حلقات من مذكراتي/ رفيق البعيني

الفصل الثاني : الهدنة في لبنان والمراقبون الفرنسيون واللبنانيون
مقدمة : بعد فشل قوات الفصل الدولية الأميركية والفرنسية وغيرهما من القوات وسقوط ٢٥٨ قتيلاً من القوات الاميركية المتمركزة في مطار بيروت الدولي وأكثر من ٥٠ قتيلاً فرنسياً بعمليات ارهابية ، ومغادرة هذه القوات لبنان انعقد مؤتمر سلام في لوزان في سويسرا بين القوى المتخاصمة : جبهة الخلاص الوطني ( الحزب التقدمي الاشتراكي ) والقوات اللبنانية وحركة أمل اتفق فيه على هدنة بين الاطراف المتقاتلة  تؤمنها  قوات فصل لبنانية من قوات الأمن الداخلي وباشراف مراقبين لبنانيين فرنسيين .
                   ١- المراقبون Observateurs
 المهمة وعناصر المراقبة : احتماع سباق الخيل
في شهر نيسان من العام ١٩٨٤ وبعد انقضاء عام واحد على استقالتي من الجيش وإحالتي على التقاعد، إتصل بي المقدم شريف فياض أمين السر العام في الحزب التقدمي الاشتراكي قائلاً: نحن بصدد عقد هدنه بيننا ( الحزب التقدمي الاشتراكي ) وبين القوات اللبنانية والجيش اللبناني في المنطقة الشرقية على أن يشكل فريق المراقبين من الضباط والعسكريين غير الضباط المتقاعدين، وتمّ اختيارك لترؤس فريق المراقبين اللبنانيين والفرنسيين في منطقة رأس الجبل ( تلّة ٨٨٨ ) في عاليه علماً بأن تكليفك بهذه المهمة الصعبة والخطرة في هذا المكان يعود لأهمية الموقع بالنسبة لنا. ثم دعاني لحضور اجتماع يعقد في سباق الخيل في بيروت يضم كل المراقبين المعينين من فريقي القوى المتخاصمة والمتقاتلة.
وهناك التقينا بعدد كبير من الضباط السابقين والمتقاعدين في فريقنا وضباط عاملون في الخدمة الفعلية في جيش المنطقة الشرقية يمثلون الفريق الآخر.
 وبعد أن أخذت موافقتي على قبول المركز المذكور أعلاه تم تعييني فيه من قبل العقيد جان ناصيف رئيس فريق المراقبين العام، غير أن النقيب( ن ) الذي عيّن على نفس التلة ممثلا الفريق الآخر( الجيش والقوات اللبنانية) رفض التعيين جهراً طالباً تكليفه بمركز آخر. ثم انتحاني جانبا وعلامات القلق تبدو على محياه وقال لي : نحن نسمي هذه التله تلة الموت، لقد سقط فيها  أكثر من ١٠٠ شهيد، انهم يرسلوني وإياك لهذه التلة لنقتل.
فقلت له: الأعمار بيد الله. لقد سبق ووافقت ولن أطلب تبديل هذا المركز .

أ- تجهيزات المراقب :
زوّدتُ من قيادة الجيش بما بلي:
١- بطاقة مراقب موقعة من أربعة سلطات : العقيد جان ناصيف : عن الجيش وسعيد الضاوي عن جبهة الخلاص الوطني( الحزب التقدمي الاشتراكي ) والدكتور جان غانم عن القوات اللبنانية وأيوب حميّد : عن حركة أمل
٢- سيارة جيب مستعملة ومطلية باللون الأبيض رفع عليه علم المراقبين 
٣-جهاز لاسلكي
٤- خوذة فولاذية بيضاء كتب عليها : مراقبون وشارة زند بذات الكلمة.
ب- في الطريق الى استلام مركز المراقبة
- مقابلة مع محطة CNN الاخبارية .
- لما كانت طريق الشام المؤدية الى عاليه مقطوعة كونها منطقة اشتباكات بين المتقاتلين. سلكت طريقاً أخرى استحدثت بين بيروت وعاليه تمر بقرى تقع في نطاق قوى الحزب الاشتراكي سميت طريق الكرامة.
- استوقفني في الطريق فريق اعلامي اميركي عائد لمحطة CNN وأجرى معي مقابلة باللغة الانكليزية كانت تتمحور حول مهمتي وأهمية المركز الذي سأتولى المراقبه فيه وامكانية نجاح الهدنة وانتهاء القتال. وكانت تقوم بمهمة التصوير فتاة أميركية تنوء بحمل كاميرا تلفزيونية كبيرة. وبعد انتهاء المقابلة تابعت طريقي ولكن لم أكد أبتعد مسافة قصيرة حتى تعطلت السيارة وتوقفت في الطريق. لحق بي الصحافي ليسألني عن سبب التوقف فقلت له مازحاً: "هذه سيارة أميركية تعبر عن سلوك الدولة التي صنعتها لحل الأزمة اللبنانية" فضحك وقال: ستبث الCNN السابعة مساءً هذه المقابلة لمدة عشر دقائق. يمكنك اعلام اصدقاءك في اميركا لمشاهدتها.
( يتبع)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق