حميميّة الإنبعاث/ صالح أحمد ـ كناعنة

مهلا أيها الرّاحلون وراءَ الخيال!
إنّما يَكمُنُ جمالُ الحياةِ في حَقائِقِها البَسيطَةَ؛
وهي تحاولُ أن تُهدينا جَسدا..
تَأوي إليه روحُ المستقبل.
               (.......)
غبيٌّ من يَستَعبدُه همُّ البقاءِ على قَيدِ الحياة..
ولا يشغَلُهُ أن يجعَلَ للحياةِ قيمة.
               (.......)
لن نَرى العالَمَ جديدا؛
إلا إذا جعلناهُ يولَدُ في دَواخِلِنا العاريَةِ،
وقلوبِنا المُفعَمةِ بِروحِ الحقيقة؛
تُضيءُ مصابيحَ هُداها... وتَمضي؛
لِتَشهَدَ حَميمِيّةَ الانبِعاثِ.
               (.......)
لَكَمْ نَحن بحاجةٍ إلى إحساسِنا؛
إلى الجُزءِ الحَيِّ فينا؛
إنَّهُ يُشعِرُنا بأنّنا آمنونَ؛
ونحن نَرى أنّ أقوالَنا وأعمالَنا ...
أصبَحَت أكثرَ نُبلا ؛
لأنها نَبَعَتْ مِنه.
هكذا نَعودُ لنَمتلئَ بالحَياة؛
بحبٍّ ووَعيٍ نؤَدّي أدوارَنا.
              (.......)
حينَ تَغدو الآمالُ أرجوحَةً؛
يطيبُ لكَ اللُّجوءُ إليها كلَّ حين؛
تكونُ قد وقعتَ في دوّامَةِ الضّياع.
              (.......)
في أثناءِ نُمُوِّها..
تبدأُ الفِكرَةُ بالانتِهاء؛
ليولَدَ مِنها أفقٌ جديدٌ؛
أو لِتَمضي... ونَمضي... لعالمِ الفَناء.
هكذا... لا يَبدَأُ الحُبُّ... ولا يَنتَهي...
وهو يقودُنا في رحلَةِ العَودَةِ؛
إلى المَبادِئِ الخالِدَةِ.
              (.......)
  - ما أروَعَنا ونحنُ نُحَلِّقُ بقلوبِنا 
خلفَ "طَيّارَةِ" أحلامِنا الوَرَقِيَّة.. 
بكلِّ بَراءَةِ الوُجودِ... 
بل بِكُلِّ ما في الوُجودِ من بَراءَة..
لا نَتَسَلَّقُ إلا صَدى هَمَساتِنا..
ولا نَنزِلُ إلا لِنَجمَعَ ما تَناثَرَ مِن ذَواتِنا 
عندَ أعتابِ المَحَبَّة !
             (.......)
لا بدّ للحَواسِ أن تَتآزَرَ؛
لتجعَلَنا مُهتمّينَ لوُجودِنا في روحِ الصّفاء؛
نحن الذين فَقدنا القدرَةَ على الإحساس ...
حتى بِمَن هم في جِوارنا،
ولم تَعُدْ رُؤى دَواخِلِنا ؛
تَقودُنا إلى طُقوسِ التّطَهُّرِ؛
لِتَكونَ بَراءَتُنا في عَينِ اللهِ وَحدَه؛
ميزانَ سُلوكِنا.
             (.......)
لَكَم تَشقى في شَرحِ مَشاعِرِكَ، وعَرضِ أحاسيسِكَ...
وكانَ يكفي أن تَسيرَ بدونِ قِناعٍ،
وأن تُدرِك أنّ سُلوكَكَ هو الرّسالة،
يا من دمّرَ روحَ الإبداعِ في نفسِكَ؛
إغراقَها في دَوّامَةِ المَظهَرِ..
حتى انفصَلَت ذاتُكَ عن رُؤاكَ...
وباتَ الخَلقُ يَرونَ منكَ ضِدَّ ما تُريدُهم أن يَرَوا.
            (.......)
لا تحمِلْ تُراثَكَ، ولا تَقِف عليه...
فقط خُذْ منهُ إصرارَكَ على أن يَستَمِرَّ،
وبينَ ما كانَ، وما تريدُهُ أن يَكونَ...
إحذَرْ المسافَةَ الفارِغَةَ.
            (.......)
لا تَكمُنُ عَظَمَةُ العِبادةِ في أنّكَ تُؤَدّيها؛
بل بِيَقينِكَ بأنّك واحدٌ ممن يَحيونَها...
فتسعى لتتّحِدَ روحُكَ بأرواحِهِم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق