بين الحين والحين، وعلى فترات متباعدة تومض نسائم أحلام خلبية نخالها آتية عبر وديان تاريخ الحضارات، نحسبها نهضة الغافي فتـنتشي النفوس لهنيهات، ثم نغط في حلم جميل آخر نسبح على سطحه كقناديل البحر بـ "لا حول ولا"، ما يقتضي التشخيص المبكر لسبر أغوار جينات أوضاعنا العربية والإسلامية والمشرقية بشكل عام.
قومجيون وثورجيون وإسلامويون فصَّلوا أحلامهم الغيبية الغبية على أجسام سواهم فبدت فضفاضة مترهلة كملابس مهرج سيرك من الدرجة الرابعة، ما هي أسباب تخلفنا؟ أهي الأقدار الجغرافية أم هي المناهج التربوية المتخشبة أم انسياق سوادنا الأعظم في تيار الغيبية و المبالغة في إجلال رجال دين ينعمون برغد العيش ويعملون لدنياهم بما "كسبت أيمانهم"، وبالتزامن يحثوننا على الكدح والعذاب ونسيان الدنيا والعمل للآخرة ؟ باسم الدين حكمنا العثمانيون ما يقارب الأربعة قرون فأتخمونا تخلفاً ودماً وترملاً وفقراً بكل معانيه، وباسم الدين تجذبنا إيران إلى بحور لا ندري اتجاه تياراتها المشابهة للعهد العثماني باسم آخر وتاريخ آخر. يلهون شبابنا بوعود غيبية ما أنزل الله بها من سلطان بينما الغرب يعمل ويتطور منذ قرون.
ماذا أنجزنا وماذا أنجز الغرب؟ سؤال يطرحه كل فلاح عند انتهاء مواسم الحصاد، وكل بقال حارة صغيرة. استفسار يفرض وجوده وبإلحاح أكثر من أيّ وقتٍ مضى. ما الذي جنيناه من الإمبراطوريتين الصفوية والعثمانية اللتين تحاربتا بشبابهما وشبابنا، بثرواتهما وثرواتنا، بخيراتهما وخيراتنا، وتنافستا على نهش كياناتنا، كلتاهما لم تثبت أي نجاح في المضمار العلمي والحضاري، كلتاهما دأبتا على بيعنا مقاعد في الجنة، بينما عجلة التطور الغربي تدور منذ قرون ولغاية الآن كي تأكل شعوب الغرب ما تزرع، وتلبس ما تنسج ثم يصدِّرون الباقي إلينا وإلى من استعمرونا باسم الدين، ولا زالوا يحاولون، يهيمون باتجاه الماضي الحجري ويغووننا، بل يمسكون بتلابيب بعضنا، والبعض يتبعهم دون أدنى حيطة أو بصيرة عن الوقت الذي سيغرق فيه القارب التعيس.
فلنتركهم يسعدون برحلتهم السوداء ويقتاتون على قشر التاريخ، ولنعتبر مما يقوله لنا تاريخ العالم عن بعض ما حققه الغرب :
- جون كاي (بريطاني ) : Flaying shuttle المكوك عام 1733
- جايمس هارغريفز ( بريطاني ) : Spinning Jenny المغزل عام 1764
- ريتشارد آركرايت ( بريطاني ) : Water frame عام 1769
- صامويل كرومبتون (بريطاني ) : Spinning mule عام 1779
- إدموند كارترايت (بريطاني ) : Power loom النول عام 1785
- إيلي ويتني (أميركي) : Cotton Jin محلاج القطن عام 1793
- صامويل موريس (أميركي) : التلغراف عام 1844
- ألكساندر بيل (أميركي) : الهاتف عام 1876
- توماس إديسون (أميركي) : المصباح الكهربائي عام 1879
- غوغيليمو ماركوني (إيطالي) : اللاسلكي عام 1896
- لي ديفوريست (أميركي) : Radio vacuum tube الصمام المفرغ عام 1907
- فلاديمير زوريكين (أميركي ) : التلفزيون عام 1934
- ويليام شوكلي و والتر براتاين وجون باردين (أميركيون) : الترانزيستور عام 1948
- جيثرو تال (بريطاني ) : ماكينة غرز البذور Seed drill عام 1701
- تشارلز نيوبولد (أميركي) : سكة الحرث الفولاذية عام 1797
- سايروس ماكورميك (أميركي) : Reaper ماكينة الحصاد عام 1834
- جون ديري (أميركي) : Self cleaning steel plow سكة حراثة ذاتية التنظيف عام 1837
العديد من الإبتكارات الأخرى كالدَرَّاسة والجرارات الزراعية وماكينة زرع الذرة وماكينة اقتلاع البطاطا والحلابة الكهربائية وماكينة جني القطن cotton picker . إضافة إلى عدد من الابتكارات الزراعية الأخرى :
أ- تشارلز تاونشيد (بريطاني) : أسلوب تخصيب التربة الزراعية في بدايات القرن الثامن عشر.
ب- روبرت باكويل (بريطاني) : طريقة تهجين الحيوانات في أواخر القرن الثامن عشر.
ج- جوستوس فون لايبيغ (ألماني) : تحسين طريقة تخصيب التربة في أواسط القرن التاسع عشر.
د- جورج واشنطن كارفر (أميركي أسود) : اكتشف عدة طرق لاستخدام المحاصيل الزراعية في الجنوب الأميركي في أواخر القرن التاسع عشر.
هـ - قدم العلماء خدمات أخرى للزراعة مثل حرث الجلول وتجفيف المستنقعات وري الأراضي الزراعية القاحلة ومكافحة الحشرات وتحسين طرق حفظ الأطعمة المعلبة والتبريد والتجليد. لم نقارب بعد تخوم ابتكارات أخرى كالسيارة والطائرة والحاسب الآلي أجهزة وبرامج، والإنترنت، هل من داعٍ للتذكير بفقر ما ابتكره العثمانيون والصفويون ؟
ليس من باب البكاء على أطلال الماضي وجلد الذات، تساءل فيما إذا كنا قد أوفينا التشخيص المبكر حقه إن أقرينا باعترافنا بتخلفنا علميا وثقافيا وحضارياً وفقر مناهج تربوية وخنوعاً للتطرف؟ هل ستبقى غشاوة انبهار التطرف الديني والقومجي تعمي أعيننا؟ .
إلى لقاءٍ آخر إن شاء الله .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق