طلَّيتي/ طوني حنَّا


لـــــمـَّــــا قـــــْــبــــــــــالــــــــــــــــــي طلَّيتي
يـــــــــــــــــــــــا ســـــــــتّ بـــــــــــــــــــدور
قلبي الــــــــــنــــــــــــــايـــــــــــــــم صحَّيتي
مـــــــــــــن كـــــــــــتـــــــــــــــر الــنـــُّور...

عزمتِك مـــــــــــــــــرَّه عـــــــــــــــــــــا بيتي
ومـــــــــــــــــــــا كـــــــــــــــان بـــعــــيـــــــد
ودغــــــــــــــــــري الجـــلــســـِه حــلَّــيــتـي
مــــــــــــن غــــــــــيـــــــــــــــر نـــبــــيـــــــد
بـــــرمش عــــيــــونِـــــــــــــــــك غــطَّـيـتي
حــــــــــــــــــارة قــــــــــــرمـــــــــــــيــــــــــد
ولـــــــمَّـــــــا بــــصــــوتِـــــــــــــــــك غنَّيتي
غـــــــــــــنَّـــــــــــــــى الـــعـــصــــفـــــــــــور.



ما لم يتم تناوله في مقابلة المفوض العام للأونروا/ علي هويدي


على أهمية المقابلة التي أجرتها قناة الجزيرة مع المفوض العام لوكالة "الأونروا" بيير كرينبول بتاريخ الخميس 26/1/2017 في برنامج "لقاء اليوم" والتي تناول فيها الخدمات التي تقدمها الوكالة والأزمة المالية مقارنة بحجم الإحتياجات للاجئين والمعاناة الإنسانية لفلسطينيي سوريا وغزة وعمليات التهجير والإشارة السريعة الى معاناة اللاجئين الفلسطينيين في العراق والفلسطينيين المهجرين من سوريا إلى مصر.. إلا أن الكثير من القضايا الإستراتيجية المتعلقة بعلاقة "الأونروا" واللاجئين الفلسطينيين والمجتمع الدولي قد غابت عن اللقاء، ومن غير المعروف هل السبب يعود لإمكانية إلزام "الأونروا" بالأسئلة التي طرحتها المحاورة شيرين أبو عقلة أو أن السيدة أبو عقلة قد غابت عنها تلك الإسئلة، وهي أي الأسئلة لا تدخل في سياق "المحظور" تناولها والإجابة عليها من قبل "الأونروا".

كان من المهم مثلاً الإشارة إلى أسباب غياب الحماية الجسدية للاجئين الفلسطينيين في مناطق عمليات "الأونروا" الخمسة بعد أكثر من 67 سنة على تأسيس الوكالة، ونتائج غياب هذا النوع من الحماية من فقدان للأرواح والممتلكات واللجوء المتكرر.. لا سيما ما يجري حاليا في مخيمات سوريا وما جرى أثناء العدوان الإسرئيلي على قطاع غزة في العام 2014، ومجازر ارتكبت بحق اللاجئين في صبرا وشاتيلا وحتى فقدان مخيمات بالكامل مثل النبطية والدكوانة وجسر الباشا.. وإن كان سياسة عمل الوكالة لا تشمل الحماية الجسدية فهل يمكن توسيع سياسة عمل الوكالة بتعديل قرار إنشاء الوكالة رقم 302 الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة وما هي الموانع إن كان يوجد موانع؟ وماذا عن الحماية الإنسانية غير المكتملة التي تقدمها "الأونروا" من خلال برامج الصحة والتعليم والإغاثة والإستشارات القانونية، أوليس من المفترض أن تُقدم الخدمات للاجئين كاملة؟، وإن كانت المشكلة مالية أوليس من المفترض أن تغطي الأمم المتحدة العجز في الموازنة؟ عدا عن مسألة تمويل الوكالة الذي يعتمد حاليا على الدول المانحة التي تدفع طوعاً، وكان المدير العام المؤقت للوكالة في لبنان حكم شهوان قد تحدث لصحيفة "صدى البلد" بتاريخ 28/11/2016، عن مبادرة ستقوم بها الدول المضيفة للاجئين الفلسطينيين في الشتات نحو الأمم المتحدة للطلب منها تمويل موازنة "الأونروا" بشكل دائم وثابت حتى لا تقع في أي عجز جديد"، فأين أصبحت هذه المبادرة؟ وما هو موقف وكالة "الأونروا" مما طرحته لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني من "قوننة العلاقة بين الدولة اللبنانية والأونروا" وهو الأمر الذي يحدث لأول مرة منذ تأسيس الوكالة وبدء عملها في لبنان مطلع خمسينيات القرن الماضي؟

وحول فلسطينيي العراق وقد عبر السيد كرينبول بأن هناك معاناة كبيرة جداً للاجئين الفلسطينيين هناك وأن "الأونروا" لا تستطيع أن تتدخل في العراق لأنها ليست ضمن مناطق عمليات "الأونروا"، لكن كان من المهم السؤال عن إمكانية ضم اللاجئين الفلسطينيين في العراق لسجلات الوكالة خاصة بعد عمليات التهجير والأوضاع الإنسانية الصعبة.

وحول اللاجئين الفلسطينيين في مصر والمهجرين من سوريا إلى مصر، طالما أن هناك عشرات الآلاف من اللاجئين الفلسطينيين في مصر منذ نكبة العام 1948 وحاليا وجود حوالي ستة آلاف لاجئ فلسطيني مهجر من سوريا، أوليس من الأفضل لا بل من المهم تحويل مكتب "الأونروا" في مصر الذي يحمل اسم "مكتب تنسيق" إلى "مكتب خدمات" وماذا عن التنسيق بين "الأونروا" والمفوضية العليا لشؤون اللاجئين لتسجيل فلسطينيي سوريا في مصر؟ وماذا عن برنامج الطوارئ الخاص بمخيم نهر البارد للاجئين الفلسطينيين في لبنان ومستقبل إستمرار إعادة الإعمار وهو الذي يعتبر أكبر مشروع تقوم به الوكالة لإعادة إعمار مخيم؟

*كاتب وباحث في الشأن الفلسطيني
مدير عام الهيئة 302 للدفاع عن حقوق اللاجئين

سياسة دونالد ترامب .. تجسيد لاستراتيجيات اللوبي والامبراطورية الإمبريالية/ د. عبير عبد الرحمن ثابت

صدمة عالمية أصابت الجميع بفوز دونالد ترامب، وخرج آلاف المتظاهرين في واشنطن ومدن أمريكية أخرى والعديد من دول العالم للتنديد بتنصيبه وجدل كبير حول وعوده الانتخابية بالتغيير في أول مائة يوم من توليه الحكم. وقد ما يدعو لقلق الكثيرين رده على سؤال أحد الشبكات الاعلامية عن مصدر النصائح لسياسته كان جوابه ""أتحدث مع نفسي، لأن لدي عقل جيد جداً... لهذا أعرف ما أفعله". وللتعرف أكثر على التخوف العالمى من ترامب علينا تحليل أهم القرارات التى اتخذها إلى الآن، وكيفية إدارة حكمه في الفترة المقبلة ورد الفعل عليها وما القادم على الولايات المتحدة الأمريكية والعالم جراء سياسته
أولاً : ترامب والشان الداخلى الأمريكى
وقع مرسوم تنفيذى يقضى بمواصلة بناء خطى الأنابيب "كيستون اكس ال" "وداكوتا" والتى  فيما سبق بذلت إدارة أوباما جهود لمنع بنائها بسبب مخاوف بيئية، وقد واجه هذين المشروعين احتجاجات من منظمات ومشاهير ينشطون في مجال البيئة، فضلًا عن جماعات محلية من السكان تمر الأنابيب عبر مناطقهم. وتعد خطوة كهذه بداية انحراف وانعطافة سياسية كبيرة عن النهج الدولى الساعى لحماية البيئة والتراث الانسانى للهنود الحمر والذين لا يمتلكوا جماعة ضغط قوية في الولايات المتحدة  .
أصدر مرسوماً يمنع تمويل المنظمات الأهلية الأجنبية التي تدعم الإجهاض من الأموال الفيدرالية . وهى خطوة أراد بها الرجل استمالة اللوبى المسيحى المحافظ داخل الولايات المتحدة وداخل الحزب الجمهورى تحديدا لكنه في المقابل أثار العديد من منظمات الحقوق المدنية ومنظمات الدفاع عن حقوق النساء في أمريكا والعالم بأسره  ولكن على ما يبدو فان تلك اللوبيات تبدو منفردة أضعف من تيار اللوبى المسيحى المحافظ .
وعد قريباً بإصدار مرسوم بإلغاء قانون الضمان الصحي المعروف باسم "أوباماكير"، المشروع الأبرز للرئيس باراك أوباما، لتأمين تغطية صحية للجميع، وسيواجه هنا انتقادات كثيرة لأنه ترافق مع زيادة في أقساط التأمين لعائلات الطبقة الوسطى.
وقع مرسوما بتقليص الهجرة نحو الولايات المتحدة الى نحو 50 الف سنويا وكذلك مراسيم تسمح بطرد المهاجرين غير الحاملين للجنسية الأمريكية حتى أولئك الحاملين لبطاقة الاقامة الخضراء أصبحوا مهددين بالترحيل ومنع دخول الولايات المتحدة في حالة المغادرة، هنا علينا أن ندرك أن هذا الاجراء موجه بشكل أساسى لطبقة من أضعف طبقات المجتمع الأمريكى، فأولئك المهاجرين الجدد لا يوجد لهم لوبى يدافع عنهم لكن في المقابل فان إجراء من هذا النوع سوف يشكل ضربة قاسمة للعديد من المؤسسات الاقتصادية الكبرى في الولايات المتحدة نظرا لأن أولئك المهاجرين يمثلون نسبة لا يستهان بها في تلك المؤسسات ونظرا لكفاءة أولئك المهاجرين وهو ما دفع العديد من تلك المؤسسات لنصيحة العديد من أولئك المهاجرين بعدم مغادرة الولايات المتحدة في الوضع الراهن؛ وهنا حاول ترامب الشعبوى الاستعراضى استمالة أنصاره في اليمين الأبيض المتطرف الذى يعتبر الولايات المتحدة أرضا لتحقيق حلم اليانكى الأبيض حصراً والذى يؤمن بالتفوق العرقى بين أجناس البشر، وتعقيباً علي القرار،‎ أصدرت محاكم أمريكية عديدة أحكامًا قضائية تقضي بوقف تنفيذ القرار ووقف ترحيل أي أشخاص عالقين في المطارات الأمريكية.
ثانيا : ترامب والسياسة الخارجية 

أعلن أن بلاده ستبدأ فورا في بناء جدار حدودى مع المكسيك لمنع تدفق المهاجرين وكذلك فرض ضريبة 20%  على السلع القادمة من المكسيك لدفع تكلفة بناء الجدار وقابلته المكسيك برفض هذا القرار، كذلك علق الهجرة من مناطق ذات توجه ارهابى وأصدر قرار بمنع دخول سبع  دول الأراضى الأمريكية والذى رفضه الجميع ومن أهمهم القائمة بأعمال وزير العدل وعلى أثره تم إقالتها من منصبها .
أعلن أنه سيقيم مناطق آمنة في سوريا لحماية الأشخاص الفارين من العنف، وأوصى وزارتى الخارجية والدفاع بوضع خطة لانشاء مناطق آمنة للمدنيين في سوريا والدول المجاورة في غضون 90 يوما، وفيما بعد تراجع عن قراره بإعلان البيت الابيض بأن الادارة لا تدرس حاليا بشكل مكثف إقامة مناطق آمنة في سوريا، وهنا يظهر التقارب الأمريكى الروسى والذى يأخذ بعين الاعتبار الدور الروسى المستعاد في منطقة الشرق الأوسط، والذى من خلاله قد نشهد حلول قريبة للازمة السورية بما تقتديه مصالحهم في المنطقة .
ثالثا :  ترامب والقضية الفلسطينية
الانحياز الأمريكى لإسرائيل السمة المشتركة في كافة الادارات الامريكية ولكن مع وضوح ترامب وصراحته نجد تصريحاته في قضية الاستيطان لا تختلف عن ما سبقه، فكلاهم داعم للاستيطان ولكن كل بطريقته ولكن ترامب كان أكثر استرضاء للوبى اليهودى ومن ورائه اسرائيل عن سابقية، وحول نوايا نقل السفارة الأمريكية إلى القدس فهو ليس جديد فقد أصدر الكونجرس الأمريكى تشريعاً عام 2002 بنقل السفارة إلى القدس لكن بوش الابن لم ينفذه،  وبرغم كافة الاستنكارات الدولية والفلسطينية حول نقل السفارة وانتهاكه للقانون الدولى إلا أن قرار التأجيل يأتى بالتنسيق ما بين اسرائيل وأدارة ترامب، وهو ما يمنح إسرائيل فرصة لكسب الوقت لتوسيع الاستيطان في الضفة الغربية وتهويد القدس والذى وصل الى ترخيص لبناء 3000 وحدة سكنية بعد تنصيب ترامب مما يمنع أى فرصة لحل الدولتين،  وكذلك ورقة للضغط على الفلسطينيين في أى مفاوضات سلمية قادمة يفرضها ترامب على الجانب الفلسطينى وسط صمت العالم تجاه انتهاكات اسرائيل للشعب الفلسطينى .
في النهاية، لن يتمكن ترامب من إجراء تعديلات جذرية على النظام الأمريكى ولن يستطيع إحداث تغييرات جوهرية في علاقة الولايات المتحدة مع حلفائها،  وإن حاول تغيير سياسته  وتعاطيه مع قضايا المجتمع الدولى لكنه سيبقى محكوم لمؤسسة متكاملة تفرض عليه مواجهة تحدياته اليوميه بعقلانية ومرونه ستفقد قرارته مضمونها  لكنها في المقابل ستسمح للعديد من لوبيات الضغط المريكية الداخلية  والخارجية  وكذلك مؤسسات الحكم الدائمة كالبنتاجون والسى أى إيه من الاستفادة من فترة حكم هذا الترامب،  وتمرير قرارات تخدم مصالح تلك اللوبيات وكذلك التفوق الامبراطورى للولايات المتحدة على حساب الطبقات الضعيفة تنظيميا داخل الولايات المتحدة، وعلى حساب الدول الأضعف في العالم وهنا علينا أن لا نشعر بالتفاؤل  فيما هو قادم خاصة بالشأن الفلسطينى.
أستاذ علوم سياسية وعلاقات دولية

التعداد السكاني للاجئين الفلسطينيين في لبنان رغم المحاذير .. هو إنجاز وطني هام/ فتحي كليب

معظم الابحاث والدراسات التي تناولت وتتناول اوضاع اللاجئين الفلسطينيين تصطدم عادة بتلك المشكلة المزمنة المتعلقة في نقص المعطيات والبيانات الاحصائية. وتزداد المشكلة صعوبة بالنسبة للاجئين المقيمين في لبنان عندما ترتبط مسألة الاحصاءات، خاصة الديمغرافية منها، بالأوضاع الداخلية اللبنانية نتيجة المشكلة الطائفية التاريخية التي يعيشها لبنان.

مع ذلك يمكن رصد الكثير من الاسباب الكامنة وراء عدم وجود احصاءات رسمية ودقيقة لعدد اللاجئين الفلسطينيين. فبعضها على علاقة بواقع التشتت الذي يعيشه الفلسطينيون عموما واللاجئون خصوصا وتوزعهم على مناطق جغرافية ذات خصائص سياسية واقتصادية اجتماعية وتاريخية مختلفة، وبعضها الآخر عائد الى اعتبارات تتعلق ببعض الدول العربية المضيفة للاجئين، وثالثها عدم وجود هيئات فلسطينية قادرة على انجاز مثل هذا الامر في مراحل تاريخية معينة نتيجة طغيان منطق الثورة والعمل الفدائي على ما عداه من امور، بحيث كانت مسائل من مثل الاحصاء والتعداد من الامور الهامشية مقارنة بقضايا اخرى ذات اولوية، اضف الى ذلك حالة الفوضى التي عاشها لبنان خلال سنوات الحرب الاهلية وعجز اي هيئة محلية او دولية عن القيام بمثل هذا الإحصاء حيث بقيت وكالة الغوث المصدر الرئيسي القادر على تقديم بيانات احصائية ومعطيات رقمية عن عدد اللاجئين الفلسطينيين.

ففي سوريا كان آخر تعداد سكاني اجرته الحكومة السورية عام 2004، وكان من المفترض اجراء تعداد آخر في العام 2014، نزولا عند توصية الامم المتحدة لجميع الدول بضرورة تنظيم  إحصاءات تفصيلية للسكان والمساكن مرة على الأقل كل عشرة سنوات. لكن بسبب الازمة السورية تأجل المشروع ولم يتم انجازه حتى اللحظة.

المهم هنا هو ان التعداد الذي نفذ عام 2014 لم يضع اللاجئين الفلسطينيين في اي باب من ابوابه، وصدر ملحق خاص بأعداد اللاجئين الفلسطينيين استند الى ارقام مؤسسات الإحصاء الفلسطيني ووكالة الغوث، رغم ان ما تقدمه هاتين المؤسستين من معطيات رقمية لا يدخل في باب التعداد، بل عبارة عن ارقام المسجلين في القيود واخرى تقديرات ليست دقيقة لافتقادها الى الكثير من عناصر التعداد بمعناه العلمي.

لذلك جاءت الارقام المتعلقة باللاجئين الفلسطينيين المقيمين في سوريا مستندة اما الى ارقام وكالة الغوث او الى الارقام الموجودة بحوزة وزارة الداخلية السورية وهي عبارة عن احصاءات حيوية تهتم فقط بجمع البيانات الرقمية لقضايا الولادات والوفاة والزواج والطلاق وغيرها وعادة ما تكون خالية من اي تحليل اقتصادي واجتماعي للفئة المستهدفة بالاحصاء..

وفي الاردن الذي يستضيف العدد الاكبر من اللاجئين الفلسطينيين، فقد درج على اجراء تعداد سكاني مرة كل عشرة سنوات، وفقا لقانون الإحصاءات العامة. وقد نفذ الاردن منذ تأسيس المملكة وحتى اليوم ستة تعدادات كان آخرها في العام 2015 (اعلن عنه عام 2016) حيث وصل عدد سكان الاردن 9.5 مليون نسمة بينهم 6.6 مليون أردني ونحو ثلاثة ملايين غير أردني منهم 634 ألف فلسطيني. (علما ان رئيس الوزراء الأردني عبدالله النسور كان قد اعلن سابقا أن عدد سكان الأردن بلغ 11 مليون نسمة، منهم مليون مغترب، ومليوني لاجيء فلسطيني غير أردني ما طرح تساؤلات عن سبب اسقاط نحو 1.5 مليون لاجيء فلسطيني من قوائم اللاجئين الفلسطينيين في الأردن).

اما في لبنان فقد اخضع اللاجئون الفلسطينيون لاعتبارات ومشاكل الاحصاء التاريخية الموجودة في لبنان والتي تعتبر انعكاسا للمشكلات السياسية والطائفية. ويسجل ان آخر إحصاء رسمي للسكان في لبنان جرى في ظل الاستعمار الفرنسي عام 1932، اضافة الى احصاءات اخرى  غير رسمية اجريت عام 1956 وما بعد واخرى في بدايات الحرب الاهلية.

وأحد اهم الاسباب لعدم وجود ونشر تعداد او احصاء رسمي لبناني، ليس لعدد اللاجئين الفلسطينيين فحسب، بل لعموم سكان لبنان، هو طبيعة النظام السياسي اللبناني والتوازنات الداخلية التي كانت تتحكم بأي عملية تعداد منذ اعلان استقلال لبنان عام 1943 والتي ظلت قائمة منذ تلك الفترة وحتى اليوم رغم التوصل الى اتفاق الطائف عام 1990 الذي كرس المناصفة بين المسلمين والمسيحيين.. لكن رغم ذلك ظلت المشكلة الديمغرافية والخصوصية الطائفية قائمة، وهي الشماعة التي يتم استحضارها بشكل دائم من قبل بعض اللبنانيين في تبرير رفضهم اقرار الحقوق الانسانية للاجئين الفلسطينيين منذ لحظة اللجوء الاولى وبحجة مواجهة التوطين.

إن اعلان أي رقم لعدد سكان لبنان سيتبعه بالضرورة اعلان عدد سكان كل طائفة ومذهب والخصائص الاجتماعية لكل منها، بما قد يترك انعكاسات من شأنها الاضرار بمصلحة ما يعرف بالتوازن الطائفي في  الدولة خاصة في هذه المرحلة التي يحتدم فيها النقاش السياسي حول هوية لبنان ودور الطوائف في صياغة نظامه السياسي.

انطلاقا هذه الخلفية تبدو اهمية المذكرة التي تم الاتفاق عليها بين الحكومة اللبنانية، ممثلة بلجنة الحوار اللبناني – الفلسطيني والحكومة الفلسطينية ممثلة بالجهاز المركزي للإحصاء، بإجراء تعداد للسكان والمساكن في المخيمات والتجمعات الفلسطينية في لبنان بتكلفة قد تصل الى ثلاثة ملايين دولار. وهو التعداد الاول من نوعه منذ النكبة في العام 1948 ، رغم ان الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني سبق له وان اجرى العديد من الاحصاءات للسكان والمساكن بطريقة الاحصاء بالعينة على مجموعة منتقاة، لكن لم ترتق تلك الاحصاءات الى مستوى الاحصاءات الرسمية التي يمكن للهيئات المعنية اللجوء اليها، وظلت عبارة عن مؤشرات رقيمة. كما انجز الجهاز المركزي للإحصاء ايضا تعداد عام للسكان في فلسطين، لكن بالنسبة الى اللاجئين خاصة المقيمين منهم في دول الشتات، فقد جاءت الارقام عبارة اما عن تقديرات او بالاستناد الى احصاءات مؤسسات اخرى..

لذلك، فالتعداد الذي سيبدا العمل به في وقت لاحق، بعد اعداد وتدريب العناصر البشرية المعنية بالعمل، يختلف عن العمليات الاحصائية بمختلف انواعها سواء المسوحات الاجتماعية او الاستبيانات او استطلاعات الرأي، التي تهدف جميعها الى الوصول لهدف واحد هو الوصول الى حقيقة غير معلومة من قبل، ووضعها امام المرجعيات والهيئات المعنية للوقوف على اوجه الخلل في عمل الهيئات الرسمية وليتسنى لها وضع المعالجات المطلوبة. وبهذا المعنى فالتعداد يعتبر من اهم العمليات التي تقوم بها الدول بغية التعرف على المعطيات والبيانات الحديثة الدقيقة حول مواطنيها ومناطق انتشارهم وما يتمتعون به من خصائص إجتماعية وإقتصادية والتي تشكل مجتمعة أداة رئيسية في اتخاذ القرارات السليمة والخطط التنموية المستقبلية.

من هنا تبرز اهمية هذا التعداد سواء بالنسبة للاجئين في لبنان الذين يختصرون في معاناتهم معاناة جميع اللاجئين الفلسطينيين ويعتبرون، وفقا لرئيس الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني علا عوض، "من أكثر الفئات المهمشة في الشعب الفلسطيني او بالنسبة للقيادة السياسية وغيرها من المرجعيات الخدماتية المعنية بالتعرف على المشكلات والمعضلات التي تشكو منها تجمعات اللاجئين واقتراح السياسيات والاستراتيجيات المستقبلية. لذلك فمن المتوقع ان يكون هناك، ولأول مرة منذ التهجير عام 1948، رقم رسمي لعدد اللاجئين الفلسطينيين في لبنان وخصائصهم الديموغرافية، الاقتصادية، الصحية، الاجتماعية والتربوية وغيرها، مما يضعنا في صورة الوضع القائم في المخيمات الفلسطينية.

ورغم كل ما يمكن ان يقال من ايجابية على هذا المشروع لجهة وضع مشكلات المخيمات امام الاطراف المعنية، محلية ودولية، والتي هي على تماس مع اوضاع اللاجئين الفلسطينيين، الا ان هذا الامر لا يجب ان يحجب النظر عن ضرورة الحذر من تسلل بعض الاطراف للاستفادة من نتائج التعداد خدمة لأغراض سياسية بعيدة عن الوظيفة الاساسية بتوفير قاعدة بيانات ومعطيات رقمية لعدد اللاجئين الفلسطينيين بما يوفر للمرجعيات المعنية الحقائق الاساسية لتضع خططها وبرامجها. نقول هذا الكلام على خلفية الابعاد السياسية لقضية الارقام التي يجب ان تكون محط اهتمام القيادة السياسية الفلسطينية باعتبارها قضية سيادية لا يجب السماح لأي طرف الاضطلاع عليها الا بعد اجازتها فلسطينيا، خاصة وان هذه العملية حتى لو كانت ستنجز من قبل اللاجئين الفلسطينيين انفسهم وبما يوفر فرص عمل للشباب خاصة الجامعيين منهم الذين يعانون من مشكلة حرمانهم من حق العمل في لبنان، الا ان هناك اطراف اخرى ستشترك بالتنفيذ مع الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني..

فقضية الأرقام المتعلقة باللاجئين الفلسطينيين، تعتبر واحدة من أخطر المسائل الشائكة في الصراع العربي والفلسطيني – الاسرائيلي، خاصة وأن ليس هناك رقم محدد ومتفق عليه بين الأطراف المعنية بهذا الصراع. هذا ما بدا واضحا في إجتماعات لجنة اللاجئين المنبثقة عن المفاوضات المتعددة الطرف قبل توقف عملها، والتي عقدت العديد من الإجتماعات في أكثر من دولة ونظمت الكثير من المؤتمرات والأبحاث دون أن تتوصل إلى رقم يمكن الإعتماد عليه في أي عملية مفاوضات قادمة.

اما بشأن اعداد اللاجئين الفلسطينيين في لبنان وفي مراجعة مواقف المرجعيات والهيئات المعنية بأوضاعهم ، فيبدو واضحا ان هناك اختلافا بيِّنا بين ما هو متوافر من ارقام لدى الدولة اللبنانية وما هو مسجل لدى وكالة الغوث وما هو مقدر من قبل الفصائل واللجان الشعبية والمؤسسات البحثية في المخيمات. والرقم في هذه الحالة يعتبر موقفا بحد ذاته، خاصة عندما يبنى عليه استخلاصات سياسية وامنية واقتصادية اجتماعية وامنية..

فعلى المستوى المحلي، من الخطأ القول ان الدولة اللبنانية ودوائر الاحصاء فيها لا تملك رقما فعليا لأعداد اللاجئين الفلسطينيين المقيمين في لبنان. إذ رغم شراسة الحرب الاهلية والضرر الذي اصاب المؤسسات الرسمية للدولة، فقد حافظت (خاصة تلك المعنية بمتابعة أوضاع اللاجئين الفلسطينيين) على وتيرة معينة من العمل لناحية تسجيل الولادات والوفيات، وظلت ترتبط عبر القنوات الدبلوماسية مع وكالة الغوث بعلاقة ثابتة لجهة مواءمة الارقام بين الطرفين. وقد عكفت مؤسسات الدولة (مديرية شؤون اللاجئين، الامن العام ..) منذ سنوات على اعداد ملف خاص باللاجئين الفلسطينيين في لبنان من كافة النواحي الديمغرافية والسياسية والامنية والاقتصادية، تمهيدا لطرحه امام عواصم القرار. وبالتالي فاعلان الرقم ليس سوى جزء من سياسة عامة للدولة اللبنانية حيال ملف اللاجئين الفلسطينيين خدمة لأهداف لها علاقة بعملية التسوية.

ان ما يعطي هذا الموضوع اهمية ، ما شهده ويشهده لبنان من ازدياد في الحديث عن عدد اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، وتقديم العديد من التصورات والسيناريوهات من قبل البعض وبأرقام خيالية تفتقد الى الدقة والمصداقية في معظم الاحيان، حيث بلغ الرقم عند بعض السياسيين اللبنانيين 800 الف نسمة. فيما بلغ عند آخرين 600 الف نسمة. واستنادا الى هذه الأرقام ، فقد بنيت مجموعة من الاستنتاجات بطريقة غير علمية بهدف الوصول الى نتيجة محددة بشكل مسبق، وهي صعوبة استيعاب اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، ودعوة الدول العربية والاجنبية الى تقاسم هذا العبء.

          اما وكالة الغوث ورغم انها قالت في دراستها المشتركة مع الجامعة الامريكية في بيروت عام 2015 ان اعداد اللاجئين الفلسطينيين المتواجدين في لبنان هو بين 260 الف نسمة الى 280 الف نسمة (وهو نفس الرقم في المسح الأسري الاقتصادي الاجتماعي للاجئين الفلسطينيين في لبنان الذي انجز عام 2010) ون العدد وفقا لسجلاتها عام 2015 بلغ نحو 452 الف نسمة. غير ان هذه الارقام هي عبارة عن ارقام لا علاقة لها بالاحصاء او التعداد، وهي تعتمد على التسجيل في قيودها كأساس وتستبعد عددا كبيرا من اللاجئين الفلسطينيين الذين يقيمون في بعض البلدان العربية والمهاجر الاجنبية، كما لا يشمل بعض اللاجئين الذين لم يتم تسجيلهم في قيود وكالة الغوث لأسباب متعددة.

ان مسألة الارقام هي تماس مباشر مع بعض القضايا القانونية المتعلقة بمكانة اللاجيء القانونية. فإنطلاقا من تعريف الاونروا للاجيء الفلسطيني وعلى خلفية التفويض الممنوح لها والمحدد باغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين الى حين العودة، فهناك تخوفات برزت مؤخرا خلال التحركات الشعبية التي نفذها اللاجئون الفلسطينيون رفضا لتخفيض خدمات الاونروا من أن تشكل الاونروا رأس حربة لمشاريع سياسية تستهدف قضية اللاجئين وحق العودة من مدخل تقليص خدمات وكالة الغوث. وهناك العديد من المؤشرات التي تؤكد صحة هذه التخوفات، خاصة عندما يتم الربط، وبشكل متعمد، بين الخدمات التي تقدمها الوكالة وأعداد المسجلين في قيودها.. وليس سرا القول ان هناك العديد من الاطراف تسعى إلى العبث بالمكانة القانونية للاجئين من مدخل تقليص خدمات الاونروا. من هذه الزاوية يصبح التشكيك أمراً مشروعاً، بل واجبا على جميع الهيئات والاشخاص إثارة الموضوع على أعلى المستويات، وأن مسؤولية الاونروا هي في تقديم التوضيحات.

لا نأت بجديد عندما نقول ان هناك استهداف واضح لقضية اللاجين الفلسطينيين ولحق العودة مدخله التلاعب بالأرقام. والنموذج الواضح بهذا الاطار القانون الذي أقرته لجنة الميزانيات في مجلس النواب الأمريكي بشأن تعديل تمويل المساعدات الخارجية لعام 2013، الذي يلزم وزارة الخارجية بالإبلاغ عن عدد الذين يستحقون المساعدات من إجمالي اللاجئين الفلسطينيين الذين يتلقون مساعدات من وكالة الغوث. ويسعى القانون لحصر أعداد اللاجئين وتمييز من تركوا بيوتهم عام 1948 أو في حرب الأيام الستة، ومعرفة عدد ذريتهم.

وتكتسب مشكلة التعريف لمفهوم اللاجىء في المفاوضات العربية والفلسطينية – الاسرائيلية اهمية كبيرة، نظرا للنتائج التي يمكن ان تترتب على ذلك. وليس غريبا ان أول نقطة اصطدمت بها لجنة اللاجئين في المفاوضات المتعددة الاطراف، كانت مشكلة الاتفاق على تعريف موحد للاجئين، والتي لم تتوصل الى اية نتائج ايجابية، بسبب موقف الوفد الاسرائيلي، الذي اثار موضوع المواطنين اليهود الذين غادروا الدول العربية، واعتباره بان أي تعريف محتمل للاجئين، يجب ان يشمل هؤلاء.

رغم كل ما ذكر، فان اجراء تعداد عام للاجئين الفلسطينيين من شانه الاسهام في معالجة العديد من القضايا الاقتصادية والاجتماعية. لأن معظم الذين تناولوا اوضاع اللاجئين الفلسطينيين في لبنان سواء ببيانات احصائية مستندة الى تقديرات او مسوحات خاصة او استطلاعات رأي قدمت جميعها جزءا من الصورة الحقيقية لأوضاع المخيمات وساكنيها، تعاطوا مع الفلسطينيين في لبنان ككم بشري وعلاقته بالشأن العام للقضية الوطنية الفلسطينية، بعيدا عن كون هذا التجمع له خصوصية معينة وانا كان جزءا من شعب يعيش كبقية شعوب العالم مشاكله اليومية سياسية وأمنية وديمغرافية وإقتصادية وإجتماعية.

          إن كانت بعض المرجعيات الخدمية وبعض الدول والمؤسسات المانحة يتذرعون دائما بمشكلة النقص في المعطيات الاحصائية لتقديم مشاريع انمائية للمخيمات، فان الامل هو في نجاح الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني في إنهاء هذا التعداد لتوفير المعطيات العلمية الدقيقة لجميع المهتمين أوضاع اللاجئين المقيمين في لبنان ويما يقدم صورة واقعية عن عشرات المشكلات التي يعيشها اللاجئون الفلسطينيون في لبنان وهو امر يتطلب ايضا دعما مباشرا من جميع التيارات السياسية المختلفة ومن الهيئات الشعبية والمؤسسات الاجتماعية، وباعتبار هذه الورشة عملا وطنيا يجب ان يخدم الشعب الفلسطيني وقضيته الوطنية وفي مقدمتها قضية اللاجئين وحق العودة..

للمراجعة: لبنان - بيروت

+961766944958

القضاء المتحزب لا يصنع وطنا/ لطيف شاكر

أطلقت "ناشيونال جيوغرافيك" عام 2005 مشروع "جينوغرافيك" الذي يستخدم العلم للإجابة عن أسئلة عديدة حول العرق وأصل البشر واوضحت ان جينات المصريين تشمل  17  % اصلهم عرب   .
 والعرب المصريون نزحوا مع الاحتلالات العربية والبعض الاخر استقدمهم  الاحتلال الاموي من ارض الحجاز   في البداية لزيادة عددهم عن الاقباط حينذاك  وتسموا بالقبائل العربية وعددها يزيد عن 150 قبيلة’  في حين ان مصر لم تكن قبيلية البتة   فضلا عن تسميتهم بالعربية وهم يعيشون ارض مصر .
 ويتسم العرب بالاستعلاء  وكراهية الاخر  واضطهاد الغير مسلم  واكالوا عليهم  كل صنوف العذاب  والالام  ومحاولة تعريب  الهوية المصرية واحتقار التاريخ المصري ولو طالت ايديهم لهدموا كل الاثار والتراث المصري  وهدفهم الايكون دينان في اي دولة يعيشون فيها حتي ولو لاجئين, كما نري الان  في البلاد التي هجروا اليها , اضافة الي ممارسة العنف مع الاخرين  وشعارهم اما الذبح او اعتناق الاسلام   .
والعرب في مصر هم السلفيون والاخوان والاسلاميون بانواعهم المتعددة حتي الازهريون فهم  وهابيون فكرا وعملا والسعودية تقوم  بمدهم   بمبالغ هائلة امام سمع  ونظر الدولة .
وللاسف تغلغل هؤلاء العرب في كل اجهزة الدولة وسيطروا علي القضاء فصار قضاء متحزبا وعلي الامن فبات امنا اسلاميا...
ومتى تحزب   القضاء ،  واصبح يتحدث  باسم الحزب الواحد والدين الواحد والقائد الواحد، فستجد البلاد تعيش في شريعة الغاب، يأكل القوي فيها الضعيف، ولا يكون للقضاء دورٌ حينها، إلا التصديق على قرارات الفساد والظلم والطغيان .    

 يقول ابن خلدون عن العرب فصل  25

  أن العرب إذا تغلبوا على أوطان أسرع إليها الخراب والسبب في ذلك أنهم امة وحشية باستحكام عوائد التوحش وأسبابه فيهم وعندهم ملذوذ لما فيه من الخروج عن ربقة الحكم وعدم الانقياد لسياسة وهذه الطبيعة منافية للعمران و العرب لا يتغلبون إلا على البسائط .
يقول المؤرخ عبد العزيز جمال الدين : فمنذ الاحتلال  الاسيوي البدوي (العربي) عمل العرب علي حصر المصريون  الاقباط   في مفهوم ديني هدفه  ابعادهم عن وطنهم وحصروه في فكرة انهم  اقل ودون المستوي لانهم يدينون  بالمسيحية  ومن حاول منهم  المناداة باحياء الجذور المصرية الوطنية بعيدا عن الدين او اللسان العربي يتهم فورا بالخيانة للوطن  لانه ومن جهة نظر المحتل العربي يطالب بتغيير عربنة مصر والرجوع بها الي عصر ماقبل الاحتلال العربي وكأن العرب المحتلون اصبحوا هم اصحاب البلد وويل لمن يخالفهم

في مقابلة أجرتها وكالات الاعلام  الامريكية  مع  برنارد لويس  قال  :
 إن العرب  قوم فاسدون  مـُفسدون فوضويون لا يمكن تحضيرهم .. وإذا تـُركوا لأنفسهم فسوف يفاجئون العالم المتحضر بموجات بشرية ارهابية تدمر الحضارات وتقوض المجتمعات ..  ولذلك فان الحل السليم للتعامل معهم هو اعادة احتلالهم واستعمارهم   ولذلك فإنه من الضروري إعادة تقسيم الأقطار العربية والإسلامية إلى وحدات عشائرية وطائفية .. ولا داعي لمـراعاة خواطرهم أو التأثر بانفعالاتهم وردود أفعالهم…. ويجب أن يكون شعار أمريكا في ذلك :   إما أن نضعهم تحت سيادتنا أو ندعهم ليدمروا حضارتنا  ولا مانع عند إعادة احتلالهم أن تكون مهمتنا المـُعلنة “هي تدريب شعوب المنطقة على الحياة الديمقراطية

سأل  تشرشل   وزيري العدل والتعليم: ماوضع القضاء والتعليم، فأجابوه: أن القضاء والتعليم على خير مايرام، فقال تشرشل: مازال القضاء والتعليم بخير فإننا بخير ولم نخسر المعركة بعد ... وبالفعل خرج تشرشل وحلفائه من الحرب العالمية الثانية منتصرين على ألمانيا النازية وأصدقائها
  ولا يصدق أحد أن هناك بلد متطورة في العالم لايكون لقضائها النزيه اليد العليا في هذا التطور، فمتى كان جميع المواطنين على اختلاف درجاتهم ومناصبهم سواسية أمام القانون فلن تجد أحد قادر على سرقة حق الضيف أو اغتصاب ماله أو التعدي على شرفه.
يقول   الكاهن  المصري نفرياهو في بردية له  موجودة في متحف ليننجراد وعمرها اكثر من 4000 سنة .. اذرف الدمع ياقلبي فقد اصبحت البلاد خرابا وكأن اهلها ليسوا باهلها اصبحت الوجوه غريبة
لقد حلت اللعنة  علينا وولي كل ماهو طيب ان ارض بتاح المقدسة بتسلل البدو من الشرق    الذين وطئت اقدامهم  ارض مصر واصبح المصري غريبا في ارضه واملاكه تنزع منه ةتعطي للغر يب ... رحلت العدالة عن بلادنا فرحل الخير والبركة
واورع ما يميز الحضارة المصرية القديمة هو قيامها على أسس الـ "ماعت" التى كانت تجسيداً يعبر عن جوهر الحق والصدق والعدل والنظام.. واعتبرت القانون الإلهى الكونى الذى يرسى قواعد الخير والحق في مواجهة قوى الشر والظلم

 وفي مسألة سيدة الكرم  والاتجاه الي القضاء ورفض المجالس العربقية الظالمة  .كنا نظن انها بداية على طريق دولة القانون أو ميلاد لدولة القانون والبعد عن المجالس العرفية لكن خاب ظننا .
لكن جاء قر ار الحفظ  بمثابة تعرية السيدة سعاد   مرة اخري  بل وتعرية سيدات مصر كلها   
ومابين الجلسات العرفية لظلم الاقباط  وبين  القضاء وحفظ التحقيق... ياقلبي احزن

وقرار الحفظ لم يكن مفاجأة بالنسبة لي  فكما ان الشوك  لاينتج عنبا   هكذا القضاء المصري  لا ينصف  قبطيا ,منذ الاحتلال العربي حتي اليوم وغدا  ,    لحين يأتي قضاء الرب المحتوم.

والعجب ان الرئيس  اعتذر 3 مرات للسيدة سعاد واعتذر كثير من الشعب المصري  لها وكانت عبارات الاعتذار تحمل مشاعر طيبة ولكن للاسف فوجئنا على خلاف ذلك مامعناه ؟

  والسؤال الآن هل الرئيس اعتذر عن واقعة لم تحدث؟
هل أجهزة الدولة التي أبلغت الرئيس شيئًا مخالفًا للحقيقة أم هى حقيقة بالفعل استاء منها الجميع؟..
 وهل معني هذا  هناك اتجاه لإسقاط دولة القانون؟،
هل الذمية عادت تطل برأسها  من جديد في هذا العهد ؟
هل لامفر من  المجالس العرفية في العصر الحالي ؟

لقد هاجر من قرية الكرم   ابان تعرية  السيدة سعاد   11 أسرة قبطية    خوفا من التهديد  والوعيد من جيرانهم المسلمين  وهذا  هدف السلفيين  تهجير الاقباط  اصحاب البلد من قراهم    حتي لايكون دينان اسوة بالجزيرة العربية , وذلك بمساندة الامن  والدولة  وبتحفيز  شيوخ الوهابية السعودية . في حين ان التهجير  ضد  الدستور وحقوق الانسان  كما اسلفنا في مقال العدد السابق .

ان تعرية سيدة الكرم وحفظ التحقيق هو بمثابة ناقوس خطر لكل الاقباط  في مصر وانها
قضية المراة المصرية
وقضية وطن
وقضية رأي عام
وقضية ضمير
وقضية عدالة

لكن وسط الحصي توجد لالئ  : تقدم عدد من المحامين المسلمين والمسيحيين بقيادة سامح عاشور  وايضا قدم  رئيس منظمة الاتحاد المصري لحقوق الإنسان، موقعة من 50 ناشطًا سياسيًا، وعدد من الشخصيات العامة، للمطالبة بإعادة التحقيقات في واقعة تعرية القبطية  

اننا نحكم  الان في مصر بالعقيدة الدينية , يقول صموئيل هنتجتون  : العقيدة  وحدها لاتصنع أمة , فالأمة التي يتم تعريفها علي اساس العقيدة هي أمة هشة الي زوال .

وكتب الفيلسوف القبطي اثينا غوراس رسالة  الي الامبراطور الروماني عام 176 م  وكأنه  يخاطب  اليوم الحكومة المصرية يقول :
"ايتوني بمسيحي سارق او قاتل اوفاسد  .. اننا شعب نعبد الله الواحد ونتخذ زوجة واحدة ونعيش بالامانة والعفة دون ان نؤذي احدا فلماذا تقتلونا ؟!"

يقول اللورد كرومر عام 1908 في كتابه مصر الحديثة يقول :  من المحتمل ان يقوم الاقباط بدور ليس بقليل في ميدان تاريخ مصر المستقبلي فيجب ان يكونوا اقوياء ولكنهم فعلا ضعفاء  ومن الناحية الاخري قان انحدار الاقباط منذ الغزو العربي كان من المفهوم ان يؤدي بهم الان الي فقدان شخصيتهم وهويتهم واختفائهم من وادي النيل ولكنهم بدلا من ذلك فهناك الان علامات علي حدوث ميلاد جديد قبطي  وقوة الاقباط ذات الامكانيات الكبيرة واضحة في تغلغلهم في كل مظاهر الحياة المصرية وكذلك في الدافع القوي للتعلم ولقدراتهم العقلية الطبيعية 
 وفي ضوء الاضطهادات المستمرة للاقباط  واسقاط حقوقهم كلية, اختم المقال   بنبؤة  هيرمس  الحكيم المصري من القرن الثاني  لكي نعتبر   : بعد ان كانت مصر صورة للسموات ويسكن الكون هنا في قدس معبدها ...ستصبح مصر مهجورة موحشة محرومة من وجود الاله يحتلها الدخلاء سيتنكرون لتقاليدنا المقدسة , ان هذا البلد الزاخر بالمعابد والاضرحة سيضحي مليئا بالجثث والمآتم , و النيل المقدس سوف تخضبه الدماء وستفيض مياهه محملة بالقيح .
سؤال اخير: ازاء مايحدث بمصر  من  اضطهاد واسلمة  الاقباط  واختفاء  المسيحيات,  هل ترامب هو العنصري ؟

امشير / فبراير

تيران وصنافير ومخطط التقسيم/ أشرف حلمى

بالرغم  معارضة معظم شعب مصر العظيم قرار الحكومة المصرية لأصرارها سعودية الجزيرتين بحجة رد الجميل ( ثمن ) نتيجة  المساعدات الاقتصادية التى قدمتها الأخيرة لمصر بعد ثورة يونية والغريب فى الأمر والمثير للشك ان أعضائها اتجهوا للقضاء الذى رفض الدعوة المقامة مما سبب فرحة عارمة للشعب المصرى وصدمة كبيرة للحكومة .
هذا وقد دخل العميل السعودي بالقاهرة  حزب النور الإرهابى   طرفاً اخر مساندا للحكومة إذ يخرج علينا داعية سلفى  قائلاً لا مانع من إعطاء تيران وصنافير للسعودية لصالح الأمة الإسلامية مثل الذى يتنازل عن زوجته لأحد أصدقائه .
الم يعرف هؤلاء ان الجزيرتين المصريتين كانتا تحت الاحتلال الإسرائيلى منذ عام ١٩٥٦ وانسحبت منهما عام 1982ضمن اتفاقية كامب ديفيد التى عارضتها معظم الدول العربية ومن بينها السعودية فى الوقت الذى لن يكتب لنا التاريخ الحديث ان السعودية كانت طرفاً فى النزاع الإسرائيلي او طالبت بأراضيها المحتلة كما تتدعى ملكيتها او شاركت مصر وسوريا  بأى من وحداتها العسكرية دون ان تقدم نقطة دم واحدة بهدف  تحريرهما واستعادتهما .
اليست هذه السعودية التى منعت الامتداد البتروليه عن مصر مؤخراً نتيجة  الرفض والغضب المصرى  بالتنازل عن الجزيرتين فى الوقت الذى كانت تعانى أزمتها الأقتصادية  وعجزاً فى مصادر الطاقة بهدف إسقاط مصر بمساعدة عملائها بالداخل  وهل وصلت سذاجة المصريين  لتسليم الجزيرتين اللتان تعتبرا صِمَام الامن القومى المصرى و تبعدان عن الاراضى  المصرية سوى بضع كيلومترات عن السعودية والتى يمكن ان تستغلها القوى العظمى لوضع قواعدها العسكرية لتهديد أمن  مصر وابنائها وعمل الإنفاق  للوصول الى سيناء لتهريب الإرهابيين والعمل على تنفيذ مخطط التقسيم المزمع الذى تحلم به قوى الشر . أرجعوا أيها الجهلاء عن أفكاركم التى ستؤدى الى أنفجار الأوضاع الداخلية والخارجية والحفاظ على كل شبر من الأراضى المصرية التى سالت العديد من دماء أبنائها من أجلها لغلق الباب امام قوى الشر الخارجية وعملائها امام مخططاتهم .

ظلٌّ هنا... وروحٌ هناك/ صالح أحمد ـ كناعنة

هي الحياة...
لا شيءَ فيها يُشبِهُها، إنها على دَرَجَةٍ مِنَ الوُضوحِ بِحيثُ أنّها لا تَقسو لِتَلين.. ولا تَلينُ لِتَقسو... هي لا تَقصِدُ اختِيارَ ضَحاياها... كما هُم يفعَلون!
***
لطالَما تَمَنَّيتُ لي بيتًا مَفتوحًا... كُلُّ شيءٍ فيهِ يَتَداخَلُ في أيِّ شيء.. بِتَمازُجٍ عَشوائِيٍّ يَبعَثُ على الألفَةِ والدِّفءِ...
لا أطيقُ الجُدرانَ... تَجعَلُني أبدو ظِلًّا هُنا وجَسَدًا هُناك.. حيثُ لا يَبقى للرّوحِ مَكانٌ... والنَّفسُ تُمارِسُ انشِطارَها بينَ هُنا الذي تَجِدُ، وهُناكَ الذي تَشتاقُ... والحَدُّ أنا!
***
كَم مِن خَيطٍ أبيَضَ تَسَلَّلَ عَبرَ سَوادِ غَفلَتِنا الذي ألِفناهُ مُنذُ أصبَحَ الوَقتُ مَلهاتَنا.. إذ لَم يَعُدِ لِروحِنا مَوطِئًا فيهِ.. وبِتنا ذاهِلينَ عَن حالِنا، نَبحَثُ عَن لَيلٍ لَهُ رائِحَةٌ تُشبِهُنا... وَكُلُّ ما تَحتاجُهُ أيّامُنا روحَ المَطر.
***
لَستُ أدري أهِيَ ذاكِرَتي المُثقَلَةُ... أم مَشاعِري المُرتَبِكَةُ... ما يَجعَلُني أتَّصِلُ بِأرواحِ أحبابي! سَواءً حينَ أفرحُ.. وحينَ أحزَنُ! ولا أملِك أن أدرِكَ في أيِّ الحالَينِ تَكونُ أرواحُهُم أكثَرَ شَفافِيَةً... وأكونُ مِنها أقرَب.
***
حينَ أرقُبُ بِعينِ روحي ما يَفعَلُهُ اختلاطُ المَطَرِ بِروحِ الأرضِ، أُدرِكُ كَم نَحتاجُ إلى فِكرٍ مُبدِعٍ؛ يُخرِجُنا مِنَ العالَمِ المَرئي إلى عالَمٍ يَعيشُ فينا، لا يَملِكُ أحَدٌ مِنَ البَشَرِ غَيرنا أن يَجعَلَهُ مَرئِيًا... أو يَجعَلَنا نَعيشُهُ.
***
أحِبُّك.. وكلَّما حاوَلتُ أن أكونَ أنتَ... أو أحمِلَكَ عَلى أن تَكونَ أنا... شَعرتُ بالوُجودِ يَنكَمِشُ فَيَتَقَزّمُ.. فأدرِكُ أنَّ الوجودَ هو أنا وأنت... والحبُّ روحُنا.
***
أغرَبُ ما في الإنسانِ أنَّهُ قد يَعتادُ على الأشياءِ إلى حَدِّ نِسيانِ وُجودِها!
- هَل لهذا أنسى نَفسي؟
- هل لِهذا يَجعَلُني حُبّي لَكُم أختارُ أن أقتَرِبَ لأحِسَّكُم.. وأبتَعِدَ لأشتاقَكُم.. وأشتاقَكم لأجدَ ما يَستَحِقُّ أن أضَحّيَ مِن أجلِهِ؟
كلُّ ما أفَكِّرُ فيهِ الآنَ.. أنّني يَجِبُ أن أكونَ غَدًا غيرَ ما كُنتُ عليهِ اليومَ... هكذا فقط أضمَنُ أن أبقى أنا الذي يُحِبُّكُم!
***
لا شيءَ يَتَوَقَّفُ تَمامًا في هذهِ الحياة... وكلُّ ما فيها يَنفُرُ من حالِ الثّبات.. فكُلُّنا نَعودُ مِن حَيثُ ذَهَبنا.. ونَذهَبُ مِن حَيثُ عُدنا.. نحيا لنَموتَ، ونموتُ لنحيا...  نَهرُبُ مِن مُرِّ واقِعِنا إلى حلاوَةِ الحُلُم... ثمَّ نكتَشِفُ أنَّ الحُلُمَ عاشَ جَنينًا في رَحِمِ الواقِعِ... وأنَّ الواقِعَ ليسَ سِوى انتِصاراتِ الأحلامِ الخَلّاقَةِ العظيمَةِ..
***
لِكُلٍّ مِنّا أسطورَتُهُ الخّاصَّةُ... وَكُلُّ مِنّا مَجنونٌ مَفتونٌ بِأسطورَتِهِ، وعَلى طريقَتِهِ الخاصَّةِ... والحَكيمُ فينا.. مَن يَجعَلُ أسطورَتَهُ تَنطَلي عَلى نَفسِهِ فَقط.. ولا يُحاوِلُ أن يَجعَلَها تَنطَلي على الآخَرينَ.. أو أن تَكونَ بَديلًا عَن أساطيرِهِم الخّاصّة.
***

دراسة لقصَّة الراعي الصَّغير وثياب العيد للأطفال للأديب الأستاذ نظير شمالي/ حاتم جوعية


مقدمة: الشاعرُ والباحثُ والأديبُ الكبير والمبدع الأستاذ " نظير شمالي " من سكان مدينة "عكا "-  فلسطين، عمل في سلكِ التعليم  مدة طويلة وخرج للتقاعد المبكر قبل فترة قصيرة.  يكتبُ في جميع المجالات والألوان الأدبية، وقد حقق شهرة وانتشارا كبيرا محليا وخارج البلاد.  أصدر العديدَ من الكتب  الأدبية والتراثية ودواوين الشعر، كما كتب  قصّتين للأطفال لجميع مراحل الطفولة .  وسبق  وأن  كتبتُ  دراسة مطولة  عن ديوانين شعريين له قبل عدة سنوات. وسأتناولُ في هذه المقالةِ قصة له للأطفال بعنوان: (الراعي الصغير وثياب العديد).
مدخل: تقعُ هذه القصة في 48 صفحة من القَطْعِ المتوسّط، وقد وضعت رسومات الكتاب  الداخلية  وصورتي  الغلاف على الوجهين  الفنانة  "منار نعيرات " ، والخطوط للخطّاط عبد الله العزة.. وجميع الحقوق محفوظة للمؤلف نظير شمالي. 
    يستهلُّ الكاتبُ القصة بأسلوب سردي، فيتحدثُ على لسان راعٍ صغير يروي   بشكل عفويٍّ وببراءةٍ عن واقع  ومجرى حياتهِ ووضع عائلتهِ الاقتصادي وقدوم العيد والضّائقة المالية التي كانوا يعانون منها  كالكثيرين من سكان القرى في مجتمعنا آنذاك قبل عشرات السنين عندما كان المجتمعُ الفلسطيني في الداخل  معظمهُ يحيا  ويعتاشُ من فلاحةِ الأرض  أو الرعاية عندما كانت هنالك أراض وحقول كثيرة  للفلاحةِ  ومساحات  شاسعة  من  الأراضي الوعريَّةِ للرعايةِ  قبل أن تصادرَ السلطةُ معظمَها .   فيقول الطفل الراعي: في وقت العصر(عصرا) وقبل أقل من أسبوع (تحديد دقيق للوقت والزمن) انه  قد التقى العديدَ من الأصدقاء الصبية  الرعاة  في المراعي   " الشراقى " - هذه الكلمة العامية  تستعملُ كثيرا في حياتنا اليومية - الواقعة في الجهة الشرقية من  قريتهم الهادئة الوادعة .   فكانت أغنامهم  وعجولهم الصغيرة ترعى الأعشاب الخضراء بالقرب منهم(من الأصدقاء المجتمعين). وكان (الحلال) يرعى مطمئنا، وأما الصغار (بطل القصة الراعي الصغير وأصدقاؤه)  فكانوا  يلعبون ألعابا  معروفة ومألوفة  للصغار آنذاك عندما لم يكن  يومها  أنترنيت  وفيسبوك  وبيلفونات  وتلفيزيونات ..وغيرها .  كانوا يلعبون "الغميضة"  و " العواتيل " ..وبعد أن تعبوا من اللعب  انطلقوا بسرعة ليتحلقوا حول نار كبيرة كان قد أوقدها أحدُ الأصدقاءِ واسمه (ظاهر العيُّوق)  لكي يشووا كمية من البطاطا  التي  أمدَّهم  وزوَّدهم  بها الشيخ " مبروك "   من محصول  حقله .   وكان هذا الشيخُ  كما  يعرفه الجميع  محسنا  كريما ورجلا طيبا معطاءً،  وقد تكفلَ بعدد من الصغار  من أيتام القرية لمساعدتهم . 
     ودار الحديثُ عندما تحلق الأولاد  الصغار الرعاة  حول النار في أمور وموضوعات عديدة، وأهمها  كان موضوع العيد الذي اقتربَ موعدُ حلولهِ  وقد صار على الأبواب .  وتحدَّثَ الأولادُ  أيضا  في مجلسهم المصغر  هذا عن ملابس العيد الجديدة  والمآكل  والأطعمة  الطيبة  اللذيذة  الدسمة التي  كانت  تحتلُّ  وتداعبُ  أخيلة أولئك الأطفال  وأنوفهم  قبل ألسنتهم  قبل حلول العيد المنتظر بوقت طويل .   ويقدمُ الكاتبُ لنا هنا  لوحة وصورة  واقعية  ملونة لوضع وحياة  القرى العربية قبل عشرات السنين(في الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي )  وأجواء وعوالم الأطفال ، وخاصة عندما كان الوضعُ الاقتصادي صعبا نوعا ما. وهنالك الكثيرُ من العائلات آنذاك، في تلك الفترة، كانت تشتري الملابس لأطفالها أو اللحوم وغيرها من الأشياء  والحاجات الأخرى  من العيد إلى العيد ومن الحول للحول .  
         ويتابع الكاتبُ مجرى القصة على لسان الطفل فيقول: وقف "ظاهر العيُّوق"  داخل  الحلبة وقال  مفتخرا :  لقد  اشترت  لي أمي  بالأمس أجملَ الثياب واشترت لي حذاء بني اللون بلون حبات تمر العم " نمر العمروش " (  صفحة 7 ). ووقف صديقٌ آخر من الأطفال  واسمه " معروف الأسمر" وقال متباهيا ومتفاخرا  بما اشترى له  جدُّه للعيد  بصوت عالٍ وقوي :  لقد اشترى  لي  جدي  من المدينة  ملابس  جديدة زاهية  الألوان  وحذاء  رائعا لمَّاعا  ناصعَ البياض  بلون الحليب  ومسدَّسا أسود كالفحم  كبيرا لرشِّ الماء   .. فصفقَ  لهُ ولمسدسهِ جميعُ الصبيةِ المتحلقين  حول نارهم  .   وفجأة  قفز أحدُ الصبية  ( وهو ابن خالة بطل القصة  أسعد الذي تُروَى كلُّ هذه القصّة على لسانه )  وسأل الطفلَ  وبطل القصة أسعد  بصوت عال مجلجل ، وهو يحدق بعينيه  العسليتين  وفي نظراته حب الاستطلاع  والمعرفة: وأنتَ يا "أسعد " .. (وهنا يظهر فقط  وبشكل مفاجئ اسم بطل القصة الذي جاءت أحداث جميع فصولها على لسانه )  : ماذا اشتريتَ لهذا العيد؟ لقد فاجأ هذا السؤال ( سؤال عبد الله  ابن خالته )  بطلَ القصة أسعد ،  فكان  لهذا السؤال  وقع  الصاعقةِ  فوق كومةِ من التبن اليابس  -  على حد قول كاتب القصة -( تعبير بلاغي جميل ) .  فارتبك  كثيرا  وتملكه الخجل  والحيرة والغضب معا واحتارَ بماذا يجيبه..وفكرَ وحاول التملصَ والتخلصَ من الإجابةِ ، وهل  يتظاهر بأنه  لم يسمعه جيدا ، وتذكر  في الوقت ذاته  أشياء  مهمّة  وذهب بهِ تفكيرهُ  في تلك اللحظةِ  الحرجة إلى بيتهم  ولعائلته  وللذي قالتهُ  له  أمُّهُ  قبل أكثر من أسبوعين وهو: انهم  يمرُّون بظروف حرجة   وبضائقة  مادية صعبة جدا  وسنكتفي فقط  بشراء أحذية جديدة بمناسبة  هذا  العيد  للأبناء ، اما الملابس  فقد  يتدبرون أمرها  بارتداء أفضل الملابس التي عندهم  في البيت  .   عندها  تساقطت  دموعٌ  غزيرة  من عيني أسعد  متدافعة  هادرة،  وبكى بكاء مرًّا، ونظر إلى وجهِ أمِّهِ الشاحب مستعطفا قلقا، وقال لها بصوت حزين : أمي،  هل سنبقى وحدنا دون ملابس جديدة في هذا العيد؟! فابتسمت  له أمُّهُ  بصعوبة وأخفت خلفها بكاء مرًّا واحتضنتهُ بانفعال شديد  وهي تقبله  قبل أن تتساقط من عينيها  الدموع لتنزل على خدهِ،  فبكى الطفلُ أسعد لأمِّهِ  التي بكت  لبكائه  وبكى  لبكائها  ( كما جاء في القصة - وحسب تعبير الكاتب -  صفحة 15 ) . وقالت له أمه  بصوت متقطع : سَتُفْ.. ستفرَج .. ستفرج ، يا بُنيَّ .. ستفرج إن شاءَ الله !! .  وكتب الكاتُب كلمة ستفرج  بأحرف متقطعة في البداية وكررها عدة مرات ليظهرَ مدى الحزن  والالم والمرارة واللوعة والغصة  والوضع  الصعب  والمرير الذي  تمرُّ  به  هذه  العائلة  الوديعة، فخرجت الكلمةُ ( ستفرج )  من  فم  الأم  متقطعة، حيث غصَّت بها  من شدة الحزن والمرارة .  وحاول الابن ( أسعد )  أن يتوقف عن البكاء رأفة  بأمِّهِ المسكينة، ونجح  بعض الشيء، بعد عدة  محاولات جادَّة ،  وتماسكت  نفسُهُ  بشكل تدريجي ثم قال في نفسهِ :ما ذنب أمه المسكينة التي يحبُّها هو واخوته وتحبُّهم  كثيرا وتضحّي بدورها من أجل أبنائها كثيرا.. وما  ذنب  أبيه الذي يتعب ويكدُّ دائما  لأجل تأمين لقمة العيش  وكل ما  تحتاجه العائلة من طعام وملابس وكل ما يحتاجه هو وأخوته من حاجيات ولوازم للمدرسة الابتدائية الصغيرة التي  تمَّ افتتاحها في قريتهم الصغيرة قبل سنتين .  وكان حلم الأب أن يرى  أبناءه  كبارا متعلمين  وناجحين  في حياتهم  ليفخر بهم  أمام  جميع الناس  ( صفحة 17 ) . 
    ثمَّ  يعود  ويرجع  الصبي أسعد مرة  ثانية بفكره إلى عالمه  وواقعه، إلى حيث يتحلق الصبيان حول النار ويشوون حبَّات البطاطا . واضطرَّ ان يقولَ شيئا بعد تردُّد وحيرة لإسكات  كلام ابن خالته الملعون ( حسب تعبيره.. كما جاء في القصَّة) الذي أثارَ غضبَهُ وأحرجهُ أمام أصدقائهِ عن غير قصد منه.. وأيضا  من أجل  إسكات ورد جميع  العيون المتسائلة التي كانت  تنظر إليه في وقت واحد .  فقال : .. إن .. إن .. إن  شاء الله سترون في العيد !.. سترون سترون  في العيد!!  سوف ترون !  . ولقد كرر الكاتبُ كلمة ( إن ) ثلاث مرات.. وكلمة ( سترون في العيد ) مرتين مع علامتي استفهام بعد كلمة ( عيد )  للتوكيد ولإيضاح  وإظهار  الغضب والحدة  والاحتجاج  من  سؤال  ابن خالة أسعد أولا،  وليؤكد  للجميع  أيضا على صدقه  في الإجابة، لأن جملته فيها شك وعليها علامات استفهام ويريد أن يؤكد أنه بالفعل قريبا سيرى جميع الأصدقاء الهدية ولكي يسكت الألسنة والأعين  المتسائلة .  
  ويتابع أسعد حديثه ( كما يروي الكاتب في القصة ) : ثمَّ عدنا إلى استئناف لعبنا .. وهذا الذي أنقذه من ورطتهِ  وخفف من إحراجهِ  واضطرابه ، وذلك بعد أن التقط  كلُّ واحد من الأصدقاء  الصبية  لنفسِهِ  من وسط النار  بضع حبات  من  حبات البطاطا المشويَّة  التي كانت  ناضجة،   وكانوا يلتهمونها بشهيَّة كما يلتهمون شرائح اللحم اللذيذة (إشارة هنا في هذه الجملة إلى الفقر والعوز والوضع الاقتصادي الصعب - نوعا ما  -  الذي  كان  يسودُ  القرى والبلدان العربية  قبل عشرات السنين،  حيث لم  تكن معظم العائلات العربية    تأكل اللحوم  كل يوم  أو كل يومين وثلاثة أيام  كما هو الوضع الآن ، بل كل أسابيع وأشهر، والبعض مرتين أو ثلاث مرات  في السنة  أومن العيد  للعيد . 
     ويتابع الكاتبُ سردَهُ للقصةِ على لسان الطفل بطل القصة أسعد فيقول (صفحة 22):  واليوم وبعد مرور أكثر من أسبوعين  أعودُ من  المراعي  المعشوشبة الخضراء  ( يصفُ  الكاتبُ المراعي والسهول وصفا شاعريا جميلا فكأننا نراها بأمِّ أعيننا ونُفتتن ونهيمُ بسحرها وجمالها الخلاب).. إلى البيت  والقطيع  الصغير  في  ثغاء  مستمر  لا يكاد  ينقطع  وهو يتهادى أمامه في الطريق  الترابي عائدا إلى الحظائر عند المساء ..  وكم  هو  مشتاق إلى بيته الذي أحبَّه  كثيرا ..  وكم مشتاق إلى إخوتهِ  وأبيه  وامه  وجده وجدته  (يتحدَّث عن المحبّة  وجوّ  الوئام  والوداعة والبساطة  الذي  يسودُ  العائلة .. ( وهذا  ما  كان موجودا ومألوفا في جميع العائلات  آنذاك) ..وكم هو مشتاق إليهم .  ويمسح  أسعد  وجهَهُ  وجبينه المتصبب بالعرق بكمِّ  قميصهِ المتسخ ، ويقول :
  لا بدَّ أنَّ  أمي قد اشترت لي  قميصا  جديدا!!  ويتفحص  شبَّابتهُ  المصنوعة من القصب  البرِّي  ويرغوله  الصغير الذي  صنعه  ( أبو السعيد)  الرجل الطيب من القصب ومن القصب وشمع النحل حينما تعارفا على بعض لأول مرة  في  السنة  الماضية في " المراعي  الغرابى " ... وعلى أرض البيادر علمه العزف  ومن يومها وهو يعشقُ الفنَّ  الذي أسرَ قلبه وروحه  ولم يعد ينقطع  عنه يوما واحدا .   وقطيعه يتعشقُ كلَّ  لحن شجيٍّ من  أنغامه التي يطلقها  .   وتذكر أخوته الصغار وهو  راجع وعائد إلى البيت،  ولا بدّ أنهم  قد انتهوا من  لهوهم  في ظلِّ  السنديانة المعمَّرة  القريبة  من  البيت ..حيث يقيمون الأراجيحَ  ويوقدون النار في " الطابون "  الصغير ( صفحة 28 )  الذي بنوه  تحت شجرة  " الطرفا"  ويخبزون أرغفتهم الصغيرة فيه ، كما تفعل أمُّهُم  كلَّ أسبوع في طابونها الحقيقي . وتذكرَ أمَّهُ أيضا  وبالتأكيد هي  ستسرعُ اليه عندما يصل إلى البيت بعد  قليل  لتلتقط   سفرطاسَهُ " -  الوعاء  أو الإناء الذي يوضعُ فيه طعام المسافر أو العامل - الخاوي من الزاد  وتهيِّئ  وتحضِّر  له دلوا  من  الماء الساخن  وفلقة من صابون  الزيت  لكي يغتسل ، ثمَّ  يرتدي على سبيل  التجربة  ( بروفا ) ثيابَ العيد  الجديدة  التي وعدَته  أمُّهُ  بها ..  وسيتناولُ  بعدها  وجبة  العشاء المكوَّنة من الجبنة والبيض  وبعض حبَّات الزيتون المرصوص .. وبعدها  بقليل  يستولي  عليه النوم  من شدَّة التعب  بعد انقضاء يوم طويل ومضنٍ موزعا بين  مقاعد الدراسة والرَّعي في السهول والأراضي الوعرة ( يعطينا الكاتب هنا صورة مشرقة ومثالية للإنسان وللطفل الكادح والمثابر الذي يتعلم ويشتغل في الوقت ذاته.. يتعلَّم  في الساعات  الأولى  من  النهار، وبعدها  يذهب  للعمل  وللرعاية لمساعدة أهله وإخوته ونفسه اقتصاديا ساعات بعد الظهر بعد انتهاء الدوام الدراسي) . 
ويتابعُ  الطفلُ أسعد  حديثه عن  نفسِه  فيقول : كنتُ  في المراعي اليوم أداعب شبابتي تارة  ويرغولي تارة أخرى  وأعزف الألحان العذبة  تحت قبَّة سماء صافية الزرقة.. ورحتُ أعزف "الدلعونة"  ويا ظريف الطول  و " جفرا  يا هالربع "  و " يا غزيّل " ..  ويتصاعد من حوله رنينُ الأجراس الصغيرة  المتدليّة من أعناق أغنامهِ في أثناء تحريكها لرؤوسِها وهي تقضم العشب الأخضر  سعيدة  فرحة مرحة . ويقولُ أسعد : بالأمس قالت لي أمي : سأشتري لك في الغد ، يا أسعد ، حذاء جديدا  وثيابا جميلة   للعيد  تأخذ الأبصار!( علامة الدهشة والإعجاب ) .  ويقول أسعد : كدتُ أطيرُ من فرحي كدتُ اطير ! . وأضافت أمُّهُ  لأقوالها له : ( لقد  ادَّخرتُ أيضا بعض المال من بيع الحليب واللبن واللبنة  والجبن  وبيض الدَّجاج . وسألها أسعد: ألم تشتر أيضا ثيابا جديدة لاخوتي؟! فضحكت الأم  وأخبرتهُ  وهي تقبِّلهُ  وتحضنهُ  بكلتا  يديها : إنَّ أباهُ  سلمها  قبل  يومين  مبلغا  من  المال  لشراء الأحذية والملابس الجديدة لهم من أول راتب قد تقاضاه من عملهِ الجديد في شقِّ الطرق . وبعد الانتهاء من تذكر هذا المشهد الذي حدث قبل يوم والحوار الذي جرى بين أسعد وأمه  بدأ أسعد يحثّ القطيع على الإسراع  في  العودة إلى البيت ولأنَّ الشمسَ بدأت تقترب من الغروب  (ويعطي هنا وصفا  شاعريا جميلا عند الأصيل - ساعات الغروب  - صفحة 38). 
           ويقولُ اسعد : سيكون سروري عظيما عندما أنتعل نعليّ الأسودين اللماعين  وأرتدي ملابس العيد الجديدة الساحرة الألوان ..  وسيتسلّم ويأخذ من أبيه  بغبطة كبيرة "عيديَّة العيد " بعد أن يقبِّل يده  ويد أمه  ويدي جده وجدته  .. وبعدها  يسرع  وينطلق  ليجتمع  بأصدقائهِ  من  أطفال  القرية . ويكاد أن ينسى  تناول ما يستطيع  تناوله من الأطعمة الدسمة  الخاصّة التي تحضرها أمُّهُ بمناسبة حلول كل عيد .. هذا  بالإضافة  إلى ما تصنعه  جدتهُ  لأمهِ ، من البرازق والكعك  والمعمول  المرشوش  بالسكر الناعم ( أسماء حلويات شعبية مألوفة تصنع وتحضر دائما في البيوت العربية) .
   ويتابعُ أسعد حديثه :غدا سوف أرى أصدقائي في ساحة القرية  في  مراح الغزلان ( اسم مكان )..  وبالمناسبة هنالك الكثير من الأماكن  والمناطق في قرانا العربية تسمَّى بهذا الاسم  .   وكل  واحد  منهم  يعرض على الآخرين  هديته الخاصّة به  منتشيا فرحا متفاخرا سعيدا .   ويتسارع الصبية ليشتروا ما يحلو لهم من الحلوى والمكسرات، كالفستق الحلبي وفستق العبيد، والبندق والمسدسات الصغيرة مع ذخيرتها والبالونات الملونة  وغزل البنات  بألوانه الأبيض والوردي والأصفر من حانوت العم "راشد الغول" والذي كان أسعد يتهيَّب ويخاف  منه  قبل سنوات عندما  كان  يلمح من  بعيد  جسده الأسمر الضخم  وطوله  الفارع   وشاربيه  الكثين  الأشيبين  المعقوفين  إلى  أعلى كخنجرين حادين وهما يتراقصان إلى الجانبين عندما يتكلم . ( صفحة 42 )  .. ويقدم الكاتبُ هنا  صورة جميلة وطريفة ومضحكة تسلي وتضحك الأطفال الذين يقرؤون أو يستمعون للقصة  . 
   وأخيرا وبعد طول انتظار يصل أسعد للبيت .. لم ينتظر حتى يهدأ القطيع في حظيرته ،كما كان يفعل كل يوم عند عودته المسائيّة، بل أسرع إلى باب بيته وتطل  أمُّهُ  وهي تحمل بين  ذراعيها  أخاه  الصغير "مصطفى " وهو يحتضن بين يديه الصغيرتين  ثيابه الجديدة  وحذاءه  اللامع  الأبيض  بفرح وسعادة  وحبور. وتبتسمُ  الأم ابتسامة عريضة جعلته  ينسى كلَّ تعب اليوم  وشقائه  فيقول : إذن لقد اشترت لي أمي أخيرا كل شيء!!  فيبتسم لها وتبتسمُ له . . ويقول:  ضحكت.. قهقهتُ .. ويقول: أطلقت صرخة  ضاحكة  مدويَّة   اهتزت لها  هدأة  المساء الذي  تجلل بالسواد  ( على حدِّ تعبير الكاتب ) . 
     واندفع بكل قواه  وبسرعة الريح راكضا  إلى الداخل باحثا بشوق  شديد  وبجنون عن ثيابه الجديدة.. خطفها  ورفعها عاليا  في الفضاء  صارخا فرحا يلثمها مرات ومرات  ويركض في أنحاء البيت  ويركض ويركض ويدور . ويقول بينه وبين نفسه : إنه  لن ينامَ في تلك الليلة بعيدا عن ثيابه الجديدة،  لن يدعها بعيدة عنه ..  سيرتبها  بنفسه ( صفحة   46 )  سيُرتّبُهَا  بيديه متمهلا متأنيا  وسيضعها على الكرسي  الخشبي القديم الذي بجانب فراشهِ، وسيجعل حذاءه الجديد اللماع يغفو بأمان  تحت وسادته، وليطمئن هو أيضا في منامه  في هذه الليلة.
    ويقول : أجل ، سيكون نهار الغد  يوما رائعا.. بهيجا .. جميلا حلوا جدًّا كالسكر . ففي الغد  يوم العيد .. غدا هو أول أيام العيد !!
  وتنتهي القصة على هذا الشكل نهاية سعيدة  وشبه مفتوحة .
تحليلُ القصَّة: هذه القصَّة تعتبر ناجحة وإبداعية بكل المقاييس والمفاهيم النقديَّة والفنية.
 نسجت  وصيغت بأسلوب  أدبي  جميل  منمق سلس وعذب  وقريب إلى روح ولغة الشعر، وفيها الكثير من الجمل والتعابير والاستعارات البلاغية الجميلة والصور الشعرية  الخلابة المشعة والحالمة.   
        وتحوي هذه القصَّة في فصولها وطيَّاتها الكثير من المفاهيم  والأسس والجوانب المهمّة  والتي  يجب أن تتوفر في كل عمل  كتابي  وأدبي  سواء للاطفال أوالكبار،والقصة كما  يبدو بوضوح قد كتبت لجميع مراحل وأجيال    الطفولة، بيد أنها مناسبة أكثر لجيل الطفولة المتقدم فوق التسع سنوات .       تضم هذه القصة وتحوي في طياتها ومشاهدها وأحداثها العديد من العناصر والأبعاد المهمّة ، مثل :
1 - البعد الفني. 
2 – البعد الأدبي. 
3 – الجانب الترفيهي ( التسلية ) .
4– الجانب الإنساني. 
5– الجانب الاجتماعي  والأسري. 
6- الجانب الأخلاقي والتربوي .
7- الجانب الوطني .
8 – عنصر المفاجأة  .
9-  الجانب التراثي والعادات والتقاليد المألوفة  ونمط الحياة الذي كان سائدا  في أواسط القرن الماضي في قرانا وبلداتنا العربية الفلسطينية في الداخل .
   تتحدَّث هذه القصةُ  بإسهاب وبشكل غير مباشر -  كما  حاكتها وصاغتها ريشة  الكاتب الإبداعية -عن العلاقات والوشائج الوطيدة التي كانت  تسود قرانا العربية قبل عشرات السنين، وأجواء المحبة والوداعة والسلام والبراءة والسذاجة الصافية. وتتحدثُ القصة عن الأراضي والسهول والمراعي  الواسعة .. وأما اليوم  فقسم كبير جدا من هذه الأراضي العربية في جميع  القرى والمدن العربية  الفلسطينية  قد صودر ، ولم  تعد  هنالك  أراض  كافية  ليعتاش منها الفلاح والمواطن الفلسطيني في الداخل، ولم تعد هناك مراع وأراض مشاع  ووعور شاسعة لرعي المواشي والحلال.
      وباختصار يقدم لنا  الكاتب على لسان الصبي أسعد بطل القصة صورة ولوحة  جميلة  خلابة  لحياة  القرى العربية آنذاك. والقصة  كتبت  بأسلوب سردي على لسان بطل القصة ( أسعد ) ويتخللها  بعضُ الحوار الذي  يدورُ  بين شخصياتِ القصة ( ديالوج ) حيث  يبدأ  أسعد في  سرد قصته ودون مقدمات ( الكاتب هنا  يخرج عن النمط والطابع التقليدي) وبكلمة (عصرا) عندما  كان الطفلُ أسعد مع  أصدقائه الصبية  في المراعي .. وَيُحَدِّدُ  الجهة والمكان الذي  كانوا موجودين  فيه  بالضبط ( المراعي الشراقى )  وأوقدوا النار وشووا  حبات البطاطا  وأن  طعمها  لذيذ  كشرائح  اللحم  ( يشير إلى الوضع الاقتصادي والصعب والفقر والعوز  آنذاك، إذ لم تكن اللحوم متوفرة بأسعار رخيصة  ولا يمكن  تناولها كل  يوم  كما هو  الوضع  والحال الآن ، بل  في المناسبات البعيدة جدا ، وهنالك عائلات كانت من الحول للحول تأكل اللحوم . وهنالك قصة  حقيقية  تروى عن  شخص من  إحدى القرى لم  يشترِ أهله لحوما يوم العيد وقد اراد بدوره أن يُعيّدَ ويحتفل بالعيد،  فاضطُرَّ للتوجه إلى أحد المنازل  في  القرية  وكانت  تكثر  بين  الفجوات  وثقوب جدرانه الخارجية أعشاش طيور السنونو،  وهذه  الطيور ممنوع   ومحرم أكلها  ( ويقال : إنها طير الأبابيل . ويقال : إنَّ لحمَها مرٌّ  ولا يصلح للأكل) ..وأوقد وأشعل أعواد الحطب في  المنقل واختطف والتقط  طيور السنونو الصغيرة  من أعشاشها وقام  بشوائها  وأكلها  أمام العابرة  وجميع  الناس من  شدة  الفقر (وهذه الحادثة حقيقية جرت قبل اكثر من 60 سنة ) .                                                                          وفي القصة يتحدثُ الأطفالُ الأصدقاء كلٌّ بدوره عن ملابس العيد التي سيشتريها الأهل لهم عندما كانوا متحلقين  حول النار ويشوون  حبات البطاطا .. وأحد الأقرباء (  ابن خالة أسعد ) سأل أسعد ماذا  يشتري  له أهله من ملابس يوم العيد .. وقد أحرجهُ كثيرا .. وفي اللحظة  الحرجة ذاتها ( كما  يروي  كاتب القصة على لسان أسعد بطل القصة ) أنَّ  الفكر والخيال  ذهبَا  به للبعيد  وإلى  البيت ولحديثه  الدرامي  الشجيِّ  مع   أمه  وما  جرى بالتفصيل هناك. وينتقل الكاتبُ بهذا الأسلوب الرشيق والتقني وغير المباشر  من مشهد إلى مشهد ومن  موضوع  لموضوع  ومن  حالة  وظرف ووضع وزمان إلى  ظرف  ومكان آخر،  ويرجع  بعدها إلى واقعه  وجلسة  الأصدقاء  حول النار، ويجيب  الطفل  أسعد  بحكمة  واتزان  وبعقلانية على سؤال ابن خالته  الذي أحرجه  كثيرا وضايقه  وأغضبه عن غير  قصد  من سؤاله هذا  . وينتقل الكاتبُ بأسعد بطل القصة إلى حياته  العادية وللمراعي ولغنمه ثم  رجوعه للبيت .. يتحدث بشكل جميل وبريء  وفلسفي  نوعا  ما  عن الأغنام  والمراعي  والطبيعة  وجمالها  ونقائها  ولذة  ومتعة العيش في  أكنافها وأجوائها،  وعلاقات المودة  والصفاء مع  الأم  والأهل  ثم رجوعه للبيت بفرح  وسعادة  كبيرين  ليشاهد ويرى ما  اشترى  له  أهله ُ من ملابس  جديدة  للعيد . ويتحدثُ عن وجبةِ  الطعام التي  تنتظره  بعد  يوم  طويل من التعب والإرهاق والكد،  فيعطينا صورة  واضحة عن الحياة  والطعام  المتبع في القرى . وكيف أنه قضى جزءا من يومه على مقاعد الدراسة  في المدرسة، وبعد  الدوام  الدراسي  يقضي باقي  يومه حتى  ساعات  المساء  وغروب الشمس في  رعي الأغنام  فهو  منذ  صغره يحس  بالمسؤولية  ويتكل  أهله عليه  ويساعد  الأهل   في العمل   والرعي  لتحسين   وضعهم  الاقتصادي .ويعطي هنا الكاتبُ درسا تثقيفيا وتعليميا  في المثل والأخلاق والمبادئ والتضحية فيحفز الأطفالَ  وكلَّ طفل  يقرأ  أو يستمع  لهذه  القصة  للاقتداءِ بالطفل أسعد المكافح لأجل أسرته وأهله وإخوته . ونحن في يومنا هذا نادرا ما نجد طفلا وصبيا  أو حتى شابا  بالغا  يكترث ويهتم  لوضع أهله وعائلته الاقتصادي، بل  الأطفال اليوم  وحتى الشبان  يهتمون  فقط  بأنفسهم  وعلى الأب والأم ان يلبيا  وينفذا لهم جميع حاجياتهم من : غذاء وطعام وملابس ورفاهيات وكماليات لم تكن  موجودة  إطلاقا  قبل عشرات السنين مثل :( جهاز الكومبيوتر ، البيلفون ( النقال ) ، سيارة  ومصروف جيبي يومي،  وغير ذلك  )  .
   وفي المشهد والفصل  الأخير من القصة يروي الطفلُ أسعد كيف  أن والديه قد حققا له  ولإخوته كل ما كانوا يريدونه ويحلمون  به من ملابس وأحذية ومبلغ من المال ( مصروف جيبي) لشراء العديد من الأشياء والحاجات( كالحلويات  والسكاكر والمسدسات المائية والألعاب وغيرها ) ،  وأن أباه نجح في إيجاد عمل ووفر معاش وراتب شهر واعطاه  للأم  لتأمين كل ما يلزم العائلة الوديعة من حاجات ولوازم  أساسية مهمة يوم العيد. ولقد صدق ظنُّ  وحدسُ الأمِّ  المترع  بالأمل  والتفاؤل  وكانت  تقول  له دائما : ستفرج .. ستفرج ..وكما أن الأم كانت إدارية وربَّة أسرة من الدرجة الأولى .( وهكذا كان معظم الأمهات والنساء قبل عشرات السنين ، بل جميعهن ) ..فهذه الأمُّ الاقتصادية  والإدارية استطاعت ان توفر مبلغا من المال من بيع بعض المنتوجات من البيت كالجبن والحليب والبيض لدعم العائلة وإخراجها قليلا  من الضيقة الاقتصادية . فيعطينا الكاتب هنا  صورة مشرقة  ورائعة  لروح المحبة والتعاون بين الأب والأم والأبناء أيضا كالابن أسعد الذي كان يساعد أهله وهو الذي كان يرعى الأغنام  التي  تمد  العائلة  بجزء كبير من  معيشتها  وإعالتها  من  خلال  ألبانها ومشتقاتها   كالجبن  واللبنة  واللبن .
     وكان بإمكان كاتب القصة أن يتوسّع أكثر  نوعا ما  في مسافة  ومساحة القصة ، وخاصة في  جانب الحوار ( الديالوج )  بين  الابطال  وشخصيات القصة ..لأن  قسما كبيرا من القصة صيغ ونسج بشكل وبطابع سردي  على لسان بطل القصة (الطفل أسعد)،وهنالك شخصيات وعناصر قد تكون مهمة جدا في  البناء  الهرمي  للقصة  لم  يدخلها  ويشركها  إطلاقا  في  الحديث والحوار المتبادل  وفي مجرى الأحداث  كوالد أسعد  -مثلا-  الذي يعمل ويكد طيلة  النهار  لأجل  إعالة  العائلة.  ولم يذكر إخوته  أيضا  وأسماءهم  في بداية  القصة وحتى في نهايتها  وماذا اشترى لهم الأهل من ملابس  وأحذية وغير ذلك  من  حاجات  العيد  وكيف  كانت   فرحتهم  وسعادتهم  للملابس الجديدة  .واكتفى  بذكر اسم  واحد  من  أخوته الذي  كنت أمه  تحمله  وهو متشبّث  بملابس العيد الجديدة التي اشتراها  له  الأهل .. ولم  يدخل أباه  في القصَّة  كشخصية مهمة   ومحوريّة  ومركزيَّة،  ولم  يشركه  في  أي  حوار وحديث..وكان الحوار معظمه يدور مع أمِّه..وفي بداية القصَّة مع الأصدقاء المتحلقين حول النار التي أوقدوها لشواء حبات البطاطا . وهنالك شخصيات أخرى إكتفى الكاتب بذكر أسمائها وتعريفها بجملة او جملتين ( كالعم " ابو السعيد" الذي صنع له اليرغول والشبابة، وصاحب الدكان والشاربين( الذي وصفهُ الكاتبُ على لسان الطفل أسعد  بشكل كوميدي ضاحك ساخر ) ..
     إن هذه القصَّة جميلة  ومتماسكة ومترابطة  وسلسة ولغتها الأدبية راقية ومنمَّقة  وفيها كل عناصر الجمال  وفيها التفنن  بشكل تقني رائع ، وخاصة في كيفية  الانتقال من موضوع  لموضوع  ومن مشهد  درامي لمشهد  آخر وبشكل غير مباشر وعن  طريق  الخيال  المجنح  لبطل  القصة ، في أغلب الأحيان ،  الذي يأخذه من مكان لمكان ومن حدث لحدث  وموضوع جديد ، معتمدا أسلوب الفلاش-باك/ الاسترجاع. وهذا  اللون  والأسلوب  متبَّعٌ  في القصص  والروايات  العالمية  للكبار وللصغار. ولقد ذكرتُ هذا الأمر في بداية القصة             ( عندما كان البطل متحلقا مع أصدقائهِ حول النار )  وبعدها  ينتقلُ  خيالهُ  إلى بيتهم  ولأمِّهِ  ولإخوته ولوضعهم الاقتصادي الصعب وحديثه المطول وحواره مع أمه ثم رجوعه بخياله وفكره إلى واقعه وعالمه ومع أصدقائه المتحلقين حول النار. ثم عن حياته في المراعي ومع الأغنام وتفكيره الملحاح  بهدية العيد  قبل رجوعه للبيت عند الغروب مع أغنامه   ليرى  ويشاهد  هدية العيد التي اشتراها  له أهله .. إلخ ..) . 
وكاتب القصة ( الأستاذ نظير شمالي ) يتوقف ويقفل القصة عندما يتسلّم أسعد هدية العيد من أمه. وكان  بإمكانه أن يستمر في مجرى أحداث القصة لليوم التالي يوم العيد ويذكر أجواء البهجة والوداعة والمحبة بين الناس وفرحة الأطفال والصبيان (أسعد وأصدقائه)  بهذا اليوم المنشود - يوم العيد - ويصف لعبهم ومرحهم  والأشياء التي اشتروها يوم العيد ويذكر أيضا أخوة أسعد .. وبإمكانه أيضا  إدخال  بعض الشخصيات الجديدة  يوم العيد  وفي نهاية القصة  . 
   يظهر بوضوح أن الكاتبَ متأثر بالقصص والروايات العالمية التي تخرج عن المألوف والروتين والنمط والأسلوب التقليدي الجاف وتتشعب وتتموج  إلى أبعاد وآفاق عديدة في التلوين  والتفنن والتغيير .                                    
وهذه القضيَّة ترفيهية  من الدرجة الاولى  تسلي  للطفل  وتمتعه، وفي الوقت ذاته تحملُ رسالة  كبيرة  مثلى وتحوي  وتضم  أهدافا  عديدة  في طيّاتها - ذكرتها سابقا  .   ويظهر عنصر المفاجأة في عدة مواقع  ومشاهد منها ... وهذا العنصر والجانب المهم يضيف بعدا فنيا وجماليا لكل قصة سواء كانت للكبار أو للصغار.  يظهر عنصر المفاجأة –مثلا- في نهاية القصة حيث تنتهي نهاية سعيدة وشبه مفتوحة عندما يشتري الأهل جميع احتياجات أطفالهم يوم العيد من أحذية  وملابس وحلوى وغيرها ، وكان  من  المتوقع  أن الأهل لم يتمكنوا من شراء الملابس والأحذية لأطفالهم ولم يعيدوا وستنتهي القصة نهاية حزينة بائسة .  وأيضا  بطل  القصة أسعد  وابن  خالته  الذي  أحرجه بسؤاله  لم يظهر اسماهما في البداية . بل ظهرا، فجأة  بعد  مساحة معينة من القصة. ولم يرد ذكر إطلاقا لجد ولجدةِ الطفل أسعد فيظن القارئ أنهما متوفيان، ويذكرهما الكاتبُ  فقط في نهاية القصة وصباح يوم العيد . ولقد كان  الحديث مركزا  طيلة  الوقت على بطل القصة  وعلى أمه   فالكلُّ يظنُّ في البداية أنه يتيم الأب ولا يوجد له اخوة .. ويُكتشفُ ويظهر  فجأة  ان أباه  حيٌّ ويعمل ويكد لأجل الأسرة،  وأن له أخوة  أيضا بعد قطع مسافة واسعة  من القصة.
  وأخيرا : نهنئ الشاعر والكاتب والباحث  والأديب الكبير والقدير الأستاذ نظير شمالي  على هذا المؤلف  والإصدار القيّم  والرائع.  ونتمنى  له العمر المديد  والصحة   والعافية  والمزيد  من  الإصدارات  الإبداعية   في  شتى المجالات والموضوعات: الأدبية  والشعرية والتاريخية  والتراثية .  

ط ١، ١٤٣٥ه= ٢٠١٤م.

  

للحوار بقية قد تأتي لاحقاً/ محمود كعوش


سألْتُها عن أحوالِها وأحوالِ قلبِها، فأجابتني قائلة:
في ما مضى كنتُ أستأنسُ بكلامِ العاشقينَ، كنتُ أغزلُ مِنْهُ  وروداً أُزَينُ بها شَعري، وأُدَوِنُ كُلَ حواراتِهم وأُحَوِلَها إلى قصصٍ رائعةٍ أُلَوِنُ بها مذكراتي. ولكني نسيتُ أنني كنتُ جزءاً مِنْ تلكَ الحكاياتِ التي رُويَتْ على السِنَتِهم، بل كُنتُ فيها البطلة، وكانَ العنصرُ الرئيسيُ فيها بعضَ شغفٍ عانقَ مشاعري، وتجسسَ على روحي، على أملِ أنْ أصْبِحَ يوماً ما إنسانةً تحملُ كُلَ صفاتِ المُحِبَةِ التي تبحثُ عن من يشاركها ذلكَ الحُلُمِ الذي أزْهَرَتْ بِهِ شُرُفاتُ القلبِ التي اخضَرَّ بها خريفُ العُمْرِ ليُهدينا أجملَ ما فيه.
قاطعتُها قائلاً: 
هذا ما كانَ في الماضي، فماذا عن ما هو كائنٌ الآنَ، وما سيكونُ عليهِ  في المستقبل؟
أجابتني:
لا فائدة، لا فائدة، فالأمسُ كانَ، والحاضرُ غيابٌ، والآتي في عِلْمِ الغيبِ، وأنا وأنتَ لسنا أكثرَ من رمزينِ نحتلُ مكانيَ بيدقينِ في لعبةِ شطرنج، قد نُصبحُ فيها أسيرينِ أو ربما يحظىّ أحدُنا بمكانةِ الملكِ فيعتلي العرشَ وينالُ الآخرُ رتبة البيدق العادي. ولا شك أن هذين الأمرين لا يتحققان إلا بترتيلةِ كلمةٍ في لُعبةِ أحرفٍ وطاولةِ بيادق !!
لله الامر من قبل ومن بعد.
وللحوار بقية قد تأتي لاحقاً !!

محمود كعوش
kawashmahmoud@yahoo.co.uk

رحلة الفيلسوف من تحرير الحقيقة إلى تحقيق الحرية/ د زهير الخويلدي

تمهيد:

" من المفيد جدا ، بالنسبة لمن يريد بلوغ الحكمة، أن يكون عقله قد انشغل لبعض الوقت بصورة الانسان الشرير والفاسد بشكل جذري"1[1]

لقد ارتبط السؤال عن المنزلة التي تحتلها الحقيقة في المعرفة العلمية في معظم الأوقات بالتصور العام للواقع الذي يتم التعارف عليه من طرف العقل من ناحية والتفسير المنهجي للطبيعة من ناحية أخرى.

لهذا السبب يبدي التساؤل عن الحقيقة الكثير من التحفظ ويضع جملة من المحاذير أمام كل تعميم متسرع وضد الأحكام الفضفاضة والمواقف الإطلاقية ويحصر اهتمامه بالأطر المختصة وضمن الميادين الدقيقة.

لقد ألهم التفكير في الحقيقة العديد من التأملات الفلسفية، وذلك لالتباس هذا المفهوم وعسر التعرف على ماهيتها وكثرة المناهج التي تزعم البحث عنها. إذ يمكن من جهة الحديث عن قضية صحيحة ولكن يمكن في المقابل الحديث عن صدق مضمونها في إشارة إلى صلة المعرفة بين الأشياء والمثل التي تتجه نحوها.

مفارقة الكذاب الذي عندما يقول : أنا أكذب ، يكون قد قال الحقيقة ، وعندما يقول الحقيقة فإنه يكذب.

لقد تعارض اتجاهان حول تحديد طبيعة الحقيقة ، الأول هو الاتجاه الواقعي الذي يعرف الحقيقة بوصفها تطابق الفكر مع الشيء وذلك بوساطة العقل الإلهي بين العقل البشري والعالم الطبيعي، الثاني هو الاتجاه المثالي الذي يعرف الحقيقة سواء من خلال اتفاق العقول أو بواسطة معيار داخلي يوجد فيها ويسمح بأن تكون عنصرا ضمن مجموع من الحقائق الأخرى في علاقة نسقية على المستوى المعرفي والأنطولوجي2[2].

بعد ذلك لمع بسرعة اتجاه ثالث هو النظرية البراغماتية التي عرفت الحقيقة من خلال النجاح الذي تلاقيه في مجال العمل وتخلصت من المسلمات الضمنية وأرجعت مجال المعرفة إلى ميدان المصلحة والتداول.

لكن ما علاقة الحقيقة بالقيم الأخرى الأخلاقية والجمالية والحيوية؟ هل هي مجرد قيمة بسيطة من ضمن القيم؟ ماهي المنزلة التي تحتلها ضمن تراتبية القيم؟ هل تزرع القيم الأخرى تحتها وتهيمن عليها من خلال مطلب صحة الأحكام التي يصدرها الفكر حولها؟ وما الفرق بين أساس الميتافيزيقا وحكم الأكسيولوجيا؟ وألا يمكن أن يكتفي الفكر بوجهة نظر المنطق ومقاربة نظرية المعرفة ضمن منهاجية الابستيمولوجيا؟

في هذا الصدد يمكن اثارة المشكل الفلسفي على النحو الآتي: بأي معنى يمثل البحث عن الحقيقة محرك التقدم العلمي؟ كيف تخلت العقلانية العلمية عن الخوض في الحقائق الأبدية والمطلقة واكتفت بماهو جزئي ونسبي؟ هل يتعلق الأمر بالحقيقة من جهة الواقع المعطى أم بقيمة الحقيقة من جهة الواقع المبني؟

1-    الحقيقة بين التراسل والتروي:

" كل الناس قادرون على التفكير، قليل من الناس من يستطيع إصدار حكما"3[3]

الحقل الدلالي: Veritas , vérité, vrai

لغة : تعود الحقيقة في لسان العرب إلى لفظ الحق والذي يشار به إلى اسم من أسماء الله الحسنى وأحد صفاته، تفيد الصدق وهو ضد الباطل، إن الله هو الموجود حقيقة ومتحقق من جهة وجوده والهيته.

اصطلاحا: الحقيقة هي الثبات والاستقرار والقطع اليقين والصحة والوجوب وضد التجوز والمجاز.

الدلالة الفلسفية: الحقيقة هي مطابقة ما في الأذهان لما في الأعيان، أي اتفاق الحكم العقلي مع الواقع العيني، أي مطابقة الفكر للواقع بعد مطابقة الفكر للفكر، الأولى حقيقة مادية والثانية حقيقة صورية.

المجالات: - الحقيقة المشخصة للمطلق والوجود المفرد للكلي أي عين الذات وجوهرها.

-         الواقع المادي الذي تشير إليه المعرفة والحالة التي تكون عليها الأشياء.

-         ميزة أو طابع أو خاصية ماهو حقيقي بالنسبة القضايا والأشياء على السواء.

بهذا المعنى يطرح مشكل الحقيقة والحق ضمن الوظيفة المعرفية والقدرة التشريعية لمبادئ العقل وفي إطار العلاقة التي تربط القضية بالدلالة اللغوية والأشياء بالمعاني التجريبية التي تتصل بالواقع الخارجي.

الحقيقة المنطقية هي اتفاقconformité  الفكر أو اللغة من جهة الذات العارفة مع الموضوع المعروف.

الحقيقة الأنطولوجية تقتضي بلوغ انسجامcorrespondance  بين الموضوع المعروف والنمط المثالي.

الحقيقة الجمالية تطلب التعبير الشفاف عن القدرة اللانهائية لدى الكائن البشري والكشف عن الأبعاد المطلقة من الوجود وترجمة الذائقة الفنية في جملة من الإبداعات والآثار التي تعكس العبقرية والالهام.

المعاييرcritéres : 1- البداهة العقلية evidence تعتبر عند رونيه ديكارت علامة على الحقيقة من جهة وضوحها وتميزها من جهة فردية وبصورة كلية وتتوقف على قدرة الذهن على تمثل الواقع واتخاذ قرار وإصدار الحكم بشأنه.

2-يفرق عمونيال كانط بطريقة منهجية صارمة بين الحقيقة الصوريةverité formelle  التي تستوجب انسجاما مع مستوى صورة العبارات وليس مع المضمون والحقيقة الماديةverité materielle التي تقتضي اتفاقا بين الفكر وموضوعه أي مع المضمون الذي توفره التجربة.

1-    تعرضت نظرية الانسجام أو الاتفاق إلى مراجعات كثيرة في القرن العشرين من عدة جهات ولم يعد التطابق أو التمثل أو البداهة هي المعايير التي تحدد ماهو حقيقي وتبعده عن كل ماهو كاذب.

جورج مور يرى أن الحقيقة هي الخاصية التي تتقاسمها اعتقادات صحيحة حول الوقائع من خلال قوله:  " أن نقول أن اعتقاد معين هو صحيح يعني القول بوجود في الكون واقعة معينة تتفق مع هذا الاعتقاد".

برتراند رسل يجدد التعريف المنطقي ويركز على الخاصية الداخلية للحقيقة من جهة العلاقة والوظيفة وتم ادخال التعدد والنسبية ضمن القول الصادق وصار اللاتحدد أو الاحتمال دافعا نحو نمو الحقائق وتجددها.

كما ركزت البراغماتية مع ديوي وبرس وجايمس على معايير المنفعة والمردودية والنجاح بالتغلب على العراقيل وتحقيق المفيد والمربح للعقل البشري وبالتالي "ماهو حقيقي هو المفيد والناجح في التطبيق".

كارل ماركس يقلب الرؤية من خلال النزول من المجرد إلى الملموس بحيث لم تعد الحقيقة مسألة نظرية وإنما أصبحت معركة ميدانية تدرج ضمن سياسة المعرفة وإستراتيجية السلطة وتتطلب التزام بالتغيير.

الحقيقة عند فريدريك نيتشه هي حكاية رمزية ولا تقتضي الارتباط بالواقع بل تأويل المجاز والاستعارة ولقد كان أول الذين تخلصوا من الحكم على الحقيقة من زاوية الغلط والوهم وقلبوا الأزواج الميتافيزيقية والتيولوجية وأدرجوا القيمة والمعنى ضمن وجود الحقيقة وبحثوا عن الحقيقة الحقيقية ضمن المظهر.

بيد أن مارتن هيدجر يشترط قيام الحقيقة على الحرية ويعتبر اللاّتحجب هو الإمكان الوحيد لتجلي المعنى وأيده سارتر في القول بالطابع الذاتي والمتحرك وقام بالتأسيس الفرداني الوجودي للحقيقة ضمن المجتمع.

في نهاية المطاف نحت كارل بوبر معيار الدحضانية أو قابلية التكذيب ضمن إطار العقلانية النقدية وبعد بروز العقلانية التطبيقية عند غاستون باشلار واعتبارها المعيار الدقيق لامتحان النظريات وفرز الحقيقة4[4].

لكن بأي معنى تفقد الحقيقة خاصيتها الكلية إذا ما تخلت عن طابعها النسقي والتحمت بالوجود الحر؟ هل يمتلك الإنسان حريته أم يكون وجوده بأسره حرية؟ إلى أي مدى يمكن التربية على الحرية ؟

2-    الحرية بين القمع والاغتراب:

"  الخوف من الإيمان بالقدر هو أيضا قدر .أنت نفسك ، أيها القلق هو ربة القدر القاسية ...أنت هي القيود التي يرسف فيها الأقوى، إن مستقبل العالم الإنساني محدد فيك مسبقا ولن يجديك الخوف من نفسك"5[5]

الحقل الدلالي:

-         الحرية هي حالة للكائن ونمط وجود يتجلى من خلاله المرء غير خاضع إلا لإرادته وموجود بصورة مستقلة عن كل ضغط خارجي. بطبيعة الحال الإنسان الحر هو الذي يتناقض مع العبد والتابع والخادم والفاقد لكل حقوقه ومقومات إنسانيته. زيادة على ذلك يشعر الإنسان في الحياة اليومية بأنه حر بشكل بديهي ويظل غير مبال بما يجري حوله وغير مكترث بالعالم الخارجي وقد يجد رضاه في هذا الشعور الباطني بالاستقلالية ويسمي هذا الشعور حرية عدم الاكتراث التي يمكن اعتبارها الدرجة الأولى والمستوى الأضعف من الحرية التي يمكن أن يحس بها الإنسان.

كما أن الحرية هي حالة للكائن يمارس فيها الحكم المعرفي والفعل بصورة واعية وسديدة بتعارض مع الجهل والأهواء ويتبع فيها أوامر العقل وبالاهتداء بنور وشروط الحقيقة محققا بصورة تامة وثاقبة ما يأمل في تطابقه مع طبيعته الخاصة.

1-    بالمعنى السياسي تتعلق الحريات بمختلف الميادين : الحرية الفيزيائية ، حرية التعبير، حرية الوعي، حرية التفكير، الحرية الدينية ( حرية المعتقد + حرية الضمير) حيث لا يخضع الفرد في حياته الخاصة لمراقبة الدولة مع احترامه للقوانين المنظمة للحياة العامة. على هذا الأساس أن يكون المرء حرا هو أن ينتمي إلى مؤسسات المدينة ولا يكون عبدا لأهوائه ويظل في الخارج.

2-    المعنى الأخلاقي للحرية تتأسس على السيادة الذاتية للإرادة وحكم الإنسان لنفسه بنفسه وقدرته على التحديد الذاتي عند كانط حيث تمثل مسلمة للعقل العملي وترتبط بالشعور بالكرامة واحترام الإنسانية.

3-    المعنى الوجودي يجعل من الحرية شرط تكويني للحقيقة الإنسانية وذلك بالانطلاق من أسبقية الوجود على الماهية والإقرار بأن المرء محكوم عليه بأن يكون حرا وأن يستعمل حريته مطلقة في الدفاع على الحرية والاضطلاع بمسؤولية وجده في الكون وفي خلق قيمه الخاصة به والنضال من أجل حرية الآخر.

4-     الحرية تتحقق بالعقل عند ديكارت  وتتناقض مع الضرورة حسب سبينوزا ومع الأهواء عند أفلاطون ، لكنها تمر بالمجتمع عند هوبز والإرادة الطيبة عند كانط وترتقي إلى مفهوم التحرر أو الانعتاق مع العمل عند هيجل والتاريخ وماركس.

في هذا الصدد هل الحرية هي غاية الدولة كما يتمنى سبينوزا أم نهاية التاريخ كما يعتقد هيجل؟

خاتمة:

"إن تجرؤ المرء على التعبير عن وجهات نظر تعتبر مخجلة لمن يفكر فيها لهو خطوة جديدة يخطوها نحو استقلاله، حينها يبدأ أصدقاؤه في الشعور بالخوف. لابد للشخص الموهوب أن يجتاز هو الآخر هذه النار وبعد ذلك سيستقل بنفسه بشكل أفضل"6[6]

إذا أراد الإنسان أن يمتلك عقلا فلسفيا  بالمعنى الحقيقي للكلمة ويسير بمقتضى الحكمة في وجوده فإنه مطالب بأن يواجه وضعيات صعبة ويقاوم نار الازدراء ويفرط في سوء الظن بالعالم السائد ويجهد نفسه في التغلب على كل ما يعترضه في طريق الحرية ويكتسب رؤية مختلفة للواقع الاجتماعي الذي يحاصره.

من جهة المبدأ تجتمع الحرية والحقيقة في شخصية الفيلسوف وتتلازم المعرفة مع الوجود وتقترن الصفة بالموصوف ولكن من جهة الواقع يخوض الكائن البشري معركة نضالية من أجل انتزاع  الحقيقة من بحر الظلمات التجهيلية وافتكاك الحرية من طبقات الميراث وأنظمة القمع السلطوية. بيد أن الفيلسوف الحر هو الذي تتعارض مواقفه مع السلطة والنفوذ والتقاليد وتتأسس على الصراع الشخصي مع الشر والحمق والجهل وعلى التباهي باظهار التواضع والاستمتاع باكتشاف الأشياء، وهو كذلك من يرفض كل افتراض غيبي ويكف عن اختزال الاعتقاد إلى مجرد ظن ولا يثق في أي حقيقة معرفية سوى ما يوفره العقل7[7].

لا يكون الفيلسوف العميق غريبا عن حاضره وشاردا عن عصره ولا يصير متوحدا ولا يحرم نفسه من التمتع بألحان الحياة وإنما يتميز بالجد في اللعب ويجمع من جهة قناعته بين الحب والعدل ويجرفه القلق المثمر والحذر الناجح ويجعل من عشق الحقيقة مهنة مناسبة ومن عقله الحر إحساسا نبيلا بتدفق الحياة.

خلاصة القول أن الحرية بالمعنى السلبي هي غياب الإكراه والتغلب على القيود وإزالة العوائق. أما في مستواها الايجابي فتفيد الانتصار على الذات وتجاوز النمط الأول من الوجود والاقتدار على الخلق والإبداع والارتقاء بالإنسانية على عوالم غير معهودة وأشكال من الحياة جديدة ورحبة.لكن ربما "يخفي هذا الشعور بالاستقلال لاشعور بالتبعية". لكن " في اللحظة التي يشرع فيها شخص ما في أخذ الفلسفة مأخذ الجد يعتقد كل الناس العكس"8[8]، فمتى يكون الموقف البشري صادرا عن العقل وحده؟ وهل يساهم العلم في ترشيد الفعل البشري؟

الاحالات والهوامش:

1نيتشه ( فريدريك)، إنسان مفرط في إنسانيته ، كتاب العقول الحرة 1، ترجمة محمد الناجي، أفريقيا الشرق، الدار البيضاء، المغرب، طبعة أولى،1998 ، ص51.

2-Voir Robert Blanché, vérité, in Encyclopaedia Universalis, corpus 23, France S.A, 1992.pp459--460

3. نيتشه ( فريدريك)، إنسان مفرط في إنسانيته ، كتاب العقول الحرة 1،مرجع مذكور، ص151.

4- Les Notions philosophiques, Vérité, édition PUF, Paris, 1990, Tome 2, pp2715-2724

5. نيتشه ( فريدريك)، إنسان مفرط في إنسانيته ، كتاب العقول الحرة2، ترجمة محمد الناجي، أفريقيا الشرق، الدار البيضاء، المغرب، طبعة أولى،2001 ، ص140.

6. نيتشه ( فريدريك)، إنسان مفرط في إنسانيته ، كتاب العقول الحرة1، مرجع مذكور، ص236.

7-Les Notions philosophiques, liberté, édition PUF, Paris, 1990, Tome 1, pp1470-1481.

8. نيتشه ( فريدريك)، إنسان مفرط في إنسانيته ، كتاب العقول الحرة 2، مرجع مذكور،  ص108.

المراجع والمصادر:

نيتشه ( فريدريك)، إنسان مفرط في إنسانيته ، كتاب العقول الحرة 1، ترجمة محمد الناجي، أفريقيا الشرق، الدار البيضاء، المغرب، طبعة أولى،1998 ، ص51.

 نيتشه ( فريدريك)، إنسان مفرط في إنسانيته ، كتاب العقول الحرة 2، ترجمة محمد الناجي، أفريقيا الشرق، الدار البيضاء، المغرب، طبعة أولى،2001 ، ص108.

Les Notions philosophiques, Vérité, édition PUF, Paris, 1990, Tome 2, pp2715-2724

Les Notions philosophiques, liberté, édition PUF, Paris, 1990, Tome 1, pp1470-1481.

[1]  نيتشه ( فريدريك)، إنسان مفرط في إنسانيته ، كتاب العقول الحرة 1، ترجمة محمد الناجي، أفريقيا الشرق، الدار البيضاء، المغرب، طبعة أولى،1998 ، ص51.
[2] Voir Robert Blanché, vérité, in Encyclopaedia Universalis, corpus 23, France S.A, 1992.pp459--460

[3]  نيتشه ( فريدريك)، إنسان مفرط في إنسانيته ، كتاب العقول الحرة 1،مرجع مذكور، ص151.

[4] Les Notions philosophiques, Vérité, édition PUF, Paris, 1990, Tome 2, pp2715-2724

[5]  نيتشه ( فريدريك)، إنسان مفرط في إنسانيته ، كتاب العقول الحرة2، ترجمة محمد الناجي، أفريقيا الشرق، الدار البيضاء، المغرب، طبعة أولى،2001 ، ص140.

[6]  نيتشه ( فريدريك)، إنسان مفرط في إنسانيته ، كتاب العقول الحرة1، مرجع مذكور، ص236.

[7] Les Notions philosophiques, liberté, édition PUF, Paris, 1990, Tome 1, pp1470-1481.

[8]  نيتشه ( فريدريك)، إنسان مفرط في إنسانيته ، كتاب العقول الحرة 2، مرجع مذكور،  ص108.