استطاعت الدبلوماسية الروسية أن تحتوى الرئيس التركى التى كانت تعلم كل العلم أنه مفتاح الزحف التكفيرى من بوابة الحدود التركية الى داخل سوريا بكل المعدات الثقيلة والتكنولوجية منذ سنة 2011 شمالا ، والبوابة الأخرى جنوبا من الأردن التى أغلقت منذ سنة تقريبا بعد أن داهمها التكفيرين والذين نشطوا منذ أيام ليشتبكوا مع قوات الأمن الأردنية وبعض عناصر من القوات المسلحة وما زالت الأشتباكات حتى هذه الساعة ، أما بالنسبة لأنقرة وبعد الأنقلاب الذى حدث على أردوغان وفى أثناء انقطاع العلاقات التنركية الروسية بعد اسقاط الطيارة لها ، تمت المصالحة بينهما بعداعتذار أنقرة الى موسكو من أجل تسوية الخلافات بينهما واعادة البوصلة الى المسارالصحيح خاصة بعد رفض الأتحاد الأوروبى للمرة الثالثة انضمام أنقرة اليه .
من هنا أتت الفرصة لموسكو لأحتواء تركيا سياسيا وأيدولوجيا وتصحيح المسار الى حد ما ، وذلك بغلق الحدود تماما بينه وبين سوريا لعدم نزوح الأرهابين الى داخل سوريا وكذلك الأسلحة الثقيلة والخفيفة والمؤن الغذائية سواء التركية أو الآتية من الرياض و الدوحة ، وبذلك يكون قد نأت أنقرة بنفسها من التحالف الأمريكى الأسرائيلى وخلع عباءة كل من منهما منهما اللتان حاولتا منذ يومين بافساد العلاقات بين أنقرة وموسكو وذلك باغتيال السفير الروسى عند قيامه بافتتاح جاليرى فنى تشكيلى ، ويكونا بذلك عطلا اللقاء الذى تم بالأمس وتجاوز المحنة وما حدث للسفير لم يلغى الأجتماع بين وزراء الخارجية والقوات المسلحة بين كل من موسكو وطهران وأنقرة بروسيا والذى حقق ايجابيات لم تكن متوقعة حيث أنهم اتفقوا على وقف الحرب تماما فى كل أنحاء سوريا وعمل لقاء يجمع كل المعارضات السورية فى الأستانة علاوة على امداد كل المحاصرين من قبل الأرهابين فى المدن السورية بالمواد الأنسانية وتوصيل كل المرضى الى المشافى السورية للعلاج وقد تم للبعض ذلك بعد تحرير حلب من كل التكفيرين والجماعات المسلحة التى قام بعضها بتسليم السلاح والعودة الى حضن الوطن وترحيل من اختار أن يظل فى أحضان الجماعات التكفيرية فى ادلب والرقة . نقول أن روسيا نجحت الى حد ما اقناع الشريك المخالف ( واشنطن ) بكل أهدافها بسوريا من عمل تسوية سياسية مع ابقاء بشار كرئيس لسوريا ، فمن الأولويات التى تمت فى اللقاء الثلاثى هو محاربة كل الجماعات التكفيرية والفصل بينها وبين الجماعات المسلحة المعتدلة كما تزعم واشنطون ( ليس من يحمل السلاح فى وجه الدولة من أبنائها يعتبر مسلح معتدل فهذا منطق مقلوب لاتعتمده واشنطن بداخلها ، لكنها تعتمده لدى الآخرين ) هذا بعد أن نشطت عمليات الأرهابين بعد تحرير حلب وعودة بعضهم الى بلادهم خاصة الأوربيون منهم حيث قاموا بتفجير ألمانيا بالأمس وقبلها بيوم كان التفجير فى سويسرا ومن قبل كان فى لندن ومنذ شهور كان بفرنسا ،ومع ذلك لم تعتبر الحكومات الأوروبية وتشارك فعليا وليس كلاميا بمحاربة الأرهابين الذين انتشروا فى كل بلادالعالم حتى دول افريقيا السوداء ، الأرهاب تخطى كل الحدود فليس له وطن ، فشل فى العراق وسيهزم قريبا بالموصل ويغادرها ، وكذلك فى سوريا وليبيا ومصر التى تدفع به بعض الدول الخليجية فى كل هذه البلاد من أجل تقسيمها واضعاف اقتصادها ، ولكن الدوائر تدور على الباغى ، فقد هزمت الرياض ودبى فى اليمن وكل من تحالف معهما ، وسينتصر اليمن برغم من وجود الأرهابين فيه ، ولن تنال الرياض وأنقرة والدوحة من مصر حتى لو أصبح الدولار بثلاثون جنيها ، ستتعافى مصر فى السنوات القادمة كما ستتعافى سوريا وليبيا واليمن ويومها سنتقابل وجها لوجه مع رعاة الأرهاب الذين أنفقوا مئات المليارات من أجل تمكين هؤلاء التكفيرين من كل بلدان الوطن العربى ، ذهبت المليارات هباءا وباؤا بغضب من الله واليوم ينهاروا اقتصاديا وسيأتى عليهم يوما أسود من قرن الخروب .
فما الدور الذى لم تنتهى منه روسيا حتى الآن للقضاء على رعاة الأرهاب والأرهابين ؟ فى تقديرى أن موسكوا عليها عمل مصالحات وتقريب وجهات نظر بين الحكومات الأقليمية مثلما احتوت أنقرة ومهدت للتسوية بينها وبين سوريا ، فعليها أن تقرب المسافات بين مصر وطهران سياسيا واقتصاديا وبعدها بين مصر وأنقرة خاصة بعد فشل المخطط الذى كانت شريكة فيه مع دول التحالف الأمريكى على سوريا ، لتعود العلاقات مرة أخرى بين كل من طهران ومصر وتركيا خاصة أن العلاقات الروسية التركية الأيرانية قوية اقتصاديا وسياسيا وايدولوجيا ، فماذا لو استطاعت موسكو التوفيق بين مصر وهاتان الدولتان الأقيميتان خاصة أن العلاقات السورية المصرية فى منتصف الطريق وباقى لها دفعة صغيرة بيد موسكو فعلها لتعود العلاقات بين الشقيقتين كما كانت فى عهودها السابقة ، ان مصر وسوريا اشتركتا فى كل الحروب التى هبت عليهما منذ فجر التاريخ وكذلك كل الحروب ضد تل أبيب حتى 1973 فمن المعروف أن أمن مصر من أمن سوريا ، وسوريا هى الأمن القومى للعالم العربى ، فهى قلب العروبة كما أطلق عليها عبد الناصر والا لما كان محمد على حاول عمل وحدة بين مصر وسوريا منذ قرن من الزمان ، ان الموقع الجغرافى التى تمتاز به سوريا ، هو الذى جعلها دائما وأبدا هى وشقيقتها مصر تحت أطماع العالم الغربى دائما وأبدا فى التاريخ القديم والحديث والمعاصر ، كما أنها البوابة الرئيسة لقارة آسيا والشرق الأوسط ، لذلك كانت تطمع واشنطن أن يكون لها قدم فى سوريا خاصة عند تنفيذها لخارطة الشرق الأوسط الجديد الذى يخدم تل أبيب أولا وأخيرا ، من أجل هذا نجحت روسيا أن تعيد نفسها بقوة بعد فشل واشنطن فى تحقيق حلمها ، فأسرعت موسكو بعمل قاعدتين داخل سوريا من أجل كسر حدة واشنطون فى بحر قزوين وأطماعها فى خيرات المنطقة القزوينية ، ولأهمية الموقع السورى استراتيجيا بين القارات فهى أقرب الى أمن روسيا من أمن واشنطن ، لكنها تمثل تهديدا كبيرا هى ومصر والعراق باعتبارهم دول الطوق حول اسرائيل ، لذلك دعت كل من واشنطن وتل أبيب الى التخلص من جيوش الدول الثلاثة وتقسيمهم حتى تأمن تل أبيب من شرورهم فقامت بغزو العراق وتفكيك جيشه فى 2003 ثم حاولت فعل ذلك فى سوريا ، فتم احباطها بارسال جماعات تكفيرية لمحاربة الجيوش العربية بديلة عنها .
Dr_hamdy@hotmail.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق