وعـادت حلــب ، فماذا بعـد ؟/ إيمان الدرع

بعد أن استعاد الجيش العربى السورى العتيد، مدينة حلب ذات التاريخ الضارب فى القدم، من أيدى الإرهابين، وتوحيد ريفيها: الشرقى، والغربى، والتى عاد أهلها، وناسها إليها، بعد خمس سنواتٍ، ونيّف عجاف ، وبدأت الدولة فى تطهيرها، من الألغام، وأعادت الكهرباء، والماء إليها، وأزالتْ الحواجز الترابية، والحجريّة التى تفصل بين أحيائها، وشوارعها، بعد أن قسمها المسلحين الى إمارات، لكلّ أميرٍ منهم، إمارة باسمه .!                                                                                              بدأتْ يد الدولة تعمل جاهدة، فى إعادة كل شيئ إلى نصابه، فاستطاعت أن تعيد أربعة آلاف وخمسة مائة ( 4500) تلميذ، إلى مدارسهم، ليثبت الشعب، مدى حبه، وولائه للوطن، وعلى مدى استعداده بأن يدفع الغالى، والنفيس، من أجل مساندة الدولة، وإعادة الحياة، والدم الى شرايينها ، فالدولة دون شعبٍ، لاوجود لها، مهما كانت حدودها .
 ولن نتحدث اليوم، عن مفهوم الدولة، ومكوناتها، وما يجب أن تتسم به، لتكون دولة ، ولكننا سنستمر فى ما أردنا الحديث عنه اليوم، بعد أن عادت حلب، الى حضن الدولة، علما بأن معركة حلب، هى أم المعارك، وهى التى بتحريرها من أيدى الإرهابين، تكون أعطت دلالة كبيرة، على تحرير سوريا، بمدنها الرئيسة، والفرعية والتى أصبحت جميعها، تحت جناح الدولة .

لكن ماذا بعد .؟ هناك مهام صعبة أمام الدولة، خاصة الجيش العربى السورى الذى أثبت أسطوريته، عندما واجه بمفرده، جماعات إرهابية من مائة دولة، مدربين، ومزوّدين، بأحدث أنواع الأسلحة التقليدية، وغير التقليدية، والتكنولوجية الشديدة الذكاء، والذين بلغت أعدادهم، الى مئات الألوف، منتشرين فى كل مدن سوريا، وريفها، والتى ترعاهم واشنطن، وتل أبيب، والرياض، وأنقرة، والدوحة، وتزوّدهم بالسلاح، والمؤن الغذائية، وبرواتب شهرية بالدولار، علاوة على السيارات الفارهة، للقادة، وأمراء الجماعات الذين أصطحب بعضهم عائلاتهم ، والبعض الذى جاءته النساء، من كل أنحاء العالم، من أجل جهاد النكاح، كما أفتوا بفقهم الرجعيّ، الوهابى .

انتكستْ الجماعات، وتقلّصتْ، بهروب الآلاف منهم، بالعودة الى أوطانهم ، بعد أن تناحروا فيما بينهم، فتم تصفية بعضهم، بعضا، علاوة على الآلاف الذين أعادوا ثقتهم بالدولة، وعادوا الى رشدهم، فقاموا بتسليم أسلحتهم، واندمج بعضهم فى الجيش، والبعض الآخر عادوا الى وظائفهم، والبعض يعمل بقوات الأمن، والجيش الشعبى الذى يسير خلف الجيش، ويأتمر بأوامره .
 واليوم نرى عودة أنقرة، ورئيسها ينفض عنه الغبار الذى أزكم أنفه، وجعله يسير من قبل فى تحالف، انقلب عليه، بقيادة واشنطن، والرياض فدبروا الأنقلاب عليه ، عندما تأكد من ذلك، غير مساره، ليعلن حربه على الجماعات الأرهابية، خاصة داعش حليفته من قبل، والنصرة، وبعض المسميات الأخرى، حيث يقوم بحصد قادتهم، وبالأمس قتل عشرين، من أكبر القادة، بعد أن انفصال البعض عن جماعاتهم، وتسريب المعلومات، عن اجتماع لهؤلاء القادة، والأمراء ، حيث قام الجيش التركى بحصدهم جميعا ، هذا بعد الاتفاق، والاجتماع الذى ضم كل من: موسكو، وأنقرة، وطهران،  على مائدة مشاوراتٍ، من أجل عمل تسوية سياسية، فى الأستانة بــ( كزخستان) يوم 23 من الشهر الجاري، والذى سبقه، بل كان شرطا هاما، لعقد مثل هذا الأجتماع وهو( وقف اطلاق النار فى كل انحاء سوريا )، ليس فى شكل هدنة ، ولكن وقف نهائى، لأطلاق النار،حتى تتمكن الدول الثلاث من عقد مؤتمر الأستانة ، ورغم خرق الجماعات المسلحة الأرهابية لهذا الوقف ، إلا أن القيادة السورية، تمكّنتْ من ضبط أنفاسها، ولم تخرق الاتفاق، باستثناء جماعتى" داعش والنصرة " وكان هذا بند من بنود الأتفاق ، واليوم رغم الأشتباكات التى على الأرض فى الباب، وادلب، والرقة، ودير الزور التى تقوم بها الجماعات التكفيرية، مع بعضها، ومع الجيش التركيّ، إلا أن الجيش العربى السورى مازالت الأوامر لم تأتِه،  لتحرير كل من أدلب، والرقة، ودير الزور التى أوقف فيها الجيش الهجوم الذى شنته داعش بالأمس عليها.

نحن نعلم أن القيادة السورية، وحلفائها، مشغولون، ومهتمون بمؤتمر الأستانة، بعد رحيل الإدارة الأمريكية، المنتهية ولايتها، وتنصيب الإدارة الأمريكية الجديدة التى أعلن الرئيس المنتخب أكثر من مرة، فى خطاباته ماقبل الانتخابات، وما بعدها، أنه سيحارب الإرهاب، بكل أشكاله، متفقا مع موسكو، ودمشق، واعتبر ذلك من الأوليات ، ولكن السؤال هنا ، هل سيتوقف مؤتمر الأستانة المزمع إقامته، على هذه الدول الثلاث ، أم سيُدعى له دول أخرى .؟ 
نقول ما سمعناه عن مسؤلين روس، بأن المؤتمر سيشمل بعض الدول الأخرى، على رأسها الولايات المتحدة الأمريكية، ومصر، والأردن، والرياض، والدوحة اذا لم يكن لديهم مانع من الحضور، لكون بعضهم، يمثلون الجماعات المتشددة، من المعارضة ، وحتى الآن، لم تبدأ كل من أنقرة، وموسكو، فى إرسال الدعوات لهذه الدول ، فهل سيتم ذلك اليوم، أوغدا، حيث اقتراب عقد المؤتمر ، أم أن الجو ملبد بالغيوم، وسيؤجل لبعض الوقت .؟ هل فى حالة اجتماع هذه الدول، ومن معها، بصحبة الجماعات المسلحة الداخلية، والخارجية، والبعض منها الذى حمل السلاح، فى وجه الدولة ، سيتم لهذا المؤتمر النجاح ، أم سيفشل كسابقيه، فى جنيف، وفينا .؟ مع العلم: لو نجح هذا المؤتمر ، فسيحال الى جنيف ، وهذا ما صرح به: كل من بوتن، ووزير خارجيته ، وفى حالة فشله ، هل سيكون بمثابة أستانة رقم 1، ثم يليه أستانة رقم 2 ،إلى أن يكتب له النجاح، ويحال الى جنيف .؟ أم ستشتعل الحرب مرة أخرى، 
وتنقض تركيا عهودها، مع الحلفاء الجدد، وتشرط على المؤتمرين شروطا، رفضتها موسكو، وطهران، ودمشق منذ شباط 2011 



هناك تعليقان (2):

  1. أزال المؤلف هذا التعليق.

    ردحذف
  2. الأمر منوط بطرفي النزاع ومعسكريهما الروس والاميركان ومابين هذا وذاك لنا أمل كبير بالله ومن ثم بسوريا وأهلها أن ينأوا بانفسهم وبلدهم بعيدا" عن التحالفات عذا التي تصب في مصلحة البلد والصالح العام لاسيماوان هناك فجرا بزغ وفيه الكثير من التفاؤل وهو اللبنة الاولى في طريق البناء والعودة بسوريا الى سابق عهدها.

    ردحذف