الصلاة لوجه الله،
-فرد اياب: جميل جداً أن أملك بيت بالجنة وهو مضمون بالتزامي المسلكي الصحيح في الحياة، ويجب ان أملك بيت على الأرض لأن هذا طبع اوجده بنا الله ثم قال: أليس هذا القضاء والقدر؟ كي نحيا كما أرادها فينا الله. !؟
-ثم سأل إياب الشيخ فقال: هل أنت تدّعو من باب القناعة أم من باب المَنصِب؟ قال طبعاً من قناعتي...! ونظرَ إلى زميله وكأن في سؤال إياب إهانة له، قال إياب: عفواً انا لم أقصد، لكن ذكّرّتني بحدثٍ تاريخيّ عن الجنة سأحدثكم به، وأخبره قصة البابا ليون العاشر وبيعه لصكوك الغفران للمؤمنين مقابل ان يضمن لهم مكان في الجنة.
 -ثم قال إياب: أنظر يا صديقي إلى هذا الشارع، فهو لا يزيد عن مئتي متر، نحن هنا ثمانية بيوت، كل بيت من هذه البيوت يُدين بديانة تختلف عن ديانة جاره، وفي كل بيت عادات وتقاليد ولغة اصلية مختلفة عن لغة جاره، بحكم الهجرة الحالية والقديمة، فاجتمعنا وتناقشنا بالأمر ووجدنا ان الكل يعترف بوحدانية الخالق كلٌ حسب اعتقاده إذا توصلنا إلى أنه لا داعي للذهاب إلى ثمانية بيوت عبادة، طالما نحن لا نُغضب الله إذا عشنا هنا بسلام مع ما فينا من اختلاف بالعادات، وكلٌ تنتهي حدوده عند بدء حدود جاره، وسوف لا نُغضب الله إذا أحب الجار جاره وسوف لا نغضبه اذا ساعد أحدنا الأخر ولو لم يكن على دينه وأنقذه من حريق او غريق، وسوف لا نغضب الله ايضاً إذا نبذنا العنف فيما بيننا وحطّمنا التمييز وعشنا بسلام، وسوف لا نغضبه إذا اكل الجار عند جاره من طيبات الارض وانتاجها.
-ثم أضاف إياب وقال: يا زائري انت جئت تسألني وأنا اود ان أسألك: لماذا نحن نعيش بسلام ومودة على مستوى الفرد والبيت، ولا نعيشها على مستوى بيوت العبادة والمراجع الدينية والرسمية. !؟، وقبل ان يجيب الشيخ، نظر إلى زميله وتمتم بلغة وكلام لم يفهمها إياب، وودّعاه ومضيا، وقبل أن يدخل (سا كيرو) السيارة قال اياب: اسمع يا رجل أنا لم انسَ منذ دقائق أنك ناديتني أخي، وانت اخي ولو كنت على الوثنية.
-من مجموعة قصص قصيرة قيد الطبع-
فؤاد الورهاني
 --سدني--

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق